مشاهدة المرفق 9366
ملاحظة: هذه القصة كتبتها في منتدى آخر (باسم: عالم القصص DW) وفي تطبيق واتباد (فان غوخ)
الجزء الأول: لقاء ساندريلا بالأمير شارل
حدثت هذه القصة في قارة أوربا في القرن السابع عشر. حضرت المُشحرة أو فتاة الرماد (ساندريلا) طعام الغداء لزوجة أبيها وابنتيها الشريرتين، ثم غسلت الصحون وكنَّست الأرضية ولمَّعت زجاج النوافذ، وعندما انتهت، نزعت عنها مريلة المطبخ العتيقة وخلعت حذاء الخشب ثم ذهبت في عصر ذلك اليوم إلى حديقة المنزل الخلفية وجلست تحت شجرة البندق فبدأت تصلي ثم تتأمل الأشياء من حولها. وبعدما انتهت من التأمل تنهدت بعمق وهي تنظر للطيور وقالت: أيتها العصافير المُحلقة! انقلي أمنيتي إلى السماء.. أريد أن أصبح أميرة!.
وبعد قليل مرَّ الأمير شارل بلباس العامة على طريق شجرة البندق التي ترقد تحتها الفتاة العذراء فاتنة الجمال طيبة الأخلاق ساندريلا. بادر الشاب بالاقتراب منها وطلب مشاركتها الجلوس على العشب. وافقت ساندريلا مع ابتسامة عذبة.
قال الشاب: اسمي شارل، وأنتِ
-اسمي ساندريلا
أراد الشاب أن يكون صديق ساندريلا فوافقت بسعادة لأنها هي أيضاً أُعجبت بشكله الوسيم. ودَّع شارل ساندريلا على أمل اللقاء القريب مرة أخرى. وعندما حان المساء ذهبت ساندريلا إلى غرفة العلية ونامت على الأرضية وقالت: اليوم أنا سعيدة فأدم علي سعادتي يا الله!.
الجزء الثاني: العرابة بوليت
في الصباح الباكر استيقظت ساندريلا على صراخ أُختيها البغيضتين جانيت وكاثرين؛ فقد كانتا تريدان منها أن تغسل ثيابهن ثم تكويها. بالإضافة لأعمال المنزل المعتادة.
عند وقت العصر طلبت ساندريلا من زوجة أبيها القاسية إجازة لمدة ساعة؛ كي تجلس تحت شجرة البندق وترتشف الشاي، لكن طلبها قُوبِل بالرفض. وبعدئذٍ أقبلت عليها أختها جانيت وقالت لها بفظاظة: أنتِ يا خادمة! اذهبي إلى المطبخ بسرعة وحضري لنا طعام العشاء!.. أريد أن تطبخي طبق الفاصوليا الحمراء. هيا بسرعة! لماذا ما زلتِ واقفة أمامي؟!.
عملت ساندريلا بصمت وصبر رغم أن قلبها كان يبكي من الألم النفسي. وانتهت من إعداد العشاء ولم يُبقوا لها سوى الفتات لتأكله!. وصعدت غرفتها وقالت في نفسها في حزن شديد: ربما الأمير شارل مرَّ من هنا، ولم يجدني فذهب ولن يعود أبداً!
بكت ساندريلا بمرارة وفجأة رأت نوراً مبهراً! أنار الغرفة بأكملها، ولما التفتت لمصدر النور وجدت امرأة وقورة ذات وجه حنون. كانت المرأة تنظر لساندريلا برحمة وحب كبيرين. وقالت لها: لماذا تبكين يا ساندريلا؟
أجابت ساندريلا: لقد كلّفني أهل هذا المنزل بأعمال كثيرة، وحرموني من الشيء الوحيد الذي أحبه في هذه الدنيا؛ وهو الجلوس تحت الشجرة. كما حرموني من فرصة لقاء الولد الوسيم شارل!
أخذت الجنية يد ساندريلا وربتت عليها بلطف وقالت: سوف أساعدك من أجل أن يكون لديك الوقت الكافي للجلوس في الحديقة وارتشاف الشاي.. كما يمكنك أن تريْ الشاب شارل مرة أخرى؛ فهو أيضاً يحبك ويفكر بكِ الآن ويخطط لرؤيتك غداً في الحديقة. لا تحزني يا طفلتي الحبيبة ساندريلا.
عادت ساندريلا إلى التفاؤل مرة ثانية بفضل الجنية الطيبة وتمنت لو أن الغد يأتي لتقابل حبيبها الوسيم في الحديقة. أحبت ساندريلا عرابتها اللطيفة كثيراً وعرفت أن اسمها الآنسة بوليت.
الجزء الثالث: الأمير شارل يكشف عن حقيقته.
في عصر اليوم التالي، جلست ساندريلا تحت شجرة البندق وكانت تأكل فاكهة البرتقال. قالت باشتياق: متى يأتي حبيب القلب؟ لقد وصل إلى شغاف قلبي! فأرسلوه إلي يا عصافير السماء قبل أن يصيبني الجنون وأسير حافية القدمين في الشوارع والأسواق!
وبعد دقائق قليلة لمحت ساندريلا من بعيد الشاب شارل وهو يسير في اتجاهها. ضحكت ساندريلا برقة فبادلها شارل بضحكة جذابة أيضاً.
استمتع الإثنان بتغريد العصافير من حولهما. وغمز شارل لساندريلا فغطت الأخيرة وجهها فبدت كفتاة قديسة تقية. لم يتحمل الشاب الوسيم فتنة الفتاة البريئة فاقترب منها وطبع قبلة حنونة على خدها فاستحت وسالت من جبينها قطرات العرق.
-أريد أن أتزوجك فأنا الأمير شارل ابن الملك في قلعة الزمرد!
كادت ساندريلا أن تققد وعيها لما سمعت هذا الكلام وقالت وهي تغمغم: مممماذا! أعد علي ما سمعت لو سمحت!
همس الأمير شارل في أذنها وود لو يأخذها بين أحضانه ويفترسها رغبةً وحباً:
-أبي يريد اقامة حفلة يدعو فيها الشابات والفتيات من جميع أنحاء البلاد؛ من أجل تزويجي بإحداهن! ولكن لا حاجة به أن يفعل ذلك؛ فقد وجدت فتاتي وسأغمرها بعاطفتي وسأنجب منها صِبيَّة وفتيات!
ضحكت ساندريلا ووضعت يدها الرقيقة على خدها المحمر: إذن أنت الأمير الشاب الذي نسمع عن وسامته وشهامته وفروسيته؟
في اللحظة التي كانت ساندريلا والأمير شارل يتبادلان أطراف الحديث ويضحكان، شاهدتهما جانيت وأسرعت في إخبار والدتها فغضبت الأخيرة غضباً شديداً.
حملت زوجة الأب مكنسة المطبخ وهمت لتضرب بها ساندريلا والأمير شارل قائلةً: يا لسخرية القدر!، بدلاً من أن نجد ساندريلا منهمكة بالعمل، نراها جالسةً مع شاب وسيم من طبقتها الاجتماعية الرديئة!.
ارتعبت ساندريلا كثيراً واختبأت خلف الأمير شارل ليحميها من مكنسة زوجة أبيها. عندما هوَّت السيدة بالمكنسة على شارل أمسكها بثبات دون أن تهوي على رأسه وانتزعها منها ورماها جانباً وقال:
-أنا الأمير شارل ابن حاكم هذه البلاد! وسوف أتزوج ساندريلا! هي حبيبتي وستكون زوجتي الموقرة
على قدر الذهول الذي أصاب زوجة الأب وابنتيها إلا أن الحنق بدأ يلتهب في قلوبهن السوداء حقداً وكراهيةً على الفتاة المسكينة اليتيمة ساندريلا. وبالطبع لم تجرؤ زوجة الأب على مهاجمة ساندريلا بعدما عرفت أن خطيبها هو الأمير شارل.
عند المساء. سرحت ساندريلا في غرفتها أمام المرأة تمشط شعرها الكستنائي الناعم. ظهرت لها الآنسة بوليت وقالت لها مبتسمة: ألم أقل لكِ أنكِ سترين شارل هذا اليوم؟
قالت ساندريلا وهي تحتضن الجنية الطيبة: آنسة بوليت! أنا سعيدة! فالأمير شارل سيتزوجني؛ لقد أخبر زوجة أبي بذلك حينما همت بضربي.
-أجل أعرف ذلك! لن تستطيع زوجة أبيكِ ولا حتى ابنتيها أن تُفسدان حياتكِ بعد الآن. فقط كوني مرتاحة البال يا طفلتي الفاتنة.
نامت ساندريلا على الحصيرة وكان ضوء سراج الزيت ذو الشعلة الخافتة يرمي بضوءه على وجهها الباسم وكأنها في منتصف حلم جميل!.
الجزء الرابع: ساندريلا أصبحت أميرة!
في الصباح الباكر استيقظت ساندريلا ونظرت إلى السماء عبر نافذة العلية وكان لون السماء أصفر باهتاً جميلاً مثل لون تفاحة. كانت تنتظر مجيء موكب الأمير شارل ليأخذها.. ولكن تأخر وصول هذا الموكب وبدأ القلق يزداد في قلب الفتاة الرقيقة كلما مرَّ يوم جديد من دون أن يحصل شيء. وبدأ الشك يساورها أن الأمير شارل قد تخلى عن وعده لها بأن تكون زوجةً له.
وبالطبع كان هذا من دواعي سرور زوجة الأب القاسية وابنتيها الشريرتين. اتجهت كاثرين نحو ساندريلا وناولتها المكنسة: هيا ابدئي بالتنظيف! لقد مرَّ أسبوع دون أن تعملي العمل الذي اعتدته في المنزل.. أنتِ كنتِ وما زلتِ خادمة بائسة، ولأكون صادقةً معكِ! لا تصدقي أبداً وعد الأمير شارل بالزواج منكِ لأنه سيتزوج أميرة مثله!.
تناولت ساندريلا المكنسة بقلب مكسور وشرعت تكنس الأرضية ثم ذهبت لتنظيف المدخنة من رماد الحطب.
قالت جانيت دون أن تنظر لساندريلا: "ساندريلا حضري لي القهوة مع الكيك بسرعة"
أومأت ساندريلا بالإيجاب وقبل أن تغادر غرفة الضيوف نادتها زوجة الأب لإصدار أمر جديد: بعد أن تنتهين في اعداد القهوة والحلوى لجانيت اذهبي إلى شجرة البندق واقطعيها لتكون وقوداً للمدفأة هذا المساء!، لقد بدأت بشائر رياح الخريف الباردة وسوف نتجمد من البرد إن لم تسرعي بجمع الحطب!"
ذرفت ساندريلا دمعتين كلؤلؤتين وسالتا على خدها الناعم الحنطي. فقد كانت شجرة البندق هي الأنيس الوحيد لها في هذا العالم وبسببها تعرفت على الأمير شارل! وها هي الآن قد فقدت كل شيء في لحظة واحدة!.
لمحت ساندريلا من نافذة المطبخ موكب فخم في طريقه إلى منزل زوجة الأب!. فرحت ساندريلا فرحاً كبيراً وصاحت بسعادة: إنه موكب الأمير شارل!...
وبالطبع لقد جُنَّ جنون زوجة الأب وابنتيها وشحبت وجوههن حقداً وغماً عندما وصل الأمير شارل لأخذ ساندريلا حيث ستعيش معه في قصر الأحلام!.
بعد أسبوع أقام الملك مأدبة عظيمة ودعى فيها جميع الأشراف والنبلاء والعائلات المخملية في البلاد لحضور حفل زفاف ابنه ولي العهد الأمير شارل. خلال أيام الاستعداد لهذا العرس الأسطوري، لم تفارق الآنسة الطيبة بوليت ساندريلا وكانت معها في جناحها الملكي الفاخر الذي احتوى على كل شيء ثمين من الأثاث والديباج والحرير. صنعت العرابة لساندريلا ثوباً من الذهب والفضة وزوج حذاء زجاجي لامع كأنه صنع من النجوم البعيدة!.
تأثرت الآنسة بوليت عندما رأت ساندريلا بطلتها البهية التي تسحر العيون بجمالها الآخاذ، وقالت: عندما رأيتكِ جالسةً تحت شجرة البندق وكنتِ تحلمين أن تكوني أميرة أردت أن أحقق لكِ هذا الحلم!، لاسيما وأنكِ تستحقين ذلك؛ بسبب أخلاقك العالية ونبل أصلك وسماحة نفسك.
عانقت ساندريلا عرابتها بوليت وبكت بتأثر لهذه المحبة الصافية.
في اليوم التالي. كان هو يوم زفاف الأمير شارل والأميرة ساندريلا. ولقد امتلئت الدنيا بهجة في نفوس الناس. لقد كان الأمير شارل والأميرة ساندريلا ثنائي جميل ورائع بحق! وقد أسرا كل القلوب عند نزولهما من السلالم الرخامية في ردهة القصر الضخم. كانت زوجة الأب وابنتيها ينظرن بعين الحسد وتمني زال النعمة إلى ساندريلا وهي تتأبط ذراع حبيبها الأمير الوسيم. لم تكترث بهن ساندريلا! بل حتى أنها لم تلاحظ وجودهن بين الحضور! وتركت نفسها تسعد بهذه اللحظات التي لا تتكرر كثيراً في العمر. واحتفل الناس بها وتوجوها أميرةً على قلوبهم.
الجزء الخامس:ماذا حدث بعد ليلة الدخلة؟
عندما أصبح الأمير شارل وساندريلا لوحدهما في حجرتهما الملكية الفاخرة. تعانقا بلهفة وكان كلاً منهما يحمل في أعماقه رغبة جارفة اتجاه الآخر. وقد دام عناقهما لساعاتٍ طويلة. كما أن نجوم الليل البازقة شهدت على هذا الحب الأسطوري الذي لا يحدث إلا في قصص الجدات الخرافية!.
بعدئذٍ وصلت على مائدة الشرف وليمة شهية: لحم طير، ومعجنات، وأطباق فرنسية، وأنواع عديدة من السلطة، كما وُجِد على المائدة أي شيء تشتهيه نفسك من الحلويات، وكل أنواع وألوان الفاكهة.
وبعد العشاء لبس الأمير شارل ثوب صيفي من قماش الجوخ وكان لونه عنابي جذاب بينما ارتدت ساندريلا فستاناً من قماش الدانتيل وكان زهري اللون وبدت فيه طلتها آسرة للقلوب. طلبت ساندريلا طلباً غريباً؛ حيث قالت:
- حبيبي وأميري شارل.. أريد أن نذهب إلى شجرة البندق في حديقة منزل زوجة أبي! لأنها كانت تميمة حظي وسعادتي وسبب لقائي بك!.. ثم بعد ذلك سوف ألقي التحية على زوجة أبي وأختاي؛ لقد اشتقت لهن كثيراً!. هنَّ عائلتي رغم كل شيء!.
قام الشاب أليكس -وهو صديق الأمير شارل الوحيد- بقيادة العربة التي يجرها حصان أبيض أصيل. وساق الأمير شارل وساندريلا إلى الوجهة المقصودة.
عندما وصل الإثنان إلى الحديقة الخلفية، تسلَّلا خفيةً. ولكن لم يجدا شجرة البندق!؛ لقد أمرت زوجة الأب الشريرة خادمها بقطع الشجرة بالمنشار من شدة الكراهية التي تحملها في قلبها اتجاه ابنة زوجها ساندريلا!. انفطر قلب ساندريلا من الزعل وانهارت باكية ووقعت في الوحل! فتعفرت ثيابها بالطين والأوساخ وعادت من جديد فتاة الرماد المشحرة الذابلة!؛ أسرع الأمير شارل يخفف من حزنها وقال لها مواسياً: سوف تكون لكِ قريباً شجرة بندق جديدة في حديقة القصر، فقط عليكِ أن تسعدي من جديد!.
عندما عادت ساندريلا مع حبيبها الأمير شارل إلى القلعة، دخلت في وعاء واغتسلت وصارت نظيفة ولائقة وأميرة مرة ثانية!. أقبلت على زوجها الأمير شارل وانحنت احتراماً له فأخذها إلى حضنه وقلبه!.
في الصباح الباكر، غرس البستاني في التراب غصناً طرياً لشجرة بندق كان قد وجدها في الغابة الملكية. ومع مرور الوقت نمى الغصن وأصبح شجرة بندق تحط عليها العصافير وتغرد بسعادة. صارت ساندريلا تجلس تحتها عصر كل يوم رفقة حبيبها وخليلها الأمير شارل. كان وجود ساندريلا في القصر مبعث بهجة وسرور في نفوس جميع سكان قلعة الزمرد.
وسرعان ما وقعت حيوانات القصر أيضاً في غرام الأميرة ساندريلا؛ ومن ضمنها: القطة الصغيرة الشقراء، والعصفور الكناري، والكلب الكبير. وفأرين لطيفين!.
بعد شهر من الزواج، حملت ساندريلا في أحشائها طفلاً وكان ثمرة الحب العظيم الذي جمعها بزوجها الأمير شارل. وتمنت من الله أن يديم عليها سعادتها وأن ترى مولودها -كان ذكراً أو أنثى- يلعب أمامها في حديقة القصر ويدور حول شجرة البندق التي أصبحت الآن شجرة عملاقة!.
ملاحظة: هذه القصة كتبتها في منتدى آخر (باسم: عالم القصص DW) وفي تطبيق واتباد (فان غوخ)
الجزء الأول: لقاء ساندريلا بالأمير شارل
حدثت هذه القصة في قارة أوربا في القرن السابع عشر. حضرت المُشحرة أو فتاة الرماد (ساندريلا) طعام الغداء لزوجة أبيها وابنتيها الشريرتين، ثم غسلت الصحون وكنَّست الأرضية ولمَّعت زجاج النوافذ، وعندما انتهت، نزعت عنها مريلة المطبخ العتيقة وخلعت حذاء الخشب ثم ذهبت في عصر ذلك اليوم إلى حديقة المنزل الخلفية وجلست تحت شجرة البندق فبدأت تصلي ثم تتأمل الأشياء من حولها. وبعدما انتهت من التأمل تنهدت بعمق وهي تنظر للطيور وقالت: أيتها العصافير المُحلقة! انقلي أمنيتي إلى السماء.. أريد أن أصبح أميرة!.
وبعد قليل مرَّ الأمير شارل بلباس العامة على طريق شجرة البندق التي ترقد تحتها الفتاة العذراء فاتنة الجمال طيبة الأخلاق ساندريلا. بادر الشاب بالاقتراب منها وطلب مشاركتها الجلوس على العشب. وافقت ساندريلا مع ابتسامة عذبة.
قال الشاب: اسمي شارل، وأنتِ
-اسمي ساندريلا
أراد الشاب أن يكون صديق ساندريلا فوافقت بسعادة لأنها هي أيضاً أُعجبت بشكله الوسيم. ودَّع شارل ساندريلا على أمل اللقاء القريب مرة أخرى. وعندما حان المساء ذهبت ساندريلا إلى غرفة العلية ونامت على الأرضية وقالت: اليوم أنا سعيدة فأدم علي سعادتي يا الله!.
الجزء الثاني: العرابة بوليت
في الصباح الباكر استيقظت ساندريلا على صراخ أُختيها البغيضتين جانيت وكاثرين؛ فقد كانتا تريدان منها أن تغسل ثيابهن ثم تكويها. بالإضافة لأعمال المنزل المعتادة.
عند وقت العصر طلبت ساندريلا من زوجة أبيها القاسية إجازة لمدة ساعة؛ كي تجلس تحت شجرة البندق وترتشف الشاي، لكن طلبها قُوبِل بالرفض. وبعدئذٍ أقبلت عليها أختها جانيت وقالت لها بفظاظة: أنتِ يا خادمة! اذهبي إلى المطبخ بسرعة وحضري لنا طعام العشاء!.. أريد أن تطبخي طبق الفاصوليا الحمراء. هيا بسرعة! لماذا ما زلتِ واقفة أمامي؟!.
عملت ساندريلا بصمت وصبر رغم أن قلبها كان يبكي من الألم النفسي. وانتهت من إعداد العشاء ولم يُبقوا لها سوى الفتات لتأكله!. وصعدت غرفتها وقالت في نفسها في حزن شديد: ربما الأمير شارل مرَّ من هنا، ولم يجدني فذهب ولن يعود أبداً!
بكت ساندريلا بمرارة وفجأة رأت نوراً مبهراً! أنار الغرفة بأكملها، ولما التفتت لمصدر النور وجدت امرأة وقورة ذات وجه حنون. كانت المرأة تنظر لساندريلا برحمة وحب كبيرين. وقالت لها: لماذا تبكين يا ساندريلا؟
أجابت ساندريلا: لقد كلّفني أهل هذا المنزل بأعمال كثيرة، وحرموني من الشيء الوحيد الذي أحبه في هذه الدنيا؛ وهو الجلوس تحت الشجرة. كما حرموني من فرصة لقاء الولد الوسيم شارل!
أخذت الجنية يد ساندريلا وربتت عليها بلطف وقالت: سوف أساعدك من أجل أن يكون لديك الوقت الكافي للجلوس في الحديقة وارتشاف الشاي.. كما يمكنك أن تريْ الشاب شارل مرة أخرى؛ فهو أيضاً يحبك ويفكر بكِ الآن ويخطط لرؤيتك غداً في الحديقة. لا تحزني يا طفلتي الحبيبة ساندريلا.
عادت ساندريلا إلى التفاؤل مرة ثانية بفضل الجنية الطيبة وتمنت لو أن الغد يأتي لتقابل حبيبها الوسيم في الحديقة. أحبت ساندريلا عرابتها اللطيفة كثيراً وعرفت أن اسمها الآنسة بوليت.
الجزء الثالث: الأمير شارل يكشف عن حقيقته.
في عصر اليوم التالي، جلست ساندريلا تحت شجرة البندق وكانت تأكل فاكهة البرتقال. قالت باشتياق: متى يأتي حبيب القلب؟ لقد وصل إلى شغاف قلبي! فأرسلوه إلي يا عصافير السماء قبل أن يصيبني الجنون وأسير حافية القدمين في الشوارع والأسواق!
وبعد دقائق قليلة لمحت ساندريلا من بعيد الشاب شارل وهو يسير في اتجاهها. ضحكت ساندريلا برقة فبادلها شارل بضحكة جذابة أيضاً.
استمتع الإثنان بتغريد العصافير من حولهما. وغمز شارل لساندريلا فغطت الأخيرة وجهها فبدت كفتاة قديسة تقية. لم يتحمل الشاب الوسيم فتنة الفتاة البريئة فاقترب منها وطبع قبلة حنونة على خدها فاستحت وسالت من جبينها قطرات العرق.
-أريد أن أتزوجك فأنا الأمير شارل ابن الملك في قلعة الزمرد!
كادت ساندريلا أن تققد وعيها لما سمعت هذا الكلام وقالت وهي تغمغم: مممماذا! أعد علي ما سمعت لو سمحت!
همس الأمير شارل في أذنها وود لو يأخذها بين أحضانه ويفترسها رغبةً وحباً:
-أبي يريد اقامة حفلة يدعو فيها الشابات والفتيات من جميع أنحاء البلاد؛ من أجل تزويجي بإحداهن! ولكن لا حاجة به أن يفعل ذلك؛ فقد وجدت فتاتي وسأغمرها بعاطفتي وسأنجب منها صِبيَّة وفتيات!
ضحكت ساندريلا ووضعت يدها الرقيقة على خدها المحمر: إذن أنت الأمير الشاب الذي نسمع عن وسامته وشهامته وفروسيته؟
في اللحظة التي كانت ساندريلا والأمير شارل يتبادلان أطراف الحديث ويضحكان، شاهدتهما جانيت وأسرعت في إخبار والدتها فغضبت الأخيرة غضباً شديداً.
حملت زوجة الأب مكنسة المطبخ وهمت لتضرب بها ساندريلا والأمير شارل قائلةً: يا لسخرية القدر!، بدلاً من أن نجد ساندريلا منهمكة بالعمل، نراها جالسةً مع شاب وسيم من طبقتها الاجتماعية الرديئة!.
ارتعبت ساندريلا كثيراً واختبأت خلف الأمير شارل ليحميها من مكنسة زوجة أبيها. عندما هوَّت السيدة بالمكنسة على شارل أمسكها بثبات دون أن تهوي على رأسه وانتزعها منها ورماها جانباً وقال:
-أنا الأمير شارل ابن حاكم هذه البلاد! وسوف أتزوج ساندريلا! هي حبيبتي وستكون زوجتي الموقرة
على قدر الذهول الذي أصاب زوجة الأب وابنتيها إلا أن الحنق بدأ يلتهب في قلوبهن السوداء حقداً وكراهيةً على الفتاة المسكينة اليتيمة ساندريلا. وبالطبع لم تجرؤ زوجة الأب على مهاجمة ساندريلا بعدما عرفت أن خطيبها هو الأمير شارل.
عند المساء. سرحت ساندريلا في غرفتها أمام المرأة تمشط شعرها الكستنائي الناعم. ظهرت لها الآنسة بوليت وقالت لها مبتسمة: ألم أقل لكِ أنكِ سترين شارل هذا اليوم؟
قالت ساندريلا وهي تحتضن الجنية الطيبة: آنسة بوليت! أنا سعيدة! فالأمير شارل سيتزوجني؛ لقد أخبر زوجة أبي بذلك حينما همت بضربي.
-أجل أعرف ذلك! لن تستطيع زوجة أبيكِ ولا حتى ابنتيها أن تُفسدان حياتكِ بعد الآن. فقط كوني مرتاحة البال يا طفلتي الفاتنة.
نامت ساندريلا على الحصيرة وكان ضوء سراج الزيت ذو الشعلة الخافتة يرمي بضوءه على وجهها الباسم وكأنها في منتصف حلم جميل!.
الجزء الرابع: ساندريلا أصبحت أميرة!
في الصباح الباكر استيقظت ساندريلا ونظرت إلى السماء عبر نافذة العلية وكان لون السماء أصفر باهتاً جميلاً مثل لون تفاحة. كانت تنتظر مجيء موكب الأمير شارل ليأخذها.. ولكن تأخر وصول هذا الموكب وبدأ القلق يزداد في قلب الفتاة الرقيقة كلما مرَّ يوم جديد من دون أن يحصل شيء. وبدأ الشك يساورها أن الأمير شارل قد تخلى عن وعده لها بأن تكون زوجةً له.
وبالطبع كان هذا من دواعي سرور زوجة الأب القاسية وابنتيها الشريرتين. اتجهت كاثرين نحو ساندريلا وناولتها المكنسة: هيا ابدئي بالتنظيف! لقد مرَّ أسبوع دون أن تعملي العمل الذي اعتدته في المنزل.. أنتِ كنتِ وما زلتِ خادمة بائسة، ولأكون صادقةً معكِ! لا تصدقي أبداً وعد الأمير شارل بالزواج منكِ لأنه سيتزوج أميرة مثله!.
تناولت ساندريلا المكنسة بقلب مكسور وشرعت تكنس الأرضية ثم ذهبت لتنظيف المدخنة من رماد الحطب.
قالت جانيت دون أن تنظر لساندريلا: "ساندريلا حضري لي القهوة مع الكيك بسرعة"
أومأت ساندريلا بالإيجاب وقبل أن تغادر غرفة الضيوف نادتها زوجة الأب لإصدار أمر جديد: بعد أن تنتهين في اعداد القهوة والحلوى لجانيت اذهبي إلى شجرة البندق واقطعيها لتكون وقوداً للمدفأة هذا المساء!، لقد بدأت بشائر رياح الخريف الباردة وسوف نتجمد من البرد إن لم تسرعي بجمع الحطب!"
ذرفت ساندريلا دمعتين كلؤلؤتين وسالتا على خدها الناعم الحنطي. فقد كانت شجرة البندق هي الأنيس الوحيد لها في هذا العالم وبسببها تعرفت على الأمير شارل! وها هي الآن قد فقدت كل شيء في لحظة واحدة!.
لمحت ساندريلا من نافذة المطبخ موكب فخم في طريقه إلى منزل زوجة الأب!. فرحت ساندريلا فرحاً كبيراً وصاحت بسعادة: إنه موكب الأمير شارل!...
وبالطبع لقد جُنَّ جنون زوجة الأب وابنتيها وشحبت وجوههن حقداً وغماً عندما وصل الأمير شارل لأخذ ساندريلا حيث ستعيش معه في قصر الأحلام!.
بعد أسبوع أقام الملك مأدبة عظيمة ودعى فيها جميع الأشراف والنبلاء والعائلات المخملية في البلاد لحضور حفل زفاف ابنه ولي العهد الأمير شارل. خلال أيام الاستعداد لهذا العرس الأسطوري، لم تفارق الآنسة الطيبة بوليت ساندريلا وكانت معها في جناحها الملكي الفاخر الذي احتوى على كل شيء ثمين من الأثاث والديباج والحرير. صنعت العرابة لساندريلا ثوباً من الذهب والفضة وزوج حذاء زجاجي لامع كأنه صنع من النجوم البعيدة!.
تأثرت الآنسة بوليت عندما رأت ساندريلا بطلتها البهية التي تسحر العيون بجمالها الآخاذ، وقالت: عندما رأيتكِ جالسةً تحت شجرة البندق وكنتِ تحلمين أن تكوني أميرة أردت أن أحقق لكِ هذا الحلم!، لاسيما وأنكِ تستحقين ذلك؛ بسبب أخلاقك العالية ونبل أصلك وسماحة نفسك.
عانقت ساندريلا عرابتها بوليت وبكت بتأثر لهذه المحبة الصافية.
في اليوم التالي. كان هو يوم زفاف الأمير شارل والأميرة ساندريلا. ولقد امتلئت الدنيا بهجة في نفوس الناس. لقد كان الأمير شارل والأميرة ساندريلا ثنائي جميل ورائع بحق! وقد أسرا كل القلوب عند نزولهما من السلالم الرخامية في ردهة القصر الضخم. كانت زوجة الأب وابنتيها ينظرن بعين الحسد وتمني زال النعمة إلى ساندريلا وهي تتأبط ذراع حبيبها الأمير الوسيم. لم تكترث بهن ساندريلا! بل حتى أنها لم تلاحظ وجودهن بين الحضور! وتركت نفسها تسعد بهذه اللحظات التي لا تتكرر كثيراً في العمر. واحتفل الناس بها وتوجوها أميرةً على قلوبهم.
الجزء الخامس:ماذا حدث بعد ليلة الدخلة؟
عندما أصبح الأمير شارل وساندريلا لوحدهما في حجرتهما الملكية الفاخرة. تعانقا بلهفة وكان كلاً منهما يحمل في أعماقه رغبة جارفة اتجاه الآخر. وقد دام عناقهما لساعاتٍ طويلة. كما أن نجوم الليل البازقة شهدت على هذا الحب الأسطوري الذي لا يحدث إلا في قصص الجدات الخرافية!.
بعدئذٍ وصلت على مائدة الشرف وليمة شهية: لحم طير، ومعجنات، وأطباق فرنسية، وأنواع عديدة من السلطة، كما وُجِد على المائدة أي شيء تشتهيه نفسك من الحلويات، وكل أنواع وألوان الفاكهة.
وبعد العشاء لبس الأمير شارل ثوب صيفي من قماش الجوخ وكان لونه عنابي جذاب بينما ارتدت ساندريلا فستاناً من قماش الدانتيل وكان زهري اللون وبدت فيه طلتها آسرة للقلوب. طلبت ساندريلا طلباً غريباً؛ حيث قالت:
- حبيبي وأميري شارل.. أريد أن نذهب إلى شجرة البندق في حديقة منزل زوجة أبي! لأنها كانت تميمة حظي وسعادتي وسبب لقائي بك!.. ثم بعد ذلك سوف ألقي التحية على زوجة أبي وأختاي؛ لقد اشتقت لهن كثيراً!. هنَّ عائلتي رغم كل شيء!.
قام الشاب أليكس -وهو صديق الأمير شارل الوحيد- بقيادة العربة التي يجرها حصان أبيض أصيل. وساق الأمير شارل وساندريلا إلى الوجهة المقصودة.
عندما وصل الإثنان إلى الحديقة الخلفية، تسلَّلا خفيةً. ولكن لم يجدا شجرة البندق!؛ لقد أمرت زوجة الأب الشريرة خادمها بقطع الشجرة بالمنشار من شدة الكراهية التي تحملها في قلبها اتجاه ابنة زوجها ساندريلا!. انفطر قلب ساندريلا من الزعل وانهارت باكية ووقعت في الوحل! فتعفرت ثيابها بالطين والأوساخ وعادت من جديد فتاة الرماد المشحرة الذابلة!؛ أسرع الأمير شارل يخفف من حزنها وقال لها مواسياً: سوف تكون لكِ قريباً شجرة بندق جديدة في حديقة القصر، فقط عليكِ أن تسعدي من جديد!.
عندما عادت ساندريلا مع حبيبها الأمير شارل إلى القلعة، دخلت في وعاء واغتسلت وصارت نظيفة ولائقة وأميرة مرة ثانية!. أقبلت على زوجها الأمير شارل وانحنت احتراماً له فأخذها إلى حضنه وقلبه!.
في الصباح الباكر، غرس البستاني في التراب غصناً طرياً لشجرة بندق كان قد وجدها في الغابة الملكية. ومع مرور الوقت نمى الغصن وأصبح شجرة بندق تحط عليها العصافير وتغرد بسعادة. صارت ساندريلا تجلس تحتها عصر كل يوم رفقة حبيبها وخليلها الأمير شارل. كان وجود ساندريلا في القصر مبعث بهجة وسرور في نفوس جميع سكان قلعة الزمرد.
وسرعان ما وقعت حيوانات القصر أيضاً في غرام الأميرة ساندريلا؛ ومن ضمنها: القطة الصغيرة الشقراء، والعصفور الكناري، والكلب الكبير. وفأرين لطيفين!.
بعد شهر من الزواج، حملت ساندريلا في أحشائها طفلاً وكان ثمرة الحب العظيم الذي جمعها بزوجها الأمير شارل. وتمنت من الله أن يديم عليها سعادتها وأن ترى مولودها -كان ذكراً أو أنثى- يلعب أمامها في حديقة القصر ويدور حول شجرة البندق التي أصبحت الآن شجرة عملاقة!.