ما علاقة
باولو كويللو بالتراث العربيّ الإسلاميّ ؟ ما السر الذي جعله ينجذب إليه بهذه الدرجة ويظهر أثره في العديد من
أعماله الرّوائيّة ؟
يُجيب
باولو كويللو عن سؤالنا في مقدمته للطبعة العربيّة لرواياته الصادرة عن شركة المطبوعات للتوزيع والنّشر – بيروت قائلاً ”
كانــت
الثّقافة العربيّة إلى جانبي خلال معظم أيام حياتي، تبيّن لي أموراً لم يستطع العالم الذي أعيش فيه أن يفقه معناها ” (انظر ساحرة بورتو بيللو،
ترجمة رنا إلياس الصيفي، ص 7) .. ويُضيف في موضع آخر ”
اكتشافي الأول للحضارة العربيّة الإسلاميّة كان من خلال العــرب المقيميــن
في البرازيل، ثم طورت معرفتي من خلال قراءة
الأدب العربيّ مثل كتاب
ألف ليلة وليلة إضافة للأدب الصّـوفي مثــل كتابــات
جلال الديــن
الرومي إلي جانب اطلاعي على
النّصوص الدّينيّة، ولمّا مارست الكتابة وجدت أن ثقافتكم في أعماق قلبـي وتظــهر طبــعا في تلافيفــها.. لقــد
أحببت
الشّرق بعمق، وأعتبر كتاب ”
النبي”
لجبران خليل جبـران كأحد الكتب الحاسمة في حياتي وعملي” ..كما يتحدث عن تـأثره
بالإســلام
الصّوفي قائلا ”
كتاباتي متأثرة لحد بعيد بتعاليم الإسلام الصّوفيّة. لقد ألهمني التّصوف بالفعل إلى حد كبير خلال حياتي “، ويظـهر جلياً تأثــر
باولو كويللو بالتراث العربيّ / الإسلاميّ في أغلب كتاباته الرّوائيّة . ونأخذ على سبيل المثال رائـعته ”
الخمــيائي “…في هــذه الــرّواية التـي
بطلها راعٍ أندلسيّ يخوض مُغامرة البحث عن كنزه الدّفين في بلاد الأهرامات – مصر، يُعطي
باولو كويللو صورة رائـعة عن سمــاحة الدّيــن
الإسلاميّ وأخلاقياته وجميل معاملاته للآخر ..تبدأ من صاحب المقهى، العربيّ الذي حاول مراراً أن ينصح الفتى بتجنب ا
لشّاب العربيّ الــذي
جالسه في المقــهى وعَزَمه على شاي؛ لأنّه كان لـصّاً وهو الذي سرق ماله فيما بعد …كما نجد في خطاب الفتى مع الشّاب العربيّ ت
حريم الخمر
في الدّين الإسلاميّ، وذلك ما ورد على لسان الشّاب العربيّ في رده على طلب الفتى للخمر قائلاً له ”
لا يـوجد خمر في بلادنــا، فالدين يُــحرمه “
(انظر الخيميائي، ص 48)… وقد ورد أيضاً على لسان التّاجر في الرّواية قوله للفتى ”
لم يكن هناك أي داعٍ لتنظيــف الأوانــي، فــإنّ الشّريــعة
الإسلاميّة تلزمنا إطعام الجائع أياً كان”( انظر الخيميائـــــي) ..كما يُضــيف التّاجر قائـــلاً للفتى ”
لقــــد أرسل لنا الله بالقرآن الذي فرض علينا
خمسة فروض فقط علينا مراعاتها في حياتنا، الأكثر أهمية هو ذا وحدانية الإله، والفروض الأخرى هي: الصلاة، خمسة أوقات في اليوم، صيام
رمضان، وواجـب الزّكاة لمسـاعدة الفقراء ..”( انظر الخيميائي، ص 68 )… ويذكر في نفس الرّواية آية قرآنية على لسان الجـمّال هي
” قـل إن
ربي يبسـط الرّزق لمن يشــاء من عباده ويقــدر له ” (انظر الخيميائي، ص96 ) …وغــيرها من الصّفات الحــميدة، والأخــلاق النّبــيلة في الدّين
الإسلاميّ، كما تطرقت الرّواية إلى
اللّباس العربيّ التّقليديّ عند قول الرّاوي ” ارتدى أي الفتى العباءة العربيّة المصنوعة من الكتان الأبيض،
فلقد اشتراها خصيصاً من أجل هذا اليوم، ثم غطى رأسه بعمامة مثبتاً إيّاها بعقال مصنوع من جــلد الجمل ” (انظر الخيــميائي، ص 76 )..هــذا
باختصار شديد ما تطرق إليه
باولو كويللو في هذه الرّواية الرّائعة التي استعان فيها بالتراث العربيّ/ الإسلاميّ وبيّن من خلالها مدى
إعجابه به.
تضمنت الصَّفحات 163- 168 من كتاب ”
بيكاسو وستاربكس ” لياسر حرب، لقاء الأخير
بباولو كويللو في فرنسا بشقته القابعة على مقربة مـن
نهر ” السين ” وبرج إيفل، وقد تحدّث مؤلّف الكتاب في مقاله الذي جعله تحت عنوان ” مع
باولو كويلو ” بشيء من التّفصيل عن جلسته مع
باولو
كويللو، بادئاً بلقائه به في إحدى المكتبات بدبي، وأنّه عندما وصل إليه قال له بأنّــه معجــب إلى حد كبير بكتابــاته ورد عليه
كويلـو حينها، قائـلاً ”
يا صديقي إنّنا محاربون والمحاربون يتحدثون
لغة البعض “…غير أنّ الذي يهمنا في لقاء
ياسر حارب بكويللو هو حديث الأخير عــن محمد
صــلى
الله عليه وسلم ..إذ يقول
ياسر حرب ” سألني ونحن نتناول وجبة العشاء: هل صحيح بأنّ النـبي محمداً عنــدما رأى كفار مكــة قبل بدء مــعركة بدر
وقف يدعو ربه ويُصلي ..؟ فقلت نعم فسألني عن السّبب فقلت له: كان يدعو ربه كي يُعينه والمســلمين وأن ينزل علــيهم السّكينة ” …ويستــمر هــنا
ياسر حرب في الشّرح
لباولو كويللو إلى أن يُكمل ليقول له
بعدها كويللو ” كم هو عظيم محمد…كلما سألـت أحداً عنه اكتشف أنّه عظيــم أكثر مــما
سبق “…وفي الأخير
يسأله كويللو إن كان صحيحاً بأنّ ” دور المسلم في هذه الحياة هو أن يتزوج ويُشكّل أسرة ليكون جزءاً من الحياة الإنســــانيّة ”
ويُجــيبه
ياسر حــرب بأنّ ” دور المسلم على وجـه الأرض
هو عبادة الله وحده، وبعد ذلك عليه أن يُقدّم شيئاً نافعاً للبشــريّة …الخ ” …أسـئلة
باولـو
كويللو لياسر حرب توضّح بأنّه مُطّلع على الدّين الإسلاميّ وتراثه وسيرة النبي
محمد صلى الله عليه وسلم … وهو ما أثمر طبعاً- عطاءات بـهية
في رواياته العالميّة التي نالت شهرة مُنقطعة النّظير ..والتي تحمل في صفحاتها تأثر بليغ بالتـــراث
الصّوفيّ الإسلامــيّ الّذي اغتــرف من معيـــنه
كويلهو الكثير..وتكون كشاهد أمين على علاقة الود والمحبة التي تربط
باولو كويللو بالعالم العربيّ/ الإسلاميّ الذي لا يكف
كويللو في الدّفاع عــــنه
في أغلب خرجاته الإعلاميّة بعيداً عن الشّتم والقذف وكل وسائل التّشويه وأدوات التّدمير الأخلاقيّة التي ينتهجها الغرب بأدبائه الذين لا يكفون فــي
كتاباتهم عن اتهام الدّين الإسلاميّ
بخلق الإرهاب والعنف والقتل في العالم، وهو ما برأه
كويللو منه في رده عن الفتاة المُلحدة، كما ذكرنا آنفاً.
دافع الروائي البرازيلي العالمي
باولو كويلو عن سماحة الأسلام بنشر صورة للمصحف الشريف على
صفحته على مواقع التواصل الاجتماعــي فيس بوك التّي يتابعــها اكثر من
26 مليون شَخــص مــعلقاََ
عليها بقولهِ "
اِنهُ الكتاب الذّي غير العالم ".
وتابع
كويلو صاحب الروايات الأكثر مبيعاََ في العالم تَعبيرهُ عن فهمهِ ا
لعميق للأسلام بردهِ على تعليق
شابّة سورية على منشورهِ، حَيث قالت ان القرآن مَصدر
العُنف والقَتل، وقالت اِنها تركت الأسلام لأن
مقاتلي "داعش" دمّرو بلدها مستندين الى آيات القتل في القرآن.
فَرد
كويلو معلقاََ : "لَيس صــحيحاََ". أنا
مَــسيحي، وَعلى مدى قرون حــاولنا فرض ديننــا بِقوة السَــيف،
ويمكنكم التحقق من القاموس من عِبارة
الحروب الصليبية، وقتلنا الساحرات بحجة انهن ساحرات كَما
حاربنا العلم مثلما في حالة جاليــلو ، لذلك
لا ينــبغي القاء اللوم علــى الدين، ولكــن على اولئــك الذَيــن
يتلاعبون بِه".
باولو كويلو || paulo coelho