- إنضم
- 17 سبتمبر 2013
- رقم العضوية
- 1108
- المشاركات
- 114
- مستوى التفاعل
- 26
- النقاط
- 270
- توناتي
- 0
- الجنس
- ذكر
LV
0
[frame="4 10"]
{1} عن أسامة بن زيد رواه النسائي، الإمام أحمد {2} عن عَطَاءِ بن يَسَارَ جامع المسانيد والمراسيل (ابن شاهين في التَّرغيب) {3} المستطرف في كل فن مستظرف للأشبهى {4} رواه البزار {5} رواه أحمد عن أنس {6} أخرجه أبو يعلى من حديث أنس.
شهر شعبان يتشعب ويتفرع فيه الخير لعباد الله المؤمنين وقد أحياه رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم بصنوف الطاعات وأنواع القربات وبين أنه شهر كريم عظيم على الله فكان يحييه تارة بالصيام ومرة بالقيام، ومرة بتلاوة القرآن، ومرة بزيارة البقيع، والترحم على موتى المسلمين، ومرة بالتصدق على الفقراء من المسلمين، وعندما سئل صلى الله عليه وسلم عن سر اهتمامه بهذا الشهر قال صلى الله عليه وسلم: {ذ?لِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَـــــيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ}{1}
إذاً فهو شهر رفع الأعمال، ورفع الأعمال على صحيح الأقوال يتم في هذه الليلة التي نحتفي بها اليوم في ليلة النصف من شعبان، فإن هذه الليلة يتجلى فيها الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم على اللوح المحفوظ الذي حفظه الحفيظ من التبديل والتغيير فيظهر فيه كل شئ يتعلق بالكائنات إلى مثل هذا الوقت من العام القادم إن شاء الله.
فتتسارع الملائكة كل منهم ينسخ وينقل ما هو مكلف به، ملك الموت ينسخ الأموات وأعمارهم وأوقاتهم وآجالهم والهيئة التي يأخذهم بها ويقبضهم عليها كما حددها العزيز الحكيم ولذا يقول سيدنا عبد الله بن عباس: {إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، نَسَخَ المَلَكُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ شَعْبَانَ إِلى? شَعْبَانَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَظْلِمُ، وَيَتَّجِرُ وَيَنْكَحُ النسْوَانَ، وَقَدْ نُسِخَ اسْمُهُ مِنَ الأَحْيَاءِ إِلى? الأَمْوَاتِ، مَا مِنْ لَيْلَةٍ بَعْدَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا}{2}
ملك الأرزاق يأخذ نسخ الأرزاق التي تجلى له بها حضرة الرزاق، ويأمر الملائكة الذين يرأسهم أن يوزعوا هذه التعليمات على أصحابها، فيمشي الإنسان ويسعى ويجدُّ ولا يحصل إلا على ما قدره له الرزاق الكريم.
وروى فى الأثر أن ربَّ العزة قال: {يا ابن آدم لا تخافن من ذي سلطان ما دام سلطاني باقياً، وسلطاني لا ينفد أبداً، يا ابن آدم لا تخش من ضيق الرزق ما دامت خزائني ملآنة، وخزائني لا تنفد أبداً، يا ابن آدم لا تأنس بغيري، وأنا لك، فإن طلبتني وجدتني، وإن أنست بغيرك فتك وفاتك الخير كله، يا ابن آدم خلقتك لعبادتي، فلا تلعب، وقسمت رزقك فلا تتعب، وفي أكثر منه فلا تطمع، ومن أقل منه فلا تجزع، فإن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك، وكنت عندي محموداً، وإن لم ترض بما قسمته لك فو عزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البر ولا ينالك منها إلا ما قد قسمته لك، وكنت عندي مذموماً، يا ابن آدم خلقت السموات السبع والأرضين السبع، ولم أعي بخلقهن أيعينني رغيف أسوقه لك من غير تعب، يا ابن آدم أنا لك محب، فبحقي عليك كن لي محباً، يا ابن آدم لا تطالبني برزق غد كما لا أطالبك بعمل غد، فإني لم أنس من عصاني، فكيف من أطاعني وأنا على كل شيء قدير، وبكل شيء محيط}{3}
فالقدير عز وجل يكشف ألوح التقدير في هذه الليلة حتى يحصل أهل الدواوين الإلهية على التكليفات التي يكلفهم بها رب البرية. ديوان الأرزاق رئيسه ميكائيل، وديوان الهواء والأنفاس والصحة رئيسه إسرافيل، وديوان الآجال والأعمار ورئيسه عزرائيل، وديوان الإيمان والتقى والإلهام والرؤيات الصالحة والمبشرات المنامية والإلهامات القدسية والعلوم اللدنية ورئيسه جبرائيل ، دواوين ودواوين يقول فيها الحميد المجيد: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} المدثر31
كل واحد يسارع إلى نقل تكليفه الذي يكلف به خلال العام في هذه الليلة المباركة من العام، ولذا لو كُشف القناع عن عين قلبك لرأيت السموات تعج بالحركة الكثيفة الكثيرة في تلك الليلة، الملائكة من كل صنف ومن كل لون مشغولون في تلك الليلة بنقل أعمالهم وأحوالهم ومهماتهم التي كلفوا بها من العلي القدير.
وأيضاً الملائكة الذين يصحبوننا فإننا جميعاً يتعاقب فينا ملائكة بالليل وبالنهار، عن اليمين وعن الشمال قعيد {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} 8
يتناوبون معنا إثنان منهم معك من الفجر إلى العصر وإثنان آخران معك من العصر إلى العشاء وإثنان آخران معك من العشاء إلى صلاة الفجر، فإذا نمت وقف أحدهم عند رأسك والآخر عند قدميك، وصاحب اليمين رئيس على صاحب الشمال، يحصون حركاتك ويكتبون جميع إشاراتك، إذا كانت حركة بالعين أو حركة باللسان أو حركة باليدين أو حركة بالرجلين أو حركة بعضو الذكورة كل حركاتك وسكناتك يكتبونها ويقيدونها وإن كانوا يتلقونها ويعرفونها أيضاً في ليلة النصف من شعبان ولذا يقول الله في شأنهم {كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{12} الانفطار
يعلمون مقدماً بتعليم الله لهم الأفعال التي ستفعلونها في هذه الحياة قبل أن يكتبونها، فإذا نمت ختموا عمل هذا اليوم وأحصوا ما فيه من حسنات وما فيه من زلات وهفوات لم نتب منها، لأنهم من كرمهم كما وصفهم الله (كراماً)، إذا عمل الإنسان الطاعة سارعوا في قيدها وتسجيلها قبل أن يندم عليها، وإذا فعل معصية أمهلوه لمدة ست ساعات لعله يتوب أو لعله يرجع أو لعله يندم أو لعله يأسف أو لعله يضرع إلى الله فلا يقيدون عليه هذا الذنب إلا إذا أصر عليه ولم يقدم طلباً إلى الله يرجو فيه أن يتوب عليه من هذا الذنب، ثم يرفعون العمل ويكتبون منه عدة نسخ نسخة تعرض على حضرة الله، ونسخة تعرض على سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا يقول صلى الله عليه وسلم: {تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ، فَإِنْ رَأَيْتُ خَيْراً حَمِدْتُ اللَّهَ، وَإِنْ رَأَيْتُ شَرًّا اسْتَغْفرَتُ لَكُمْ}{4}
فلكل مسلم هناك صورة من ملف أعماله عند سيدنا رسول الله، وكل حركة وكل سكنة وكل طاعة وكل عمل تعمله يحرر منه نسخة فورية وتتجمع في ختام اليوم وتذهب إلى خير البرية صلوات الله وسلامه عليه، لأنه الشفيع والمحامي والمدافع الذي يدافع عنك يوم القيامة والمحامي لابد أن يطلع على ملفات القضية كلها حتى يدافع بحق أمام محكمة ملك الملوك عز وجل عني وعنك. وقد قال صلى الله عليه وسلم {شَفَاعَتِي لأهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أمَّتِي}{5}
ونسخة ثالثة تذهب إلى ديوان الأعمال وديوان الأعمال تحت عرش ذي الجلال والإكرام في مكان يسمى سدرة المنتهى، لكل واحد منا قسم خاص به في ديوان الأعمال، ولكل واحد منا باب خاص به في السموات ينزل منه رزقه ويصعد منه عمله، ولا يغلق هذا الباب إلا إذا خرج النفس الأخير وغادر الدنيا وسافر إلى الدار الآخرة
وانظروا إلى عجائب قدرة الله لتعلموا عظم ملك الله، كيف أنه لكل مخلوق منذ آدم إلى يوم القيامة باب خاص به في السموات لا يُفتح إلا إذا وجد، ولا يغلق إلا إذا سافر، ولا يُفتح لغيره لأنه باب خصّه به ملك الملوك عز وجل، وهذا الباب خط بينك وبين ديوان الأرزاق والأعمال، كل ما لك عند الله يأتيك عن طريق هذا الخط، وكل ما تعمله يُرفع إلى الله عن طريق هذا الخط.
ونسخة رابعة من الصالحات فقط يحولونها لك إلى رصيدك في جنات النعيم، فإن كل واحد منا فتح له المولى الكريم حساباً عند الله في دار النعيم يُحوّل إليه طاعاته وتُترجم فيه حسناته، وتتحول الطاعات والقربات إلى العملة الباقية في الآخرة وهي الحسنات، وتظل في هذا البند إلى يوم الميقات
ونسخة خامسة بالمخالفات والزلات والمعاصي والكبائر والقبائح وتتحول إلى دار جهنم والعياذ بالله، إلى التحريات الإلهية وإلى النيابة العلوية في هذه الدار. فإذا تاب العبد حُفظ الملف وحُفظ المحضر الذي حُرر بهذا الذنب وبهذه السيئة، وإذا لم يتب يجمع الملك الموكل به - وكيل النيابة الإلهية الموكل به - يجمع محاضر مخالفاته وجرائمه وسيئاته حتى يعرضها على محكمة ملك الملوك يوم الدين، فإذا خرج وكانت سيئاته أكثر من حسناته، أمرت النيابة الإلهية ملائكة العذاب أن يقبضوا عليه ويضعوه في سجين في سجون البعد عن رب العالمين إلى حين وقت المحكمة الإلهية، وإذا كانت حسناته أكثر من سيئاته أمر الحرس الجمهوري الإلهي في جنات النعيم أن تخرج إليه تشريفة من جنات النعيم تتلقاه بالتعظيم والتكريم وتجلسه في روضة من رياض النعيم إلى يوم أن يلقى الكريم ليكرمه في يوم التكريم والتعظيم.
يفعلون هذا بالسجلات كل ليلة، فإذا كان يوم الخميس من كل أسبوع جمعوا عمل اليوم وأعادوا الكرّة وكتبوا نسخاً بعدد الأسبوع، فإذا كان ليلة النصف من شعبان فالملائكة الذين معي والذين معك الآن يقومون بالجرد السنوي لأعمالك كلها منذ شعبان الماضي إلى هذا اليوم، يسجلون الطاعات والقربات بأحرف من نور خالق الأرض والسموات، ويسجلون المعاصي والزلات بأحرف ظلمانية من جهنم والعياذ بالله، ثم يرفعونها في هذه الليلة إلى الله
ولذا وصانا النبي الكريم أن نقضي هذا اليوم وهذه الليلة في التوبة إلى الله وفي التضرع إلى الله وفي الاستغفار مما جنيناه حتى تُحفظ ملفات خطايانا وقضايانا ولا يكون لنا إلا ما ادخرناه في بنك مولانا عز وجل {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ} النح6
يجلس الإنسان في هذا اليوم ينظر فيما عليه من الديون لله وهو كريم وعفو ورحيم، إذا تاب العبد ماذا يفعل؟ يقول الله كما ورد بالأثر: {بشرى يا ملائكتي فقد اصطلح عبدي معي، افتحوا أبواب السموات لقبول توبته ولدخول أنفاس حضرته فلنفس العبد التائب عندي يا ملائكتي أعزُّ من السموات والأراضين ومن فيهن}
يفرح التواب على العبد إذا تاب ويسارع العفو للعفو عمن رجع إلى الله بالتوبة وحسن المآب، ويسارع الغفور فيغفر لمن طلب منه المغفرة في هذا اليوم الكريم يوم التوبة والمغفرة بل إن كرمه يتجاوز الحدود فقد قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ لاَ إِلهَ إلا الله أَتَتْ إِلَى صَحِيفَتِهِ فَلاَ تَمُرُّ عَلَى خَطِيئَةٍ إِلاَّ مَحَتْهَا حَتَّى تَجِدَ حَسَنَةً مِثْلَهَا فَتَجْلِسَ إِلَى جَنْبِهَا}{6}
تمحو كل الذنوب والعيوب حتى تصل إلى الحسنة السابقة، إكراماً من علام الغيوب
فسارعوا في هذا اليوم بالتوبة إلى الله والإقبال على الله حتى ترفع أعمالكم إلى الله وقد محيت سيئاتكم وقد تبدلت أوزاركم، وقد تضخمت ونمت وزادت أعمالكم وحسناتكم وقرباتكم فإن الله إذا علم صدق توبة عبده لا يكتفي بغفران الذنوب بل يمحو الذنوب ويضع بفضله مكان كل ذنب حسنة {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان70
حسنة لم تعملها ولم تفعلها ولكن هي تفضل من الكريم لصدقك في التوبة لله
إذاً فهو شهر رفع الأعمال، ورفع الأعمال على صحيح الأقوال يتم في هذه الليلة التي نحتفي بها اليوم في ليلة النصف من شعبان، فإن هذه الليلة يتجلى فيها الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم على اللوح المحفوظ الذي حفظه الحفيظ من التبديل والتغيير فيظهر فيه كل شئ يتعلق بالكائنات إلى مثل هذا الوقت من العام القادم إن شاء الله.
فتتسارع الملائكة كل منهم ينسخ وينقل ما هو مكلف به، ملك الموت ينسخ الأموات وأعمارهم وأوقاتهم وآجالهم والهيئة التي يأخذهم بها ويقبضهم عليها كما حددها العزيز الحكيم ولذا يقول سيدنا عبد الله بن عباس: {إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، نَسَخَ المَلَكُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ شَعْبَانَ إِلى? شَعْبَانَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَظْلِمُ، وَيَتَّجِرُ وَيَنْكَحُ النسْوَانَ، وَقَدْ نُسِخَ اسْمُهُ مِنَ الأَحْيَاءِ إِلى? الأَمْوَاتِ، مَا مِنْ لَيْلَةٍ بَعْدَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا}{2}
ملك الأرزاق يأخذ نسخ الأرزاق التي تجلى له بها حضرة الرزاق، ويأمر الملائكة الذين يرأسهم أن يوزعوا هذه التعليمات على أصحابها، فيمشي الإنسان ويسعى ويجدُّ ولا يحصل إلا على ما قدره له الرزاق الكريم.
وروى فى الأثر أن ربَّ العزة قال: {يا ابن آدم لا تخافن من ذي سلطان ما دام سلطاني باقياً، وسلطاني لا ينفد أبداً، يا ابن آدم لا تخش من ضيق الرزق ما دامت خزائني ملآنة، وخزائني لا تنفد أبداً، يا ابن آدم لا تأنس بغيري، وأنا لك، فإن طلبتني وجدتني، وإن أنست بغيرك فتك وفاتك الخير كله، يا ابن آدم خلقتك لعبادتي، فلا تلعب، وقسمت رزقك فلا تتعب، وفي أكثر منه فلا تطمع، ومن أقل منه فلا تجزع، فإن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك، وكنت عندي محموداً، وإن لم ترض بما قسمته لك فو عزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البر ولا ينالك منها إلا ما قد قسمته لك، وكنت عندي مذموماً، يا ابن آدم خلقت السموات السبع والأرضين السبع، ولم أعي بخلقهن أيعينني رغيف أسوقه لك من غير تعب، يا ابن آدم أنا لك محب، فبحقي عليك كن لي محباً، يا ابن آدم لا تطالبني برزق غد كما لا أطالبك بعمل غد، فإني لم أنس من عصاني، فكيف من أطاعني وأنا على كل شيء قدير، وبكل شيء محيط}{3}
فالقدير عز وجل يكشف ألوح التقدير في هذه الليلة حتى يحصل أهل الدواوين الإلهية على التكليفات التي يكلفهم بها رب البرية. ديوان الأرزاق رئيسه ميكائيل، وديوان الهواء والأنفاس والصحة رئيسه إسرافيل، وديوان الآجال والأعمار ورئيسه عزرائيل، وديوان الإيمان والتقى والإلهام والرؤيات الصالحة والمبشرات المنامية والإلهامات القدسية والعلوم اللدنية ورئيسه جبرائيل ، دواوين ودواوين يقول فيها الحميد المجيد: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} المدثر31
كل واحد يسارع إلى نقل تكليفه الذي يكلف به خلال العام في هذه الليلة المباركة من العام، ولذا لو كُشف القناع عن عين قلبك لرأيت السموات تعج بالحركة الكثيفة الكثيرة في تلك الليلة، الملائكة من كل صنف ومن كل لون مشغولون في تلك الليلة بنقل أعمالهم وأحوالهم ومهماتهم التي كلفوا بها من العلي القدير.
وأيضاً الملائكة الذين يصحبوننا فإننا جميعاً يتعاقب فينا ملائكة بالليل وبالنهار، عن اليمين وعن الشمال قعيد {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} 8
يتناوبون معنا إثنان منهم معك من الفجر إلى العصر وإثنان آخران معك من العصر إلى العشاء وإثنان آخران معك من العشاء إلى صلاة الفجر، فإذا نمت وقف أحدهم عند رأسك والآخر عند قدميك، وصاحب اليمين رئيس على صاحب الشمال، يحصون حركاتك ويكتبون جميع إشاراتك، إذا كانت حركة بالعين أو حركة باللسان أو حركة باليدين أو حركة بالرجلين أو حركة بعضو الذكورة كل حركاتك وسكناتك يكتبونها ويقيدونها وإن كانوا يتلقونها ويعرفونها أيضاً في ليلة النصف من شعبان ولذا يقول الله في شأنهم {كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{12} الانفطار
يعلمون مقدماً بتعليم الله لهم الأفعال التي ستفعلونها في هذه الحياة قبل أن يكتبونها، فإذا نمت ختموا عمل هذا اليوم وأحصوا ما فيه من حسنات وما فيه من زلات وهفوات لم نتب منها، لأنهم من كرمهم كما وصفهم الله (كراماً)، إذا عمل الإنسان الطاعة سارعوا في قيدها وتسجيلها قبل أن يندم عليها، وإذا فعل معصية أمهلوه لمدة ست ساعات لعله يتوب أو لعله يرجع أو لعله يندم أو لعله يأسف أو لعله يضرع إلى الله فلا يقيدون عليه هذا الذنب إلا إذا أصر عليه ولم يقدم طلباً إلى الله يرجو فيه أن يتوب عليه من هذا الذنب، ثم يرفعون العمل ويكتبون منه عدة نسخ نسخة تعرض على حضرة الله، ونسخة تعرض على سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا يقول صلى الله عليه وسلم: {تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ، فَإِنْ رَأَيْتُ خَيْراً حَمِدْتُ اللَّهَ، وَإِنْ رَأَيْتُ شَرًّا اسْتَغْفرَتُ لَكُمْ}{4}
فلكل مسلم هناك صورة من ملف أعماله عند سيدنا رسول الله، وكل حركة وكل سكنة وكل طاعة وكل عمل تعمله يحرر منه نسخة فورية وتتجمع في ختام اليوم وتذهب إلى خير البرية صلوات الله وسلامه عليه، لأنه الشفيع والمحامي والمدافع الذي يدافع عنك يوم القيامة والمحامي لابد أن يطلع على ملفات القضية كلها حتى يدافع بحق أمام محكمة ملك الملوك عز وجل عني وعنك. وقد قال صلى الله عليه وسلم {شَفَاعَتِي لأهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أمَّتِي}{5}
ونسخة ثالثة تذهب إلى ديوان الأعمال وديوان الأعمال تحت عرش ذي الجلال والإكرام في مكان يسمى سدرة المنتهى، لكل واحد منا قسم خاص به في ديوان الأعمال، ولكل واحد منا باب خاص به في السموات ينزل منه رزقه ويصعد منه عمله، ولا يغلق هذا الباب إلا إذا خرج النفس الأخير وغادر الدنيا وسافر إلى الدار الآخرة
وانظروا إلى عجائب قدرة الله لتعلموا عظم ملك الله، كيف أنه لكل مخلوق منذ آدم إلى يوم القيامة باب خاص به في السموات لا يُفتح إلا إذا وجد، ولا يغلق إلا إذا سافر، ولا يُفتح لغيره لأنه باب خصّه به ملك الملوك عز وجل، وهذا الباب خط بينك وبين ديوان الأرزاق والأعمال، كل ما لك عند الله يأتيك عن طريق هذا الخط، وكل ما تعمله يُرفع إلى الله عن طريق هذا الخط.
ونسخة رابعة من الصالحات فقط يحولونها لك إلى رصيدك في جنات النعيم، فإن كل واحد منا فتح له المولى الكريم حساباً عند الله في دار النعيم يُحوّل إليه طاعاته وتُترجم فيه حسناته، وتتحول الطاعات والقربات إلى العملة الباقية في الآخرة وهي الحسنات، وتظل في هذا البند إلى يوم الميقات
ونسخة خامسة بالمخالفات والزلات والمعاصي والكبائر والقبائح وتتحول إلى دار جهنم والعياذ بالله، إلى التحريات الإلهية وإلى النيابة العلوية في هذه الدار. فإذا تاب العبد حُفظ الملف وحُفظ المحضر الذي حُرر بهذا الذنب وبهذه السيئة، وإذا لم يتب يجمع الملك الموكل به - وكيل النيابة الإلهية الموكل به - يجمع محاضر مخالفاته وجرائمه وسيئاته حتى يعرضها على محكمة ملك الملوك يوم الدين، فإذا خرج وكانت سيئاته أكثر من حسناته، أمرت النيابة الإلهية ملائكة العذاب أن يقبضوا عليه ويضعوه في سجين في سجون البعد عن رب العالمين إلى حين وقت المحكمة الإلهية، وإذا كانت حسناته أكثر من سيئاته أمر الحرس الجمهوري الإلهي في جنات النعيم أن تخرج إليه تشريفة من جنات النعيم تتلقاه بالتعظيم والتكريم وتجلسه في روضة من رياض النعيم إلى يوم أن يلقى الكريم ليكرمه في يوم التكريم والتعظيم.
يفعلون هذا بالسجلات كل ليلة، فإذا كان يوم الخميس من كل أسبوع جمعوا عمل اليوم وأعادوا الكرّة وكتبوا نسخاً بعدد الأسبوع، فإذا كان ليلة النصف من شعبان فالملائكة الذين معي والذين معك الآن يقومون بالجرد السنوي لأعمالك كلها منذ شعبان الماضي إلى هذا اليوم، يسجلون الطاعات والقربات بأحرف من نور خالق الأرض والسموات، ويسجلون المعاصي والزلات بأحرف ظلمانية من جهنم والعياذ بالله، ثم يرفعونها في هذه الليلة إلى الله
ولذا وصانا النبي الكريم أن نقضي هذا اليوم وهذه الليلة في التوبة إلى الله وفي التضرع إلى الله وفي الاستغفار مما جنيناه حتى تُحفظ ملفات خطايانا وقضايانا ولا يكون لنا إلا ما ادخرناه في بنك مولانا عز وجل {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ} النح6
يجلس الإنسان في هذا اليوم ينظر فيما عليه من الديون لله وهو كريم وعفو ورحيم، إذا تاب العبد ماذا يفعل؟ يقول الله كما ورد بالأثر: {بشرى يا ملائكتي فقد اصطلح عبدي معي، افتحوا أبواب السموات لقبول توبته ولدخول أنفاس حضرته فلنفس العبد التائب عندي يا ملائكتي أعزُّ من السموات والأراضين ومن فيهن}
يفرح التواب على العبد إذا تاب ويسارع العفو للعفو عمن رجع إلى الله بالتوبة وحسن المآب، ويسارع الغفور فيغفر لمن طلب منه المغفرة في هذا اليوم الكريم يوم التوبة والمغفرة بل إن كرمه يتجاوز الحدود فقد قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ لاَ إِلهَ إلا الله أَتَتْ إِلَى صَحِيفَتِهِ فَلاَ تَمُرُّ عَلَى خَطِيئَةٍ إِلاَّ مَحَتْهَا حَتَّى تَجِدَ حَسَنَةً مِثْلَهَا فَتَجْلِسَ إِلَى جَنْبِهَا}{6}
تمحو كل الذنوب والعيوب حتى تصل إلى الحسنة السابقة، إكراماً من علام الغيوب
فسارعوا في هذا اليوم بالتوبة إلى الله والإقبال على الله حتى ترفع أعمالكم إلى الله وقد محيت سيئاتكم وقد تبدلت أوزاركم، وقد تضخمت ونمت وزادت أعمالكم وحسناتكم وقرباتكم فإن الله إذا علم صدق توبة عبده لا يكتفي بغفران الذنوب بل يمحو الذنوب ويضع بفضله مكان كل ذنب حسنة {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان70
حسنة لم تعملها ولم تفعلها ولكن هي تفضل من الكريم لصدقك في التوبة لله
{1} عن أسامة بن زيد رواه النسائي، الإمام أحمد {2} عن عَطَاءِ بن يَسَارَ جامع المسانيد والمراسيل (ابن شاهين في التَّرغيب) {3} المستطرف في كل فن مستظرف للأشبهى {4} رواه البزار {5} رواه أحمد عن أنس {6} أخرجه أبو يعلى من حديث أنس.
[/frame]