- إنضم
- 29 أكتوبر 2019
- رقم العضوية
- 10497
- المشاركات
- 12
- مستوى التفاعل
- 13
- النقاط
- 65
- توناتي
- 20
- الجنس
- ذكر
LV
0
خطبة عن المرافق العامة وكيفية الحفاظ عليها بعنوان “المرافق إلى الانتفاع بالمرافق” من خطب الجمعة للشيخ محمد نبيه يوضح فيها تعريف المرافق العامة وأنواعها وأمثلة لها وما هي فوائدها على المجتمع.
تعريف المرافق العامة
جاء في معجم المعاني: (فعل) رافقَ يرافق، مُرافَقةً، فهو مُرافِق، والمفعول مُرافَق.
رافق الشَّخصَ: صار مصاحبًا له في سفره أو سيره.
رَافَقَهُ مُنْذُ صِغَرِهِ: كَانَ رَفِيقاً لَهُ.
رافقتك السلامة: دُعاءٌ للمغادر.
وشيءٌ مُرافِقٌ لكذا: ملحقٌ به وهي مرافقةٌ.
المرافق: مشاريع النفع العام.
تعريف المرافق العامة هي: حزمة من البنية التحتية كالمؤسسات التعليمية والصحية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، يقوم عليها الحكام بالمراقبة لإشباع حاجات الشعوب لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة الآمنة للشعوب، فالمرفق العام عبارة عن أداة في يد الدولة لتحقيق النفع العام من خلال قوانين خاصة.
أوجه النفع العام التي تقدمها المرافق العامة ثلاثة أنواع:
مادية: (مثل الصحة والأمن والطرق ووسائل المواصلات العامة وغيرها).
مالية: مثل (الضمان الاجتماعي والقروض والإسكان المخفض وما شابهه).
معنوية: (مثل الثقافة والتربية وما على شاكلتها).
أهمية المرافق في حياتنا لا حدود لها، فالخدمات التي تقدمها هذه المرافق في إنجاز مهامنا اليومية تساعد المواطنين والدولة على التقدم والتطور الاقتصادي والاجتماعي، كما تساهم في التوعية حول المشاركة المجتمعية، كما أن لها دورا في خلق محيط آمن والمحافظة على العيش الكريم.
أنواع المرافق العامة
تتعدد وتختلف أنواع المرافق العامة باختلاف طبيعة أنشطتها والغاية التي وجدت من أجلها، تم تقسيم الأنواع اعتماداً على نوع نشاطها إلى أربعة أقسام رئيسية وهي كالتالي:
المرافق العامة الإدارية
هي مختلف القطاعات والوظائف الحكومية في الدولة كالمرافق الصحية والتعليمية ومرافق العدالة وغيرها، فهي المرافق التي ينصب نشاطها على الوظيفة الإدارية والتي لا يمكن الاستغناء عنها للمحافظة على الدولة وأمنها الداخلي والخارجي.
المرافق العامة الاقتصادية
وهي المرافق التي تزاول نشاط تجاري واقتصادي في مجالات متعددة صناعية وتجارية ومالية وزراعية، ومن أمثلتها مرفق النقل بكافة أنواعه البري والبحري والجوي، وهي شبيهة إلى حد ما بالنشاطات التي يزاولها الأفراد ولكنها تخضع للقانونين الإداري والخاص.
المرافق العامة الاجتماعية
هي المرافق التي تمارس نشاط اجتماعي ذات طبيعة اجتماعية من أجل تحقيق أهداف اجتماعية وتحسين الوضع الاجتماعي للمواطنين، ومن الأمثلة عليها مرفق الضمان الاجتماعي المتمثل في بيت المال ومشتقاته ومرفق التأمينات.
المرافق المهنية أو النقابية
وهي المرافق التي توجه وتدير النشاط المهني عن طريق هيئات متخصصة ويمنحها القانون بعض امتيازات السلطة العامة كغرف التجارة والصناعة والنقابات المهنية (نقابة الأطباء ونقابة المهندسين ونقابة المحامين وغيرها).
أمثلة على المرافق العامة
النقل: وتشمل الطرق، والجسور، والمطارات، والنقل بالسكك الحديدية، وما إلى ذلك.
المياه: وتشمل إمدادات المياه، وإدارة الموارد المائية، ومنع الفيضانات، وشبكة الصرف الصحي.
الطاقة: وتشمل الكهرباء، ومحطات الطاقة، وتوربينات الرياح، وأنابيب الغاز، والألواح الشمسية.
الاتصالات: وتشمل الاتصالات السلكية واللاسلكية، بالإضافة إلى شبكة الهاتف وخدمات الإنترنت.
السياسية: وتضم المؤسسات الحكومية، مثل: المحاكم والهيئات التنظيمية، وخدمات الأمن العام، مثل: الشرطة والدفاع وما إلى ذلك.
التعليمية: مثل المدارس، والجامعات الحكومية، والمعاهد التدريبية.
الصحية: وتتضمّن المستشفيات العامة، والعيادات الصحية، وما إلى ذلك.
الترفيهية: وأهمّها الحدائق العامّة، والشواطئ، والمواقع التاريخية، والمحميّات الطبيعية.
المحافظة على المرافق العامة
يمكن الحفاظ على المرافق العامة بعدة طرق منها: الصيانة الوقائية للمرافق العامة وهي إحدى التدابير المهمّة التي تُتخذ للحفاظ على المرافق العامة عن طريق وضع نظام يتمّ فيه مراقبة الأوضاع الاجتماعية والثقافية بشكلٍ منتظم، بدءاً من الفحص، ثمّ الصيانة، وانتهاءً بإجراء التعديل اللازم لإضافة الأمور الضرورية؛ بهدف استخدام المرافق العامة أطول فترة ممكنة، وتتمثّل الرعاية الوقائية بمراعاة الأمور الآتية:
المحافظة على النظافة.
الفحص والتفتيش الدوريّ.
حماية المباني والأثاث.
الصيانة الدورية للمرافق العامة، بحيث تبقى مناسبةً دائماً للاستخدام.
تحديد جدول زمني يضمن الرعاية الوقائية.
كيف نحافظ على نظافة المرافق العامة
يحافظ عليها بالحفاظ على روتين تنظيف مناسب؛ فالأماكن النظيفة تُشجّع الناس على الحفاظ على نظافتها.
وضع صناديق القمامة في أماكن قريبة يسهل الوصول إليها؛ بحيث يتشجّع الأفراد على استخدامها لإلقاء النفايات.
تعزيز الشعور بالمسؤولية بكتابة توجيهات تُوضّح التصرّفات المرجوّة من الناس للحفاظ على المرافق العامة.
مكافأة الأشخاص الملتزمين بالحفاظ على المرافق العامة، وفرض عقوبات حقيقية على المخالفين.
وضع سياسات واستراتيجيات معينة للحفاظ على المرافق العامة في مختلف الأماكن؛ بحيث يسمح ذلك للأفراد بمعرفة المتوقع منهم دائماً باختلاف الظروف والأماكن.
إنشاء المبادرات لتشجيع أكبر شريحة ممكنة من الأفراد للمشاركة في الحفاظ على نظافة المرافق العامة.
تشكيل وحدة فعّالة تضم جميع المسؤولين أو المنتفعين من الحفاظ على المرافق العامة؛ كي يعملوا معاً بشكلٍ أكثر.
فوائد توفر المرافق العامة على المجتمع
دعم الاقتصاد المحلي.
جذب الاستثمارات التجارية.
جذب السيّاح.
التحفيز على التطوّع.
الحدّ من الجريمة من خلال إقامة الحدائق والمنتزهات.
الاهتمام بسلامة المشاة وأمنهم.
التشجيع على استخدام وسائل النقل العام.
الاهتمام بالصحة بشكلٍ عام.
المحافظة على البيئة.
أسباب تدهور المرافق العامة️
انتشار الجهل.
السلوكيات الخاطئة في التعامل مع الممتلكات العامة.
العادات الخاطئة تجاه البيئة.
إهمال المرافق العامة.
عدم توجيه الأشخاص الذين يُلحقون الضرر بالبيئة.
عدم تفعيل عقوبة المخالفة لأن من أمن العقوبة أساء الأدب.
أوجه النفع التي تقدمها المرافق العامة
أولاً: أوجه النفع المادية
حق الطريق
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ)، فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: (فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا)، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: (غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ). (صحيح البخاري:2465)
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث جملة من الآداب، التي ينبغي أن يتحلَّى بها من جلس في الطريق: غض البصر، وقد أمر الله به في قوله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ). (سورة النور: 30)
روى أبو داود في سننه بإسناد حسن عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: (يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ، فإنَّ لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخرَةُ). (صحيح أبي داود:2149)
(لا تتبع النظرة النظرة): من الإتباع أي لا تعقبها إياها ولا تجعل أخرى بعد الأولى، (فإن لك الأولى): أي النظرة الأولى إذا كانت من غير قصد، (وليست لك الآخرة): أي النظرة الآخرة لأنها باختيارك فتكون عليك.
قال الشاعر:
كُلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ
وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
والمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا
فِي أَعْيُنِ الغِيدِ مَوقُوفٌ عَلَى الخَطَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا
فَتكَ السِّهَامِ بِلَا قَوسٍ ولَا وَتَرِ
يَسُرُّ نَاظِرَهُ مَا ضَرَّ خَاطِرَهُ
لَا مَرحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ
وقال آخر:
وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا
لِقَلْبِكَ يومًا أَتعَبَتْكَ المَنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِي لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيهِ
وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ
كف الأذى وإزالته من الطريق
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَرَّ رَجُلٌ بغُصْنِ شَجَرَةٍ علَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فقالَ: واللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هذا عَنِ المُسْلِمِينَ لا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الجَنَّةَ). (صحيح مسلم:1914)
وروى مسلم عن أبي برزة قال: قلت: يا نبي الله، علمني شيئا أنتفع به؟ قال: (اعْزِلِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ). (صحيح مسلم:2618)
وإماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ). (صحيح مسلم:35)
ومن كف الأذى عدم قضاء الحاجة في طريق الناس، أو ظلهم، وعدم إيذاء الناس في أبدانهم أو أعراضهم، روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ). قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: (الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ). (صحيح أبي داود:25)
في عون المعبود على شرح سنن أبي داود:
قوله (اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ): قال الخطابي: يريد الأمرين الجالبين للعن الحاملين للناس عليه والداعيين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، يعني عادة الناس لعنه فلما صارا سببا لذلك أضيف إليهما الفعل فكانا كأنهما اللاعنان، يعني أسند اللعن إليهما على طريق المجاز العقلي، وقد يكون اللاعن أيضا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول كما قالوا سر كاتم أي: مكتوم، فعلى هذا يكون التقدير اتقوا الأمرين الملعون فاعلهما.
(الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ) أي: يتغوط أو يبول في موضع يمر به الناس، والمراد بالتخلي: التفرد لقضاء الحاجة غائطاً أو بولاً، فإن التنجس والاستقذار موجود فيهما، والمراد بالطريق الطريق المسلوك لا المهجور الذي لا يسلك إلا نادرا.
(أَوْ ظِلِّهِمْ) أي: مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومنزلاً ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته، فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته تحت حائش من النخل وللحائش لا محالة ظل.
والحديث يدل على تحريم التخلي في طرق الناس أو ظلهم لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به واستقذاره.
ومن ترك الأذى عدم السير في المخالف إن كان طريقا أو مكان المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وترك الحركات المرعبة كفرك الكاوتش أو لعبة الحصان أو السرعة الزائدة أو استخدام صافرات الإنذار الغير المأذون فيها.
ومن حق الطريق إعانة الرجل في حمله على مركوبه، أو رفع متاعه عليها، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّ سُلامَى عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ، يُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ، يُحامِلُهُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ودَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ). (صحيح البخاري:2891)
كذلك من حق الطريق ردّ السلام، قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) (سورة النساء:86)، وحسن الكلام، قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا). (سورة البقرة:83)
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ). (سورة آل عمران: 110)
ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يحث المارة على فعل الخير وقوله، وعلى تجنب السمع الحرام “الغناء”، وينهى النساء عن التبرج في الأسواق والطرق واختلاطهن بالرجال، فالمنكرات إذا كثر إنكارها زالت أو تلاشت، وإن سكت عنها فشت وانتشرت.
وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوائد عظيمة للأمة، منها: نجاة سفينة المجتمع من الهلاك والغرق، ومنها قمع الباطل وأهله، ومنها كثرة الخيرات والحد من الشرور، ومنها استتباب الأمن، ومنها نشر الفضيلة وقمع الرذيلة… إلخ.
وسائل الحفاظ على الصحة العامة
تزايدت حرکة انتقال الأفراد من القرى إلى التجمعات الصناعية بالمدن، ومع التطور السريع بدأت المشاکل البيئية وتأثيراتها الضارة، تنعکس في الآونة الأخيرة على تلويث الهواء، والمياه، والتربة.
وکانت وسائل النقل الحديثة بمختلف أشکالها وأنواعها واحدة من تلك الإنجازات الکبيرة والتي باتت تمثل عصب الحياة في الوقت الراهن ومعياراً حضارياً يحدد درجة التطور وتباينه بين مختلف دول العالم.
وعليه فإن المشاکل البيئية الناتجة عن تزايد استخدام السيارات، وما صاحبها من تکدس مروري، کان سبباً رئيسياً في تلويث الهواء والضوضاء مما يضر بالصحة العامة للسکان.
ومن وسائل حفظ الصحة العامة:
النظافة
الصحة من أفضل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان حيث أنه بهذه النعمة يستطيع أن يقوم بأعماله الدينية والدنيوية بكفاءة عالية، ويستلذ بمتع الحياة، ويستمتع بحياته على خير وجه؛ ولذلك يجب الحفاظ على هذه النعمة، وعدم التفريط بها، لأن من يفرط بصحته يفرط بحياته كلها.
وقد حثت التعاليم الدينية على الحفاظ على الصحة العامة للأفراد والمجتمع، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) (صحيح البخاري:6412)، وهناك كثير من النصوص التي تحث الإنسان على المحافظة على صحته، وأنها من أفضل النعم.
وكما لا يصح للإنسان أن يفرط في صحته لا يصح له كذلك أن يفرط في صحة مجتمعه، لأن الحفاظ على الصحة العامة من أوجب الواجبات عقلاً وشرعاً.
والتوقي من الأمراض المعدية كفيروس كورونا وغيره خير وسيلة للقضاء عليه، وكما تقول الحكمة المعروفة: (درهم وقاية خير من قنطار علاج).
إن من أهم وسائل الوقاية من الأمراض العامة الاهتمام بالنظافة العامة، وغسل اليدين بالصابون باستمرار، فالتعاليم الدينية تحث على غسل اليدين قبل الطعام وبعده، وأن ذلك من المستحبات.
ومن الوسائل الوقائية لمواجهة فيروس كورونا وغيره من الفيروسات المهلكة هو عدم مخالطة المصاب أو المشتبه بإصابته للأصحاء، وعدم حضوره للمجالس العامة حتى لا ينقل المرض إليهم حتى يتعافى تماماً ويتأكد من خلوه من المرض، فقد روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (لَا يُورِدن مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ). (صحيح البخاري:5771)
كما أن الحجر الصحي للأماكن الموبوءة بالأمراض المهلكة، وعدم السفر إليها أو الخروج منها من أفضل الطرق الوقائية لمحاصرتها والقضاء عليها، وفي الصحيحين أن رسول الله أشار إلى ذلك بقوله: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني: الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه) (صحيح البخاري:5730)، والمقصود بالطاعون أي الوباء العام.
ولابد من ترك بعض العادات مؤقتاً وإن كانت جميلة في نفسها للوقاية من فيروس كورونا كعادة التقبيل وحب الخشوم والمعانقة وغيرها من العادات التي تسهل انتشار الوباء.
فحفظ النفس والمجتمع من المهددات الصحية أهم من التعبير عن المشاعر الجياشة، وأن المحبة محرزة بين الأصدقاء والأحبة، فلا داعي للتقبيل والمعانقة في (زمن كورونا) وهذا عملا بقاعدة دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة.
الحفاظ على المياه
الثروة المائية من أهمّ الثروات الطبيعيّة على الإطلاق لأنّها تختزن المياه التي هي أساس الحياة على كوكب الأرض، فلولاها لكانت الأرض خَرابًا، ليس فيها أيّ أثرٍ للحياة، ولهذا يقول تعالى في محكم التنزيل: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) (سورة الأنبياء:30)، فالمياه هي أساس حياة الإنسان والحيوان والنبات، وهي جزءٌ أساسيّ في النظام البيئي الحيوي.
ولهذا فإنّ الثروة المائية هي أعظم ثروة، وترتبط بالخصوبة والخير والخضرة، ويظهر هذا جليًا في البلاد التي تمتلك الكثير من المسطحات المائية من بحارٍ وأنهارٍ ومحيطات وينابيع، إذ تنتشر فيها الأراضي الخصبة وتضجّ الحياة فيها، ويكثر فيها الخير من زروعٍ وثمارٍ وأسماكٍ وغير ذلك من كائناتٍ بحرية.
بالإضافة إلى أهمية الثروة المائية في توفير مياه الشرب، فإنّها أيضًا مصدرٌ مهمّ للجذب السياحيّ، خصوصًا أن الحضارات القديمة قامت بالقرب من مناطق الثروات المائية، واستقرّت حول مناطق البحار والأنهار وينابيع المياه والواحات.
ومن أهمّ الحضارات التي قامت على الأنهار: الحضارة الفرعونية في مصر القديمة التي قامت على ضفاف نهر النيل، والتي جعلت من مصر إلى الآن جنةً تضجّ بالحياة، وحضارة بلاد الرافدين التي قامت على نهري دجلة والفرات، وغيرها الكثير من الحضارات التي تُعدّ الثروة المائية هي الأساس في قيامها واستقرارها.
الثروة المائية هبةٌ من الله تعالى، ويجبُ الحفاظ عليها كي تدوم، وأهمّ طريقةٍ للحفاظ عليها هو حمايتها من التلوث بأشكاله كافّة، سواء التلوث الكيميائي أم العضوي أم النووي، كما يجب الحفاظ عليها من الهدر لضمان بقائها واستمرارها للأجيال القادمة.
فعلى الرغم من أنّ الثروة المائية من الطاقات المتجددة، إلّا أنها تتعرض للنضوب، وقد تصبح قليلة أيضًا، خصوصًا إن تمّ هدرها بكميات كبيرة في ظلّ حدوث الجفاف في الكثير من المناطق، وهذا يخلق فجوة كبيرة في كميات المياه، ويسبب نقصها.
ويكون الحفاظ على الثروة المائية بعدم رمي الملوّثات في البحار والأنهار والمحيطات، والاقتصاد في استخدامها؛ لأنّ حماية المياه تعني حماية الحياة المائية أيضًا، وحماية الحضارات والإنسان والنبات.
تحسين إدارة الموارد على مستويات حوض النهر والبلد المعني وعلى المستويات العابرة للحدود، ويُعد الحفاظ على مستجمعات المياه وطبقات المياه الجوفية في حالة سليمة مسؤولية تمتد عبر الحدود الإدارية والسياسية والقطاعية.
وسوف نستمر في إبراز قيمة المياه عبر استخداماتها المختلفة والقطاعات المتنوعة، في حين ندعم السياسات والقوانين والمؤسسات الفعالة للمياه والبيئة من أجل الإدارة المتكاملة للمياه، ونساعد البلدان على تعميم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي وتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه في الزراعة.
من طرق المحافظة على الثروة المائية
حماية مصادر الماء وتتنوع مصادر المياه النقية لتشمل؛ الأنهار، والجداول، والبحيرات، والخزانات، والينابيع، والمياه الجوفية، والتي تعد مورداً لتوفير مياه الشرب العامة ومياه الآبار، وهناك عدة طرق لحماية هذه المصادر، ومنها:
تعديل السلوكيات اليومية للمحافظة على مصادر المياه ونظافتها، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
التخلص من الأدوات المصنوعة من المواد الضارة؛ كالبلاستيك بشكل صحيح دون الإضرار بالبيئة.
عدم التخلص من النفايات الخطرة بإلقائها على الأرض، أو في المجاري؛ مما قد يؤدّي الى تلوث التربة، والمياه الجوفية، أو المياه السطحية القريبة.
تجنّب أو تقليل استخدام بعض المواد السامة التي تساهم في تلوث المياه الجوفية أو السطحية قدر المستطاع، ومنها؛ زيوت المحرك، والمبيدات الحشرية، وعلب الطلاء، والمنظفات، والأدوية، وغيرها من المواد والنفايات.
روى أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ). (صحيح البخاري:239)
دور الأفراد في التوعية للحفاظ على الماء
يمكن للأفراد المشاركة في الأعمال التطوعية التي تهدف للحفاظ على المياه من التلوث أو الاستهلاك، ومن هذه النشاطات:
البحث عن منظمات تُعنى بالمحافظة على مياه الأمطار، أو الآبار والتطوّع للمساعدة، ويمكن للشخص في حال عدم توفّرها تشكيل فريقه الخاص من المتطوعين لخدمة البيئة.
الانضمام لفرقة تنظيف الشواطئ، والينابيع، أو الأراضي الرطبة، مما يساعد في الحفاظ على البيئة.
تحضير عرض تقديمي وعرضه داخل المدرسة أو في إحدى المنظمات المعنية كقصور الثقافة لتسليط الضوء على أبرز المشكلات والمخاطر التي تواجه المياه؛ كالجريان السطحي للمياه الملوثة، وتهديد التوازن البيئي، والحرص على تقديم حلول وإجراءات للعمل على تفادي مثل هذه المشاكل؛ كالحد من استخدام الأسمدة والتأكد من سلامة أنظمة الصرف الصحي.
المشاركة في صنع الملصقات الملونة، والأعمال الفنية البسيطة والمفهومة، وتعليقها قرب مصادر المياه؛ كالبحيرات والجداول؛ لتذكير الأفراد بضرورة عدم إلقاء النفايات على الأرض وخطورتها على المياه السطحية.
تصميم المنشورات الإعلانية وتوزيعها على السكان المحليين والجيران لتذكيرهم بخطورة النفايات على جودة مياه الشرب المحلية.
وتعد المياه إلى جانب الهواء من أهم عناصر الحياة، ولكنها من الموارد غير المتجددة، والتي قد يؤدي الاستخدام غير المنظّم لها إلى نفاذها في المستقبل القريب، إلا أنّ اتباع أساليب المحافظة عليها قد يساعد على تجنّب هذه الآثار في المستقبل، لذلك ظهرت الحاجة لدى العديد من المناطق والدول حول العالم إلى دعوة مواطنيها إلى ترشيد استهلاك المياه للمحافظة عليها خاصة بعد أحداث سد النهضة.
ويجدر بالذكر هنا أنّ هناك العديد من الأسباب التي تدعو للمحافظة على المياه؛ ومن أبرزها ما يلي:
تبرز أهمية المياه على إبقاء البشر، والحيوانات، والنباتات على قيد الحياة.
توفّر المياه مواطن بيئية متخصصة للحياة البرية.
إنّ ترشيد استهلاك المياه ينعكس إيجاباً على البيئة وعلى الدخل المادي للفرد؛ فتوفير استهلاك الماء يوفّر الطاقة التي يتم استخدامها لتنقية المياه، وتسخينها، وضخّها الى المنازل، مما يساعد بالتالي على التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الى الهواء، والمحافظة على البيئة.
ثانياً: أوجه النفع المالية
الضمان الاجتماعي “تمام الكفاية”
هو نظام يهدف إلى إعالة الأشخاص العاجزين عن تأمين عيشهم، لأسباب صحية وعائلية واجتماعية، خارج إرادتهم، والضمان أو حد الكفاية، من أولويات المذهب الاقتصادي في الإسلام، وعلى هذا “الضمان” تكاد تقوم مختلف أحكام المذهب الاقتصادي، وتطبيقاته.
فمشروعية الملكية في الإسلام، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية إنما تهدف إلى توفير “حد الكفاية” للإنسان، كحق إلهي مقدس، قال تعالى: في سورة الماعون (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3))، فكفالة المحتاج، الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته، واجب.
وإذا كانت فكرة الضمان الاجتماعي قد استقرت في المجتمعات الغربية، كقرار سياسي، نتيجة لضغوط اجتماعية، شكلت تهديداً لأمن واستقرار تلك المجتمعات، التي أقرته بشكل رسمي سنة 1941 م، ويُعرَّف، كما في “الموسوعة السياسية”، على أنه: “نظام يهدف إلى إعالة الأشخاص العاجزين عن تأمين عيشهم، لأسباب صحية وعائلية واجتماعية، خارج إرادتهم”.
فإن الإسلام، سبق الغرب في إقامة ضمان اجتماعي يفرضه الدين، وتنظمه الدولة، مؤكداً على قدسية هذا “الضمان”، المقصود منه الحق الثابت للفقراء في أموال الأغنياء، وإلزام الدولة بتحقيقه، قال تعالى في سورة المعارج: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)).
لذلك، تُعدّ الزكاة، أول تشريع منظم في سبيل ضمان اجتماعي، غايتها، تحقيق الكفاية لكل محتاج: في المطعم والملبس، والمسكن، وسائر حاجات الحياة، وليس ذلك خاصاً بالمسلم فقط، بل يشمل من يعيش في ظل الدولة الإسلامية من اليهود والنصارى.
إنّ الضمان الاجتماعي، أو “حد الكفاية”، في الإسلام، تعبير عن حق أفراد المجتمع في موارد مجتمعهم، وهذا ما تُبيّنه الآية السابعة من “سورة الحشر”، التي تُحدّد وظيفة “الفيء”، ودوره في المجتمع، بوصفه “قطاعاً عاماً”، قال تعالى: (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ)، أي، توزيع المال بين أفراد المجتمع، فلا يُحتكر بيد طبقة الأغنياء.
أما الطريقة التي اتخذها المذهب الاقتصادي في الإسلام، لتمكين الدولة من القيام بتحقيق الضمان الاجتماعي، تكمن، في ضرورة إيجاد القطاعات العامة، التي تتكون من “موارد الملكية العامة”، لكي تكون، إلى جانب الزكاة، ضماناً لحق المحتاجين من أفراد المجتمع، ورصيداً للدولة، بوصفها راعية اجتماعية، يمدها بالنفقات اللازمة لتحقيق الضمان الاجتماعي، ومنح كل فرد حقه في الحياة الكريمة، أو ما يعبر عنه الغرب بالمعيشة اللائقة.
وفي حال ما إذا ضاقت الموارد عن تحقيق الضمان الاجتماعي، فإن المجتمع يتوجه إلى التكافل الاجتماعي، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (سورة البقرة:219)، روى الطبري: ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ: اﻟﻌﻔﻮ ﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻚ.
وهذا ما في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ). (صحيح البخاري:2486)
فعلى أولي الأمر أن يفرضوا في أموال الأغنياء من التكاليف المالية ما يكفي لمعونة الفقراء، ويفي بحاجتهم الأصلية، لا أن تكون وظيفة الدولة، كما في الاقتصاد الغربي الحر، حماية الأغنياء من الفقراء!
والتكافل الاجتماعي، يتم، في إطار المجتمع الإسلامي، على ثلاثة مستويات:
التعاون الفردي: ويضم عموم الناس، كواجب على ذي الميسرة، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ). (سورة التغابن:16)
التعاون الأُسري: فالإسلام يعتبر أن سلامة الكل تبدأ من سلامة الجزء، وإصلاح المجتمع الكبير يبدأ من إصلاح الأسرة، باعتبارها النواة الصغرى للمجتمع، قال تعالى: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ). (سورة الأنفال:75)
التعاون الجماعي: قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ). (سورة التوبة:71)
صحيح أن “حد الكفاية”، أو “تمام الكفاية”، للمعيشة اللائقة، يختلف باختلاف البلدان، ويختلف بحسب ظروف كل مجتمع وتطوره، وكذلك، في تحول الكثير من الكماليات إلى ضروريات، إلاَّ أنَّ، الضمان الاجتماعي، يبقى، مسؤولية شرعية ثابتة على الدولة، وأولوية في المذهب الاقتصادي في الإسلام، ويبقى، الركيزة الأولى لصون المجتمعات من الهزات والانحرافات والفتن، وعاملا أساسيا في الاستقرار والتطور والتنمية، أما التكافل الاجتماعي فهو مشاركة المجتمع ككل في تأمين كفاف أفراده، كمشاركة دينية وجدانية وإنسانية.
أهمية الضمان الاجتماعي
الضمان الاجتماعي في الإسلام ينبع من ضمير الإنسان وأعماقه ولا يفرض عليه من الخارج عبر قوانين وضعية كما هو في الغرب، وذلك لأنه يتربى على هذا النمط من المسؤولية، فهناك الكثير من الآيات والأحاديث النبوية التي تحض الإنسان على البذل والإنفاق وتحثه على الكرم والعطاء، سواء في الحقوق الشرعية الواجبة أو التي ندب إليها الإسلام.
نموذج الإسلام في الضمان الاجتماعي فالإسلام منهج حياة يهدف للارتقاء بكل ما للإنسانية من معنى، ولذا فهو فرض على الدولة حقوق للفقير والمريض والأرملة والعاجز وإن لم يكونوا مسلمين، وخير مثال على ذلك ما فعله خالد بن الوليد مع أهل الكتاب في الحيرة في السنة الثانية عشر من الهجرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، من بيت مال المسلمين من كفاية عجزتهم.
فإذا كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يعطون فقير أهل الكتاب من بيت المال مرتباً خاصاً ليعيش به حتى يأتيه الموت، حتى ولو لم يدن بالإسلام، لكي لا يكون في البلد الإسلامي مظهراً واحداً للفقر والجوع، ولكي يعرف العالم، والمسلمون أنفسهم أن الإسلام قضى على الفقر ورفع مستوى المعيشة، وبالفعل يدل على أن الفقر كاد ألا يرى لنفسه مجالاً في الدولة التي تتبنى المبادئ الاقتصادية الإسلامية.
أسس الضمان الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي
يعد الضمان الاجتماعي أحد المسؤوليات التي تقع على عاتق الدولة في ظل الاقتصاد الإسلامي، ويعتمد على أساسين:
التكافل العام.
حق الجماعة في موارد الدولة العامة.
ولكل من الأساسين حدوده ومقتضياته، في تحديد نوع الحاجات التي يضمن إشباعها، وتعيين الحد الأدنى من المعيشة التي يوفرها مبدأ الضمان الاجتماعي للأفراد.
فالأساس الأول للضمان الاجتماعي هو التكافل العام، المبدأ الذي يفرض فيه الإسلام على المسلمين كفاية، كفالة بعضهم لبعض ويجعل من هذه الكفالة فريضة على المسلم في حدود ظروفه وإمكاناته، يجب عليه أن يؤديها على أي حال كما يؤدي سائر فرائضه، إن الكفالة تجب في حدود الحاجات الضرورية، فالمسلمون إذا كان لديهم فضل من مؤونتهم لا يسعهم أن يتركوا أخاهم في حاجة شديدة، بل يجب عليهم إشباع تلك الحاجة وسدها.
أما الأساس الثاني للضمان الاجتماعي هو حق الجماعة في مصادر الثروة، وعلى هذا الأساس تقوم الدولة بصورة مباشرة بضمان معيشة المعوزين والعاجزين، وهذا الأساس يتجاوز الأساس الأول الخاص بضمان الحاجات الضرورية، لينتقل إلى ضمان حاجات بالشكل الذي يجعل المجتمع ضمن مستوى معيشي معين وبدرجات متقاربة، وليس أن يكون للناس جميعاً مستوى واحد من الدخل، وعلى هذا الأساس سيتضاءل التفاوت الصارخ بين طبقات المجتمع الحاصل في النظام الوضعي وخصوصاً الرأسمالي.
الضمان الاجتماعي يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وهذا الاستقرار ينسحب على المجالات الأخرى وخصوصاً الاجتماعية كالسياسة والاقتصاد وغيرها لأن المجالات الاجتماعية هي انعكاس لصورة المجتمع إذ كلما كان المجتمع يتصف بالاستقرار كلما انعكس هذا الاستقرار على تلك المجالات والعكس صحيح.
ثالثاً: أوجه النفع المعنوية
وسائل الارتقاء بالتعليم
التعليم بلا شك هو السلاح الأهم الذى يجب أن تتسلح به الدول والشعوب، للنهوض والارتقاء نحو الأفضل، فالأموال والقوة لا تنفع أي مجتمع لا يتمتع بتعليم جيد، والحضارات التي لم تعتمد على التعليم انهارت واندثرت.
والتعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز.
وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون.
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن ٥ % من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
عند تطوير أي منظومة، لابد من الارتقاء بالعناصر الأساسية فيها وهي:
المعلم.
والمناهج.
والطالب.
المعلم هو العامل الأول في العملية التعليمية، ولذلك تعامله الدول المتحضرة باحترامٍ كبير، وله مكانةٌ رفيعة في المجتمعات المتقدمة.
وهذه الدول لم تصبح هكذا في يوم وليلة ولا بين عشية وضحاها، ولكنها مرت بظروف أشبه أو أسوأ مما نمر به، وكانت أيضا نظرة المجتمع للمدرسين فيها كثير من الاستهانة بل ربما وصلت للإهانة، وكانت حالهم رثة وعانوا معاناة شديدة، وكانت بلادهم تمر بنفس الأزمات التي نمر بها، بل ربما أكثر وطأة، وكانت خزينة تلك الدول تعاني، ولم يكن في استطاعتها أن توفر لهم الحياة المادية اللائقة.
ففي عهد فرانز جوزيف الأول (18 أغسطس 1830 – 21 نوفمبر 1916) قيصر النمسا:
كان حال المدرس النمساوي، ونظرة المجتمع له من السوء بمكان، فذهبوا للقيصر يطالبونه بتحسين وضعهم، وزيادة مرتباتهم، ولم يكن في وسع القيصر النمساوي أن يخرج من خزانته المزيد، ولكنه لم يرفض طلب المدرسين في تحسين أحوالهم، فخيرهم بين أمرين: إما أن يزيد مرتباتهم – ولم يكن يستطيع ذلك بالطبع – أو يمنح المدرس لقب “بروفسور” تقديرا معنويا للدور الهام الذي يقوم به.
فاختار مدرسو النمسا التقدير المعنوي بتشريفهم بلقب يضفي عليهم جلالا، حتى اللحظة الآنية، من أن تزداد دخولهم التي تحسنت كثيرا بتحسن المجتمع الذين صنعوه … تُرَى ماذا يفعل مدرسونا لو وقفوا أمام هذا الاختيار!
إنه لا مفر – إن أردناها نهضة حقيقة – من إعداد المعلم إعدادا مناسبا، ومن الاهتمام به ليصبح في رأس هرم السلم الاجتماعي، ليشعر بالفخر باهتمام أمته به، ويعطي عن حب ورغبة في أن يصبح المنتج الذي يقوم عليه منتجا رائعا، ينهض بالأمة فيفخر به.
يقول شوقي رحمه الله:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا
أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً
وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا
وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً
فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا
عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا
عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا
لذا يجب تمكين المدرسين من أن يصبحوا معلمين مؤثرين، فمن غير معلم جيد لا يمكننا إيصال المعلومة بالشكل الصحيح، واختيار المعلم يجب أن يكون بشكل مدروس ومخطط له لأن دوره فى المجتمع يكاد يكون الأهم، فبينما يكون الطبيب والمهندس مسئولين عن حياة عدد من الناس، يكون المعلم مسئولًا عن مصير وحياة المجتمع بأسره، ومن المهم امتلاك المدرس لمؤهلات عدة أهمها العلم، وكذلك طريقة إيصاله للطلاب، وغرسها فى فكر الطالب وعقله وأن يكون محبًا للأطفال والنقاشات الفكرية ومنفتح العقل.
تحسين المناهج، والمنهج التعليمي لا يقتصر على الكتاب فقط، فالمنهج الصحيح هو كتب ومصادر ووسائل تعليمية أخرى منها الوسائط الصوتية والمرئية لإعطاء الطالب فرصة التفكير والاستنباط والتحليل، والبحث عن المعلومة والتمييز ما بين المعلومة الصحيحة والخاطئة.
يجب الربط بين المناهج المختلفة، وإزالة الحشو الهائل بالكتب بما يتناسب مع عمر الطالب والمدة الزمنية التي يدرس فيها.
يجب تقييم الطلاب بطرق حديثة لا تعتمد على الامتحانات الكتابية فقط، بل يجب قياس قدرتهم على المشاركة فى الحصص وإبداء رأيهم فيها، حيث تشكل هذه العناصر الثلاثة (المعلم والمنهج والطالب) المثلث الرئيسي للعملية التعليمية.
وابتكار طرق جديدة وحديثة لتوصيل المعلومة، والقضاء على الحفظ والتلقين والعودة إلى الفهم والابتكار.
تحسين رواتب ودخول المدرسين، بما يكفل لهم حياة كريمة، مع حظر الدروس الخصوصية بشكل تام.
وتعمد بعض الدول المتقدمة إلى تقسيم السنة إلى مجموعة فصول دراسية فما يتم امتحانه لا يعاد امتحانه مرة أخرى، وتزويد المدارس بأجهزة ومعلمين مدربين فضلًا عن مضاعفة عدد المدارس لتقليل الكثافة العددية بالفصول.
والاهتمام الفعلي بالأنشطة وتنمية مهارات الطالب وإلغاء نظام الثانوية العامة، وابتكار نظام حديث يؤهل الطالب لدراسة التخصص الذى يميل إليه ويتفوق فيه وربط المدارس بالمصانع.
وأن يتم دراسة المواد المؤهلة لكل كلية فى مرحلة الثانوي، وتوفير البنية التحتية من ملاعب رياضية ومعامل إلكترونية وعلمية إضافة إلى تطوير المدارس التي تعانى من تردى مبانيها وخدماتها.
تعريف المرافق العامة
جاء في معجم المعاني: (فعل) رافقَ يرافق، مُرافَقةً، فهو مُرافِق، والمفعول مُرافَق.
رافق الشَّخصَ: صار مصاحبًا له في سفره أو سيره.
رَافَقَهُ مُنْذُ صِغَرِهِ: كَانَ رَفِيقاً لَهُ.
رافقتك السلامة: دُعاءٌ للمغادر.
وشيءٌ مُرافِقٌ لكذا: ملحقٌ به وهي مرافقةٌ.
المرافق: مشاريع النفع العام.
تعريف المرافق العامة هي: حزمة من البنية التحتية كالمؤسسات التعليمية والصحية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، يقوم عليها الحكام بالمراقبة لإشباع حاجات الشعوب لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة الآمنة للشعوب، فالمرفق العام عبارة عن أداة في يد الدولة لتحقيق النفع العام من خلال قوانين خاصة.
أوجه النفع العام التي تقدمها المرافق العامة ثلاثة أنواع:
مادية: (مثل الصحة والأمن والطرق ووسائل المواصلات العامة وغيرها).
مالية: مثل (الضمان الاجتماعي والقروض والإسكان المخفض وما شابهه).
معنوية: (مثل الثقافة والتربية وما على شاكلتها).
أهمية المرافق في حياتنا لا حدود لها، فالخدمات التي تقدمها هذه المرافق في إنجاز مهامنا اليومية تساعد المواطنين والدولة على التقدم والتطور الاقتصادي والاجتماعي، كما تساهم في التوعية حول المشاركة المجتمعية، كما أن لها دورا في خلق محيط آمن والمحافظة على العيش الكريم.
أنواع المرافق العامة
تتعدد وتختلف أنواع المرافق العامة باختلاف طبيعة أنشطتها والغاية التي وجدت من أجلها، تم تقسيم الأنواع اعتماداً على نوع نشاطها إلى أربعة أقسام رئيسية وهي كالتالي:
المرافق العامة الإدارية
هي مختلف القطاعات والوظائف الحكومية في الدولة كالمرافق الصحية والتعليمية ومرافق العدالة وغيرها، فهي المرافق التي ينصب نشاطها على الوظيفة الإدارية والتي لا يمكن الاستغناء عنها للمحافظة على الدولة وأمنها الداخلي والخارجي.
المرافق العامة الاقتصادية
وهي المرافق التي تزاول نشاط تجاري واقتصادي في مجالات متعددة صناعية وتجارية ومالية وزراعية، ومن أمثلتها مرفق النقل بكافة أنواعه البري والبحري والجوي، وهي شبيهة إلى حد ما بالنشاطات التي يزاولها الأفراد ولكنها تخضع للقانونين الإداري والخاص.
المرافق العامة الاجتماعية
هي المرافق التي تمارس نشاط اجتماعي ذات طبيعة اجتماعية من أجل تحقيق أهداف اجتماعية وتحسين الوضع الاجتماعي للمواطنين، ومن الأمثلة عليها مرفق الضمان الاجتماعي المتمثل في بيت المال ومشتقاته ومرفق التأمينات.
المرافق المهنية أو النقابية
وهي المرافق التي توجه وتدير النشاط المهني عن طريق هيئات متخصصة ويمنحها القانون بعض امتيازات السلطة العامة كغرف التجارة والصناعة والنقابات المهنية (نقابة الأطباء ونقابة المهندسين ونقابة المحامين وغيرها).
أمثلة على المرافق العامة
النقل: وتشمل الطرق، والجسور، والمطارات، والنقل بالسكك الحديدية، وما إلى ذلك.
المياه: وتشمل إمدادات المياه، وإدارة الموارد المائية، ومنع الفيضانات، وشبكة الصرف الصحي.
الطاقة: وتشمل الكهرباء، ومحطات الطاقة، وتوربينات الرياح، وأنابيب الغاز، والألواح الشمسية.
الاتصالات: وتشمل الاتصالات السلكية واللاسلكية، بالإضافة إلى شبكة الهاتف وخدمات الإنترنت.
السياسية: وتضم المؤسسات الحكومية، مثل: المحاكم والهيئات التنظيمية، وخدمات الأمن العام، مثل: الشرطة والدفاع وما إلى ذلك.
التعليمية: مثل المدارس، والجامعات الحكومية، والمعاهد التدريبية.
الصحية: وتتضمّن المستشفيات العامة، والعيادات الصحية، وما إلى ذلك.
الترفيهية: وأهمّها الحدائق العامّة، والشواطئ، والمواقع التاريخية، والمحميّات الطبيعية.
المحافظة على المرافق العامة
يمكن الحفاظ على المرافق العامة بعدة طرق منها: الصيانة الوقائية للمرافق العامة وهي إحدى التدابير المهمّة التي تُتخذ للحفاظ على المرافق العامة عن طريق وضع نظام يتمّ فيه مراقبة الأوضاع الاجتماعية والثقافية بشكلٍ منتظم، بدءاً من الفحص، ثمّ الصيانة، وانتهاءً بإجراء التعديل اللازم لإضافة الأمور الضرورية؛ بهدف استخدام المرافق العامة أطول فترة ممكنة، وتتمثّل الرعاية الوقائية بمراعاة الأمور الآتية:
المحافظة على النظافة.
الفحص والتفتيش الدوريّ.
حماية المباني والأثاث.
الصيانة الدورية للمرافق العامة، بحيث تبقى مناسبةً دائماً للاستخدام.
تحديد جدول زمني يضمن الرعاية الوقائية.
كيف نحافظ على نظافة المرافق العامة
يحافظ عليها بالحفاظ على روتين تنظيف مناسب؛ فالأماكن النظيفة تُشجّع الناس على الحفاظ على نظافتها.
وضع صناديق القمامة في أماكن قريبة يسهل الوصول إليها؛ بحيث يتشجّع الأفراد على استخدامها لإلقاء النفايات.
تعزيز الشعور بالمسؤولية بكتابة توجيهات تُوضّح التصرّفات المرجوّة من الناس للحفاظ على المرافق العامة.
مكافأة الأشخاص الملتزمين بالحفاظ على المرافق العامة، وفرض عقوبات حقيقية على المخالفين.
وضع سياسات واستراتيجيات معينة للحفاظ على المرافق العامة في مختلف الأماكن؛ بحيث يسمح ذلك للأفراد بمعرفة المتوقع منهم دائماً باختلاف الظروف والأماكن.
إنشاء المبادرات لتشجيع أكبر شريحة ممكنة من الأفراد للمشاركة في الحفاظ على نظافة المرافق العامة.
تشكيل وحدة فعّالة تضم جميع المسؤولين أو المنتفعين من الحفاظ على المرافق العامة؛ كي يعملوا معاً بشكلٍ أكثر.
فوائد توفر المرافق العامة على المجتمع
دعم الاقتصاد المحلي.
جذب الاستثمارات التجارية.
جذب السيّاح.
التحفيز على التطوّع.
الحدّ من الجريمة من خلال إقامة الحدائق والمنتزهات.
الاهتمام بسلامة المشاة وأمنهم.
التشجيع على استخدام وسائل النقل العام.
الاهتمام بالصحة بشكلٍ عام.
المحافظة على البيئة.
أسباب تدهور المرافق العامة️
انتشار الجهل.
السلوكيات الخاطئة في التعامل مع الممتلكات العامة.
العادات الخاطئة تجاه البيئة.
إهمال المرافق العامة.
عدم توجيه الأشخاص الذين يُلحقون الضرر بالبيئة.
عدم تفعيل عقوبة المخالفة لأن من أمن العقوبة أساء الأدب.
أوجه النفع التي تقدمها المرافق العامة
أولاً: أوجه النفع المادية
حق الطريق
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ)، فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: (فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا)، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: (غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ). (صحيح البخاري:2465)
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث جملة من الآداب، التي ينبغي أن يتحلَّى بها من جلس في الطريق: غض البصر، وقد أمر الله به في قوله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ). (سورة النور: 30)
روى أبو داود في سننه بإسناد حسن عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: (يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ، فإنَّ لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخرَةُ). (صحيح أبي داود:2149)
(لا تتبع النظرة النظرة): من الإتباع أي لا تعقبها إياها ولا تجعل أخرى بعد الأولى، (فإن لك الأولى): أي النظرة الأولى إذا كانت من غير قصد، (وليست لك الآخرة): أي النظرة الآخرة لأنها باختيارك فتكون عليك.
قال الشاعر:
كُلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ
وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
والمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا
فِي أَعْيُنِ الغِيدِ مَوقُوفٌ عَلَى الخَطَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا
فَتكَ السِّهَامِ بِلَا قَوسٍ ولَا وَتَرِ
يَسُرُّ نَاظِرَهُ مَا ضَرَّ خَاطِرَهُ
لَا مَرحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ
وقال آخر:
وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا
لِقَلْبِكَ يومًا أَتعَبَتْكَ المَنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِي لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيهِ
وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ
كف الأذى وإزالته من الطريق
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَرَّ رَجُلٌ بغُصْنِ شَجَرَةٍ علَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فقالَ: واللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هذا عَنِ المُسْلِمِينَ لا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الجَنَّةَ). (صحيح مسلم:1914)
وروى مسلم عن أبي برزة قال: قلت: يا نبي الله، علمني شيئا أنتفع به؟ قال: (اعْزِلِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ). (صحيح مسلم:2618)
وإماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ). (صحيح مسلم:35)
ومن كف الأذى عدم قضاء الحاجة في طريق الناس، أو ظلهم، وعدم إيذاء الناس في أبدانهم أو أعراضهم، روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ). قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: (الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ). (صحيح أبي داود:25)
في عون المعبود على شرح سنن أبي داود:
قوله (اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ): قال الخطابي: يريد الأمرين الجالبين للعن الحاملين للناس عليه والداعيين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، يعني عادة الناس لعنه فلما صارا سببا لذلك أضيف إليهما الفعل فكانا كأنهما اللاعنان، يعني أسند اللعن إليهما على طريق المجاز العقلي، وقد يكون اللاعن أيضا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول كما قالوا سر كاتم أي: مكتوم، فعلى هذا يكون التقدير اتقوا الأمرين الملعون فاعلهما.
(الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ) أي: يتغوط أو يبول في موضع يمر به الناس، والمراد بالتخلي: التفرد لقضاء الحاجة غائطاً أو بولاً، فإن التنجس والاستقذار موجود فيهما، والمراد بالطريق الطريق المسلوك لا المهجور الذي لا يسلك إلا نادرا.
(أَوْ ظِلِّهِمْ) أي: مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومنزلاً ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته، فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته تحت حائش من النخل وللحائش لا محالة ظل.
والحديث يدل على تحريم التخلي في طرق الناس أو ظلهم لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به واستقذاره.
ومن ترك الأذى عدم السير في المخالف إن كان طريقا أو مكان المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وترك الحركات المرعبة كفرك الكاوتش أو لعبة الحصان أو السرعة الزائدة أو استخدام صافرات الإنذار الغير المأذون فيها.
ومن حق الطريق إعانة الرجل في حمله على مركوبه، أو رفع متاعه عليها، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّ سُلامَى عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ، يُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ، يُحامِلُهُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ودَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ). (صحيح البخاري:2891)
كذلك من حق الطريق ردّ السلام، قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) (سورة النساء:86)، وحسن الكلام، قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا). (سورة البقرة:83)
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ). (سورة آل عمران: 110)
ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يحث المارة على فعل الخير وقوله، وعلى تجنب السمع الحرام “الغناء”، وينهى النساء عن التبرج في الأسواق والطرق واختلاطهن بالرجال، فالمنكرات إذا كثر إنكارها زالت أو تلاشت، وإن سكت عنها فشت وانتشرت.
وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوائد عظيمة للأمة، منها: نجاة سفينة المجتمع من الهلاك والغرق، ومنها قمع الباطل وأهله، ومنها كثرة الخيرات والحد من الشرور، ومنها استتباب الأمن، ومنها نشر الفضيلة وقمع الرذيلة… إلخ.
وسائل الحفاظ على الصحة العامة
تزايدت حرکة انتقال الأفراد من القرى إلى التجمعات الصناعية بالمدن، ومع التطور السريع بدأت المشاکل البيئية وتأثيراتها الضارة، تنعکس في الآونة الأخيرة على تلويث الهواء، والمياه، والتربة.
وکانت وسائل النقل الحديثة بمختلف أشکالها وأنواعها واحدة من تلك الإنجازات الکبيرة والتي باتت تمثل عصب الحياة في الوقت الراهن ومعياراً حضارياً يحدد درجة التطور وتباينه بين مختلف دول العالم.
وعليه فإن المشاکل البيئية الناتجة عن تزايد استخدام السيارات، وما صاحبها من تکدس مروري، کان سبباً رئيسياً في تلويث الهواء والضوضاء مما يضر بالصحة العامة للسکان.
ومن وسائل حفظ الصحة العامة:
النظافة
الصحة من أفضل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان حيث أنه بهذه النعمة يستطيع أن يقوم بأعماله الدينية والدنيوية بكفاءة عالية، ويستلذ بمتع الحياة، ويستمتع بحياته على خير وجه؛ ولذلك يجب الحفاظ على هذه النعمة، وعدم التفريط بها، لأن من يفرط بصحته يفرط بحياته كلها.
وقد حثت التعاليم الدينية على الحفاظ على الصحة العامة للأفراد والمجتمع، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) (صحيح البخاري:6412)، وهناك كثير من النصوص التي تحث الإنسان على المحافظة على صحته، وأنها من أفضل النعم.
وكما لا يصح للإنسان أن يفرط في صحته لا يصح له كذلك أن يفرط في صحة مجتمعه، لأن الحفاظ على الصحة العامة من أوجب الواجبات عقلاً وشرعاً.
والتوقي من الأمراض المعدية كفيروس كورونا وغيره خير وسيلة للقضاء عليه، وكما تقول الحكمة المعروفة: (درهم وقاية خير من قنطار علاج).
إن من أهم وسائل الوقاية من الأمراض العامة الاهتمام بالنظافة العامة، وغسل اليدين بالصابون باستمرار، فالتعاليم الدينية تحث على غسل اليدين قبل الطعام وبعده، وأن ذلك من المستحبات.
ومن الوسائل الوقائية لمواجهة فيروس كورونا وغيره من الفيروسات المهلكة هو عدم مخالطة المصاب أو المشتبه بإصابته للأصحاء، وعدم حضوره للمجالس العامة حتى لا ينقل المرض إليهم حتى يتعافى تماماً ويتأكد من خلوه من المرض، فقد روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (لَا يُورِدن مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ). (صحيح البخاري:5771)
كما أن الحجر الصحي للأماكن الموبوءة بالأمراض المهلكة، وعدم السفر إليها أو الخروج منها من أفضل الطرق الوقائية لمحاصرتها والقضاء عليها، وفي الصحيحين أن رسول الله أشار إلى ذلك بقوله: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني: الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه) (صحيح البخاري:5730)، والمقصود بالطاعون أي الوباء العام.
ولابد من ترك بعض العادات مؤقتاً وإن كانت جميلة في نفسها للوقاية من فيروس كورونا كعادة التقبيل وحب الخشوم والمعانقة وغيرها من العادات التي تسهل انتشار الوباء.
فحفظ النفس والمجتمع من المهددات الصحية أهم من التعبير عن المشاعر الجياشة، وأن المحبة محرزة بين الأصدقاء والأحبة، فلا داعي للتقبيل والمعانقة في (زمن كورونا) وهذا عملا بقاعدة دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة.
الحفاظ على المياه
الثروة المائية من أهمّ الثروات الطبيعيّة على الإطلاق لأنّها تختزن المياه التي هي أساس الحياة على كوكب الأرض، فلولاها لكانت الأرض خَرابًا، ليس فيها أيّ أثرٍ للحياة، ولهذا يقول تعالى في محكم التنزيل: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) (سورة الأنبياء:30)، فالمياه هي أساس حياة الإنسان والحيوان والنبات، وهي جزءٌ أساسيّ في النظام البيئي الحيوي.
ولهذا فإنّ الثروة المائية هي أعظم ثروة، وترتبط بالخصوبة والخير والخضرة، ويظهر هذا جليًا في البلاد التي تمتلك الكثير من المسطحات المائية من بحارٍ وأنهارٍ ومحيطات وينابيع، إذ تنتشر فيها الأراضي الخصبة وتضجّ الحياة فيها، ويكثر فيها الخير من زروعٍ وثمارٍ وأسماكٍ وغير ذلك من كائناتٍ بحرية.
بالإضافة إلى أهمية الثروة المائية في توفير مياه الشرب، فإنّها أيضًا مصدرٌ مهمّ للجذب السياحيّ، خصوصًا أن الحضارات القديمة قامت بالقرب من مناطق الثروات المائية، واستقرّت حول مناطق البحار والأنهار وينابيع المياه والواحات.
ومن أهمّ الحضارات التي قامت على الأنهار: الحضارة الفرعونية في مصر القديمة التي قامت على ضفاف نهر النيل، والتي جعلت من مصر إلى الآن جنةً تضجّ بالحياة، وحضارة بلاد الرافدين التي قامت على نهري دجلة والفرات، وغيرها الكثير من الحضارات التي تُعدّ الثروة المائية هي الأساس في قيامها واستقرارها.
الثروة المائية هبةٌ من الله تعالى، ويجبُ الحفاظ عليها كي تدوم، وأهمّ طريقةٍ للحفاظ عليها هو حمايتها من التلوث بأشكاله كافّة، سواء التلوث الكيميائي أم العضوي أم النووي، كما يجب الحفاظ عليها من الهدر لضمان بقائها واستمرارها للأجيال القادمة.
فعلى الرغم من أنّ الثروة المائية من الطاقات المتجددة، إلّا أنها تتعرض للنضوب، وقد تصبح قليلة أيضًا، خصوصًا إن تمّ هدرها بكميات كبيرة في ظلّ حدوث الجفاف في الكثير من المناطق، وهذا يخلق فجوة كبيرة في كميات المياه، ويسبب نقصها.
ويكون الحفاظ على الثروة المائية بعدم رمي الملوّثات في البحار والأنهار والمحيطات، والاقتصاد في استخدامها؛ لأنّ حماية المياه تعني حماية الحياة المائية أيضًا، وحماية الحضارات والإنسان والنبات.
تحسين إدارة الموارد على مستويات حوض النهر والبلد المعني وعلى المستويات العابرة للحدود، ويُعد الحفاظ على مستجمعات المياه وطبقات المياه الجوفية في حالة سليمة مسؤولية تمتد عبر الحدود الإدارية والسياسية والقطاعية.
وسوف نستمر في إبراز قيمة المياه عبر استخداماتها المختلفة والقطاعات المتنوعة، في حين ندعم السياسات والقوانين والمؤسسات الفعالة للمياه والبيئة من أجل الإدارة المتكاملة للمياه، ونساعد البلدان على تعميم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي وتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه في الزراعة.
من طرق المحافظة على الثروة المائية
حماية مصادر الماء وتتنوع مصادر المياه النقية لتشمل؛ الأنهار، والجداول، والبحيرات، والخزانات، والينابيع، والمياه الجوفية، والتي تعد مورداً لتوفير مياه الشرب العامة ومياه الآبار، وهناك عدة طرق لحماية هذه المصادر، ومنها:
تعديل السلوكيات اليومية للمحافظة على مصادر المياه ونظافتها، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
التخلص من الأدوات المصنوعة من المواد الضارة؛ كالبلاستيك بشكل صحيح دون الإضرار بالبيئة.
عدم التخلص من النفايات الخطرة بإلقائها على الأرض، أو في المجاري؛ مما قد يؤدّي الى تلوث التربة، والمياه الجوفية، أو المياه السطحية القريبة.
تجنّب أو تقليل استخدام بعض المواد السامة التي تساهم في تلوث المياه الجوفية أو السطحية قدر المستطاع، ومنها؛ زيوت المحرك، والمبيدات الحشرية، وعلب الطلاء، والمنظفات، والأدوية، وغيرها من المواد والنفايات.
روى أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ). (صحيح البخاري:239)
دور الأفراد في التوعية للحفاظ على الماء
يمكن للأفراد المشاركة في الأعمال التطوعية التي تهدف للحفاظ على المياه من التلوث أو الاستهلاك، ومن هذه النشاطات:
البحث عن منظمات تُعنى بالمحافظة على مياه الأمطار، أو الآبار والتطوّع للمساعدة، ويمكن للشخص في حال عدم توفّرها تشكيل فريقه الخاص من المتطوعين لخدمة البيئة.
الانضمام لفرقة تنظيف الشواطئ، والينابيع، أو الأراضي الرطبة، مما يساعد في الحفاظ على البيئة.
تحضير عرض تقديمي وعرضه داخل المدرسة أو في إحدى المنظمات المعنية كقصور الثقافة لتسليط الضوء على أبرز المشكلات والمخاطر التي تواجه المياه؛ كالجريان السطحي للمياه الملوثة، وتهديد التوازن البيئي، والحرص على تقديم حلول وإجراءات للعمل على تفادي مثل هذه المشاكل؛ كالحد من استخدام الأسمدة والتأكد من سلامة أنظمة الصرف الصحي.
المشاركة في صنع الملصقات الملونة، والأعمال الفنية البسيطة والمفهومة، وتعليقها قرب مصادر المياه؛ كالبحيرات والجداول؛ لتذكير الأفراد بضرورة عدم إلقاء النفايات على الأرض وخطورتها على المياه السطحية.
تصميم المنشورات الإعلانية وتوزيعها على السكان المحليين والجيران لتذكيرهم بخطورة النفايات على جودة مياه الشرب المحلية.
وتعد المياه إلى جانب الهواء من أهم عناصر الحياة، ولكنها من الموارد غير المتجددة، والتي قد يؤدي الاستخدام غير المنظّم لها إلى نفاذها في المستقبل القريب، إلا أنّ اتباع أساليب المحافظة عليها قد يساعد على تجنّب هذه الآثار في المستقبل، لذلك ظهرت الحاجة لدى العديد من المناطق والدول حول العالم إلى دعوة مواطنيها إلى ترشيد استهلاك المياه للمحافظة عليها خاصة بعد أحداث سد النهضة.
ويجدر بالذكر هنا أنّ هناك العديد من الأسباب التي تدعو للمحافظة على المياه؛ ومن أبرزها ما يلي:
تبرز أهمية المياه على إبقاء البشر، والحيوانات، والنباتات على قيد الحياة.
توفّر المياه مواطن بيئية متخصصة للحياة البرية.
إنّ ترشيد استهلاك المياه ينعكس إيجاباً على البيئة وعلى الدخل المادي للفرد؛ فتوفير استهلاك الماء يوفّر الطاقة التي يتم استخدامها لتنقية المياه، وتسخينها، وضخّها الى المنازل، مما يساعد بالتالي على التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الى الهواء، والمحافظة على البيئة.
ثانياً: أوجه النفع المالية
الضمان الاجتماعي “تمام الكفاية”
هو نظام يهدف إلى إعالة الأشخاص العاجزين عن تأمين عيشهم، لأسباب صحية وعائلية واجتماعية، خارج إرادتهم، والضمان أو حد الكفاية، من أولويات المذهب الاقتصادي في الإسلام، وعلى هذا “الضمان” تكاد تقوم مختلف أحكام المذهب الاقتصادي، وتطبيقاته.
فمشروعية الملكية في الإسلام، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية إنما تهدف إلى توفير “حد الكفاية” للإنسان، كحق إلهي مقدس، قال تعالى: في سورة الماعون (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3))، فكفالة المحتاج، الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته، واجب.
وإذا كانت فكرة الضمان الاجتماعي قد استقرت في المجتمعات الغربية، كقرار سياسي، نتيجة لضغوط اجتماعية، شكلت تهديداً لأمن واستقرار تلك المجتمعات، التي أقرته بشكل رسمي سنة 1941 م، ويُعرَّف، كما في “الموسوعة السياسية”، على أنه: “نظام يهدف إلى إعالة الأشخاص العاجزين عن تأمين عيشهم، لأسباب صحية وعائلية واجتماعية، خارج إرادتهم”.
فإن الإسلام، سبق الغرب في إقامة ضمان اجتماعي يفرضه الدين، وتنظمه الدولة، مؤكداً على قدسية هذا “الضمان”، المقصود منه الحق الثابت للفقراء في أموال الأغنياء، وإلزام الدولة بتحقيقه، قال تعالى في سورة المعارج: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)).
لذلك، تُعدّ الزكاة، أول تشريع منظم في سبيل ضمان اجتماعي، غايتها، تحقيق الكفاية لكل محتاج: في المطعم والملبس، والمسكن، وسائر حاجات الحياة، وليس ذلك خاصاً بالمسلم فقط، بل يشمل من يعيش في ظل الدولة الإسلامية من اليهود والنصارى.
إنّ الضمان الاجتماعي، أو “حد الكفاية”، في الإسلام، تعبير عن حق أفراد المجتمع في موارد مجتمعهم، وهذا ما تُبيّنه الآية السابعة من “سورة الحشر”، التي تُحدّد وظيفة “الفيء”، ودوره في المجتمع، بوصفه “قطاعاً عاماً”، قال تعالى: (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ)، أي، توزيع المال بين أفراد المجتمع، فلا يُحتكر بيد طبقة الأغنياء.
أما الطريقة التي اتخذها المذهب الاقتصادي في الإسلام، لتمكين الدولة من القيام بتحقيق الضمان الاجتماعي، تكمن، في ضرورة إيجاد القطاعات العامة، التي تتكون من “موارد الملكية العامة”، لكي تكون، إلى جانب الزكاة، ضماناً لحق المحتاجين من أفراد المجتمع، ورصيداً للدولة، بوصفها راعية اجتماعية، يمدها بالنفقات اللازمة لتحقيق الضمان الاجتماعي، ومنح كل فرد حقه في الحياة الكريمة، أو ما يعبر عنه الغرب بالمعيشة اللائقة.
وفي حال ما إذا ضاقت الموارد عن تحقيق الضمان الاجتماعي، فإن المجتمع يتوجه إلى التكافل الاجتماعي، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (سورة البقرة:219)، روى الطبري: ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ: اﻟﻌﻔﻮ ﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻚ.
وهذا ما في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ). (صحيح البخاري:2486)
فعلى أولي الأمر أن يفرضوا في أموال الأغنياء من التكاليف المالية ما يكفي لمعونة الفقراء، ويفي بحاجتهم الأصلية، لا أن تكون وظيفة الدولة، كما في الاقتصاد الغربي الحر، حماية الأغنياء من الفقراء!
والتكافل الاجتماعي، يتم، في إطار المجتمع الإسلامي، على ثلاثة مستويات:
التعاون الفردي: ويضم عموم الناس، كواجب على ذي الميسرة، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ). (سورة التغابن:16)
التعاون الأُسري: فالإسلام يعتبر أن سلامة الكل تبدأ من سلامة الجزء، وإصلاح المجتمع الكبير يبدأ من إصلاح الأسرة، باعتبارها النواة الصغرى للمجتمع، قال تعالى: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ). (سورة الأنفال:75)
التعاون الجماعي: قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ). (سورة التوبة:71)
صحيح أن “حد الكفاية”، أو “تمام الكفاية”، للمعيشة اللائقة، يختلف باختلاف البلدان، ويختلف بحسب ظروف كل مجتمع وتطوره، وكذلك، في تحول الكثير من الكماليات إلى ضروريات، إلاَّ أنَّ، الضمان الاجتماعي، يبقى، مسؤولية شرعية ثابتة على الدولة، وأولوية في المذهب الاقتصادي في الإسلام، ويبقى، الركيزة الأولى لصون المجتمعات من الهزات والانحرافات والفتن، وعاملا أساسيا في الاستقرار والتطور والتنمية، أما التكافل الاجتماعي فهو مشاركة المجتمع ككل في تأمين كفاف أفراده، كمشاركة دينية وجدانية وإنسانية.
أهمية الضمان الاجتماعي
الضمان الاجتماعي في الإسلام ينبع من ضمير الإنسان وأعماقه ولا يفرض عليه من الخارج عبر قوانين وضعية كما هو في الغرب، وذلك لأنه يتربى على هذا النمط من المسؤولية، فهناك الكثير من الآيات والأحاديث النبوية التي تحض الإنسان على البذل والإنفاق وتحثه على الكرم والعطاء، سواء في الحقوق الشرعية الواجبة أو التي ندب إليها الإسلام.
نموذج الإسلام في الضمان الاجتماعي فالإسلام منهج حياة يهدف للارتقاء بكل ما للإنسانية من معنى، ولذا فهو فرض على الدولة حقوق للفقير والمريض والأرملة والعاجز وإن لم يكونوا مسلمين، وخير مثال على ذلك ما فعله خالد بن الوليد مع أهل الكتاب في الحيرة في السنة الثانية عشر من الهجرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، من بيت مال المسلمين من كفاية عجزتهم.
فإذا كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يعطون فقير أهل الكتاب من بيت المال مرتباً خاصاً ليعيش به حتى يأتيه الموت، حتى ولو لم يدن بالإسلام، لكي لا يكون في البلد الإسلامي مظهراً واحداً للفقر والجوع، ولكي يعرف العالم، والمسلمون أنفسهم أن الإسلام قضى على الفقر ورفع مستوى المعيشة، وبالفعل يدل على أن الفقر كاد ألا يرى لنفسه مجالاً في الدولة التي تتبنى المبادئ الاقتصادية الإسلامية.
أسس الضمان الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي
يعد الضمان الاجتماعي أحد المسؤوليات التي تقع على عاتق الدولة في ظل الاقتصاد الإسلامي، ويعتمد على أساسين:
التكافل العام.
حق الجماعة في موارد الدولة العامة.
ولكل من الأساسين حدوده ومقتضياته، في تحديد نوع الحاجات التي يضمن إشباعها، وتعيين الحد الأدنى من المعيشة التي يوفرها مبدأ الضمان الاجتماعي للأفراد.
فالأساس الأول للضمان الاجتماعي هو التكافل العام، المبدأ الذي يفرض فيه الإسلام على المسلمين كفاية، كفالة بعضهم لبعض ويجعل من هذه الكفالة فريضة على المسلم في حدود ظروفه وإمكاناته، يجب عليه أن يؤديها على أي حال كما يؤدي سائر فرائضه، إن الكفالة تجب في حدود الحاجات الضرورية، فالمسلمون إذا كان لديهم فضل من مؤونتهم لا يسعهم أن يتركوا أخاهم في حاجة شديدة، بل يجب عليهم إشباع تلك الحاجة وسدها.
أما الأساس الثاني للضمان الاجتماعي هو حق الجماعة في مصادر الثروة، وعلى هذا الأساس تقوم الدولة بصورة مباشرة بضمان معيشة المعوزين والعاجزين، وهذا الأساس يتجاوز الأساس الأول الخاص بضمان الحاجات الضرورية، لينتقل إلى ضمان حاجات بالشكل الذي يجعل المجتمع ضمن مستوى معيشي معين وبدرجات متقاربة، وليس أن يكون للناس جميعاً مستوى واحد من الدخل، وعلى هذا الأساس سيتضاءل التفاوت الصارخ بين طبقات المجتمع الحاصل في النظام الوضعي وخصوصاً الرأسمالي.
الضمان الاجتماعي يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وهذا الاستقرار ينسحب على المجالات الأخرى وخصوصاً الاجتماعية كالسياسة والاقتصاد وغيرها لأن المجالات الاجتماعية هي انعكاس لصورة المجتمع إذ كلما كان المجتمع يتصف بالاستقرار كلما انعكس هذا الاستقرار على تلك المجالات والعكس صحيح.
ثالثاً: أوجه النفع المعنوية
وسائل الارتقاء بالتعليم
التعليم بلا شك هو السلاح الأهم الذى يجب أن تتسلح به الدول والشعوب، للنهوض والارتقاء نحو الأفضل، فالأموال والقوة لا تنفع أي مجتمع لا يتمتع بتعليم جيد، والحضارات التي لم تعتمد على التعليم انهارت واندثرت.
والتعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز.
وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون.
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن ٥ % من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
عند تطوير أي منظومة، لابد من الارتقاء بالعناصر الأساسية فيها وهي:
المعلم.
والمناهج.
والطالب.
المعلم هو العامل الأول في العملية التعليمية، ولذلك تعامله الدول المتحضرة باحترامٍ كبير، وله مكانةٌ رفيعة في المجتمعات المتقدمة.
وهذه الدول لم تصبح هكذا في يوم وليلة ولا بين عشية وضحاها، ولكنها مرت بظروف أشبه أو أسوأ مما نمر به، وكانت أيضا نظرة المجتمع للمدرسين فيها كثير من الاستهانة بل ربما وصلت للإهانة، وكانت حالهم رثة وعانوا معاناة شديدة، وكانت بلادهم تمر بنفس الأزمات التي نمر بها، بل ربما أكثر وطأة، وكانت خزينة تلك الدول تعاني، ولم يكن في استطاعتها أن توفر لهم الحياة المادية اللائقة.
ففي عهد فرانز جوزيف الأول (18 أغسطس 1830 – 21 نوفمبر 1916) قيصر النمسا:
كان حال المدرس النمساوي، ونظرة المجتمع له من السوء بمكان، فذهبوا للقيصر يطالبونه بتحسين وضعهم، وزيادة مرتباتهم، ولم يكن في وسع القيصر النمساوي أن يخرج من خزانته المزيد، ولكنه لم يرفض طلب المدرسين في تحسين أحوالهم، فخيرهم بين أمرين: إما أن يزيد مرتباتهم – ولم يكن يستطيع ذلك بالطبع – أو يمنح المدرس لقب “بروفسور” تقديرا معنويا للدور الهام الذي يقوم به.
فاختار مدرسو النمسا التقدير المعنوي بتشريفهم بلقب يضفي عليهم جلالا، حتى اللحظة الآنية، من أن تزداد دخولهم التي تحسنت كثيرا بتحسن المجتمع الذين صنعوه … تُرَى ماذا يفعل مدرسونا لو وقفوا أمام هذا الاختيار!
إنه لا مفر – إن أردناها نهضة حقيقة – من إعداد المعلم إعدادا مناسبا، ومن الاهتمام به ليصبح في رأس هرم السلم الاجتماعي، ليشعر بالفخر باهتمام أمته به، ويعطي عن حب ورغبة في أن يصبح المنتج الذي يقوم عليه منتجا رائعا، ينهض بالأمة فيفخر به.
يقول شوقي رحمه الله:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا
أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً
وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا
وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً
فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا
عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا
عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا
لذا يجب تمكين المدرسين من أن يصبحوا معلمين مؤثرين، فمن غير معلم جيد لا يمكننا إيصال المعلومة بالشكل الصحيح، واختيار المعلم يجب أن يكون بشكل مدروس ومخطط له لأن دوره فى المجتمع يكاد يكون الأهم، فبينما يكون الطبيب والمهندس مسئولين عن حياة عدد من الناس، يكون المعلم مسئولًا عن مصير وحياة المجتمع بأسره، ومن المهم امتلاك المدرس لمؤهلات عدة أهمها العلم، وكذلك طريقة إيصاله للطلاب، وغرسها فى فكر الطالب وعقله وأن يكون محبًا للأطفال والنقاشات الفكرية ومنفتح العقل.
تحسين المناهج، والمنهج التعليمي لا يقتصر على الكتاب فقط، فالمنهج الصحيح هو كتب ومصادر ووسائل تعليمية أخرى منها الوسائط الصوتية والمرئية لإعطاء الطالب فرصة التفكير والاستنباط والتحليل، والبحث عن المعلومة والتمييز ما بين المعلومة الصحيحة والخاطئة.
يجب الربط بين المناهج المختلفة، وإزالة الحشو الهائل بالكتب بما يتناسب مع عمر الطالب والمدة الزمنية التي يدرس فيها.
يجب تقييم الطلاب بطرق حديثة لا تعتمد على الامتحانات الكتابية فقط، بل يجب قياس قدرتهم على المشاركة فى الحصص وإبداء رأيهم فيها، حيث تشكل هذه العناصر الثلاثة (المعلم والمنهج والطالب) المثلث الرئيسي للعملية التعليمية.
وابتكار طرق جديدة وحديثة لتوصيل المعلومة، والقضاء على الحفظ والتلقين والعودة إلى الفهم والابتكار.
تحسين رواتب ودخول المدرسين، بما يكفل لهم حياة كريمة، مع حظر الدروس الخصوصية بشكل تام.
وتعمد بعض الدول المتقدمة إلى تقسيم السنة إلى مجموعة فصول دراسية فما يتم امتحانه لا يعاد امتحانه مرة أخرى، وتزويد المدارس بأجهزة ومعلمين مدربين فضلًا عن مضاعفة عدد المدارس لتقليل الكثافة العددية بالفصول.
والاهتمام الفعلي بالأنشطة وتنمية مهارات الطالب وإلغاء نظام الثانوية العامة، وابتكار نظام حديث يؤهل الطالب لدراسة التخصص الذى يميل إليه ويتفوق فيه وربط المدارس بالمصانع.
وأن يتم دراسة المواد المؤهلة لكل كلية فى مرحلة الثانوي، وتوفير البنية التحتية من ملاعب رياضية ومعامل إلكترونية وعلمية إضافة إلى تطوير المدارس التي تعانى من تردى مبانيها وخدماتها.