أضواء الليل (1 زائر)

Kamiyuko · 1 مارس 2023

"ما هو عابر و جميل
اليوم الذي سنعيشه بقوة
سوف يسحب نفسه بهدوء من ذاكرتك"

الشتاء .. الثلوج الخفيفة الاولى في العام تتساقط , منتصف الليل يعلن عن نفسه .. هو الذي اتعطش لزيارته و تبادل الحديث معه , البكاء و الشعور بالجنون كلما افرطت في التفكير , ألقي نفسي فوق سريري , انا فقط متعبة , أنظر الى السقف في شرود ," هو .. لا مثيل له في العالم ..في النهاية لا شيء يهم".. واغمض عيني . ضوء القمر يدخل غرفتي من النافذة , شيء ما هناك في الظلام , سرت بخطوات متثاقلة نحو النافذة لافتحها , في ذلك الوقت من الليل , كنا نتحدث معا عن شيء ما , لكني لم اكن استطيع ان اسمع ما دار بيننا, بينما مصباح الشارع الاصفر يضيء مكان صغير , هذا !.. النيران الحمراء و الدمار يلف المدينة .. لكن هناك شيء ما مختلف , الاذى لم يكن ليقترب منا , هو لا يرانا , نحن لا يرانا العالم ... انا اتسائل فقط , لماذا كنت تجلس على حافة النافذة ؟ ...
...
"على امل ان يستيقظ العالم من الوهم يوما ما .. و يذوب في الضوء"
...
انا لا اذكر اني اخبرتك باسمي , لكن .. بطريقة ما .. ربما تعرفه , انا فقط .. في النهاية , سالتك عن اسمك , و قد اخبرتني , لكني للاسف , لا استطيع الان ان اتذكره . كنت بين النوم و اليقضة ,سمعت بالقرب من اذني لحنا جميل .. لقد كان واضحا ,وعندما استيقظت تماما , ذهب .. فقدته في الظلام .. انه .. انت الذي يعزف ؟ هذا الصوت لم يسمعه احد غيري ..
...
" ما جدوى الأسماء ان كنتُ أعرف انك أنت , و أنت تعرف أني أنا"
...
هل تذكر اليوم الذي انقدتني فيه ؟ انت من اخفاني في عبائتك السوداء .. و مرة اخرى , الشر لا يرانا . اتحسس انفاسك الدافئة على وجهي , لم استطع ان ارى عينيك , لكن بعد ان ذهبت الشيطانة , تركتني وذهبت , تلاشيت بهدوء مثل الدخان في الظلام , دون ان تقول اي شيء.
لقد تلاشى هذا الحلم الجميل ايضا , بعد ان عادت الشمس من الموت . كل ما في الامر الان , انه صار من الصعب عليه ان يعود مرة اخرى.
هذه المدينة , ارى انها اجمل المدن .. هي قرب البحر و محاطة بجبال خضراء كبيرة , تصبح ضبابية في الشتاء , كل المنازل هنا من خشب القيقب , يمكنني ان اقول ان فصل الشتاء يكون جميلا في مشهد هذا القصر ,احب رؤية ضوء الشمعة يرتجف في الظلام , و الدفء الذي اشعر به فقط بمجرد ان اغمض عيني , والمعبد مزين بازهار الوستيرية البنفسجية , هل تحبها ؟ و الف شجرة خضراء كبيرة ,تجعل العالم مصبوغا باللون الاحمر في الخريف . يمكنني سماع حفيف الاوراق القريب في الهواء , لكن هناك شيء اخر ..انه.. صوت قيثارة , و يبدو حزينا ..
...
"هل هناك اي شخص اخر حزين ؟"
...
تناثر الازهار في الهواء , يعلن ان الربيع بدا يطل , و انه في لحظة ما , سيلف كل شيء . و فقط عندما ينام الربيع , بالتاكيد اوراق الاشجار تموت , عالم الموتى الذي تدعو اليه بسلام العالم , هو .. غير جاهز ..و رغم شحوب هذه الورقة , يمكنك ان تتركه فقط .. بما اني انا وانت لدينا ميزة حالية .. اننا نعيش .
لكن حتى شمعة أيامي .. تحترق من طرفيها ..
...
"يمكنك أن تتركه .. فقط ."
...
هل مازلت تذكر عندما كنت جالسا في غرفة المعيشة ليلا ؟ كنت تحمل شيء اشبه بكتاب قديم, اوراقه هشة , ,انت قلت بان هذه لعبة , تبدو غامضة , وقد طلبت منك بحماس ان تعلمني كيف العبها , لكنك .. بطريقة ما .. رفضت , و اغلقت الكتاب قبل ان اتمكن من ان اعرف جزء صغيرا منه , و .. ذهبت من على الاريكة .. صامتا .
ان اخر مرة التقيت فيها بك كانت في نهاية الدرج المظلمة و انقدتني من الشيطانة .
...
"انك الشخص الوحيد , لكنك تتصرف بغموض , فقط .. ان كان الامر كذلك , ارجوك , لا تتردد .."
...
أجلس الان كما افعل دوما قرب نافذتي في الليل ,غارقة في افكاري , و الجو بارد يملؤه الحزن , على امل ان استطيع ان اسمع اللحن الاتي من نهاية الافق , مرة اخرى.
ان فصل الشتاء هو الذي افتقد فيه ضوء الشمس , اليوم رطب و الضباب يملأ كل مكان , كانه يريد قول شيء ما لكنه .. عاجز عن التعبير عنه , وانا .. عاجزة عن الفهم . لدى فان الليالي الباردة هي مفهوم هذه الايام التي تبدو بلا نهاية , تبدو ابدية و جميلة , لكنها سرعان ما تسقط من الحافة في اتجاه هاوية النهاية , مع انتهاء الحلم .
ان التعلق بالليل اكثر من اي وقت اخر هو قرار حقيقي لمن يبتغي حياة مثالية خارجة عن المألوف العام ,و انت ..تأتي فقط اثناء الليل , و تذهب كانك ستختفي الى الابد , عندما يقترب آخر الليل , انت .. الشبح الجميل .. تنتمي الى الليل, ولقد اردت هذا ايضا , مثلك تماما.
رغم اني في قلب الشتاء ,في ما مضى , الا انني لم انسى كلمات , الدفئ , ضوء الشمس و الازهار .. و عندما يغدو لون الثلوج هو لون الموت ..صقيع .. اغنية رثاء .. فقط . و رغم ان قلبي هش مثل رقاقات الثلج , الا ان الثلوج لا تعصف على مكان ذكرياتي معك . العاصفة حقا في الخارج , الشيطان وحده يمشي في عواصف مثل هذه , هذا! .. انه .. خيال العباءة السوداء نفسها ! لكن هناك شيء ما .. انه .. ربما كان .. يبكي الشيطان!
...
" الأشباح .. تحب الهواء النقي! "
...
هذه الليلة ليست مظلمة و ليست صامتة , ان الليل لا يخلو من ضوء القمر و اليراعات المضيئة .. هو لايخلو من صوت حفيف اوراق الاشجار , لا يخلو من الاغاني الرثاء للعواصف , و انا .. لست ملولة و لست كئيبة , فأنا دوما افكر.. احاول ان اعرف الذكريات الخافتة , قبل ان تتلاشى.. هي كذلك..
و عندما يستيقظ الربيع , هذه ليست اول مرة يفتح فيها عينيه , صحيح ؟
تصبح سماء الليل مليئة بالسديم , انه فقط .. الكثير من السحب الملونة و المشرقة, والكثير من النجوم التي هي اقرب الى الجواهر البراقة المرصعة في كل مكان في سماء الليل, انها تنعكس على البحر ـ مكان الذكريات ـ الجاف.
...
" أنا الآن لست تائهة .."
...
" الحقيقة المخفية خلف مجال رؤية العامة.. ما هو عابر و جميل .. غير مرئي.."
...
أتذكر تلك الغرفة المضاءة باللون الاحمر ؟ انها العليا و بلا سقف , المكان هكذا , بفضلك فقط , الفوانيس الحمراء تتألق و تتمايل بشكل جميل , كل المكان مبني بخشب القيقب , الشموع تتراقص, زينة من الذهب و اليشم, مسبح مياه زجاجية , والعطر الذي يبدو انه يستمر الى الابد , الشيء الوحيد المسكر في هذه الليلة الجميلة و الفاخرة , هي الازهار النارية التي تتفتح و تستمر في الضياء .. حتى تذبل ..و تتساقط .. و تصبح الارض مفروشة بالاوراق المضيئة, بعد ان كانت السماء مليئة بسحب صفراء جهنمية .. واغنية رثاء .. فقط.
...
" أغنية رثاء .. فقط !"
...
الجلوس مرة اخرى امام النافذة, بكل شغف .. في مواجهة الرياح الباردة , عندما تثقل جفون السماء , و تتثاءبُ نسيمَ المساء البارد.. معلنة ان الليل بدأ يطل , و انه في لحظة ما .. سيغرق كل شيء.
...
"الليل لا يذهب .. دون حلم"
...
الجلوس و الانتظار بشكل تأملي, وأنا أسند رأسي على يدي , في مواجهة النوم , في مواجهة البحر الذي بدأ يهيج .. البحرالذي يعرف كل شيء .. على امل ان أتمكن من الامساك ببعض الذكريات الباهتة , التي مازال عطرها الخافت عائما في الهواء..انا بحاجة الى ان اعرف اكثر , رغم ان الامور الواضحة تفقد إثارتها, بعد ان كانت غامضة ..اثارة .. مثل السم الذي تحاول تخفيف حدته في عروقك بترياق ..ربما تشمئز منه .. لكنك .. مع ذلك .. انت لا تفكر في انه قد تكون هناك نهاية , انت .. تحاول جاهدا ان لا تفقد وعيك هنا .. ليس في هذا المكان .. لا يوجد .. الموت .. هنا .. انت لا تفكر في عالم الموتى غير الجاهز.. انت ..تجاوزت ذلك ..
لم تترك لي فرصة لاعرف الى اين تذهب .. الى اين تختفي .. ربما جئت من مكان بعيد و مجهول .. هذا يبدو واضحا لي .. انا .. لم اتمكن .. في ذلك الوقت .. من ان ارى عينيك .. انت قتلت و فتكت بكل الشر الذي كان يتربص بي ..بطريقة بشعة .. انت .. الامر بدأ يتضح لي .. شيء فشيء .. انت الذي جعل الاذى بعيدا .. لا يرانا .. هذا لانك .. انت المقدس .. و ترحل بشكل غامض .. كانك لن تعود الى الابد .. انت .. الوباء نفسه !
...
"على امل ان اتمكن من ان اخوض هذه المغامرة مرة اخرى .. او استكمل هذا الحلم .."

"البحر يعرف كل شيء .. لكن الذكريات تتلاشى من يدي دوما , لانه لا يذكر متى حدثت .. لا يذكر عدد السنوات.."
...
" الرياح ايضا .. لا تذكر عدد السنوات التي مرت بها "
...
واقفا .. هناك .. لقد .. كنتَ هناك طوال الوقت ..
منذ متى ؟
اعتقد انك كنت متعلقا بذلك المكان .. من قبل .. عدة سنوات ..

"هذا صحيح"

و اعتقد اني .. صرت اعرف .. " استكمال هذا الحلم " .. تحت أضواء الليل ...
...

"ما هو .. المقدس حقا؟.. القمر الواضح , منسي في السماء ..ما اؤمن به هو ما اراه .. ضوء القمر قديم, دفن حنانه , حزنه .."وداعا", و ابتعد..تحت ضوء القمر ..هو رقيق وشاحب .. شخص جميل يخطو .. سيعود ويتحدث معي عن المشهد الذي رآه و هو يعبر البحر "

الصمت يقول الكثير , الضوء الخفيف يعلن ان اليوم بدأ يستيقظ و يتثائب نسيم الصباح النقي .. نهاية الحلم وصلت , وانت .."وداعا" .. قلتها , بدون كلمات .. مرة اخرى ..

" .. "وداعا" .. قلتَها, بدون كلمات .. "

الخيال حقيقة في قلوبنا عندما نحبه, و الحقيقة نفسها تصبح خيالا ان لم نتمكن من تصديقها , _ اضواء الليل _ هذه رواية مكتوبة باسلوب شعري نثري , مبنية على احداث احلام حلمت بها سابقا .

(الحقوق محفوظة)

ل : يوكا فوجيوارا