السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حبيت انقل لكم رواية عجبتني بقلم الكاتب المبدع المفضل لدي"IRuMI"
قطار منتصف الليل ،،
الساعة تشير إلى الثانية عشر إلا ربعاً،الجو المظلم والسحب الداكنة تغطي السماء منذرة بهطول الأمطار الشديدة .. ومن بينركام المدينة التي أثقلت كاهلها الحروب، اندفعت فتاة وحيدة تركض مسرعة وهي تقفز فوقصخرة أو أخرى محاولة عدم التعثر في الأنقاض .. "يجب أن أسرع، سوف يفوتني قطار تلك السنة " من بعيد لاح شبح القطارالذي يقف في المحطة التي تحطمت أجزاء كبيرة منها ، لم يكن هناك أي بشرٍ سواها،واقتربت كثيراً وما إن سمعت صافرة القطار العالية التي تنبيء عن الاستعداد للتحرك،حتى تعثرت وسقطت في الأرض الموحلة، لم تتباطأ للحظة عادت تحمل حقيبتها الصغيرةووقفت مجدداً لتمسك بمقبض الباب وتضع فيه تلك البطاقة الصغيرة ليفتح ... وعندما أقفل الباب، كان القطار قد بدأ في التحرك بالفعل ولهذا استندتبكتفها على احدى الاعمدة المعدنية بداخل القطار وهي تلتقط أنفاسها وتعانق حقيبتهاغير مصدقة بأنها لحقت بقطار منتصف الليل .
،،
الرواية اكثر من رائعة
هي 18 فصل
اذا كان في اقبال عليها بانزلها لكم كل ثلاثة ايام او يومين
اقترب أحد موظفو القطار الذين يرتدون نظاراتٍ سوداء وتكلم قائلاً: - سيدتي ، لاتوجد غرفٌ شاغرة بالقطـار . ولكن ربما نعثر لك على واحدةبالمحطة المقبلة .
تساءلت في نفسها : " هذا غريب، لقد ظننت بأنه لن يكون مزدحماً .."
تابع الموظف وهو يشيرإلى كرسيّ صغير بالقرب من البوابة : - يمكنك الجلوس هناك حتى اقتراب المحطة ، سوف نصلُ بعد ست وعشرون ساعة .
مشت ببطء حتى الكرسي، وجلست بدون أنتقول شيئاً، أكثر من يومٍ كامل .. هو فترة طويلة بالنسبة لها لكي تجلس على ذلكالكرسي بدون تغيير وضعها!
نظرت من النافذة الزجاجية الكبيرة إلىالخارج، كانت الأمطار قد بدأت بالهطول بشدة، ظلت تنظر مودعة إلى بلدها التي عاشتفيها تلك العشرون سنة الماضية بأفراحها وأتراحها .. تذكرت كل شيء فقدته ، وكل الناسالذين ماتوا أمام ناظريها، لطالما أرادت الهروب بعيداً .. إلى حيث لا يجدها أحد .. ومع ذلك فكلما فكرت في هذا، شعرت بالخوف وأرادت أن تبقى في المكان الذي ولدت فيه .. بجانب الذكريات المتبقيّة.
لكنها اليوم .. قررت أن تهرب، تهرب من نفسها ومن ذلك المكان المظلم .. من تلكالوحدة الرهيبة التي تحيط بقلبها والبرودة التي تعصف بحياتها فتجعلها بلا معنى ..
شاهدت أنعكاس وجهها الجميل على الزجاج، مع شعرها القصير المتناثربسبب الركض، ابتسمت وهي تحاول أن ترتب شعرها ثم أومأت لنفسها، نعم من الآن سوف تبدأبداية جديدة هادئة .
دخلت إلى دورة المياه وقامت بتنظيف ملابسهاالتي اتسخت من الوحل، كان يبدو القطار هادئاً، كيف يمكن لقطارٍ مزدحم أن يكون بهذاالهدوء؟ ذلك الهدوء القاتل، سبب الخوف لها .. فبدأت الوساوس تدور في رأسهاحول اشياء مرعبة يمكن أن تحدث لها وهي وحيدةبالقطار! حاولت طرد تلك الوساوس الغريبة وهي تجلس على مقعدها بصمت، كانتالساعة في القطار تشير بان ساعة واحدة قد مرت، تنهدت وتململت في مقعدها فأكثر ماتكرهه هو الانتظار ! وبعد مرور فترة طويلة ، تسلل النعاس إلى عينيهافغفت على المقعد . --------------
"يبدو المنظر رائعاً من هنا. هل هي بلاد الثلج؟"
جلس في مقعده وهو مأخوذ بالنظر من النافذة، كانت ملامحه تبدو هادئة لكنه كان مثاراً بشدة من داخله، شعر بالملل من البقاء داخل المقصورة الضيقة ، فأخذ يتطلع يمنه ويسرة محاولاً اكتشاف شيء جديد .. وضع رجليه فوق الطاولة وأسند رأسه على الكرسي وبينما يحدق في السقف بملل إذا به يرى شيئاً غريباً حول المصباح الصغير المثبت ! كان هناك سائل أخضرٌ لزج على وشك السقوط على رجليه الممدة بشكل قطرات ..
وقف على الأريكة الصغيرة وهو يمسك بالمصباح، ولكن يده اليمنى التصقت بذلك السائل الأخضر الذي كان ساخناً! "ماهذا! مقزز"
خرج على الفور وهو يركض لكي يغسل يده ولكنه توقف فجأة ينظر أمامه .. كانت هناك فتاة نائمة على الكرسي لوحدها، تضع يديها فوق بعضها ورأسها يميل قليلاً إلى الجهة الأخرى ، وقف يتطلع مشدوهاً .. "أليس لديها مقصورة، لماذا تنام هنا؟"
كان ينظر إليها وهو يفكر ولكنها فتحت عينيها ثم انتبهت على حقيبتها ونظرت نحوه فجأة! شعر بالخجل الشديد لأنه كان يحدق إليها أثناء نومها فاندفع يركض في الممر واتجه نحو دورة المياه ليغسل يده .. "أين حقيبتي؟! لقد !! سرقها ذلك اللص!!"
هذا الشيء الوحيد الذي تبادر إلى ذهنها عندما لم تجد حقيبتها في أي مكان، واندفعت تركض خلفه وهي تصيح : - توقف أيّها اللص!! توقف!
سمع صوتها وهي تناديه باللّص!! شعر بالذعر ودخل إلى دورة المياه الخاصة بالنساء بدون انتباه منه .. لم يكن هناك أحدٌ بالداخل ولكنه وقف ينظر حوله وقبل أن يقوم بفعل أي شيء دخلت وهي تكمل صياحها: - توقف هنا!! لن تتحرك قبل أن تعيد لي حقيبتي!! انها مهمّة جداً بالنسبة لي!
نظر لها وهو يفكر " يالها من مجنونة! كيف يعقل بأنني سرقت حقيبتها ويداي مليئة بذلك السائل الأخضر! " - لماذا لا تتكلم .. هل انت أخرس؟!
كانت تنظر إليه وهي تفكر " لا بد بأنه أخفى الحقيبة هنا، ولكن ماهذا السائل الذي يغطي يديه؟" نظرت حولها تعتقد بأن النجدة يجب أن تصل حالاً ، ولكن لم يتحرك اي شيء فالقطار ساكنٌ جداً! وقفت معتدة بنفسها وقالت : - هيّا، سلم لي حقيبتي وإلا .. نطق أخيراً بتلكؤ : - أ .. أنا لم أسرق شيئاً منكِ .. لقد كـ .. كنت فقط .. قاطعته بحدّة : - سوف أطلب الأمن ليعتقلوك، من الأفضل تسليمها بهدوء!
"لافائدة منها! إنها لن تصدقني ولو تكلمت لمائة عام .." هكذا كان يفكّر .. واقترب منها بسرعة وهو يلوح بيده في وجهها شعرت بالذعر وتراجعت بظهرها إلى الخلف .. كاد يهم بالهروب ولكنها مدت رجلها فتعثر وهو يمسك بطرف ملابسها ..! سقط الأثنان أرضاً ولكنها شعرت بالخوف وحاولت أن تقف فلم تستطع! كانت يده اليمنى ملتصقة بملابسها!!
رفع رأسه وجلس وهو ينظر لها باستغراب ، حاول أن يسحب يده ولكن بلا فائدة! فقد كانت ملتصقة فعلاً! .. وتكلم بصوتٍ خفيض : - إ .. إنها .. ملتصقة . - ماذا؟ سحبت طرف قميصها بقووة ولكن يده لم تتزحزح!
كان يفكر " هل كان نوعٌ من الغراء؟ أي نوع من الغراء هذا الذي يلتصق في ثانية واحدة؟" - اتركني ايها الوقح! هي تشعر بالخجل الشديد .. لقد نسيت امر الحقيبة واصبح همها الشاغل ان تبعد يد ذلك الفتى عن قميصها!!
مر بعض الوقت بينما كان الاثنان يقفان بصمت وكل واحد ينظر في جهة. هو لا يعرف ماذا يفعل .. بالنسبة له كا الأمر مخجلاً ، لا يمكن أن يفكر في أي حل ويخبرها به بسهولة! هي متضايقة جداً، تود ضربه وركله بعيداً لكنها لا تتحرك، كانت تشعر بالخجل أيضاً ولكنها تكلمت فجأة: - من الجيد حدوث هذا حتى لا تهرب قبل أن تعيد حقيبتي!
نظر لها ببطء وقال : - انا لم أسرق منكِ شيئاً فعندما خرجت من مقصورتي بسبب هذا الغراء كنتِ نائمة بدون أي شيء في يدك! - إذاً من سرقها؟ - لا أدري أنا لم أر أي شخص في الممر!
عاد الاثنان للصمت وعندما حاول أن يسحب يده اقتربت منه قليلاً فتفاجأ وقال : - آسف! صاحت بقهر: - لا تسحب يدك قبل أن تنبهني!!
شعر انه يريد ان يضحك، فالموقف كان مضحكاً حقاً، أدار وجهه للجهة الأخرة مجدداً وهو يكتم ضحكته وبعد برهة تكلمت قائلة : - أنت، سوف اتمسك بهذا الباب وانت اسحب يدك.. افعلها بقوة ! تساءل بخفوت: - ماذا لو انقطع قميصك؟
مجرد التفكير في الأمر جعلها تطلق صرخة مفاجئة فقالت : - إذا سأغسل يدك من قميصي! - لكن الجو بارد، كما أن هذا لن يفيد! - أليست لديك حلولٌ أخرى إذاً؟ صمت قليلاً ثم قال : - ليس لدي... ولكن يمكننا الجلوس في المقصورة حتى المحطة القادمـة، وبعدها نشتري أي شيء يمكنه ازالة هذا الغراء.
ترددت كثيراً .. وتساءلت بقلق: - ولكن علي البحث عن حقيبتي، بها أشياء مهمّة.. ماذا سأفعل ؟ - نبحث معاً! نظرت اليه .. من المقلق ان شخصاً غريباً يساعدها في البحث . وتكلم مجدداً : - الجميع مازالو بالقطار. يمكننا أن نجدها إذا تكلمنا مع الحراس . - لكن القطار يبدو فارغاً . - تعالي ..
مشىالاثنان على التوالي ، أطبق يده على طرف قميصها وكأنه من يمسك بها، ووصلا إلى مقصورة القيادة .. طرق الباب عدة مرات ولكن لم يجب أي شخص وعندها تكلم : - مرحباً، هل يمكنني الدخول؟ لم يسمع أي اجابة ولهذا، أمسك بمقبض الباب وبدأ يفتحه ببطء . نظر إلى الداخل ثم اخرج راسه فتساءلت بخفوت: - ما الأمر ..؟ - لم أر شيئاً! هناك ظلام حالك! يجب أن ندخل!
هزأت رأسها نفياً وقالت على الفور : - لا ! تساءل باستغراب: - لماذا؟ - لأن .. لأنه .. ! توقفت عن الكلام لفترة ثم قالت : - لأنه لايجب أن ندخل هنا!
عادت بسرعة ومشى خلفها وهو يقول مدافعاً: - لكن لماذا؟ تريدين العثور على سارق حقيبتك! - سنجدهم في مكانٍ آخر! نعم ..
كانت تكلم نفسها وهي تتمتم بكلمات لم يفهمها ... بالأأحرى لم يسمعها! ولكنها كانت تبدو متوترة وخائفة، فكل ما حدث معها حتى الآن لم تتوقعه ولم تتخيله حتى!! تكلم قائلاً : - إذاً ، سنذهب إلى مقصورتي؟ - لا! ظلت تسير في الممر الطويل وتمر بالغرف الصغيرة، الواحدة تلو الأخرى ولم تتوقف أبداً لكي تتحدث أو تتناقش في الأمر، وصمت مستسلماً وهو يسير خلفها وينتظر ماذا ستفعل .. وصلا إلى نهاية القطار ثم رفعت يدها وضغطت على زر الطوارئ! بدأ الجرس بالرنين في انحاء القطار بصوتٍ مرتفع فصاح معاتباً: - يالهي! ماذا فعلتِ!؟ - لقد سرقت حقيبتي!! اليس هذا مدعاة للطواريء!
لم يجبها واكتفى بالنظر من خلال زجاج النافذة الخلفية للقطار، كانت واسعة جداً والمنظر رائعٌ من خلالها، كان القطار يسير بسرعة ويمر بالأراضي الثلجية البيضاء .. تكلم باستغراب : - لقد مرّت بضع دقائق وجرس الانذار يرن بلا مجيب!
بدأت تشعر بالخوف وهمست : - ربما القطار فارغٌ من الاساس! تذكرت فجأة وقالت : - لكن هناك شخصٌ ما التقى بي و ..
توقف القطار فجآة فارتطم الاثنان بالزجاج .. "ماهذا؟ يبدو بأن هناك شيء ما غريب في الأمر!" تساءل بسرعة : - هل انتِ بخير؟ استعادت توازنها وقالت بصوت متعب : - أجل.
سار للأمام وسارت خلفه وإذ بهم يرون ابواب القطار تفتح فجأة!! كانت الشمس قد بزغت تقريباً وامتلأت السماء بضوء النهار .. لكن لم تكن هناك أي محطات! علاوة على ذلك، عندما انفتحت الأبواب بشكلٍ مفاجئ، دخلت الرياح الباردة وجعلت المكان مثلجاً! عادت بسرعة وهي تقول : - سأضغط على زر الانذار مجدداً! ركض الاثنان بسرعة والهواء البارد يعيق حركتهما، ضغطت على زر الإغلاق ولكنه لم يغلق، حاولت أن تضغط بقوة ولكنه لم يجدي نفعاً ولهذا قام "هو" بضربه بقوة فعاد إلى مكانه وقفلت الأبواب ثم بدأ القطار في التحرك مجدداً!
" هل هذا يعني بأن القطار فارغ؟!" شعرت بأن دموعها على وشكِ النزول، قاومت نفسها ومشت ببطء .. لاحظ توترها فمشى بجانبها بدون ان يقول شيئاً .. توقفت عند الكرسي ثم نظرت إليه وهي تقول بعصبية وجزع : - ماذا؟ أليس هناك حلٌ لذلك الغراء!
نظر امامه وتكلم قائلاً : - لا أعتقد بان القطار فارغ، دعينا نفتح تلك الأبواب . ترددت وهي تقول بدون ان تتحرك : - ماذا؟ لكن بتلك الطريقة سوف نهتك خصوصية الآخرين . - سوف نجرّب فقط ..
سارت معه بقلق، بدأ يفتح ابواب الغرف واحدة بعد الاخرى . لكن جميعها كانت مغلقـة من الداخل ، ولهذا تكلمت وهي تحاول أن تبدو قوية : - لأنها مغلقة من الداخل، أي أن هناك أناسٌ نائمون، أليس كذلك؟
"ماهذا! حقاً غريب " .. كان يفكر ولم يستطع الإجابة على سؤالها، وبدلاً من هذا تكلم قائلاً: - سوف ندخل إلى الغرفة المظلمة، يجب أن نجد سائق القطار ليوضح لنا ذلك الشيء الغريب ..!
" لا! يا ألهي أنقذني! " دمعت عيناها، لم تستطع اخفاء خوفها وقالت : - لا يجب علينا ان ندخل إلى تلك الغرفة المظلمة .. - لكن لماذا؟ تجمدت في مكانها ورددت : - لا أريد الذهاب إلى هنـاك .
شعر بأنها خائفة ومتوترة، لذلك قرر التراجع وقال : - ماذا ستفعلين؟ هل ستقومين بالتخلي عن حقيبتك ..؟ - أ .. أجل . سأتخلى عنها ! توقف الاثنان عن الكلام .. وظلا يتطلعان من النافذة الكبيرة التي توجد بجانب الكرسي على منظر الثلج المتراكم . وعندها قال مبادراً : - الجو بارد هنا، لماذا لا ندخل إلى المقصورة ..؟
نظرت له بسرعة وقالت بفزع : - ماذا؟ معاً؟ تردد وهو يقول : - أ .. أجل ؟
أدارت وجهها وقالت بقوة : - سابقى هنا مهما كلف الأمر . - لكن تبقى أكثر من خمس عشرة ساعة حتى نصل إلى المحطـة ..!
" ماذا سافعل في تلك الورطة! لكن هو من بدأ، هو من ألصق يده بملابسي، يستحق هذا" .. كانت تتمتم لنفسها بعصبية وهي تشعر بالجزع والبرد . نظرت إليه بضيق وهي تقول : - هل تشعر بالبرد؟ أليست لديك ملابس ثقيلة ..؟
أجاب وهو ينظر نحو الغرف : - حقيبتي هناك، في المقصورة! على الأقل سأذهب لأحصل عليها قبل أن يقومَ احدٌ ما بسرقتها .
الخوف يعتصرها ، وهي تفكّر .. " من هو ..؟ لماذا هو الوحيد الذي لم يختفي على متن هذا القطار، هل يمكن أن يكون شبحاً ا وشخصاً مؤذياً؟ باي حال لا يجب أن أذهب معه إلى أي مكان مغلق .. نعم .. نعم هذا ما سأفعله " عندما رفعت عينيها كان ينظر إلى وجهها، شعرت بالارتباك وصاحت : - لا !! لن نذهب إلى مقصورتك!! كانت ترتجف .. الوقوف بدون فعل أي شيء، مع ذلك الخوف والقلق يجعلان من البرد أشد قسوة .. بدأ يمشي وتبعته على الرغم منها ، كانت مذعورة وحاولت أن تفلت ملابسها من بين يديه ولكنه كان يقبض عليها بإحكام ليسحبها نحو المقصورة .. - اتركني، أيها الوغد .. اتركني ... !!
لم يبال لصراخها وظل يسير نحو المقصورة، ولكنه ما إن حاول فتح الباب حتى توقفت عن الصراخ والمقاومة .. لان الباب لم يفتح معه ..!!
تأكد من الرقم على الباب وهو يفكر " انا متأكدٌ بأنها مقصورتي! .. لماذا لا يفتح الباب هل هناك طريقة ما ..؟" .. حاول أن يفتحه مجدداً ولكن لا فائدة!! ضرب الباب بعنف ولكنه لم يستجب!! كان هذا غريباً جداً وعندها تكلم قائلاً : - أنا متأكدٌ بانه باب مقصورتي! .. تطلعت إلى الباب باستغراب وهمست: - ولكن لماذا لا يفتح ..؟ أليس معك مفتاح لها؟ - لا، المفتاح موجود بالداخل .. لقد تركت المقصورة على وجه السرعة لكي أغسل يدي من الغراء .
عذراً على التأخير بس نظراً لظروف أم الدنيا العصيبة التى تمر بها الأن .. فلم يكن لدى الوقت الكافى لألتفات لشن البارت
إنها تركض وتركض ... نظرت خلفها بسرعة، كانوا يلاحقونها .. هؤلاء الرجال الثلاثة .. نبضات قلبها ترتفع، تحاول أن تسرع ولكن حركتها تصبح بطيئة على الرغم منها ، لا تريد أن تستسلم، لكن في كل مرة تصبح حركتها أكثر بطئاً .. حاولت أن تختبيء خلف أحد الأبواب .. لكن أحدهم عثر عليها! امسك بها فصرخت!! سوف يقتلونني !! صرخت مرة أخرى!!
فتحت عينيها وفوجئت بضوء الشمس يملأ القطار فتنهدت " حمداً لله ، كان مجرد حلم غبي آخر .." . لكنها كانت ماتزال قلقة حول حلمها ..
تلاشت الأفكار حول حلمها فجأة عندما شاهدته، كانت تجلس على الكرسي، بينما نام جالساً على الأرض، وهو يستند بذراعه ورأسها على رجليها ، شعرت بالخجل الذي تحول إلى عصبية فضربته على وجهه بكل قوتها!! - آخ!
استيقظ وهو ينظر حوله باستغراب .. ، فتح عينيه جيداً وكانه بدأ في استيعاب مايحصل معه .. فكر للحظات "ماذا، أين أنا .. وماتلك الضربة .. امم يبدو أنها تلك الفتاة الغريبة " .. ابتعد عنها قليلاً ثم تكلّم قائلاً وهو يتحسس وجهه : - ماذا؟ ألم نصل بعد ..؟
نظرت إلى الساعة الكبيرة داخل القطار وأجابت: - إنه وقت الظهيرة .
تثائب وهو يقول : - أنا جائعٌ للغاية ... !! وانتِ؟ نظرت بعيداً بدون أن تجيبه على شيء، حاول نزع يده من قميصها ولكن بلا فائدة .. إنها ملتصقة بقوة . فتكلم بإحباط : - لم لانحاول فتح باب مقصورتي مجدداً . ربما يفتح تلك المرة !! وقف الاثنان ونظرا بشكلٍ تلقائي للنافذة .. كانت مناطق الثلج قد انتهت وبدأت قرى خضراء في الظهور .. فتساءل وهما يمشيان متجاورين : - إلى أين ستذهبين؟ كان السؤال مفاجئاً، فهي لم تفكر به من قبل، أرادت فقط الهروب من بلدها بدون أن تحدد وجهة معينة . وبدون أن تفكر قالت : - لا .. أعرف ! توقف عن السير، فتوقفت بدورها . كان ينظر إليها بصمت ، وبدأت تساورها الشكوك " لماذا ينظر إلي هكذا، ربما يظن بأنني فتاة وحيدة، ثم يقوم باستغلالي أو فعل شيء سيء لي .." .. تكلمت على الفور متداركة وهي تتعثر في كلماتها: - أنا .. أنا ذاهبة إلى .. إلى ... جـ .. جدتي . في الجبال .
لوهلة، كان يظن بأن هناك شخص ما يشبهه، هو أيضاً ، لا يعرف إلى أين يذهب، لقد ركب في قطار منتصف الليل هارباً من حياته السابقة . حول نظره بعيداً عندما سمع جملتها الأخيرة ، " أما أنا فسوف أهيم على وجهي بدون هدفٍ ما .. على مايبدو! " تابعا السير نحو المقصورة بدون أن يتكلما ..
وضع يده على مقبض الباب بتوجس، ثم أداره بهدوء فانفتح بسهولة !! .. همس لنفسه "غريب!" ، أما هي فبدأت تشعر بالخوف وهي تكلم نفسها " ماذا، هل كانت خدعة منه ليلة الأمس! بأي حال يجب ان لا أدخل معه .. نعم ، سوف أدافع.."
فتح الباب على مصرعه ونظر إلى الداخل، كل شيء يبدو كما هو! .. حتى حقيبته الي وضعها بحرص فوق رفٍ علوي كبير .. التفت إليها وفوجئ بتلك النظرة العدوانية على وجهها .. فخاطب نفسه " مابها ..؟ هل هي خائفة مجدداً؟ لابد بأنها تشك بي " تكلم ببطء وهو يحاول طمأنتها: - سوف احضر حقيبتي، فقط . حسناً؟
مشى ببطء وتبعته، فالتقط حقيبته بسرعة وقال: - استسلمي! بدأت في الصراخ ومحاولة الركض للخارج أما هو فقد انفجر في الضحك وهو يقول : - أنا أمزح فقط!
نظرت إليه وهتفت : - يالك من مزعج!! أنت حقاً مزعج، هيا اتركني! كان مايزال يضحك، لقد استطاع فعلاً أن يتأكد بأنها خائفة منه . خرجا معاً وتوجها نحو الكرسي الخاص بـها . وضع الحقيبة على الكرسي وقال : - معي طعام من الأمس، أنا آسف ولكن ليس لدي غيره ..
تناولا بعض المعلبات، لم يكن الطعام جيداً ، ولكنها تكلمت ببساطة : - إنه ليس سيئاً .. - كما أنه ليس جيداً . نظر لها وعلى وجهه ابتسامة ، فبادلته ابتسامة لطيفة .. ولهذا بدأ يفكر " بالنهاية تبدو مثل فتاة لطيفة " ، قاطعت أفكاره وهي تقول مترددة: - هل يمكنني أن اسألك عن شيء ما ؟ - بالتأكيد .. - من أي محطة ركبت؟ هـ . . هل كانت المحطة الماضية؟
كانت مترددة وهي تسأل، وأجاب بصدق : - لا ، لقد اخبرني رجل القطار عندما ركبت، بأن المحطة القادمة سوف تكون بلدة انتهت منها الحروب منذ وقت قصير، لذا أنا لم انزل عندما توقف القطار .
عادت تتساءل : - لكن ألم تر أحداً منذ ذلك الوقت؟ صمت قليلاً كان يفكر " إنها ماتزال خائفة، ولكن أليس هذا القطار غريب جداً بالفعل " ، أجاب بعد فترة صمت قصيرة : - لقد كنت في غرفتي، لذلك لم أقابل أحدهم ، وعندما خرجت .. فكر للحظة ثم قال : - لم أقابل احدهم أيضاً.
نظرلها ثم قال مع ابتسامة : - انتِ الوحيدة التي قابلتكهنا! - هل استقبلكموظفواالقطار؟ - استقبلني واحد، يرتدي نظارات الشمسية بعد منتصفالليل!
"هذا ما حصل معي أيضاً، هذا غريب .." وقف الاثنان ينظران من النافذة،كانالقطاريسير على القضيب الحديدي بسرعة، الكثير من المناظر الخلابـة تمر أمامهم بعدأن تخطوا المنطقة الجليدية..
كانت هناك فكرة واحدة تراود عقله ولكنه خشي بأنها لن تقتنع ابداًبفعلها ، ولهذا قام بسؤالها أولاً : - ماهو اسم البلدة التي تعيش بها جدتك؟
ارتبكت كثيراً، ظهر ذلك في وجهها على الفور، " ياالهي ماهذه الورطة؟ أنا لا أعرف اسم البلاد التي يسيرحولهاالقطارالسنوي " نظرت بعيداً وهي تقول : - امم .. إنها في المحطة القادمـةبأي حال، لقد كان العنوان في حقيبتي التي اختفت . - آها! لذا قلتِ بأن حقيبتك تحتوي شيئاًمهماً؟
اومأت بالايجاب، وبدأ يفكر "إذا ضاع عنوان جدتها بأي حال ... لذا من الممكن بأنها ستوافق علىاقتراحي؟" تنحنح قليلاً ثم قال : - نزولنا في أي مكان بالقرب منالمحطة القادمة لن يؤثر على خطتك صحيح؟ " فيم يفكر هذا الشخص الغريب الأطوار، أنا لن اجيب على تساؤلاته مهماحدث!! " نظرت نحوه بعدوانية وقالت : - ماذاتقصد؟ نظر إلى وجهها وهو يضحك داخل قلبه " لا اصدق بانها عادت لأفكارها المخيفة مجدداً ، اقتراحي سيجعلها خائفةجداً، لذا .. هل يمكنني أن أغير الموضوع الآن " ، ولهذا ابتسم وقال: - لا بأس، كنت أظن أن هناك خطـة ما لوصول إلى جدتك بعض أن سرقت منكالحقيبة . بدأت تفكر " لايمكن، هل يكون هو من سرقها؟ إذا بما انه لم يعترف، علي إذا أنأجعله ينام ثم افتش حقيبته بأي طريقة " ..
وقفا لفترة طويلة وهما يحدقان أمامهمابصمت .. "هي" تفكّر كيف يمكن أن تستعيد حقيبتها من الشخص المخيف الذي يريد منهاشيئاً ما ، لا تعرف حقيقته ..
أما "هو" فيفكر بأن يضغط زر الطوارئوعندما يتوقفالقطار .. سوف ينزل في ذلك المكان الجميل ليستأنف رحلته منجديد!
إنهما يفكران بعمق .
ولهذا فقد كان ينظر لها بشكلٍ لا شعوري، حينما رفعت عينيها كانتنظراته غريبة ومليئة بالغضب والكراهية!! ولهذا شعرت بالذعر وبدأت تقول كلاماً غيرمفهوم : - ماذا؟ لا تستطيع التفكير بأنالقطارفارغ .. عندما نفتح البابسنجد قائدالقطار .. آآ .. آعني .. الشخص الذي يقودالقطارنحو الـ .. انت لا يمكنك أنتتفهم ..!! إنــ ..
"إنها خائفة جداً، ومذعورة .. هل يعقل بأنه بسبب وجودي ومحاولتيلقرآءة افكارها " تحولت نظرات التفكير الغريبةإلى نظرات دهشـة وعندها قال بسرعة وهو يحاول تهدئتها : - أعرف انه يوجد الكثير من الناس هنا، ربما هم نائمون فقط، لذا لا داعيللقـ ...
"ماذا سيفعل هذا الشخص بحلول المساء، عندما لا يظهرأحدٌ بداخلالقطارمجدداً، هل يمكن بأنه سيقلتنيأو يؤذيني؟ هل سيفعل هذا؟ " كانتتفكر حتى بدون أن تستمع لما يقوله ، ومن ثم نظرت إليه مستجمعة كل قواها وقالتمقاطعة كلامه : - سوف أضغط على زر الطوارئ وعندما يتوقفالقطارسوفأنزل هنا! ولا يمكنك الرفض!!
لم يستطع التفكير بأي شيء، وابتسم على الفور وهويقول: - إذا لم يكن لديكِ مخططات؟ هذا رائع! بدأت تفهم ان هذا ماكان يريده منذ البداية. ولهذا قالتبتردد: - هل يعقل أنك .. كنت تقصد ذلك ..! - أجل . إذا افعليها ..
توجها معاً نحو نهايةالقطار، وقامت بالضغط على زرالطواريء الذي أطلق صافرة الأنذار مرة أخرى، ومن ثم توقفالقطاربشكلٍ مفاجئ ، حمل حقيبته ونظر إليها وهو يقول : - الآن!
سارامعاً في الممر ولكنأحدهم قام بفتح بابه ونظر للخارجوهو ما أصابها بالذعر فتوقفا مكانهما ينظران للرجل الغريب .. من بعيداقتربأحدالموظفين اللذين يرتدونالنظارات وتساءل بهدوء: - ما الأمر أيّها السادة؟ لماذا أطلقتم جرسالأنذار!؟
"لا أصدق! إنهم يخرجون الآن!!" تكلم متداركاً الأمر : - لقد ، قامأحدهم بسرقةحقيبتها!
نظر موظفالقطارنحوها بتفحص وهو يقترب ثم عاد يتساءل : - متى حصل هذا؟ أجابت وهي تحاولاخفاء توترها: - بعد منتصف الليل، عندما كنت نائمةهناك!
أشارت نحو المقعد بجانب الباب ،نظر الموظف للخلف ثم تمتم : - هذا غريب .. تطلع نحوهما وقال علىالفور: - لكن ياآنسة نحن لا يمكننا المساعدة بما أنه من غير المسموحتفتيشالقطار ..
عاد الرجل الغريب إلىمقصورته وتكلم الموظف قائلاً: - من فضلكما، عودا إلى المقصورةالخاصة بكما! تكلمت معترضة قبل أن يغلق جرسالأنذار : - سوف ننزل هنا!
تبادلت نظرةمعه .. كانت تفكر " كان هذا اتفاقنا صحيح؟" وأومأ هو بالإيجاب ، ولكن الموظف كان ينظر لهما مندهشاً وتسائلباستغراب : - حقاً ستنزلونهنا؟ أجاب : - نعم .
- لكنكم لا تعرفون المكان ، يمكن أن يكون خطيراً .. - أي مكان من الممكن أن يكون خطيراًلذا اسمح لنا بالنزول . -------------
تطلعا أمامهم إلى القطار الذي يسير مبتعداً، اختفى صوته الرتيب وسط أكوام الأشجار وآلاف الشجيرات التي تغطي القضيب وكأنه لم يكن موجوداً .. ولهذا تساءل : - إلى أين سنذهب الآن؟ أجابت وهي تتخذ خطواتها الأولى فوق القضيب الحديدي: - على مسار القطار نفسه!
مشى خلفها وهو يتسائل باستغراب: - لما هبطنا إذا ما دمنا سنسير على طريق القطار نفسه؟
نظرت إليه وقال والخوف ظاهرٍ على وجهها : - لأنه قطارٌ مخيف وأنا لن أتحمل أن يأتي الليل وأنا بداخله!
- هل ستحبين الليل عندما يأتي علينا ونحن في تلك الغابة إذاً؟