- إنضم
- 10 يوليو 2013
- رقم العضوية
- 728
- المشاركات
- 15,343
- الحلول
- 1
- مستوى التفاعل
- 22,892
- النقاط
- 1,542
- أوسمتــي
- 20
- العمر
- 28
- الإقامة
- GAZA
- توناتي
- 3,425
- الجنس
- أنثى
LV
5
[TBL="http://www.7fth.com/img/1423047875652.png"]
[/TBL][TBL="http://www.7fth.com/img/1423047875541.png"]
[/TBL]
[/TBL][TBL="http://www.7fth.com/img/1423047875541.png"]
السادس عشر من كانون الأول !
في هذا اليوم كانت العواصف شديدة جداً ، و جميع الأنباء التي وردتنا في مدينتنا تحذر من الخروج في الشوارع ،
في هذا الشهر من كل سنة يحدث انخفاض بدرجات الحرارة و لكنها للمرة الأولى منذ سنوات تنخفض الحرارة الى هذا الحد ،
لدرجة أنني أكاد أتجمدُ برداً ، مع هذه العواصف قطع اتصال الانترنت ، كنت معتادة على الحديث معه دوماً ،
لكن هذه الأيام و لأول مرة لم نتحدث و للأسف لم أشحن رصيداً اضافي لأخبره عن انقطاع الانترنت ،
كان قد سافر في عمل بمدينة أخرى انه صحفي يدافع عن حقوق الأطفال بشراسة مع من يؤذيهم و طيبة مع من هو رحيمٌ معهم ،
كان حلمه الأكبر مساعدة المحتاجين ، أشعر أحياناً بأنه ربما يكفر عن ذنب ما بأفكاره هذه .
هذه الأيام غريبة جداً أشعر بأن شيء سيء سيحدث ،
لكنني لا أفكر بهذا الشيء كثيراً ففكري مشغولاً الأن فقط بأختي التي تغيرت معاملتها معي كثيراً و لم أألفها هكذا من قبل !
بعد مُضي أربع أيام و ارتفاع درجة الحرارة أكثر لكن الطقس مازال بارداً ، و ما زال الانترنت منقطعاً للأسف لكن الاتصالات تحسنت ،
كنت عائدة من اختبار بالجامعة ، انها أصعب مادة لدي و للأسف لم يكن الامتحان سهلاً و كنت متضايقة جداً منه ،
و مع ذلك طردت الاختبار من ذهني فشوقي اليه كان أقوى من كل شيء ، فبعد مضي أربعة أيام بدون انترنت و بدون خروج من المنزل ،
قررت اليوم شحن رصيد لأحادثه !
و أنا في طريقة لشحن الرصيد دق هاتفي المحمول و يال فرحتي ، كان هو ، أجبت عليه بسعادة و أنا أرتجف من البرد ، " فارس ، اشتقت اليك " ،
أجابني صوتهُ من بعيد " فرح " و قطع الخط !
لا أدري لمَ حدث ذلك ، لكنني ظننت بأنه مع سوء الطقس و بعد المدن كان الارسال ضعيفاً ، حزنت قليلاً لكن سعادتي لسماع صوته كانت أكبر ،
لذا نسيت كل شيء كان بذهني و عدت الى البيت بعد أن قمت بشحن الرصيد !
أعدت الاتصال به بعد ساعات و لكن الهاتف كان مغلقاً .
الحادي عشر من كانون الأول !
في هذا اليوم كنت قد سهرتُ طيلة الليل محاولة انجاز دراستي فَ في الغد امتحاني و مازلت لم أُنهي دراستي بعد ،
و حينما حان موعد الذهاب للكلية ارتديت ملابسي و خرجت مسرعة و مرتبكة خوفاً من الامتحان ، و من شدة انشغال ذهني نسيت هاتفي في البيت ،
و كما توقعت كان الاختبار سيئاً جداً ، عندما عدتُ كنت مكتئبة و حزينة جداً من الاختبار ، و مع ذلك لاحظت تغير معاملة أختي لي و أيضاً لاحظت عليها بعض الارتباك ،
لم أشغل ذهني كثيراً فقد كان عقلي مشغولاً بفارس الذي سافر و تركني وحدي في هذا الوقت و مشغولا أيضاً بإختباري السيء
بقيت طيلة اليوم أنتظر اتصال منه لكنه لم يتصل فإعتقدتُ بأنه مشغولٌ جداً .
في الليل اشتدت الريح و بدأت العاصفة مدوية و قطعت الاتصالات و الانترنت و حظر على المواطنين الخروج الا للضرورة القصوى و تحت مجموعة من التحذيرات و الارشادات !
بقي الحال هكذا لمدة ثلاثة أيام أيضاً و كنت طيلة الفترة أدرس بجهد لاختباري التالي .
الثامن عشر من كانون الأول !
مر يومين على اتصال فارس بي ، لكنه لم يتحدث بشيء .. و تحسن الطقس و الاتصالات و لكن هاتفه مغقلاً ، قلقة عليه جداً لكن ليس بيدي حيلة
و عندما كنت شاردة الذهن رن هاتفي و سقط قلبي أيضاً من شدة الخوف !
تمالكت نفسي و أجبت على الهاتف و كان الرقم غريباً علي : مرحباً
.... : أنتي فرح ؟!
- أجل تفضلي من معي ؟
.... : سأجعلكِ تندمين ، سأبكيكِ كل دقيقة تمر بحياتك .
- من معي ، ماذا تقولين ؟
.... : لقد قتلتيه أنتي قاتلة ، لقد انتحر بسببك أيتها القاتلة سأنتقم منكِ .
- لا بد و أنكِ مخطئة بالرقم يا آنسة عمن تتحدثين ، لم أفهم منكِ شيء .
.... : لقد قتلتي أخي فارس ، لا تظني بأنكِ ستعيشين بسعادة بعد الأن ، لقد أحبك فعلاً لكنك تركتيه و انتحر لأجلك ، أُقسم بأنك ستندمين .
و أغلق الخط ، لأن الألم الكبير لا دموع له ! أعتقد بأن بحيرة دموعي تجمدت بطقس الحزن البارد أو ربما تبخرت بغليان الألم العميق و نيران التمزق
أو ربما جملة " لقد قتلتي أخي فارس " كلمة سرية توقف الكون عن التحرك ليصبح كل شيء ساكن كسكون القبور !
أو كخفقة بطيئة توقفت قبل ظهور صوتها .. أو كإنقطاع حبل الوريد بسرعة البرق و انخطاف الروح بسرعة أكبر من سرعة الضوء ببلايين المرات !
توقف قلبي ، عقلي ، دمي ، دمعي .. كل شيء في هذا الكون توقف عن الحياة ، أرى أمامي سواد ، يلفني السواد ،
أجل أريد هذا السواد أشعر بألم عميق لا ينهيه سوى هذا السواد .. لقد أغشاني و ملئني السواد !
العشرين من كانون الأول !
لقد عاد الضوء .. لا أريد هذا الضوء ، أريد السواد أو ربما العيش بالأحلام مع الذكريات شيئاً بداخلي يمزقني ،
أريد البكاء أريد الحديث لكن صوتي لا يخرج و أيضاً تلك الدموع لا تخرج ، هل كل ما عشته حلم ، أم أنني سأصحو على واقع ؟ .
أتذكر بأن صوتً كان يأتيني خلال حلمي ، أحداً يعتذر لي بشدة يخالطه شهيق دموع و ألم و ندم عميق .. هذا الصوت يوقظني من ذكرياتي انه صوت يبعدني عن فارس ،
صوت ينتشلني من الأحلام الى هذا الضوء الكريه ، لا أريد الخروج من الأحلام ، أريد البقاء أكثر مع فارس أحلامي !
هذا الصوت يشبه الى حد بعيد صوت أختي ، انها تبكي بحرقة و تعتذر ، فتحت عيناي لآراها أمامي بصورة مغبشة و غير واضحة المعالم ،
كانت تبكي و تعتذر و تنظر بعيناي و تقول أنا أسفة لم أقصد أن يحدث هذا ، لم أكن أعلم ، لقد ظننته يريد أن يلعب بكِ !
الحادي عشر من كانون الأول الساعة 1 ظهراً !
استيقظت من النوم على رنين هاتف أختي فرح ، أزعجني جداً صوت هاتفها ، حاولت من خلال نومي أن أقول لها بأن تطفئه لكنها لم تستجب لي ،
فنهضتُ من فراشي و لكنني لم أجدها ، و من آثار فوضى الغرفة اكتشفت بأنها قد خرجت و نسيت هاتفها ، نهضت لأطفئه و كان المتصل بإسم " حُلم " .
استغربت جداً من هذا الاسم الغريب ، و لشدة فضولي أردت أن أعرف من ، و فتحت رسائلها و بدأت أقرأ و صدمني جداً ما قرأت ،
أختي الصغرى تحب رجلاً ، لم أتوقع هذا منها .. انها تعلم جداً عادات بلادنا و تعلم جداً معاملة أهلنا التي أجمعت جميعها بأن " الحب شيء محرم " ،
بالحقيقة خفت عليها كثيراً لم يعجبني أبداً ما قرأت ، أخذت رقم المتصل و اتصلت من هاتفي على الرقم
.... : مرحباً
- أنت فارس ؟
.... : أجل هذا أنا ، من معي ؟
- أنا أخت فرح !
.... : هل فرح بخير ؟
- لا ليست بخير لقد علم أبي بكم و ضربها ضرباً شديداً و هي لن تستطيع الحديث معك بعد الأن ، و أيضاً أبي سيزوجها بشخص آخر .
.... : ماذا ؟ ، أرجوكي دعيني أتحدث معها ، أرجوكي !
- لا تستطيع التحدث معها أبدا ، لقد قرر أبي غداً خطبتها من شخص غيرك .
.... : أنا لا أصدقك ، حسناً أعطني رقم والدك و أنا سأتحدث معه !
- من تظن نفسك لتتحدث معه ، لقد قرأت جميع محادثتكم و علمت بأنك شخص فقير تسعى من أجل عملك ،
حسناً اسعى جيداً أهنئك على هذا لكن لا تظن بأن أبي سيقبل بكَ في يوم من الأيام كزوج لابنته المدللة الصغرى و لا تظن بأنك تناسب عائلتنا أبداً ،
و أيضاً البارحة جلس أبي مع فرح و حدثها و اقتنعت هي بكلامه ،
و تحدثت معها الليلة و أخبرتني بأنها اقتنعت بكلام والدي و بأنها كانت مغشوشة بك وأنها لم تكن بوعيها عندما كانت على علاقة بك
و بأنها انتهت منك الى الأبد و لن تعود لمحادثتك ، و انت أيضاً لا تعيد الاتصال بها لو سمحت ، وداعاً .
شعرت بالسوء من نفسي بعد ما قلته كان كله كاذب ، لكن ما فعلته صائباً فهذا ما سيحدث بالنهاية و أيضاً أختي الصغرى ليست أهلاً لتحب الأن و سيحدث معها كما حدث معي ،
هذا الشخص سيء و يستغلها و ستكون شاكرة لي بسبب ما قلته له في النهاية !
الحادي عشر من كانون الأول الساعة 12 ظهراً !
كنت خارجاً من عملي مكتئب جداً ، هناك مشاكل بالعمل صاحب المجلة التي أعمل بها انه شخص بلا انسانية أبداً ،
كنت ذاهب لأعمل مقابلة مع طبيب للأطفال مشهور جداً ، كنت ألاحقه لألتقط له بعض الصور قبل المقابلة ،
و أثناء تتبعي له صدمت بذهابه لمكان خالي او شبه خالي يشبه كثيراً أحد المستودعات تحت الأرض ، كان هناك بعض الرقابة عليه ،
حاولت التلصص لالتقاط الصور و أيضاً ازداد فضولي و عندما دخلت المكان بالتخفي ،
وجدت هناك أطفال مسجونين و حديث بين الطبيب الذي أريد اجراء المقابلة معه و بين شخص يبدو واضح من شكله و سلوكه بأنه شخص مجرم ,,
تبادلا بعض النقود و سلمه طفل و قال له : هذا الطفل لك ،
فقال له : حسناً سأفحصه أولاً لأعرف ان كانت اعضائه مناسبة للبيع !
صدمت حقاً بما سمعت فإلتقط المزيد من الصور ، و لانني من الاشخاص الذين يعشقون الأطفال أردت مساعدتهم بأقصى سرعة
فذهبت فوراً لمقر عملي الى المدير و أخبرته عما حدث و لكنه ارتبك قليلاً لكنه تدارك نفسه بسرعة .
و قال لي : حسناً ، سأحدثك لاحقاً اترك الصور هنا و سآراك فيما بعد .
تركت الصور و خرجت من المكتب و لكني تذكرت شيئاً بأنني يوجد لدي نسخة من الصور في الكاميرا بعد
و أردت أن أسأله ان استمر باللعبة و أجري المقابلة و نكشفه علناً فإقتربت من المكتب و أردت فتحه و لكني سمعت المدير يتصل بالدكتور و يخبره بما وجدت فعلمت بأنهما حليفان .
تركت المكتب فوراً و ندمت على اخباري المدير ، و اتصلت بفرح كنت قلقاً و أردت استشارتها فهي لها رأي مصيب و أحب أن أحادثها بهذه الأمور لتساعدني .
بعد حديثي مع اختها ، نسيت كل شيء من عقلي و أردت الهروب من هذه الدنيا للأبد ، ماذا فعلتي بي يا فرح ، لقد طعنتي قلبي بحدة ..
أحقاً ما سمعت ، كنت مصدوماً جداً أردت العودة على أقرب طائرة و بسرعة قصوى .. فذهبت للمطار بسرعة لأستعلم عن التذاكر و موعد الطائرة ،
لكنهم أخبروني بسوء الأحوال الجوية في المدينة و بأنه ستكون عاصفة هناك هذه الليلة فلم أستطع السفر .
و لانني منزعج جداً و أفكر كثيراً ، في هذا الوقت او بهذه لحالة لا اذهب لبيتي ذهبت لمكان لا يعلم أحد به ..
انه مكان كإستديو خاص بي معتم جداً كأفكاري و قلبي و حياتي ، اردت التفكير بعمق ،، مر يومين و أنا أفكر على هذه الحالة ، حاولت تذكر شيء قالته لي فرح ذات يوم !
ستجد النور اذا نظرت بداخلك !
لا أدري من أين جاءت لي هذه الجملة الأن ، حاولت عميقاً ان أنظر بداخلي لعلي أجد النور في هذه الظلمة .. لكن بداخلي لا ارى شيئاً .
السادس عشر من كانون الأول !
انه اليوم الخامس على غيابي عما يحدث بالخارج ما زلت مقيماً بالاستديو ، لقد قل وزني على ما اعتقد ،
فقد أنهكت جسدي بالرياضة و لم أتناول الكثير من الطعام و ايضاً التفكير يكاد أن يقتلني و الظلمة التي اعتادت عليها عيني تملئ قلبي بالسواد ،
كنت أعبث بكاميرتي التي صورت بها تلك العملية المشؤومة ، تذكرت الأطفال .. يا ترى كم طفل سلبت أعضائه ليكسبوا المال هؤلاء الحثالة
لقد رأيت بحياتي كثيراً من حثالات البشر لكنني لم أرى أفظع من هذا ، ألا يوجد بقلوبهم رحمة .
في هذه اللحظة فقط ارتاح عقلي قليلاً من التفكير بما فعلته بي فرح ، أنظر لذاك الطفل البريء في الصورة أشعر بأن قلبي يخفق له .
تذكرت حب فرح للأيتام و حبها للأطفال و قلبها الأمومي الصغير ، يا الهي كيف لأحد ببراءتها التي يراها لن يعتقد بأنها طفلة و لن يصدق بأنها تملك مثل هذا القلب الأمومي ؟!
انها المرة الأولى منذ خمسة أيام أبتسم فقط لأنني تذكرت فرح ، و فجأة قفزت لعقلي جملتها " ستجد النور اذا نظرت بداخلك " .
شعرت بأن شيء يتسلل الى عقلي و يحادثني و أكاد أقسم بأنني سمعت صوت فرح تنادي بإسمي ، عندها ازداد ألمي بالتأكيد هي لا تنادي عليّ
لقد فقدتها للأبد ، فقدتها للأبد جُن جنوني حينها ، لا أشعر بالحياة بدونها .. لا أريد الحياة بدونها ، هذا القرار الذي وصلت اليه من خلال عُزلتي !
لذا قمت بفتح جوالي المغلق منذ أيام كتبت رسالة لأختي : " لا أعتقد بأن لحياتي معنى بدونها " و أرسلت الرسالة ، ثم خرجت !
كان في بالي الأن شيء واحد الأن و سأفعله مهما كلف الثمن .
صعدت فوق برج المشفى في المنطقة الشمالية من المدينة انه مبنى كبير جداً لم أرى بضخامته أبداً ،
وقفت على حافة السطح في المبنى و نظرت الى المدينة ، شممت الهواء العليل من اعلى و رأيت الغيوم الرمادية التي تنبأ بأمطار ليست غزيرة
نزلت أول قطرة فوق فمي ثم غطت القطرات وجهي شممت برائحة المطر رائحة مألوفة لي ، كرائحة فرح انها رقيقة كالمطر تماماً
اخرجت هاتفي من جيبي و اتصلت عليها لأعاتبها ، أو لأبحث في قلبها عن بعض الحب من خلال صوتها
أجابني صوتها الملهوف : " فارس ، اشتقت لك "
- فرح !
من صدمتي بما سمعت شعرت بأن الزمن توقف انه صوت فرح ، قالت بأنها اشتاقت لي في صوتها كل الحب و الاشتياق !
عندها فقط شعرت بأن روحي ردت لي .
فجأة ناداني صوت من خلفي مباشرة ملاصق لي تماماً و لشدة الصدمة وقع هاتفي ارضاً و تهشم ، لمحت فقط وجه الشخص
ثم دفعني عن حافة السطح ، فأصبحت ضحية جريمة قتل ، بسبب دفاعي عن الحق ، آخر ما لفظه قلبي بثواني قبل ان يرتطم جسدي بالأرض التي كانت
تبعد عني حوالي 10 أمتار " سامحيني فرح " .
في هذا اليوم كانت العواصف شديدة جداً ، و جميع الأنباء التي وردتنا في مدينتنا تحذر من الخروج في الشوارع ،
في هذا الشهر من كل سنة يحدث انخفاض بدرجات الحرارة و لكنها للمرة الأولى منذ سنوات تنخفض الحرارة الى هذا الحد ،
لدرجة أنني أكاد أتجمدُ برداً ، مع هذه العواصف قطع اتصال الانترنت ، كنت معتادة على الحديث معه دوماً ،
لكن هذه الأيام و لأول مرة لم نتحدث و للأسف لم أشحن رصيداً اضافي لأخبره عن انقطاع الانترنت ،
كان قد سافر في عمل بمدينة أخرى انه صحفي يدافع عن حقوق الأطفال بشراسة مع من يؤذيهم و طيبة مع من هو رحيمٌ معهم ،
كان حلمه الأكبر مساعدة المحتاجين ، أشعر أحياناً بأنه ربما يكفر عن ذنب ما بأفكاره هذه .
هذه الأيام غريبة جداً أشعر بأن شيء سيء سيحدث ،
لكنني لا أفكر بهذا الشيء كثيراً ففكري مشغولاً الأن فقط بأختي التي تغيرت معاملتها معي كثيراً و لم أألفها هكذا من قبل !
بعد مُضي أربع أيام و ارتفاع درجة الحرارة أكثر لكن الطقس مازال بارداً ، و ما زال الانترنت منقطعاً للأسف لكن الاتصالات تحسنت ،
كنت عائدة من اختبار بالجامعة ، انها أصعب مادة لدي و للأسف لم يكن الامتحان سهلاً و كنت متضايقة جداً منه ،
و مع ذلك طردت الاختبار من ذهني فشوقي اليه كان أقوى من كل شيء ، فبعد مضي أربعة أيام بدون انترنت و بدون خروج من المنزل ،
قررت اليوم شحن رصيد لأحادثه !
و أنا في طريقة لشحن الرصيد دق هاتفي المحمول و يال فرحتي ، كان هو ، أجبت عليه بسعادة و أنا أرتجف من البرد ، " فارس ، اشتقت اليك " ،
أجابني صوتهُ من بعيد " فرح " و قطع الخط !
لا أدري لمَ حدث ذلك ، لكنني ظننت بأنه مع سوء الطقس و بعد المدن كان الارسال ضعيفاً ، حزنت قليلاً لكن سعادتي لسماع صوته كانت أكبر ،
لذا نسيت كل شيء كان بذهني و عدت الى البيت بعد أن قمت بشحن الرصيد !
أعدت الاتصال به بعد ساعات و لكن الهاتف كان مغلقاً .
الحادي عشر من كانون الأول !
في هذا اليوم كنت قد سهرتُ طيلة الليل محاولة انجاز دراستي فَ في الغد امتحاني و مازلت لم أُنهي دراستي بعد ،
و حينما حان موعد الذهاب للكلية ارتديت ملابسي و خرجت مسرعة و مرتبكة خوفاً من الامتحان ، و من شدة انشغال ذهني نسيت هاتفي في البيت ،
و كما توقعت كان الاختبار سيئاً جداً ، عندما عدتُ كنت مكتئبة و حزينة جداً من الاختبار ، و مع ذلك لاحظت تغير معاملة أختي لي و أيضاً لاحظت عليها بعض الارتباك ،
لم أشغل ذهني كثيراً فقد كان عقلي مشغولاً بفارس الذي سافر و تركني وحدي في هذا الوقت و مشغولا أيضاً بإختباري السيء
بقيت طيلة اليوم أنتظر اتصال منه لكنه لم يتصل فإعتقدتُ بأنه مشغولٌ جداً .
في الليل اشتدت الريح و بدأت العاصفة مدوية و قطعت الاتصالات و الانترنت و حظر على المواطنين الخروج الا للضرورة القصوى و تحت مجموعة من التحذيرات و الارشادات !
بقي الحال هكذا لمدة ثلاثة أيام أيضاً و كنت طيلة الفترة أدرس بجهد لاختباري التالي .
الثامن عشر من كانون الأول !
مر يومين على اتصال فارس بي ، لكنه لم يتحدث بشيء .. و تحسن الطقس و الاتصالات و لكن هاتفه مغقلاً ، قلقة عليه جداً لكن ليس بيدي حيلة
و عندما كنت شاردة الذهن رن هاتفي و سقط قلبي أيضاً من شدة الخوف !
تمالكت نفسي و أجبت على الهاتف و كان الرقم غريباً علي : مرحباً
.... : أنتي فرح ؟!
- أجل تفضلي من معي ؟
.... : سأجعلكِ تندمين ، سأبكيكِ كل دقيقة تمر بحياتك .
- من معي ، ماذا تقولين ؟
.... : لقد قتلتيه أنتي قاتلة ، لقد انتحر بسببك أيتها القاتلة سأنتقم منكِ .
- لا بد و أنكِ مخطئة بالرقم يا آنسة عمن تتحدثين ، لم أفهم منكِ شيء .
.... : لقد قتلتي أخي فارس ، لا تظني بأنكِ ستعيشين بسعادة بعد الأن ، لقد أحبك فعلاً لكنك تركتيه و انتحر لأجلك ، أُقسم بأنك ستندمين .
و أغلق الخط ، لأن الألم الكبير لا دموع له ! أعتقد بأن بحيرة دموعي تجمدت بطقس الحزن البارد أو ربما تبخرت بغليان الألم العميق و نيران التمزق
أو ربما جملة " لقد قتلتي أخي فارس " كلمة سرية توقف الكون عن التحرك ليصبح كل شيء ساكن كسكون القبور !
أو كخفقة بطيئة توقفت قبل ظهور صوتها .. أو كإنقطاع حبل الوريد بسرعة البرق و انخطاف الروح بسرعة أكبر من سرعة الضوء ببلايين المرات !
توقف قلبي ، عقلي ، دمي ، دمعي .. كل شيء في هذا الكون توقف عن الحياة ، أرى أمامي سواد ، يلفني السواد ،
أجل أريد هذا السواد أشعر بألم عميق لا ينهيه سوى هذا السواد .. لقد أغشاني و ملئني السواد !
العشرين من كانون الأول !
لقد عاد الضوء .. لا أريد هذا الضوء ، أريد السواد أو ربما العيش بالأحلام مع الذكريات شيئاً بداخلي يمزقني ،
أريد البكاء أريد الحديث لكن صوتي لا يخرج و أيضاً تلك الدموع لا تخرج ، هل كل ما عشته حلم ، أم أنني سأصحو على واقع ؟ .
أتذكر بأن صوتً كان يأتيني خلال حلمي ، أحداً يعتذر لي بشدة يخالطه شهيق دموع و ألم و ندم عميق .. هذا الصوت يوقظني من ذكرياتي انه صوت يبعدني عن فارس ،
صوت ينتشلني من الأحلام الى هذا الضوء الكريه ، لا أريد الخروج من الأحلام ، أريد البقاء أكثر مع فارس أحلامي !
هذا الصوت يشبه الى حد بعيد صوت أختي ، انها تبكي بحرقة و تعتذر ، فتحت عيناي لآراها أمامي بصورة مغبشة و غير واضحة المعالم ،
كانت تبكي و تعتذر و تنظر بعيناي و تقول أنا أسفة لم أقصد أن يحدث هذا ، لم أكن أعلم ، لقد ظننته يريد أن يلعب بكِ !
الحادي عشر من كانون الأول الساعة 1 ظهراً !
استيقظت من النوم على رنين هاتف أختي فرح ، أزعجني جداً صوت هاتفها ، حاولت من خلال نومي أن أقول لها بأن تطفئه لكنها لم تستجب لي ،
فنهضتُ من فراشي و لكنني لم أجدها ، و من آثار فوضى الغرفة اكتشفت بأنها قد خرجت و نسيت هاتفها ، نهضت لأطفئه و كان المتصل بإسم " حُلم " .
استغربت جداً من هذا الاسم الغريب ، و لشدة فضولي أردت أن أعرف من ، و فتحت رسائلها و بدأت أقرأ و صدمني جداً ما قرأت ،
أختي الصغرى تحب رجلاً ، لم أتوقع هذا منها .. انها تعلم جداً عادات بلادنا و تعلم جداً معاملة أهلنا التي أجمعت جميعها بأن " الحب شيء محرم " ،
بالحقيقة خفت عليها كثيراً لم يعجبني أبداً ما قرأت ، أخذت رقم المتصل و اتصلت من هاتفي على الرقم
.... : مرحباً
- أنت فارس ؟
.... : أجل هذا أنا ، من معي ؟
- أنا أخت فرح !
.... : هل فرح بخير ؟
- لا ليست بخير لقد علم أبي بكم و ضربها ضرباً شديداً و هي لن تستطيع الحديث معك بعد الأن ، و أيضاً أبي سيزوجها بشخص آخر .
.... : ماذا ؟ ، أرجوكي دعيني أتحدث معها ، أرجوكي !
- لا تستطيع التحدث معها أبدا ، لقد قرر أبي غداً خطبتها من شخص غيرك .
.... : أنا لا أصدقك ، حسناً أعطني رقم والدك و أنا سأتحدث معه !
- من تظن نفسك لتتحدث معه ، لقد قرأت جميع محادثتكم و علمت بأنك شخص فقير تسعى من أجل عملك ،
حسناً اسعى جيداً أهنئك على هذا لكن لا تظن بأن أبي سيقبل بكَ في يوم من الأيام كزوج لابنته المدللة الصغرى و لا تظن بأنك تناسب عائلتنا أبداً ،
و أيضاً البارحة جلس أبي مع فرح و حدثها و اقتنعت هي بكلامه ،
و تحدثت معها الليلة و أخبرتني بأنها اقتنعت بكلام والدي و بأنها كانت مغشوشة بك وأنها لم تكن بوعيها عندما كانت على علاقة بك
و بأنها انتهت منك الى الأبد و لن تعود لمحادثتك ، و انت أيضاً لا تعيد الاتصال بها لو سمحت ، وداعاً .
شعرت بالسوء من نفسي بعد ما قلته كان كله كاذب ، لكن ما فعلته صائباً فهذا ما سيحدث بالنهاية و أيضاً أختي الصغرى ليست أهلاً لتحب الأن و سيحدث معها كما حدث معي ،
هذا الشخص سيء و يستغلها و ستكون شاكرة لي بسبب ما قلته له في النهاية !
الحادي عشر من كانون الأول الساعة 12 ظهراً !
كنت خارجاً من عملي مكتئب جداً ، هناك مشاكل بالعمل صاحب المجلة التي أعمل بها انه شخص بلا انسانية أبداً ،
كنت ذاهب لأعمل مقابلة مع طبيب للأطفال مشهور جداً ، كنت ألاحقه لألتقط له بعض الصور قبل المقابلة ،
و أثناء تتبعي له صدمت بذهابه لمكان خالي او شبه خالي يشبه كثيراً أحد المستودعات تحت الأرض ، كان هناك بعض الرقابة عليه ،
حاولت التلصص لالتقاط الصور و أيضاً ازداد فضولي و عندما دخلت المكان بالتخفي ،
وجدت هناك أطفال مسجونين و حديث بين الطبيب الذي أريد اجراء المقابلة معه و بين شخص يبدو واضح من شكله و سلوكه بأنه شخص مجرم ,,
تبادلا بعض النقود و سلمه طفل و قال له : هذا الطفل لك ،
فقال له : حسناً سأفحصه أولاً لأعرف ان كانت اعضائه مناسبة للبيع !
صدمت حقاً بما سمعت فإلتقط المزيد من الصور ، و لانني من الاشخاص الذين يعشقون الأطفال أردت مساعدتهم بأقصى سرعة
فذهبت فوراً لمقر عملي الى المدير و أخبرته عما حدث و لكنه ارتبك قليلاً لكنه تدارك نفسه بسرعة .
و قال لي : حسناً ، سأحدثك لاحقاً اترك الصور هنا و سآراك فيما بعد .
تركت الصور و خرجت من المكتب و لكني تذكرت شيئاً بأنني يوجد لدي نسخة من الصور في الكاميرا بعد
و أردت أن أسأله ان استمر باللعبة و أجري المقابلة و نكشفه علناً فإقتربت من المكتب و أردت فتحه و لكني سمعت المدير يتصل بالدكتور و يخبره بما وجدت فعلمت بأنهما حليفان .
تركت المكتب فوراً و ندمت على اخباري المدير ، و اتصلت بفرح كنت قلقاً و أردت استشارتها فهي لها رأي مصيب و أحب أن أحادثها بهذه الأمور لتساعدني .
بعد حديثي مع اختها ، نسيت كل شيء من عقلي و أردت الهروب من هذه الدنيا للأبد ، ماذا فعلتي بي يا فرح ، لقد طعنتي قلبي بحدة ..
أحقاً ما سمعت ، كنت مصدوماً جداً أردت العودة على أقرب طائرة و بسرعة قصوى .. فذهبت للمطار بسرعة لأستعلم عن التذاكر و موعد الطائرة ،
لكنهم أخبروني بسوء الأحوال الجوية في المدينة و بأنه ستكون عاصفة هناك هذه الليلة فلم أستطع السفر .
و لانني منزعج جداً و أفكر كثيراً ، في هذا الوقت او بهذه لحالة لا اذهب لبيتي ذهبت لمكان لا يعلم أحد به ..
انه مكان كإستديو خاص بي معتم جداً كأفكاري و قلبي و حياتي ، اردت التفكير بعمق ،، مر يومين و أنا أفكر على هذه الحالة ، حاولت تذكر شيء قالته لي فرح ذات يوم !
ستجد النور اذا نظرت بداخلك !
لا أدري من أين جاءت لي هذه الجملة الأن ، حاولت عميقاً ان أنظر بداخلي لعلي أجد النور في هذه الظلمة .. لكن بداخلي لا ارى شيئاً .
السادس عشر من كانون الأول !
انه اليوم الخامس على غيابي عما يحدث بالخارج ما زلت مقيماً بالاستديو ، لقد قل وزني على ما اعتقد ،
فقد أنهكت جسدي بالرياضة و لم أتناول الكثير من الطعام و ايضاً التفكير يكاد أن يقتلني و الظلمة التي اعتادت عليها عيني تملئ قلبي بالسواد ،
كنت أعبث بكاميرتي التي صورت بها تلك العملية المشؤومة ، تذكرت الأطفال .. يا ترى كم طفل سلبت أعضائه ليكسبوا المال هؤلاء الحثالة
لقد رأيت بحياتي كثيراً من حثالات البشر لكنني لم أرى أفظع من هذا ، ألا يوجد بقلوبهم رحمة .
في هذه اللحظة فقط ارتاح عقلي قليلاً من التفكير بما فعلته بي فرح ، أنظر لذاك الطفل البريء في الصورة أشعر بأن قلبي يخفق له .
تذكرت حب فرح للأيتام و حبها للأطفال و قلبها الأمومي الصغير ، يا الهي كيف لأحد ببراءتها التي يراها لن يعتقد بأنها طفلة و لن يصدق بأنها تملك مثل هذا القلب الأمومي ؟!
انها المرة الأولى منذ خمسة أيام أبتسم فقط لأنني تذكرت فرح ، و فجأة قفزت لعقلي جملتها " ستجد النور اذا نظرت بداخلك " .
شعرت بأن شيء يتسلل الى عقلي و يحادثني و أكاد أقسم بأنني سمعت صوت فرح تنادي بإسمي ، عندها ازداد ألمي بالتأكيد هي لا تنادي عليّ
لقد فقدتها للأبد ، فقدتها للأبد جُن جنوني حينها ، لا أشعر بالحياة بدونها .. لا أريد الحياة بدونها ، هذا القرار الذي وصلت اليه من خلال عُزلتي !
لذا قمت بفتح جوالي المغلق منذ أيام كتبت رسالة لأختي : " لا أعتقد بأن لحياتي معنى بدونها " و أرسلت الرسالة ، ثم خرجت !
كان في بالي الأن شيء واحد الأن و سأفعله مهما كلف الثمن .
صعدت فوق برج المشفى في المنطقة الشمالية من المدينة انه مبنى كبير جداً لم أرى بضخامته أبداً ،
وقفت على حافة السطح في المبنى و نظرت الى المدينة ، شممت الهواء العليل من اعلى و رأيت الغيوم الرمادية التي تنبأ بأمطار ليست غزيرة
نزلت أول قطرة فوق فمي ثم غطت القطرات وجهي شممت برائحة المطر رائحة مألوفة لي ، كرائحة فرح انها رقيقة كالمطر تماماً
اخرجت هاتفي من جيبي و اتصلت عليها لأعاتبها ، أو لأبحث في قلبها عن بعض الحب من خلال صوتها
أجابني صوتها الملهوف : " فارس ، اشتقت لك "
- فرح !
من صدمتي بما سمعت شعرت بأن الزمن توقف انه صوت فرح ، قالت بأنها اشتاقت لي في صوتها كل الحب و الاشتياق !
عندها فقط شعرت بأن روحي ردت لي .
فجأة ناداني صوت من خلفي مباشرة ملاصق لي تماماً و لشدة الصدمة وقع هاتفي ارضاً و تهشم ، لمحت فقط وجه الشخص
ثم دفعني عن حافة السطح ، فأصبحت ضحية جريمة قتل ، بسبب دفاعي عن الحق ، آخر ما لفظه قلبي بثواني قبل ان يرتطم جسدي بالأرض التي كانت
تبعد عني حوالي 10 أمتار " سامحيني فرح " .
[/TBL]
التعديل الأخير: