روابة كوكب الجريمة (1 زائر)


إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 
[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
%28123%291.gif


كيفكم آسرة أنمي تون
11%20%2844%29.gif
.. يارب تمام عال العال .!

.........................................
رواية كوكب الجريمة

للكاتبة المتألقة سلوى ابراهيم
%28123%291.gif


....................................

بين طيات ما كتبته يجتمع لنا الغموض وَ الأثارة الشك في الجميع و ظهور القاتل أخيراً
11%20%2844%29.gif



[ ملخــص الــروايــــــة ] ..

اسرة تتألف من ثلاثة ابناء وشقيقتهم يعيشون في كنف امهم الحنونة وابيهم رجل الاعمال المعروف وفير المال في مدينة الرياض في السعودية ..
بين ليلة وضحاها تتعرض هذه الأسرة السعيدة التي لا ينقصها شيء لمصائب تتراكم بسرعة البرق ..
الإبن البكر عبد الحميد يتوجه للدراسة في دولة الامارات ويعيش هناك مع كوكب ذات الاصول الروسية من جانب امها، وفي الرياض تقع جريمة قتل تروح ضحيتها شقيقته الوحيدة مروة. وبينما تتحدث الصحف عن تعرض مروة للاغتصاب قبل قتلها، يتولى المحقق الاول في المملكة ملف القضية ويوجه تهمة القتل تباعا لاشقاء المغدورة ولكوكب ..
يتخبط الجميع وسط شبكة كثيفة من الأدلة التي تدين بشكل قاطع كل واحد منهم على انفراد بانه القاتل الفعلي للشقيقة البريئة، الى ان تظهر الحقيقة الوحيدة التي لم يكن يتوقعها احد ويتم الكشف عن القاتل الحقيقي بفضل ذكاء أصغر الأشقاء الذي يعتبره الجميع نكرة لا فائدة منه ..

....................................

ملاحظة :: أخترت هذه الرواية خصيصاً لاشارككم فيها (والسبب يعود إلى أنني وددت أن تعيشوا الأجواء التي ممرت بها في آن قرأتي لها )

طلب ..(فضلاً لا أمراً) .. أود منكم أن تنتظروا مني نقل الأحداث لكم
11%20%2844%29.gif
وَ أن تكتبوا لي ماتظنونه وَ من تشتبهون بهم

فلا تستبقوا الأحداث بالبحث عنها :)



[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء الاول :


لم يخطر ببالي ابدا ان اتعرض لكل هذه الاحداث، كل هذا التعب والعناء كل هذا المجهود، كل هذا الحب. الهي كم كنت غبيا وكم كنت ساذجا.
انا عبد الحميد الشاب الوسيم، ابن الحسب والنسب. انا من ضحى من اجلي أشهر رجل اعمال في السعودية، الا انني خذلته! ... خذلته، ها انا اروي لكم قصتي وشعور بالألم لا يفارقني.
ترعرعت في بيت يخلو من مصائب الزمن ونكبات القدر اذ كانت حياتنا تنعم بالهدؤ وراحة البال. كنا عائلة مؤلفة
من ست افراد: ابي وامي انا واخوتي كمال وخليفة واختي الوحيدة المدللة مروة. يعتبر ابي من كبار رجال الاعمال في السعودية، اذ يدير الكثير من الشركات التجارية، التي تدر عليه كثيرا من المال وبفضله اصبحنا من ميسوري الحال.
كان ابي، رغم انشغاله باعماله، حريصا على الاعتناء بنا فتلقينا افضل تربية، وكان من خلال حرصه علينا يبعث فينا هيبته المفرطة، فقد كان غضبه شديدا وعقابه اشد. وكانت امي ربة البيت سيدة البيت الطيبة التي تقف الى جانب زوجها وتسانده في كل ما يقول او يفعل.
انهيت دراستي الثانوية قبل ثلاث سنوات، وكان والدي في غاية الاعتزاز بي. اذكر يوم تخرجي كيف كان فرح العالم كله يتجمع في وجهه وكأنه هو الذي نجح ونال ارفع شهادة، فدعا الاقرباء والاصدقاء للاحتفال بنجاحي، واهداني سيارة فخمة من احدث الموديلات. كان لنجاحي بصيص امل بالنسبة له بأن هناك من ابنائه من يشاطره عبء اعماله، فقد رسم لي ابي ان ابقى الى
جواره في شركاته وان ادير كل اعماله، بصفتي ابنه البكر.
وها انا الان اقبع وسط اربعة جدران، ورائحة نتنة، في غرفة مظلمة يتسرب اليها الضوء عبر نافذة صغيرة، استعرض في ذهني شريط كل الاحداث التي عشتها! من تسبب في هذا ؟ هل هو ابي ؟ هل هي امي ؟ ام هي زوجتي الاماراتية ؟
اذكر يوم تزوجت كوكب، الفتاة الاماراتية التي احببتها ايام الدراسة في الجامعة الامريكية في دبي فتاة احلام كل شاب، فائقة الذكاء والجمال.
كوكب من بيت ذي اصول عريقة ومعروفة، أمها روسية ووالدها اماراتي متزوج من امرأتين، الاولى اماراتية والثانية روسية وكان قد تعرف على زوجته الروسية اثناء عمله في روسيا.
لم تكن كوكب ترتدي الحجاب كما ارادت امي، لكن اجمل ما فيها انها تعرف حدودها وتحافظ على عادات مجتمعنا مع ان اسلوبها في اتباع الموضة كان على غير المعتاد بالنسبة لفتاة اماراتية.
ورغم هذا كنت اتقبل انا ذلك، فأنا معجب بها جدا ومهما بدر منها او صدر عنها كنت اراه جميلا.
حرص والداي على تربيتي وفق تعاليم الدين الاسلامي والعادات الاجتماعية المحافظة، فكنت لا اغفل صلاة او يوم صيام خلال شهر رمضان الكريم، الى ان بدأت دراستي في دبي فتكاسلت عن اداء الصلاة دون ان اقرر هذا، بل لأن الدراسة تستهلك كل وقتي اضافة الى الاجواء الجديدة التي لم اعتدها من قبل. واعترف ان كوكب كانت سببا آخر لتقاعسي عن الصلاة رغم انها لم تطلب مني ذلك ولو حتى بالتلميح.
كنت دائما الشاب الذكي الذي يقيس
خطواته جيدا فتوقع لي الجميع مستقبلا باهرا، بينما لم اكن اتصور على الاطلاق ان ارتباطي بعقد زواج سيكون من فتاة نصف اصولها روسية، ولم اكن اتخيل ان لهذا الزواج سيكون الاثر الكبير على امي التي لطالما تمنت ان تزوجني من فتاة مؤمنة ابنة لعائلة معروفة!
لم اكن اتصور ان اصراري على موقفي بالزواج من كوكب سيجلب لي المشاكل التي كنت في غنى عنها اثناء دراستي الجامعية، يا إلهي... ماذا فعلت يا عبد الحميد ماذا فعلت ؟
اقبع الآن في هذا السجن، يعتصرني الالم والغضب، تتدحرج دموعي بصمت وبلا استئذان. من كان سبب مأساتي ؟
حكايتي بدأت يوم زواجي من كوكب، ولعله من الصواب القول ان مشاكلي بدأت آنذاك.
مع بداية العام الثاني لدراستي الجامعية، قررت الارتباط رسميا بكوكب وصممت على ذلك وكأنه مشروع حياتي برمتها. تحدثت مع والدي هاتفيا من دبي، وابلغته بأني تعرفت الى فتاة اماراتية تدرس معي في الجامعة وارغب في الزواج منها كي استطيع التركيز في دراستي والارتياح نفسيا.

تقبل والدي الفكرة في البداية شرط ان يكون ذلك عاملا مساعدا على انجاز مهمتي الجامعية بنجاح وان لا يكون عائقا يشتت اهتماماتي!
اما امي فكانت في حيرة من امرها، ولم تكن واثقة من اختياري. فحلم امي يتلخص بعروس مميزة لابنها عبد الحميد، وها هو عبد الحميد يختار عروسه بنفسه، ناهيك عن انها عروس ليست سعودية وانما من دبي. ومع ذلك تمكنت شقيقتي مروة من اقناع امي برؤية العروس علها تغير موقفها.
ابلغت كوكب بان امي وابي ابديا موافقتهما المبدئية على زواجنا وانهما يرغبان بالتعرف عليها والتحدث مع ولي امرها. سعدت كوكب بهذه البشرى وبقيت حالمة متأملة الى ان جاء يوم اللقاء الموعود بين افراد الاسرتين.
طبع هذا اليوم في ذاكرتي الى الابد بصورة لا يمكنني استئصاله. فوالدتي اصيبت بالدهشة حين اجتمعت بام العروس الروسية "انستسيا"، التي تتحدث العربية بصعوبة بالغة، مع انها تعيش في دبي منذ 20 عاما!
كانت اولى كلماتها بعد اللقاء عبارة عن رشاش من الكلمات السريعة بنبرة ملؤها الاحتجاج وعدم الرضا، إذ قالت: ما هذه العروس الروسية ؟ أهذه هي حماتك ؟ ماذا حدث لك يا عبد الحميد ؟ هل تريدني ان اموت قهرا يا بني؟
بدأت امي تتذمر على مسمعينا انا وابي منذ ان خرجنا من بيت العروس الى ان وصلنا بيتي الخاص الذي كان ابي قد اشتراه لي مع بداية دراستي في دبي!
لا يا امي انا احبك كثيرا لكن كوكب فتاة رائعة، وهي بنت من عائلة معروفة ومحترمة ووالدها شخصية معروفة، انا على ثقة انك حين تتعرفي اليها اكثر ستحبينها اكثر- كانت اجابتي محاولة فاشلة لاقناع امي.
لا يا بني اذا تزوجت هذه الفتاة فلن اكون راضية، وهذا جوابي النهائي.
نعم كانت هذه اجابتها النهائية فعلا بينما لم يتخذ والدي موقفا مساندا لامي كليا، لكن تستحيل عليه الموافقة رسميا على زواجي دون موافقة امي. لهذا ابرم معي اتفاقا جانبيا ويا له من اتفاق!!
اتفقت مع والدي على انه سيقنع والدتي بأن اتزوج من كوكب شرط ان انهي السنة الثانية من دراستي في الجامعة الامريكية بنجاح، واذا فشل في اقناعها واصرت على موقفها فسيزوجني كوكب دون علم امي، على ان اسكن مع زوجتي في بيتي في دبي.
شعرت بالارتياح بعد هذا التفاهم مع ابي ولم اتمالك نفسي من شدة فرحتي فطرت الى كوكب ازف لها البشرى. تحدثنا طويلا حول مشروع المستقبل، وحلمنا سويا في عش الزوجية والاسرة الواحدة التي ننوي انشاءها لدرجة ان احلامنا سيطرت علينا فأقترحت كوكب انه لا ضير لو تزوجنا في الحال دون الانتظار حتى نهاية السنة الدراسية الثانية لأن النجاح مضمون، على ان يبقى الامر سرا نخفيه عن ابي بينما ستتولى كوكب مهمة اقناع والدتها بمرافقتنا ومساعدتنا في كل مراسم العقد والزواج وهي لن تمانع ذلك، بل ستسهم بدورها في اقناع والد كوكب.
اذن لا بأس، فنجاحي لا شك فيه لانني مثابر ولا اتهاون في كل ما يتعلق بدراستي. وكانت خلاصة ما توصلت اليه مع كوكب من "مؤامرة" انه مع نهاية العام الدراسي الثاني بالنجاح الذي كان كلانا يتوقعه، سوف نعد تمثيلية صغيرة امام ابي وكأننا نتزوج حينذاك او في اسوأ الحالات سنصارحه باننا تزوجنا وها نحن سعداء وبأنني ناجح في دراستي وكل شيء على ما يرام.
واخيرا تزوجت... تزوجت جميلة الجميلات، فتاة الفتيات، ذات الانوثة الطاغية، ذات القوام الرشيق، فتاة احلام كل شاب، كوكب.
اما الآن فلا يمكنني ان اصف مدى تعاستي وشقائي، السجن يزيد من معاناتي، وغصة ألم في حلقي تقتلني، ودموعي تفضحني، ولا تخفف عني آلامي لدرجة تجعلني اتلوى من شدتها.
عشقت كوكب بجنون، تزوجتها بموافقة والديها، لم نقم احتفالا كبيرا، بل قررنا ارجاء ا
لفرح حتى يتم الزواج المبارك من ابي وربما امي، وانتقلت زوجتي كوكب لتعيش معي في بيتي وكنا نتوجه صباحا معا الى الجامعة اذ ندرس سويا ادارة اعمال، وكانت حياتنا كلها هناءً وحبا غامرا وكأنه حلما جميلا لا ينتهي.
مرت السنتان بسرعة وفعلا تحقق المطلوب ونجحت في دراستي بتفوق والى جانبي كوكب، تحدثت مع ابي فورا، وذكرته بالوعد الذي قطعه لي، فبارك لي نجاحي وطلب مني التريث بعض الوقت. استفسرت عن السبب فأجاب انه يشعر بالارهاق الشديد، لذا عليه ان يلتقط انفاسه من العمل مدة اسبوع او اثنين وسيتحدث معي بعد ذلك حول اعداد كل شيء.
لم يزعجني ذلك ابدا، حبي لكوكب جعلني انسى الدنيا وما فيها ولا اشتاق لاحد غيرها، لم اسافر لزيارة اهلي ولم افكر حتى بزيارتهم فقد كانت كوكب تكفيني لتسد مكان الام والاب والاخ والاخت والاهل جميعهم، بقيت الى جوارها في دبي خلال العطلة الصيفية ورغم ذلك كنت دائم الاشتياق اليها. كنت اغار عليها كثيرا، لباسها اللافت وجمالها الساحر جعلها عنوانا للمعاكسات الدائمة التي كانت تغضبني باستمرار، وتثير بعض النقاشات الحادة بيني وبينها سواء وقع ذلك في الجامعة او في اماكن عامة اخرى كنا نتردد عليها.
وبينما كنت انتظر بفارغ الصبر مكالمة هاتفية من ابي يبلغني خلالها بأنه مستعد للبدء بإلاعداد لمراسم الزواج، اتصل بي شقيقي كمال، الذي لم يسبق ان حادثني منذ فترة طويلة.
وبصوت فيه نبرة حزن قال ان ابي نقل الى المستشفى وحالته حرجة يترنح بين الحياة والموت وأن علي الحضور فورا لان ابي طلب رؤيتي.
كان لهذا الخبر وقع الصاعقة علي وزلزلني بقوة وكأنه يوقظني من سبات عميق. هذه المكالمة الهاتفية عصفت بكياني ونفضتني حتى صرت لا اشبه نفسي، وايقظت بي الروابط الاسرية التي غفلت عنها وانا هائم بعشق كوكب. لجأت في بادئ الامر الى الصلاة، نعم لقد قمت وأديت ركعتين لله تعالى طلبا للمغفرة لابتعادي عنه والرحمة لوالدي.
فوجئت كوكب من سلوكي وغمرتني بنظرات كلها استفسار فابلغتها بأن ابي يرقد في المستشفى وبأن علي السفر فورا. لم تظهر على وجهها ملامح الحزن او التأثر لما سمعت مني، بل ابدت بعض الانزعاج لسفري لانني كنت قد وعدتها برحلة استجمام مع بعض الاصدقاء وسفري الفجائي يعني الغاء هذه الرحلة.
انطلقت بسيارتي نحو المطار وفي صدري شيء من الغضب لان كوكب لم تستفسر عن صحة والدي، ولم تطلب مرافقتي الى المستشفى لتطمئن على والدي ولم تفعل شيئا يمليه عليها الذوق السليم للاهتمام بوالد زوجها. نعم، طالما كانت جافة وباردة مثل امها "انستسيا" تماما، لكني لم اتصور ان يصل بها ذلك الى هذه الدرجة.
لا بأس، فما كان يهمني في تلك اللحظة هو حال ابي وليس كوكب او حتى امها "انستسيا" وطباعهما.
عند وصولي مدينة الرياض لم يكن احد ينتظرني في المطار، فطلبت الى سائق سيارة اجرة، ان يقلني الى المستشفى مباشرة، فأنا كنت على علم بالمستشفى الذي يرقد فيه والدي.
يزداد حزني على حالي في سجني. فلحظة دخولي المستشفى لم تكن في تصوري ولا في كوابيس احلامي، انها من اللحظات الغريبة التي لا افهم منها شيئا. انتظرني عند مدخل المستشفى اخي كمال واخبرني بأن ابي بخير، وانه ينتظرني في البيت. لم افهم ما معنى ذلك لكن احساسا بعدم الارتياح سيطر علي يوحي لي بأن الامر ينطوي على سر دفين لا اعلمه.
سألني كمال في الطريق ان كنت اطالع الصحف الاماراتية؟ وهل قرأت قصة الفتاة السعودية التي تم اغتصابها من قبل ثلاثة شبان ؟ ولما لم يسمع مني الاجابة، اخذ يسرد علي الواقعة بصورة مغلفة بكثير من الغرابة. فهو شقيقي واعرفه تماما ولكني ألاحظ ان طريقته في سرد ما حدث ليست كعادته، فهو بطبعه صريح جدا معي، وكان يعتبرني صديقا مقربا اليه قبل ان اكون شقيقه الاكبر. اجبته بانني لست على علم بهذه القصة وان ما يهمني الآن هو ابي وحالته الصحية، وبأنني اريد ان اطمئن عليه قبل كل شيء.
فجآة صرخ كمال في وجهي قائلا: "انت انسان اناني من الدرحة الاولى لا يهمك سوى نفسك ومصلحتك، منذ ان سافرت للدراسة في دبي لم تكلف نفسك عناء الاتصال باختك او بامك او باخوتك ولو مرة واحدة، انظر الى ما حدث لنا وانت غائب".
صدمني رد فعل كمال وصراخه بوجهي، فلم يسبق له ان تصرف بهذه الطريقة معي. سالته عما حدث؟
فاجابني بهدوء تام ان هذه القصة التي رواها لي ما هي الا مأسىة تعرضت لها لشقيقتي مروة، التي اغتصبها ثلاثة شبان اجانب يعملون في احد مصانع ابي، ثم قتلوها بعد فعلتهم القذرة وان هذا وقع منذ اسبوعين، وان اهلي قرروا ابلاغي بالخبر بعد ان نشرته احدى الصحف الاماراتية في صفحة ا
لحوادث، وكشفت هذه الصحيفة عن ان الفتاة الضحية هي ابنة احد رجال الاعمال المعروفين في السعودية، وخشية ان اجمع بنفسي خيوط ما وقع واتوصل الى الحقيقة المرة بأن المقصودة في الخبر هي شقيقتي، قرر اهلي اختلاق قصة مرض ابي، كي اعود بسرعة الى الرياض.
يا الهي .... لم اصدم من قبل كما صدمت بفاجعة وفاة اختي الصغيرة، رباه كم آلمني رحيلك يا اختي، خبر رحيلك سحقني يا صغيرتي يا حبيبتي ايتها الدلال والحنان، إلهي كم اشتاقك منذ الآن يا مروة.
كانت مروة على قدر كبير من الجمال، فهي ورثت العينين العسليتين عن امي ومنحها هذا اللون براءة الاطفال في نظراتها وكانت وجنتاها دائمة الاحمرار خجلا. كان تمزج مرحها بهدوئها مما يضفي على شخصيتها ملامح خاصة بها. كانت الاخت الحنون والصديقة الوفية التي تبادر الى اعداد المفاجآت، وكانت رزنامة كل المناسبات العائلية تنبهنا اليها. لم تنس يوما مناسبة تخص احدنا لا سيما مواعيد مناسبات تخص
ني. كانت تربطني بمروة الصغيرة علاقة مميزة، كنت بالنسبة لها الاخ الاكبر وولي امرها الاصغر، احن اليها واحميها، كان خوفي عليها واهتمامي بها يجعلاني اذهب يوميا لاحضارها من المدرسة، كانت تشبك يدها بيدي ونسير نحو البيت. وكانت تحب الحلوى وخصوصا تلك ذات مذاق العسل فكنت اشتري لها قطعة منها واقدمها لها قائلا: تفضلي يا احلى من العسل. اه اين انت الآن يا عسل....اين انت !!!
يا لاسفي عليك وعلى نفسي، فانشغالي بتحقيق طموحاتي وعشقي لكوكب انساني اهلي، اه يا اختاه كم اشعر بالاسف على غيابي وابتعادي عنك دون ان احميك من اولئك الاوغاد.
تملكتني ثورة وهيجان ورغبة شديدة لمعرفة من اقترف هذه الجريمة، رغبة لمعرفة كل التفاصيل الدقيقة لما حدث كي تكتمل الصورة امامي وانتقم لاختي من هؤلاء الاوغاد، ولكن كمال يتكتم على الموضوع مشيرا الى ان الشرطة تحقق في القضية وانها ستعثر قريبا على القتلة.
لم افهم معنى كلمة قريبا وكيف لم يتم القاء القبض عليهم لغاية الان، ثم كيف تم اغتصاب اختي داخل مصنع ابي؟ لا بد انها كانت تزور المصنع برفقة ابي ؟ إذ لا يمكنها السفر بمفردها ابدا في السعودية !!
بذلت اقصى ما املك من جهد للمحافظة على هدوئي الى ان نصل بيتنا الذي كان ذات يوم واحة لراحة البال والهناء، واخاله الآن يدمي ألما وجدرانه موشحة بالحزن العميق، كئيبا مظلما يطغى عليه لون الموت.
وجدت امي ترتدي الاسود جالسة على الارض صامتة اخرستها فاجعة مقتل ابنتها الوحيدة، ووجدت ابي مستلقيا على السرير، ادهشته رؤيتي، وشقيقي خليفة يشرب الماء وينظر في فراغ امامه وكأنه لا يرى شيئا!
لم اعرف من اين ابدأ، وماذا اقول. توجهت لاحضن امي واواسيها لكنها استقبلتني ببرودة وبصورة غريبة جدا. لم افهم تصرفهم معي بهذه الطريقة، فانا عبد الحميد الذي يحبه الجميع والذي لم يخذل والديه يوما من الايام.
كانت ليلة غريبة لا اذكر كيف مرت، وهل كان ممكنا ان تمر ؟
في الصباح جلست للتحدث مع ابي الذي فاجأني بسؤاله غاضبا جدا: هل خذلتك يوما يا عبد الحميد؟ فاجبته: بالطبع لا يا ابي. فسألني مجددا هل خذلتك يوما يا بني ؟!
اصابتني الدهشة من تكرار سؤال ابي، وكأني انا المسؤول عن مقتل اختي، فلم اكن في حالة تسمح لي بالاجابة او التفكير حتى.
فتابع ابي: لا يمكنني ان انظر الى وجهك، اغرب عن وجهي واذهب الى احضان المجرمة التي قتلت اختك، اذهب الى زوجتك كوكب !!
ما ان نطق ابي بهذه العبارة التي ظننتها وليدة غضبه الشديد على مقتل اختي، ورغم دهشتي لعلمه بزواجي من كوكب، حتى اهتز باب البيت تحت وطأة طرق شديد، وما هي الا برهة حتى دخل عدد من رجال الشرطة يسألون عني!! هل انت عبد الحميد؟ اجبت بنعم. وعندها أبلغني احدهم باني متهم بقتل اختي مروة، وان علي مرافقتهم الى مخفر الشرطة.
الآن اجلس في غرفة مظلمة بعيدا عن الناس تحوم حولي شبهة قتل اختي الوحيدة التي كنت احبها من اعماق ذا
تي، اجلس في صمت رهيب احاول جاهدا تنشيط ذاكرتي كي استعيد تفاصيل ما حدث!! ماذا يحدث لك يا عبد الحميد ماذا يحدث ؟
وبينما كنت اصارع ذاكرتي، فاجأني شرطي اقتحم زنزانتي معلنا انه سيقتادني الى المحقق فيصل ليستجوبني. لفت انتباهي اسم المحقق فيصل الذي يتولى التحقيق في ملابسات هذه الجريمة، فاستفسرت من الشرطي هل من سيحقق معي هو المحقق المعروف فيصل، اجابني الشرطي بالايجاب. والمحقق فيصل معروف في السعودية بانه من افضل المحققين. وكانت اخباره المهنية تملأ عناوين الصحف كلما تمكن من الكشف عن جريمة والدفع بمرتكبيها للمثول امام العدالة، هذه الحقيقة منحتني شيئا من الارتياح لانني بريء ومع محقق جيد كفيصل لا بد ستظهر براءتي.
ادخلني الشرطي غرفة المحقق الذي بادر الى سؤالي إن كنت اريد كوبا من الماء، فقلت نعم، ثم سالني كيف اشعر؟ فأبلغته بأنني حزين على مقتل اختي، ولكني مصدوم من توجيه اصابع الشك والاتهام نحوي بمقتلها وانني لا استطيع تفسير ان ثلاثة شبان اغتصبوها ثم قتلوها، ثم بعد ذلك اكون انا المتهم بينما انا كنت اتواجد في الامارات وقت وقوع الجريمة!!
اجابني المحقق فيصل: اسمع يا بني لقد سبق لي ان حققت مع مئات المشتبه فيهم. منهم من كان مظلوما ومنهم من كان مجرما، وانا اتمتع بنظرة ثاقبة تساعدني على التعرف على الشخص الماثل امامي، لهذا ارجوك لا تحاول التعامل معي وكأني غبي.
اجبته بأنني لا افهم شيئا مما يقول، وانني بريء ولا شك في ذلك، وانه اذا كان يملك الدليل على ادانتي فليواجهني به
ضحك المحقق فيصل وقال دليل ؟ لدينا ادلة وادلة كثيرة.
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]
[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء الثاني :

ادهشتني كثيرا اجابته خاصة وانه بدا واثقا مما يقول، فبدأت ثقتي بنفسي تتزعزع وتساورني تساؤلات: هل يعقل انني فعلت شيئا دون ان ادري ؟ ما الذي جرى بالتحديد ؟ عدت مجددا الى توجيه سؤالي السابق الى المحقق فيصل: ما هو هذا الدليل؟
انفرجت اسارير المحقق عن ابتسامة تشهد على خبث صاحبها وسألني: كيف كانت علاقتك باختك خلال السنة الاخيرة؟
اجبت بان علاقتنا لم تكن قريبة كما في سنوات سابقة، وانني هاتفتها مرة او مرتين منذ بدء دراستي في دبي لاستفسر عن حالها، لا اكثر!
فقال المحقق: أهذا كل شيء ؟ ألم تكن هناك هدايا ؟ ألم تكن في الامر رسائل عبر البريد الالكتروني؟
قلت: ابدا، كل علاقتي مع اهلي منذ ان بدأت الدراسة سطحية، فالدراسة استحوذت على معظم وقتي اضافة الى التغيير في نمط الحياة الذي يعتبر جديدا علي في دولة ليست بلدي الذي اعتدت عليه.
رفع المحقق حاجبه بنوع من التعجب مما سمع ثم قال بصوت هادئ: اسمع يا بني! انا اعرف كل تفاصيل هذه الجريمة، وارجوك ان لا تتخيل انني اجلس هنا لألعب معك هذا الدور مدة طويلة، فليتك لا ترهقني وتخبرني بكل التفاصيل وبصراحة، لأن الكذب لن يفيدك بل سيعقد موقفك في القضية.
سالت: ماذا تعني ؟
اجاب بسؤال مضاد: لماذا لا تقل لي بصراحة انك متزوج من فتاة تدعى كوكب، وهي السبب الرئيسي في ابتعادك عن اهلك ؟
رددت عليه وفق اسلوبه بسؤال جديد من طرفي: وما دخل هذا الموضوع في القضية ؟ وما هو الدليل الذي تدعي انه موجود ؟
اجابني المحقق فيصل وهذه المرة بنبرة شبه عصبية: انت تحب ان تلعب دور البريء وانك لا تعلم شيئا، اليس كذلك ؟
قلت: ابدا، انا لا ادري لماذا انا هنا ؟ انا اعيش منذ سنتين في الامارات، وحضرت امس في اول زيارة لي للسعودية، واختي تعرضت لجريمة قتل منذ قرابة اسبوعين، قل لي انت كيف توجهون اصبع الاتهام نحوي؟!
اجاب المحقق فيصل: أحقا امس كانت زيارتك الاولى للسعودية ؟ انظر الى هذا ..
وناولني المحقق جواز سفري السعودي، وارادني ان اتأمله.
فسالته: ماذا تريد ان ارى؟ انه جواز سفري فعلا ؟
قال المحقق: انظر ما بداخله.
تصفحته ولم اصدق ما رأت عيناي، ختم معبر الحدود في جوازي يشهد على دخولي الاراضي السعودية، قبل حوالي اسبوعين ومكوث يومين كاملين!
قال المحقق فيصل: في هذين اليومين قمت بزيارة للسعودية، وخلالهما وقعت جريمة قتل اختك في منزل والديك بينما كانت لوحدها فيه، والادهى من ذلك ان القاتل دخل البيت عبر الباب الموصد مستخدما المفتاح، وباغت اختك وخنقها حتى لفظت انفاسها الاخيرة. كما انك قمت بهذه الزيارة من دون علم اهلك، والاهم من كل ذلك انك تملك الدافع لقتل اختك وهو تهديدها لك بانها ستبلغ امها بانك تزوجت من كوكب سرا عنها ولهذا عليك ان تطلقها فورا في حال اكتشفت والدتك هذا الزواج السري.
اصبت بدهشة كبيرة لما سمعت، فهو امر لا يصدق. كلمات المحقق فيصل قادتني الى استخلاص ان احدهم نصب لي فخا كبيرا، ووقعت فيه من حيث لا ادري.
حينها طلب مني المحقق فيصل ان افكر جيدا بالاعتراف لأن ذلك سيكون في مصلحتي خلال مجريات القضية، ثم نادى الحاجب وامره باعادتي الى زنزانتي المظلمة الى حيث كنت، اعتقادا منه انه لربما اقرر الاعتراف بعد قضائي مزيدا من الوقت فيها.
جلست في الزنزانة اندب حظي ويكاد البكاء يغلبني، تارة اضرب كفا بكف وتارة اضرب راسي بالحائط علني استرجع ما قد فاتني دون ادراكي ولكن هيهات. تمالكت اعصابي، وقلت في نفسي انه ينبغي علي ان استعيد جيدا كل ما حدث لي خلال الاسبوعين الاخيرين، من يدري فلربما اتمكن من فك طلاسم ما حدث. في هذه الاثناء بدأ سيل الشكوك يتسرب الى ذهني بأن لزوجتي كوكب ضلعا في ما حدث او على الاقل انها على علم بأمور لا اعلمها انها. وعادت الى ذهني في هذه اللحظة بالذات صورتها حين سافرت الى السعودية آخر مرة وكم كانت غريبة الاطوار وكأنها تخفي عني شيئا خطيرا!! لا لا لا ...
كوكب ودعتني وكانت وكأنها تودعني الى الابد! فقد بدا عليها ذلك جليا رغم انهماكي بفكرة ان ابي بحالة خطرة ويرقد في المستشفى، ولكن مثل هذه التفاصيل التي بدت لي واهية في بادئ الامر لم تكن لتستوقفني، اما الآن وانا املك كل وقت الدنيا للتفكير ومراجعة التفكير والتحليل والاستخلاص، يقودني تفكيري الى ان كوكب تعلم ما لا اعلمه، اذن كوكب هي من قامت بتلفيق هذه القضية لي ؟
لكن لماذا تلفق لي كوكب هذه القضية وانا زوجها الحبيب، الذي فعل كل شيء من اجلها، وتزوجها خارجا عن طاعة اهله، ورغم انف الجميع، كيف لها ان تكيد لي مثل هذه المكيدة وانا لم ارفض لها طلبا في يوم من الايام ؟
يجب ان اتحدث معها وافهم الحقيقة منها كي لا اظلمها باستنتاجاتي. ولكن كيف الاتصال بها والتحدث معها وانا قابع في هذه الزنزانة المظلمة المخيفة؟
بدأت اراجع في ذهني بقية ما سمعته من المحقق فيصل. وتساءلت كيف تم ختم جوازي في المعبر الحدودي وانا لم استخدمه في سفري بل لم اسافر الى السعودية، فمن اين جاء هذا الختم دون علمي، لا بد ان هنا شيئا خارقا اقوى مني يتصرف بي دون ادراكي! من يا ترى حاك كل هذه المؤامرة المعقدة للايقاع بي ؟
في هذه اللحظة قفز الى ذهني ان كوكب طلبت مني جواز سفري قبل شهر تقريبا، للحصول على تاشيرة دخول لانجلترا التي كنا ننوي التوجه اليها في رحلة استجمام برفقة عدد من الاصدقاء.
حسنا، اذا هي كوكب ال
تي نسجت خيوط هذه المؤامرة. لقد اتضحت الامور الآن، فهي الوحيدة التي يمكنها تصفح بريدي الالكتروني، وان تمس جواز سفري، وهي الوحيدة التي يمكن ان تكون قد تحدثت الى اختي واخبرتها بزواجنا.
لكني لا افهم ما هي مصلحة كوكب في كل ذلك ؟ فانا زوجها وحبيبها ؟ ولولا حبها لي لما تزوجتني رغم كل الظروف الصعبة التي واجهتنا سويا في سعينا للارتباط بعقد زواج؟
دماغي ستنفجر ولم اعد اقوى على استيعاب شيئا مما يدور حولي باب زنزانتي طالبا مني الاستعداد لاستقبال زوار. قلت لنفسي لعلها كوكب حبيبتي جاءت لتطمئن علي، فانا ظلمتها بأفكاري غير السوية. ولكن سرعان من تبين لي ان من جاء لزيارتي هو ابي يرافقه اخي كمال. بدا الارهاق واضحا على وجه ابي. قد يعود سببه الى قلة النوم. ايعقل ان يمر والدي بهذه المحنة القاسية بعد ان انعم على ابنائه بهذا الكم من الحب والعطاء وبعد ان كان يلبي لاولاده كل مطالبهم، هل يعقل ان يردوا له صنيعه ! انا واثق من حب كوكب لي، رددتها لنفسي هامسا ببطء وبهدوء، ومع ذلك لم اعد متيقنا من شيء سوى انني الآن في هذه الزنزانة اللعينة.
استيقظت صبيحة اليوم التالي فوجدت الحقيقة ماثلة امامي انني فعلا في هذه الزنزانة المقرفة، بعد ان ظننت انني اعيش كابوسا وانه لا بد ان ينجلي عند استفاقتي ولكن الحقيقة صدمتني قبل الافطار بوجبة من التعاسة تكفي مدينة بأكملها.
انتشلني من افكاري المشؤومة صوت مفتاح السجان الذي فتبهذه المصيبة المزدوجة: القتيلة ابنته والقاتل ابنه؟؟؟
وقبل ان ينبس اي منهما بكلمة، استبقتهم قائلا بكل اصرار وحدة: انا بريء يا ابي، انا بريء يا اخي !!
قال كمال: اسمع يا عبد الحميد سيزورك اليوم محام يدعى سليم عبد الله، اظنك سمعت عنه، فهو من افضل المحامين في المملكة، فإن كنت بريئا كما تدعي، سوف يظهر الله براءتك، وسنسامحك، لكن ...
سكت كمال قليلا وهز راسه وكأنه متأكد من انني قاتل شقيقتي، وانني لست
بريئا. ولكنه تابع قائلا: لكن والله العظيم ورحمة اختي، اذا كنت انت الفاعل فلن نسامحك مهما كان، لا انا ولا ابي ولا امي ولا اخاك خليفة.
نهضت من مقعدي مسرعا وركعت على ركبتي امام ابي وبدأت اقبل يديه مستجديا منه ان يثق بكلامي، وعندما رفعت عيني اليه لاحظت بريق دموع لا يسمح لها ابي بمغادرة مآقيه حفاظا على كبريائه وجلده امام ابنائه فرددت بصوت مسموع فيه الرجاء والاستعطاف والانكسار: انا بريء يا ابي انا بريء، اقسم برحمة اختي الغالية انني بريء، لماذا اقتل اختي حبيبتي لماذا ؟ والله على ما اقول شاهد.
هل تذكر يا عبد الحميد ؟ هل تذكر؟
قالها ابي بصوت هادئ وحزين، وفي اعماقي ادرك ما الذي سيقوله ابي، فهو يحاول ان يذكرني بشجار حدث بيني وبين شقيقتي مروة حين كنت طالبا في المرحلة الثانوية، حين ضربت مروة بعد ان لاحظتها تخلتس الحديث بالهاتف، ولم تشأ ان تخبرني مع من كانت تتحدث. وبعد ذلك اعترفت لي انها كانت تتحدث مع ابي، الذي وعدته بأنها لن تخبر احدا عن المفاجأة التي كانت تحضرها لي بمناسبة عيد ميلادي.
حينها طلبت من مروة ان لا تخبر احدا بأنني ضربتها وان تسامحني على فعلتي، لكن لم يصدق احد روايتها لان علامات الضرب كانت واضحة على وجهها، وعندما سالني ابي عن ذلك اقسمت اغلظ الايمان كذبا بأنني لم اضربها، مما جعل ابي يغضب مني مدة اربعة اشهر كاملة، وهذا دفعني الى الغضب من نفسي لدرجة الندم الشديد.
اجبت ابي: نعم اذكر يا والدي الحبيب، لكني آنذاك كنت شابا طائشا، وخشيت عقابك لي وغضبك علي، فغضبك صعب جدا، وانا لا احتمله، ولهذا اضطررت للكذب، لكني وعدتك منذ ذاك الحين ان لا اكرر ما فعلت، وقد سامحتني.
تدخل كمال وقال: نعم سامحك ابي لكنه لم ينس لك هذه الفعلة، فاختك كانت ابنته المدللة والعزيزة على قلبه، وها انت تأتي الى السعودية سرا، تدخل البيت بمفتاحك الشخصي وتقتل اختك، وحتى ساعة يدك وجدت الى جانب جثة المغدورة، كل ذلك لكي لا تفشي سر زواجك من ابنة الروسية، وبعد كل هذا تريدنا ان نثق بأقوالك ؟ مستحيل.
وجهت جوابي لابي: لكني لم افعل يا ابي ؟ وحتى ان كان هذا الكلام صحيحا، فانت تتذكر وعدك لي بأن تزوجني كوكب بعد نجاحي، اي غلطتي لا تستحق ان اقتل اختي مهما كان الثمن.
ومن جديد جاءني الرد من كمال بصوت مرتفع: يا عبد الحميد كلنا يعلم ان ابي لن يزوجك كوكب اذا علم انك تزوجتها دون علمه، وانت تعلم انه في حال قامت المرحومة اختك بكشف الحقيقة امام امي فان ذلك كان سيؤدي الى نهاية زواجك من كوكب،
بل يمكن ان يكون سببا لمقاطعة والدي لك. كفاك يا عبد الحميد.
في هذه اللحظة، صاح الشرطي من بعيد ان الزيارة انتهت وان على الزوار المغادرة، فلم استطع ان اكمل دفاعي عن نفسي، وعلى ما يبدو انه سيكون من العسير جدا اثبات براءتي في قضية مهما كنت واثقا من براءتي منها في حين يقف جميع افراد اسرتي ضدي، فعادت الشكوك تطاردني وتصوب سهامها نحو زوجتي. لا احد لا احد يقف الى جانبي.
جلست في زنزانتي، بعد ان شعرت بالشلل يصيب كل حواسي لشدة القلق والغموض، ولم استطع ربط أي شيء من خيوط الاحداث، حتى اخرجني من هواجسي صوت الشرطي يبلغني ان المحامي سليم عبدالله، حضر لمقابلتي.
اجلسوني في غرفة مرتبة ودخل بعد برهة من الزمن المحامي سليم، الذي يعتبر من افضل المحامين في السعودية، والذي تتردد عنه قصص عجيبة من النجاحات في ملفات قضائية تكاد تكون مضمونة الخسارة فيحول مجراها ليفرج عن المتهم مع نهاية المرافعات. هيئته توحي بأنه رجل صلب، انه طويل القامة مما يضفي على شخصيته هيبة تقارب الرهبة. يقول مقربوه انه لم يخسر قضية في حياته في المحاكم، حتى انني استغربت كيف وكله اخي وابي للدفاع عني مع انهما لا يشككان في براءتي.
كيف حالك يا عبد الحميد؟ سالني المحامي سليم.
اجبته وكأني اشكي همي له: لست بخير.
لم يستهجن المحامي جوابي فأردف قائلا: نعم، اعتقد ذلك.
سألته مباشرة: أانت المحامي الشهير سليم عبد الله؟
فقال: نعم انا. وتابع يقول: اسمع يا بني، انا لا اريد ان اضيع الوقت الثمين، وساخبرك بالحقيقة كما هي، انا صديق والدك منذ سنين، وادرك جيدا مدى حب والدك لك، وانه يتمنى ان لا تكون انت مرتكب هذه الجريمة الشنيعة، ولهذا توجهت انا الى ابيك بطلب المرافعة عنك، ايمانا مني ببراءتك. مع ان اخاك كمال اعترض بشدة، ولكن والدك وافق في النهاية على توكيلي.
شعرت بالارتياح بأن سندا قويا يقف الى جانبي فقلت: شكرا سيد سليم، واتمنى ان تثق في اقوالي، فانا بريء فعلا من هذه التهمة البشعة، فانا لم ارتكبها.
نظر الي المحامي سليم وقال بهدوء ووقار: نعم، عليك ان تكون بريئا لكي ادافع عنك، فهذه وظيفتي. واتمنى ان تعلم ان ادلة الاتهام ضدك
مقنعة جدا، والمحقق فيصل الذي يحقق في هذه القضية يعتبر من افضل المحققين في المملكة، لهذا مهمتنا ستكون صعبة جدا، وكلي امل ان تساعدنا كي نصل الى حل لغز هذه الجريمة.
ازداد اطمئناني لهذا المحامي وقلت بنبرة فيها نوع من استعادة القوى الخائرة: استاذ سليم انا بريء ولا اعرف كيف تم ختم جواز سفري بدخولي السعودية وخروجي منها، حقا لا اعرف.
فأجابني المحامي وكأنه ينوي التحدي حتى النهاية: هذا واحد فقط من الادل
ة يا بني، هناك رسائل التهديد الى مروة عبر البريد الالكتروني، وهناك المفتاح الذي فتح الباب ودخل منزل والديك، وهناك الدافع للقتل، هذه ادلة كثيرة واخطاء كثيرة في جريمة واحدة، اذا فهمت قصدي.
لم ادرك ماذا يعني المحامي فسألته: لا، لم افهم قصدك! ماذا تعني ادلة كثيرة واخطاء كثيرة في جريمة واحدة؟
فأجاني موضحا: من مجمل القصص التي رواها والدك عنك ادركت انك شخص ذكي جدا يا عبد الحميد، واعجبت بذكائك جدا، وا
عتقد ان من يريد، تنفيذ جريمة قتل، لا يرتكب كل هذه الاخطاء المتعمدة في جريمة واحدة. هذا كم كبير جدا من الاخطاء، واذا كان المجرم قد ارتكبها جميعها دون وعي فحسب رأيي لست انت هذا المجرم الذي يفتقر الى الذكاء.
واضاف المحامي: سأتركك الآن وسأسافر لملاقاة زوجتك كوكب، لأن بعض الاجابات التي ابحث عنها موجودة لديها بالتاكيد، واذا امكن ساطلب منها مرافقتي في عودتي الى هنا وقد توافق على ان يرافقها والدها.
سرو من لفقها يعرفني جيدا، ومن لفقها لديه امكانية الوصول الى ساعة يدي التي فقدتها قبل نحو اسبوعين، ولديه امكانية الوصول الى جواز سفري، كما لديه امكانية مطالعة بريدي الالكتروني، واستخدمه للرد من خلاله، ومن لفق لي هذه التهمة باستطاعته كذلك ان يخبر اهلي بزواجي.
حسنا من الشخص الذي تنطبق عليه كل هذه المواصفات؟ لا احد سوى كوكب، زوجتي التي احببتها، هي من قتلت اختي، انها هي ولا احد سواها.
لا لا لا لا... مرت بهذه الخطوة وقلت بحماس: نعم، اتمنى ان تأتي كوكب، مع اني لست متاكدا من ذلك.
وحاول المحامي يوسف من تهدئة حماسي فقال: تذكر انه في المرة القادمة عندما آتي لزيارتك سأملك معلومات اكثر، واريدك ان تفكر مليا بما قلته لك وان تحلل كل شيء بجدية تامة، فأنا اتوقع في المرة القادمة ان احصل منك على اجابات افضل.
عدت الى وحدتي في زنزانتي واخذت استعيد حديث المحامي، فقد قالها لي بصراحة انه تم تلفيق الجريمة لي،
اذا اقول؟ كيف تقتل كوكب اختي وهي كانت الى جانبي طوال الوقت، ولم تتركني ابدا، ثم كيف يمكن لكوكب ان تضع ختما في جواز سفري، والسفر الى السعودية والتخطيط لكل هذه العملية الغريبة من الاساس. لا بد ان هناك حلقة مفقودة، لا بد ان يكون القاتل شخصا آخر، ولكن من يكون ؟ وما هي دوافعه؟
في اليوم التالي استدعاني المحقق فيصل للمثول امامه وكرر طلبه مني بالاعتراف ليكون موقفي في القضية افضل،
فأجبته بإصرار شديد بانني بريء.
وفجأة خطرت ببالي فكرة راقت لي، فسالت المحقق فيصل على الفور: كيف لك ان تكون واثقا من انني انا من دخل الاراضي السعودية؟ هل ختم جواز سفري عند معبر الحدود دليل كاف؟
نظر الي المحقق فيصل نظرة متمحصة وسألني مستغربا: الا يكفي هذا يا بني؟
قلت: نعم يكفي في اغلب الاحيان، ولكنني الآن متهم بجريمة قتل، ويجب ان تقوموا بتحريات جدية، اليس كذلك ؟
تململ المحقق وكأنه اعتبر كلامي بمثابة درس في عملية التحقيق التي يجيدها هو اكثر من غيره وقال: نعم، وفعلا اجرينا تحريات، حتى انني شاهدت كاميرات المطار في يوم دخولك الاراضي السعودية، وشاهدتك انت بالذات من خلال الكاميرات، وانت تقوم بختم جواز سفرك.
ثارت عصبيتي في هذه اللحظة: هذا مستحيل، اريد ان ارى هذه التسجيلات المصورة فلا يمكن ان اكون انا، هذا مستحيل.
في هذه الاثناء حاول المحقق تحويل اهتمامي الى اتجاه آخر يريده هو فقال: اليس من الافضل لك ان تعترف الآن؟
اجبته وكل اصرار الدنيا في عبارتي: لا، انا بريء، مع انني متاكد انك لم تشاهدني بواسطة كاميرات المطار.
تمالك المحقق نفسه وبدا هادئا حين قال: اسمع يا بني، ساشاهد المقطع مجددا، واتحقق بدقة، فقط لكي تكون واثقا من ان الشرطة تقوم بواجبها على اكمل وجه في المملكة.
اعتبرت هذا نصرا صغيرا لي بأن ارغمه على مراجعة التسجيلات المصورة من جديد فقررت محاولة تحقيق نصر صغير آخر عليه فقلت: هل لك ان تذكرني ببقية الادلة من فضلك ؟
ولكن المحقق لم يستجب لمطلبي بالسهولة التي توقعتها فقال: المحامي سليم كان هنا بالامس واطلع على الملف بعناية تامة، واتوقع انه اخبرك بهذه التفاصيل، مع ان الشرطة لا تكشف جميع ادلتها، لكنني ساذكرك باهمها لعلك تقرر الاعتراف، وكن واثقا من ان المحامي سليم لن ينفعك في قضية كهذه.
اولا يا بني في ليلة مقتل اختك سافرت انت من الامارات الى الرياض، وعدت للامارات في اليوم التالي، اي انك كنت هنا في السعودية ليلة وقوع الجريمة.
ثانيا: استخدمت مفتاحك الخاص بمنزل والديك، ودخلت المنزل، وقتلت اختك متعمدا، وحذفت الرسائل الواردة منك الى بريدها الالكتروني.
ثالثا: بعد ان استعدنا المواد المحذوفة من البريد الالكتروني لاختك عثرنا على رسائل تهديد لها ارسلتها انت شخصيا. واعتقد ان هذه ادلة قاطعة تدينك بدون ادنى شك.
بدت لي هذه الادلة منقوصة فبحثت عن دليل بعينه: هل هذه هي جميع الادلة التي يمكنك ان تخبرني بها ؟ اليس هناك مزيد من الادلة ؟
اعتبر المحقق سؤالي وكأنه استبدال للادوار في غرفة التحقيق فأجاب بامتعاض: بلا هناك ادلة اخرى، ولكني لن ابوح بها لك وانما ستعرفها بعد تقديمها للنيابة.
فشلت في معرفة بقية الادلة التي تنوي النيابة مواجهتي بها، ولم يعد لدى المحقق ما يضيفه فأمر بإعادتي الى زنزانتي نزولا عند طلبي، فليس لدي ما اقوله حتى التقي المحامي سليم علني انجح في الحصول على معلومات اضافية.
جلست في زنزانتي محاولا جمع خيوط افكاري المشتتة وتبددت شكوكي شيئا فشيئا وبدت الصورة امامي جلية يقف وسطها القاتل واضح الملامح ، نعم عرفت من دخل السعودية مستخدما جواز سفري، ومن قتل اختي، ومن هددها قبل ان يقتلها. ولكني افضل انتظار المحامي سليم الذي سيعود بعد مقابلته زوجتي كوكب في دبي لاني ما زلت عاجزا عن ترتيب كل اجزاء صورة الجريمة من البداية حتى التنفيذ.
مرت ثلاثة ايام وعاد المحامي الى السعودية بعد ان التقى زوجتي في دبي فحضر على الفور لزيارتي. توجهت بشغف لاستمع منه الى ما توصل اليه خلال حديثه مع زوجتي ولكي ابلغه بما اكتشفت انا بنفسي، ومن هو القاتل حسب رأيي.
وما ان وصلت الى الغرفة المعدة للقاء المعتقلين بمحاميهم حتى رأيته يقف منتظرا بجوار الطاولة فمد يده وصافحني وقرأتفي نظرته وكأنه ينتظر مني اسماعه شيئا جديدا رغم انني كنت انتظر انا بدوري ان اسمع منه عما جرى في دبي من حواره مع زوجتي . في هذه الاثناء دخل المحقق فيصل وابتسامة عريضة على محياه وقال: مبروك يا عبد الحميد، انت فعلا بريء يمكنك الخروج فورا، وستغادر المعتقل برفقة المحامي سليم، واسمح لي ان اعتذر لك اذا كنت ظلمتك .
كدت اطير من الفرح لأنني ظهرت بمظهر الانسان الصادق امامهم، وسألت فورا: مهلا ايها المحقق؟ هذا يعني انكم وجدتم القاتل الحقيقي؟
فاجاب المحقق فيصل: لم نجده ولكننا عرفناه، المحامي سليم سيشرح لك كل شيء.
خرجت الى الحرية، ولم اكن اصدق انني ساخرج يوما حرا طليقا رغم الغصة والالم الذي يعتصرني لمقتل مروة. استفسرت من المحامي الذي يرافقني في طريق عودتي عن اهلي، ولماذا لم يأت اي منهم لاستقبالي؟ فقال انهم لا يعلمون، وطلب مني صعود سيارته ليقلني.
وبينما كانت سيارة المحامي تشق طرق الرياض المزدحمة، قال المحامي: كنت متاكدا من براءتك.
اجبته بنبرة من يحفظ فضل الاخرين عليه: شكرا لك على ما فعلته لاجلي، ولكنك لم تخبرني بعد من هو القاتل؟
انفرجت اسارير المحامي واجاب
: قلت لك انك ذكي جدا يا عبد الحميد، واعتقد ان الاجابة لديك، وانت تعرف جيدا من هو قاتل اختك.
جواب المحامي زاد من حيرتي فحاولت ان اسحب تأكيدا لشكوكي منه: نعم اعرفه جيدا، ولكنني لا افهم دوافعه.
قال المحامي وكأنه يصدر حكمه غير النهائي في قضية معقدة: زوجتك كوكب هي السبب، فلا بد ان تكون امرأة في الموضوع، واذا لم تكن امرأة فالمال هو الدافع.
لم اقتنع بالاجابة الضبابية لأنها لا تضيف شيئا لشكوكي، بل ا
ردت اجابة اكيدة: اشرح لي اكثر ارجوك، فلم اعد احتمل.
عندها خفف المحامي من سرعة سيارته وراح يقودها الهويدة ويتحدث بنبرة المنتصر الذي لاحظ ما لم يلحظه الاخرون في هذه الجريمة: كما ابلغتك، فقد سافرت الى دبي لمقابلة زوجتك كوكب، وفعلا التقينا وتحدثنا وقالت لي خلال حوارنا حول الموضوع انها تعرف تمام المعرفة انك متهم بقتل اختك بعد ان طالعت ذلك كخبر نشرته احدى الصحف المحلية في الامارات، وطلبت مني ان ابلغك
بأنها تريد الطلاق فورا. وعندما سألتها عن السبب اجابت بانه لا يمكنها ان تواصل العيش مع قاتل اخته، وان كثيرا من المشاكل بينكما اصلا وان الامر اصبح لا يطاق، وان الطلاق سيكون افضل لكليكما.
لم اشأ مقاطعة سرد المحامي فاكتفيت بقول عبارة: الآن فهمت.
لم ينتبه المحامي الى عبارتي وواصل حديثه: في هذه الاثناء بالذات جاءني اتصال من المحقق فيصل يطلب مني تقديم بلاغ للشرطة الاماراتية في دبي ضد كوكب باعتبارها شريكة في جريمة قتل وقعت في السعودية، وان الجهات المختصة ستتقدم بطلب لتسليمها للسعودية لاحقا. وبالفعل اجريت اتصالات مع الشرطة الاماراتية وكذلك مع الشرطة السعودية، فتم القبض على كوكب وعلى القاتل الحقيقي شقيقك كمال، وسيتم ترحيلهما قريبا الى السعودية لعرضهما على القضاء هنا
بدت لي الصورة معقدة اكثر مما توقعت فقلت: لا افهم كيف حدث هذا؟
لاحظ المحامي علي ارتباكي وعدم وضوح الصورة امامي فساعدني بالقول: كل ما يمكنني ابلاغك به لك ان اخاك كمال، كان على علاقة غير شرعية بزوجتك كوكب، وانهما اتفقا على التخلص منك. كوكب من تحدثت عبر البريد الالكتروني الخاص بك مع اختك مروة، وكمال هو من تحدث من بريد مروة الالكتروني، لكي يلفقا القضية لك.
هنا لم اتمالك نفسي فقلت بعفوية : وكمال هو من دخل السعودية بجواز سفري على انه انا، فهو يشبهني كثيرا، وطالما لاحظ الناس ذلك.
هز المحامي رأسه بالموافقة واضاف: وهو من قام بكل شيء، وهو من نفذ وقتل مروة، لكي يدخلك السجن وينفرد بكوكب، وانا آسف على قولي ذلك.
مع انني شعرت بطوق النجاة ينتزعني من حبل المشنقة، إلا ان احساسا بالغضب يكاد يفجر احشائي بعد علمي بخيانة اخي وزوجتي لي: لا تاسف استاذ سليم، فانا من اخطأت بزواجي من هذه الفتاة، انها دمرت بيتا كاملا. اما انا فلن اكون بعد اليوم ذات الانسان الذي كنت عليه من قبل، ابي وامي فقدا ابنا قتل اخته، وفقدا ابنة عزيزة عليهما. لا يمكن ان يكون مأساة اعمق من هذه.
اعادني المحامي سليم الى وقائع الجريمة وتفاصيلها ولم ينس انه محام وتهمه التفاصيل فسأل: لكنك يا عبد الحميد لم تقل لي كيف اكتشفت ان اخاك كمال هو القاتل؟
فأجبته باقتضاب شديد: الدليل.
لم يكتف المحامي بإجابتي: أي دليل؟
لاحظت عدم صبر المحام
ي لسماع ما لدي فلم اتركه يتلظى في نيران صبره وقلت: عندما اتى كمال لزيارتي هنا برفقة ابي، ذكر امامي الادلة التي توثق قتلي لاختي، وذكر انهم عثروا على ساعة يدي الثمينة بجوار جثة المغدورة مروة. وعندما سالت المحقق فيصل عن الادلة، لم يذكر هذا الدليل ابدا، وشككت ان المحقق فيصل يعلم به، لكنه غير واثق بانه يمكن ان يترك قاتل ساعة يده في مسرح الجريمة، حتى عندما قلت للمحقق فيصل انني لم ادخل السعودية، وانه من
المستحيل ان اكون انا من شوهد في التسجيلات المصورة من قبل كاميرات امن مطار الرياض، وعدني بان يفحص ذلك جيدا، حينها تاكدت من براءتي.
وهنا اكتسب المحامي سليم صبغة الرجل الاكبر سنا يسدي النصائح لشاب في مقتبل العمر مثلي فقال: يجب عليك ان تبدأ من جديد يا عبد الحميد، ومن الافضل ان تنسى كل هذا. ولكن اخبرني، كيف تعرف كمال على زوجتك؟
اجبت: الامر في غاية البساطة كمال كان الشخص الوحيد الذي اعترفت له بزفافي من كوكب وقد زارنا عدة مرات في الامارات.
قدمت تفسيري للمحامي ولكني ما ان فرغت من حديثي حتى ناداني صوت من اعماقي يصيح: مهلا مهلا، لا يمكن ان يفعلها كمال من غير المعقول ...






[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]
[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء الثالث :

انا كوكب، الفتاة الجميلة التي ولدت لام روسية والتي تتعرض لسيل من الانتقادات لمجرد ان امها روسية، فالمجتمع لا يرحم، مع اني اعيش في بلد الحرية والتحضر دبي.
لي خمسة اخوة من ابي، ولكني وحيدة امي، التي رفضت ان تنجب اطفالا بعدي، كعادتهم في روسيا، لكن والدي متزوج من سيدة اماراتية مطيعة وغيورة عليه لدرجة الجنون.
والدي مصطفى الجمال مهندس في مجال النفط، تعرف على امي "انستسيا" اثناء مكوثه في روسيا وهو ي
عمل في التنقيب عن النفط ضمن بعثة نرويجية كانت تقوم بهذه المهمة في الاراضي السوفيتية آنذاك، وقرر الاثنان الزواج رغم انف الجميع. الآن وبعد مرور 20 عاما على زواجهما يمكنني القول انه زواج فاشل بدون ادنى شك، لكن امي تعودت على الحياة الجدية والمال الوفير، ولا يمكنها ان تهجر ابي، مع ان هذه هي رغبتها التي يلاحظها كل من يجالسها لبضع دقائق فهي لا تبوح بذلك علنا وانما يشتم من كل كلمة تنطقها كم هي بائسة في حياتها الشخصية وكم من الخيبات ابتلعت بسبب زواجها من ابي.
اما انا فلا يمكنني التصريح بأنني احب امي مثلما كنت اتمنى، ولكنها مهما بدر منها تبقى امي رغم سوء طابعها. منها تعلمت عدم الاكتراث وتخطي الصعاب بقوة دون الالتفات الى صغائر الامور وان علي مطاردة هدفي الاكبر بكل ثمن حتى لو تحطمت في طريقي كل اشيائي الصغرى. علمتني ان اكون اقل عمقا في تعاملي مع الاخرين وان احافظ على نفسي دائما وقبل كل شيء، وان امنح ما يفيض لدي من خيرات لمن يستحق هذا لمن حولي، ولكني ورغم هذا كنت اشعر دائما بحاجة لحنان يغمرني ويمنحني شعور بالحماية المتواصلة وان لي ملجأ اعود اليه في لحظة ضعفي، هذا الحضن الدافئ لم اجده لدى امي .
علاقتي بأبي كانت الشعلة التي تضيء ايامي وتمنحني القوة على الاستمرار في التفاؤل وتطبع البسمة على ثغري. اعتبر ابي اعظم رجل في العالم فهو مثلي الاعلى وانا معجبة به حتى لو اكن ابنته. فقد انطلق من مهندس يعمل لحساب شركة نرويجية للتنقيب عن النفط حتى جمع ثروة طائلة واصبحت لديه عدة شركات تدر عليه الارباح لحسن ادارتها.
ما يعيب ابي انه مشغول على الدوام ويعاني من ضيق الوقت باستمرار. لم يتمكن ابي من توزيع وقته بصورة ترضي الجميع، فكان معظم الوقت مشغولا إما بعمله وإما بالجزء الآخر من عائلته، مع زوجته الاخرى "خيزران" واخوتي منها.
زوجته خيزران التي كنت اناديها "خالتي" نزولا عند رغبة ابي، تعاني من الغيرة المفرطة على زوجها لدرجة انني لم التق سيدة سواء في الحياة العادية ام على شاشة السينما بسيدة تتيح للغيرة ان تسيطر عليها الى هذا الحد. قد تكون امي هي منبع الغيرة لدى خالتي خيزران، فهي حسب قول الاكبر سنا مني، لم تكن غيورة الى هذه الدرجة، ولكن منذ ان تزوج ابي من امي كزوجة ثانية، تحولت طباع هذه السيدة الى جنونية بسبب الغيرة.
خالتي خيزران تدرك تماما تفوق امي عليها من حيث الجمال والقوام والرشاقة، فأمي لم تنجب سواي بينما خالتي خيزران انجبت خمسة ابناء لما في ذلك من اثر على جسم المرأة، ولهذا فقد كانت خيزران شديدة المراقبة لما يجري حولها لا سيما كل ما تقومبه امي.
مجرد شراء ملبس جديد لأمي كان كفيلا بإشعال نيران الغيرة لدى خالتي، لأن الملابس الجديدة كانت تمنح امي جمالا وجاذبية اضافية علاوة على تفوقها من صنع الخالق. خالتي لا تبغض امي لأن هذا سيغضب ابي ولكنها لا تريدها ان تتفوق عليها بشيء. ولهذا فخالتي تعتز دائما بأنها هي من انجبت الابناء الخمسة لابي بينما هذه "الاجنبية" امي اكتفت بإنجاب بنت وحيدة.
بعد ان انهيت المرحلة الثانوية، قررت البدء على الفور بالدراسة الجامعية في فرع ادارة الاعمال بالذات، فابي يستطيع بسهولة ان يرتب لي عملا في احدى شركاته لاتولى ادارتها، وهذه كانت نصيحة امي لي، التي تعتبر امرأة عملية من الدرجة الاولى، ويمكنني ان اثق باختياراتها.
اخترت الالتحاق بالجامعة الامريكية في دبي،
وفعلا فقد بدأت الدراسة هناك بكل جد ونشاط، فأخذتني الحياة الجامعية الى جانب الدراسة الى عالم آخر، حيث الكثير من الاصدقاء ومن جنسيات مختلفة. فعلا انها لحظات ممتعة.
اراد لي القدر في خضم حياتي الجامعية النشيطة والمليئة بالمتعة والحركة المتواصلة، ان اتعرف على شاب سعودي وسيم يدعى عبد الحميد. جذبني لهذا الشاب حسن اخلاقه وكان يعتبره معظم من عرفوه من افضل الطلاب في الجامعة، بل واكثر من ذلك، فقد كانت الفتيات تهمس فيما بينها ان والده يعتبر من اثرياء السعودية، علاوة على اجتهاده ومظهره الانيق الذي يشع رجولة من اول وهلة.
انطلقت علاقتنا سطحية جدا، تعارف عابر لا يبشر بشيء اكثر من وجه مألوف التقيه في اروقة الجامعة نتبادل التحية كأي طالبين آخرين. بقيت علاقتنا على هذا الحال فترة من الزمن لم احاول ان اطورها الى شيء اكبر ولا هو لاحظ وجودي مختلفا عن الاخريات، الى ان تحدثت مع امي عنه في معرض حديثي عن احوال الرجل بصيغة المؤنث وتتحدث عن يوم امس بصيغة المستقبل. واكثر ما يثير الضحك لدي من يصغون الى حديثها عندما تحاول لفظ حرف الحاء في بعض الكلمات او حرف العين او اي من هذه الاحرف التي يصعب على الاجنبي لفظها. ولهذا فهي تجد راحتها بالحديث الي لأنها تستخدم لغتها الام الروسية التي اجيدها انا ايضا بطلاقة، فأجدها تفرح عندما اجلس بجوارها لأنها تجد في هذه اللحظة مناسبة لتسترسل في الحديث كما تشاء لأنها سئمت صعوب الجامعة والدراسة والمشاكل اليومية التي علينا التغلب عليها كطلاب. امي التي تتمتع بتجارب حياتية بحكم سنها، ابتسمت بنصف فمها وقالت دون اي حرج او تفكير عميق في الامر: كوكب هذا الشاب يجب ان يكون من نصيبك وعليك الزواج منه.
تعيش امي في دبي منذ قرابة 20 عاما، لكنها لا تتحدث العربية بطلاقة، لأن مفرداتها في اللغة العربية قليلة ولا تجيد القواعد اللغوية حتى المتبعة باللغة المتدالة غير الفصحى، فتراها تتحدث معه التحدث بلغات الآخرين سواء بالعربية او الانجليزية التي تجيدها بصورة افضل من العربية.
اخذت بنصيحة امي ووضعت نصب اعيني مهمة علي تحقيقها وهي الاقتراب من عبد الحميد و"الاستيلاء" عليه قبل ان تخطفه فتاة اخرى. لا يمكنني القول انني احببته ولكني رأيت بنفسي انني الاحق في الحصول على هذا الصيد الثمين في فوجنا الجامعي فاردته ان يكون من نصيبي وزوجي، لم لا فهو يبدو زوجا مثاليا في المستقبل. اضافة الى نصيحة امي وتشجيعها لي على هذه الخطوة النسوية البحتة، فقد كان لدي دافع شخصي هو حماية نفسي في هذا الجيل الذي تتعرض فيه الفتيات للمعاكسات المتواصلة خاصة فتاة مثلي ملامحها اوروبية يعتبرها الجميع غنيمة يجب الانقضاض عليها وبسرعة انا الآن على متن طائرة متوجهة من دبي الى الرياض بمرافقة الشرطة تنفيذا لطلب من النيابة السعودية الى الشرطة الاماراتية بترحيلي الى الرياض للتحقيق معي في تهمة قتل شقيقة زوجي عبد الحميد. معي في نفس الرحلة شقيق زوجي الذي يدعى كمال. انها ليست من الرحلات الجوية الطويلة، ولهذا ليس لدي متسعا من الوقت لأفكر بما يجري وما هي اسباب ترحيلي للتحقيق معي في السعودية في جريمة قتل مروة شقيقة زوجي. ولا ادري كيف استنتج المحققون انني متورطة في هذه الجريمة ولم تكن تربطني بالمغدورة مروة اي صلة. لعله زوجي المتهم بقتل شقيقته يراد ان يحول التهمة الموجهة اليه نحوي.
زواجي من عبد الحميد لم يكن سهلا، فوالدته لم تقبل بي عروسا لابنها الوسيم، ابن الاصول. مأخذها الاكبر علي هو ان امي روسية ، لكني لم اصب باليأس وواصلت المحاولات مرة تلو الاخرى حتى اقتنع عبد الحميد بالزواج مني رغم معارضة اهله وبالذات امه. رصيدي من الحب لديه كان خير سلاح في اقناعه ويقيني انه لا يقدر على التنازل عني بسهولة التي يريدها له اهله.
وفعلا انجزت امي كل ما هو ضروري لاتمام عقد الزواج، فاقنعت ابي الذي لم ترق له الفكرة في مجملها، ولكنه تجنبا للمشاكل ابدى موافقته بسرعة، وتم الزواج بسرعة بحضور كمال شقيق زوجي، الذي كان عبد الحميد يثق به والذي اعرب عن رأيه بأن الزواج بهذه الطريقة خطأ كبير وسيؤدي الى نتائج عكسية.
مع اني علمت من عبد الحميد ان الزواج الرسمي سيتم عند نهاية العام الدراسي الثاني، شريطة ان يأتي بنتائج حسنة في دراسته، فإنني كنت على ثقة بنجاحه وهذا ما كان يطمئنني، فكل ما اريده في نهاية المطاف هو ان يرتاح عبد الحميد في علاقته مع اهله.
يمكنني ان اصف فترة زواجي من عبد الحميد بانها كانت باردة، ومملة، لم يكن عبد الحميد ذاك الشاب الذي سكن احلامي والذي تزوجته لانني رأيت فيه الزوج المثالي، لقد اكتشفت ان صورته مختلفة عما كانت في ذهني . في الحقيقة لم يكن يرفض لي طلبا وهو على استعداد دائم لفعل اي شيء لاجلي، فكان ثريا ابن عائلة ثرية اي ان المال لا يمكن ان يكون سببا لاي خلاف بيننا، وكان متحدثا لبقا ومظهره انيق، لكني على ما يبدو كنت اتوقع زوجا من نوع آخر، زوجا مختلفا يكون رجلا صعب المراس، رجل يحتاج الى ترويض كي يصبح محط اهتمامي، لا زوجا يعيش معي وفق رغباتي. لم انتبه لهذا الاحساس تجاه عبد الحميد في بداية حياتنا المشتركة، فكنت دائمة البشاشة امامه، لكني في الوقت نفسه كنت اشعر بالاختناق الذي يشتد مع مرور الوقت لدرجة انني صرت اتمنى لو ينتهي هذا الزواج، وصار يراودني الندم على العمل بنصيحة امي.لهذا لم اكن متحمسة لفكرة الانجاب من عبد الحميد، بل كنت في قرارة نفسي ارفضها بالرغم من رغبته الشديدة بأن ننجب طفلا، فكنت الجأ الى الذرائع المختلفة لثنيه عن قراره وكانت الدراسة ومتطلباتها في هذه المرحلة الحرجة، خير ذريعة تنقذني من الحاحه في هذا
الموضوع.
يمكنني القول ان عبد الحميد كان يشعر ببرودة مشاعري نحوه ونفوري منه، وكنت ألاحظ عليه عدم ارتياحه من ذلك رغم صمته وتكتمه على مشاعره واحتجاجاته. كلانا كان يشعر ان شيئا ما ينقص حياتنا المشتركة دون ان يطرح اي منا هذا الموضوع على الطاولة لمناقشته لأن الكبرياء يقف سدا منيعا بوجه كلينا ولهذا لا احد منا يتذمر كي لا يبدو ضعيفا.
مع مرور الايام اصبح اهتمامي بزوجي اقل بكثير من اهتمام اي زوجة عادية بزوجها، فكنت افعل ما يحلو لي دون الرجوع الى رأيه، حافظت على طابع الملابس التي ارتديها كما كنت قبل الزواج وهذا كان محورا للعديد من النقاشات الحادة بيننا. عبد الحميد كان يميل الى شخصية الرجل الشرقي المحافظ اكثر من المنفتح على الموضة والتحرر، فكان يحاول اقناعي بأن ارتدي الحجاب دون اي جدوى لأنني ابديت معارضتي الشديدة منذ البداية لعدم قناعتي بهذه الفكرة ثم ان اصولي التي تمتد الى مجتمع آخر وبلد آخر حالت دون تقبلي لهذه الفكرة سواء الآن او في المستقبل. كنت اشعر احيانا ان عبد الحميد يطالبني بالتحجب غيرة علي من نظرات بقية الرجال حيثما نذهب،اراد جماله ليستمتع به بمفرده، وتنازل عن مطلبه هذا شيئا فشيئا حتى عاد الامر طبيعيا.
من الامور التي لفتت انتباهي في شخصية زوجي انه كان مجتهدا في دراسته لدرجة الجنون، لدرجة انه لم يكن يسمح لنفسه اي
خروج عن مسار الواجبات الجامعية قيد انملة ولم يكن يمنح نفسه لحظة ترفيه. كل همه كان منكبا على تحقيق الهدف المنشود وهو التخرج بنجاح من السنة الثانية للدراسة ليتم زواجنا العلني الذي يباركه اهله.
كانت لدي رغبة دفينة ان يفشل هذا الزواج ان لا ينجح زوجي في السنة الثانية كي لا يتم الافصاح عن الزواج وتكون لدي الاسباب للابتعاد عنه. نعم اني احترمه ولكنه ليس رجلي الذي بحثت عنه. هذا هو حالنا بعد الزواج، خيبة مدفونة بين ثنايا علاقتنا اليومية لا يجرؤ اي منا على الكشف عنها، ولكننا متأكدين من وجودها فلا داعي لنبشها كي لا تستعر وتقضي على بقية الاحترام القائم بيننا. بقينا على هذا الحال الى ان جاء لزيارتنا كمال شقيق زوجي، الذي استطاع ان يلاحظ ما لم يلحظه زوجي طوال فترة زواجنا، فسألني ذات مرة وبدون مقدمات إن كنت سعيدة بزواجي من اخيه، فارتبكت لسؤاله المباشر حول امور شخصية من الصعب على اي انسان اقتحامها بهذه الصورة حتى لو كان شقيق زوجي. والادهى من ذلك ان الحق سؤاله بملاحظة مقتضبة كانت بمثابة الضربة القاضية التي القتني ارضا حين قال: انا لا ارى انك سعيدة مع اخي؟
التقطت نفسا عميقا واستعدت توزاني بعد استفساره القاتل واجبته بصراحة مطلقة، بأن عبد الحميد تتمناه كل امرأة أخرى غيري. استهجن كمال جوابي الصريح وقال ان شقيقه ضحى بكل ما يملك وعلى استعداد للمزيد من التضحية لانه احبك بقوة، رغما عن امي ورغما عن الجميع
، وببساطة تقولي انه ليس الشاب المثالي؟ وليس من تمنيته ؟ ما هذا الهراء ؟
كنت ادرك تماما واستنادا الى حواراتي مع عبد الحميد ان زواجنا سينتهي على الفور بالطلاق السريع لو علم والده اننا تزوجنا سرا عنه وان والده ينتظر نهاية العام الدراسي الثاني كي يقرر هل يأتي لطلب يدي من اهلي ام لا، اما واذا علم اننا تزوجنا فهذه خيانة للثقة لا يتحملها الاب ولا ابنه في علاقتهما المستقبلية وسيكون زواجنا اول ضحية عند
ميعا ان ننهي هذا الزواج وعرضت عليه الفكرة التي اختمرت في ذهني بإبلاغ والده بسر زواج عبد الحميد مني كي يتم الطلاق بهدوء وننهي الاجراءات بسرعة لما فيه خير وراحة الجميع.
لم اكن اتوقع السرعة التي تقبل فيها كمال فكرتي ووافق عليها بقوله: يبدو ان هذا هو الحل الانسب. واضاف: مع اني لا زلت افضل ان تطلبي الطلاق من عبد الحميد بكل ما في الامر من بساطة
اوضحت له الدور الذي ستلعبه امي في مثل هذه الحالة وانها تعارض بشدة فكرة طلاقي وانها تقف لي بالمرصاد وانني لا اجرؤ امامها حتى على التذمر من حياتي الزوجية فما بالك ان اكشف عن رغبتي بالطلاق، واضفت: انه الى جانب امي وصعوبة اقناعها هناك عبد الحميد الذي لن يقبل بفكرة الانفصال والطلاق فهو يحبني بجنون.
في نهاية الامر تمكنت من اقناع كمال بفكرتي واتفق واياه على ان يخبر والديه بسر زواجنا عند عودته الى السعودية.
مر بذهني شريط هذه الاحداث بينما كنت برفقة كمال على متن الطائرة التي تقلنا من دبي الى الرياض بطلب من النيابة السعودية. انظر الى وجه كمال في محاولة لفهم ما لا اعرفه من احداث لكن دون ان اتمكن من قراءة اي شيء في ملامحه، ولا ادري كيف تطورت الامور بعد حديثي معه حول هذا الامر آخر مرة. كنت يساورني الشك بأنني وقعت ضحية لمؤامرة لا اعرف خيوطها، فها هم يرحلوني الى السعودية للتحقيق معي في جريمة قتل وانا اكثر العارفين بأنني لا اقدر على قتل نملة فكيف لي ان اقتل انسانا. تلك هي الافكار التي شغلتني طوال رحلتنا الجوية من دبي الى الرياض.
منذ ان اتفقت مع كمال على ابلاغ اهله بسر زواجي من شقيقه عبد الحميد، مر وقت طويل وكنت انتظر ان تقع المفاجأة ويأتي غضب حماي في كل لحظة، وكنت اتوقع ان يأتي زوجي ويخبرني بكل اسف ان والديه قد علما بأمر زواجنا وان هذا يعني ان علينا الافتراق، ولكن هذا لم يحدث رغم طول المدة م
نذ اتفاقي مع كمال حتى انتهت السنة الدراسية الثانية وتخطيناها بنجاح انا وعبد الحميد لدرجة ان املي بالخلاص بهذه الطريقة بات يتلاشى شيئا فشيئا.
قلت في نفسي انه لا يمكن الاعتماد على كمال في انجاز هذه المهمة فعلى ما يبدو لم يتمكن من الايفاء بوعده ولم يخبر والديه بزواجنا.
في هذه الاثناء قررت جس نبض عبد الحميد فسألته متى سيتحدث مع والده ويذكره بعهده ان يبارك زواجنا فها نحن تخطينا العام الدراسي الثاني
بنجاحكما اشترط والده لزواج رسميا امامه وامام بقية اهله. فاجأني عبد الحميد انه تحدث مع اهله فعلا، وسيتم الزواج الرسمي قريبا. طال انتظاري بعد ذلك ايام وايام الى ان رأيت عبد الحميد وحالة من التوتر تبدو عليه يقول ان والده مريض جدا وعليه السفر الى السعودية فورا. ادركت بحدسي كإمرأة على الفور ان شيئا ما قد وقع. سافر عبد الحميد في نفس اليوم ولم اعلم شيئا مما حدث بعد ذلك.
مر يومان على سفر عبد الحميد الى بلده ولم اسمع منه شيئا فاتصلت هاتفيا الى بيت عبد الحميد في السعودية في محاولة لمعرفة ماذا جرى، رد علي مكالمتي شقيقه خليفة الذي شتمني وابلغني ان عبد الحميد قتل شقيقته مروة، وانني انا السبب في ذلك.
اصبت بالصدمة والذهول مما سمعت ولم اكن اتوقع ان امر في مثل هذه الحالة، ماذا دفع عبد الحميد ليقتل شقيقته ؟ وما السبب؟ هذه اسئلة كنت عاجزة عن ايجاد الاجابة عنها.
بقيت في حيرة من امري الى ان حضر الى دبي محام سعودي يدعى سليم عبدالله، وحين قابلني قال انه يريد ان يستفسر مني حول بعض الامور، المتعلقة بالجريمة لان موقف عبد الحميد معقد في هذا الملف وربما يكون المخرج من هذه الازمة يكمن في ردودي على استفساراته.
لم اتردد بالموافقة على ان يستجوبني المحامي سليم فقال: هل تحبين زوجك عبد الحميد ؟
فأجبته بدهشة وسؤال مضاد: وما دخل هذا بالقضية؟
بدا الازعاج على وجه المحامي وقال مذكرا: انا هنا لادافع عن زوجك وافهم اشياء غير منطقية فارجو منك الصراحة لكي تتم تبرئة زوجك !
عندها ادركت ان السؤال ليس شخصيا بقدر ما هو سؤال رسمي ولا بأس ان اقول الحقيقة: لا لم اكن احبه، لكني كنت اقدره واحترمه. واردت الطلاق منه، وكنت اخطط لذلك.
ارتاح المحامي لصراحتي وقال: هل تذكرين اين كان عبد الحميد قبل نحو اسبوعين ؟ او هل سافر الى مكان ما ؟
فأجبت بعد تفكير لم يدم وقتا طويلا: عبد الحميد لا يسافر من دوني، ولكنه قبل فترة تعرضت سيارته لعطب عندما كان في طريقه الى الجامعة، واضطر للمبيت لدى احد زملائه في مساكن الطلبة، وهذا كل شيء.
وتابع المحامي: اين يتم حفظ جواز سفر عبد الحميد عادة ؟
قلت: في البيت باستمرار.
فقال المحامي: هل اخذه عبد الحميد ذات مرة دون ان يسافر؟
قلت: لا ابدا، لكن قبل شهر اخذه للسفارة السعودية لتمديد صلاحيته، وهذا كل شيء.
وسأل المحامي: هل ابلغت احدا من اهل زوجك بزواجكما مع عبد الحميد؟
فقلت: انا لم اخبر احدا، لكن اخاه كمال كان يعلم بزواجنا منذ البداية .
وبينما كنت في حوار استجواب مع المحامي سليم، دوى صوت طرق شديد على باب البيت فهرعت لاستطلاع من الطارق وفتحت الباب بسرعة وإذا بكمال امامي، وما ان رآني حتى راح يصرخ في وجهي: ايتها القاتلة، انت السبب في كل ما حدث لاخي ولاختي، انت السبب.
نهض المحامي سليم الذي لم يكن على مرأى من الطارق وتوجه نحو كمال ثم قال لكمال: اهلا بك ! الآن وضحت الصورة.
مع انني استعرض في شريط ذاكرتي كل هذه التفاصيل إلا انني لازلت عاجزة عن فهم مجمل ما حدث وكيف حدث. كيف لي ان اكون السبب في مقتل شقيقة زوجي، وكل ما اردته هو الطلاق من زوجي لانني لا اريده ان يكون تعيسا معي ولانني لم اجد نفسي معه.
اعترف بخطأ زواجي من عبد الحميد دون ان احبه حبا حقيقيا، وبأنه لم يكن علي ان اعمل بنصيحة امي التي ارادت لي شابا غنيا لا اكثر، مع انه لا ينقصنا شيء فنحن اسرة ثرية كذلك.
طوال الرحلة الجوية من دبي الى الرياض كان كمال يرمقني بنظرات اشمئزاز وكأنه يوجه لي تهمة القتل او التسبب في مقتل شقيقته!
ومع هبوط الطائرة ارض مطار الرياض كانت في انتظارنا سيارة تابعة للشرطة اقلتنا من ارض المطار دون المرور عبر نقاط التفتيش الاعتيادية وتوجهت بنا الى مخفر الشرطة حيث كان بانتظارنا موظف تشع منه الهيبة قدم نفسه بأنه المحقق فيصل الذي يتولى التحقيق في هذه الجريمة. استهل المحقق فيصل حديثه
نحوي بالقول انه يملك ادلة قاطعة تشير الى تورطي في مقتل مروة شقيقة زوجي، وانني مطالبة بالتحدث امامه بكل صراحة ليكون موقفي في القضية افضل. وبدأ يستجوبني
قال: علمت انك لم تكوني راضية عن زواجك من عبد الحميد، وانك كنت تخططين للطلاق، هل هذا صحيح؟
اجبت: نعم، ولكن ما شأن هذا بكم وباتهامي بجريمة قتل ؟
استغرب المحقق تصرفي وحاول تذكيري بقوله: لا اريد ان تختلط عليك الامور، فالمحقق في هذه القضية هو انا و
ليس انت، اجيبي على سؤالي اجابة واضحة وليس اجابة سؤال، هل هذا مفهوم ؟
فهمت ان الامر لا يقبل النقاش فقلت: نعم مفهوم، ونعم اردت الطلاق.
فقال: لماذا ؟
اجابتي واضحة وليست سرا فقلت: بعد زواجي منه ندمت على ذلك واكتشفت انه ليس الزوج الذي اردته لنفسي وشريكا لي في حياتي.
واقتحم المحقق جانبا آخر من حياتي الشخصية فقال: وما هي علاقتك بشقيقه كمال؟
اجبت دون تردد: علاقة بسيطة وسطحية فهو مجرد شقيق زوجي.
لم تعجبه اجابتي فاستفسر قائلا: لكني علمت من كمال انه جمعتكم علاقة غرام، وانكما خططتما لهذه الجريمة سويا لازاحة عبد الحميد من طريقكما.
جن جنوني لهذا السيناريو وصرخت: هذا مستحيل، وكمال كاذب، مستحيل مستحيل ... انا .. انا اتفقت مع كمال على ان يخبر اهله بزواجي من اخيه عبد الحميد لكي يتم الطلاق، هذا كل شيء، وان اراد كمال اتهامي بهذه الجريمة فهو كاذب.
اراد المحقق المزيد من التفاصيل فقال: لماذا يقتل كمال شقيقته اذن ؟ لا بد من دافع لارتكاب هذه الجريمة؟ اليس كذلك ؟
قلت: هذا لا يعنيني بالتاكيد، اذهب واسال كمال.
قال المحقق وكأنه يبلغني بنبأ سار: لقد سالته بالفعل، وقال لي جملة وتفصيلا، انه قام بقتل شقيقته من اجلك، وانك انت سلمتيه جواز سفر زوجك ليستخدمه في عودته الى السعودية ، وانك انت من استخدمت البريد الالكتروني الخاص بعبد الحميد لتراسلي المرحومة مروة، وانك الراس المدبر لكل تفاصيل هذه الجريمة .
ادركت ان الامور متشعبة اكثر مما اتصور وان المحقق يعتمد في اتهامه لي على جملة من الامور التي يعتبرها حقيقة وادلة ضدي ولهذا قررت عدم التعاون فقلت: اظن ان من حقي ان استعين بمحام يدافع عني، ولن اقول لك سوى انني بريئة وهذه الاتهامات كلها ملفقة.
حاول المحقق اقناعي ان وضعي ميئوس منه في هذا الملف وان المحامي لن يتمكن من اخراجي من الورطة التي اتخبط داخلها حسب رأيه فشرح لي بنبرة الخبير الساهر على مصلحتي فقط: المحامي لن يفيدك كثيرا، لكن والدك حضر يرافقه محام. انا انصحك بالاعتراف، لان اعتراف كمال يكفينا لادانتك.
اجبت بغضب: لن اعترف بشيء لم افعله وهذا كل ما لدي قوله.
لم يعد لدى المحقق ما يواجهني به بعد ان اصررت على ان يحضر محام جلسات التحقيق معي، فاستدعى شرطي قادني الى غرفة مرتبة، فهمت فورا انها غرفة معدة للفتيات اللواتي يخضعن للتحقيق في السعودية، وانني ساقبع في هذه الغرفة لغاية الانتهاء من
التحقيق معي، وربما تقديمي للمحكمة.
لا ادري ماذا حصل لي، لكني بدأت اشتم رائحة غير غريبة من سير التحقيق، وبدا لي المحقق فيصل وكأنه يريد توريطي في هذه القضية بكل ثمن، مع انني بريئة، ولا ادري من اين اتتني الجرأة لاتحدث بهذه الطريقة مع هذا المحقق الذي يخشاه كل الخارجين على القانون، والذي يبدو على تعامله مع المتهمين انه ذو تجربة غنية في مجال التحقيق.
اهم ما ترسب في ذهني من خفايا هذه الجريمة هو ما يتعلق بجواز السفر وبريد الكتروني لا اعرف ما المقصود بهما. فانا اعرف كل شيء عن عبد الحميد لكني لم استخدم بريده الالكتروني اطلاقا، ولا اعلم كلمة المرور لاستخدام بريده، ثم ان جواز سفره ... نعم نعم .. تذكرت ان المحامي سليم استفسر عنه هو الآخر ! لكن عبد الحميد هو من طلب مني احضار جواز السفر لانه اراد تجديده، وما شأني انا اذن ؟ اريد الخروج من هنا بأسرع ما يمكن. ما هذا الكابوس.. ما هذا الكابوس الذي وقعت به.
في صباح اليوم التالي اخلي سبيلي من المعتقل، لعدم كفاية الادلة، حسبما ذكر لي المحامي رشاد الذي وكله والدي بالدفاع عني، والذي حضر بنفسه لابلاغي بهذا الافراج. وعلمت ايضا انه تم الافراج عن كمال هو الآخر، وهو ما اثار استغرابي، لان كمال وفق ما قال المحقق، اعترف بارتكابه الجريمة بل واعترف بانني شريكته. كشفت عن حيرتي للمحامي رشاد وتساءلت كيف اخلوا سبيل كمال وقد اعترف بالجريمة، فقال ان كمال لم يعترف بشيء وان المحقق فيصل لجأ كعادة المحققين الى هذه الحيلة للايقاع بك اثناء التحقيق، لكن الحيلة لم تنجح لان عبد الحميد، ذكر للمحقق فيصل استحالة ان يكون كمال القاتل، وانت بالتالي لا يمكنك ان تكوني شريكة القاتل
فاستوضحت من المحامي: هذا يعني ان عبد الحميد هو السبب بالافراج عني؟
اجاب: له فضل كبير، ولكن عدم كفاية الادلة كان السبب الرئيسي. والآن الافضل لك ان تعودي مع والدك الى الامارات، وبوسعي الآن اخبارك انك اصبحت امرأة طالق، بعد ان اتم عبد الحميد اجراء الطلاق، واظن حسبما فهمت من المحقق فيصل هذه كانت رغبتك منذ البداية.
لا لا .. قلتها بنوع من التمتمة بهدوء شديد، بهدوء غريب، لماذا يا عبد الحميد لماذا ؟
في هذه اللحظة بالذات شعرت بالحب نحو هذا الانسان وشعرت انه لا يمكنني التخلي عنه، في هذه اللحظة بالذات فهمت انني لن احب احدا اصلا ! فبرودة امي وبعد ابي عني، جعلاني لامبالية واتصرف بشيء من الانانية، ولا اهتم لمشاعر الآخرين.
شعرت بسخونة في وجنتي تبين سريعا انها دموع تسللت رغما عني، نعم كوكب تبكي على رجل كانت تقنع نفسها ليل نهار انه ليس رجلها المفضل وانه لا يصلح أن يكون زوجها وانه خيبة امل حياتها، ها هي الآن تعجز عن حبس دموعها اسفا عليه بعد ان طلقها تماما مثلما كانت تتمنى طوال العامين منذ عرفته.
كوكب التي لطالما ظنت انها عديمة المشاعر والاحاسيس وانه لا يمكن لدمعة ان تخذلها وتنزلق خارج مقلتها دون اذن منها حتى لو فقدت اقرب الناس اليها. ها هي تحققت من ان الدموع تعيش وفق قوانين خاصة بها لا تخضع لحسابات الربح والخسارة، الكبرياء الاذلال، ومعادلات المصالح والانانية، انها الدموع التي تفضحك في لحظة
تعتبر نفسك اقوى شخص على وجه الكرة الارضية. فجأة تلمع في عينيك وبسرعة تملأ مقلتك ثم تتدحرج مع اول حركة لجفنك، فتسكب نفسها من اعالى العجرفة والتصنع والتفاخر والكبرياء المزعوم لتقطر على الارض. يليها صوت شهقة تصارع غصة في الصدر لتمنعها من ان تتحول الى بكاء صريح. إذن انا ابكي على عبد الحميد بعد ان كنت ابكي على حالي بسببه...الآن فقط شعرت انني كنت احبه على طريقتي ، احبه وفق معاييري الخاصة بي، الآن فقط ادركت كم كنت مرتبطة به وانه اصبح جزءاً من سيرتي الذاتية التي يجب علي ان احافظ عليها فهي تاريخي الشخصي، نعم عبد الحميد جزء من تاريخي ولا بد ان احافظ على تاريخي الشخصي ... يجب ان اتحدث معه نعم يجب ان اسمعه كل ذلك...
سألت ابي هل يمكنني التحدث مع عبد الحميد قبل ان نغادر السعودية، فتدخل المحامي رشاد وقال: من الافضل السفر الآن، لأن القضية باتت معقدة. اعملي بنصيحتي وسافري على الفور!
انضم ابي الى رأي المحامي ونصحني هو الآخر بأن اسافر. وفعلا بعد ساعة واحدة كنا في طريقنا الى دبي، وبينما انا بين الغيوم اسبح على متن طائرة الخطوط الجوية السعودية سطعت في ذهني فكرة جهنمية كالبرق وسط ظلام دامس، نفضت رأسي وكأني استيقظ من نوم خفيف.. نعم عادت الى ذهني معلومة كنت اعرفها ولم اعرها اهتماما من قبل، يا إلهي كيف نسيت ذلك ؟ نعم الآن فهمت من نصب لي هذا الفخ انا وزوجي ..


[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء الرابع:

انا كمال اعمل مع ابي في ادارة اعماله بعد ان علمني الجدية المتناهية في العمل واصبح يعتمد علي في كل شيء. الكل يعرفني على أنني الضمير الحي للاسرة ولهذا فالكل يحبني وابادلهم بمثله ولا يمكنني ان ازعج احدهم. انا ثاني الابناء في الاسرة بعد اخي البكر عبد الحميد، ولدي شقيق اصغر مني هو خليفة المدلل، وشقيقة هي مروة المفضلة لدى ابي وامي ويحبها الجميع ايضاً، فمن لا يحب مروة في البيت! وهي التي تلبي طلبات الجميع وتحتفل باعياد ميلادنا ومناسباتنا ولا تنسى مناسبة احد منا ابدا. ويل لكل من يثير غضب مروة او يسبب لها حزنا، عندها لن يرحمه ابي ولا ترحمه امي وفي الحقيقة ولا ارحمه انا ايضا.
اذكر تسلسل الاحداث التي عشتها في الايام الاخيرة وكأنها كابوسا اتمنى لو يوقظني صوت المنبه لأهدأ واعود الى طبيعتي، ولكن للاسف كلما فتحت عيني اشاهد ذات الجدران في ذات الزنزانة في ذات المعتقل.
بدأت معاناتي منذ سافرت الى دبي حيث كوكب زوجة اخي التي كانت السبب في مقتل اختي الحبيبة رحمها الله، وهناك القي القبض علي بتهمة قتل مروة اختي !! ويلي كيف حدث لي هذا وهل حدث لي هذا فعلا؟
لعلمي بتسلسل الاحداث المتسارعة على مدار عدة ايام كنت متاكدا من ان اخي عبد الحميد هو من قتل مروة ؟ ولكني اجد نفسي الآن قابعا في المعتقل اواجه تهمة القتل واي قتل، انها تهمة قتل مروة شقيقتي. لا بد ان في الامر سرا دفينا، لا بد ان خطأ فادحا
قد وقع وستنجلي الامور عنه لتبدو الحقيقة.
كنت اساعد الجميع واخدم كل من شعرت انه بحاجة لمساعدتي سواء في البيت او من الاقرباء والمعارف. كنت رجل المهام الصعبة. كان اخوتي في نظري عبارة عن مجموعة من المدللين، واخص بالذكر اخي خليفة الذي لا يفعل شيئا سوى التذمر مني امام ابي وامي.
بدأت حكايتي حين طلب مني اخي عبد الحميد التوجه الى دبي حيث يسكن ويتلقى علومه الجامعية، لانه يريدني في شأن هام، استأذنت ابي بذلك وسافرت الى دبي. ما ان وصلت حتى اكتشفت ان اخي عبد الحميد ينوي الزواج من فتاة اماراتية دون علم الاهل وان يتكتم على زواجه حتى ينهي السنة الدراسية الثانية بنجاح، وعندها سيتم الاعلان عن الزواج رسميا بمباركة اهلي.
لم اكن مقتنعا بنوايا اخي ولا بصواب الخطوة المقدم عليها، لكني اكن له الاحترام فوافقت شريطة ان لا يؤثر ذلك على دارسته، وإلا سأجد نفسي مضطرا لاخبار ابي بالموضوع. في الحقيقة لا الوم اخي على تسرعه لأن عروسه كوكب غاية في الجمال، وهي فتاة تداعب احلام أي شاب، فباركت له زواجه.
لم ادرك التفاعلات الغريبة التي اثارتها عروس اخي في احشائي، لكن جمالها الطاغي وانوثتها المتمردة جعلاني افكر بها باستمرار، لدرجة انني سافرت لزيارة عبد الحميد عدة مرات في دبي فقط لاراها. كيف يمكنني ان اعترف بذلك .. ويحي ؟
بدأت انشط علاقتي بزوجة اخي حين قرأت في تصرفاتها انها غير سعيدة في حياتها المشتركة مع اخي. وكا
ن ذلك خلال زيارة عادية لهما في دبي. فقد لاحظت انها كانت تحوم حولي وفي ذهنها شيء ما تحاول ان تقوله على مسمعي، شيء هام للغاية، ولما استفسرت عما يدور في راسها اجابتني بصراحة بانها غير سعيدة مع اخي، وانها تريد الطلاق منه. بل وذهبت الى ابعد من ذلك فقد طلبت مني ان اخبر اهلي بزواجهما اي افشاء سر زواجهما لعل اهلي يجبرون عبد الحميد على ان يطلقها، وهذا ما ارادته لكي تصل الى الطلاق من اخي دون الحاجة ان تطلبه هي بنفسها وبصورة مباشرة قد تؤدي الى مشاكل ورفض من جانب عبد الحميد.
لا ادري لماذا سررت بهذه المعلومة وتلقفتها فورا بالموافقة وبشعور بنوع السعادة ينبع في داخلي لا اراديا، وفعلا لم اتردد في صنع هذه الخدمة لكوكب، وعند عودتي الى السعودية اخبرت جميع افراد عائلتي بزواج اخي عبد الحميد من كوكب. الصدمة الاكبر كانت من نصيب امي التي بكت كثيرا، وطلبت من ابي ان يستدعي عبد الحميد من دبي فورا.
لكن ابي طلب من الجميع التروي الى ان ينهي عبد الحميد العام الدراسي، وعندها سيتصرف هو بطريقته. وهذا ما لم يعجب امي، التي صرحت بأن لا شيء يهمها حاليا لا دراسة ابنها ولا اي امر آخر سوى ان يطلق اخي زوجته كوكب على الفور، ظنا منها ان هذه الفتاة الروسية ستدمر حياته. هذا الموقف المتشدد اثار عصبية ابي، فأمر بأن لا يتحدث احد مع عبد الحميد في هذا الموضوع.
كان الحزن باديا بوضوح على ملامح مروة التي رغبت بشدة ان تتعرف على ع
روس اخيها الذي تحبه وتقدره، والذي كان يلبي لها معظم طلباتها، فساستفسرت كثيرا مني عن عروس عبد الحميد وكيف تبدو، وفاجأتها ذات مرة بانها اجمل امرأة رأيتها في حياتي. ثم سكت قليلا ..
ولما سألتني لماذا انا حزين لهذه الدرجة، كشفت لها الحقيقة انني جئت اكشف لاهلي سر زواج عبد الحميد من كوكب نزولا عند رغبة زوجته كوكب وان هذه الفكرة جاءت لتخدمها في سعيها للحصول على الطلاق من عبد الحميد. ابدت مروة رصانة اكبر
من سنها وحسن تعامل في مثل هذه المواقف، فنصحتني ان اتوقف عند هذا الحد وان لا افعل في هذا الاتجاه اكثر مما فعلت، وستحاول هي وبطريقتها اقناع امي بقبول العروس بينما سيكون امام كوكب متسعا من الوقت لتتعرف على عبد الحميد اكثر فأكثر وعندها لا بد ان تحبه وبهذا سيتم ترتيب كل الاوراق مرة واحدة إذا اتحنا للايام ان تمر دون افتعال احداث جديدة تعكر صفو حياة الجميع
نعم .. اقتنعت تماما بكلام اختي مروة، فلا يمكن لاي فتاة ان لا تحب عبد الحميد، اجابة مقنعة جدا، فانا اعرف شقيقي خير المعرفة. واعرف ان كوكب لا بد ستحبه لاحقا .
ابقيت الوضع على ما هو عليه، حتى اقتربت نهاية السنة الدراسية، وكانت امي طوال هذه الفترة عصبية المزاج، وتسالني باستمرار عن عبد الحميد بعد كل زيارة لي لدبي. وكانت تخشى ان يكون عبد الحميد قد انجب من هذه الروسية على حد قولها، وكانت تتنهد بارتياح
كلما علمت انه لم ينجب لغاية الآن. في الجانب الآخر كانت مروة التي تتوق الى ملاقاة كوكب زوجة اخيها لتتحاور معها في محاولة لاقناعها بأن عبد الحميد شخص يستحق الحب وان كوكب تحتاج الى بعض الوقت لتقتنع بزوجها وانها ستحبه دون ادنى شك. كانت مروة تطالبي بأن اصطحبها معي الى دبي وكان الحاحها شديد جدا، لكني كنت ارفض باستمرار كي لا اتسبب بمشاكل اضافية لاخي.
سارت الامور على هذه الشاكلة حتى جاءت زيارتي المشؤومة
الى دبي. فقد اتصل بي شخص لا اعرفه واخبرني ان اخي عبد الحميد يريدني فورا بعد ان حدث طارئ بينه وبين زوجته، فتوجهت فورا الى دبي.
وهناك التقى بي شخص يدعى احمد واخبرني انه من طرف كوكب وانه تربطه صداقة حميمة باخي عبد الحميد، وطلب التحدث معي حول ما اتفقت انا وكوكب منذ سنة وهو إفشاء سر زواجها من اخي، وفعلا رافقته من المطار الى احد المقاهي في دبي.
وشاءت الظروف ان انسى حقيبتي في سيارة الاجرة الذي اقلتن
ا من المطار الى المقهى المذكور، لدرجة ان سائق الاجرة انطلق بسيارته فور نزولنا منها دون ان يتلقى منا تكلفة السفر. هذه الحادثة لم تترك في نفسي اي اثر لان احمد اخبرني انه سيتصل بشركة سيارات الاجرة المذكورة ليعيدوا لي الحقيبة في الحال قبل حتى ان نغادر المقهى.
طلب مني احمد خلال حديثه ان اابذل ما استطعت من جهد لاقناع والدي بزواج كوكب من اخي، لانه صديق عبد الحميد في الدراسة ويريد مصلحته، ويعلم مدى حب عبد الحميد لكوكب.
وحين سالته كيف عرف بهذا الموضوع، قال ان كوكب اعترفت له بكل شيء، وكما اعترفت له بما طلبته مني ايضا. وفعلا اعيدت لي حقيبتي بينما كنا في المقهى، فلم افتحها ولم اتفقد محتواها.
عدت الى السعودية وما ان وصلت حتى اتصل بي احمد ليقول ان علي العودة الى دبي فورا، فقد وقعت مشكلة معقدة وان علي التواجد هناك للمساهمة في حلها، وعندما فحصت امكانية العودة تبين ان طائرة دبي ستكون في صباح اليوم التالي، فأضطررت للبقاء في مطار الرياض لليوم التالي.
عدت الى دبي، والتقيت احمد مجددا فاعتذر عن هذه الاتصالات والتنقلات واضاف ان الامر لا يمكن التحاور حوله هاتفيا وان وجودي هناك ضروري.
وقبل ان استفسر ما الخطب الجلل الذي حذا به الى استدعائي بهذه السرعة قبل عودتي الى بيتي، قال انه اكتشف ان كوكب وقعت في شرك الخيانة الزوجية مع احد الشبان، وانه شاهدها امس برفقة شاب في احدى السيارات، ولا يمكنه ان يخبر صديقه عبد الحميد بذلك، لكي لا يصدمه.
اثار هذا الخبر جنوني، فاتصلت بابي فورا ابلغه بما يجري فطلب مني ان اعود فورا للسعودية لان هناك مصيبة اكبر قد وقعت ولن يخبرني بها هاتفيا. خفت من نبرة صوت ابي وادركت ان امرا هاما جدا قد وقع وانه ليس بأمر يدعو على السرور.
عدت للسعودية وفور وصولي ابلغوني بمقتل مروة اختي، لكني لم اصدق من هو المتهم بنظر الشرطة. فقد اخبرني رجال الشرطة بان المتهم الاول هو اخي عبد الحميد، وعند سؤالي كيف ذلك قال لي المحقق فيصل ان ساعة يد عبد الحميد وجدت بجوار جثة المغدورة، وان والدي اعترف بان هذه الساعة تعود لعبد الحميد، كما لم يتم العثور على آثار لاقتحام البيت بوسائل غير مشروعة، بل ان القاتل دخل المنزل باستخدامه مفتاحا للباب الرئيسي للمنزل وان الشكوك تحوم بقوة حول اخي عبد الحميد.
اذكر في هذه اللحظة ان ما كان يدور في ذهني هو كيف اقتل عبد الحميد وانتقم لاختي العزيزة. اقترح علي
ابي ان نستدعي عبد الحميد الى البلاد دون ان نبلغه الحقيقة وحين يصل سنرى ماذا نصنع معه. فاتصلت به لاحقا، ليحضر الى السعودية وابلغته بان ابي مريض يرقد في المستشفى.
في هذه الاثناء طلب المحقق فيصل مني التكتم على الجريمة لاستدراج اخي من دبي. لكي يبدو حضوره طبيعيا، ولكي يشعر عبد الحميد بارتياح وببعد الشبهات من حوله على اعتبار انه القاتل الذي يبحث عن وسيلة يبعد الشبهات عن نفسه، فقد نشرت احدى الصحف قصة
ملفقة تحكي عن اغتصاب وقتل فتاة من قبل ثلاثة شبان ليكون هذا تمويها لعبد الحميد يمنحه بعض الارتياح بان لا احد ينتظره في الرياض ليعتقله بتهمة القتل.
كما طلب مني المحقق فيصل ان انتظره عند المستشفى، وليس في المطار، لكي يكون مرتاحا اكثر عندما لا يرى أي شرطي او احد ينتظره في المطار، فهو شاب ذكي جدا ويصعب ان يكون فعل ما فعل دون ان يخطط له جيدا.
كل هذه الادوار اضافة الى الضغط النفسي جراء قتل اختي، جعلني اكره عبد الحميد ولا افكر جيدا بكل الاحداث الغريبة التي مرت علي خلال الايام السابقة، فمن الواضح ان احدهم خطط لكل هذا. وترك الشكوك تتكثف حول اخي لدرجة انني كنت واثقا من انه القاتل الفعلي، ولم اشأ ان يوكل له ابي محاميا للدفاع عنه.
حين اتذكر كل هذا، افهم ان وراء كل هذه العملية خطة نسجت خيوطها بصورة متقنة جدا، فمن يكن هذا احمد ؟ هل هو فعلا صديق اخي ؟ هل فعلا كوكب خانت اخي ؟ ام ان هناك خدعة كبيرة نت
عرض لها جميعا ؟ ومن هو صاحب المصلحة الاولى بقتل اختي مروة؟ لا يمكن ان يكون عبد الحميد لا يمكن. عبد الحميد افضل من ذلك بكثير.
اذكر انني كشفت الحقيقة اثناء تواجد اخي عبد الحميد في المعتقل ويخضع للتحقيق، سافرت الى دبي لملاقاة زوجته التي تبدو السبب في كل مشاكلنا. وكانت المفاجآة بالنسبة لي حين وجدت المحامي سليم عبدالله عندها والذي سارع الى اتهامي بانني قاتل اختي واستدعى الشرطة لتعتقلني.
وبعد ان احض
رتني الشرطة للتحقيق امام المحقق فيصل بالتحقيق اذكر ما دار بيني وبينه:
المحقق: لقد خدعتني يا كمال.
ادهشني سؤاله: بماذا خدعتك ايها المحقق؟
المحقق فيصل باستياء من تعرض لمحاولة الخداع: شريط الفيديو في المطار اثبت لي انك انت الذي دخلت الاراضي السعودية وليس اخوك عبد الحميد، اي انك دخلت بجوازه لتلفيق التهمة له، بل عدت في نفس الليلة بجواز سفرك انت.
اعترضت بشدة على هذا الاستنتاج: لا يمكن ان يكون ذلك، عماذا تتحدث ؟
بدا المحقق فيصل وكأنه يتراجع عن موقفه وقال: اشرح لي انت، اين كنت ليلة مقتل اختك ؟
فأجبته: كنت في المطار، انتظر طائرتي للعودة الى دبي.
لم يفهم المحقق ما اقول، فسأل: ولماذا تاتي وتعود فورا.
قلت: اتصل بي احدهم واخبرني بان هناك مشكلة معقدة يتعرض لها اخي عبد الحميد في دبي.
وهنا استوقفني المحقق: ولماذا دخلت بجواز سفر اخيك عبد الحميد ؟
اجبته دون اي تفكير: هذا مستحيل فقط دخلت بجواز سفري.
لم يقتنع المحقق بما سمع: هل انت متاكد؟
هنا ترددت في ردي: بصراحة لست ادري، فقد كان عقلي مشتتا وضاعت حقيبتي ولست ادري ماذا حدث، اظن ان احدهم لفق هذه القضية لي ولاخي .
اراد المحقق شيئا ملموسا يستند اليه: هل يمكنك ان تثبت انك كنت طوال الليل في المطار.
هنا كنت واثقا من نفسي فقلت: نعم فقد قضيته مع ضابط امن صديقي يدعى سعود، يمكنك ان تساله، لم اغادر طوال الليل.
وبدا المحقق محبطا من عدم التوصل الى اي طرف خيط في هذا الملف فقال: لا ادري يا كمال لكن يبدو لي ان القضية اصعب مما توقعت.
وافقته الرأي: انا اظن ذلك ايضا صباح اليوم التالي تم الافراج عني وعن كوكب زوجة اخي، التي اصبحت الآن طليقته ، وانا لا ادري بتاتا ماذا يحدث ومن اين أبدأ . فالقضية متعبة واصبحت خيوطها متشابكة. من يكون قاتل اختي ؟ من يكون ؟ من يكون ...


[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
 

إنضم
27 يونيو 2013
رقم العضوية
563
المشاركات
214
مستوى التفاعل
6
النقاط
0
الإقامة
الريـآض
توناتي
0
LV
0
 
القصــهـ مرة تقنن
تآبعي يآقمر
وجآري تكلمة القرآئة + جآري التقييم
 

إنضم
22 مايو 2013
رقم العضوية
276
المشاركات
474
مستوى التفاعل
10
النقاط
0
الإقامة
الجـزآئــر
توناتي
0
LV
0
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيفك؟؟ ان شاء الله تمام

جزاك الله خيرا على الموضوع الجميل

انت مبدعة

في انتظار المزيد من الابداعات

تم الشكر+ التقييم
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء الخـ(5)ـامس:

انا المحقق فيصل عبد الرحمن، وهل هناك من لا يعرف المحقق فيصل؟ تحقيقاتي يدرسونها في الكليات والجامعات، متزوج ولدي اربعة اولاد، لكن لدي اخت وحيدة في سن المراهقة تدعى سنبل، هي اختي الحبيبة، طائشة بعض الشئ لكنها ملاك ، ادافع عنها باستمرار، حتى عندما تخطئ. فقد اوصياني ابي وامي برعايتها، واتمنى ان اراها عروسا وان تتزوج فانا احبها اكثر مما احب جميع ابنائي.
نجاحي في عملي جعلها فخورة بي، فهي تتباهى بي امام صديقاتها، وانا اعلم كل شيء عن صديقاتها، لاني امارس دور الشرطي الحارس لها، ولا يطمئن قلبي إلا عندما اعلم كل شيء عنها. لكنني اعترف بانه يصعب علي مراقبتها بحرص شديد في ظل عصر التكنولوجيا، والموبايل، والانترنت، وافعل ما استطعت.
حالفني الحظ في الكثير من القضايا، وفككت خيوطها جميعها بسهولة، لكن ملف المغدورة مروة يربكني بعض الشيء، ولم استطع لغاية الآن ان اعثر له على حل، رغم انني ملم بكل جوانبه كمحقق جيد يعرف من اين ابدأ والى اي اتجاه يقصد.
من المفروض ان يكون عبد الحميد هو القاتل حسب الادلة المتوفرة لدينا، لكني كنت واثقا من ان النيابة ستفرج عنه حين تشاهد التسجيل المصور في مطار الرياض، ثم تحولت الشبهات نحو شقيقه الاصغر كمال على انه هو القاتل، او كوكب التي تبدو في دور مدبرة الجريمة على الاقل، لكن الادلة ضدها ضعيفة جدا.
في هذه القضية بالذات كنت مضطرا للبحث عن قاتل، لا يمكن ان تكون هذه القضية
من دون قاتل. ولكن رغم ما بذلت من مجهود وتشعب في التحقيق، ورغم كل الاجراءات فأنا لا زلت عاجزا عن الاشارة بإصبع الاتهام نحو اي كان في قضية.
المحقق حمد المعاون الاول لي في التحقيق في معظم الملفات المعقدة، يتابعني مستغربا من تصرفي في هذه القضية ومدى استعجالي في العثور على القاتل، لكنه لا يعلم شيئا فهو محقق جديد ولا يفهم التعقيدات الكثيرة في مثل هذه القضايا الشائكة. وبالمناسبة فقد بدأ هذا المحقق الشاب حمد يزعجني حقا باسئلته الكثيرة، واتمنى ان اتخلص منه بسرعة قصوى، فهو لا يساعدني بحل القضية بل يزعجني باسئلته الكثيرة.
ماذا جرى لك يا فيصل هذه المرة؟ ألا تنجح في العثور على القاتل؟ اوليس في يدك حتى الآن طرف خيط على الاقل لتبدأ بتفكيك طلاسم هذه الجريمة ؟
لا يمكنني ان انكر انني محقق يبث الرهبة في نفوس المشتبهين عند التحقيق، وكثيرون هم من يحسبون لي الف حساب، فطلباتي مجابة في اغلب الاحيان، وفي المملكة باسرها سمعتي تسبقني، لا يمكنني ان اصف نفسي باني انسان مثالي، وكذلك لست محققا مثاليا، لا سيما في هذه القضية التي توليت التحقيق فيها، وما زلت بدون مخرج.
يمكنني سحق أي شخص مقابل مصلحتي الشخصية، او ترقيتي، ويمكنني ان افعل الكثير من اجل اختي سندس.






[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء السـ(6)ـادس:

انا خليفة، شقيق عبد الحميد وكمال، واختى الاكبر مروة، يعتبرني الجميع في البيت نكرة لا دور لي في حياتهم اليومية ولا ينيطون بي اي مهمة تستحق الذكر، مع انني اعرف الكثير عن خبايا حياة الاسرة واتكتم على كم كبير من الاسرار ولا استطيع ان اتكلم طالما لم يسألني احدهم.
اظن احيانا انني غير موجود، فاهلي لا يعيرونني الانتباه، مع اني "آخر العنقود"، وتصرفي في البيت اقرب الى الفتى الهادئ الذي لا يفعل أي شيء جيد وخلافا لاخوتي تحصيلي الدراسي ليس جيدا، واهتماماتي تتوزع بين التلفاز والانترنت، ولهذا فانا الاخ الحاضر الغائب في اغلب الاحيان.
اعرف كل شيء عن اختي المرحومة مروة، اعرف صديقاتها واسرارها، لكني التزم جانب السكوت. لن يحدث شيء، فقد تم في النهاية الافراج عن اخي عبد الحميد واخي كمال، فماذا ساستفيد ان تكلمت الآن ؟
حتى المحقق الذي دخل بيتنا وحقق مع الجميع لم يعرني أي انتباه، وكأني غير موجود، مع ان ذلك غريب فقد طلب مني المحقق ان لا اتدخل، لان تدخلي سيضر بالقضية، ومن يستطيع ان يرفض طلبا للمحقق فيصل؟
اجلس الآن في بيتي، وانتظر قدوم حمد مساعد المحقق فيصل، الذي طلب مقابلتي بسرية تامة. نعم يريد التحدث معي انا خليفة، لكنه يبدو لي مجرد محقق، وله شأن اصغر بكثير من المحقق فيصل.
حضر المحقق المساعد حمد الى بيتنا، واستأذن ابي ان يتحدث معي حول الجريمة، لكن ابي لم يفهم لماذا اختارني المحقق المساعد انا بالذ
ات ليستمع الى افادتي، وصمم على ان يكون حاضرا اثناء التحقيق، ولم يعارض المحقق حمد هذاالمطلب وبدأ الحوار:
استهل المحقق المساعد حمد حديثه فقال: انا اعرف انك كنت الصديق الافضل لاختك مروة، اخبرني بشيء عنها لا احد يعرفه سواك؟
اربكني هذا السؤال الذي يتطلب افشاء أسرار: لا يمكنني ان اقول لك شيئا امام ابي، فقد يضربها ...
سارع حمد يطمئنني: لا لن يضربها، فاختك مروة توفيت رحمها الله.
استدركت خطأي فقلت:
لا اقصد ان يضربها بل ان يغضب عليها.
حاول المحقق حمد تصحيح مسار الحوار : اسمع يا خليفة، يجب ان تقول كل شيء لان ذلك سيساعدنا على العثور على القاتل بسهولة، وسنقدمه للمحاكمة.
توجهت الى ابي: هل اتحدث يا ابي؟
فقال ابي : قل كل شيء يا خليفة ولا تخف.
وهنا تذكرت وعدا قطعته على نفسي: لكني وعدت المحقق فيصل بان لا اتحدث !
فتح المحقق حمد فاه دهشة: ماذا ؟
فأكدت له ما خيل اليه انه سمعه: نعم طلب مني ا
لمحقق فيصل ان لا اقول أي شيء عما اعرفه عن القضية والا فسيسجنني.
حاول حمد ان يبث روح الطمأنينة والارتياح في نفسي فقال: هذا غريب.. لكن اطمئن يا خليفة فلن يعرف المحقق فيصل شيئا عن هذا الحوار. والآن قل لي كل شيء.
وبدأت اضيء جوانب القضية: كانت اختي مروة في الفترة الاخيرة في عراك مستمر مع صديقة لها، بسبب ..
استبقني المحقق حمد فسأل: بسبب ماذا ؟؟
قلت: بسبب شاب تحبه، وصديقتها تحبه ايضا.
هنا تدخل ابي وقد رأى ان الامر يتعلق بسمعة وشرف ابنته المرحومة فقال: ما هذه السخافات التي تقولها عن اختك يا خليفة، اصمت افضل لك.
ولكن المحقق حمد قاطع ابي: ارجوك سيدي، هذا يبدو مهما جدا للقضية، دعه يروي كل شيء.
هدأ ابي وأذن لي بمواصلة حديثي: حسنا .. حسنا، تكلم يا خليفة.
واثنى على طلبه المحقق حمد: اكمل يا خليفة
تنهدت واسندت ظهري الى الخلف وبدأت الحديث: نعم ، كان بينهما الكثير من المشاكل في الايام الاخ
ان اغضبك من اختي، فمن المؤكد انك لن تحل القضية بروية، بل بعناد وغضب طويل الامد، وانا لا اريد ذلك لنا ولاختي.
استفسر المحقق حمد: ما اسم هذه الصديقة ؟ وماذا تعرف عنها .
قلت: لا اذكر اسمها، لكن امي تعرفها بالتاكيد، يمكنك ان تسالها.
توجه ابي نحو غرفة امي ليستدعيها للاشارة الى اسم صديقة المغدورة مروة فطرق باب غرفتها طويلا وما من مجيب فعاد ليخبر المحقق المساعد انها غير موجودة لعلها مشغولة بأمر ما يرة قبل مقتل اختي، فمروة كانت مغرمة بشاب يدعى احمد، وكانت تتحدث معه باستمرار عبر التشات في الانترنت، وعندما كانت تزورها صديقتها، كان تجلس تتابع معها حديثها مع هذا الشاب، وعلى ما يبدو فقد اغرمت به ايضا، ووصل الحد بينهما الى العراك ، فدائما ابي وامي خارج البيت، وانا متواجد في غرفتي كنت اسمع واعرف كل شيء.
في هذه اللحظة حاول ابي تأنيبي: ولماذا لم تخبرني يا بني؟
اجبته: لأن غضبك صعب يا ابي، ولا اريد نجت حنجرتي ولم اتمكن من اصدار اي صوت طلبا للنجدة مع انني شعرت بأن الصراخ يختبئ تحت لساني ويأبى الخروج.
انها مشيئة القدر وما شاء الله فعل. تقرير الطب الشرعي قال ان وفاتها جاءت نتيجة جلطة في الدماغ وقد يكون سببها الحزن الشديد على وفاة ابنتها. توفيت قبل ان تعرف قاتل ابنتها الوحيدة.
رحمك الله يا امي العزيزة، وادخلك فسيح جناته .
. وبعد بضع دقائق اوفدني ابي لاستدعاء امي لتجيب على اسئلة المحقق حول صديقة مروة، ففتشت عنها في معظم غرف المنزل الى ان بلغت غرفة المرحومة مروة، فوجدت امي جاثمة فوق سرير اختي، ناديتها ثم ناديتها ولم تعرني اي اهتمام، لا بأس فأنا معتاد ان يعتبرونني النكرة المتحركة في هذاالبيت.
اقتربت منها وربتت على ظهرها لتنتبه الي ولكن هالني ما شاهدت، فقد كان الدم ينزف من فمها وهي جاحظة العينين لا ترمش ولا تتنفس، تشنجت حنجرتي ولم اتمكن من اصدار اي صوت طلبا للنجدة مع انني شعرت بان الصراخ يختبئ تحت لساني ويابى بالخروج انها مشيئة القدر وما شاء الله فعل تقرير الطب الشرعي قال ان وفاتها جاءت نتيجة جلطة في الدماغ وقد يكون سببها الحزن الشديد على وفاة ابنتها توفيت قبل ان تعرف قاتل ابنتها الوحيده رحمك الله يا امي العزيزة وادخلك فسيح جناته






[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
 

إنضم
6 أبريل 2013
رقم العضوية
83
المشاركات
966
مستوى التفاعل
170
النقاط
885
الإقامة
-
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 

[TABLE1="width:100%;background-image:url(http://im31.gulfup.com/30SaE.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الجزء السـ(7)ـابس:


مرت ايام العزاء واجتمع الأخوة الثلاثة، عبد الحميد، كمال وخليفة بعد ان فرقتهم جريمة قتل شقيقتهم مروة، جاءت وفاة والدتهم لتجمع شملهم، فهذه هي مفارقات الحياة والموت بعضها يشتت الاخوة وبعضها يجمع شملهم من جديد.
ما ان مر اسبوع على نهاية ايام العزاء، حتى كان الاخوة الثلاثة يفعلون كل شيء معا وبتنسيق فيما بينهم، فنراهم يجلسون لتناول الطعام حول مائدة واحدة ويقيمون الصلاة معا ويتوجهون لفراشهم ليلا في ذات الوقت. لقد جمعتهم الاقدار من جديد. وعادوا بين الحين والآخر يتحدثون عن الماضي وعن ايام الطفولة، ويستذكرون ما اضحكهم وما ابكاهم.
اصبح البيت اكثر الفة ومحبة، مما ساعد والدهم على تحمل المصيبتين اللتين ابتليا بهما، وفاة زوجته ومقتل ابنته الوحيدة، ويا لهما من مصيبتين.
وفي احدى هذه الجلسات التي تجمع الاخوة، نبش عبد الحميد ذات مرة موضوع مقتل شقيقتهم بقوله انه لا يدري حقا قاتل مروة، وان هذا القاتل الذي لا يزال مجهولا لا بد انه يعرف الكثير عن العالئلة وبدا ذلك واضحا من محاولات تلفيق هذه الجريمة لأحد افراد العائلة.
كان كمال يصغي الى تحليلات عبد الحميد باهتمام، وتذكر كيف اصر عبد الحميد امام المحقق انه من المستحيل ان يكون كمال هو من ارتكب هذه الجريمة. لم يعد كمال يصبر على هذا الجانب غير الواضح في ثنايا احداث الجريمة وما تبعها، فسأل عبد الحميد، كيف تاكد من انه ليس القاتل.
رفع عبد الحميد عينيه نحو كمال وقال بكل ثقة: ببساطة يا اخي، كان يمكنك اخبار ابي وامي بزواجي من كوكب، وهذا كاف لانهاء زواجي، فلماذا تقتل اختك التي اعرف مدى حبك لها. لا ادري كيف ظننت في البداية انك القاتل، فلعل السجن جعلني مشلول التفكير في الايام الاولى من الاعتقال.
ومقابل صراحة عبد الحميد، رأى كمال ان عليه الكشف عن كل التفاصيل التي لا يزال يتستر عليها امام شقيقه، فاعترف بكل تفاصيل سفره الى دبي، وحديثه مع المدعو احمد. اثارت هذه الحقائق الجديدة فضول عبد الحميد ودهش لما سمع فسال كمال هل اخبر المحقق فيصل بذلك؟
فاجاب كمال: طبعا اخبرته بكل شيء، لكن لا ادري لماذا تعامل مع هذه الحقائق وكأنها لا تمت للقضية بصلة.
تدخل خليفة في الحوار منوها الى انه من الضروري التحدث مع المحقق حمد مساعد المحقق فيصل في هذه القضية، ولفت انتباه شقيقيه الى جانب لا ينتبهان اليه فقال: بصراحة لم اعد ارتاح للمحقق فيصل.
جاءت عبارة خليفة كالقطعة الناقصة في لوحة متكاملة سوى من هذه القطة، الامر الذي جعل شقيقيه يوافقانه الرأي على الفور وفعلا اتصلوا بالمحقق حمد الذي لم يتوان عن الحضور الي بيتهم.
استهل المحقق حمد حديثه بتقديم عزائه للاخوة الثلاثة بوفاة والدتهم فشكرة عبد الحميد على شعورة النبيل وقال: نرجو ان تخبرنا ما لديك من تفاصيل لا نعرفها عن مجريات التحقيق، لاننا علمنا من خليفة ان لديك معلومات عن القضية.
اجاب المحقق دون تردد: نعم، بصر غيرا لارقام الهواتف كانت تحتفظ به مروة، واعطى عنوان هذه الصديقة المدون في الدفتر للمحقق حمد.
اخذ المحقق العنوان نظر اليه بهدوء شديد وقال: يا اخوان انتظروني هنا ولا تفعلوا شيئا، ساعود اليكم لاحقا، فانا اظن اننا نمسك بطرف خيط مهم في حل لغز هذه القضية.
كلمات المحقق حمد اثارت دهشة الجميع ثم نهض وغادر الجلسة وبقي الاخوة الثلاثة في حالة انتظار فاستغل كمال هذه اللحظات وطلب من عبد الحميد الاتصال بطليقته لدي شكوك بصديقة اختكم المغدورة، اقصد تلك الصديقة التي كانت تزورها باستمرار والتي نسي خليفة اسمها، فهل يعرفها اي منكم ؟
صاح كمال على الفور: لست اتذكر اسمها ولكني اعرف عنوانها. انها فتاة طيبة، ومن اسرة محترمة، وكانت صديقة جيدة لمروة، فهل تعني ان لديها معلومات قد تساعد التحقيق ؟
لم يجزم المحقق في اجابته وقال: لست ادري، ولكن حدسي يقول ان لها صلة وثيقة بجريمة مقتل مروة.
نهض كمال واحضر دفترا صته كوكب طالما يعتقد ان لديها معلومات قد تفيد سير التحقيق.
وفعلا اخذ عبد الحميد الهاتف واتصل بكوكب، فكانت مفاجأة بالنسبة اليها، وكاد ان يغمى عليها من شدة السرور لسماع صوت زوجها الذي لم تكن تعرف كيف تحبه ايام كانا معا تحت سقف واحد. وها هو الآن يتذكرها فيتصل بها حتى ولو كان الاتصال بقصد الاستفسار عن تفاصيل اضافية حول الجريمة ليس اكثر.
ردت كوكب على مكالمة عبد الحميد بصوت مليء بالرقة والحنان وبنبرة
العاشقة التي انتظرت كل سنين حياتها فارسها. القت على مسمعه كلمات خرجت دون رقابة وبسرعة ولهفة غير معتادة في مفرداتها وتصرفاتها فاعترفت بلمح البصر انها مشتاقة اليه واعتذرت له على كل ما بدر منها وقالت: انا آسفة يا عبد الحميد على كل شي، صدقني انني احبك اكثر من حياتي، واعترف لك بانني اكتشفت ذلك بعد فوات الاوان، ولا يمكنني ان استغني عنك.
ارتبك عبد الحميد من اجابتها وقال بتلعثم: ارجوكي يا كوكب ان نترك
هذا الكلام الى وقت لاحق، ما اريده الآن هو الاستفسار حول بعض الامور المتعلقة بالتحقيق في مقتل اختي.
استردت كوكب نبرتها الجدية وقالت: نعم، لكن ما علاقتي انا بالموضوع فالشرطة افرجت عني بسرعة بعد اعتقالي. وعلمت انك انت من ساعد بالافراج عني.
حاول عبد الحميد ان يتحدث بلهجة رسمية معها فقال: نعم، لقد قلت ما اعرف ليس اكثر، لكن يبدو لي ولاخوتي ان هناك حلقة مفقودة في القضية، فهل تعرفين مثلا شابا يدعى احمد ؟
وقبل ان ينهي سؤاله سارعت كوكب بالقول: اسمع عبد الحميد، عند عودتي الى الامارات، تذكرت معلومة يمكن ان تكون مهمة جدا، لكني لم اذكرها اثناء التحقيق.
تلقى عبد الحميد هذا التحول بلهفة وسأل: ما هي هذه المعلومة؟
فقالت: لقد فهمت انه تم تبادل رسائل الكترونية بينك وبين شقيقتك المرحومة مروة، وفق ما ورد في التهمة الموجهة اليك في البداية.
هذه العبارة هزت عبد الحميد فتذكر هو الآخر وقال: نعم، فعلا يبد
و امرا غريبا، حتى انني لم افحص بريدي لغاية الآن لاتحقق من ذلك. اظن انك لا تعلمين شيئا عن كلمة المرور الخاصة ببريدي الالكتروني اليس كذلك؟
اجابت بسرعة: هذا صحيح، لكن قبل فترة، زارنا في البيت اثناء تواجدك في الجامعة، شاب ادعى انك ارسلته ليصلح الحاسوب.
استهجن عبد الحميد هذه المعلومة الجديدة وعاتب طليقته: لم ارسل احدا، ثم لماذا لم تخبريني عن ذلك لغاية الآن ؟
لم تجد كوكب ما تقوله دفاعا عن نفسها: لا ادري، لم اهتم كثيرا في الموضوع، لكن يبدو لي انه فعل شيئا.
استسلم عبد الحميد لهذه الحقيقة الجدية وتمتم: يبدو انك محقة فيما تقولين، لكن هذا لا يفيد كثيرا، هل تعرفين ما اسم هذا الشاب؟
اجابت: لا، ولكنه اكتفى بتعريف نفسه على انه تقني حاسوب لا اكثر.
لم يعد هناك ما يستفسر عنه فختم حواره بالقول: حسنا كوكب، ساتحدث معك لاحقا.
بعد ان استمع الجميع الى حوار عبد الحميد مع كوكب، ايقنوا ان شخصا قد بذل كل جهد لتلفيق تهمة ارتكاب جريمة القتل لاحدهم.
احتار الاخوة وراح كل منهم يفكر على انفراد حتى قال خليفة: اسمعوا ! اعتقد ان القاتل الفعلي يبحث عن ضحية جديدة، يكون شخصا يورطه بتهمة ارتكاب الجريمة بكل ثمن، كما انني اعتقد ان القاتل الفعلي انسان ذو قوة وسلطة، ليفعل كل هذا.
كمال: افهمك يا خليفة، لكن لا يمكن لاحد من منافسي ابي ان يفعل ذلك، لن تبلغ المنافسة في مجال عمل ابي حد القتل.
بقي الاخوة في البيت
في انتظار عودة المحقق حمد الذي توجه الى العنوان الذي تلقاه من كمال لصديقة شقيقتهم المغدورة مروة. ولكنه تاخر كثيرا، وهم في حالة انتظار وكأنهم في انتظار الفرج الكبير لمعضلة تؤرقهم جميعا.
وفجأة قرع الباب وكان المحقق حمد هو الطارق. دخل مسرعا وجلس على الاريكة وسط الاخوة الثلاثة وقال بعد تنهيدة عميقة وعلامات الرضا بادية على وجهه: تم القبض على القاتل الحقيقي بعد عناء، واعترف بكل شيء، ويؤسفني جدا ان القاتل هو هذا الشخص بالذات، لانني لم اكن اتوقع ذلك بتاتا.
وبصوت واحد سأل الاخوة الثلاثة: من هو من يكون اخبرنا؟
اجاب المحقق حمد: انه المحقق فيصل، هو من دبر كل ذلك، وهو من دخل البيت هنا، بعدما فتحت له اخته سندس الباب، وسهلت له كل شيء ، كل ذلك من اجل اخته سندس.
ساله كمال: لكن لماذا ؟ لماذا يقتل فتاة طيبة مثل مروة؟ ما الدافع؟
تنفس المحقق حمد عميقا وبدأ يروي ما حدث: من التحقيقات الاولية تبين ان سندس كانت تحب نفس الشاب الذي كانت تحبه مروة. وكانت سندس تخطط باستمرار لكيفية ازاحة مروة من طريقها، حتى انها سرقت مسدس اخيها المحقق فيصل وكانت تنوي قتل مروة بواسطته، لكن شقيقها فيصل اكتشف ذلك ونفذ الجريمة بدلا عن اخته ارضاءً لها، وبالتالي فهو من لفق لكم القضية، فكان يهمه ان يجد قاتلا بكل ثمن.
لم يتمالك كمال نفسه فسأل كمال: ومن يكن المدعو احمد الذي انتظرني في دبي؟
فقال المحقق حمد: انه معاون للمحقق فيصل، وهو نفس الشخص الذي تلاعب بالبريد الاكتروني، في بيت عبد الحميد في دبي، وهو من سرق ساعة يد عبد الحميد التي وجدها بجوار الحاسوب.
ورغم الذهول والدهشة التي اصابت الجميع، سأل عبد الحميد: وهل اعترف المحقق فيصل بكل هذا ؟
فقال المحقق حمد: نعم اعترف فيصل بكل شيء وسهل علينا مهمتنا.عندما طالعت العنوان الذي اعطاني اياه كمال لصديقة مروة ادركت ان هذه الصديقة هي شقيقة المحقق فيصل فهما يسكنان في نفس العنوان. عندما دخلت بيته وسالته عن سندس انهار فورا، واعترف بكل شيء، وتم القبض عليه بتهمة القتل العمد، والقي القبض على شقيقته سندس بتهمة التعاون.
تدخل عبد الحميد: نعم لقد اخبرتني كوكب بذلك منذ قليل، لكنها على ما يبدو لم تنتبه لاختفاء ساعة يدي.
استفسر كمال: هل احمد هو ذات الشاب الذي كانت تحبه مروة ؟
فاجابه المحقق حمد: لا، انه شاب آخر، لكن الشاب الذي التقاك في دبي، ادعى بان اسمه احمد، لان هناك صديق حقيقي
لعبد الحميد يدعى احمد، وهذا من باب عدم اثارة الشكوك.
وتذكر خليفة في هذه اللحظة: اذن لهذا السبب، حذرني المحقق فيصل في بداية التحقيق ألا اقول شيئا.
وتذكر المحقق حمد هو كذلك: فعلا لقد حذرني انا كذلك. انها خسارة لجهاز التحقيق ان يكون هذا المحقق الناجح، الذي حقق الكثير من النجاح في مجاله قد ارتكب هذه الجريمة النكراء ضد فتاة بريئة.
ثار عبد الحميد غضبا: النذل الحقير، لم يكتف بقتل مروة، بل حاول ايقاع احدنا في تهمة ارتكاب الجريمة ، وتوفيت امي من حسرة على مروة، وشتتنا جميعا. وكل ذلك من اجل عيون اخته، يا الهي .
تنحنح الاب الذي كان يستمع الى كل ما يدور من حوار بين ابنائه والمحقق بصمت ثم قال: اسمعوا يا ابنائي، نعم قتلت اختكم سدى، فلا يهم من هو القاتل وما هو الدافع، لكن يبدو ان اهتمامي انا ووالدتكم المرحومة لم يكن كافيا بكم، ورغم الجهد والعناية التي بذلناها من اجلكم، اظن اننا لم نكن بجواركم في اهم لحظاتكم. انا اسف على ذلك، اظن انه لو حظيت مروة باهتمام اكثر وعناية وحنان اكبر لربما كنا على علم بما تعيشه مع نفسها وتخفيه عنا نحن اهلها ، ومن يدري لعلنا تفادينا هذه الجريمة. ولو منحنا خليفة الثقة بالنفس للتحدث والاستماع الى ما يقول لكان الوضع افضل بكثير.
صمت الاب قليلا ثم تابع: لو سمحنا لعبد الحميد بالزواج من فتاة احلامه دون تعقيدات لتفادينا الكثير من المشاكل والتآمر الذي لم يكن ضر
وريا. ولو لم نلق على كاهل كمال كل هذه المسؤولية والهموم، لكان الوضع افضل. انا اسف يا اولادي الاحباء انا اسف، انا من اخطأ ايضا، وانا من يطلب المعذرة منكم فسامحوني لانكم اجمل ما املك في هذه الدنيا.
انتصب الاب فجأة وقال بنبرة مختلفة تتسم بالجدية: والان هيا لنعمل على اعادة كوكب لعبد الحميد، ونبارك هذا الزواج، لتدخل الافراح بيتنا بعد كل ما عانينا من احزان.






[/ALIGN][/CELL][/TABLE1]​
 

المتواجدون في هذا الموضوع

أعلى أسفل