- إنضم
- 20 أبريل 2017
- رقم العضوية
- 7982
- المشاركات
- 4,109
- مستوى التفاعل
- 5,123
- النقاط
- 497
- توناتي
- 100
- الجنس
- أنثى
LV
0
[TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1503910662571.png"]
[/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1503910814051.png"]
لو تعلمَ نصفُ البشرِ عدم التدخلِ فيما لا يعنيهم [/TBL]
[TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1503910814051.png"][/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1503910814051.png"]
لو تعلمَ نصفُ البشرِ عدم التدخلِ فيما لا يعنيهم [/TBL]
لعاشَ النصفُ الآخرُ بخير !!!
____
في أوساطُ الأرضِ وتحديداً بأعماقِ غابةٍ خضراء كثيفةُ الأشجارِ
يبدو أن هناكَ شيئاً يتحركُ بين الأعشابِ .. يا ترى هل هو أرنب أم ماذا !؟
لبرهةٍ يخرجُ من بين أغصانِ الأشجارِ التي تشابكت مع بعضها البعض
شابُ بعمرِ العشرين ظهرَ على وجههِ التعبُ والأرهاقِ
يبدو أنهُ تجادلَ كثيراً مع أحدهم كانت ملابسهُ شبه المهترئة والبالية
أظن أنهُ عانَ كثيراً في حياتهِ
_ ألم أقل لكَ ألا تقودنا إلى هذا الطريق .. لقد ضعنا هل أرتحتَ ألان ؟
قال هذا وقد أرتسمت على وجههِ ملامحُ الغضبِ وألانزعاج
ليظهر من نفسِ المكانِ شابُ يبدو أنهُ بنفسِ عمرِ المتحدثِ ليجيب على سؤال ذاك
الغاضب أثناء تنظيفهِ لملابسهِ :
_ وما أدراني أن هذا سيحصل , كنتُ أظنهُ طريقاً مختصراً سيقودنا إلى
تلكَ المدينة التي قيل عنها أنها تؤمنُ فرصَ عملً للشباب العاطلين أمثالنا .
أجابَ الغاضبُ بنبرةٍ قد سيطرَ عليها اليأسُ والأستسلام بعد أن بركَ على ألارضِ وأتكئ على أحدى الأشجار :
_ أنسى أمرها ، نحن تائهين الآن وسط غابةٍ
لا نعرفُ حتى أين ستقودنا أن تابعنا السيرَ ،
ثم أبتسمَ بعد أن وجه أنظارهُ نحو الواقفِ بجانبهِ :
_ وربما سنموتُ جوعاً هنا بما أننا لم نحضر معنا طعاماً يكفي لورطتنا هذهِ .
أجابهُ مسببُ غضبهِ محاولاً تهدأتهُ قبل أن ينفجر بعد أن أنحنى بأتجاههِ :
_ أهدأ قليلاً يا ماكس ، سنخرجُ من هنا ثق بهذا .
أستقامَ حالَ أنهاءهِ لكلامهِ
وأخذَ ينظرُ حولهُ متأملاً المكان باحثاً عن أي شيء أو أي مخرج
فينطقُ هنا المدعو ماكس :
_ لا فائدة يا بيرت ، لقد طارت فرصةُ العملِ من بين أيدينا
فنحن سنتأخر على أيَ حال حتى نعثرَ على مخرجاً من هذهِ المتاهة ؛
نظرَ بيرت بأتجاهِ ماكس ليجيبهُ بنبرةٍ ضاحكة محاولاً أستفزازه :
_ هوه هوه أنظروا من يتكلم ، ألم تكن معارضاً لفكرة قدومنا
إلى تلك المدينةِ مدعياً أنها تنشرُ عروضاً لا صحة لها من ألاساسِ !؟
تحولت ملامحُ وجه ماكس الجالسُ على الأرضِ
من مللً وأشتئماز إلى خجلٍ و أرتباك ليقولَ بنبرةٍ مترددة
بعد أن وجه نظرهُ بعيداً عن بيرت :
_ هذا لأنه .. لأنه لم يكن لدي خيارُ آخر
فقد نفذت فرصُ العملِ في المدينةِ التي كنا بها كما تعلم ،
ثم نظرَ الى بيرت محاولاً تغيير الموضوعِ
_ على كلاً يجبُ أن نخرجَ من هنا بسرعة فقد بدأتُ أشتئمزُ من هذا المكان .
تبسمَ بيرت وكأنهُ عرفَ ما يحاولُ ماكس فعلهُ فقالَ بنبرةٍ ضاحكة :
_ حسناً حسناً لا تغضب ، سأبحثُ قليلاً لعلي أجدُ مخرجاً وأنت أبقى هنا لتستريح حتى أعود .
وما أن أنهى آخرَ كلمةٍ حتى راحَ يركضُ بعيداً ينظرُ هنا وهناك علهُ يجدُ ما يرضي صديقهُ المتعجرفِ ؛
ظلَ ماكس جالسُ في مكانهِ يحدقُ في الأتجاهِ التي ذهبَ بها بيرت
وبعدَ مضي بضعِ ساعات كان ماكس لا يزالُ جالساً متكئاً على تلك الشجرةِ ،
كانت ملامحُ الخوفِ والقلقِ قد حلت محل َملامحِ الغضبِ
والتشاؤم فحتى الآن لم يعد بيرت كما أن الشمسَ قد شارفت على الغروبِ ،
كان يــتأملُ الطريقَ التي سلكها صاحبهُ والقلق قد سيطرَ عليه نهائياً
فهو الملامُ بما سيحصلُ لصديقهِ في النهايةِ
نهضُ وأخيراً وهو يتمتمُ ببعض الكلمات :
_ لقد تــأخر ، اين ذهب ؟
قالها بعد أن أخذَ يمشي بالطريق التي ذهب بها بيرت
تاركاً خلفهُ كل أغراضهِ التي يحملها بيدهِ
وحالَ أبتعادهِ قليلاً عن تلك الشجرةِ وهو يمضي بطريقاً لا يعرفُ ما هي نهايتهُ
يسمعُ صوتاً قريباً يأتي من أمامهِ منادياً بأسمهِ ،
كان الصوتُ يقترب شيئاً فشيئاً ويبدو أن ماكس على معرفةٍ بمصدرِ الصوتِ
_ بيرت !!
بنبرةٍ شبهِ المخنوقة نطقَ ذلك ثم أخذَ يركضُ الى مصدرِ ذاك الصوتِ البعيدِ ليصادفَ
بيرت أمامهُ :
_ هل أنت بخير بيرت ؟
بعد أن أنتهى من جملته أقبلَ نحو بيرت ليعانقه بشدة
_ أجل , أنا بخير .. لا تقلق
لفظَ بيرت هذه الكلمات وهو يوشكُ على الأختناقِ من عناقِ ماكس ذاك
أبتعدَ ماكس عن بيرت ليبدأ بالتساؤلِ :
_ لماذا تأخرت هكذا ؟ ظننت أنهُ قد أصابكَ مكروهُ ما .
أجابَ بيرت بعد أن وضعَ كف يدهِ اليمنى على عضلةِ يدهِ اليسرى ليقولَ بتفاؤلً
مزجهُ الغرور :
_ هه هه لا تقلق , أنا قويُ كفايةً لأحميَ نفسي .
أبتسمَ ماكس فقد شعرَ بالأرتياح لأن صديقهُ ما يزالُ بخير وبنبرةٍ كلها سخريةً قال :
_ هل عدنا للتباهي من جديد ؟
_ اييييه وهو الواقع
تكلمَ بيرت بعفويةٍ شديدة سيطرت على كل حرفٍ وكل كلمةٍ من جملتهِ تلك
ليقول ماكس بنبرةٍ ضاحكة :
_ حسنا كما تشاء .
_ هذا افضل .
تحولت ملامحُ وجهِ بيرت فجاءةٍ إلى جادةٍ بعدما كانت عفويةٌ
ثم أخذَ يحدقُ في الأرضِ :
_ ماكس أسمعني جيداً .
أنهى بيرت جملتهُ دون النظرِ بوجهِ ماكس
صارت ملامحُ وجهِ ذاك الواقفِ أمامهُ الى قلقٍ ليسئلَ بسرعة :
_ ماذا هناك ؟
اكملَ بيرت كلامهُ بنفسِ النبرة :
_ لقد وجدتُ مكاناً سيأوينا من بردِ هذهِ الغابة ليلاً ،
تسائلَ ماكس بعفويةٍ :
_ مكاناً ؟
ثم أكملَ بسرعةٍ :
_ واين هو ؟
أجابهُ بيرت بعد أن نظرَ إلى جانبهِ بتوترٍ و سيطرَ على صوتهِ الأرتباك والترددُ :
_ حسناً , إنهُ بعيداً سيحتاجُ الكثيرَ من الوقتِ حتى نصل
_ حسنا , هيا بنا
حدثهُ وعلى وجههِ علاماتُ الأستفهامِ من أرتباكِ بيرت الغريبِ
أنطلقَ الأثنان التائهان الى مصيرٍ مجهول متوجهين إلى ذاكَ المأوى
الذي بدى أن بيرت كان متلبكً منهُ
وبعد عناءً طويل بذلهُ الأثنان كان التعبُ قد سيطرَ على ماكس كلياً
وبدأ بالتذمر ثانيةٍ :
_ تباً , لماذا لم تخبرني أنهُ بعيدُ إلى هذا الحدِ ؟
كان ذاك التعبُ يلفظُ أنفاسهُ بصعوبةٍ كونهُ قد سارَ كثيراً كما يزعم
_ أصبر قليلاً , لم يتبقى شيء ،
يحاول بيرت تهدأة ماكس بمحاولاتٍ فاشلة
أما ذاك المقصود فقد بات على وشكِ السقوطِ أرضاً لولا أن الكلامَ الذي خرجَ من فمِ بيرت جعلهُ يسيطرُ على نفسهِ
_ وصلنا
_ حقاً !؟
أمسى ماكس وهو لا يكادُ يصدقُ أنهُ سينتهي من عذابِ السيرِ لساعاتٍ أخيراً
_ اجل , ولكن ....
وقبل أن ينهي بيرت حديثهُ يتفاجئ بصديقهِ يركضُ
نحو ذاكَ المأوى
_ بيرت !!!
علا صوتُ صراخِ ماكس ليركضَ بيرت بسرعةٍ نحوهُ دون ترددٍ
وكأنه يعرفُ ما ضايقهُ وصلَ وتبعَ كلامه بعد وصولهِ الى ماكس :
_ ما الأمرُ يا ماكس ؟
نظرَ ماكس بغضبٍ وحدةٍ نحوَ صديقهِ ليؤشرَ بأصبع يده اليمنى بكل غضب :
_ ما هذا يا بيرت ؟ لم تخبرني أن المكانَ هكذا !
كان المأوى عبارةٍ عن منزلاً صغير ريفي قديمُ من الخارجِ يبدو وكأنَ لم يدخله أحدُ منذُ
قرون وواضحُ أنهُ لا توجدُ ضوءُ أو كهرباء داخلَ المنزلِ ،
نظرَ بيرت بأتجاهِ المنزلِ ثم أعادَ النظرَ نحو ماكس بأرتباكٍ محاولاً أطفاء جمرَ غضبهِ :
_ ماكس , أهدأ قليلاً لم أخبركَ لأنني كنتُ خائفاً من عدمِ تقبلكَ دخولنا هنا
تطلعَ ماكس بوجهِ بيرت بسرعة البرقِ ليجيبَ بكل حسمً وغضب :
_ وهل تغير شيء ؟ لن أدخُلَ الى هنا أفهمت هذا !
_ لكنهُ أفضلُ من جلوسنا خارجاً ننتظرُ التجمدَ من البردِ في هذا الوضع !
أجابهُ بيرت وقد طفحَ الكيلَ من تذمرِ ماكس المعتادِ
تجاهلهُ ماكس ولم يعر لهُ أهتماماً بل أدارَ ظهرهُ
وتوجهَ إلى أحدى الأشجارِ القريبةِ من ذاكَ المنزلِ ليتكئ عليها
بعدما تكتفَ ووضعَ كلتا يديهِ على صدرهِ
محاولاً بذلك تدفئة نفسهِ قدرَ الأمكانِ لتجنبِ الدخولِ إلى ذاك المكانِ القذرِ
كما يظنُ هو .
كان بيرت يحدقُ بماكس بنظراتٍ مزجها الغضبِ والحزنِ
من حالِ صديقهِ المتعجرفةِ هذه ،
نفخَ بيرت الهواءَ بأستسلامٍ من أقناعِ ماكس الدخولَ معهُ
الى ذاك المنزلِ المهجورِ ليقولَ :
_ حسناً , أفعل ما تشاء .. لقد مللتُ من كونكَ متذمراً على أية حال
، سأدخلُ وحدي
فورَ أنتهاءِ بيرت من كلامهِ أستدارَ بأتجاهِ ذاك المنزلِ وسارَ بخطواتٍ منتظمة
ثم دخلَ إليهِ بعدما أصدرَ البابُ صوتَ صريراً أثناءَ أغلاقِ بيرت لهُ
...
كان ماكس لا يزالُ مستقراً في مكانهِ والعنادُ قد أستعمرهُ بالكاملِ
ثم أخذَ يفركُ بكلتا يديه وينفخُ فيهما حتى يحصلَ
على الدفئ اللازم لنومهِ خارجاً هذهِ الليلة ،
ثم أخذَ يتمتمُ ببعضِ الكلاماتِ قد سيطرَ عليها الأنكسارِ :
_ ما هذهِ الحال ؟
تطلعَ إلى السماءِ بعد أن أنتهى من تذمرهِ وأخذ يتأملها
ليسمعَ بعد ذلكَ صوتَ عواءٍ قريباً منهُ ، تقلصت عينِ ماكس
بعد سماعهِ لذاك الصوتِ ثم أخذَ يتلفتُ يميناً وشمالاً ،
تتحركُ فجاءة من فوقهِ أغصانُ تلكَ الأشجارِ لتأخذَ أوراقها بالتساقطِ على رأسِ الجالسِ تحتها
بعد أن أصغى ماكس إلى صوتِ رفرةِ جناحِ طائراً ما أرتاحَ قليلاً
يبدو أن هنالكَ غرابً كان يقفُ على أغضانِ الشجرةِ
التي تحتها ماكس ولكن .. لا يزالُ ذاكَ العواءِ مسموعاً لا يتوقف
نهضَ ماكس بسرعة وقد سيطرَ عليهِ الخوفُ قائلاً :
_ سأدخلُ إلى هناك ، أفضلُ من البقاءِ مكشوفاً هنا .
حملَ أغراضهُ بسرعةٍ ثم أتجهَ نحو بابِ ذاك المنزلِ ووقفَ أمامهُ
كان يضعُ أغراضهُ على كتفهِ اليسرى و يده اليمنى
موجهةٍ نحو مقبضِ ذاك البابِ أخذ شيهقاً عميقاً من الهواءِ البارد
ثم زفرهُ قائلاً بنظراتِ حزمٍ وشجاعة قد أستجمعها بالقوةِ :
_ سأدخل .
فتحَ ذاك البابِ بهدوءٍ ليصدرَ صوت الصريرِ نفسهُ ،
دخلَ ماكس وفورً دخولهِ أُغلِقَ البابُ خلفهُ ،
كان المكانُ مظلماً قليلاً ، بدأ ماكس النداءَ بأسمِ صديقهِ بيرت
وكان صدى صوتهِ قد ملأ المكانِ
أخذَ يمشي بهدوءٍ وبطئ مع خوفٍ قليل سيطرا
على كلتا قدميه ليتعثرَ فجاءةً بشيءٍ ما تحتهُ
_ ممــ ما هذا ؟
خُطِفَ لونُ وجهِ ماكس وأصبحَ الرعبُ بداخلهِ سيدَ المكان ،
أخذَ الخائفُ يقتربُ شيئاً فشيئاً نحو ذلك الشيء الذي تعثرَ بهِ لولا أن
صوتَ صراخ شخصاً ما من خلفهِ كان كافياً ليسقطهُ أرضاً من جديد
_ بــ بيرت !!
صوتهُ كان مخنوقاً والعرقُ ملئ أنحاءَ جسدهِ كلها
_ هه هه ما بك ؟ لم فزعتَ هكذا ؟
ظهرَ فجاءة من بين الظلام بيرت
الذي كان يحملُ بيدهِ مصباحٍ لم يكن معهُ قبلَ دخولهِ إلى هذا المكان
_ أهذا أنت ؟؟
قالها بنبرةٍ شبه المرتاحة
لينطق بيرت بعد أن أنتهى من ضحكهِ قائلاً بسخريةٍ :
_ أجل , هل أخفتكَ إلى هذا الحد ؟
أستفاقَ ماكس من خوفهِ ليقفَ من على الأرضِ قائلاً بغضبٍ
بعد أن أخذَ يُنظفُ بكلتا يديه ملابسهُ المليئةَ بالترابِ من الأرضِ
_ لقد كدتَ أن تسببَ لي سكتةً قلبية يا أحمق
ضحك المقصود مجدداً فيتكلم بنبرةٍ مرحة :
_ لم ترى وجهكَ حينها .....
أخذَ بيرت يقلدُ وجهَ وصوتَ ماكس حالَ تعثرهِ وما إلى بعدِ ذلك
_ أصمت ،
_ حسنا حسنا , لا تغضب
كان ذاك يحاولُ كتمَ ضحكتهِ التي كانت ستنفجر بأي لحظة
_ المهمُ الآن ، ما هو هذا الشيء الغبي الذي تسببَ بتعثري
وجهَ بيرت المصباحَ نحو ذاك الشيء ليقولَ بكل ثقةٍ :
_ أنها مجردُ أغراضً قديمة مغطاةٍ بأكياسٍ ،
ثم وجهَ مصباحهُ نحوَ الجهةِ الأخرى من المنزلِ
_ وهناك منها أيضاً .
وجهَ ماكس أنظارهُ نحو بيرت قائلاً بسخريةٍ :
_إذاً هذا يفسرُ كيفَ وصلَ المصباحَ إلى يدكَ
أجابهُ بيرت بعدَ مبادلتهِ نفس النظراتِ مع أبتسامةٍ زامنت رفعهُ لكتفيه نحوَ الأعلى قليلاً :
_ كما ترى
كان ماكس يتأملُ هذا المكانَ المهجورِ ويتلفت من كل النواحي
ليتحدثُ بيرت بسخريةٍ شديدة واضحة :
_ على أية حال ، لم قدمتَ إلى هنا ؟
تبدلت ملامح ماكس ليقصد وجهَ بيرت
فيجدهُ ناظراً إليهِ بكلِ تهكم وأستهزاء منتظراً منهُ
جوابهُ الشبهِ أنعدامي
_ لقد أزدادَ البردُ خارجاً ولم أستطع المكوث هناك أكثر ،
أتمام جملته تلك صحبها الغرور ممزوجاً مع التكبرِ :
_ فأخترت آخر حلاً وهو المرورُ هنا أفضلُ من التجمدِ
ليعيدَ ببصرهِ إلى زوايا البيت المهجور
ثم يتكلمُ بعد مدةٍ من أطالةِ البصرِ بالمنزلِ :
_ يبدو أنه لا يوجدَ أحدُ يقطنُ هنا .
أخذُ ماكس يوجهُ المصباحَ في كل الأتجاهاتِ :
_ ربما , ولكن ..
حولَ ماكس أنظارهُ التي رافقتها الخوف مع الغرابةِ نحو بيرت
و بسرعةٍ ينطقُ بسؤالهِ المتوقع في وضعهِ هذا :
_ ماذا تقصد بــ لـكن ؟
تطلعَ بيرت بتلكَ الأرضِ المهترئة بعدما خفضَ يديهِ التي تعلقَ بأحداهما المصباحِ
ونظراتُ الحيرةِ سيطرت على عينيهِ :
_ حسناً , فورَ دخولي إلى هنا كنتُ قد توجهتُ إلى أحدى الغرفِ
حالَ عثوري على مصباحٍ ملقى على الأرضِ , عندما دخلتُ إلى تلك الغرفةِ
وجدتُ طعاماً مغطى بوصلةٍ يبدو أنهُ قد طُبِخَ حديثاً ،
وكررَ توجيه ضوءِ المصباحِ إلى تلك الأمكانِ وتلك الأتجاهاتِ المختلفة
من المنزلِ ليُكمل :
_ لكن , المكانُ يدلُ على أنهُ متروكُ منذ فترةٍ .
ثم يلاحــظُ وجه ماكس الذي كان صامتاً منذ بدأ بيرت بحديثه الغامض ذاك
فيجدهُ شاحباً متجمداً في مكانهِ :
_ هه ما بك ؟ هل خفـت لهذه الدرجة يا ترى ؟
ينطقُ ماكس بسرعةٍ وقد تناولَ قميصَ بيرت والخوفُ أستعمرهُ تماماً :
_ ماكس ! يجبُ أن نخرجَ من هنا بسرعةٍ ، ربما صحت توقعاتي
وأن هذا المنزلَ مسكونُ فعلاً .
فيما يحاولُ بيرت تهدأة ماكس ينفتحُ الباب رويداً رويداً ليبرزُ صوتَ ذاك الصريرِ
ولكن هذه المرة كان مختلفاً !
يحاولُ هذان الأثنان الواقفان قربَ البابِ الألتفاتَ ببطئ ،
فيلاحظان ظلَ رجلُ ضخم واقفُ على عتبةِ الباب
فيصرخ ُبيرت وماكس دون تردد بأعلى ما عندهم
وملحوظُ أن صوتَ صراخِ ماكس كان أرفعَ بقليل ،
يتحرك الضخمُ خطوةٍ إلى الأمامِ فيشعلُ الضوءَ الذي كان يتمسك بهِ ،
فيتوضحُ أن هذا الضخمِ ليس ألا عجوزُ في السبعين أو الثمانين من العمرِ
ذو لحيةٍ بيضاءَ طويلة , منحنِ الظهرِ واضعُ يدهُ الأخرى خلفَ ظهرهِ
كفَ الخائفان عن الصياحِ والدموع مجتمعةُ في أبصارِ كلاً منهما
يبدو أنهما أفضلُ الآن لأنهُ لم يكنَ الداخلُ عليهما هو ذاك
الوحش الذي أعتقداهُ ،
يتقدمُ المسنُ للأمامِ متجاهلاً وجودَ هذان
ليضعَ بالضوءِ البرتقالي على طاولةٍ قريبة منهُ
ثم يجلسُ على أحدى الكراسي بعدما أشعلَ النارَ بالحطبِ الذي جلبهُ
ووضعَ بالصحنِ على الطاولةِ وأخذَ يقتاتُ بالموجودِ قبالهُ
أما أصحابنا فكانوا ينظرون إليهِ بأستغرابٍ وحيرةٍ
فيتجرأ أحدهما بالحديثِ قائلاً :
_ معذرة ، نحن تائهان ولا مكان نأوي أليهِ هذهِ الليلة
هل نستطيعُ المكوثَ هنا اليومَ فقط ؟
أستمرَ المسنُ الهرمُ بفعلِ ما كان يفعلهُ
ولم يُجب ماكس مما جعلهُ يشطاط غضباً
ليتكلمَ بيرت :
_ سيدي , لقد سألناكَ هل نستطيعُ البقاءَ هنا أم لا ؟
وهذا أيضا لم يجبه ، عجباً هل هو أصم يا ترى ؟
قبل أكمالِ بيرت حديثهُ يتفاجئ بماكس إذ
حزمَ أغراضهُ وأمسكَ بذراعِ بيرت و بكلِ غضب قالَ :
_ هيا بنا يا بيرت ، يبدو أنهُ يحاول أستفزازنا ، لنقضي ليلتنا
قربَ أحدى الأشجارِ ونواصل رحلتنا صباحاً .
_ لكن يا ماكس , البردُ كثيفُ خارجاً وربما يهاجمنا أحدُ الذئابِ .
أثناء نقاش محاولةِ البقاءِ هنا أو الرحيل بين هذا وذاك
ينهضُ ذاكَ الهرمِ من مكانهِ حاملاً صحنَ الطعامِ الخاوِ
فيتحركُ فمهُ أخيراً ناطقاً جملتهُ الباردة تلك :
_ أفعلا ما تشاءان , يوجدُ حساءُ في ذلك القدرِ .
أبتعدَ متجهاً نحو سلمٍ تواجدَ قلبَ تلك الغرفةِ الواسعة متسلقاً أياهُ ،
حالَ رحيل العجوز يبدأُ بيرت الحديثَ محاولاً بشتى الطرقِ أقناعَ
الواقفِ بجانبهِ ما يريدهُ :
_ هيي ، ماذا قُلت ؟ يبدو أنهُ لطيفُ .
بينما كان ذاك يتكلم كان ماكس يصغي إليهِ وعينهُ موجهُ أسفلهُ ،
يغمض تلك العينان العنيتدان قائلاً :
_ حسنا ، هذهِ الليلةُ فقط !
ينظرُ بخفةٍ الى عينا رفيقهِ مستكملاً حديثهُ :
_ لكن , سنغادر فورَ طلوعِ الشمسِ !
تدرجت أبتسامةُ بيرت نحو أذنيهِ وأخيراً أستطاعَ ولو لمرةٍ أقناعَ
العنيد , وبكل سعادةٍ تحدث :
_ أكيد , والآن هيا لنتناول العشاءَ الذي تركهُ لنا .
[/TBL]
التعديل الأخير: