الاثنية الجرمانية
يُفترض أنها ظهرت خلال العصر البرونزي الشمالي، أو على أبعد تقدير
خلال ما قبل العصر الحديدي الروماني. من جنوب إسكندنافيا وشمال ألمانيا، بدأت القبائل
في التوسع جنوباً وشرقاً وغرباً في القرن الأول قبل الميلاد، يتصلون مع قبائل الكلت الغولية
وكذلك القبائل الإيرانية، البلطيقية، والسلافية في شرق أوروبا. لا يعرف الكثير عن التاريخ
الألماني المُبكر، إلا من خلال الوقائع التاريخية المسجلة للتفاعل مع الإمبراطورية الرومانية
تحت قيادة الجنرال الروماني أغسطس قيصر بدأ غزو جيرمانيا (وهو تعبير يستخدمه الرومان
لتعريف الأراضي التي تمتد تقريباً من الراين إلى جبال الأورال)، وفي هذه الفترة كانت القبائل
الجرمانية تصارع الرومان مع الحفاظ على الهوية القبلية لقبائلهم. ألمانيا الحديثة، الممتدة ما بين
الراين والدانوب، ظلت خارج الإمبراطورية الرومانية. مع العام 100 ميلادي، القبائل الجرمانية
استقرت على امتداد نهر الراين ونهر الدانوب، وتحتل أكثر من مساحة ألمانيا الحديثة. وقد شهد
القرن الثالث الميلادي ظهور عدد كبير من القبائل الجرمانية الغربية مثل:
الألامانيون، الفرنجة
الخاتيون، السكسونيون الفريزيون والتورينجيون. بنحو عام 260، الشعوب الجرمانية اخترقت
اللآيم ونهر الدانوب على الحدود في الأراضي التي تسيطر عليها الإمبراطورية الرومانية
قام شارلمان أو شارل العظيم الذي ينحدر من القبائل الجرمانية
بتأسيس إمبراطورية الفرنجة.
توج بعدها كأول قيصر للإمبراطورية الغربية عام 800 م، فاعتبر ذلك احياء للإمبراطورية الرومانية
التي قضى عليها البرابرة قبل ثلاث قرون من الزمن. وكانت تربط بين شارلمان وأمير المؤمنين هارون
الرشيد في بغداد علاقات ودية ومراسلات وتبادل للهدايا، ذلك لأن العباسيون في بغداد ومملكة
شارلمان في آخن كانوا يخشون من قوة حكام الأمويين في الأندلس، فكان هذا التقارب بين بغداد وآخن
شبه دعم لمقاومة الأمويين. إلا أن إمبراطورية شارلمان في آخن (على الحدود بين فرنسا وألمانيا،
والفرنسيون يعدّونه أمبراطورا فرنسيا) لم تعمر طويلاً، فبعد وفاة الأخير
تقاسم أبناؤه الثلاثة المملكة
في 843 فيما عُرف بمعاهدة فردان، اثنتان فقط من بين هذه الممالك عمرتا هما مملكة الفرنجة
الغربية، والتي عُرفت بعدها باسم فرنسا، ومملكة الفرنجة الشرقية، والتي كونت ما يعرف اليوم بألمانيا .
حسب الأعراف الحالية يعدّ تاريخ 2 فبراير 962 موافقا لميلاد ما يعرف اليوم بألمانيا، في هذا اليوم بالذات
تم تتويج الملك أوتو الأول العظيم صاحب مملكة الفرنجة الشرقية إمبراطوراً أو قيصرأ على البلاد وجرت
مراسيم التتويج في الفاتيكان بمدينة روما كما كان الحال مع شارل العظيم .
تطورت مملكة الفرنجة الغربية إلى أن أصبحت
دولة وطنية تعرف بفرنسا، فيما سيطر زعماء المقاطعات في
المملكة الشرقية على أراضيهم واستقلوا بها. رغم محاولات القيصر لاستعادة السيطرة على أراضي المملكة،
تواصلت عملية التفكك واستقلالية المقاطعات داخل ما أصبح يسمى شكلياً الإمبراطورية الرومانية الجرمانية
المقدسة، وتشكلت مدن أعلنت استقلالها وسيادتها. عرفت تلك المدن بعد ذلك باسم مدن الإمبراطورية الحرة.
وبالرغم من الإصلاحات ونشوب حرب الثلاثين سنة؛ بقي الإمبراطور أو القيصر يحكم البلاد اسمياً فقط.
تسمية الرايخ ظهرت لأول مرة عام 962، وذلك بعد تتويج أوتو الأول العظيم، الذي قام
معتمداً على رايخ منطقة شرق فرنكونيا. في العام 1512 صار الرايخ باسم
الرايش الروماني
المقدس للأمة الألمانية، كتعبير عن خلافة القيصر للأمبراطورية الرومانية القديمة، وأيضاً
للتعبير عن الصفة المقدسة للقيصر. وقد استمر هذا الرايخ
لأكثر من ثمانية قرون حتى عهد
فرانس الثاني، الذي تخلى عن عرش هابسبورغ في عام 1806 لنابليون بعد تشكيل حلف الراين
استمرت الأمور على هذا النظام حتى عام 1806، كان
فرانس الثاني قيصراً على النمسا
(منذ عام 1804)، كما حمل لقب الإمبراطور الجرماني (احتكرت أسرة الهبسبورغ هذا اللقب
منذ قرون). بدأ نابليون حملته على أوروبا، واستطاع بعد تهديدات وضغوطات أن يجبر فرانتز
الثاني على التنازل عن عرشه الجرماني. كان هذا الحدث بمثابة شهادة وفاة الإمبراطورية الأولى
التي أسسها أوتو العظيم. عند غزوه للبلاد، قضى نابوليون على استقلالية المدن الكبيرة، وقد بلغ
عدد المدن الحرة حوالي 80 مدينة في ذلك الوقت، وساهم نابليون -ولو بشكل غير مقصود- في
دفع تلك المدن إلى مسار الوحدة.
بعد سقوط نابليون أعيد مؤتمر فيينا في 1814 التأكيد على هذه الوحدة، واتفق 41 عضو في البداية
من بين هذه المدن الألمانية على عقد اتحاد بينها،
فتشكلت الإتحاد الألماني وتم وضعها تحت إدارة
النمسا مؤقتاً، لكنهم أصبحوا فيما بعد 33 عضواً فقط.
وكان للإتحاد هيئة وحيدة تسمى المجلس القومي
ومركزة مدينة فرانكفورت وقد استمر حتى تم
حله في 1866 بسبب الحرب الألمانية-الألمانية. الخلاف مع حركة التجديد الأوربية أدى جزئياً أدت
إلى بروز الليبرالية الألمانية التي تطالب بالوحدة والحرية.
تأثر كثير من الألمان في هذه الحقبة بأفكار وتوجهات خارجية، مثل الثورة الفرنسية، والقومية التي
أصبحت قوة أكثر أهمية كبرى، خاصةً في أوساط الشباب والمثقفين الذين يسعون إلى الوحدة.
وقد ظهرت -لأول مرة- الألوان الثلاثة: الأسود والأحمر والذهبي التي اختيرت لتمثيل هذه الحركة،
التي تحولت فيما بعد إلى الألوان الوطنية لعلم ألمانيا الحالي.
لتاثرها بالحركات الثورية في مختلف أنحاء أوروبا وخصوصاً الثورة الناجحة ثورة 1848 في فرنسا
التي أسست الجمهورية قامت ثورة في عام 1848 في الولايات الألمانية. فرضت هذه الثورة قيام
حكومات ليبرالية وانتخابات لمجلس قومي، وقد تم وضع الدستور في كنيسة باولوس في عام 1849
بمدينة فرانكفورت، لكن جيوش الاشراف الألمان ابادوا الثورة بعدما رفض القيصر البروسي فريدرخ
فيلهلم الرابع ملك بروسيا طلب المجلس القومي بأن يتنازل عن صفته الدينية الإلهية كقيصر
لألمانيا وأن يكون حاكم بإرادة الشعب.
الصراع بين الملك الإمبراطور الألماني فيلهلم الأول إمبراطور بروسيا والحركة الليبرالية البرلمانية
التي كانت تزداد قوة اندلع
بسبب الإصلاحات العسكرية في عام 1862، وعين الملك أوتو فون
بسمارك كرئيس وزراء بروسيا. بسمارك نجح في شن حرب على الدنمارك في عام 1864.ثم نجاح
بروسيا بالفوز في الصراع العنيف مع كبرى القوى الجرمانية النمسا في الحرب الألمانية-الألمانية
في 1866 مكنته من خلق اتحاد شمال ألمانيا الكونفدرالي واستبعاد النمسا.
بدأ الاتحاد الألماني الجديد في التشكل وبوتيرة متسارعة، كانت بروسيا تقود العملية بزعامة
بسمارك، فشملت كل الدويلات والمدن الألمانية شمال الإمبراطورية الألمانية القديمة. قامت
بعدها الحرب الفرنسية البروسية في عام 1870-1871، وكان أن انتصرت بروسيا من جديد
فأصبحت القوة الرئيسية في أوروبا. أعلن ملك بروسيا فيلهيلم الأول نفسه قيصرا على
الإمبراطورية الألمانية التي أُعلنت في قصر فرساي في 18 يناير 1871 وكانت عاصمتها برلين
وبسمارك مستشارها. عرفت هذه الفترة باسم الإمبراطورية الثانية أو الرايخ الثاني. رغم أن هذه حاولت
إظهار نفسها كخليفة للإمبراطورية الأولى أي الرايخ الأول الذي أسسه أوتو الأول العظيم إلا أن حدود
الدولتين كانتا مختلفتين.
ضمت الإمبراطورية الجدية أراض جديدة لإنها ضمت أراضي الإمبراطورية الألمانية وبروسيا
التي لم تكن هذه ضمن إمبراطورية الرايخ الأول باستثناء
أراضي النمسا، ثم وابتداء من عام
1884
استحوذت ألمانيا على العديد من المستعمرات في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.
في الفترة التالية لتوحيد ألمانيا السياسة الخارجية للإمبراطور فيلهيلم الأول أمّنت لألمانيا
الحصول على وضعها كأمة عظيمة من خلال تشكيل تحالفات، وعزل الجمهورية الثالثة الفرنسية
في فرنسا من خلال الوسائل الدبلوماسية، وتجنب الحرب. لكن ألمانيا تحت قيادة القيصر فيلهلم
الثاني، ومثل دول أوروبية أخرى نتيجة لظهور النزعة الإمبريالية الجديدة، قامت بأعمال الإمبريالية
أدت إلى الاحتكاك مع البلدان المجاورة.
معظم تحالفات ألمانيا التي وقعت في السابق
لم تكن تُجدد، وهكذا نشأت تحالفات جديدة تستبعد
ألمانيا. خصوصاً فرنسا التي أقامت علاقات جديدة من خلال التوقيع على الوفاق الودي مع المملكة
المتحدة وتأمين العلاقات مع الإمبراطورية الروسية. فضلا عن اتصالاتها مع الإمبراطورية النمساوية
المجرية،
ألمانيا أصبحت في عزلة متزايدة بسبب ذلك.
ألمانيا الاستعمارية التي وصلت إلى خارج أراضيها، جمعت العديد من القوى الأخرى في أوروبا
من أجل المطالبة بنصيبها من أفريقيا. وفي مؤتمر برلين عام 1884 قسم أفريقيا بين القوى
الأوروبية. ألمانيا تملكت عدة قطع من الأراضي في أفريقيا بما في ذلك شرق أفريقيا الألمانية،
أفريقيا الجنوبية الغربية، توغو، والكاميرون. التزاحم على أفريقيا تسبب بالتوتر بين القوى العظمي
التي قد تكون ساهمت في الظروف التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى.
بدأت الحرب العالمية الأولى
وهي حرب قامت في أوروبا ثم امتدت لباقي دول العالم خلال
الأعوام بين
1914 1918. بدأت الحرب حينما قامت الإمبراطورية النمساوية المجرية بغزو
مملكة صربيا،
فأعلنت روسيا الحرب على النمسا، فدخلت ألمانيا الحرب كحليف للنمسا،
ودخلت
فرنسا وبريطانيا كحلفاء لروسيا. فقد كان الوفاق الثلاثي هو
روسيا وفرنسا والمملكة المتحدة
وأيضاً إيطاليا والحلف الثلاثي الأخر هو إمبراطورية النمسا والمجر وألمانيا، واستعملت لأول مرة
الأسلحة الكيميائية في الحرب العالمية الأولى كما تم قصف المدنيين من السماء لأول مرّة في التاريخ.
شهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة
على أوروبا والتي يعود منشأها إلى الحملات الصليبية، وتم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا.
تعد الحرب العالمية الأولى البذرة للحركات الإيديولوجية كالشيوعية وصراعات مستقبلية
كالحرب العالمية الثانية، بل وحتى الحرب الباردة.
عانت ألمانيا، كجزء من فشل قوات المحور
من الهزيمة في الحرب ضد قوات الحلفاء في
أحد من أعنف الصراعات على مر العصور. اندلعت ثورة نوفمبر عام 1918
وتنازل على أثرها
القيصر فيلهلم الثاني وجميع الأمراء الألمان عن الحكم وانتهى عهد الحكم الملكي في كل من
ألمانيا والنمسا.
وأعلِن عن قيام جمهورية ألمانية ديمقراطية عُرِفت بجمهورية فايمار.
تعود أسباب
قيام ثورة نوفمبر إلى ضيق الشعب بالأعباء الاقتصادية السيئة التي عمت ألمانيا خلال سنوات الحرب
الأربعة، التي كان يحكمها نظام قيصري ذو دستور رجعي وغير ديمقراطي، ولأثر القوي للهزيمة
على الإمبراطورية الألمانية، والتوترات الاجتماعية التي نشبت بين نخبة حاكمة فاسدة من الطبقتين
الأرستقراطية والبورجوازية.
وكان من أهم الأسباب التي أشعلت الثورة هو السياسة التي اتبعتها قيادة الجيش، التي أسفرت
عن هزيمة الأسطول الحربي الألماني في الحرب العالمية الأولى. مما أدى إلى قيام ضباط البحرية
بالتمرد في مينائي فيلهلمسهافن وكيل، وتطور التمرد إلى ثورة عارمة امتدت إلى ألمانيا كلها. وخرج
الشعب للمطالبة بالجمهورية وإسقاط القيصر. ورضخ القيصر فيلهلم الثاني ووقع وثيقة التنازل
عن العرش في 9 نوفمبر 1918.
غير أن الأحزاب التي قادت الثورة رأت أن القضاء الكامل على النخبة التي كانت تحكم
في عهد القيصر المخلوع، قد يقود البلاد إلى حافة
حرب أهلية, فقررت الإبقاء عليها
وإقامة علاقات طبيعية معها. وهكذا فقد تحالف قادة الثورة مع قيادة الجيش, مما أدى
إلى نشوب أعمال شغب واسعة عرفت باسم
انتفاضة سبارتاكوس التي قادتها القوى اليمينية.
لكن تم القضاء على هذه الثورة الصغيرة. وفي 11 أغسطس 1919 تم وضع دستور جديد
للجمهورية عرف
بدستور فايمار.
وتم انتخاب فريدريش إيبرت أول رئيس للرايخ في جمهورية فايمار.
لهدنة مع ألمانيا وضعت حداً للحرب وتم التوقيع عليها في 11 نوفمبر 1918 وألمانيا اُجبرت
على التوقيع على معاهدة فرساي في يونيو 1919. خلا التفاوض وعلى عكس المفاوضات
الدبلوماسية التقليدية في فترة ما بعد الحرب، تم استبعاد القوى المهزومة من حلف المحور.
وكان ينظر إلى هذه المعاهدة في ألمانيا باعتبارها مهينة واستمراراً للحرب بوسائل أخرى وبسبب
قسوتها التي كثيراً ما يستشهد على أنها سهلت في وقت لاحق من بروز النازية في ألمانيا.
ومن نتائج الحرب في معاهدة فرساي:
1. فرض غرامة مالية كبيرة على الدول المنهزمة.
2. فرض قيود على تسليح الجيش الألماني.
3. فقدت الدولة العثمانية كل ممتلكاتها في أوروبا وآسيا.
4. توسع الإمبراطوريتين الفرنسية والإنجليزية.
5. اختفاء أربع إمبراطوريات عريقة هي: الإمبراطورية النمساوية المجرية
الإمبراطوريةالألمانية - الدولة العثمانية - الإمبراطورية الروسية.
ويقول بعض المؤرخون أن الذين حضروا مؤتمر فرساي هم أنفسهم بأياديهم وضعوا بذور
الحرب العالمية الثانية ففرنسا تقاسمت العالم مع إنجلترا وأهملت الدول الأخرى الاستعمارية
مثل روسيا وألمانيا وإيطاليا مما هيأ قيام الحرب العالمية الثانية.
بعد مؤتمر فرساي
تم اقتطاع العديد من المناطق الألمانية لصالح قوات الحلفاء المنتصرة،
الألزاس-لورين ضمت إلى فرنسا، بلجيكا حصلت على مقاطعة أويبن-مالميدي، جزء من
الشلسفيغ ذهب إلى الدنمارك، مقاطعات بوزن وبروسيا الشرقية والمناطق المحيطة بها ذهبت
كلها إلى بولندا، كما تحصلت دول أخرى ناشئة على مناطق أخرى على غرار ليتوانيا وتشكوسلوفاكيا.
وأخيراً تقاسمت كل من فرنسا وبريطانيا المستعمرات الألمانية في أفريقيا وباقي القارات.
أُعلنت ألمانيا جمهورية عند بداية الثورة الألمانية في نوفمبر 1918. في 11 أغسطس 1919
وقّع الرئيس فريدريش إيبرت دستور فايمار الديمقراطي.
عرفت ألمانيا
تحولا من الحكم الديموقراطي إلى الحكم الاستبدادي، فكانت هذه الجمهورية بشكل
أو بآخر مجرد استمرارية للحكم القيصري الذي سقط بثورة نوفمبر. فقد كان منصب رئيس الجمهورية
المنتخب من قبل الشعب يتمتع بصلاحيات كبيرة. أيضاً حيث لم تقم أية مسائلة جادة بالمتسبب في
الحرب العالمية ولا حتى بنتائجها الفظيعة، على الرغم من أن الوثائق الألمانية تشير إنه بعد مقتل
خليفة القيصر النمساوي في سراييفو في 28 يونيو 1914
تعمدت القيادة السياسية الألمانية للبلاد إضرام
نار الأزمة الدولية وكانت بذلك مسبب رئيسي لاندلاع الحرب العالمية الأولى.
كان على هذه الجمهورية التخلص من القيود والشروط التي وضعتها معاهدة فرساي، والتي أدت
إلى ظروف اقتصادية صعبة، فقد اعتبرها معظم الألمان معاهدة جائرة بحقهم وقد اعتبر منع
النمسا من التوحد مع ألمانيا أيضا نوعا من الحكم المجحف بحق الشعب الألماني. في نتيجة
انتخابات 14 سبتمبر 1930 خرج حزب أدولف هتلر القومي الاجتماعي (المعروف بحزب النازي)
بالمرتبة الثانية من حيث القوة السياسية في البلاد، بينما خرج الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)
في المرتبة الأولى، وقد قام بدعم حكومة الأقلية هذه. لاحقاً وبسبب كل هذه الظروف ويسبب تشرذم
والتصدع الذي أصاب الجمهورية أوجدت المناخ اللازم لوصول أدولف هتلر للسلطة مع حلول سنة 1933.
كان الأخير قد أوجد الأداة التي مكنته من الوصول إلى الهدف، وذلك عبر حزب العمل الألماني الوطني
الاشتراكي والذي اختصر لاحقا إلى «نازي» وتحولت الجمهورية إلى دكتاتورية مطلقة سميت بالعهد النازي.
في 27 فبراير 1933 احترق مبنى البرلمان الألماني وترتب على ذلك إعلان حالة الطوارئ في ألمانيا
ملغية حقوق المواطن الأساسية. تم تمرير قانون في البرلمان
أعطى هتلر سلطة تشريعية بدون
قيود. وكان الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني
هو الحزب الوحيد الذي صوت ضد مشروع ذلك
القانون، في حين كان الأعضاء من الحزب الشيوعي الألماني مسجونين. باستخدام صلاحياته لسحق
أي مقاومة فعلية أو محتملة،
أسس هتلر دولة مركزية استبدادية في غضون أشهر. أعيد تنشيط
الصناعة مع التركيز على إعادة تسليح الجيش. وفي عام 1935،
استعادت ألمانيا السيطرة على سار،
وفي 1936 السيطرة العسكرية على منطقة حوض الراين المنزوعة السلاح، وكلاهما كانا فقدا بموجب
معاهدة فرساي.
كل هذا أدى إلى الحرب العالمية الثانية وبالتوازي مع إعادة تسليح الجيش، السياسة الخارجية الألمانية
أصبحت أكثر عدوانية وتوسعية. في عامي 1938 1939 ضمت النمسا وتشيكوسلوفاكيا لألمانيا وفي 1939
احتلت بولندا بغزو مزدوج ألماني - سوفيتي لتعلن كل من بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا معلنتان
بذلك بداية الحرب العالمية الثانية في أوروبا التي استمرت ست سنوات. مع تطور الحرب، ألمانيا وحلفائها
سرعان ما سيطروا على جزء كبير من القارة أوروبا. في ربيع عام 1940، قامت ألمانيا بغزو الدنمارك
والنرويج، بعدها فرنسا وبعض الدول الأخرى. إيطاليا أيضا قامت بإعلان الحرب ضد بريطانيا وفرنسا عام 1940.
في يونيو 1941، غزت ألمانيا الإتحاد السوفياتي. وفي العام نفسه، هاجمت اليابان القاعدة الأمريكية
في بيرل هاربر،
وأعلنت ألمانيا الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة لتحالفها مع اليابان
وتحولت الحرب لحرب عالمية مفتوحة بين معسكرين. على الرغم من أن الجيش الألماني تقدم في الاتحاد
السوفيتي بشكل سريع، شهدت معركة ستالينجراد نقطة تحول رئيسية في الحرب.
بعد ذلك، بدأ الجيش الألماني بالتراجع على الجبهة الشرقية. في سبتمبر 1943، استسلمت إيطاليا الحليف
لألمانيا، تبعاً لذلك اضطرت القوات الألمانية للدفاع عن جبهة إضافية في إيطاليا. شهد إنزال النورماندي
نقطة تحول رئيسية أخرى في الحرب، فاتحاً جبهة غربية للقوات الألمانية، حيث نزلت قوات الحلفاء على
شواطئ النورماندي وأحرزت تقدماً في اتجاه الأراضي الألمانية. هزمت ألمانيا بعدها بوقت قصير.
في 8 مايو 1945، القوات المسلحة الألمانية استسلمت بعدما احتل الجيش الأحمر برلين. مايقرب
من سبعة ملايين من الجنود والمدنيين الألمان، بمن فيهم الألمان من أوروبا الشرقية، لقوا مصرعهم
خلال الحرب العالمية الثانية. في حين أقدم هتلر على الانتحار وعشيقته إيفا براون في ملجأهم المحصن
اسفل بمبنى المستشارية ببرلين.
أسفرت الحرب عن تقسيم ألمانيا من قبل الحلفاء إلى أربع مناطق احتلال عسكري.
القطاعات الغربية التي سيطرت عليها كل من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة،
دمجت في 23 مايو 1949، لتشكل جمهورية ألمانيا الاتحادية، وفي 7 أكتوبر 1949، أصبحت
المنطقة السوفييتية (القطاع الشرقي)
جمهورية ألمانيا الديمقراطية (DDR). عُرفت الدولتان
خصوصاً خارج ألمانيا بأسماء غير رسمية هي
ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وعُرفا شطري
برلين
كبرلين الشرقية وبرلين الغربية.
اختارت ألمانيا الشرقية برلين الشرقية عاصمة لها، في
حين أًختيرت بون عاصمة لألمانيا الغربية. ومع ذلك، أعلنت ألمانيا الغربية أن بون عاصمة مؤقته
لها، من أجل التأكيد على موقفها بأن الحل القائم على دولتين آنذاك هو وضع مصطنع ومن
المحتم ان يتم التغلب على هذا الوضع وتوحيد ألمانيا مجدداً في يوم ما.
ألمانيا الغربية، التي تأسست كجمهورية برلمانية فيدرالية تتبنى اقتصاد السوق الاشتراكي، كانت
متحالفة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. وقد تم صياغة الدستور من قبل ممثلون
للبرلمانات المنتخبة ديمقراطياً في المناطق الخاضعة للاحتلال في بون، كان هذا الدستور رداً على البنية
الهيكلية لدستور الرايش الذي يعود لعام 1919، وبالتالي رداً على انهيار جمهورية فايمار. تمتعت البلد
بالنمو الاقتصادي لفترات طويلة ابتداء من أوائل الخمسينات وإطلق عليها اصطلاحاً المعجزة الاقتصادية
وساعدت فترة الازدهار هذه على توطين واندماج حوالي 8 ملايين مُهجر من المناطق الشرقية التي رُحّلوا عنها
بعد الحرب. وانضمت ألمانيا الغربية لحلف شمال الأطلسي في 1955 وكانت أحد الأعضاء المؤسسين للسوق
الأوربية المشتركة في 1957. وفي 1 يناير 1957، قدمت سارلاند انضمامها إلى ألمانيا الغربية بموجب المادة 23
من القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية.
ألمانيا الشرقية كانت إحدى دول الكتلة الشرقية تحت السيطرة السياسية والعسكرية للاتحاد السوفييتي
عن طريق قوات الاحتلال وحلف وارسو. في حين كانت تدعي أنها
دولة ديمقراطية، السلطة السياسية كانت
تقرر من قبل الأعضاء القياديين في المكتب السياسي لحزب الوحدة الاشتراكي الألماني. وقد تم ضمان تلك
السلطة من قبل جهاز أمن الدولة الاشتازي، وهو جهاز سري هائل الحجم سيطر على كل كافة جوانب
الحياة في المجتمع الألمانى حينئذ. في مقابل توفير الاحتياجات الأساسية للسكان وبأسعار منخفضة من قبل
الدولة كانت مرضية وكافية. أصبحت جمهورية ألمانيا الديمقراطية قائمة على الاقتصاد الشمولي على الطراز
السوفيتي، وفي وقت لاحق انضمت للكوميكون. في حين استندت دعاية ألمانيا الشرقية على فوائد
برامج جمهورية ألمانيا الديمقراطية الاجتماعية والتهديد المزعوم المستمر لغزو ألماني غربي، بدا العديد
من المواطنين بالنظر إلى الغرب من أجل الحريات السياسية والازدهار الاقتصادي.
جدار برلين الذي
بني في عام 1961 لمنع الألمان الشرقيين من الهرب إلى ألمانيا الغربية، أصبح رمزاً من رموز الحرب الباردة.
انخفضت حدة التوتر بعض الشيء بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية في أوائل السبعينات
مع علاقات تقارب قادها المستشار فيلي برانت، والتي تضمنت قبول الأمر الواقع من خسائر
في ألمانيا الإقليمية في الحرب العالمية الثانية واعتراف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية.
في صيف 1989 قررت المجر في 2 مايو تفكيك الستار الحديدي وفتح الحدود في 23 أغسطس، مما
تسبب في نزوح الآلاف من الألمان الشرقيين في 11 سبتمبر والذهاب إلى ألمانيا الغربية عبر المجر.
كانت الآثار المترتبة على الأحداث المجرية مدمرة على جمهورية ألمانيا الديمقراطية، مع مظاهرات
حاشدة. السلطات الألمانية الشرقية خففت القيود المفروضة على الحدود بشكل غير متوقع في نوفمبر،
مما سمح للمواطنين الألمان الشرقيين السفر إلى الغرب. ما كان مقصوداَ ان يكون صمام لتخفيف الضغط
من أجل الإبقاء على ألمانيا الشرقية كدولة، فتح الحدود أدى في الواقع إلى تسريع عملية الإصلاح في ألمانيا
الشرقية، التي اختتمت مع معاهدة اثنان + أربعة بعد مرور عام في 12 سبتمبر 1990. ثم في إطار الصلاحيات
التي تخلت عنها قوى الاحتلال الأربع، التي حصلت عليها بموجب وثيقة الاستسلام، استعادت ألمانيا سيادتها
الكاملة.هذا سمح بإعادة توحيد ألمانيا في 3 أكتوبر 1990، مع انضمام الولايات الخمس التي أسست جمهورية
ألمانيا الديمقراطية السابقة للولايات العشر المكونة لجمورية ألمانيا الإتحادية.
استنادا إلى قانون بون-برلين الذي تم اعتماده من البرلمان في 10 مارس 1994، برلين مرة أخرى
أصبحت عاصمة لألمانيا الموحدة، في حين حصلت بون على منصب مدينة فيدرالية وهو منصب
يعدّها بمثابة مدينة اتحادية ويُبقي على بعض الوزارات الاتحادية فيها. وقد تم الانتهاء من نقل الحكومة
لبرلين في 1999.
منذ إعادة توحيد ألمانيا، اضطلعت ألمانيا بدور أكثر نشاطا في الاتحاد الأوروبي والناتو. وارسلت ألمانيا
قوة لحفظ السلام لضمان الاستقرار في منطقة البلقان وأرسلت قوة من القوات الألمانية إلى أفغانستان
المضطرب كجزء من عمل حلف شمال الأطلسي لتوفير الأمن بعد الاطاحة بطالبان. نشر هذه القوات كان مثار
للجدل، حيث أنه منذ انتهاء الحرب، كانت ألمانيا مقيده بموجب القانون المحلي أن نشر القوات يكون للدفاع فقط.
ويفهم أن الانتشار في الأراضي الأجنبية لا يمكن تغطيته من خلال غطاء الدفاع، لكن تصويت البرلمان حول هذه القضية
وتصديقه على إرسال القوات للمشاركة في سياق حفظ السلام انهى الجدل القانوني.
في 2005 انتخبت أنغيلا ميركل كأول امرأة مستشارة في ألمانيا. بين عامي 2005-2009 قادت تشكيل ائتلاف
موسع مع الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي. وعقب الانتخابات العامة في 27 سبتمبر 2009،
اسست ميركل الحكومة الائتلافية الحالية مع الحزب الديمقراطي الحر محل الحزب الاشتراكي الديمقراطي.