- إنضم
- 7 مايو 2019
- رقم العضوية
- 9955
- المشاركات
- 3,895
- مستوى التفاعل
- 4,243
- النقاط
- 498
- أوسمتــي
- 2
- الإقامة
- كوكب بلوتو ♇
- توناتي
- 1,535
- الجنس
- ذكر
.. السلام عليكم ..
انرتم موضوعي بحضوركم ..
اهلا بكم بهذه القصة المتواضعة "من تأليفي" ..
اتمنى ان تنال محبتكم ورضاكم كي اتمكن من الاستمرار في مجال القصص والروايات ..
تنبيه / هذه القصة مصنفة لمن هم 16+ او اكثر بسبب احتوائها على بعض الاحداث قد تكون غير مناسبة لمن هم تحت السن المطلوبة ..
...........
.. في منتصف الليل كان قمره كاملا كأنه يريد ان يشهد اخر ايام حياتي .. امشي بين الاشجار لاصل لتلك القمة التي اعتدت ان اقف عندها في اوقات حزني.. كل خطوة تجر الأخرى .. افكر بأبي الذي لن يتحمل الخبر .. وأفكر بصديقي راعي الاغنام .. وأفكر بذلك الشخص الذي كنت اقضي معه اغلب وقتي .. لم يخبرني بأسمه ابدا لذلك كنت اطلق عليه "ذلك الشخص" .. كنت؟ نعم كنت .. سوف اصبح بعد قليل ذكرى من الماضي وسينساني الكل .. كنت شخصا سيئ .. احاول نسيان تلك الذكريات .. لكن .. في كل مرة كنت افشل .. الكوابيس تطوف في منامي كأنها تريد الانتقام مني .. كوابيس غاضبة .. هه.. ما هذا الشيء اصلا ..
وصلت عند حافة الجبل الموعود .. جبل الحزن .. هذا ما كنت اطلق عليه .. كانت هذه الحافة الوحيدة التي تسمع لألامي واحزاني .. كنت اشكي لها واقول كل ما بداخلي .. فأحس بالراحة واعود الى البيت .. لكن لن يحدث هذا اليوم .. لان كل شيء سينتهي ها هنا .. كانت حافة تطل على منظر رائع .. بساتين من ورد النرجس تمتد على مد البصر .. وفي نهايتها جبال بعيدة تزينها سماء سوداء مرصعة بالنجوم .. والقمر كان في منتصف المنظر ويبتسم .. هل انا الوحيد الذي يظن ان للقمر وجه؟ .. لا ادري .. وقفت عند هذه الحافة وانا اتأمل اخر مشهد في حياتي .. اشعر ان الحياة قد نالت مني وانا الان على وشك تنفيذ مرادها .. شعور صعب ذاك الذي يسمى الحزن .. لكن لا يهم الان .. رفعت قدمي من حافة الجرف .. واغمضت عيني وشعرت بدمعة على خدي ..كدت اسقط وينتهي كل شيء..هل حقا هذه هي النهاية؟.. كان احساس غريب ..
وسط كل هذا الصراع في داخلي .. قاطعني صوت كان للجمال بقاتل .. " الحياة امل " .. كانت هذا اول شيء قالته تلك الحسناء التي تطوف هناك بصوتها الانثوي النغم.. كأسطورة اغريقية تحلق بين بساتين الورد وخصلات شعرها تلاحق جسدها الرقيق .. بيضاء لطيفة الملامح مع لمسة حادة على عينيها ..ترتدي ذلك الرداء الابيض الحريري ..كانت تطوف ببطئ في الجو .. نعم كانت كأنها ملاك على شكل بشر .. ملاك من مكان أخر .. كنت اراها من خلف شجرة وهي تمسك تلك الوردة الحمراء وتنظر لها بعينيها الساحرتين .. تغني اغنيه هادئة بهذا الصوت العذب الذي قد نال من قلبي ولم استطع ان اقاوم دمعي من نزوله .. كانت تغني اغنية كأنها من مكان اخر .. انظراليها بتعجب مرهف وهي قائلة مخاطبة الوردة الحمراء بغنائها:
" حاولتُ ان القى لقلبيَ مهرب
فوجدتُ قلبُك لا يرقُ لِحالي..
..هل عادت الدنيا لوقت سابق؟
..اقفلت قلبي بعد جراحهم متألمة
فأتيت انت محطما اقفالي.. "
اقتربت قليلا كي استمتع بنغمات هذا الصوت الناعم ..كانت تغنيها بصوت هادئ ورقيق.. كنت كمن كان قد سيطر عليه اسطورة الملك "اورفيوس" لشدة عذوبته ..لم يكن مقدر للحضات السعيدة ان تستمر حيث دست على غصن شجرة كان على الارض .. التفتت الي بسرعة وكانت على وجهها علامات الخوف والارتباك .. نعم انها متفاجئة وخائفة..لكن ورغم ذلك لم يفارقها الجمال من على وجهها ولا السحر من عينيها .. سقطت الوردة التي بيدها .. بعد بضعة لحضات من الصمت .. اقتربت مني ببطئ وهي تطوف بالجو .. لم اكن مصدوم من طيرانها اكثر من دهشتي بجمالها .. قالت لي ..
" هل انت صديق الجبل "
..كلامها كان مألوف لي بطريقة غريبة .. لكن ماذا تعني؟ .. اجبتها بلهجة مترددة
" ص..صديق الجبل؟؟ "
رجعت الفتاة قليلا الى الخلف وابتسمت ابتسامة خفيفة كانت كفيلة بنحر كل هموم حياتي ..شعرت لحضتها ان هناك شئ قد تغير في داخلي .. الحزن .. الندم.. كلها اختفت بعد بضع كلمات مع هذا الجمال الفاتن ..
" هل انت الشخص الذي يأتي دائما الى هنا ويتكلم مع صديقي الجبل؟ "
ماذا .. هل قالت صديقي الجبل ؟؟
" أتقصدين جبل الحزن؟ "
ضحكت الفتاة بصوت منخفض مع نفسها وهي تضع يدها على فمها وأبتسمت لي ..فهمت فيما بعد انها تستطيع التكلم مع هذا الجبل ..كان الجبل يفهم كلامي .. شيء غريب .. كيف يمكن لمثل هذا الشيء ان يحدث ..بل كيف يمكن لهذا الحلم ان يتحقق .. هل انا في حلم ؟؟
بعد تبادل اطراف الكلام كنت بكل مرة أسالها عن شيء تجيبني بتلك الشفاه الرقيقة .. اتمنى ان لا تنتهي هذه اللحضة .. ان كنت في حلم فلا اريد ان استيقض .. اريد ان ابقى هنا ..
وفجأة ومن لاشيء .. بدأ جسم الفتاة الملاك يشع نورا لدرجة اعمى فيها بصيرتي مؤقتا واضطررت لتغطية عيني بسرعة .. كنت متفاجأ من هذه اللحضة السريعة .. بعد ثواني قليلة اختفى النور واختفى الملاك معه .. ركضت مباشرة الى المكان الذي كانت فيه .. بحثت هنا وهناك .. لكني لم اجد شيء .. شعرت بنفس الحزن الذي كنت اتمنى ان ينتهي .. في كل مرة ارى عيني تلك الفتاة اشعر ان حياتي قد تغيرت .. لا اعرف ما هو هذا الشعور لكنه رائع .. التفتت الى الخلف لأجد تلك الوردة الحمراء التي كانت تمسكها .. ذهبت وحاولت التقاطها .. لكنها كانت متصلة بالارض .. نعم لقد عادت الى الارض وكأنها زهرة عادية .. بقيت اتأمل بهذه الزهرة ولسبب ما .. اشعر ان فكرة الموت قد ذهبت من بالي .. ابتسمت ابتسامة خفيفة .. وعدت ادراجي للبيت محاولا اقناع نفسي ان هذا كله ليس بحلم ..
في اليوم التالي بعد ان طفت بالخراف حول بضع مناطق من الجبل..وانا افكر بالذي حدث معي ..كان صديقي الذي يساعدني يتكلم معي لكني لم اكن اصغي له ولثرثرته التي كنت معتادا عليها لاني كنت سارح بالتفكير بها وبفتون عينيها.. .. بقيت انتظر الليل لاذهب الى تلك الحافة .. ذهبت بنفس الوقت املا ان التقي بها اليوم ايضا .. وقفت خلف تلك الشجرة التي بدأ منها كل شيء.. بقيت انتظر طويلا لكنها لم تأتي .. بدأت اقتنع ان هذا حلم .. لكني بقيت هناك خلف الشجرة لسبب ما لا اعرف ما هو .. بعد ان فقدت امل لقائها نضرت للساعة التي اهداني اياها جدي قبل وفاته وكانت تحديدا 11:10 .. قررت العودة للبيت واثار الحزن على وجهي .. صحيح انها كانت مجرد حلم قصير ورائع .. لكنه غير حياتي .. وفجأة ومن لا شيء .. وبعد عدة من دقات عقارب الساعة المحمولة التي في يدي .. اشارت الى 11:11 .. ضهر نفس النور الذي ابعدني عنها ..النور الذي اجبرني على تغطية عيني مرة اخرى .. كان هذا النور هو بمثابة ضوء القمر الذي ينعكس على هذه الحافة ليضيئها .. لكنه لم يكن ضوء القمر نفسه الذي عهدته .. كان هذا الضوء اقوى من القمر نفسه لتظهر خلفه تلك الحورية كأنها ملاك الجمال .. كان المشهد رائع .. بمثابة اسطورة الجمال "افروديت".. هذا حقيقي !! لم يكن مجرد حلم .. ايعني هذا انها من سكان القمر؟.. قرصت نفسي مرة ومرتين لكن لم استيقض.. نعم انه الواقع .. ونفس تلك الزهرة الحمراء كانت تشع بهذا الضوء .. زهرة حمراء مضيئة بجانبها ملكة من ملكات الجنة الفاتنة .. في تلك اللحضة شعرت وكأن هناك شيء في داخلي يجبرني على الأقتراب .. اقتربت منها خطوات خفيفة ..
..نظرت لي وكانت على وجهها نفس تلك الابتسامة الدافئة .. كأنها كانت تعرف بمجيئي .. قلت لها ..
" انتظرتك كثيرا .. فقدت الامل برؤيتك فقررت العودة.. "
لم تفارق وجهها تلك الابتسامة وقالت لي
" لكني هنا الان "
.. " هل انت ملاك؟ "
.. سكتت قليلا ومن نظراتها عرفت الاجابة .. لم تكن تريد ان تجيبني بنفسها .. كأن هناك شيء يمنعها .. وانا ايضا لن اسألها عن شيء بعد الان .. في كل يوم وتحديدا الساعة 11:11 قبل منتصف الليل بقليل كنت اذهب الى تلك الحافة لأقابل تلك الفاتنة .. كلامها يجعلني اشعر ان الدنيا لا تزال جميلة .. وقد صنعت ابتسامتها مني شخصا اخر .. تغني لي بصوتها العذب الذي ينسيني كل هموم حياتي القصيرة .. وكانت تختفي عند الساعة 12 منتصف الليل ..الوقت لم يكن كافي معها ابدا .. اشتاق لها بمجرد ان تختفي مني .. احترق من نيران الشوق كل يوم وانا انتظرالوقت الموعود .. بمجرد ان يظهر الضوء من تلك الزهرة الحمراء اعرف ان الفاتنة قادمة .. كنت اشعر اني التقيتها في مكان ما من قبل .. في احلامي ام في خيالي .. لا اعرف اين .. انها قريبة من قلبي وكأني اعرفها من زمن بعيد .. لا اعرف ولا اريد ان اعرف .. المهم اني اشعر بالراحة كلما تكون هي بجانبي ..اصبحت الساعة 11:11 هي الساعة التي تهدي لي يومي وتجعلني امسك هذا الامل الضائع مني .. كان هناك شيء غريب ..شيء غريب بهذه الزهرة الحمراء التي تعتبر علامة على لقائنا .. في كل مرة التقي بها اجد ان هناك ورقة من اوراق الوردة تسقط وتذبل .. لم اهتم لهذا الامر ..
بعد عدة ايام من هذا الحلم الجميل .. ذهبت لقمة جبل الحزن .. واقتربت من تلك الحافة وانا انتظر .. انتظرت كثيرا ولم يحدث شيء ..بدأت اقول لنفسي انها ستظهر في أي لحضة فقط علي ان اصبر .. اثناء لحضات الارتباك هذه نظرت الى تلك الوردة ..لكن ..رأيتها ذابلة تماما وميتة .. كانت سوداء وخالية من اوراقها.. مهلا .. الساعة تخطت الوقت الموعود ..
" أ..أين انت يا ايتها الفاتنة "
هل كانت اوراق الزهرة الحمراء هي بمثابت عد تنازلي لهذا اليوم؟.. شعرت بشيء يحترق داخلي .. ظهرت نفس الدمعة على خدي وكأني خسرت الشيء الذي كان يبقيني على قيد الحياة ..
بدأت اذهب كل يوم الى تلك الحافة.. لكن .. لا شيء يظهر .. تلك الزهرة ذبلت ومالت الى الارض ..الجبل اصبح حزينا .. الحياة تكاد تسود من هول الحزن في داخلي .. بقيت على هذه الحالة لعدة اسابيع
.. لن استطيع ان اتحمل اكثر ..
وفي نفس المشهد كأن الزمن يعيد نفسه .. في منتصف الليل كان قمره كاملا كأنه يريد ان يشهد اخر ايام حياتي .. امشي بين الاشجار لاصل لتلك القمة التي اعتدت ان اقف عندها في اوقات حزني.. كل خطوة تجر الأخرى لكن هذه المرة لم افكر بشيء سوى عيني تلك الفتاة .. وصلت الى الحافة المعهودة .. الدموع اغرقت عيني والحزن طغى في قلبي .. لا اعرف مالذي يحدث .. لكن مباشرة قبل ان ارفع قدمي لحافة الموت .. سمعت تلك الكلمات التي جعلتني في حالة الذهول نفسها ..
" الحياة امل "
كانت تلك الحورية نفسها تطوف امامي ..وقالت لي بصوتها الناعم الحنون ..
" اعتدت ان ابقى بالقرب من هذه الحافة واسمع جميع همومك التي كنت تقولها بصوت عالي دون ان تعلم .. كنت بكل مرة تشكي للجبل بشيء اواسيك واتمنى لو استطيع ان التقي بك ..كانت ايام جميلة تلك التي قضيتها معك..ضننتك حلم .. حاولت ان اجعلك تحيا تلك الحياة الهانئة ..ياليت لو كنت بمكانك وعشت في حياتك..لكن الان يجب ان اذهب .. لأن مكاني ليس هنا .. اريدك ان تعيش حياة تفخر بها ..سعيدة.. ولا تفكر بالموت .. الحياة جميلة ورائعة .. لا تسمح بالندم ان يتسللك .. ولا تسمح بكلام الناس ان يجرحك ..انت انسان قوي دون ان تحتاج لشخص اخر .. ..الحياة امل .. "
ثم بدأت تختفي تدريجيا .. نظرت لها وكنت اعرف ان هذه اخر مرة نلتقي .. تبادلنا نظرات الوداع ذاتها ..ووجدت كريستالة تنزل من عينيها .. لا .. هذه دمعة ..يالها من نظرات .. بعد ان اختفت نهائيا سقطت تلك الكريسالة على الارض ..ذهبت اليها وانا اتفقدها .. كانت كريستالة مشعة وجمالها سحر مناظري التي طغى عليها الام فراقك..كانت هذه الدمعة هي الشيء الوحيد الذي بقي منك .. نظرت الى القمر المكتمل .. رمقتني ابتسامة خفيفة على وجهي .. ابتسامة حزينة ..أحتاج هواك في هذه الاوقات من الحزن.. أحتاج لإحتواك في هذه اللحظات من اللهفة والأشتياق.. قلبي يتمناك ويعشقك ويهواك وعيني تتسائل هل يوماً تراك وفي هذا المساء لا أحتاج سواك.. ..هل سأراك مرة اخرى؟ مرددا هذا السؤال في داخلي دائما وفي كل يوم..في كل لحضة
هل للوداع مكان ام أنه سفينه بلا شراع ..يا ليت الزمان يعود واللقاء يبقى للأبد ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الحب هو الأنين وستبقى الذكريات قاموس تتردد عليه لمسات الوداع والفراق..شكرا لك يا ايتها الفاتنة .. اعرف ان الحياة امل .. لكنها بدونك مثل الجحيم .. لكني احب هذه الحياة التي تجعلني اتعذب بنار شوقك .. بلحضة سعيدة وحزينة .. ذهبت فكرة الموت من عقلي نهائيا ..احببت الحياة بعد لقائك ..اتذكر كل الناس الطيبين الذين التقيت بهم في حياتي .. وافكر بالحياة البسيطة التي اعيشها مع والدي .. بسيطة لكنها رائعة .. وانتي جعلتيها اروع .. شكرا لك ..
.. الحياة أمل ..
_تمت_
شكرا لك يا ايها القارئ لوصولك لنهاية قصتي المتواضعة البسيطة
.. اتمنى انها قد نالت اعجابك ..لكن قبل ان تذهب وتعيش يومك.. اريد فقط ان اقول لك شيئ ..
اعرف ان هناك اشياء تحدث في يومك تجعلك تريد البكاء .. تحزن وتريد ان تشكي همومك لشخص لكن ليس هنالك من يفهمك .. تتمنى لو لم تتواجد من الأساس مثل ما كان بطل قصتنا يفعل قبل لقائه بالفاتنة .. تبتسم بحضور اهلك تلك الابتسامة الخفيفة.. لكنك بالحقيقة تكاد تبكي من غرق قلبك في فيضان الهموم .. لكن يا صديقي الحياة ليست مثل ما تتخيل.. فلا شيء يستحق دموعك .. اترك فكرة انك شخص ليس منه ولا عليه فائدة .. اترك فكرة الموت لأنها لن تفرق بشيء ..اترك هذه الحفرة التي انت فيها وانظر الى السماء الصافية .. انظر الى اهلك الذين يحبوك .. انظر الى اصدقائك الذين كانوا دائما بجوارك .. انظر الى الجانب الجميل من هذه الدنيا وابتسم في وجه صعابها .. ولا تجعل نيران الحقد تسيطر عليك .. لان الحياة قصيرة .. فما اجمل ان تملأ الدنيا بالخير والمحبة .. فتبقى بعد رحيلك بقلوب الناس كذكرى لطيفة جميلة .. الجميع يحبك والجميع يتمنى لو كنت انت بجانبهم .. لا تكره الحياة .. ابتسم وتأمل يوم جديد ورائع ..
.. مع تحياتي ..
..سازار المؤلف الحر..
انرتم موضوعي بحضوركم ..
اهلا بكم بهذه القصة المتواضعة "من تأليفي" ..
اتمنى ان تنال محبتكم ورضاكم كي اتمكن من الاستمرار في مجال القصص والروايات ..
تنبيه / هذه القصة مصنفة لمن هم 16+ او اكثر بسبب احتوائها على بعض الاحداث قد تكون غير مناسبة لمن هم تحت السن المطلوبة ..
...........
.. في منتصف الليل كان قمره كاملا كأنه يريد ان يشهد اخر ايام حياتي .. امشي بين الاشجار لاصل لتلك القمة التي اعتدت ان اقف عندها في اوقات حزني.. كل خطوة تجر الأخرى .. افكر بأبي الذي لن يتحمل الخبر .. وأفكر بصديقي راعي الاغنام .. وأفكر بذلك الشخص الذي كنت اقضي معه اغلب وقتي .. لم يخبرني بأسمه ابدا لذلك كنت اطلق عليه "ذلك الشخص" .. كنت؟ نعم كنت .. سوف اصبح بعد قليل ذكرى من الماضي وسينساني الكل .. كنت شخصا سيئ .. احاول نسيان تلك الذكريات .. لكن .. في كل مرة كنت افشل .. الكوابيس تطوف في منامي كأنها تريد الانتقام مني .. كوابيس غاضبة .. هه.. ما هذا الشيء اصلا ..
وصلت عند حافة الجبل الموعود .. جبل الحزن .. هذا ما كنت اطلق عليه .. كانت هذه الحافة الوحيدة التي تسمع لألامي واحزاني .. كنت اشكي لها واقول كل ما بداخلي .. فأحس بالراحة واعود الى البيت .. لكن لن يحدث هذا اليوم .. لان كل شيء سينتهي ها هنا .. كانت حافة تطل على منظر رائع .. بساتين من ورد النرجس تمتد على مد البصر .. وفي نهايتها جبال بعيدة تزينها سماء سوداء مرصعة بالنجوم .. والقمر كان في منتصف المنظر ويبتسم .. هل انا الوحيد الذي يظن ان للقمر وجه؟ .. لا ادري .. وقفت عند هذه الحافة وانا اتأمل اخر مشهد في حياتي .. اشعر ان الحياة قد نالت مني وانا الان على وشك تنفيذ مرادها .. شعور صعب ذاك الذي يسمى الحزن .. لكن لا يهم الان .. رفعت قدمي من حافة الجرف .. واغمضت عيني وشعرت بدمعة على خدي ..كدت اسقط وينتهي كل شيء..هل حقا هذه هي النهاية؟.. كان احساس غريب ..
وسط كل هذا الصراع في داخلي .. قاطعني صوت كان للجمال بقاتل .. " الحياة امل " .. كانت هذا اول شيء قالته تلك الحسناء التي تطوف هناك بصوتها الانثوي النغم.. كأسطورة اغريقية تحلق بين بساتين الورد وخصلات شعرها تلاحق جسدها الرقيق .. بيضاء لطيفة الملامح مع لمسة حادة على عينيها ..ترتدي ذلك الرداء الابيض الحريري ..كانت تطوف ببطئ في الجو .. نعم كانت كأنها ملاك على شكل بشر .. ملاك من مكان أخر .. كنت اراها من خلف شجرة وهي تمسك تلك الوردة الحمراء وتنظر لها بعينيها الساحرتين .. تغني اغنيه هادئة بهذا الصوت العذب الذي قد نال من قلبي ولم استطع ان اقاوم دمعي من نزوله .. كانت تغني اغنية كأنها من مكان اخر .. انظراليها بتعجب مرهف وهي قائلة مخاطبة الوردة الحمراء بغنائها:
" حاولتُ ان القى لقلبيَ مهرب
فوجدتُ قلبُك لا يرقُ لِحالي..
..هل عادت الدنيا لوقت سابق؟
..اقفلت قلبي بعد جراحهم متألمة
فأتيت انت محطما اقفالي.. "
اقتربت قليلا كي استمتع بنغمات هذا الصوت الناعم ..كانت تغنيها بصوت هادئ ورقيق.. كنت كمن كان قد سيطر عليه اسطورة الملك "اورفيوس" لشدة عذوبته ..لم يكن مقدر للحضات السعيدة ان تستمر حيث دست على غصن شجرة كان على الارض .. التفتت الي بسرعة وكانت على وجهها علامات الخوف والارتباك .. نعم انها متفاجئة وخائفة..لكن ورغم ذلك لم يفارقها الجمال من على وجهها ولا السحر من عينيها .. سقطت الوردة التي بيدها .. بعد بضعة لحضات من الصمت .. اقتربت مني ببطئ وهي تطوف بالجو .. لم اكن مصدوم من طيرانها اكثر من دهشتي بجمالها .. قالت لي ..
" هل انت صديق الجبل "
..كلامها كان مألوف لي بطريقة غريبة .. لكن ماذا تعني؟ .. اجبتها بلهجة مترددة
" ص..صديق الجبل؟؟ "
رجعت الفتاة قليلا الى الخلف وابتسمت ابتسامة خفيفة كانت كفيلة بنحر كل هموم حياتي ..شعرت لحضتها ان هناك شئ قد تغير في داخلي .. الحزن .. الندم.. كلها اختفت بعد بضع كلمات مع هذا الجمال الفاتن ..
" هل انت الشخص الذي يأتي دائما الى هنا ويتكلم مع صديقي الجبل؟ "
ماذا .. هل قالت صديقي الجبل ؟؟
" أتقصدين جبل الحزن؟ "
ضحكت الفتاة بصوت منخفض مع نفسها وهي تضع يدها على فمها وأبتسمت لي ..فهمت فيما بعد انها تستطيع التكلم مع هذا الجبل ..كان الجبل يفهم كلامي .. شيء غريب .. كيف يمكن لمثل هذا الشيء ان يحدث ..بل كيف يمكن لهذا الحلم ان يتحقق .. هل انا في حلم ؟؟
بعد تبادل اطراف الكلام كنت بكل مرة أسالها عن شيء تجيبني بتلك الشفاه الرقيقة .. اتمنى ان لا تنتهي هذه اللحضة .. ان كنت في حلم فلا اريد ان استيقض .. اريد ان ابقى هنا ..
وفجأة ومن لاشيء .. بدأ جسم الفتاة الملاك يشع نورا لدرجة اعمى فيها بصيرتي مؤقتا واضطررت لتغطية عيني بسرعة .. كنت متفاجأ من هذه اللحضة السريعة .. بعد ثواني قليلة اختفى النور واختفى الملاك معه .. ركضت مباشرة الى المكان الذي كانت فيه .. بحثت هنا وهناك .. لكني لم اجد شيء .. شعرت بنفس الحزن الذي كنت اتمنى ان ينتهي .. في كل مرة ارى عيني تلك الفتاة اشعر ان حياتي قد تغيرت .. لا اعرف ما هو هذا الشعور لكنه رائع .. التفتت الى الخلف لأجد تلك الوردة الحمراء التي كانت تمسكها .. ذهبت وحاولت التقاطها .. لكنها كانت متصلة بالارض .. نعم لقد عادت الى الارض وكأنها زهرة عادية .. بقيت اتأمل بهذه الزهرة ولسبب ما .. اشعر ان فكرة الموت قد ذهبت من بالي .. ابتسمت ابتسامة خفيفة .. وعدت ادراجي للبيت محاولا اقناع نفسي ان هذا كله ليس بحلم ..
في اليوم التالي بعد ان طفت بالخراف حول بضع مناطق من الجبل..وانا افكر بالذي حدث معي ..كان صديقي الذي يساعدني يتكلم معي لكني لم اكن اصغي له ولثرثرته التي كنت معتادا عليها لاني كنت سارح بالتفكير بها وبفتون عينيها.. .. بقيت انتظر الليل لاذهب الى تلك الحافة .. ذهبت بنفس الوقت املا ان التقي بها اليوم ايضا .. وقفت خلف تلك الشجرة التي بدأ منها كل شيء.. بقيت انتظر طويلا لكنها لم تأتي .. بدأت اقتنع ان هذا حلم .. لكني بقيت هناك خلف الشجرة لسبب ما لا اعرف ما هو .. بعد ان فقدت امل لقائها نضرت للساعة التي اهداني اياها جدي قبل وفاته وكانت تحديدا 11:10 .. قررت العودة للبيت واثار الحزن على وجهي .. صحيح انها كانت مجرد حلم قصير ورائع .. لكنه غير حياتي .. وفجأة ومن لا شيء .. وبعد عدة من دقات عقارب الساعة المحمولة التي في يدي .. اشارت الى 11:11 .. ضهر نفس النور الذي ابعدني عنها ..النور الذي اجبرني على تغطية عيني مرة اخرى .. كان هذا النور هو بمثابة ضوء القمر الذي ينعكس على هذه الحافة ليضيئها .. لكنه لم يكن ضوء القمر نفسه الذي عهدته .. كان هذا الضوء اقوى من القمر نفسه لتظهر خلفه تلك الحورية كأنها ملاك الجمال .. كان المشهد رائع .. بمثابة اسطورة الجمال "افروديت".. هذا حقيقي !! لم يكن مجرد حلم .. ايعني هذا انها من سكان القمر؟.. قرصت نفسي مرة ومرتين لكن لم استيقض.. نعم انه الواقع .. ونفس تلك الزهرة الحمراء كانت تشع بهذا الضوء .. زهرة حمراء مضيئة بجانبها ملكة من ملكات الجنة الفاتنة .. في تلك اللحضة شعرت وكأن هناك شيء في داخلي يجبرني على الأقتراب .. اقتربت منها خطوات خفيفة ..
..نظرت لي وكانت على وجهها نفس تلك الابتسامة الدافئة .. كأنها كانت تعرف بمجيئي .. قلت لها ..
" انتظرتك كثيرا .. فقدت الامل برؤيتك فقررت العودة.. "
لم تفارق وجهها تلك الابتسامة وقالت لي
" لكني هنا الان "
.. " هل انت ملاك؟ "
.. سكتت قليلا ومن نظراتها عرفت الاجابة .. لم تكن تريد ان تجيبني بنفسها .. كأن هناك شيء يمنعها .. وانا ايضا لن اسألها عن شيء بعد الان .. في كل يوم وتحديدا الساعة 11:11 قبل منتصف الليل بقليل كنت اذهب الى تلك الحافة لأقابل تلك الفاتنة .. كلامها يجعلني اشعر ان الدنيا لا تزال جميلة .. وقد صنعت ابتسامتها مني شخصا اخر .. تغني لي بصوتها العذب الذي ينسيني كل هموم حياتي القصيرة .. وكانت تختفي عند الساعة 12 منتصف الليل ..الوقت لم يكن كافي معها ابدا .. اشتاق لها بمجرد ان تختفي مني .. احترق من نيران الشوق كل يوم وانا انتظرالوقت الموعود .. بمجرد ان يظهر الضوء من تلك الزهرة الحمراء اعرف ان الفاتنة قادمة .. كنت اشعر اني التقيتها في مكان ما من قبل .. في احلامي ام في خيالي .. لا اعرف اين .. انها قريبة من قلبي وكأني اعرفها من زمن بعيد .. لا اعرف ولا اريد ان اعرف .. المهم اني اشعر بالراحة كلما تكون هي بجانبي ..اصبحت الساعة 11:11 هي الساعة التي تهدي لي يومي وتجعلني امسك هذا الامل الضائع مني .. كان هناك شيء غريب ..شيء غريب بهذه الزهرة الحمراء التي تعتبر علامة على لقائنا .. في كل مرة التقي بها اجد ان هناك ورقة من اوراق الوردة تسقط وتذبل .. لم اهتم لهذا الامر ..
بعد عدة ايام من هذا الحلم الجميل .. ذهبت لقمة جبل الحزن .. واقتربت من تلك الحافة وانا انتظر .. انتظرت كثيرا ولم يحدث شيء ..بدأت اقول لنفسي انها ستظهر في أي لحضة فقط علي ان اصبر .. اثناء لحضات الارتباك هذه نظرت الى تلك الوردة ..لكن ..رأيتها ذابلة تماما وميتة .. كانت سوداء وخالية من اوراقها.. مهلا .. الساعة تخطت الوقت الموعود ..
" أ..أين انت يا ايتها الفاتنة "
هل كانت اوراق الزهرة الحمراء هي بمثابت عد تنازلي لهذا اليوم؟.. شعرت بشيء يحترق داخلي .. ظهرت نفس الدمعة على خدي وكأني خسرت الشيء الذي كان يبقيني على قيد الحياة ..
بدأت اذهب كل يوم الى تلك الحافة.. لكن .. لا شيء يظهر .. تلك الزهرة ذبلت ومالت الى الارض ..الجبل اصبح حزينا .. الحياة تكاد تسود من هول الحزن في داخلي .. بقيت على هذه الحالة لعدة اسابيع
.. لن استطيع ان اتحمل اكثر ..
وفي نفس المشهد كأن الزمن يعيد نفسه .. في منتصف الليل كان قمره كاملا كأنه يريد ان يشهد اخر ايام حياتي .. امشي بين الاشجار لاصل لتلك القمة التي اعتدت ان اقف عندها في اوقات حزني.. كل خطوة تجر الأخرى لكن هذه المرة لم افكر بشيء سوى عيني تلك الفتاة .. وصلت الى الحافة المعهودة .. الدموع اغرقت عيني والحزن طغى في قلبي .. لا اعرف مالذي يحدث .. لكن مباشرة قبل ان ارفع قدمي لحافة الموت .. سمعت تلك الكلمات التي جعلتني في حالة الذهول نفسها ..
" الحياة امل "
كانت تلك الحورية نفسها تطوف امامي ..وقالت لي بصوتها الناعم الحنون ..
" اعتدت ان ابقى بالقرب من هذه الحافة واسمع جميع همومك التي كنت تقولها بصوت عالي دون ان تعلم .. كنت بكل مرة تشكي للجبل بشيء اواسيك واتمنى لو استطيع ان التقي بك ..كانت ايام جميلة تلك التي قضيتها معك..ضننتك حلم .. حاولت ان اجعلك تحيا تلك الحياة الهانئة ..ياليت لو كنت بمكانك وعشت في حياتك..لكن الان يجب ان اذهب .. لأن مكاني ليس هنا .. اريدك ان تعيش حياة تفخر بها ..سعيدة.. ولا تفكر بالموت .. الحياة جميلة ورائعة .. لا تسمح بالندم ان يتسللك .. ولا تسمح بكلام الناس ان يجرحك ..انت انسان قوي دون ان تحتاج لشخص اخر .. ..الحياة امل .. "
ثم بدأت تختفي تدريجيا .. نظرت لها وكنت اعرف ان هذه اخر مرة نلتقي .. تبادلنا نظرات الوداع ذاتها ..ووجدت كريستالة تنزل من عينيها .. لا .. هذه دمعة ..يالها من نظرات .. بعد ان اختفت نهائيا سقطت تلك الكريسالة على الارض ..ذهبت اليها وانا اتفقدها .. كانت كريستالة مشعة وجمالها سحر مناظري التي طغى عليها الام فراقك..كانت هذه الدمعة هي الشيء الوحيد الذي بقي منك .. نظرت الى القمر المكتمل .. رمقتني ابتسامة خفيفة على وجهي .. ابتسامة حزينة ..أحتاج هواك في هذه الاوقات من الحزن.. أحتاج لإحتواك في هذه اللحظات من اللهفة والأشتياق.. قلبي يتمناك ويعشقك ويهواك وعيني تتسائل هل يوماً تراك وفي هذا المساء لا أحتاج سواك.. ..هل سأراك مرة اخرى؟ مرددا هذا السؤال في داخلي دائما وفي كل يوم..في كل لحضة
هل للوداع مكان ام أنه سفينه بلا شراع ..يا ليت الزمان يعود واللقاء يبقى للأبد ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الحب هو الأنين وستبقى الذكريات قاموس تتردد عليه لمسات الوداع والفراق..شكرا لك يا ايتها الفاتنة .. اعرف ان الحياة امل .. لكنها بدونك مثل الجحيم .. لكني احب هذه الحياة التي تجعلني اتعذب بنار شوقك .. بلحضة سعيدة وحزينة .. ذهبت فكرة الموت من عقلي نهائيا ..احببت الحياة بعد لقائك ..اتذكر كل الناس الطيبين الذين التقيت بهم في حياتي .. وافكر بالحياة البسيطة التي اعيشها مع والدي .. بسيطة لكنها رائعة .. وانتي جعلتيها اروع .. شكرا لك ..
.. الحياة أمل ..
_تمت_
شكرا لك يا ايها القارئ لوصولك لنهاية قصتي المتواضعة البسيطة
.. اتمنى انها قد نالت اعجابك ..لكن قبل ان تذهب وتعيش يومك.. اريد فقط ان اقول لك شيئ ..
اعرف ان هناك اشياء تحدث في يومك تجعلك تريد البكاء .. تحزن وتريد ان تشكي همومك لشخص لكن ليس هنالك من يفهمك .. تتمنى لو لم تتواجد من الأساس مثل ما كان بطل قصتنا يفعل قبل لقائه بالفاتنة .. تبتسم بحضور اهلك تلك الابتسامة الخفيفة.. لكنك بالحقيقة تكاد تبكي من غرق قلبك في فيضان الهموم .. لكن يا صديقي الحياة ليست مثل ما تتخيل.. فلا شيء يستحق دموعك .. اترك فكرة انك شخص ليس منه ولا عليه فائدة .. اترك فكرة الموت لأنها لن تفرق بشيء ..اترك هذه الحفرة التي انت فيها وانظر الى السماء الصافية .. انظر الى اهلك الذين يحبوك .. انظر الى اصدقائك الذين كانوا دائما بجوارك .. انظر الى الجانب الجميل من هذه الدنيا وابتسم في وجه صعابها .. ولا تجعل نيران الحقد تسيطر عليك .. لان الحياة قصيرة .. فما اجمل ان تملأ الدنيا بالخير والمحبة .. فتبقى بعد رحيلك بقلوب الناس كذكرى لطيفة جميلة .. الجميع يحبك والجميع يتمنى لو كنت انت بجانبهم .. لا تكره الحياة .. ابتسم وتأمل يوم جديد ورائع ..
.. مع تحياتي ..
..سازار المؤلف الحر..
التعديل الأخير: