- إنضم
- 1 يونيو 2013
- رقم العضوية
- 350
- المشاركات
- 974
- مستوى التفاعل
- 131
- النقاط
- 286
- الإقامة
- القصـر الرئيسي♔
- توناتي
- 0
- الجنس
- أنثى
LV
0
[TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1499296499231.png"]
[/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1499296499322.png"]
وعلى غير عادتي هذه المرة وجدتني أستقبل الصباح أبكر من المعتاد , يُمرر أشعته فوق خدي الأيسر,يهبط
بصهد على نافذتي اليتيمة,فمددتُ ساعدي الضئيل وبدأت أسحب الستار حتى تمكن الصباح من كامل جسدي الصغير..
خطوات صغيرة اقتربت نحو باب غرفتي وصوت حنون هلِع يذعر بإسمي:
_ ليلى!!..ليلى!!
صوت صرير الباب وهو يفتح لتطل والدتي المرتعبة
_جدتك يا ابنتي..انحطت صحتها وصارت رفييقة السرير,هناك عبر الجبل,وحدها لا خليل لها ولا أنيس..
تداعت قطرات زجاجية خفيفة من مقلتاها وبدأت تهطل فوق وجنتيها المتوردتين بنهم,صيّب بلا غيم!
اقتربت مني وبيدين مبللتين ببعض الدموع المكفوفة جرّتني..سحبتني وتوقفت عند باب المطبخ..
الرائحة زكية..خبز!..معجنات!.أفلتت والدتي يدي وراحت تحمل صُرة دافئة من القماش ,وجعلتني أمسكها..
لحظات وتهاوت الصُرة أرضاً لقد أفلتها عمدًا..نعم عمدًا فأنا لم أحتمل حرارتها الشديدة..
تمتمت بعبارات الأسف..ولم أجد ردًا لمْ تلتقطها والدتي من الأرض ولمْ توبخني..رحت أستبصرها حولي..لم أجدها!..أمي!
أين ذهبت؟!
ثوان ووجدتها تقف أمامي وهذه المرة ملأت سلة من القصب و جلباب قرمزي ..
الجلباب الذي اشتراه لي والدي في يوم تخرجي من الابتدائية..
قوَسَت والدتي ظهرها وانحت لتحمل الصُرة التي أوقعتها عمدًا ولم تسألني أو توبخني عنها بل أدخلتها في السلة مباشرة..
ربتت بحنان على كتفي ووضعت السلة داخل ساعدي ثم دستها تحت الجلباب الذي وشحتني به,لا تزال عينيها مبللة بالدموع
ولا زالت أطرافها تهتز وأنفها كياقوتة حمراء دافئة ..أحسست بسخونته لما طبعت قبلتها الحنونة فوق خدي..
_اذهبي عند جدتك يا صغيرتي..أعطها ماخبزته لها..وكوني بقربها..
_حاضر يا أمي.. سـأذهب لجدتي وأسلمها أمانة أمي..لتصل لها رغبة أمي الملحة في شفائها..فأخذت أستدير
معلنةً ذهابي,,أخذت أزيد خطواتي وأرفع كفي الأيسر مودعةً أمي الحنون..لكنها استوقفتني
_ليلى!..بنيتي..طريق الغاب خطر..القوي هناك يأكل الضعيف..
_ لاتقلقي يا والدتي..لقد ترعرت في هذه الحقول بين تلك الجبال الأبّية..لن يخضعني ملك الغاب.
_ كلا يا ابنتي..إن مايخيف ليس قوة الحيوان..بل عقله.. مكره..فاحذري من يكيد لكِ..لا تتقدمي بطريق مائل..
تعلمي دومًا ان تقصدي في الطريق اختاري أقصر طريق وأقومه مهما بدا شاقًا عندك..
_أبدًا لاتدعي قلقكِ يثار يا قرة العين..لديك بنت من لب الجبل..لها جناحا غيمة ومكر ثعلب..
أطلقت العنان لقدماي نحو منزل جدتي ..بعد أن أهديت والدتي التي بدت مضطربة..
قبلة فوق الجبين تبعتها نظرة مطمئِنة..أنا أتفهم قلقها..
اجتزت الجبل الأول ورحت أريح قدمي التي
شعرت بتورم طفيف فيها..ولم أشئ الإطالة فتابعت..كانت جدتي كل ما يشغل تفكيري آنذاك..
بستان جميل!..أزهار ملونة..رائحة طيبة..إنها المرة الأولى التي أرى فيها حقل الزهور الموجود في الجانب الايسر من هذا الجبل..
فلأقطف بعضها لجدتي المسكينة علّ شكلها يريح ناظرها..وتبعث رائحتها بعض النشاط في جدتي وقد تتحسن فعلاً..
لابد لي من قطف بعضه..لكن مهلاً!..أمي طلبَت مني أن لا أبعتد عن الطريق المستقيم لئلا أصبح عرضةً
للفشل والنبذ دومًا.."لكني لن أضيع" إنها لحظات قليلة فقط..لن أتأخر.. جمعت كمية لا بأس بها..
ملأ الفراغ الذي كان في السلة..لقد حان الوفت لمواصلة الطريق ..استدرت متجهة لمنزل جدتي..
لكن فروة برتقالية كلون الشمس حين تغرب..اعترضت طريقي..لها عينان حادتان وفم غريب وبروزان يقعان أعلاها..إنها
غريبة..إنها المرة الأولى التي أشاهد بها فروة بهذا اللون..سألتني تلك الكرة الشعرية بعد أن ألقت السلام علي :
_إلى أين تذهبين يا صغيرتي؟
_إلى منزل جدتي فهي مريضة
_وماذا تحملين في يدك؟
_أزهار!
_وبعد؟!
_إنه غداء جدتي..خبزته أمي لها..ستشفى لو تناولته بإذن الله
وبعد ثوان بدا وكأن الفروة أدارت ظهرها لي..وقد فقدت
ملامحها تمامًا ولما حاولت لمسها..ومددت يدي لأتفقد حقيقتها..حانت منها إلتفاتة نحوي
فعاودت ملامحها الظهور, كان لها أيدٍ كأيدينا لكن أصابعها أقل بنحو وأسّمك..بدت وكأنها شاردة في أمر ما..
سألتني من جديد:
_وأين يقع منزل جدتكِ يا صغيرة.؟
_إنه بعد الغابة عبر الجبل.
_إنه بعيد..أتحتاجين توصيلة !
_كلا..أشكر لكِ صنيعك هذا..لقد طلبت مني أمي ان لا أكلم أحدًا في طريقي..لذا لن أستطيع قبول
عرضك مع بالغ الأسف. تركتُ كومة الفرو ذات اللون الاصفر المحمر وغادرت أهافت خطواتي المتلهفة للقاء جدتي والإطمئنان
على صحتها.. لم أكن أعلم أن كرة الفرو تلك لم تحمل نوايا حسنة..ولم تكن دمية ناطقة أنطقتها سيدة الغابة
اللطيفة لتؤنس وحشة طريقي..لم أعي حينها أنها عاقبة سلوك الطريق المائل الذي حذرتني أمي من طرق بابه,
لكن كيف لي أن أعلم وأنا التي لم تخالط أقدامها العشب إلا طلبًا للتبضع أو اللهو بجوار المنزل فحسبت الطريق ممراً
يؤدي للجانب الآخر من الجبل..لا غير, وتفاخرت اعتزازًا بتراقص الخضراء تحت قدمي..
كيف سأميز وجه ماكر يختبئ خلف قناع الشعيرات الذي يرتديه..أم تراني قادرة على معرفة ماهيته وأنا التي
يصحبني والدي للمدرسة ويرجعني منها, اجتنابًا لتكرار مأسآة أخي الذي ألقت به زوابع الإهمال في لج البحر, لتعلن
الأيام القادمة ملف حبسي بتهمة الخوف من كيد الطبيعة, كيف أرسلتني أمي وسط هذه الأشجار المتشعبة كخيوط
العنكبوت الملتصقة بدرج مكتب والدي الفوضوي. ضخمة وخضراء كانت أنقى وأقرب للنفس مما التصق بدرج أبي, تلك الطبيعة
التي ترعرت تحت ضرعها المدرار, تستفرد بي وتضمني تحت جناحيها بأذرع سندسية.. و ها هو ضوء الشمس الأبيض
يقترب..ليلامس بشرتي السمراء.. والنسيم العليل يداعب أنفي الأحمر خجلاً من كرم الطبيعة.. والطريق سالك .. سالك أكثر
ممايجب ,, تفحصت المكان حولي .. هل هذا الطريق المستقيم ؟
على جانب اخر شاهدت طريق يمتد بإمتداد الأفق للأمام وبصورة
معتدلة.. ثم يلتف خلف الواد ليصل لمنزل الحبيبة..
لكنه يقطع الوادي بطريق وعرة.. لكن وعورته لا تساوي شيئًا أمام أقدام ذو الفروة البرتقالية وهي تتدحرج فوقه..
((طق..طق))
_من الطارق؟
_إنها أنا ياجدتي..حفيدتك ليلى..أحضرت لك بعض الحليب وشيء مما خبزت والدتي..
_تفضلي يا حبيبتي..تفضلي ..الباب مفتوح
_لم يتطلب الباب الذي دائمًا ما توصده جدتي أكثر من دفعة قليلة لأكون داخل المنزل..قطعت الرواق لأصل لغرفتها,,
تستلقي بألم فوق السرير تمدد ساقيها بوهن..تحدق بي بضعف و نظرات حادة.. لقد ازدادت نحافة وحمرة!
حمرة تلتصق برأسها..كهرمان يتأرجحان على جانبي صدغها
_أين خالي؟
سألت بسذاجة
_انه...لقد...سيعود بعد قليل
_ألن تباركي لي اجتياز الغابة بمفردي يا جدتي..إنها المرة الأولى التي أقوم بها..أنا أكبر يا جدتي وأنمو كما ينمو باقي أقراني ,
هيا استعيدي عافيتكِ وشاهديني أزداد طولاً..
_مبارك يا بنيتي.
لما بدأت بتفريغ محتويات سلتي رأيت جدتي تراقبني بذهول..
_هل أنت جائعة يا جدتي..؟
_أجل..
قالتها جدتي بحماس على غير المعتاد
_لقد صار صوتك واهن يا جدتي
_انه المرض يا صغيرتي..
ثم سعلت جدتي بصورة متواصلة..فأسرعت أربت على كتفها..أحملها وأثني وسادتها, رأيت بعض الشعيرات
النحاسية تلتصق بي.. سألتها في دهشة
_هل نما لك شعر أشقر يا جدتي؟..هل عاد شعرك الأشيب لحاله!
_وأرحت يدي أمامها أريها ما علق بي من شعيرات.لكنها وبغير العادة أيضًا فزعت وضمت يدها إلى صدرها وتلبكت
_كلا..إنه من اللحاف الذي أتدفأ به..
طالعتها بإندهاش..رغم نحولها ..كانت تمتلك قُصرًا غريبًا
_تبدين أقصر يا جدتي؟سألتها
_كلا..إني أضم قدمي للداخل طلبًا للراحة فقط..
_ماهذه الأهرام التي تعلو رأسكِ يا جدتي؟
_إنها دبابيس زينة اشتراها لي خالك..
مسحت على دبابيسها بيدي بدت طفولية,وملساء ودافئة,كأنها متصلة برأسها ..ثم لحظت اهتزازها المتكرر
_أتشعرين بالبرد يا جدتي؟ هل أحضر لك بطانية؟
_آه,نعم لو سمحتي يا صغيرتي ودعينا نتناول الطعام قبل أن يبرد,,لكي لا تضيع جهود والدتي سدى حملت طبق الطعام
وجعلتها تمسكه..جدتي لطالما حثتني على النظافة والإعتناء بكل شبر في كل مكان وخاصة نظافة أنفسنا
وأن البنان كلما طال زاد تشويه خلق ابن آدم الذي صوره الله تعالى إياه وأحسن تصويره وصار أشبه ما يكون بالحيوان..
لم تجذبني كلمة حيوان حينها..سألتها
_طالت أظافرك يا جدتي.. هل أساعدك في التخلص من ما طال منها؟
شهقت جدتي بقوة وضمت يدها مرة اخرى لصدرها..
-هل هكذا يصنع داؤها ؟
-فغرت لي بفاه مرعب مفتّح على مصراعيه..كبوابة عظمية..أسرتني علامات الذعر وسألت بوجل:
_ماهذه الأسنان يا جدتي..ماهذا الشق الذي أخفى خدك الذي اعتدت تقبيله دومًا بود ؟
تقلصت ملامح جدتي وانقبضت فظهرت عليها ملامح لم أعرفها من قبل وقالت:
_إنها لألتقمك بها يا ابنتي..
أطلقت صرخة مرعبة وحاولت التملص من مقعدي هربًا..لكن قدماي النحيلتان المتعبتان المذعورتان أحبطت
كل محاولاتي في الهرب,,بعد أن رفعت جدتي رأسها من الوسادة وحدقت بي كذئب مفترس ذو أنياب حادة مدببة..
وأذنان عملاقتان كانتا دبابيس شعر أهداها خالي لجدتي!!
ارتفعت حرارة ساقي..لم استطع الإلتفات لتفقدها وهذا الكائن المرعب يواجهني..
بشراهة وقد اتسع ثغره ومُلئ بسائل شفاف لزج..تحسست ساقي بعد أن وخزتني سخونتها..حسبتها ردة فعل طبيعية
وسط هذا التوتر والرعب فأردت تفقدها غريزيًا..
فألقيت براحة يدي فوقها..ويبدو أني لم أطالها..بل تمكنت من كومة فرو مبلل..بسائل لزج!..هل هو لعاب أيضًا ؟
كذلك السائل الذي يتدلى بنهم من ثغر هذا الوحش وبصورة لا إرادية إلتفت أتفحص ماهية ماحصدت, تاركة عينا
الوحش تعبث بمعدته..لحظات..لمزت عيني , ثانية..ربما..
أو خمس ثوان..كانت لمزة بفعل صوت.. أو هواء..هواء ما أعاق الرؤية..فلمزتُ..أعدت فتح عيني..
لثوان..قبل ان أغلقها مجددًا أبدًا..رأيت ساقي تقابل رأسي في موضع مواز..أنابيب لحمية تلتف حول أنياب الوحش,
جهلت مصدرها..ثم اصطبغ العالم بالأحمر ثم الأسود ثم.....
انتهى
[/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1499296499383.png"]
[/TBL][/QUOTE]
[/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1499296499322.png"]
وعلى غير عادتي هذه المرة وجدتني أستقبل الصباح أبكر من المعتاد , يُمرر أشعته فوق خدي الأيسر,يهبط
بصهد على نافذتي اليتيمة,فمددتُ ساعدي الضئيل وبدأت أسحب الستار حتى تمكن الصباح من كامل جسدي الصغير..
خطوات صغيرة اقتربت نحو باب غرفتي وصوت حنون هلِع يذعر بإسمي:
_ ليلى!!..ليلى!!
صوت صرير الباب وهو يفتح لتطل والدتي المرتعبة
_جدتك يا ابنتي..انحطت صحتها وصارت رفييقة السرير,هناك عبر الجبل,وحدها لا خليل لها ولا أنيس..
تداعت قطرات زجاجية خفيفة من مقلتاها وبدأت تهطل فوق وجنتيها المتوردتين بنهم,صيّب بلا غيم!
اقتربت مني وبيدين مبللتين ببعض الدموع المكفوفة جرّتني..سحبتني وتوقفت عند باب المطبخ..
الرائحة زكية..خبز!..معجنات!.أفلتت والدتي يدي وراحت تحمل صُرة دافئة من القماش ,وجعلتني أمسكها..
لحظات وتهاوت الصُرة أرضاً لقد أفلتها عمدًا..نعم عمدًا فأنا لم أحتمل حرارتها الشديدة..
تمتمت بعبارات الأسف..ولم أجد ردًا لمْ تلتقطها والدتي من الأرض ولمْ توبخني..رحت أستبصرها حولي..لم أجدها!..أمي!
أين ذهبت؟!
ثوان ووجدتها تقف أمامي وهذه المرة ملأت سلة من القصب و جلباب قرمزي ..
الجلباب الذي اشتراه لي والدي في يوم تخرجي من الابتدائية..
قوَسَت والدتي ظهرها وانحت لتحمل الصُرة التي أوقعتها عمدًا ولم تسألني أو توبخني عنها بل أدخلتها في السلة مباشرة..
ربتت بحنان على كتفي ووضعت السلة داخل ساعدي ثم دستها تحت الجلباب الذي وشحتني به,لا تزال عينيها مبللة بالدموع
ولا زالت أطرافها تهتز وأنفها كياقوتة حمراء دافئة ..أحسست بسخونته لما طبعت قبلتها الحنونة فوق خدي..
_اذهبي عند جدتك يا صغيرتي..أعطها ماخبزته لها..وكوني بقربها..
_حاضر يا أمي.. سـأذهب لجدتي وأسلمها أمانة أمي..لتصل لها رغبة أمي الملحة في شفائها..فأخذت أستدير
معلنةً ذهابي,,أخذت أزيد خطواتي وأرفع كفي الأيسر مودعةً أمي الحنون..لكنها استوقفتني
_ليلى!..بنيتي..طريق الغاب خطر..القوي هناك يأكل الضعيف..
_ لاتقلقي يا والدتي..لقد ترعرت في هذه الحقول بين تلك الجبال الأبّية..لن يخضعني ملك الغاب.
_ كلا يا ابنتي..إن مايخيف ليس قوة الحيوان..بل عقله.. مكره..فاحذري من يكيد لكِ..لا تتقدمي بطريق مائل..
تعلمي دومًا ان تقصدي في الطريق اختاري أقصر طريق وأقومه مهما بدا شاقًا عندك..
_أبدًا لاتدعي قلقكِ يثار يا قرة العين..لديك بنت من لب الجبل..لها جناحا غيمة ومكر ثعلب..
أطلقت العنان لقدماي نحو منزل جدتي ..بعد أن أهديت والدتي التي بدت مضطربة..
قبلة فوق الجبين تبعتها نظرة مطمئِنة..أنا أتفهم قلقها..
اجتزت الجبل الأول ورحت أريح قدمي التي
شعرت بتورم طفيف فيها..ولم أشئ الإطالة فتابعت..كانت جدتي كل ما يشغل تفكيري آنذاك..
بستان جميل!..أزهار ملونة..رائحة طيبة..إنها المرة الأولى التي أرى فيها حقل الزهور الموجود في الجانب الايسر من هذا الجبل..
فلأقطف بعضها لجدتي المسكينة علّ شكلها يريح ناظرها..وتبعث رائحتها بعض النشاط في جدتي وقد تتحسن فعلاً..
لابد لي من قطف بعضه..لكن مهلاً!..أمي طلبَت مني أن لا أبعتد عن الطريق المستقيم لئلا أصبح عرضةً
للفشل والنبذ دومًا.."لكني لن أضيع" إنها لحظات قليلة فقط..لن أتأخر.. جمعت كمية لا بأس بها..
ملأ الفراغ الذي كان في السلة..لقد حان الوفت لمواصلة الطريق ..استدرت متجهة لمنزل جدتي..
لكن فروة برتقالية كلون الشمس حين تغرب..اعترضت طريقي..لها عينان حادتان وفم غريب وبروزان يقعان أعلاها..إنها
غريبة..إنها المرة الأولى التي أشاهد بها فروة بهذا اللون..سألتني تلك الكرة الشعرية بعد أن ألقت السلام علي :
_إلى أين تذهبين يا صغيرتي؟
_إلى منزل جدتي فهي مريضة
_وماذا تحملين في يدك؟
_أزهار!
_وبعد؟!
_إنه غداء جدتي..خبزته أمي لها..ستشفى لو تناولته بإذن الله
وبعد ثوان بدا وكأن الفروة أدارت ظهرها لي..وقد فقدت
ملامحها تمامًا ولما حاولت لمسها..ومددت يدي لأتفقد حقيقتها..حانت منها إلتفاتة نحوي
فعاودت ملامحها الظهور, كان لها أيدٍ كأيدينا لكن أصابعها أقل بنحو وأسّمك..بدت وكأنها شاردة في أمر ما..
سألتني من جديد:
_وأين يقع منزل جدتكِ يا صغيرة.؟
_إنه بعد الغابة عبر الجبل.
_إنه بعيد..أتحتاجين توصيلة !
_كلا..أشكر لكِ صنيعك هذا..لقد طلبت مني أمي ان لا أكلم أحدًا في طريقي..لذا لن أستطيع قبول
عرضك مع بالغ الأسف. تركتُ كومة الفرو ذات اللون الاصفر المحمر وغادرت أهافت خطواتي المتلهفة للقاء جدتي والإطمئنان
على صحتها.. لم أكن أعلم أن كرة الفرو تلك لم تحمل نوايا حسنة..ولم تكن دمية ناطقة أنطقتها سيدة الغابة
اللطيفة لتؤنس وحشة طريقي..لم أعي حينها أنها عاقبة سلوك الطريق المائل الذي حذرتني أمي من طرق بابه,
لكن كيف لي أن أعلم وأنا التي لم تخالط أقدامها العشب إلا طلبًا للتبضع أو اللهو بجوار المنزل فحسبت الطريق ممراً
يؤدي للجانب الآخر من الجبل..لا غير, وتفاخرت اعتزازًا بتراقص الخضراء تحت قدمي..
كيف سأميز وجه ماكر يختبئ خلف قناع الشعيرات الذي يرتديه..أم تراني قادرة على معرفة ماهيته وأنا التي
يصحبني والدي للمدرسة ويرجعني منها, اجتنابًا لتكرار مأسآة أخي الذي ألقت به زوابع الإهمال في لج البحر, لتعلن
الأيام القادمة ملف حبسي بتهمة الخوف من كيد الطبيعة, كيف أرسلتني أمي وسط هذه الأشجار المتشعبة كخيوط
العنكبوت الملتصقة بدرج مكتب والدي الفوضوي. ضخمة وخضراء كانت أنقى وأقرب للنفس مما التصق بدرج أبي, تلك الطبيعة
التي ترعرت تحت ضرعها المدرار, تستفرد بي وتضمني تحت جناحيها بأذرع سندسية.. و ها هو ضوء الشمس الأبيض
يقترب..ليلامس بشرتي السمراء.. والنسيم العليل يداعب أنفي الأحمر خجلاً من كرم الطبيعة.. والطريق سالك .. سالك أكثر
ممايجب ,, تفحصت المكان حولي .. هل هذا الطريق المستقيم ؟
على جانب اخر شاهدت طريق يمتد بإمتداد الأفق للأمام وبصورة
معتدلة.. ثم يلتف خلف الواد ليصل لمنزل الحبيبة..
لكنه يقطع الوادي بطريق وعرة.. لكن وعورته لا تساوي شيئًا أمام أقدام ذو الفروة البرتقالية وهي تتدحرج فوقه..
((طق..طق))
_من الطارق؟
_إنها أنا ياجدتي..حفيدتك ليلى..أحضرت لك بعض الحليب وشيء مما خبزت والدتي..
_تفضلي يا حبيبتي..تفضلي ..الباب مفتوح
_لم يتطلب الباب الذي دائمًا ما توصده جدتي أكثر من دفعة قليلة لأكون داخل المنزل..قطعت الرواق لأصل لغرفتها,,
تستلقي بألم فوق السرير تمدد ساقيها بوهن..تحدق بي بضعف و نظرات حادة.. لقد ازدادت نحافة وحمرة!
حمرة تلتصق برأسها..كهرمان يتأرجحان على جانبي صدغها
_أين خالي؟
سألت بسذاجة
_انه...لقد...سيعود بعد قليل
_ألن تباركي لي اجتياز الغابة بمفردي يا جدتي..إنها المرة الأولى التي أقوم بها..أنا أكبر يا جدتي وأنمو كما ينمو باقي أقراني ,
هيا استعيدي عافيتكِ وشاهديني أزداد طولاً..
_مبارك يا بنيتي.
لما بدأت بتفريغ محتويات سلتي رأيت جدتي تراقبني بذهول..
_هل أنت جائعة يا جدتي..؟
_أجل..
قالتها جدتي بحماس على غير المعتاد
_لقد صار صوتك واهن يا جدتي
_انه المرض يا صغيرتي..
ثم سعلت جدتي بصورة متواصلة..فأسرعت أربت على كتفها..أحملها وأثني وسادتها, رأيت بعض الشعيرات
النحاسية تلتصق بي.. سألتها في دهشة
_هل نما لك شعر أشقر يا جدتي؟..هل عاد شعرك الأشيب لحاله!
_وأرحت يدي أمامها أريها ما علق بي من شعيرات.لكنها وبغير العادة أيضًا فزعت وضمت يدها إلى صدرها وتلبكت
_كلا..إنه من اللحاف الذي أتدفأ به..
طالعتها بإندهاش..رغم نحولها ..كانت تمتلك قُصرًا غريبًا
_تبدين أقصر يا جدتي؟سألتها
_كلا..إني أضم قدمي للداخل طلبًا للراحة فقط..
_ماهذه الأهرام التي تعلو رأسكِ يا جدتي؟
_إنها دبابيس زينة اشتراها لي خالك..
مسحت على دبابيسها بيدي بدت طفولية,وملساء ودافئة,كأنها متصلة برأسها ..ثم لحظت اهتزازها المتكرر
_أتشعرين بالبرد يا جدتي؟ هل أحضر لك بطانية؟
_آه,نعم لو سمحتي يا صغيرتي ودعينا نتناول الطعام قبل أن يبرد,,لكي لا تضيع جهود والدتي سدى حملت طبق الطعام
وجعلتها تمسكه..جدتي لطالما حثتني على النظافة والإعتناء بكل شبر في كل مكان وخاصة نظافة أنفسنا
وأن البنان كلما طال زاد تشويه خلق ابن آدم الذي صوره الله تعالى إياه وأحسن تصويره وصار أشبه ما يكون بالحيوان..
لم تجذبني كلمة حيوان حينها..سألتها
_طالت أظافرك يا جدتي.. هل أساعدك في التخلص من ما طال منها؟
شهقت جدتي بقوة وضمت يدها مرة اخرى لصدرها..
-هل هكذا يصنع داؤها ؟
-فغرت لي بفاه مرعب مفتّح على مصراعيه..كبوابة عظمية..أسرتني علامات الذعر وسألت بوجل:
_ماهذه الأسنان يا جدتي..ماهذا الشق الذي أخفى خدك الذي اعتدت تقبيله دومًا بود ؟
تقلصت ملامح جدتي وانقبضت فظهرت عليها ملامح لم أعرفها من قبل وقالت:
_إنها لألتقمك بها يا ابنتي..
أطلقت صرخة مرعبة وحاولت التملص من مقعدي هربًا..لكن قدماي النحيلتان المتعبتان المذعورتان أحبطت
كل محاولاتي في الهرب,,بعد أن رفعت جدتي رأسها من الوسادة وحدقت بي كذئب مفترس ذو أنياب حادة مدببة..
وأذنان عملاقتان كانتا دبابيس شعر أهداها خالي لجدتي!!
ارتفعت حرارة ساقي..لم استطع الإلتفات لتفقدها وهذا الكائن المرعب يواجهني..
بشراهة وقد اتسع ثغره ومُلئ بسائل شفاف لزج..تحسست ساقي بعد أن وخزتني سخونتها..حسبتها ردة فعل طبيعية
وسط هذا التوتر والرعب فأردت تفقدها غريزيًا..
فألقيت براحة يدي فوقها..ويبدو أني لم أطالها..بل تمكنت من كومة فرو مبلل..بسائل لزج!..هل هو لعاب أيضًا ؟
كذلك السائل الذي يتدلى بنهم من ثغر هذا الوحش وبصورة لا إرادية إلتفت أتفحص ماهية ماحصدت, تاركة عينا
الوحش تعبث بمعدته..لحظات..لمزت عيني , ثانية..ربما..
أو خمس ثوان..كانت لمزة بفعل صوت.. أو هواء..هواء ما أعاق الرؤية..فلمزتُ..أعدت فتح عيني..
لثوان..قبل ان أغلقها مجددًا أبدًا..رأيت ساقي تقابل رأسي في موضع مواز..أنابيب لحمية تلتف حول أنياب الوحش,
جهلت مصدرها..ثم اصطبغ العالم بالأحمر ثم الأسود ثم.....
انتهى
[/TBL][/QUOTE]