- إنضم
- 10 سبتمبر 2014
- رقم العضوية
- 2701
- المشاركات
- 789
- مستوى التفاعل
- 142
- النقاط
- 750
- الإقامة
- مكان ما اجده مناسبا لي
- توناتي
- 100
- الجنس
- ذكر
LV
0
[TBL="http://www.7fth.com/img/1422819193541.jpg"]
[/TBL][TBL="http://www.7fth.com/img/1422819193733.jpg"]
السلان عليكم ... كيف حالكم أجمعين ...؟!
اخبار الاهل والدراسة والجو + وكل شي ...
طبعا اعذروني انا مكسل انزل مواضيع بس اجاهد
نفسي ... فسامحوني =)
موضوعنا اليوم عن نظرة الإسلام إلى الكون
فاتمنى يعجبكم =)
ۈأنيــــے لأرج’ــــو اللـﮧ حتــــے ڪأننـ’ــي •• أرـى بج’ميلِ الظن م اللـﮧ صانع
لا بُدَّ قبل الحديث عن اهتمام ورعاية الإسلام لأمر الكون وموارده،
أن نُلْقِيَ الضوء على الأساس النظري المتمثِّل في الرؤية الإسلامية لهذا الكون؛
فنعرض في المقالات التالية لفكرة الإسلام عن الكون في شكلها العامِّ،
وماهية صورة الكون وعناصره التي تستقرُّ في وجدان المسلم
بأثرٍ من إيمانه بهذا الدين، والأساسيات والقواعد التي تُنَظِّم وتُسَيِّر
علاقة المسلم مع الكون من حوله؛ وذلك من خلال النقطتين التاليتين:
الكون في وجدان المسلم:
يستمدُّ المسلم من القرآن الكريم ومن السُّنَّة النبوية الرؤى
والأفكار الأساسية التي تُعَرِّفه بنفسه وبما حوله وبمهمته في هذه الأرض،
وكذلك تُعَرِّفه بمصيره بعد الموت وانتهاء هذه الحياة، والمسلم مُطالبٌ بمقتضى
إسلامه أن يؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم وفي صحيح السُّنَّة النبوية،
وأن يستلهم منهما الرؤى والقناعات التي تنطلق منها، وتنبني عليها الأعمال والتعاملات.
وإذا تتبَّعنا آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية تعريف
المسلم بالطبيعة وبهذا الكون الذي حوله، وما يزخر به من هواء وماء ونبات
وحيوان وجماد، سنجد أن العقل المسلم يرى الكون من حوله على أنه:
أولًا - خَلْقُ الله:
فكلُّ هذا الكون الواسع البديع هو من صنع الله تبارك وتعالى، فالله سبحانه
الذي خلق الإنسان نفسه وسوَّاه ونفخ فيه من رُوحه، فالإنسان وما حوله
صدر عن الإله الواحد الأحد، يقول عز وجل:
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل:3-5]،
وكلُّ ما في السموات وما في الأرض وما بينهما، بل وما تحت الأرض هو ملك لله وحده، قال سبحانه:
{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه:6].
ولذا يقف المسلم من الطبيعة "موقف التعرُّف والصداقة، لا موقف التخوُّف والعِداء؛
ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته، محكومتان بإرادة الله ومشيئته،
متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه. إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربَّه قد خلق هذه
القوى كلها لتكون له صديقًا مساعدًا متعاونًا، وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمَّل فيها،
ويتعرَّف إليها، ويتعاون وإياها، ويَتَّجِهَ معها إلى الله ربه وربها" (سيد قطب؛ في ظلال القرآن: [1/25]).
وذلك الكون الفسيح فوق كونه صادرًا عن الإله الواحد، ويشترك مع الإنسان في أصل الخلق،
فإنه يشترك مع المسلم في عبادته لهذا الإله؛ فكل ما في السموات والأرض خاضع لله طائع له،
قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11]،
وكل تلك الأرجاء والأنحاء والمخلوقات تسجد لله سبحانه:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ
وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18].
كما أن تلك السموات العالية وهذه الأرض المنبسطة، وكل ما يحتويانه من كائنات ومخلوقات، جميعها تُسَبِّح لله تبارك وتعالى:
{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:44].
بهذه الرؤية يُصبِح الكون في وجدان المسلم صديقًا أنيسًا، يتجهان معًا بالخضوع والخشوع والطاعة إلى الله الواحد عز وجل.
ثانيًا - أمم أمثالكم:
ويعرف المسلم تلك الكائنات التي حوله على أنها أمم أخرى مثل أُمَّة البشر، فهذه الدواب على الأرض، وتلك الطيور
التي تسبح في السماء، هي عوالم أخرى ما أشدها شبهًا بعالَم البشر!
قال سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا
أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:38].
يقول الإمام ابن القيم[1]: "وهذا يتضمَّن أنها أمم أمثالنا في الخلق والرزق والأكل والتقدير الأول،
وأنها لم تُخْلَقْ سدًى، بل هي مُعَبَّدة مذلَّلَة، قد قُدِّرَ خَلْقُها وأجلها ورزقها، وما تصير إليه"
(ابن القيم؛ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ص: [41]).
وقال القرطبي[2] في تفسيره: "أي هم جماعات مثلكم في أن الله عز وجل خلقهم، وتكفَّل بأرزاقهم،
وعدل عليهم، فلا ينبغي أن تظلموهم، ولا تُجَاوِزُوا فيهم ما أُمِرتم به" (القرطبي؛ الجامع لأحكام القرآن: [6/419]).
وذلك "من أجمل ما جاء به الإسلام في علاقة الإنسان بالطبيعة وبالكون عامَّة من حوله:
إنشاء عاطفة الودِّ والحب لما حول الإنسان من كائنات جامدة أو حية؛ فالأحياء من الدوابِّ
والطيور يراها المسلم أممًا أمثالنا" (يوسف القرضاوي؛ رعاية البيئة في شريعة الإسلام، ص: [29]).
ثالثًا - كلُّ شيء خلقناه بقدر:
إن هذا الكون وما فيه من مخلوقات كثيرة وعجيبة هو دليل ساطع وقاطع على قدرة الله الذي خلق وأبدع،
وبهذا الدليل حاجَّ الله عز وجل المشركين والملحدين؛ فقال:
{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [لقمان:11]،
وفوق هذه الكثرة والتنوُّع ذلك التوازن الدقيق، الذي انتظمت فيه هذه العوالم الكثيرة من الكائنات،
لقد أخبر سبحانه أن هذا الخَلْقَ العظيم مخلوق بعناية وبقدر: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49].
ومن معاني القَدَر في الآية المقدار في ذاته وصفاته، كما قال أبو حيان[3] في تفسيره[4]؛
أي أن كلَّ شيء خلقه الله سبحانه محسوب مقداره في النوع وفي الخصائص؛
فعالَم النبات عالَمٌ موزون {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} [الحجر:19]،
وكذلك عالَم الحيوان خلقه الله وأبدعه، ثم قَدَّر لكل نوعٍ طرائق معيشته وسُبل ارتزاقه، قال الله عز وجل
على لسان موسى عليه السلام: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]،
قال الحسن[5] وقتادة[6]: أعطى كل شيء صلاحه، وهداه لما يُصلحه[7].
وإن الله تعالى هو: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:2-3].
قال الألوسي[8]: أي جعل الأشياء على مقادير مخصوصة في أجناسها وأنواعها،
وأفرادها وصفاتها، وأفعالها وآجالها، فهدى فَوَجَّه كل واحد منها إلى ما يصدر عنه
وينبغي له طبعًا أو اختيارًا، ويسَّره لما خُلِقَ له؛ بخلق الميول والإلهامات،
ونصب الدلائل وإنزال الآيات، فلو تَتَبَّعْتَ أحوال النباتات والحيوانات،
لرأيت في كل منها ما تحار فيه العقول، وتضيق عنه دفاتر النقول،
وأما فنون هداياته سبحانه للإنسان على الخصوص ففوق ذلك بمراحل،
وأبعد منه ثم أبعد وأبعد بألوف من المنازل، وهيهات أن يُحِيطَ بها فلك العبارة والتحرير،
ولا يكاد يعلمها إلا اللطيف الخبير (الألوسي؛ روح المعاني: [30/104]).
رابعًا - سخّر لكم ما في السموات وما في الأرض:
وإنه -كذلك- كون مُسَخَّر لخدمة الإنسان، الإنسان الذي كَرَّمَه الله عز وجل:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70]،
وبهذه النعمة وهذا التكريم امتنَّ الله سبحانه على عباده، وقال لهم:
{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان:20]،
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج:65].
فعالَم الحيوان مسخَّرٌ: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ .
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ .
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ .
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:5-8].
وعالَم النبات كذلك:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ .
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:10-11].
وكذلك عالَم البحار:
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا
وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:14].
كل هذه العوالم من المخلوقات سخَّرها الله سبحانه للإنسان، إن
"هذه النظرة إلى الكون لها أهميتها في نفس الإنسان وفكره ووجدانه؛
فالكون ليس إلهًا يُرجى ويُخشى، كما تُصَوِّره بعض الديانات التي تُؤَلِّهه،
أو تُؤَلِّه أجزاءً منه... والكون ليس عدوًا للإنسان يريد
أن (يقهره)، كما يُعَبِّر الغربيون عادة عن (قهر الطبيعة)،
بل هو مخلوق مسخَّر للإنسان، ولخدمة الإنسان ومنفعة الإنسان
" (يوسف القرضاوي؛ رعاية البيئة في شريعة الإسلام، ص: [34]).
إنه ليبدو شيئًا في غاية العُسر إذا نزع الله هذا التسخير من الكون،
وأصبحت لكل الكائنات إرادات حُرَّة، تستطيع بها أن تعاكس إرادة الإنسان لو أرادت،
أو على الأقلِّ إذا أصبح الإنسان لا يستطيع استعمال شيء إلا إذا توصَّل معه إلى
توافق واتفاق؛ تُرَى كيف يُصبح الحال لو أن الأرض عَنَّ لها ألا تكون مهادًا،
وأن تكون صخورًا أو جبالًا أو قطعًا من الجزر المنتثرة؟! أو إذا خطر للسماء
أن تمطر حينًا، وترسل شهبًا حينًا، وتُنْزل الصواعق حينًا؟! كيف يُصبح
الحال لو تمرَّدَت الخيل والبغال والحمير، والسفن والقطارات والطائرات، فلم تسمح للإنسان باستعمالها؟!
تلك نعمة نادرًا ما تجد مَنْ يشعر بها ويُقَدِّرها، ويشكر الله عليها؛
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ
أَفَلَا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ
إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص:71-72].
خامسًا - مستقر ومتاع إلى حين:
وأخيرًا.. فإن هذا الكون -في التعريف الإسلامي- مستقرٌّ للإنسان ومتاع له،
حتى وقت محدَّد، قال سبحانه: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة من الآية:36].
يقول الشيخ رشيد رضا: "في الكلام فائدتان؛ إحداهما: أن الأرض ممهَّدة ومهيَّأة
للمعيشة فيها والتمتُّع بها، والثانية: أن طبيعة الحياة فيها تُنافي الخلود والدوام"
(رشيد رضا: تفسير المنار: [1/231]).
في تلك الآية عرَّف الله الأرض للمسلم بثلاثة أشياء:
1- (المستقر): وهو موضع الاستقرار[9].
2- (والمتاع): وهو كل ما استُمتع به من شيء، من معاش استُمتع به أو رِياش[10]
أو زينة أو لذَّة، أو غير ذلك (الطبري؛ جامع البيان عن تأويل آي القرآن: [1/540]).
3- (إلى حين): أي إلى انتهاء الأجل أو انتهاء الحياة الدنيا.
ومن هذه الخصائص الثلاثة للأرض يرتبط الإنسان معها بشعور الحبِّ والاطمئنان
كمستقَرٍّ، وينتفع منها بالمصلحة وباللَّذة كموضع للمتاع، ثم هو إذ يتعامل معها يُدْرِكُ
أنها دارُ ممرٍّ، وفترةٌ ما تلبث أن تنتهي، بما يجعله مُلْزَمًا بتقوى الله فيها؛ لأنه بعد
حين مسئول عنها أمام الله سبحانه.
وبالجملة: "فالإسلام يعقد صداقةً قويةً بين الكون والإنسان، صداقة الأخوَّة في الصدور
عن الله عز وجل وقد كشف العلم الحديث عن وَحدة البناء في الكون والحياة والإنسان
- وصداقة العبادة المشتركة والتسبيح المشترك لله سبحانه، وصداقة الإحساس بتسخير
الكون لمنفعة الإنسان. ويوقع نغمة الحب للكائنات الحية التي تشارك الإنسان سكنى الأرض"
(محمد قطب؛ منهج التربية الإسلامية، ص: [145]).
هذا هو التصور الكامن في وجدان المسلم للكون:
1- أنه من خلق الله.
2- وأن تلك العوالم من حوله أمم أخرى مثل عالم الإنسان.
3- وأنه دليل وصورة لقدرة الله الذي خلق كل شيء بقدر.
4- وأنه مخلوق له، ومسخَّر لمنفعته.
5- وأنه مستقرٌّ ومتاع إلى حين.
وصلنا الى ختام الموضوع ...
المصدر موقع طريق الاسلام ....
والى لقاء قريب =)
[/TBL][TBL="http://www.7fth.com/img/1422819193642.jpg"]
[/TBL]
[/TBL][TBL="http://www.7fth.com/img/1422819193733.jpg"]
السلان عليكم ... كيف حالكم أجمعين ...؟!
اخبار الاهل والدراسة والجو + وكل شي ...
طبعا اعذروني انا مكسل انزل مواضيع بس اجاهد
نفسي ... فسامحوني =)
موضوعنا اليوم عن نظرة الإسلام إلى الكون
فاتمنى يعجبكم =)
ۈأنيــــے لأرج’ــــو اللـﮧ حتــــے ڪأننـ’ــي •• أرـى بج’ميلِ الظن م اللـﮧ صانع
لا بُدَّ قبل الحديث عن اهتمام ورعاية الإسلام لأمر الكون وموارده،
أن نُلْقِيَ الضوء على الأساس النظري المتمثِّل في الرؤية الإسلامية لهذا الكون؛
فنعرض في المقالات التالية لفكرة الإسلام عن الكون في شكلها العامِّ،
وماهية صورة الكون وعناصره التي تستقرُّ في وجدان المسلم
بأثرٍ من إيمانه بهذا الدين، والأساسيات والقواعد التي تُنَظِّم وتُسَيِّر
علاقة المسلم مع الكون من حوله؛ وذلك من خلال النقطتين التاليتين:
الكون في وجدان المسلم:
يستمدُّ المسلم من القرآن الكريم ومن السُّنَّة النبوية الرؤى
والأفكار الأساسية التي تُعَرِّفه بنفسه وبما حوله وبمهمته في هذه الأرض،
وكذلك تُعَرِّفه بمصيره بعد الموت وانتهاء هذه الحياة، والمسلم مُطالبٌ بمقتضى
إسلامه أن يؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم وفي صحيح السُّنَّة النبوية،
وأن يستلهم منهما الرؤى والقناعات التي تنطلق منها، وتنبني عليها الأعمال والتعاملات.
وإذا تتبَّعنا آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية تعريف
المسلم بالطبيعة وبهذا الكون الذي حوله، وما يزخر به من هواء وماء ونبات
وحيوان وجماد، سنجد أن العقل المسلم يرى الكون من حوله على أنه:
أولًا - خَلْقُ الله:
فكلُّ هذا الكون الواسع البديع هو من صنع الله تبارك وتعالى، فالله سبحانه
الذي خلق الإنسان نفسه وسوَّاه ونفخ فيه من رُوحه، فالإنسان وما حوله
صدر عن الإله الواحد الأحد، يقول عز وجل:
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل:3-5]،
وكلُّ ما في السموات وما في الأرض وما بينهما، بل وما تحت الأرض هو ملك لله وحده، قال سبحانه:
{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه:6].
ولذا يقف المسلم من الطبيعة "موقف التعرُّف والصداقة، لا موقف التخوُّف والعِداء؛
ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته، محكومتان بإرادة الله ومشيئته،
متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه. إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربَّه قد خلق هذه
القوى كلها لتكون له صديقًا مساعدًا متعاونًا، وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمَّل فيها،
ويتعرَّف إليها، ويتعاون وإياها، ويَتَّجِهَ معها إلى الله ربه وربها" (سيد قطب؛ في ظلال القرآن: [1/25]).
وذلك الكون الفسيح فوق كونه صادرًا عن الإله الواحد، ويشترك مع الإنسان في أصل الخلق،
فإنه يشترك مع المسلم في عبادته لهذا الإله؛ فكل ما في السموات والأرض خاضع لله طائع له،
قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11]،
وكل تلك الأرجاء والأنحاء والمخلوقات تسجد لله سبحانه:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ
وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18].
كما أن تلك السموات العالية وهذه الأرض المنبسطة، وكل ما يحتويانه من كائنات ومخلوقات، جميعها تُسَبِّح لله تبارك وتعالى:
{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:44].
بهذه الرؤية يُصبِح الكون في وجدان المسلم صديقًا أنيسًا، يتجهان معًا بالخضوع والخشوع والطاعة إلى الله الواحد عز وجل.
ثانيًا - أمم أمثالكم:
ويعرف المسلم تلك الكائنات التي حوله على أنها أمم أخرى مثل أُمَّة البشر، فهذه الدواب على الأرض، وتلك الطيور
التي تسبح في السماء، هي عوالم أخرى ما أشدها شبهًا بعالَم البشر!
قال سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا
أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:38].
يقول الإمام ابن القيم[1]: "وهذا يتضمَّن أنها أمم أمثالنا في الخلق والرزق والأكل والتقدير الأول،
وأنها لم تُخْلَقْ سدًى، بل هي مُعَبَّدة مذلَّلَة، قد قُدِّرَ خَلْقُها وأجلها ورزقها، وما تصير إليه"
(ابن القيم؛ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ص: [41]).
وقال القرطبي[2] في تفسيره: "أي هم جماعات مثلكم في أن الله عز وجل خلقهم، وتكفَّل بأرزاقهم،
وعدل عليهم، فلا ينبغي أن تظلموهم، ولا تُجَاوِزُوا فيهم ما أُمِرتم به" (القرطبي؛ الجامع لأحكام القرآن: [6/419]).
وذلك "من أجمل ما جاء به الإسلام في علاقة الإنسان بالطبيعة وبالكون عامَّة من حوله:
إنشاء عاطفة الودِّ والحب لما حول الإنسان من كائنات جامدة أو حية؛ فالأحياء من الدوابِّ
والطيور يراها المسلم أممًا أمثالنا" (يوسف القرضاوي؛ رعاية البيئة في شريعة الإسلام، ص: [29]).
ثالثًا - كلُّ شيء خلقناه بقدر:
إن هذا الكون وما فيه من مخلوقات كثيرة وعجيبة هو دليل ساطع وقاطع على قدرة الله الذي خلق وأبدع،
وبهذا الدليل حاجَّ الله عز وجل المشركين والملحدين؛ فقال:
{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [لقمان:11]،
وفوق هذه الكثرة والتنوُّع ذلك التوازن الدقيق، الذي انتظمت فيه هذه العوالم الكثيرة من الكائنات،
لقد أخبر سبحانه أن هذا الخَلْقَ العظيم مخلوق بعناية وبقدر: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49].
ومن معاني القَدَر في الآية المقدار في ذاته وصفاته، كما قال أبو حيان[3] في تفسيره[4]؛
أي أن كلَّ شيء خلقه الله سبحانه محسوب مقداره في النوع وفي الخصائص؛
فعالَم النبات عالَمٌ موزون {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} [الحجر:19]،
وكذلك عالَم الحيوان خلقه الله وأبدعه، ثم قَدَّر لكل نوعٍ طرائق معيشته وسُبل ارتزاقه، قال الله عز وجل
على لسان موسى عليه السلام: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]،
قال الحسن[5] وقتادة[6]: أعطى كل شيء صلاحه، وهداه لما يُصلحه[7].
وإن الله تعالى هو: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:2-3].
قال الألوسي[8]: أي جعل الأشياء على مقادير مخصوصة في أجناسها وأنواعها،
وأفرادها وصفاتها، وأفعالها وآجالها، فهدى فَوَجَّه كل واحد منها إلى ما يصدر عنه
وينبغي له طبعًا أو اختيارًا، ويسَّره لما خُلِقَ له؛ بخلق الميول والإلهامات،
ونصب الدلائل وإنزال الآيات، فلو تَتَبَّعْتَ أحوال النباتات والحيوانات،
لرأيت في كل منها ما تحار فيه العقول، وتضيق عنه دفاتر النقول،
وأما فنون هداياته سبحانه للإنسان على الخصوص ففوق ذلك بمراحل،
وأبعد منه ثم أبعد وأبعد بألوف من المنازل، وهيهات أن يُحِيطَ بها فلك العبارة والتحرير،
ولا يكاد يعلمها إلا اللطيف الخبير (الألوسي؛ روح المعاني: [30/104]).
رابعًا - سخّر لكم ما في السموات وما في الأرض:
وإنه -كذلك- كون مُسَخَّر لخدمة الإنسان، الإنسان الذي كَرَّمَه الله عز وجل:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70]،
وبهذه النعمة وهذا التكريم امتنَّ الله سبحانه على عباده، وقال لهم:
{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان:20]،
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج:65].
فعالَم الحيوان مسخَّرٌ: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ .
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ .
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ .
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:5-8].
وعالَم النبات كذلك:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ .
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:10-11].
وكذلك عالَم البحار:
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا
وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:14].
كل هذه العوالم من المخلوقات سخَّرها الله سبحانه للإنسان، إن
"هذه النظرة إلى الكون لها أهميتها في نفس الإنسان وفكره ووجدانه؛
فالكون ليس إلهًا يُرجى ويُخشى، كما تُصَوِّره بعض الديانات التي تُؤَلِّهه،
أو تُؤَلِّه أجزاءً منه... والكون ليس عدوًا للإنسان يريد
أن (يقهره)، كما يُعَبِّر الغربيون عادة عن (قهر الطبيعة)،
بل هو مخلوق مسخَّر للإنسان، ولخدمة الإنسان ومنفعة الإنسان
" (يوسف القرضاوي؛ رعاية البيئة في شريعة الإسلام، ص: [34]).
إنه ليبدو شيئًا في غاية العُسر إذا نزع الله هذا التسخير من الكون،
وأصبحت لكل الكائنات إرادات حُرَّة، تستطيع بها أن تعاكس إرادة الإنسان لو أرادت،
أو على الأقلِّ إذا أصبح الإنسان لا يستطيع استعمال شيء إلا إذا توصَّل معه إلى
توافق واتفاق؛ تُرَى كيف يُصبح الحال لو أن الأرض عَنَّ لها ألا تكون مهادًا،
وأن تكون صخورًا أو جبالًا أو قطعًا من الجزر المنتثرة؟! أو إذا خطر للسماء
أن تمطر حينًا، وترسل شهبًا حينًا، وتُنْزل الصواعق حينًا؟! كيف يُصبح
الحال لو تمرَّدَت الخيل والبغال والحمير، والسفن والقطارات والطائرات، فلم تسمح للإنسان باستعمالها؟!
تلك نعمة نادرًا ما تجد مَنْ يشعر بها ويُقَدِّرها، ويشكر الله عليها؛
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ
أَفَلَا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ
إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص:71-72].
خامسًا - مستقر ومتاع إلى حين:
وأخيرًا.. فإن هذا الكون -في التعريف الإسلامي- مستقرٌّ للإنسان ومتاع له،
حتى وقت محدَّد، قال سبحانه: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة من الآية:36].
يقول الشيخ رشيد رضا: "في الكلام فائدتان؛ إحداهما: أن الأرض ممهَّدة ومهيَّأة
للمعيشة فيها والتمتُّع بها، والثانية: أن طبيعة الحياة فيها تُنافي الخلود والدوام"
(رشيد رضا: تفسير المنار: [1/231]).
في تلك الآية عرَّف الله الأرض للمسلم بثلاثة أشياء:
1- (المستقر): وهو موضع الاستقرار[9].
2- (والمتاع): وهو كل ما استُمتع به من شيء، من معاش استُمتع به أو رِياش[10]
أو زينة أو لذَّة، أو غير ذلك (الطبري؛ جامع البيان عن تأويل آي القرآن: [1/540]).
3- (إلى حين): أي إلى انتهاء الأجل أو انتهاء الحياة الدنيا.
ومن هذه الخصائص الثلاثة للأرض يرتبط الإنسان معها بشعور الحبِّ والاطمئنان
كمستقَرٍّ، وينتفع منها بالمصلحة وباللَّذة كموضع للمتاع، ثم هو إذ يتعامل معها يُدْرِكُ
أنها دارُ ممرٍّ، وفترةٌ ما تلبث أن تنتهي، بما يجعله مُلْزَمًا بتقوى الله فيها؛ لأنه بعد
حين مسئول عنها أمام الله سبحانه.
وبالجملة: "فالإسلام يعقد صداقةً قويةً بين الكون والإنسان، صداقة الأخوَّة في الصدور
عن الله عز وجل وقد كشف العلم الحديث عن وَحدة البناء في الكون والحياة والإنسان
- وصداقة العبادة المشتركة والتسبيح المشترك لله سبحانه، وصداقة الإحساس بتسخير
الكون لمنفعة الإنسان. ويوقع نغمة الحب للكائنات الحية التي تشارك الإنسان سكنى الأرض"
(محمد قطب؛ منهج التربية الإسلامية، ص: [145]).
هذا هو التصور الكامن في وجدان المسلم للكون:
1- أنه من خلق الله.
2- وأن تلك العوالم من حوله أمم أخرى مثل عالم الإنسان.
3- وأنه دليل وصورة لقدرة الله الذي خلق كل شيء بقدر.
4- وأنه مخلوق له، ومسخَّر لمنفعته.
5- وأنه مستقرٌّ ومتاع إلى حين.
وصلنا الى ختام الموضوع ...
المصدر موقع طريق الاسلام ....
والى لقاء قريب =)
[/TBL]