لفظ (الرجس) في القرآن الكريم (1 زائر)


إنضم
23 مارس 2013
رقم العضوية
4
المشاركات
1,632
مستوى التفاعل
335
النقاط
374
توناتي
0
الجنس
ذكر
LV
0
 
من الألفاظ التي وصف الله بها أهل الشرك والكفر، ونزه عنها عباده المؤمنين لفظ (الرجس)، وهو لفظ يحمل دلالات متعددة، منها مادية ومنها معنوية. فما هي دلالة هذا اللفظ، وهل ثمة من فرق بينه وبين (الرجز)؟ جواب هذين السؤالين هو مضمون السطور التالية:
ذكر صاحب معجم "مقاييس اللغة" أن (الراء، والجيم، والسين) أصل يدل على اختلاط، يقال: هم في مرجوسة من أمرهم، أي: اختلاط. والرجس: صوت الرعد؛ وذلك أنه يتردد. والرجس: هدير البعير. ويقال: سحاب رجاس، وبعير رجاس. وهذا راجس حسن، أي: راعد حسن. والرجس: القذر؛ لأنه لطخ وخلط. وواضح أن الأصل اللغوي لهذا اللفظ يتعلق بما هو مادي محسوس، لكن توسعوا بعدُ في استعمال هذا اللفظ، فأصبح يُستعمل فيما هو معنوي أيضاً، كما سيتضح لك قريباً.

ولفظ (الرجس) ورد في القرآن الكريم في عشرة مواضع فقط، منها قوله تعالى: {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} (الأنعام:125). ولم يأت هذا اللفظ في القرآن إلا بصيغة الاسم. وهو في المواضع التي جاء فيها، لم يأت على معنى واحد، بل جاء على أكثر من معنى، نستجليها فيما يأتي:


قال سبحانه في وصف الخمر والميسر: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} (المائدة:90)، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن (الرجس) هنا هو: السَّخَط. وروي عن ابن زيد، قال: (الرجس)، الشر. وقال سعيد بن جبير: الإثم. وقال الطبري: إثم ونَتْن. وقال البغوي: أي: خبيث مستقذر.


و(الرجس) في قوله تعالى: {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} (الأنعام:125)، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن (الرجس) هنا: الشيطان. وروي عن مجاهد، قال: (الرجس): ما لا خير فيه. وقال ابن زيد: الرجس: عذاب الله. ورجح الطبري قول ابن عباسرضي الله عنهما في الآية.


و(الرجس) في قوله تعالى: {فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به} (الأنعام:145)، الحرام، كما قال البغوي. وقال ابن عاشور: الرجس هنا: الخبيث والقَذر.


و(الرجس) في قوله تعالى: {قد وقع عليكم من ربكم رجس} (الأعراف:71)، السَخَط، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الطبري والبغوي: الرجس هنا: العذاب. وهو بمعنى كلام ابن عباس رضي الله عنهما.


وفسر الطبري (الرجس) في قوله تعالى: {فأعرضوا عنهم إنهم رجس} (التوبة:95)، بأنه: النجس. وفسره القرطبي و البغوي بأنه: العمل القبيح. وقال ابن كثير: خبثاء نجس بواطنهم واعتقاداتهم. وقال ابن عاشور: الرجس هنا: الخبث. والمراد: تشبيههم بالرجس في الدناءة ودَنَس النفوس. فهو رجس معنوي.


و(الرجس) في قوله تعالى: {فزادتهم رجسا إلى رجسهم} (التوبة:125)، الشر والضلال. قالابن زيد في معنى الآية: زادهم شراً إلى شرهم، وضلالة إلى ضلالتهم. وقال ابن كثير: أي: زادتهم شكا إلى شكهم، وريبا إلى ريبهم. وقال الكسائي: أي: نتناً إلى نتنهم. وقال مقاتل: إثماً إلى إثمهم. وقال القرطبي: أي: شكاً إلى شكهم، وكفراً إلى كفرهم. وقال ابن عاشور: الرجس هنا: الكفر. والمعنى في الجميع متقارب.


وفسر كثير من المفسرين (الرجس) في قوله تعالى: {ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون} (يونس:100)، بأنه: العذاب. وقال ابن كثير: الخبال والضلال.


وأغلب المفسرين على أن المراد من (الرجس) في قوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} (الحج:30)، عبادة الأوثان، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فاجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان. وقال ابن كثير : اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان. وقال ابن عاشور: وَصْفُ الأوثان بالرجس أنها رجس معنوي؛ لكون اعتقاد إلهيتها في النفوس بمنزلة تعلق الخبث بالأجساد، فإطلاق الرجس عليها تشبيه بليغ.


و(الرجس) في قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} (الأحزاب:33)، عمل الشيطان، وما ليس لله فيه رضى. قاله ابن عباس رضي الله عنهما. وقال قتادة: السوء. وقال مجاهد: الشك. وقال ابن زيد: الرجس ها هنا: الشيطان، وسوى ذلك من الرجس: الشرك. وقال مقاتل: الإثم. وقال ابن عاشور: المراد به هنا: الخبيث في النفوس، واعتبار الشريعة. وهذا القول يجمع الأقوال السابقة.


وأنت تلحظ أن لفظ (الرجس) في الآيات السابقة قد جاء على عدة معان، فجاء بمعنى الإثم، والشرك، والشر، والعذاب، والشك، والشيطان، والنجس، والخبث، والسَّخَط، وهي معان تجمع بين ما هو مادي حسي وما هو معنوي، ويصب كلها في النهاية في المعنى اللغوي وهو معنى الخبث والقَذَر.


ثم ها هنا سؤال قد يرد، وهو عن الفرق بين (الرجس) و(الرجز)، فاعلم أن أنظار أهل اللغة قد اختلفت هنا، فقال بعضهم: (الرجز): العذاب لا غير. و(الركس): العذرة لا غير. و(الرجس) يقال للأمرين. وجعل بعضهم: (الرجس)، و(الرجز)، سواء، وهما: العذاب. قال الفراء: (الرجز) هو (الرجس). وقال أبو عبيد: كما يقال: السدغ والزدغ، كذا يقال: (رجس) و(رجز) بمعنى. وكان أبو عمرو بن العلاء يزعم أن (الرجز) و(الرجس) بمعنى واحد، وأنها مقلوبة، قُلبت السين زاياً.
وتتبع دلالات لفظ (الرجز) في القرآن قد يكشف على وجه الفرق بين اللفظين. وهو ما نأمل أن نقف عليه في مقال غير هذا.



منقول من موقع اسلام ويب

 
التعديل الأخير:

إنضم
20 أغسطس 2013
رقم العضوية
967
المشاركات
16
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
السعودية
توناتي
0
LV
0
 
مكووووووووووووووووووووووووووووووووور على الحوار
 

المتواجدون في هذا الموضوع

المواضيع المتشابهة
كاتب الموضوع العنوان المنتدى الردود التاريخ
المدمر الفاني لفظ (الرجز) في القرآن فضاء التون ☯ 1
MEG الختم الاداري هل ترى أنفك في المنام ؟ || كيف يؤثر النوم على عقلك وجسمك: Studies On Sleep Behavior فضاء التون ☯ 17
خَوْد الختم الاداري السياحة في Bayern/Germany فضاء التون ☯ 5
Ariana الختم الفضي اجمل الثقافات في العالم {الثقافة الصينية} تابع للمسابقة فضاء التون ☯ 5
H eli o 』 كواكب صالحة للعيش في مجرتنا | تابع للمسابقة | فضاء التون ☯ 9
Mahdicchi الختم الذهبي حكاية رعاية الأقمصة في كرة القدم || كيف ومتى بدأت؟ فضاء التون ☯ 3
Edward الختم الذهبي اهلًا بكم في اليابان || Welcome to Japan فضاء التون ☯ 19
M u n a عمل ايسكريم في خمس دقائق ! فضاء التون ☯ 4
Roro sama الختم الذهبي وتربعت الهمزة على عرش الحروف || الهمزة في اللغة العربية || تابع للمسابقه ~ فضاء التون ☯ 3
HAZAL الختم الذهبي [تابع للمسابقة] بعض أساسيات التواصل في اللغة الإنجليزية - الجزء الأول - فضاء التون ☯ 7

المواضيع المتشابهة

أعلى أسفل