جلست روفان أمام التلفاز ؛ لكي تشاهد نشرة أخبار الثالثة عصراً. بينما كانت تسمع التتر الموسيقى لبداية النشرة قالت: "قلبي منقبض! أخشى أنني سأسمع خبر مُغِم بعد قليل."
"هذا ويقول علماء الفضاء أن كوكب المريخ في طريقه ليحل مكان القمر. وأن القمر ذاته يتجه إلى مكان ناءٍ في الكون."
استخف الفزع روفان وصاحت في ذعر: "هل سوف نموت؟"
مذيع النشرة يسأل ضيفه: "أريد منك إيضاحاً يا سيدي الكريم، ما الذي علينا فعله في هذه الظروف؟."
-يجب على الناس الذين يعيشون قرب البحر بالتقهقر إلى الخلف، لأنه سيشهد ارتفاعاً في منسوب مياهه وتضرب موجاته الضخمة السواحل"
هتفت روفان وكأن مساً من الجنون أصابها: "أنا خائفة جداً، لأن منزلي يقوم على الشاطئ، ماذا أفعل؟"
أكمل المذيع حواره مع ضيفه: "أريد منك فقط رسالة قصيرة تلتمس بها طمأنة الناس الخائفين من الواقع الجديد
قال الرجل وعلى وجهه طابع الجد: "متى تقترب الشمس تحترق الأرض. هذا هو المبدأ الذي أطمئن بمقتضاه هؤلاء الناس. ثم إني لا أجد أي مسوغ لمخاوفهم بشأن اقتراب كوكب المريخ من كوكبنا."
أطفأت الفتاة التلفاز، وجلست تفكر بالخبر، وكانت تتحرق على جمر الغضا. قالت لنفسها في آخر الأمر: "علي فعل ما أراه صواباً. سأراقب السماء هذا المساء"
دبر النهار وحل الظلام، خرجت روفان إلى الشارع وأبصرت بجرم سماوي برتقالي اللون في كبد السماء وكان مكتنزاً مثل ثمرة كرز، وكان يبدو ساطعاً في هذه الليلة المُدْلَهِمَّة. كانت ردة فعلها مصحوبة برعشة مباغتة عندما هتفت: " لم أشاهد في حياتي قط، في أي وقت، كوكباً يضاهي بسطوعه هذا الكوكب .. إنه المريخ! لا ريب من ذلك"
عند شفق الصباح كانت روفان لا تزال مأخوذة بمراقبة السماء وأكثر تخوفاً من السابق. في ذلك الوقت، تبدى البحر مضطرباً وغاضباً أكثر من أي وقت مضى. وهبت الريح الصقيعية من جهة المغرب، وأحنت الأشجار هاماتها، وتملك الناس الهلع. أما روفان فقد سارعت إلى سيارتها وهي منقطعة الأنفاس وقالت عند أسرع فكرة حضرتها: "سألوذ بمنزل عمتي في الريْف، إنه جد بعيد عن البحر، ساعتئذ سيكون الخطر مندرئ."
مكثت روفان عند عمتها الطيبة. وفي أول ليلة قضتها في الرِيْف، تجولت، صحبة أهل القرية، ورأوا كوكب المريخ الذي لم يكن في يوم أكبر وأحلى منه الآن. ركض الأطفال بألق وفرح، على الدرب الزراعي، في اتجاه الكوكب الأحمر وكانوا يضحكون ويمرحون وفي نيتهم الوصول إليه والتنزه في وديانه.
صبيحة اليوم التالي شاهدت روفان في التلفاز بأن المنطقة الساحلية التي كانت تعيش فيها قد زحف إليها البحر وأن الناس هناك كان مصيرهم الغرق.
دهشت الفتاة وقالت: "إنه لخبر مفجع، أهكذا سريعاً يأتي الموت؟!"
حزنت الفتاة على الناس الذين قضوا نحبهم. وبقدر ما وسعها الاستنتاج قررت البقاء مع عمتها إلى أن تستقر في مدينة بعيدة عن البحر والمحيط.
"هذا ويقول علماء الفضاء أن كوكب المريخ في طريقه ليحل مكان القمر. وأن القمر ذاته يتجه إلى مكان ناءٍ في الكون."
استخف الفزع روفان وصاحت في ذعر: "هل سوف نموت؟"
مذيع النشرة يسأل ضيفه: "أريد منك إيضاحاً يا سيدي الكريم، ما الذي علينا فعله في هذه الظروف؟."
-يجب على الناس الذين يعيشون قرب البحر بالتقهقر إلى الخلف، لأنه سيشهد ارتفاعاً في منسوب مياهه وتضرب موجاته الضخمة السواحل"
هتفت روفان وكأن مساً من الجنون أصابها: "أنا خائفة جداً، لأن منزلي يقوم على الشاطئ، ماذا أفعل؟"
أكمل المذيع حواره مع ضيفه: "أريد منك فقط رسالة قصيرة تلتمس بها طمأنة الناس الخائفين من الواقع الجديد
قال الرجل وعلى وجهه طابع الجد: "متى تقترب الشمس تحترق الأرض. هذا هو المبدأ الذي أطمئن بمقتضاه هؤلاء الناس. ثم إني لا أجد أي مسوغ لمخاوفهم بشأن اقتراب كوكب المريخ من كوكبنا."
أطفأت الفتاة التلفاز، وجلست تفكر بالخبر، وكانت تتحرق على جمر الغضا. قالت لنفسها في آخر الأمر: "علي فعل ما أراه صواباً. سأراقب السماء هذا المساء"
دبر النهار وحل الظلام، خرجت روفان إلى الشارع وأبصرت بجرم سماوي برتقالي اللون في كبد السماء وكان مكتنزاً مثل ثمرة كرز، وكان يبدو ساطعاً في هذه الليلة المُدْلَهِمَّة. كانت ردة فعلها مصحوبة برعشة مباغتة عندما هتفت: " لم أشاهد في حياتي قط، في أي وقت، كوكباً يضاهي بسطوعه هذا الكوكب .. إنه المريخ! لا ريب من ذلك"
عند شفق الصباح كانت روفان لا تزال مأخوذة بمراقبة السماء وأكثر تخوفاً من السابق. في ذلك الوقت، تبدى البحر مضطرباً وغاضباً أكثر من أي وقت مضى. وهبت الريح الصقيعية من جهة المغرب، وأحنت الأشجار هاماتها، وتملك الناس الهلع. أما روفان فقد سارعت إلى سيارتها وهي منقطعة الأنفاس وقالت عند أسرع فكرة حضرتها: "سألوذ بمنزل عمتي في الريْف، إنه جد بعيد عن البحر، ساعتئذ سيكون الخطر مندرئ."
مكثت روفان عند عمتها الطيبة. وفي أول ليلة قضتها في الرِيْف، تجولت، صحبة أهل القرية، ورأوا كوكب المريخ الذي لم يكن في يوم أكبر وأحلى منه الآن. ركض الأطفال بألق وفرح، على الدرب الزراعي، في اتجاه الكوكب الأحمر وكانوا يضحكون ويمرحون وفي نيتهم الوصول إليه والتنزه في وديانه.
صبيحة اليوم التالي شاهدت روفان في التلفاز بأن المنطقة الساحلية التي كانت تعيش فيها قد زحف إليها البحر وأن الناس هناك كان مصيرهم الغرق.
دهشت الفتاة وقالت: "إنه لخبر مفجع، أهكذا سريعاً يأتي الموت؟!"
حزنت الفتاة على الناس الذين قضوا نحبهم. وبقدر ما وسعها الاستنتاج قررت البقاء مع عمتها إلى أن تستقر في مدينة بعيدة عن البحر والمحيط.
التعديل الأخير: