الفصل الأول: مُهَرِّجون ورجل عجوز قاتل
حدَّقْتُ في المعلمةِ وهي تقسِّمُ المراهقين إلى مجموعتين. لقد كنت مشوشةََ. لم يكن هناك سوى 20 مراهقًا هنا. اعتقدتُ أنه سيكون هناك المزيد لأن العمدة يمنح كل شخص فينا وظيفة.
"لا ترتبكِي"... همَسَتْ الفتاة بجواري: "السبب وراء وجودِ مثل هذه المجموعة الصغيرة هو لأننا مُخْتَارُونَ".
قُلتُ في تردّد: "أنا مختارة؟ لأجل ماذا؟ و لماذا؟"
فقالت لي بنظرة حادة جدا: "لقد تم اختيارنا لسيرك الموت ،أنتِ تعرفين ما أقصد أليس كذلك؟"
فَقلتُ: "أنا لا أفهم ..."
فأردفت في تردد:"كيف لا تعرفين شيئا؟"
فقلتُ:"أعرفُ ماذا؟"
فقالت:"أننا جميعا ـــ"
فقاطعتها المعلمة:"ستيلي جيمس!"
فسارت الفتاة ستيلي إلى الأمام و انظمّت إلى المجموعة التي كانت من المفترض أن تنتمي إليها.
تبا! يال حظي التعيس! لم تستطِعْ حتى إنهاء جملتها.
تمّت مناداة إسمي للأسف, و قد تم وضعي في مجموعة صديقتي المقرّبة مالينا. لكنني نظرتُ إلى الجانب المشرق, على الأقل أنا و هي في نفس المجموعة.
"على ماذا تَحَصَّلْتِ؟" سألتْنِي ونظرتُ إليها.
شعرت بقلبي يخفق بقوة. كان هذا هو السؤال الذي كنت أحاول تجنبه بأي ثمن طوال الوقت. لم أكن أريد أن أكون جزءًا من هذا... كان هذا الشعور يقتلني من الداخل. ابتسمتُ بضعْفٍ...
فقُلتُ: "دمية سيرك" فاندَهَشَتْ ثمّ أضفْتُ:"ماذا عنكِ؟" في محاولة مني لتغيير موضوع الحديث.
فقالت:"أنا سائرة على حبل مشدود" و الان كان دوري أنا في الإندهاش.
قُلتُ لها:"أوه! أنا اسفة للغاية يا عزيزتي" و قد أَرَتْنِي إبتسامة ضعيفة.
قالت: "هذا ما نستحقه. لا عودة للوراء. سنقوم بوظائفنا حتى نموت ، أو نُرْمَى عبر البوابة ، أو نُبَاعُ" ، وقالت: "يجب علينا القيام بوظائفنا بشكل صحيح".
أمسَكْتُ بيدها و إبتسمتُ لها في محاولة منّي لتهدئتها. اِتّكَأتْ عليَّ و قالت:"على الأقل... كل ما سنمرّ به... معًا سويّا"
تَمَسَّكَتْ بيَدي بإحكام و نظرنا إلى المعلّمة وهي تقوم بفرز اخر مراهقيْن. بمجرّد إنتهاء التقسيم, ظهر رجلان. أصبح بئبؤ عينيّ أكثرَ إتّساعا .. لأن مظهرهما لم يكن طبيعيا.
كانا يرتديان ملابس مهرج. كان وجههما و كأنهما مطليان باللون الأبيض بابتسامة عريضة مرسومة بالأسود. حسنًا ، على الأقل افترضت أنه كان عبارة عن طلاء للوجه ، لأن ذلك بدا بلا شك حقيقيًا. كان لديهما مجموعة من الأسنان الضخمة والحادة والنظرات على وجوههم وكذلك مظهرهم جعل وجهي يميل إلى اللون الأخضر.
لفت أحدهما إنتباهي, كانت نظرته حادة للغاية, حتى أن كتفي بدأ بالوخز و شعرتُ بأنني مضطرة إلى إتخاذ خطوة إلى الوراء. شعرتُ بأن كل مخاوفي إجتمعت معا أمامي. اعتقدْتُ بأنَّهُ كان من المفترض أن يكون جميع المهرجين سعداء ومتفائلين ، لكنّ هذا الاتصال البصري البسيط جعلني أرغب في الصراخ والهرب. أصبحت عيناي كبيرة بحجم كرات الغولف عندما قرَّرَ أحدهما أن الابتسام سيكون فكرة رائعة ، وهو ما لم يكن كذلك. فيمَ كان يفكّرُ أصلا؟
"حسنا جميعا" صوت المعلمة وهي تصفق بيديها أرعبني, مما جعل قلبي يخفق بسرعة. "عليكم أن تتبعوا هاذين الرجلين إلى الحافلات. تعوّدو على هذا, لأن السيرك سيكون أسوء بعشر مرات من هذا. رحلتكم ستدوم حوالي 3 ساعات إلى أن نبلغ 'أراضي الرجل العجوز' لنجد أنفسنا في محطة قطار تحت الأرض ذلك سيدوم ساعة إلى أن نصل إلى السيرك." هممنا بالإنصراف عندما عادت إلى التحدث مرة أخرى :"لم أنتهِ بعد!" و صرخَتْ: "مائن نصل إلى محطة القطار حتى تُسَلّمُوا أمتعتكم إلى السادة الذين ينتظرونكم هناك و سأسلّمكم للنساء هناك اللواتي سيرشِدْنَكُمْ. واضحُُ؟"
بدأنا في متابعة المهرّجَيْنِ لهذا المبنى الضخم. دخلناه والخطوات الصاخبة لكل شخص يمشي على الأرضية المبلطة قد قام زاد قلقي.
وصلنا إلى نهاية المدخل الحالي لدينا حيث انقسمنا إلى فريقين ، فراق اليسار واليمين. اتخذنا منعطفًا يسارًا وكنا في الخارج مرة أخرى ، حيث كان هناك بالفعل حافلتان في انتظارنا. دخلتْ المجموعتان حافلاتهما وقفز المهرجان إلى الحافلة الأخرى بينما كانت المعلمة تتواجد في حافلتنا. اعتقدت أن المُدَرِّسَةَ لن تنضم إلينا بسبب الطريقة التي تحدّثَتْ بها سابقًا ، لكنني تجاهلت تلك الفكرة.
اِتّخذتُ مقعدا بجانب نافذة وجلستُ و مالينا بجواري. لا أحد منا أخذ الكثير معه. كل ما أخذتُهُ كان مليئًا بالملابس الداخلية وحمالات الصدر وكتاب الرسم وأقلام الرصاص وعدد قليل من ثيابي المفضلة. قيل لنا أننا سنحصل على كل ما نحتاجه في السيرك على أية حال...
اِتّكَأتُ برأسِي على النافذة وتنفست بالكامل. أتساءل ماذا كانت ستيلي تريد أن تقول. لم أكن أفهم تمامًا ما تعنيه بـ "لقد تم اختيارنا جميعًا" ، لكن هذا النوع من الأسباب يفسر سبب وجود 20 مراهقًا فقط. نعم ، ربما يتم اختيارنا جميعًا ، لكن بناءً على ماذا؟
وما الأمر مع هذيْن المهرّجيْن؟ لماذا يبدُوَان مرعبيْن جدا؟ تذكرتُ المرة الوحيدة التي رأيت فيها مهرجًا في حياتي. كان ذلك في حفل أطفال لأحد زملائي عندما كان عمري حوالي سبع سنوات. كان يبدو واضحا تماما أن المهرج قد قام بتزيين وجهه بالمايك أب. لكن هذان ... يبدو وجههما حقيقيًا بشكل غريب. كان الأمر كما لو أن بشرتهم كانت بالفعل هكذا. أنا ارتجفُ... الفزع يخيفني حتى النخاع.
حاولت نسيان الفكرة و إخراجها من رأسي وأغلقت عينيّ. لم أحصل على قسط كاف من النوم الليلة الماضية وكنت أشعر بالإرهاق. مع أنفاس عميقة ، تمسكت بحقيبتي و بدأتُ بالنوم...
أفَقْتُ على صوت صفّارة الحافلة. لقد وصلنا. كان أمامنا منزل خشبي قديم من طابقين صدئ. بدا الأمر كما لو أنه سيسقط في أي ثانية الآن. في الشرفة ، شاهدتُ رجلاً عجوزاً ينظر إلينا. كانت إحدى عينيه مفقودة وكان منحنِيَ الظَّهْرِ وكان يرتدي سروالاً بنيّا وقميصاً أبيضا.
صرخ فجأة ، واخذ الزجاجة الفارغة بجانبه ، وألقاها في طريقنا. ضربت الزجاجة الأرض مباشرة حيث وقفتُ ، ولحسن الحظ لم تضربني.
تشبثتُ بحقيبتي بينما نظرتُ إلى الرجل العجوز الذي كان يحملق فيَّ غاضبا.
"هل انتِ بخير؟" شعرت بيَدٍ على كتفِي.
هززتُ رأسي دون النظر إلى مالينا. لسبب ما لم أستطع أن أرفع عيني عن الرجل العجوز. لماذا يفعل شيءا كهذا؟ ماذا لو تعرضتُ للأذى؟
قالت المعلمة: "لا تهتموا به ، تعالوْا ".
وأخيراً قطعتُ اتصال العين بالرجل العجوز وتبعت المعلمة والمهرجيْن باتجاه محطة السكك الحديدية تحت الأرض ، مع العلم أن الخطر لا يزال في طريقي...