أمسك الحطاب فأسه ووجه به ضربة قوية إلى شجرة البلوط وكان يقوم في أسفل هذه الشجرة منزل الآنسة فأرة، على شكل جحر. خرجت الفأرة المنكودة وهي تطلق صيحة مولولة: "دمروا منزلي أنا الفأرة المسكينة. بعد قليل تغرب الشمس وتستيقظ المفترسات.. حكماً لن يرحموني."
ظلت الفأرة مكانها وكانت بادية الاضطراب وقالت لنفسها: "من العسير بمكان أن أحصل على منزل جديد بهذه السرعة. ماذا أفعل يا ترى؟، استخدمي ذكائك يا عزيزتي فأنتِ أذكى فأرة في جنس الفئران عموماً. في ميسورك إيجاد حل سريع". عندما غارت الشمس كان الحطاب قد انتهى من عمله، ومضى عائداً إلى منزله. قالت الفأرة لنفسها في لهجة محتدة: "مثلما دمر منزلي هذا الحطاب المعتدي فإنه في وسعي أن أسكن منزله، سألحق به"
لحقت الفأرة بالحطاب في حذر وكانت بين الفينة والأخرى تندس تحت أوراق الأشجار الخريفية اليابسة؛ تحسباً لأي تهديد من أي حيوان أكبر منها. وبدت هذه الفكرة طيّعة وناجحة، إذ بالفعل وصلت في أمان إلى منزل الحطاب.
دخلت الفأرة المطبخ، وكان المكان دافئاً ورطباً. قالت بصوت سعيد: "ثمة هنا الكثير من القدور والدِلال والأباريق التي تصلح أن تكون مَوْئِلاً.
-هيه! أنتِ، ماذا تفعلين هنا؟،- قال ساكن المطبخ وهو جرذ رمادي قد أخرج لتوه رأسه المخروطي من خرطوم الإبريق.
- حسب معلوماتي المتواضعة حول نبرة الصوت وتحديد كُنْه المتكلم، فإن في لهجة السلطة التي على لسانك يا سيدي تفيد بشكل معلوم أنك مالك المطبخ- ألست كذلك يا سيد جرذ؟
- نعم، قال الجرذ في كبرياء، ولكن ما الذي ألقى بكِ إلى مطبخي؟
-إن طاب لك أن تعرف، يا سيد جرذ، لقد قطع الحطاب الشجرة التي أنام فيها. فلحقت به لكي أسكن في منزله، وهذا كل ما في الأمر.
-هكذا إذن المسألة، قال الجرذ وهو يلعب بشاربه
ساعتئذ، تنحنحت الفأرة استعداداً للطلب الذي ستتقدم به إلى الجرذ، وقالت بحياء: "إذا كنت طيباً معي يا سيد جرذ وسمحت لي بالسكنى معك في المطبخ فماذا تقول؟"
- ماذا؟ هل أنتِ مجنونة؟!- أقول إنني لن أسمح لكِ طبعاً.
-سوف أجلب لك ديدان الأرض وأنت ترقد هنا في أرضية المطبخ
-هه، يا حمقاء! ألم يخبرك أحدهم قبلي أنك بالفعل فأرة حمقاء وغبية أيضاً.. ما حاجتي إلى الديدان التي سوف تجلبينها لي وأنا أسكن في مكان يوضع فيه- حيث فوق المائدة: اللحم والفطائر والمربيات التي لا تنفذ.. إنظري إلى بطني، كم هو منتفخ من كثرة الأكل!.
-حسناً إذن، لا حظ لي عندك. وحسبي أن أعرف ذلك. أنا مغادرة مطبخك يا سيدي.
خرجت الفأرة مكسورة الخاطر وقالت وهي تنظر إلى الأرض في إعياء شديد: "لا حل أمامي سوى انتظار مجيء الهر وعندئذ ينتهي كل شيء". غير أنه لم يكن في هذه المنخفضات العارية أي هر. سمعت الفأرة صوت الحديد يطبق على شيء ثقيل يأتي من المطبخ.. وراحت تستطلع الخبر، فوجدت الجرذ وقد وقع في فخ المصيدة المخبأة بين القدور.
-هانتذا هنا مجدداً أيتها الفأرة الطيبة، ساعديني.
-الآن تسألني المساعدة يا سيد جرذ؟ وأنا التي كنت منذ قليل جد حائرة وخائفة ومستنجدة بك.
-أعلم أنه كان علي أن أحس بمصيبتك من باب الإشفاق والرحمة.. سوف أسمح لكِ بأن تبقي معي في المطبخ، وذلك بعد أن تخلصيني من أسري.
-ولكن كيف؟ ليس لدي خبرة بالمصائد الحديدية فأنا فأرة برية كما تعلم
-إذن قد قضي علي، قال الجرذ وهو يضرب نفسه في يأس.
-اهدأ! ولا تقنط، سأبحث لك عن حل.
-ماذا ستفعلين؟
-سوف أعض باب المصيدة لعلي أفلح بفتحه
-أرجوكِ، حاولي.
عضت الفأرة باب المصيدة ولكنه ظل مؤصداً بإحكام كعضة كلب. بعد قليل جاء الحطاب وعلى وجهه طابع الانتصار وقال: "ها قد تخلصت من الجرذ الحقير الذي كان يأكل من طعامي ويوسخه.. سوف أجعل منك طعاماً للبومة العابرة في سماء الليل والتي رأيتها تحط على الغصن منذ قليل." ظلت الفأرة تعيش في المطبخ وكانت من الذكاء بحيث لن تكرر غلطة الجرذ فتأكل وتسبب نقصاً في الطعام. من مصلحتها أن يظن الحطاب أن مطبخه لا يعيش فيه أي فأر. ظلت الفأرة تنام في إبريق قديم مهمل في الخزانة. وحين تجوع تخرج من الفتحة تحت عقب الباب الخلفي المفضي إلى الخارج وتأكل من علف الأرانب والحبوب والفواكه ثم تعود إلى مسكنها من جديد.
ظلت الفأرة مكانها وكانت بادية الاضطراب وقالت لنفسها: "من العسير بمكان أن أحصل على منزل جديد بهذه السرعة. ماذا أفعل يا ترى؟، استخدمي ذكائك يا عزيزتي فأنتِ أذكى فأرة في جنس الفئران عموماً. في ميسورك إيجاد حل سريع". عندما غارت الشمس كان الحطاب قد انتهى من عمله، ومضى عائداً إلى منزله. قالت الفأرة لنفسها في لهجة محتدة: "مثلما دمر منزلي هذا الحطاب المعتدي فإنه في وسعي أن أسكن منزله، سألحق به"
لحقت الفأرة بالحطاب في حذر وكانت بين الفينة والأخرى تندس تحت أوراق الأشجار الخريفية اليابسة؛ تحسباً لأي تهديد من أي حيوان أكبر منها. وبدت هذه الفكرة طيّعة وناجحة، إذ بالفعل وصلت في أمان إلى منزل الحطاب.
دخلت الفأرة المطبخ، وكان المكان دافئاً ورطباً. قالت بصوت سعيد: "ثمة هنا الكثير من القدور والدِلال والأباريق التي تصلح أن تكون مَوْئِلاً.
-هيه! أنتِ، ماذا تفعلين هنا؟،- قال ساكن المطبخ وهو جرذ رمادي قد أخرج لتوه رأسه المخروطي من خرطوم الإبريق.
- حسب معلوماتي المتواضعة حول نبرة الصوت وتحديد كُنْه المتكلم، فإن في لهجة السلطة التي على لسانك يا سيدي تفيد بشكل معلوم أنك مالك المطبخ- ألست كذلك يا سيد جرذ؟
- نعم، قال الجرذ في كبرياء، ولكن ما الذي ألقى بكِ إلى مطبخي؟
-إن طاب لك أن تعرف، يا سيد جرذ، لقد قطع الحطاب الشجرة التي أنام فيها. فلحقت به لكي أسكن في منزله، وهذا كل ما في الأمر.
-هكذا إذن المسألة، قال الجرذ وهو يلعب بشاربه
ساعتئذ، تنحنحت الفأرة استعداداً للطلب الذي ستتقدم به إلى الجرذ، وقالت بحياء: "إذا كنت طيباً معي يا سيد جرذ وسمحت لي بالسكنى معك في المطبخ فماذا تقول؟"
- ماذا؟ هل أنتِ مجنونة؟!- أقول إنني لن أسمح لكِ طبعاً.
-سوف أجلب لك ديدان الأرض وأنت ترقد هنا في أرضية المطبخ
-هه، يا حمقاء! ألم يخبرك أحدهم قبلي أنك بالفعل فأرة حمقاء وغبية أيضاً.. ما حاجتي إلى الديدان التي سوف تجلبينها لي وأنا أسكن في مكان يوضع فيه- حيث فوق المائدة: اللحم والفطائر والمربيات التي لا تنفذ.. إنظري إلى بطني، كم هو منتفخ من كثرة الأكل!.
-حسناً إذن، لا حظ لي عندك. وحسبي أن أعرف ذلك. أنا مغادرة مطبخك يا سيدي.
خرجت الفأرة مكسورة الخاطر وقالت وهي تنظر إلى الأرض في إعياء شديد: "لا حل أمامي سوى انتظار مجيء الهر وعندئذ ينتهي كل شيء". غير أنه لم يكن في هذه المنخفضات العارية أي هر. سمعت الفأرة صوت الحديد يطبق على شيء ثقيل يأتي من المطبخ.. وراحت تستطلع الخبر، فوجدت الجرذ وقد وقع في فخ المصيدة المخبأة بين القدور.
-هانتذا هنا مجدداً أيتها الفأرة الطيبة، ساعديني.
-الآن تسألني المساعدة يا سيد جرذ؟ وأنا التي كنت منذ قليل جد حائرة وخائفة ومستنجدة بك.
-أعلم أنه كان علي أن أحس بمصيبتك من باب الإشفاق والرحمة.. سوف أسمح لكِ بأن تبقي معي في المطبخ، وذلك بعد أن تخلصيني من أسري.
-ولكن كيف؟ ليس لدي خبرة بالمصائد الحديدية فأنا فأرة برية كما تعلم
-إذن قد قضي علي، قال الجرذ وهو يضرب نفسه في يأس.
-اهدأ! ولا تقنط، سأبحث لك عن حل.
-ماذا ستفعلين؟
-سوف أعض باب المصيدة لعلي أفلح بفتحه
-أرجوكِ، حاولي.
عضت الفأرة باب المصيدة ولكنه ظل مؤصداً بإحكام كعضة كلب. بعد قليل جاء الحطاب وعلى وجهه طابع الانتصار وقال: "ها قد تخلصت من الجرذ الحقير الذي كان يأكل من طعامي ويوسخه.. سوف أجعل منك طعاماً للبومة العابرة في سماء الليل والتي رأيتها تحط على الغصن منذ قليل." ظلت الفأرة تعيش في المطبخ وكانت من الذكاء بحيث لن تكرر غلطة الجرذ فتأكل وتسبب نقصاً في الطعام. من مصلحتها أن يظن الحطاب أن مطبخه لا يعيش فيه أي فأر. ظلت الفأرة تنام في إبريق قديم مهمل في الخزانة. وحين تجوع تخرج من الفتحة تحت عقب الباب الخلفي المفضي إلى الخارج وتأكل من علف الأرانب والحبوب والفواكه ثم تعود إلى مسكنها من جديد.
التعديل الأخير: