جلستُ في احد المقاهي لعلي اهربُ قليلًا من واقعي المُر ، كنت اجلس هادئةً واُراقب البشر من نافذةِ المقهى الزُجاجيه حينَ اتى صديقي القديم والمُفضل ، تحدث بصخبٍ كما هيَ عادته:مرحبًا! لمَ تجلسين وحدك هنا؟
:لاشيء فقط اردت بعض الهدوء ، ويبدو انني لن احصُل عليه هُنا ، وقهقهتُ بلطف لئلا يأخذ مُزحتي على محملِ الجد
:كيفَ هي احوالك ايتاشي؟
ايتاشي:لازالت كما هيَ ، والدي يجُرُّني من جهه وضغوطُ العمل تسحقني من جهه ، ان تكونَ الإبن الاكبر هذا صعبٌ جدًا!
:هوِن عليكَ يا رجُل ، لا اظنُ الأمر بهذا السوء ، عليكَ التأقلمُ مع هذا ، فلا يبدو انك ستتخلصُ منه قريبًا
ايتاشي:اُحاول ، ولكن كما تعرفينني اكرهُ الإلتزامات العائليه انا رجلٌ بلا مسؤوليه.
استقمتُ واشرتُ للنادلة بالحضور لأدفع الفاتورة
ايتاشي:سأدفعُها انا ، ارجوكِ لاترفضي
تنهدتُ ببطء على تصرفاتِ هذا الرجل ووافقتُ على غير رضى
خرجنا من المقهى سويًا ، امسك بإحدى يداي وقال:أ أوصلكِ للمنزل؟
:كما تُحب.
اوصلني للمنزل ووقفنا على عتبةِ الباب سويًا فقالَ بتعجب:ما بالكِ يا إمرأه! تعيشين وحدك في حيٍ مملوء بالمُجرمين ، الا تخشين على نفسك؟
:لا
رددتُ عليهِ بهدوء.
افلتَ يدي وتحدث سريعًا:انتظري! اريد التحدُث معكِ قليلًا
:لا بأس تعالَ للداخل
ايتاشي:هل يُمكننا الذهابُ للحديقه؟ ، لا تقلقي هيَ لا تبعُد كثيرًا عن منزلك
:كما تُحب
كانت إجاباتي مُختصرةً كالعاده وهذا ما ازعج ايتاشي المتشوق لمعرفة ما سأقول.
كانت حديقةً صغيره تحُفها الأشجار مِن كُل اتجاهات وتتخللُها بعضُ شُجيرات الورد المُتسلِّق ، وتتوسطُها ارجوحةٌ للأطفال وتنتشر الكراسي على انحائِها.
:والآن ، مالذي كُنت ستقولهُ لي؟
ايتاشي:اعرفُك منذُ ان كنّا في المدرسةِ الإبتدائيه ، واعلم الآن انكِّ لستِ على طبيعتك ، مابكِ تبدين كئيبةً جدًا؟ ولا تخرجُ الكلماتُ من حلقك الّا بعد شقّ الأنفس؟.
اردتُ الحديث ، والبُكاء ، وافراغ كُل مابداخلي على كتفه ، تعبتُ من الكتمان والتألُم ، لوحدي!
ولكن لا يجِب ان اُثقلَ كاهلهُ بمشاكلي فهو لديه ما يكفيهِ منها ، فقط مثّلي بأنكِ بخير لئلا تُزعجيه.
ابتسمتُ ابتسامةً زائفه وقُلت:لاشيء ، هذهِ طبيعتي فقط
ايتاشي:اذا كنتِ تُصرين على انكِ بخير ، سأبقى هنا ولو لدهر حتّى تُخبريني مابِك!.
بدأت الدموع تتجمع في عيناي واضطربت انفاسي بفعلِ الحزن والأم الذي شعرتُ به حالما باغتتني تلك الذكريات
قُلت بحنق:عزيزي ايتاشي ، لا تشغل بالكَ بي واخبرني ، كيف ستُقابل والدك وانت مُتأخرٌ عن اجتماعِ العائله خاصتكم بنصفِ ساعه!
صرخ ايتاشي في وجهي:انتي فاشلةٌ في التمثيل! واللعنة لمَ تتحدثينَ عني انا هُنا من اجلك ولن ابرح مكاني حتى تتحدثين!.
:انا مُرهقه ، ومتعبة وفقدتُ شهيتي في كل شيء حتّى العيش ، ماضيَ لا يزالُ يلاحقني تلك الآثام لا زالت تفتكُ بي ، اريدُ النوم لأخرج من هذا العالم ، اُكابدُ وحدي هذه الآلام المُرعبه ، الحزن لا يُشيحُ بناظريهِ عني ، لا استطيعُ تحمل هذا الهُراء اكثر!
بدأتُ في البكاء بصمت في حينِ ان دموعي بللت ثوبي عضضتُ على شفتاي اُحاول ان اكتم شهقاتي.
هرعَ الي ، واحتضنني وربّت على رأسي ، غمرني بالحنان الذي افتقدتهُ كثيرًا ، نظراتهُ لم تكُن نظراتَ شفقة بل كانت نظراتَ قلقٍ واهتمام ، يبدو وكأنهُ ابي ضحكتُ بأسى على حالي ، ابي؟ لم اقل هذه الكلمة منذُ امدٍ بعيد وأيُّ ابٍ هذا الذي يتركُ بنيته الوحيدة ويرحل؟.
ايتاشي:افرغي ما بداخلك! ، ولا تبقي تكتمين كُل شيءٍ في قلبكِ هكذا ، انا دومًا معكِ ، وُجد الأصدقاء ليُخففوا عن اصدقائهم اوليسَ كذلك؟.
مضى الوقت واشارت عقاربُ ساعةِ يدي الى الساعةِ التاسعة ليلًا ، هوَ حتمًا فوّت اجتماع عائلته ولن يكونَ والده سعيدًا جدًا بهذا ، قاطع سكوننا صوته قائلًا:اتعلمين ، اشتقتُ لك
:ولكنّي امامك؟
ايتاشي:لا ، اشتقتُ لتلك الطفلةِ الشقية التي كانت تضحكُ وتصرخ اكثر مما كانت تتكلم ، والتي كانت تعبثُ بأي شيءٍ تجدهُ امامها ، تلك الطفلة المرحة التي اسرت قلبي لأكون صديقها
:ا تذكُر ذلك الوقت حينَ كنّا نحلمُ بأن نُصبح كبارًا؟
ايتاشي:اجل حين كُنتِ ترتدينَ كعب والدتكِ العالي وتدّعينَ بأنكِ بالغه
:انا الآنَ نادمةٌ على كُل دقيقه ، فكرتُ بها ان اصبح كبيره ، لا يوجدُ في هذا العاام سوى البؤس
ايتاشي:لربما مُسكن الآمكِ يكون شخصًا تُحبينه ، او العكس
:انا؟ يارجل من سيُحب ملكةَ الجليد هذه
ايتاشي:ولكنّي لا اراكِ ملكةَ الجليد! انتِ اكثر شخصٍ. لطيف عرفتهُ في حياتي
:قُل اشياء منطقيه ارجوك.
وضعَ كلتا يديهِ على وجهي ونظر مُتمعنًا فيّ:اُحبكِ يا كونان! ، مُنذ كُنّا في الإبتدائيه ، بنظركِ لمَ لم ارتبط للآن؟ ، قلبي متلعقٌ بك! ، حاولتُ اخفاء مشاعري عنكِ ، رُبما تُحبين شخصًا اخر ولم اُرد ان اكون عائقًا في طريقك.
قلبي بدأ ينبضُ بشكلٍ اسرع وباغتنيَ الُصداع اللعين ، هوَ لا يأتي الا في اوقاتٍ كهذه
ابتسمت ، لم تكُن كسابِقاتها كانت ابتسامةً نابعةً من اعماقي ، شعرتُ بالسعاده تتدفق اليّ ، اتحذتُ مكاني في حجرهِ وتحدثت
:اوتشيها ايتاشي
ايتاشي:كُلي لك
:عدني بأنك ستبقى معي ، ولن تترُكني في منتصف الطريق ، ولن تخذُلني كما فعل الجميع ، ولن تمِلَّ من طبيعتي ، عدني بأنك ستُحبني كما انا!
ايتاشي:لو لم اكُن كذلك ، لما كُنت جالسًا هنا معكِ ، انا وقعتُ في حب هدوئك وإختلافك وكُل مابكِ بلا استثناء.
:اُحبك ايتاشي ، وليتها تكفي.
اخذني للمنزل ، ووضعني في سريري شعُرت بأنني طفله لم تقوَ على السيرِ لأنها متعبه ، يُخالجني شعور لطيف في معدتي حين يكونُ معي ، حمَلني كُل ذلك الطريق ، وغطاني بالِّحاف الموضوع على سريري
:ستذهب؟
قلتُ بصوتٍ مبحوح إثر التعب
ايتاشي:لا ، سأبقى هُنا
:ولكن عائِلتك ، ووالدُك سيغضب
ايتاشي:اجل وكأنهُ ليس غاضبًا دومًا ، كونان لاتشغلي بالكِ بي ، فقط ارتاحي وانا معك
امسكتُ كفّ يده واغمضتُ عيني لعلي استرقُ بضع ساعاتٍ من النوم فهذه الأيام الأرق لا يسأمُ مني.
ايتاشي:هيَ بريئةٌ جدًا ، وبداخِلها من الحُنوّ والرّقة ما يَكفي لأن يَجعلها تتَعامل مع الآخرين وكأنّها تخيّط جِراحهم ، فيمَ هي تعيشُ في مجزةٍ من الألم ، لطيفة ولكنَّ العالم اللعينَ دنّسها! ، اُريد ان اُخرجها من هذا البؤس انا اُحبها لدرجةٍ لم استوعبها حتّى ، اُريد البقاء معها ، هذا ما يُمليه عليَّ قلبي.
وغفت ذات الشعر الأُرجوانيّ ، غفت ولا تعلمُ ان غدًا ينتظرُها بإشراق لتبدأ حياةً جديده.
النهاية.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: