أشرق القمر بدراً على خليج صغير. هناك منزلٌ مطل على الشاطئ، ويعيش فيه صيدلاني. سمع هذا الرجل جلبة خارج منزله. فخرج؛ ليستطلع الأمر. لقد رأى عروسة بحر عند الشاطئ تمر بنوبة فُواق ويخرج من فوهها فقاعات صاعدة بخفة في الفضاء. قال متعجباً: "ياه! حتى الأسماك تصاب بالحازوقة! سأقدم لها جرعة مصروفة قبل بيعها في السوق."
تناول الرجل كيساً جلدياً زمردي اللون. ثم ركض مسرعاً نحو الشاطئ المغسول بحركة المد والجزر. ولما رأت عروسة البحر الرجل راكضاً نحوها نفرت منه مثل ظبْية. استطاع أن يمسك بها ويدفعها دفعاً إلى داخل الكيس ثم ربط فُتحة الكيس ورفعه نحو كتفه. ومضى بها متوجهاً إلى منزله.
أنزل الكيس على الأرض وحلّ وثاق عروسة البحر. وقتذاك التقطت أنفاسها ثم زحفت نحو حذائه الممسوح بالطين وقالت باسترحام وهي تنظر إلى عينيه: أرجوك يا سيدي أطلق سراحي، أعدني إلى براري الماء، فربما يصيبك لقاء معروفك هذا خيرٌ وسعة"
أدركت الرجل الشفقة عليها وحملها إلى البحر وقال: "هيا عودي إلى أهلك وموطنك.. لكن خذي هذه النصيحة: إياك والاقتراب من الشاطئ، فليس كل مرة ستصادفين رجلاً شفيقاً."
تأثرت المخلوقة النصف بشرية بشهامة الرجل. وقررت أن تكافئه على مروءته ونخوته فقالت: "يا سيدي الفاضل اطلب مني ما تشاء، وحتى لو رغبت بفيل البحر فسوف آتي لك به أمام عتبة منزلك"
تمهل الرجل قليلاً وأخذ يتفكر ثم قال: هل يوجد في المكان الذي تعيشين فيه شقائق نعمان
-نعم! الكثير من شقائق البحر من جميع الألوان البرّاقة، البارحة لسعتني إحداها. لكننا نحن عرائس وعرسان البحر لا نتأثر بسُمِها
-أريد إذن الحصول على واحدة منها، لكي أستخرج السم من معدتها فأصنع منها الدواء
-هل تتعاطى الطبابة يا سيدي؟
-عجباً! ألم تريّ أرفف الأدوية بزجاجاتٍ وأوانيٍ من مختلف الأحجام
"لا! لم أنتبه لها"، تابعت وهي تضحك مسرورة "وكذلك لم أنتبه أنني قد شفيت من الفواق"
ضحك الرجل حتى ظهرت أسنانه وقال بنبرة ود: "للخوف مفعول إيجابي أحياناً.. انتظريني قليلاً لن أتأخر"
بعد برهة جاء الرجل حاملاً سلة مملوءة بعناقيد العنب الأسود والأخضر: "خذي السلة من يدي. إنها من منزلي، استمتعي بأكلها وأنتِ جالسة على صخرة وسط البحر الساكن، لكي تتأملين الليل الجميل والأمواج الهادئة"
-ألف شكر يا سيدي الفاضل.. موعدنا غداً ولن أخلفه
مساء الغد قد أوفت عروسة البحر بوعدها وجلبت شقيقة نُعمان وكانت لا تزال حية. فوضعها الرجل بحذر في آنية وشكرها كثيراً. صنع من ذلك الحيوان البحري عقاراً شافياً للعديد من الأمراض والآلام. ولقد أصاب من صناعته للعقار ربحاً جزيلاً وشهرة محمودة بين الناس. ظلّت الفتاة تمده بشقائق النعمان في كل حين؛ بدافع الاعتراف بالجميل والحب. كانت تعرف في أعماقها أنه من المحال لمثلها الزواج بمثله. وانقطعت عن رؤيته إلى الأبد عندما رأته يطئ عتبة منزله بصحبة زوجته.
تناول الرجل كيساً جلدياً زمردي اللون. ثم ركض مسرعاً نحو الشاطئ المغسول بحركة المد والجزر. ولما رأت عروسة البحر الرجل راكضاً نحوها نفرت منه مثل ظبْية. استطاع أن يمسك بها ويدفعها دفعاً إلى داخل الكيس ثم ربط فُتحة الكيس ورفعه نحو كتفه. ومضى بها متوجهاً إلى منزله.
أنزل الكيس على الأرض وحلّ وثاق عروسة البحر. وقتذاك التقطت أنفاسها ثم زحفت نحو حذائه الممسوح بالطين وقالت باسترحام وهي تنظر إلى عينيه: أرجوك يا سيدي أطلق سراحي، أعدني إلى براري الماء، فربما يصيبك لقاء معروفك هذا خيرٌ وسعة"
أدركت الرجل الشفقة عليها وحملها إلى البحر وقال: "هيا عودي إلى أهلك وموطنك.. لكن خذي هذه النصيحة: إياك والاقتراب من الشاطئ، فليس كل مرة ستصادفين رجلاً شفيقاً."
تأثرت المخلوقة النصف بشرية بشهامة الرجل. وقررت أن تكافئه على مروءته ونخوته فقالت: "يا سيدي الفاضل اطلب مني ما تشاء، وحتى لو رغبت بفيل البحر فسوف آتي لك به أمام عتبة منزلك"
تمهل الرجل قليلاً وأخذ يتفكر ثم قال: هل يوجد في المكان الذي تعيشين فيه شقائق نعمان
-نعم! الكثير من شقائق البحر من جميع الألوان البرّاقة، البارحة لسعتني إحداها. لكننا نحن عرائس وعرسان البحر لا نتأثر بسُمِها
-أريد إذن الحصول على واحدة منها، لكي أستخرج السم من معدتها فأصنع منها الدواء
-هل تتعاطى الطبابة يا سيدي؟
-عجباً! ألم تريّ أرفف الأدوية بزجاجاتٍ وأوانيٍ من مختلف الأحجام
"لا! لم أنتبه لها"، تابعت وهي تضحك مسرورة "وكذلك لم أنتبه أنني قد شفيت من الفواق"
ضحك الرجل حتى ظهرت أسنانه وقال بنبرة ود: "للخوف مفعول إيجابي أحياناً.. انتظريني قليلاً لن أتأخر"
بعد برهة جاء الرجل حاملاً سلة مملوءة بعناقيد العنب الأسود والأخضر: "خذي السلة من يدي. إنها من منزلي، استمتعي بأكلها وأنتِ جالسة على صخرة وسط البحر الساكن، لكي تتأملين الليل الجميل والأمواج الهادئة"
-ألف شكر يا سيدي الفاضل.. موعدنا غداً ولن أخلفه
مساء الغد قد أوفت عروسة البحر بوعدها وجلبت شقيقة نُعمان وكانت لا تزال حية. فوضعها الرجل بحذر في آنية وشكرها كثيراً. صنع من ذلك الحيوان البحري عقاراً شافياً للعديد من الأمراض والآلام. ولقد أصاب من صناعته للعقار ربحاً جزيلاً وشهرة محمودة بين الناس. ظلّت الفتاة تمده بشقائق النعمان في كل حين؛ بدافع الاعتراف بالجميل والحب. كانت تعرف في أعماقها أنه من المحال لمثلها الزواج بمثله. وانقطعت عن رؤيته إلى الأبد عندما رأته يطئ عتبة منزله بصحبة زوجته.
التعديل الأخير: