شكرا لطلتك البهية في هذا القسم- تم الختم بواسطة زهراء ♡
1- مكانة المرأة في الإسلام 2- زوجات النبيّ عليه الصلاة والسلام 3- بنات النبيّ عليه الصلاة والسلام 4- النساء المبشرات بالجنة 5- جزاء النساء في الجنة 6- نساء ذُكرن في القرآن 7- المجاهدات في الإسلام 8- فضل الجهاد والمجاهدين 9- شهيدات في روضات الجنان 10- أحاديث و وصايا نبويّة 11- مكانة الصحابيّات 12- صفات الصالحات 13- مقاطع 14- كتب الحديث والسيرة 15- تصاميم 16- الخاتمة
من أهم ما جاء به القرآن الكريم إنصاف المرأة وتحريرها من ظلم الجاهلية وظلامها،
ومن تحكم الرجل في مصيرها بغير حق، فكرم القرآن المرأة وأعطاها حقوقها بوصفها إنساناً،
وكرمها بوصفها أنثى، وكرمها بوصفها بنتاً، وكرمها بوصفها زوجة وكرمها أماً، وكرمها بوصفها عضواً
في المجتمع، لقد جاء الإسلام وبعض الناس ينكرون إنسانيتها.
فكان من فضل الإسلام أنه كرم المرأة، وأكد إنسانيتها، وأهليتها للتكليف، والمسؤولية والجزاء
ودخول الجنة واعتبرها إنساناً كريماً، له كل ما للرجل من حقوق إنسانية؛ لأنهما فرعان من
شجرة واحدة، وأخوان ولدهما أب واحد وهو آدم، وأم واحدة هي حواء، فهما متساويان في
أصل النشأة، متساويان في الخصائص الإنسانية العامة، متساويان في التكليف والمسؤولية،
متساويان في الجزاء والمصير، وفي ذلك يقول القرآن الكريم :
وإذا كان الناس رجالاً ونساء، خلقهم ربهم من نفس واحدة وجعل من هذه النفس زوجاً تكملها،
وتكتمل بها كما قال في آية أخرى :
{وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}[الأعراف: 2].
وبث في هذه الأسرة الواحدة رجالا كثيراً ونساء، كلهم عباد لرب واحد، وأولاد أب واحد وأم واحدة،
فالأخوّة تجمعهم، ولهذا أمرت الآية الناس بتقوى الله، ورعاية الرحم الواشجة بينهم :
{وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: 1].
والرجل -بهذا النص- أخ المرأة، والمرأة شقيقة الرجل،
و في هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما النساء شقائق الرجال".
* في مساواة المرأة للرجل في التكليف والتدين والعبادة
* في قصة آدم توجه التكليف الإلهي إليه وإلى زوجه سواء
قال تعالى
{يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا
هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ} [البقرة: 35].
والجديد في هذه القصة كما ذكرها القرآن -أنها نسبت الإغواء إلى الشيطان لا إلى حواء-
كما فعلت التوراة المحرفة
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36].
ولم تنفرد حواء بالأكل من الشجرة ولا كانت البادئة؛ بل كان الخطأ منهما معاً،
كما كان الندم والتوبة منهما أيضاً :
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 83].
بل في بعض الآيات نسب الخطأ إلى آدم بالذات وبالأصالة :
{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115].
كما نُسبت إليه التوبة وحده أيضاً
{ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122].
مما يفيد أنه الأصل في المعصية وامرأته تابع له، ومهما يكن الأمر فإن خطيئة حواء
لا يحمل تبعتها إلا هي، وبناتها براء من إثمها، ولا تزر وازرة وزر أخرى
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 134].
* في مساواة المرأة للرجل في الجزاء
يقول الله تعالى :
{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}
[آل عمران: 195].
فنص القرآن في صراحة على أن الأعمال لا تضيع عند الله، سواء كان العامل ذكراً أم أنثى،
فالجميع بعضهم من بعض، من طينة واحدة، وطبيعة واحدة،
قال تعالى :
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
* في الحقوق المالية للمرأة
أبطل الإسلام ما كان عليه كثير من الأمم -عرباً وعجماً- من حرمان النساء من التملك والميراث أو التضييق عليهن في التصرف فيما يملك، واستبداد الأزواج بأموال المتزوجات منهن، فأثبت لهن حق التملك بأنواعه المشروعة، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال، وأعطاهن حق البيع
والشراء والإجارة والهبة والإعارة والوقف والصدقة والكفالة والحوالة والرهن وغير ذلك من
العقود والأعمال ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها،
بالتقاضي وغيره من الأعمال المشروعة.
* المرأة باعتبارها أماً
لا يعرف التاريخ ديناً ولا نظاماً كرّم المرأة باعتبارها أماً، وأعلى من مكانتها، مثل الإسلام،
لقد أكد الوصية بها وجعلها تالية للوصية بتوحيد الله وعبادته، وجعل برّها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أوكد من حق الأب لما تحتمله من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، وهذا ما يقرره القرآن، ويكرره في أكثر من سورة ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم،
وذلك في مثل قوله تعالى :
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي
عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].
وقال تعالى :
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ
وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: 15].
ومن توجيهات القرآن الكريم أنه وضع أمام المؤمنين والمؤمنات أمثلة وقدوة حسنة
لـ أمهات صالحات كان لهنّ أثر ومكان في تاريخ الإيمان.
فأمّ موسى تستجيب إلى وحي الله وإلهامه، وتلقي ولدها في اليمّ مطمئنة إلى وعد ربها،
قال تعالى :
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ وَلَا تَخَافِي
وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].
وأم مريم التي نذرت ما في بطنها محرراً لله، خالصاً من كل شرك أو عبودية لغيره،
داعية الله أن يتقبل منها نذرها، قال تعالى :
{فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران: 35].
فلما كان المولود أنثى على غير ما كانت تتوقع لم يمنعها ذلك من الوفاء بنذرها،
سائلة الله أن يحفظها من كل سوء، قال تعالى :
{وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36].
ومريم ابنة عمران أم المسيح عيسى، جعلها القرآن آية في الطهر والقنوت لله والتصديق بكلماته
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ
رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم، آية : 12].
* المرأة باعتبارها بنتاً
كان العرب في الجاهلية يتشاءمون بميلاد البنات ويضيقون به، حتى قال أحد الآباء
- وقد بُشر بأن زوجه ولدت أنثى- "والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة".
يريد أنها لا تستطيع أن تنصر أباها وأهلها إلا بالصراخ والبكاء لا بالقتال والسلاح،
ولا أن تبرهم إلا بأن تأخذ من مال زوجها لأهلها.
وكانت التقاليد المتوارثة عندهم تبيح للأب أن يئد ابنته -يدفنها حية- خشية من فقر قد يقع،
أو من عار تجلبه حين تكبر على قومها، وفي ذلك يقول القرآن منكراً عليهم ومفزعاً لهم
{وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِ ذَنبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8-9].
ويصف حال الآباء عند ولادة البنات، قال تعالى :
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ
مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58-59].
وكانت بعض الشرائع القديمة تعطي الأب الحق في بيع ابنته إذا شاء وبعضها الآخر
-كشريعة حمورابي- تجيز له أن يسلمها إلى رجل آخر ليقتلها.
جاء الإسلام فاعتبر البنت كالابن -هبة من الله ونعمة- يهبها لمن يشاء من عباده،
قال تعالى {لِلهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}[الشورى: 49-50].
وبيَّن القرآن الكريم في قصصه أن بعض البنات قد تكون أعظم أثراً وأخلد ذكراً
من كثير من الأبناء الذكور، كما في قصة مريم ابنة عمران، التي اصطفاها الله وطهرها
واصطفاها على نساء العالمين، وقد كانت أمها عندما حملت بها تتمنى أن تكون ذكراً
يخدم الهيكل، ويكون من الصالحين.
وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة جزاء كل أب يحسن صحبة بناته،
ويصبر على تربيتهن وحسن تأديبهن ورعاية حق الله فيهن حتى يبلغن أو يموت عنهن،
وجعل منزلته بجوار رسول الله في دار النعيم المقيم، قال صلى الله عليه وسلم :
"من كان له ثلاث بنات، فصبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن، أدخله الجنة برحمته إياهن"،
فقال رجل واثنتان يا رسول الله؟ قال "واثنتان"، قال رجل يا رسول الله وواحدة، قال "وواحدة"،
لم تعد ولادة البنت عبثاً يخاف منه، وطالع نحس يتطير به؛ بل نعمة تشكر، ورحمة ترجى،
وتطلب لما وراءها من فضل الله تعالى، وجزيل مثوبته، وبهذا أبطل الإسلام عادة الوأد إلى الأبد،
وأصبح للبنت في قلب أبيها مكان عميق.
* المرأة باعتبارها زوجة
كانت بعض الديانات والمذاهب تعتبر المرأة رجساً من عمل الشيطان، يجب الفرار منه،
واللجوء إلى حياة التبتل والرهبنة، وبعضها الآخر كان يعتبر الزوجة مجرد طاهٍ لطعامه أو خادم لمنزله،
فجاء الإسلام يعلن بطلان الرهبانية، وينهى عن التبتل، ويحث على الزواج،
ويعتبر الزوجة آية من آيات الله في الكون، قال تعالى :
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وقرر الإسلام للزوجة حقوقاً على زوجها، ولم يجعلها مجرد حبر على ورق؛
بل جعل عليها أكثر من حافظ ورقيب من إيمان المسلم وتقواه أولاً، ومن ضمير المجتمع
ويقظته ثانياً، ومن حكم الشرع وإلزامه ثالثاً.
وأول هذه الحقوق "الصَداق" الذي أوجبه الله للمرأة على الرجل إشعاراً
منه برغبته فيها وإرادته لها، قال تعالى :
{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} [النساء: 4].
فأين هذا من المرأة التي نجدها في ديانات أخرى، فتدفع هي للرجل بعض مالها،
مع أن فطرة الله جعلت المرأة مطلوبة لا طالبة؟
وثاني هذه الحقوق هو "النفقة"، فالرجل مكلف بتوفير المأكل والملبس والمسكن
والعلاج لامرأته بالمعروف، والمعروف هو ما يتعارف عليه أهل الدين والفضل من الناس
بلا إسراف ولا تقتير، قال تعالى :
{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ
لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7 ].
وثالث الحقوق هو "المعاشرة بالمعروف" قال تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: 19].
تزوّج النبيّ بإحدى عشرة زوجة شرّفهنّ الله بقوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}
وهنّ أيضاً زوجاته -صلّى الله عليه وسلّم- في الجنّة ، وقد تُوفّي رسول الله وهو راضٍ عنهنّ.
ترتيبهنّ يكون على النحو الآتي:
1- خديجة بنت خويلد
هي أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القُرَشيّة، وأمّها فاطمة بنت زائدة،
وقد كانت -رضي الله عنها- امرأة غنيّة تستأجر الرجال؛ للعمل في تجارتها، وسمعت بصدق
رسول الله، وأمانته، فأحبّت أن تستأجره، فوافق النبيّ على ذلك، وبدأت تجارتها بالزيادة والربح
أضعاف ما كانت عليه، فأُعجِبت بشخص النبيّ، وعَرضت الزواج عليه عن طريق صديقتها نفيسة بنت منية، فقَبِل النبيّ بذلك، وكان أبوها خويلد هو من تولّى أمر زواجها.
وقد كانت -رضي الله عنها- مثالاً للزوجة الصالحة، ولها العديد من الفضائل؛ فهي أوّل من شهد
أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله على الإطلاق، وهي أمّ لأبناء رسول الله جميعهم ما عدا إبراهيم
الذي أنجبَته مارية القبطية، كما أنّها بُشِّرَت بالجنّة، ونالت شَرف السلام من الله، وجبريل -عليه السلام-.
2- سودة بنت زمعة
هي أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك، وأمّها الشموس
بنت قيس بن زيد من بني النجّار، كانت مُتزوِّجة من السكران بن عمرو، وقد تُوفِّي عنها بعد إسلامه، وتزوّجها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- بثلاث سنوات؛
حيث خطبتها له خولة بنت حكيم، فوافق على ذلك؛ إذ عاش وحيداً بعد فِراق زوجته خديجة طوال هذه الفترة.
وقد ورد الكثير من الفضائل في ما يتعلّق بأمّ المؤمنين سودة -رضي الله عنها-، من ذلك أنّها جعلت يومها
من رسول الله لعائشة -رضي الله عنها- عندما كبرت؛ حرصاً منها على البقاء في عِصمته -صلّى الله
عليه وسلّم-، وحبّاً به، وابتغاءً لمرضاته، روى مسلم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت:
(ما رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَكُونَ في مِسْلَاخِهَا مِن سَوْدَةَ بنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ، قالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَومَهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ جَعَلْتُ يَومِي
مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَومَيْنِ، يَومَهَا وَيَومَ سَوْدَةَ).
ويُشار إلى أنّ وفاتها -رضي الله عنها- كانت في آخر خِلافة عمر بن الخطّاب، وقِيل سنة 54 هـ،
في خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم- جميعاً.
3- عائشة بنت أبي بكر
وهي أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنهما-، وأمّها أم رومان بنت عامر بن
عويمر، تزوّجها النبيّ بعد وفاة أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-؛ إذ جاءت خولة بنت حكيم تعرض
على الرسول الزواج بعائشة -رضي الله عنها-، فقَبِلَ بها، وكان عمرها ستّ سنوات، وكانوا يعتقدون
في الجاهلية أنّ المؤاخاة تمنع المصاهرة، فأُشكِل الأمر على أبي بكر، إلّا أنّ النبي بيّن له أنّه أخوه
في الدين، وهي له حلال، وكان ذلك في شوّال من السنة الثالثة قبل الهجرة، وكان مَهرها
اثنتي عشرة أوقية ونصفاً، وتُوفِّي عنها وعمرها ثماني عشرة سنة.
وصفات السيدة عائشة -رضي الله عنها- ومناقبها كثيرة، وقد كانت من أفقه نساء الأمة،
حتى إذا أُشكِل أمر على الصحابة رجعوا إليها، وقد وردت فضائلها الكثيرة في القرآن، والسنّة،
ومن ذلك: قوله تعالى:{لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ}،
حيث شهد الله لها بالمنزلة العالية من الإيمان، والعِفّة.
رواية الإمام البخاريّ عن عمرو بن العاص أنّه قال:
"أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أيُ النَّاسِ أحَبُ إلَيْكَ؟
قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أبُوهَا"، حيث صرَح النبيّ -عليه السلام- بأنّها أحب الأزواج إليه،
أمّا وفاتها -رضي الله عنها- فقد كانت في السابع عشر من رمضان سنة ثمان وخمسين للهجرة عن
عُمْر سبعة وستّين عاماً، ودُفِنَت في البقيع.
4- حفصة بنت عمر بن الخطّاب
وهي أمّ المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطّاب، وأمّها زينب بنت مظعون بن حبيب، وُلِدت قبل البعثة
بخمس سنين، وكانت -رضي الله عنها- مُتزوِّجة من خُنَيس السهميّ -رضي الله عنه-، والذي استُشهِد
بعد غزوة أحد سنة ثلاث للهجرة؛ إثر إصابات ألمّت به، وقِيل بعد غزوة بدر، فحزن عمر -رضي الله عنه-
على ابنته الشابّة؛ لما تشعر به من الوحدة والترمُّل، فعرض -بعد انقضاء عدّتها بقليلٍ- على صديقَيه
أبي بكر، وعثمان -رضي الله عنهما- الزواج بها، فلم يلقَ الجواب الذي أمِلَ به منهما.
وكان قد عَلِم لاحقاً أنّهما قد سَمِعَا النبيّ يذكرها، فخطبها النبيّ، وكان صداقها بِساطاً،
ووسادتَين، وكساءً، ورداءَين أخضرَين . وقد تميّزت -رضي الله عنها- بعِلمها، وحِرصها على التعلُّم؛
فقد رَوت عن رسول الله، وعن أبيها ستّين حديثاً، وعُرِفت بفصاحتها، وبلاغتها، وتأثُّر كلامها وأسلوبها
بالقرآن، كما أنّها كانت من ذوات الرأي والمشورة؛ لرجاحة عقلها، أمّا وفاتها -رضي الله عنها-
فقد كانت عن عُمرٍ ناهز الستّين عاماً في شعبان سنة خمس وأربعين، وقِيل إحدى وأربعين للهجرة
في جمادى، وذُكِر أنّ قبرها في المدينة.
5- زينب بنت خزيمة
وهي أمّ المؤمنين زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف، استشهد زوجها
عبد الله بن جحش في غزوة أُحد، وبعد أن عَلم النبيّ بخبر ترمُّلها تزوّجها، وكان ذلك في العام الثالث
من الهجرة في شهر رمضان، ولم تستمرّ حياتها مع النبيّ سوى شهرَين أو أكثر، ثمّ تُوفِّيت
-رضي الله عنها- في المدينة المُنوَّرة عن عُمر ناهز الثلاثين عاماً.
ويُشار إلى أنّ أم المؤمنين زينب -رضي الله عنها- كانت تُسمّى بأمّ المساكين في الجاهليّة؛
لعَطفها، وحنانها عليهم، وعندما أسلمت شاركت في معركة بدرٍ من خلال تقديم الرعاية للجرحى.
6- أم سلمة
وهي أمّ المؤمنين أمّ سلمة، هند بنت أبي أمية ابن المغيرة بن عبدالله، قُرَشيّة من بني مخزوم،
وأمّها عاتكة بنت عامر بن ربيعة، وقد كانت -رضي الله عنها- مُتزوّجة من أبي سلمة -رضي الله عنه-، فعندما تُوفِّي دَعَت الله أن يُخلِفها خيراً منه، فتقدّم لها رسول الله؛ تكريماً لها، ولزوجها؛ فقد بذلا الكثير
في سبيل الدعوة، وحناناً منه على صِبيانها.وتولّى ابنها عمر أمر تزويجها، وكان صداقها صُحفة كثيفة؛
وهي آنية الطعام، وفراش حَشوُه ليف؛ والليف هو: قشور النخل، ورحىً؛ أي أداة الطحن.
وقد تميّزت أم سلمة -رضي الله عنها- بالكثير من الفضائل التي خَصّها الله بها عن غيرها من
أمّهات المؤمنين، ومنها: رجاحة عقلها، وفصاحتها، وبلاغتها؛ فقد اكتسبت ذلك من آبائها، وأجدادها،
ومن عَيشها في بيت النبوّة، كما أنّها عُرِفت بعِلمها الشرعيّ الغزير؛ فقد رَوت الكثير عن رسول الله
-عليه السلام-، ورُوِيَ عنها الكثير، وكانت سبباً في نزول بعض آيات القرآن الكريم.
أمّا وفاتها -رضي الله عنها- فقد كانت في خِلافة يزيد بن معاوية سنة تسعٍ وخمسين للهجرة،
عن عُمرٍ ناهز التسعين عاماً، ودُفِنَت في البقيع، وهي آخر زوجات النبيّ موتاً، وقِيل إنّ آخرهنّ
هي السيّدة ميمونة، وقِيل إنّها حفصة.
7- زينب بنت جحش
وهي أمّ المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبر بن مرة، ابنة عمّة رسول الله؛ فأمّها
أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، وكانت مُتزوّجة من مولى رسول الله زيد بن حارثة -رضي الله عنه-،
وعندما طلَّقها، أمر الله نبيَّه بالزواج منها بقوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا
يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا}.
أمّا وفاتها -رضي الله عنها- فقد كانت سنة عشرين للهجرة في خلافة عمر بن الخطّاب
-رضي الله عنه-.وقد وردت فضائلها، ومناقبها -رضي الله عنها- واضحةً بنصّ الآيات، والأحاديث،
ومن ذلك: قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}،فكان لها الشرف العظيم -رضي الله عنها- عندما تولّى الله -سبحانه- أمرَ تزويجها برسول الله. قول رسول الله -صّلى الله عليه وسلّم-:
"أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا". قالَتْ: "فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا". قالَتْ: "فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا
زَيْنَبُ، لأنَّهَا كَانَتْ تَعْمَل بيَدِهَا وَتَصَدَّقُ"، فقد بشّرها رسول الله بأنّها أوّل زوجاته لحاقاً به،
وأثنى عليها بكثرة تصدُّقها.
8- جويرية بنت الحارث
كانت أمّ المؤمنين جويريّة بنت الحارث -رضي الله عنها- من بني المصطلق، وكان والدها الحارث
زعيمَهم، فأراد قتال رسول الله؛ إرضاءً لغطرسته، وحبّاً في السُّلطة، إلّا أنّه هُزِم أمام رسول الله، ووقع أكثر من سبعمئة منهم أسرى في يده، ومنهم ابنة الحارث (برّة) التي أسماها رسول الله فيما
بعد جويريّة، وكانت قد أتت رسول الله تسأله فكاك نفسها، فقال رسولُ اللهِ: "أو ما هو خيرٌ مِن ذلك؟"
فقالت: "وما هو؟" قال: "أتزوَّجُكِ وأقضي عنكِ كتابتَكِ" فقالت: "نَعم" قال: "قد فعَلْتُ"، وأعتق قومها
من الأسر صداقاً لها. وقد كانت -رضي الله عنها- كثيرة الصيام، والقِيام، كثيرة العطف على الفقراء،
والمساكين، مُحِبّةً للخير، والسلام، حريصةً على وحدة صفّ المسلمين وظهر ذلك جليّاً في موقفها
المُحايد في مواجهة الفِتن التي داهمت المسلمين زمن خلافة عثمان، وعند استشهاد علي
-رضي الله عنهم-جميعاً، وكانت تدعو الله أن يحقنَ دماء المسلمين،
9- صفية بنت حُيَيّ بن أخطب
وهي أمّ المؤمنين صفيّة بنت حُيَيّ بن أخطب، من ذرية رسول الله هارون -عليه السلام-، وأمّها برة بنت
سموأل، وكانت قبل إسلامها مُتزوّجةً من كنانة بن الربيع؛ وهو شاعر يهوديّ قُتِلَ يوم خيبر، فسُبِيَت،
فصارت في سهم دحية الكلبيّ -رضي الله عنه-، فجعلها لرسول الله، وكان صداقها عِتقها.
حازت -رضي الله عنها- على الكثير من الفضائل، والمناقب، ومنها أنّ النبيّ خصّها بالرعاية،
والعطف الخاصّ؛ لكونها غريبة، فنساؤه جميعهنّ قُرَشيّات ما عداها؛ فكثيراً ما كان يُذكّرها بأنّها
حفيدة الأنبياء، ومن جميل رعايته أيضاً ما رواه البخاريّ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال:
"فَرَأَيْتُ رَسولَ اللَه صَلَى اللهُ عليه وسلَم يُحَوِّي لَهَا ورَاءَهُ بعَبَاءَةٍ، ثُمَ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ،
فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا علَى رُكْبَتِهِ حتَّى تَرْكَبَ".وقد كانت وفاتها -رضي الله عنها- في خِلافة معاوية
-رضي الله عنه- سنة خمسين، وقِيل اثنتين وخمسين للهجرة، ودُفِنَت في البقيع.
10- أم حبيبة
وهي أمّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، وأمّها صفية بنت أبي العاص بن أمية،
كانت مُتزوّجة من عُبيدالله بن جحش بن رئاب، وهي أقرب أزواج النبيّ نَسباً إليه؛ فهي من بنات عمّه،
إلى جانب أنّها كانت أبعد أزواجه دياراً عندما عَقَدَ عليها؛ حيث تزوّجها وهي في الحبشة،
وزوّجها إيّاه النجاشيّ، إضافة إلى أنّها كانت أكثر نسائه صداقاً؛ فقد بلغ مهرها الأربعمئة دينار،
أصدقها إيّاها النجاشيّ.
هاجرت أم حبيبة -رضي الله عنها- الهجرة الثانية إلى الحبشة مع زوجها
عُبيدالله بن جحش، إلّا أنّه ارتدّ عن الدين، وثبتت -رضي الله عنها- على دينها، وهجرتها.
أمّا وفاتها -رضي الله عنها- فقد كانت في المدينة المُنوّرة سنة 44 هـ ، وقِيل 42 للهجرة.
11- ميمونة بنت الحارث
وهي أمّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم، وأمّها هند بنت عوف بن زهير،
تزوّجت في الجاهليّة من مسعود بن عمرو الثقفيّ الذي فارقها، فتزوّجت بعده أبا رُهم بن عبد العزى
الذي تُوفِّي عنها، فتزوّجها النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وكانت -رضي الله عنها- من سادات النساء، وهي أخت أم الفضل زوجة العبّاس عمّ النبيّ، وقد جعلت أمرها للعبّاس عندما خطبها النبيّ، فزوّجها إيّاه،
وكان ذلك في شهر ذي القعدة سنة سبعٍ للهجرة في سَرف، ويُشار إلى أنّها كانت آخر امرأة تزوّجها النبيّ.
أمّا وفاتها -رضي الله عنها- فقد كانت في سَرف، وقِيل في مكّة، ثمّ حُمِلَت إلى سَرف بأمر من ابن
أختهاابن عبّاس -رضي الله عنه-، وكان ذلك سنة إحدى وخمسين، وقِيل إحدى وستّين للهجرة، عن عُمر
بلغ ثمانين عاماً. وورد الكثير من فضائلها -رضي الله عنها-؛ فقد رَوت عدّة أحاديث عن رسول الله،
وكانت وَرِعة تقيّة تصل الأرحام، فقد روى ابن حجر عن يزيد بن الأصم عن عائشة أنّها قالت تصف
ميمونة: "أما أنَّها كانَت من أتقانا للَّهِ وأوصلِنا للرَّحِمِ".
مكانة زوجات النبي تُعَدّ أمّهات المؤمنين -رضي الله عنهنّ-
بصفتهنّ زوجات لرسول الله أفضل الأزواج على الإطلاق، خصّهنّ الله بنزول الوحي
في بيوتهنّ؛ بقوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ}
حرّم الله زواجهنّ بعد رسول الله؛ بقوله:
{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا}.
وصفهنّ الله بالزوجيّة؛ بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ}،
للدلالة على الإنسجام والتوافق في علاقتهنّ برسول الله.
الحكمة من تعدُّد زوجات النبيّ
تعدُّد زوجات الرسول هو وحيٌ، وأمرٌ من الله، دلّت عليه الكثير من الآيات، منها قوله تعالى :
{لا يَحِلُ لَكَ النِساءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَل بِهِنَ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ إِلَا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ
وَكَانَ الله عَلَى كُلِ شَيْءٍ رَقِيبًا}، وبدراسة سيرة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وكيفيّة زواجه بنسائه،
يتبيّن أنّ السبب في تعدُد زوجاته مُتعلِّقٌ بعدّة حِكَم يمكن إجمالها بما يأتي:
الحكمة التعليميّة: تُعَدّ النساء نصف المجتمع، وهنّ بحاجة إلى من يجيب عن أسئلتهنّ المُتعلِّقة
بهنّ كنساء؛ من حَيض، ونَفاس، وأمورٍ زوجيّة، وغيرها، وليست كلّ النساء تتغلّب على حيائها لتسأل
رسول الله في شيء، وما كان لرسول الله الإجابة عن كلّ سؤال بتفاصيله الدقيقة عن المرأة؛ فقد كان
رسول الله حَيِيّاً؛ لذا فإنّه بزواجه أعدّ داعيات عالمات بأمور دينهنّ، يُجِبن عن تساؤلات النساء الدقيقة.
الحكمة التشريعيّة: كانت عادة التّبني من العادات المعروفة بين العرب عند مجيء الإسلام، وكان النبي
-عليه السلام- قد تبنّى زيد بن حارثة، وشاءت إرادة الله -تعالى- إبطال عادة التّبني وإبطال آثاره،
ولأجل أن يكون هذا الحكم واضحاً في أذهان المسلمين؛ فقد أمر المولى سبحانه النبيَّ بالزواج
من زينب بنت جحش، وهي يومئذ طليقة ابنه بالتبني؛ فشكّل هذا الزواج أمراً إلهياً وتشريعاً جديداً
بحرمة التبني وإبطال أثره.
الحكمة الاجتماعية: إنّ ما يحدث بالزواج من مصاهرة، ونَسب، كفيل بأن يجمع القلوب برباطٍ وثيق،
كزواجه -صلّى الله عليه وسلّم- من أمهات المؤمنين: عائشة، وحفصة -رضي الله عنهما-؛ حُبّاً بأبويهما.
الحكمة السياسية: لا تؤلّف المصاهرة بين القلوب على مستوى الأشخاص فحَسب، بل على مستوى العشائر،
والقبائل، وبطبيعة الحال فإنّ المُتعارَف عليه هو نُصرة النسيب، والصِّهر، وحمايته، والالتفاف حوله، وقد كان
ذلك مَدعاةً لزواجه -صلّى الله عليه وسلّم- من أمّهات المؤمنين: جويريّة، وصفيّة، وأم حبيبة -رضي الله عنهنّ-.
1- زينب بنت محمد رضي الله عنها
هي البنت الكبرى للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولأمها خديجة، وُلدت وللنبيّ -عليه الصلاة والسلام-
ثلاثين عاماً،وقد تزوّجت قبل البعثة من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وبعد بعثة النبيّ أسلمت هي
وبقي هو على شركه، وحارب في صفوف المشركين في غزوة بدر، كما أُسر فيها.
وقد افتدته زينب بقلادة أمّها، وبعد ذلك بسنين أسلم أبو العاص قبل فتح مكة، وعاد إلى المدينة ورجع
إلى زينب -رضي الله عنها-، وقد وَلدت زينب لأبي العاص ولداً اسمه عليّ، وابنة اسمها أمامة،
أما عليّ فقد تُوفي وهو صغير، وكبرت أمامة وتزوّجها عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-
بعد وفاة فاطمة -رضي الله عنها-.
وقد تُوفّيت زينب -رضي الله عنها- في العام الثامن من الهجرة، وخرج النبيّ في جنازتها وأنزلها القبر،
وثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: "توُفِّيَتْ زينبُ بنتُ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فخرجَ
بجنازتِها وخرجْنا معَهُ، فرأيناهُ كئيبًا حزينًا، ثمَ دخلَ النَّبيُ صلَ اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قبرَها فخرجَ مُلتَمعُ اللَّونِ،
فسألناهُ عن ذلِكَ فقالَ: إنَّها كانت امرأةٌ مِسقامًا فذَكَرتُ شدَّةَ المَوتِ وضغطةَ القبرِ، فدعَوتُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ
فخفِّفَ عنها".
2- رقية بنت محمد رضي الله عنها
وُلدت رقيّة -رضي الله عنها- عندما كان عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ثلاثةً وثلاثين عاماً،
وقد أسلمت مع إسلام أمها وأخواتها، وكانت قبل البعثة تحت عتبة بن أبي لهب، ولكنّه طلقها قبل أن يدخل
بها لإسلامها ولحاقها بأبيها، فتزوّجت من عثمان بن عفان في مكة، ثم خرجوا إلى الحبشة مهاجرين، وولدت له هناك عبد الله، وتُوفّي صغيراً بعمر الستة أعوام.
ثم هاجروا من الحبشة إلى المدينة، ومرضت رقيّة هناك مرض موتها، وبقي عثمان عندها يمرّضها،
وتخلّف عن غزوة بدر لذلك، وتُوفّيت -رضي الله عنها-، وكان عمرها اثنين وعشرين سنة، ودُفنت في البقيع،
وكانت تكنّى بعدّة أسماءٍ منها: أم عبد الله، وذات الهجرتين.
3- أم كلثوم بنت محمد رضي الله عنها
أسلمت أمّ كلثوم -رضي الله عنها- مع أمّها وأخواتها، وكانت تحت عتيْبة بن أبي لهب قبل البعثة،
وطلّقها قبل الدخول بها، وهاجرت إلى المدينة مع أبيها وأخواتها، وبعد وفاة أختها رقيّة تزوّجها
عثمان بن عفان في السنة الثالثة من الهجرة، وتُوفّيت في السنة التاسعة من الهجرة من شهر شعبان،
وقد أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- النساء بتغسيلها.
قالت أم عطية -رضي الله عنها-: "توُفِّيَتْ إحْدَى بَنَاتِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ فَقالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، إنْ رَأَيْتُنَّ بمَاءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورًا-
أَوْ شيئًا مِن كَافُورٍ- فَإِذَا فَرَغْتُنَّ، فَآذِنَّنِي قالَتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فألْقَى إلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقالَ: أَشْعِرْنَهَا
إيَّاهُ"،وأنزلها في قبرها عليّ والفضْل وأسامة، وكان النبيّ جالسٌ على قبرها.
4- فاطمة بنت محمد رضي الله عنها
آخر بنات النبي وأصغرهم، كانت تلقّب بالزهراء، وتكنّى بأمّ أبيها، وقد وُلِدت قبل البعثة بوقتٍ قليل،
وعندما هاجرت إلى المدينة، تزوّجها ابن عمّ النبيّ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في شهر محرّم
من السنة الثانية من الهجرة، وقد أعطاها عليّ درعاً كانت عنده كمهرٍ لها.
وقد وَلدت فاطمة لعليٍّ الحسن، والحسين، ومحسن، وزينب، وأم كلثوم، وهي سيدة نساء العالمين كما
بشّرّها والدها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حسبُكَ مِن نساءِ العالَمينَ مَريمُ بِنتُ عِمرانَ،
وخَديجةُ بِنتُ خوَيْلدٍ، وفاطمةُ بِنتُ محمَّدٍ، وآسيةُ امرأةُ فِرعَونَ".
وقد روت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنها أبناؤها، وعليّ زوجها، وعائشة، وأم سلمة،
وأنس، وسلمى أم رافع -رضي الله عنهم جميعاً-، وقد تُوفّيت في شهر رمضان في السنة الحادية
عشرة للهجرة، وغسّلها عليّ -رضي الله عنه-، وصلّى عليها العبّاس، وأنزلها زوجها والفضل والعباس
في قبرها، ودُفنت في البقيع.
علاقةُ النبيّ ببناتِه
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا وُلدت له ابنةٌ فرِح واستبشر بها، وأسماها اسماً حسناً،
وأحسن تربيتها ونشأتها، وبناته -صلى الله عليه وسلم- قد نَشَأْنَ في بيت النبوّة؛ أبوهنّ محمد
-صلى الله عليه وسلم-، وأمّهنّ خديجة -رضي الله عنها- أول من أسلمت على الإطلاق، وحين كَبِرْن؛
حرص على تزويجهنّ الأتقياء الصالحين الأكفاء، وكان ذلك، وهو قبل ذلك كان يستشيرهنّ ويسألهنّ.
1- أولهنّ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها يأتي جبريل عليه السلام إلى النبي ﷺ
فيقول
"اقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني وبشرها ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب"
رواه البخاري ومسلم .
2- السيدة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول لها النبي ﷺ
"أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة"رواه مسلم .
وفي رواية لغيره "سيدة نساء أهل الجنة " .
3- الصحابية الجليلة أم سليم رضي الله عنها قال عنها ﷺ "دخلتُ الجنة فسمعت خشفةً بين يدي فإذا هي العـميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك"
هذه الصحابيّة قالت حينما هاجر النبي ﷺ للمدينة المنوّرة وخرج المسلمون لاستقباله فرحاً بقدومه
وقد أهدوا إليه هدايا كثيرة ابتهاجاً بحلوله بينهم فلم تجد العـميصاء بنت ملحان شيئاً تهديه
لرسول الله لشدّة فقرها فأهدته ولدها أنس بن مالك ليكون له خادماً ملازماً طيلة حياته .
4- المرأة السوداء و اسمها "أم زفر" رضي الله عنها حيث جاءت إلى رسول الله ﷺ
وقالت له "يا رسول الله إني امرأة أصرع فادع الله لي"، فقال"أتصبرين ولك الجنة"،
قالت "نعم ولكن ادع الله لي ألا أتكشف" فدعا الله لها فكانت تصرع ولا تتكشف .
رضي الله عنها بشرت بالجنة لصبرها على قدر الله .
5- أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها وهي صحابية تعرف بشهيدة البحر وراكبة البحر
وجاءت بشارتها بالجنه عندما قال الرسول ﷺ
" أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا"
أي وجبت لهم الجنه قالت أم حرام " يا رسول الله أنا فيهم" قال "أنت فيهم" .
6- أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية رضي الله عنها وجاءت بشارتها بالجنة
يوم أُحد عندما صمدت هي و ولدها عند رسول الله ﷺ،
فقال الرسولﷺ " اللهم إجعلهم رفقائي في الجنة " .
7- الربيع بنت معوّذ رضي الله عنها هي من نساء الانصار وهي إحدى المرأتين
اللتين بايعتا الرسول بيعة الرضوان جاءت بشارتها بالجنة في
قول الرسول ﷺ "لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة" .
8- سميّة بنت خياط رضي الله عنها أول شهيدة في الاسلام وزوجة ياسر بن عامر
الشهيد الصابر الموحد و أم الصحابي عمار بن ياسر رضي الله عنهم جاءت بشارتهما
بالجنة في قول الرسول ﷺ "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة" .
9- فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالب عم الرسول ﷺ، وكانت كأم لمحمد بن عبد الله رسول الإسلام منذ صغره،
أسلمت فاطمة بنت أسد فكانت الثانية من النساء، هاجرت إلى المدينة المنورة ودفنت
في مقبرة البقيع ، قال رسول الله أثناء دفنها:
"وإن جبريل عليه السلام أخبرني عن ربي عز وجل أنها من أهل الجنة وأخبرني جبريل عليه
السلام أن الله تعالى أمر سبعين ألفاً من الملائكة يصلون عليها".
10- جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال خط رسول الله ﷺ في الأرض أربعة خطوط،
قال "تدرون ما هذا؟ " فقالوا الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله ﷺ:
"أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد
وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران".
11- أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها لما ورد عن الزبير بن بكار أنه قال:
وإنما سميت ذات النطاقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تجهَّز مهاجراً ومعه
أبو بكر الصديق، أتاهما عبد الله بن أبي بكر في الغار ليلا بسفرتهما، ولم يكن لها شناق،
فشقت لها أسماء نطاقها فشنقتها به، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قد أبدلك الله بنطاقك هذا في نطاقين في الجنة. فقيل لها ذات النطاقين"
12-أم أيمن ، نظر رسول الله صلى الله علية وسلم إلى أم أيمن وقال
"من سره أن يتزوج امرأة من الجنة فليتزوج أم أيمن"،
فتزوجها زيد بن حارثة، واسمها بركة بنت ثعلبة، وهي حاضنة رسول الله بعد وفاة آمنة،
وهي أم أسامة بن زيد حبيب رسول الله وابن حبيبه.
13- أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية رضي الله عنها قصتها رواها البيهقي في سننه باللفظ الآتي: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ويسميها الشهيدة ، وكانت قد جمعت القرآن،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غزا بدرًا قالت:
"أتأذن لي فأخرج معك أداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم لعل الله يهدي لي شهادة" قال:
"فإن الله تعالى مهدٍ لك شهادة"، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل دارها،
وإنها غمتها جارية لها وغلام كانت قد دبرتهما فقتلاها في إمارة عمر، فقيل :
"إن أم ورقة قتلتها جاريتها وغلامها وإنهما هربا، فأتي بهما فصلبهما " فكانا أول مصلوبين
بالمدينة، فقال عمر رضي الله عنه "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم" كان يقول :
"انطلقوا نزور الشهيدة".
كما رواه أبو داود في السنن والطبراني في المعجم الكبير.
14- أم رومان رضي الله عنها هى أم رومان بِنْت عامر الكنانية، امرأة أبي بكر الصديق، وهي أم عائشة وعبد الرحمنابنيّ
أبي بكر رضي الله عنهم، وكانت من أوائل من أسلموا، قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَن أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان". 15- مريم بنت عمران أم المسيح عليه السلام، اصطفاها المولى سبحانه وطهرها ووصفها بأنه صديقة،
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُ نِسائِها مَرْيَمُ، وخَيْرُ نِسائِها خَدِيجَةُ".
16- أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق كانت أحب زوجات رسول الله إليه، برأها الله تعالى في القرآن الكريم من حادثة الإفك،
كانت عالمة فصيحة بليغة، توفي رسول الله بين يديها،
جاء جبريلَ بِصُورَتِها إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال:
"هذه زَوْجَتُكَ في الدنيا والآخرةِ".
17- آسية زوجة فرعون هي آسية بنتُ مزاحم زوجةُ طاغي الطُّغاة فرعون، ضَرَبَ اللهُ -عز وجل- لنا بها مثلاً :
ليعتبرَ المؤمنونَ بقصّتها وقوةِ إيمانها، إذ قال تعالى:
{وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
كما وردت البشرى بالجنة للعديد من النساء الأخريات:
"جميع أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، كبشة بنت رافع، الفريعة بنت مالك،
أم المنذر سلمى بنت قيس، أسماء بنت زيد، أم هشام بنت حارثة".
المبشرون بالجنة في القرآن
فلم يذكر في القرآن أحد من العشرة المبشرين بالجنة باسمه،
وإنما جاءت البشرى بالجنة في القرآن الكريم لأصناف من الناس:
إن الذين يعملون الصالحات ويذكرون الله كثيراً وينتظمون فى طاعة الله سواء ذكر أم أنثى
وعدهم الله بجنة الخلد ونعيم لا يفنى وذلك لقوله تعالى :
{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ
هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}[آل عمران:195].
إعلان إن الجنة ونعيمها ليست خاصة بالرجال دون النساء إنما هي {أعدت للمتقين}[ آل عمران : 133]
فإن المرأة تجد ما تشتهيه نفسها فى الجنة من مأكل وشراب ومتعة وسعادة فى الجنة
وذلك لقوله تعالى:
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ
وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لامَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة:27-33] .
الفرق بين الحور العين ونساء الدنيا فى الجنة: أن المرأة فى الجنة تكون مثل الحور العين فى الجنة
بل يميزها الله فى الجنة عن الحور العين ، أولاً يعيد الله المرأة إلى صباها بعد أن كانت عجوز
وذلك لقوله تعالى { إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} [الواقعة:35] .
وتلك الآية تدل على أن الله يعيد إنشاء المرأة من عجوز إلى سن الشباب وهذا
فى حد ذاته تكريم عظيم للمرأة
ويأتى قول الله تعالى {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة:37] .
و(العُرُب) جمع عروب، يقال: امرأة عروب، وعربة.
يعني: متحببة لزوجها، مازحة ضاحكة مستبشرة،
لها نبرة صوت خلاب، تقول لزوجها: والله ما في الجنة أجمل منك، ولا أبهى منك،
الحمد لله الذي خلقني لك وخلقك لي .
أما (أتراباً): فجمع ترب، يقال: امرأة ترب يعني: امرأة متساوية ؛أي متساوية مع الحور العين في
الإنشاء. ويميز الله نساء الدنيا عن الحور العين بأنها تكون سيدتها فى الجنة وسيدة القصر الذي
تسكنه في الجنة ، ولماذا فضلكِ الله على الحور العين فى الجنة؟ وتكون الأجابة، فضلكِ الله بصلاتكِ في الدنيا، وصيامكِ في الدنيا، وحجك في الدنيا،
وصبرك في الدنيا، وطاعتك له ، والاحتساب عند المصائب ، وبرك بوالديكِ ، وصلتك للرحم ،
وحفظ عرض زوجك ، وكل شيء فعلتِه فى سبيل الله .
نساء الدنيا وأزواجهم فى الجنة : لا يوجد في الجنة أعزب لا ذكراً ولا أنثى، لما رواه مسلم في
صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما في الجنة أعزب.
قال ابن منظور في لسان العرب: العزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء.
فإذا دخل المؤمن الجنة وكانت زوجته فى الدنيا صالحة كانت زوجته فى الجنة ،
وأما إذا تزوجت المرأة أكثر من زوج، ودخل جميعهم الجنة، فالراجح أنها لآخر أزواجها، لما رواه البيهقي
في سننه أن حذيفة قال لزوجته: إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي،
فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
أن يتزوجنّ بعده، لأنهن أزواجه في الجنة .
وأما من لم تتزوج فإنها تزوج بمن شاء الله تعالى .
وأن المرأة فى الجنة لا تغير ولا تغضب من زوجها لأن الله نزع من نفوس أهل الجنة الغيرة والحقد
وذلك لقول الله تعالى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:47].
وفى الجنة لا تنظر المرأة إلى غير زوجها و الدليل على ذلك قول الله تعالى:
{فيهن قاصرات الطرف}[الرحمن:56]
قال ابن عباس : أي غضيضات الطرف عن غير أزواجهن ، فلا يرين شيئاً في الجنة أحسن منه .
يا معشر النساء لقد أعزكم الله بالأسلام فلا تذلوا أنفسكم بالمعاصى وأبتغوا
رضوان الله وتقربوا إليه فهذا هو الفوز العظيم وهذا هو طريق الجنة.
وجَعل الفَوز بالجنّة جزاءً خالِصاً في الآخرة، لمن صَدَّق، وآمَن، وعَمل صالحاً، والتزم طاعة الله
سبحانه وتعالى؛ حيث قال تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} فالجنّة هي الجزاءُ الأبدي ، وهي مَوطن الاستقرار والخلود للمؤمنين يَتنعّمون فيها خالدين مُخلدين،
يَجدون فيها من النِعَم والنَعيم ما يَعجز العقل البشري عن إدراك ماهيَته على الوجه الصحيح ؛
ذلك لأنّ الجنّة من علم الغيب، والجزاء فيها للرجال والنِّساء من المؤمنين ،
قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي:
"أعدَدْتُ لعبادي الصَّالحينَ: ما لا عينٌ رأت، ولا أذُنٌ سَمِعَت، ولا خطَرَ على قلبِ بَشرٍ، ذُخرًا بَلْهَ
ما اطَّلعتم عليه"، ثم قرأ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
يُشار إلى أنّ نساء الجنة يُنعمُ عليهنَّ الله بشدَّة الجمال؛ فقد رُوي عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام :
"ولو أن امرأةً من نساءِ أهلِ الجنةِ اطَّلعَتْ إلى الأرضِ لأضاءَتْ ما بينَهما، ولملأَتْ ما بينَهما رِيحًا،
ولنَصِيفُها - يعني الخِمارَ - خيرٌ منَ الدنيا وما فيها"
ونساء الجنة مُطهراتٌ من الحيض ومُطهراتٌ من النفاس، فهنّ طاهراتٌ نظيفاتٌ، في قمة الجمال والشباب.
النساء أكثر أهل الجنّة
ذكرت مَصادر السنّة وكتب الحديث الشريف أنّ النساء في الجنّة أكثرُ عدداً مِن الرِجال، وذلك
استناداً للحديث الذي يَرويه أبو هريرة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنّهُ قال:
“أول زُمرةٍ تلِجُ الجنَّةَ صورتُهم على صورةِ القمرِ ليلةَ البدرِ لا يبصُقون ولا يتمخَّطون، ولا يتغوّطون،
آنيتُهم فيها من الذَّهبِ وأمشاطُهم من الذَّهبِ والفضةِ ومجامِرُهم من الأُلُوَّةِ ورشحُهم المسكُ، ولكلِ واحدٍ
منهم زوجتانِ، يُرى مُخُّ سوقهِما من وراءِ اللحمِ من الحُسنِ، لا اختلافَ بينهم ولا تباغُضَ، قلوبُهم قلبُ
رجلٍ واحدٍ، يُسبِّحون اللهَ بُكرةً وعشيًّا”
بناءً عليه فإنّ عدد النساء اللواتي في الجنة يفوق الرجال من حيث العدد، إلا أنّ بَعض العُلماء
مثل ابن القيم -رحمه الله- ذهب إلى القول بأنّ المقصود من هذا الحديث نساء الدنيا بالإضافة إلى
نساء الجنّة اللاتي خَلقهنّ الله للمؤمنين في الجنّة وهُنّ الحور العين.
وإنَّ أكثر أهل الجنة هم من أمّة سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام - جاء في صحيح البخاري:
كنا معَ النبيِّ في قُبَّةٍ، فقال: أتَرضَونَ أن تكونوا رُبُعَ أهلِ الجنةِ. قُلنا: نعم، قال: أتَرضَون أن تكونوا ثُلُثَ
أهلِ الجنةِ. قُلنا: نعم، قال: أتَرضَون أن تكونوا شَطرَ أهلِ الجنةِ. قُلنا: نعم، قال: " والذي نفسُ محمدٍ بيدِه،
إني لأرجو أن تكونوا نِصفَ أهلِ الجنةِ، وذلك أن الجنةَ لا يَدخُلُها إلا نفسٌ مسلمةٌ، وما أنتم في أهلِ الشِّركِ
إلا كالشعرةِ البيضاءِ في جلدِ الثَّورِ الأسودِ، أو كالشعرةِ السوداءِ في جلدِ الثَّورِ الأحمر"
فقد أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - وبشَّر أصحابه والمسلمين جميعاً بأنّ أكثر أهل الجنة هم المسلمون.
إن الاتجاه السائد في الخطاب القرآني وفي الأحاديث النبوية هو المساواة التامة فيما
يختص بالعبادات والواجبات الدينية. وقدذكرت النساء في القرآن في مواضع عديدة
وخصّ بعضُهن بذكر قصّصهن أو أسمائهن.
لا توجد امرأة ذُكِر اسمُها صراحةً في القرآن سوى مريم في قوله :
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}
وذلك لكون الأسلوب القرآني معهود فيه «الإيجاز المُعجِز».
حيث توجد ثلاث طرق رئيسة للتعريف بالأشخاص، هي: الاسم والكُنية واللقب .
وتتفاوت تلك الطرق الثلاث في درجة اشتهار الشخص بها.
1- حواء
هي أول أنثى من البشر، لم يُذكر اسم حواء في القرآن ولا مرة ولكنه يسميها بزوجته
بدون ذكر اسمها صراحة . لكن اسمها ذُكر في السنة النبوية فبعد أن خلق الله آدم من غير أم ولا أب،
خلق الله حواء من آدم، لتكون سكناً وعوناً له في الحياة
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف : 189]
وتعمّر الأرضُ ببني آدم، ليخلف بعضُهم بعضاً فيها.
فخانتاهما : الخيانة الزوجية مستحيلة هذه بإجماع العلماء، هذه خيانة دعوة،
أي زوجها نبي كريم، معه دعوة من خالق السماوات والأرض، الزوجة لم تؤمن بهذه الدعوة.
امرأة نوح: كانت خيانتها في الدين، حيث كانت تسخر مع قومها الساخرين من نوح .
قال تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الصافات: 76].
- كلمة { مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } ، المراد: الغرق، والكرب هو: المكروه الذي لا تستطيع دفعه
عن نفسك، ولا يدفعه عنك مَنْ حولك حين تستغيثُ بهم، فإنْ كان لك فيه حيلة للنجاة فلا يُسمَّى كَرْباً،
ووَصِف الكرب هنا بأنه عظيم، لأنه جاء بحيث لا يملك أحدٌ دَفْعه، فالماء ينهمر من السماء،
وتتفجَر به الأرض، ويغطي قِمَمَ الجبال، فأين المفرُإذاً؟
امرأة لوط: كانت خيانتها كذلك في الدين، حيث كانت تدل قومها على ضيوف لوط.
قال تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ
إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}[سورة العنكبوت: 33].
3- بنات لوط عليه السلام
قال تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي
هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا
فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود : 78-79] .
تذكر قصة قوم لوط صلة القرابة بين النبي إبراهيم ولوط والملاك الذي أتى لإبراهيم ليخبره بدمار قرية
لوط أو القرية التي كانت تعمل الخبائث ، فرد إبراهيم أن فيها لوط
وكان الرد : نحن أعلم بمن فيها فذهب الملائكة في هيئة بشر إلى بيت لوط وما أن علم أهل القرية
بوجود شابين وسيمين حتى أتوا بيت لوط وأرادوا الفاحشة في ضيوفه ولم يكن يعلم أنهم ملائكة
فعرض لوط عليهم الزواج ببناته (قيل المقصود بنات القرية وقيل بنات لوط)
ولكنهم رفضوا فجاء الوحي بخروج لوط وأهله إلا زوجته من القرية
وتم عذاب الله للقرية وسبب العذاب في القرآن الفاحشة :
{ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ
الْمُسْلِمِين وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } [الذاريات: 31-37].
4- سارة
سارة هي زوجة النبي إبراهيم عليه السلام، وأم اسحاق عليه السلام، صبرت مع زوجها
على تأخر الذرية، فرزقها الله على الكِبر النبي إسحاق.
بعد أن بلغت سارة من العمر 76 عاماً ولم تنجب ذرية لإبراهيم، طلبت منه أن يتزوج جاريته هاجر
والتي ولدت له إسماعيل وكان عمر إبراهيم 86 عاماً وحدث ذلك قبل مولد إسحاق بثلاثة عشرة سنة،
وقد ولّد ذلك الغيرة في نفس سارة مما دفع إبراهيم لإنزالهما في مكان بعيد وهو وادي مكة وقال:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ
النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] ،
ثم همَّ عائداً إلى بلاد الشام حيث سارة، وقلبه يهوي إلى مكة وإلى ولده إسماعيل،
ولا حيلة له إلاّ الدعاء والتضرع.
وبدأ إبراهيم عليه السلام يناجي ربه، ويطلب أن يعينه ، فبشَّره الله سبحانه بولد آخر تنجبه سارة:
{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا
عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } [سورة إبراهيم: 71-73]
5- هاجر
جاء ذكرها باسمها في الأحاديث النبوية وأُشير إليها دون تسمية في القرآن الكريم،
وهي امرأة مكرمة في الإسلام فهي والدة النبي إسماعيل عليه السلام.
بعد 13 سنة من ولادة إسماعيل عليه السلام أنجبت سارة إسحاق عليه السلام
وهكذا صار لإبراهيم ولدان: إسماعيل من هاجر، وإسحاق من سارة. ولحكمة أرادها الله،
وتحاشياً لما قد يقع بين الزوجتين وولديهما من الخلاف والمشاحنات أمر الله سبحانه خليله إبراهيم
أن يخرج بإسماعيل وأمه هاجر، ويبتعد بهما عن سارة، التي اغتمت كثيراً وثقل عليها أمر هاجر
وولدها إسماعيل ، بعد أن صار لها ولداً.
أذعن إبراهيم لأمر ربه، فخرج بهاجر وابنها إسماعيل، وهو لا يدري إلى أين يأخذهما،
فكان كل ما مرّ بمكانٍ أعجبه فيه شجر ونخل وزرع قال: إلى ها هنا يا ربّ؟ فيجيبه جبرائيل عليه السلام: إمضِ يا إبراهيم.
وظلَ هو وهاجر سائرين، ومعهما ولدهما إسماعيل حتى وصلوا إلى مكة، حيث لا زرع هناك
ولا ماء الا حرِ الشمس . أراد إبراهيم عليه السلام أن يترك هاجر وولدها إسماعيل،
في ذلك المكان القاحل المقفر، حيث لا دار ولا طعام فيه ولا شراب، إلاّ كيس من التمر وقربة صغيرة
فيها قليل من الماء كانوا قد حملوهما معهم عند بدء رحلتهم.
فخافت هاجر على نفسها الجوع والعطش، وعلى ولدها الهلاك، فتعلقت بإبراهيم عليه السلام تريد
ألا تتركه يذهب، وراحت تسأله: إلى أين تذهب يا إبراهيم وتتركني وطفلي في هذا المكان الذي
ليس فيه أنيس، ولا زرع ولا ماء، ألا تخاف أن نهلك أنا وهذا الطفل جوعاً وعطشاً؟ رق قلب إبراهيم وتحير في أمره، ولكنه تذكر أمر الله له، فماذا يفعل وهو إنما ينفذ ما أمره به ربه،
وألحت هاجر في السؤال، وظل إبراهيم عليه السلام منصرفاً عنها يناجي ربه.
ويأتي الجواب جازماً حاسماً لا تردد فيه ولا تراجع: إنّ الله هو الذي أمرني بترككم في هذا المكان،
وهو لاشك لن يضيعكم. فلاذت أم إسماعيل بالصمت، ورضخت هي الأخرى لما أراده الله
ثم قالت: إذاً لا يضيعنا.
6- إليصابات
إليصابات هي زوجة النبي زكريا وأم النبي يحيى الذي ولدته بعد أن تقدم بها السن، وأخت حنة أم مريم عليها السلام بنت عمران،
ذكر في «المعالم» في تفسير سورة مريم قوله تعالى: { قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ
شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [ مريم: الآيات 4] .
أي قال زكريا: عودتني الإجابة فيما مضى، وقوله تعالى: { وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي
عاقراً فهب لي من لدنك ولياً} أي: ابناً، وقوله تعالى: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِ رَضِيًّا}
قال الحسن: يرثني مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة والحبورة لأن زكريا عليه السلام كان نبياً مرسلاً.
وقوله تعالى:{يا زكريا إنا نبشرك بغلامٍ اسمه يحيى}
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه لم تلد العواقر مثله.
وقوله تعالى: {قال رب اجعل لي آية..}أي دلالة على حمل امرأتي، لأنها عاقر وقد كبرت وأسنت
قال تعالى: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويّا}أي: صحيحاً سليماً من غير بأس ولا خرس،
وكان الناس ينتظرون خروجه من وراء المحراب، فخرج عليهم متغيراً لونه، فأنكروه وقالوا له:
ما لك؟ فكتب لهم في الأرض {.. أن سبحوا بكرةً وعشيا...} لأنه كان يخرج عليهم بكرة وعشياً،
فلما كان وقت حمل امرأته ومنع من الكلام خرج إليهم وأمرهم بالصلاة [إشارة] ،
ولمّا تمّ حملها ولدت يحيى عليه السلام ولما صار عمره ثلاث سنين أتاه الله الحكم صبياً،
قرأ التوراة وهو صغير وذكر في «تاريخ ابن الوردي»:
أن زوجة زكريّا ولدت يحيى عليه السلام قبل ما ولدت مريم عليها السلام عيسى بستة أشهر.
واليصابات هذه هي الصيغة اليونانية لاسم لفظه في اللغة العبرية (إليشيبا أو اليشبع)
أي (الله قسم) ومعناه المكرسة للرب، وهو اسم امرأة تقيّة من سبط لاوي ومن بيت هارون.
واسمها في العبرية هو نفس اسم امرأة هارون (اليشبع). في الإنجليزية هو إليزابيث وعرّب الاسم إلى «اليَصابات» كما في كتب التاريخ العربي،
وأصل التاء ثاء، لكن العرب خففوها فجعلوها تاء.
7- امرأة العزيز ونسوة المدينة
هي زليخا زوجة عزيز مصر عند قدوم يوسف إلى مصر ، مشهورة بجمالها وكبريائها الذي
أضحى تكبراً وأنفة ، زوجها بوتيفار عزيز مصر على عهد الملك أمنحوتب الثالث
(الذي يعد من أعظم الملوك الذين حكموا مصر عبر التاريخ).
ذكر الله قصتها قي القرآن الكريم حيث قال:
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌقَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي
لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ }
[يوسف: 30-32]
ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف.
ولما قام النبي يوسف بتفسير رؤيا ملك مصر أخناتون (أمنحوتب الرابع) وظهرت براءته باعتراف زُليخا
{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ
الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [ يوسف: 51] .
وكذلك باعتراف نساء مصر أن يوسف كان عفيفاً تقياً، قام الملك أخناتون بإطلاق سراحه
وعينه عزيزاً لمصر (بعد وفاة بوتيفار زوج زليخا والذي مرض وتأثر من خيانة زوجته له،
وندمه على سجن يوسف تلك المدة). نسوة المدينة ورد ذكرهن في قوله تعالى:
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
[ يوسف: 30] ، وقيل انهن خمسة: امرأة الساقي، وامرأة الحاجب، وامرأة الخباز،
وامرأة السجّان، وامرأة صاحب الدواب.
8- أُم موسى
يوكابد بنت لاوي هي أم النبي موسى وهارون، ومريم وزوجة عمران.
ورد ذكرها في قوله تعالى:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي
إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [القصص: 7]
أُمرت بإلقاء ابنها موسى عليه السلام في اليمّ (نيل مصر).
ورد ذكرها في قوله تعالى:{وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
[القصص:11] وكانت أسنّ من موسى عليه السلام، ومن هارون.
10- زوجة موسى
اسمها صافورية أو صفوريا ويسميها الأوروبيون صفورا وتعنى «العصفورة».
هي ابنة النبي شعيب حسبما يقول أنس بن مالك.. بينما يقول آخرون- ومن بينهم ابن كثير-
إن والدها كان شيخاً من شيوخ القبائل، وشعيب هو النبي الذي بعث لأصحاب الأيكة
وهم قوم مدين الذين كانوا يعبدون شجرة ملفوفة.
تزوجت صفورة بالنبي موسى عليه السلام، وكانت نموذجاً للمؤمنة، ذات الفراسة والحياء،
وكانت قدوة في الاهتمام باختيار الزوج الأمين العفيف.
وولدت له ابنين أحدهما اسمه جرشوم، والثاني أليعازر. وحكاية لقاء موسى عليه السلام
ذكرها القرآن الكريم :
{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا
خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}[سورة القصص : 23]
{ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُ الْأَمِينُ} [سورة القصص: 26]
11-آسيا امرأة فرعون
آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون التي تلقت النبي موسى من اليم وآمنت به وأسندت رضاعته لأمه.
{وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
[ القصص: 9] يعني : أن فرعون لما رآه همّ بقتله خوفاً من أن يكون من بني إسرائيل فجعلت
امرأته آسيا بنت مزاحم تحاج عنه وتذب دونه ، وتحببه إلى فرعون، فقالت: {قرة عينٍ لي ولك}
فقال: أما لك فنعم، وأما لي فلا . فكان كذلك، وهداها الله به، وأهلكه الله على يديه.
وقوله : {عسى أن ينفعنا}، وقد حصل لها ذلك، وهداها الله به، وأسكنها الجنة بسببه.
وقولها: {أو نتخذه ولدا} أي: أرادت أن تتخذه ولداً وتتبناه، وذلك لأنه لم يكن لها ولد منه
وقيل : هي التي سمّت موسى بهذا الاسم، لأنه وُجد بين ماء وشجر.
أظهرت إيمانها يوم الزينة، فأمر فرعون أن توتد على ظهرها أوتاد، وأن ترضخ بصخرة عظيمة
إن لم ترجع، فقالت كما ورد قي القرآن الكريم:
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي
مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].
لماذا لم يُسمِّ القرآن امرأة فرعون واكتفى فقط بإضافتها إلى زوجها؟ التدبر في الأسلوب الإعجازي الموجز يدلنا على أنه يقتصر على ذكر الطريقة الأقرب
إلى تعيين الشخص المراد والأكثر تحديداً لهويته بحسب ما يقتضيه المقام والسياق،
وهنا نجد أنه لا خلاف على أن «فرعون» هو الاسم الأكثر شهرة من «آسيا»، بحيث تُغني
إضافتها إليه عن ذكر إسمها، فالقليل من الناس هم الذين يعرفونها بإسمها الشخصي،
وعلى هذا فإن الإشارة إلى «آسيا» بوصفها «امرأة فرعون» فحسب، تصبح كافية جداً
للتعريف بها والدلالة عليها أكثر مما لو ذَكَرَها بإسمها فقط.
وقد لوحظ أن إضافة المرأة إلى اسم زوجها تكون في بعض الأحيان هي الطريقة الوحيدة لتحديد
هويتها بدقة ، وأن الاكتفاء بذكر اسمها قد لا يكفي للوقوف على شخصيتها وتحديد من تكون!
12- بلقيس
بلقيس كانت ملكة مملكة سبأ الوارد ذكرها في الكتاب المقدس والقرآن الكريم.
في قوله تعالى: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23]
وفدت الملكة غير المُسمَّاة في النصوص الدينية على الملك سليمان، وفصَّلَ رجال الدين والمفسرون
في تفاصيل ذلك اللقاء حتى غدت شخصية هذه الملكة مادة خصبة لكتب القصص والروايات.
حنة بنت فاقوذا، هي زوجة عمران، وأخت زوجة زكريا عليه السلام وأم مريم عليها السلام .
تزوجها عمران، ولم تحمل منه وأسنت، ولم يكن لها ولد فأبصرت يوماً طائراً يطعم أفراخه،
فتحركت لذلك نفسها، واشتاقت للولد، وتمنت أن يكون لها ولد حتى تحن عليه مثل هذا الطائر،
فهنالك دعت إلى الله تعالى أن يهب لها ولداً، وقالت:
"اللهم لك عليّ بأن رزقتني ولداً أن أتصدق به على بيت المقدس"
{إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[آل عمران:35] فحملت مريم ولفتها في خرقة من يومها، وحملتها إلى المسجد الأقصى،
ووضعتها عند الأحبار، من أبناء هارون عليه السلام وقالت لهم: دونكم وهذه النذيرة.
وذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى
وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }[آل عمران:36] قُبل هذا النذر،
وجعله نذراً مباركاً وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم: { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا
وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [آل عمران:37] .
فتنافس فيها الأحبار، وكان عمران قد مات قبل الولادة، فطلبها زكريا ليأخذها وقال:
أنا أحق بها لأن خالتها عندي ، فتقارعوا عليها فوقعت القرعة لزكريا عليه السلام.
نذكر أيضاً ارتباط قصتها بقصة ابنها المبارك عيسى ، حيث نجد القرآن بالغ الحرص على
نسبة عيسى إلى أمه وعلى اقتران اسمه بإسمها ، فهو إما أن يقول: " عيسى ابن مريم "
أو يقول : "المسيح ابن مريم " ، أو يقول : "المسيح عيسى ابن مريم" وقد كان ضرورياً للتأكيد
على الميلاد الإعجازي للمسيح من عذراء ، وعلى أنه لا ينتسب إلى أب من البشر .
والجواب : أنّ مقام ذكر مريم في آية التحريم هو مقام المدح والثناء عليها ، وضرب المثل بها
في عظيم إيمانها بكلمات الله التي سبقت وأعلنت البشرى بميلاد المسيح المنتظر من فتاة عذراء،
ومقام المدح والثناء يقتضي الذكر الكامل لمن نمدحه ونثنى عليه ، أي التحديد الدقيق لشخصه وهويته حتى لا يلتبس لدى السامعين بشخص سواه قد يحمل نفس اسمه الأول.
وهنا نلاحظ أن آية التحريم قد ذُكرت أكثر من محدد واحد من محددات الشخصية ،
تلك هي: الاسم ، الكنيّة ، الصفة.
لا مجال بعد هذا التحديد الدقيق لحدوث أدنى لبس حول هوية مريم ، أما لو أنه قد اكتفى بذكر
اسمها فقط «مريم» فإن المريمات كثيرات في تاريخ الديانة اليهودية بحيث لا يتبين معه
من تكون مريم المقصودة من بينهن جميعأ وكذلك لو أنه قال: «ابنة عمران» فقط دون أن يذكر اسمها
«مريم» فإن المراد لا يتحقق مطلقاً ، لأنه من غير المعروف لدى النصارى أن والد مريم يُدعى «عمران»،
فالأناجيل الأربعة المعتمدة لديهم قد خلت من ذكر اسم والد مريم على الإطلاق ، بل العهد الجديد
كله لا يوجد به أي ذكر له، بل على العكس يوجد اسم مغاير لعمران ورد في أحد أناجيلهم غير القانونية،
هو المسمى «إنجيل يعقوب»، حيث يذكر أن اسم والد مريم هو «يواقيم» وليس «عمران».
قال تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ }[الأنبياء :91]
في سورة الأنبياء لم يذكر اسم مريم بينما ذُكر في سورة التحريم {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ
فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12].
والسبب هو أن السياق في سورة الأنبياء كان في ذكر الأنبياء (إبراهيم، لوط، موسى، وزكريا ويحيى)
ثم قال (والتي أحصنت فرجها) دون أن يُصرّح باسمها ، لأن السياق في ذكر الأنبياء وهي ليست نبيّة .
أما في سورة التحريم فذكر اسمها لأن السياق كان في ذكر النساء ومنهم
(امرأة فرعون ، امرأة لوط وامرأة نوح) فناسب ذكر اسمها حيث ذكر النساء.
والتصريح بالاسم يكون للمدح إذا كان في المدح وللذمّ إذا كان في الذّم. في سورة التحريم أنها من أعلى المذكورات في سياق النساء ، ولهذا ذكر اسمها من باب المدح.
أما في سورة الأنبياء فهي أقلّ المذكورين في السورة منزلة ، أي الأنبياء ، فلم يذكر اسمها.
14- رحمة أو ليا رحمة أو ليا بنت أفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام،
وهي زوجة النبي أيوب عليه السلام بن موهب بن تاريخ بن روم بن العيص بن إسحاق عليه السلام
ابن إبراهيم الخليل عليه السلام وأم أيوب عليه السلام هي بنت لوط عليه السلام.
وتزوج أيوب عليه السلام رحمة وله حشمة وأموال وبغل وبقر وغنم وخيل وبغال وحمير،
وله 500 فدان يتبعها 500 عبد لكل عبد امرأة ولد. وبعثه الله رسولاً لمّا بلغ من العمر أربعين سنة إلى أهل البثينة من الجولان من بلاد دمشق.
وذكر في «الجامع» قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
[الأنبياء: 83] وكان نبياً مرسلاً صاحب أنعام وحرث وأولاد، فابتلاه الله بذهابها كلها، وهلاكها،
و ابتلاه بجسده فلم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما ربه .
وقوله تعالى:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء:84] بإحياء من مات من أولاده، أو أعطاه مثلهم من أولاده، قيل:
إنه قيل له: إن أهلك في الجنة إن شئت أتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك فيها،
و عوضناك مثلهم في الدنيا، فاختار الثانية.
وذكر في كتاب «كشف الأسرار»: لما قصدت رحمة زوجة أيوب أن تقطع ذوائبها فعرف أيوب ذلك،
حلف غضباً لله تعالى لان امرأته كانت مُحرِمة وطلبت قطع ذوائبها، فأبى وحلف،
قال تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }[ ص : 44]
وذكر في «كشف الأسرار»: اخُتلف في مدة بلائه . روى ابن شهاب عن انس رضي الله عنه :
«أنَّ أيُّوبَ لبثَ في بلائهِ ثماني عشرة سنة» وقال وهب: ثلاث سنين لم يزد يوماً،
وقال كعب: سبع سنين، وقيل: سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام.
وذكر في كتاب «البستان» أن أيوب عليه السلام تزوج ليا بنت يعقوب عليه السلام وقيل: رحمة بنت ابن يوسف، وهو الأصح. وقيل: إن رحمة بنت ميشا ابن يوسف عليه السلام.
15- زوجات النبي محمد ﷺ
ورد ذكر زوجات النبي ﷺ امهات المؤمنين في مواضع متعددة:
قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي
فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}
كما قال الله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}
خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية أم المؤمنين هي الزوجة الأولى لرسولنا الكريم ، والتي لم
يتزوج عليها حتى توفيت ، ولقد وردت الإشارة لها في القرآن في عدة موارد ، وهذه الآيات هي :
{وَأْمُرْ أَهْلَك بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیها} تعد سورة طه من سور أوائل البعثة من حيث النزول ،
لذلك فإن أهل الرسول المقصودين في هذه الآية لا يتعدى كونهم خديجة لأنها كانت زوجته الوحيدة ، وعلي بن أبي طالب لأن النبي محمد كان قد تكفل رعايته منذ طفولته.
{وَأَنْذِرْ عَشِیرَتَك الْأَقْرَبِینَ} وهذا أول أمر للرسول في الدعوة إبتداءاً من الأقربين ،
وهم لا يتعدون زوجته خديجة و علي بن أبي طالب.
{وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}حسب تفسير فرات الكوفي استناداً إلى كلام ابن عباس
فإن خديجة كانت هي عامل الغناء بالنسبة للنبي محمد، فمعنى "ووجدك ضالاً«عن النبوة» فهدی «الی النبوة» ووجدك عائلاً «فأغنى» بخدیجة".
{وَالَّذینَ یَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّیَّاتِنا قُرَّةَ أَعْیُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقینَ إِماماً}
ينقل الحاكم الحسكاني وهو من المحققين المختصين بعلوم القرآن لأهل السنة أن
النبي محمد عند تفسيره لهذه الآية ، قال بأنه سأل ملك الوحي عن تفسير كملة أزواجنا فكان
الجواب : هم خديجة بنت خويلد وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن أبي طالب.
{وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمى وَ الْبَصیرُوَ لاَ الظُلماتُ وَ لاَ النُّورُوَ لاَ الظِّلُ وَ لاَ الْحَرُورُ وَ ما یَسْتَوِی الْأَحْیاءُ وَ لاَ الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ یُسْمِعُ مَنْ یَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِی الْقُبُورِ}
في تفسير هذه الآية يذكر ابن عباس أن المراد من الأحياء في، وما یستوی الاحیاء ولا الاموات،
هم علي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة وخديجة بنت خويلد.
ولما تزوج صلى الله عليه وسلم بزينب، قال المنافقون: تزوج محمد زوجة ابنه،
فأنزل الله قوله تعالى: {ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم} وقيل: قوله تعالى: {ادعوهمْ لآبائهم..}
فكان يقولون زيد بن حارثة ، كذا في السيرة وقال النووي: أجمع أهل السير على أن زينب أول
من مات من نسائه، صلى الله عليه وسلم وقيل: إن سودة ماتت قبلها وذكر في الكتاب «الدر المكنون»:
كانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول: "أنا خيرهن، وأكرمهن سفيراً، زوجني الله من فوق سبع سماوات وكان السفير بذلك جبرائيل، وأنا ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم وليس من نسائه قريبة غيري"
وذكر الفقيه أبو الليث في كتابه «البستان» إن زينب بنت جحش كانت امرأة [زيد] ابن حارثة ويقال لها:
أم المساكين لسخاوتها، وهي أول من مات من نسائه صلى الله عليه وسلم بعده،
وتوفيت زينب رضي الله عنها سنة إحدى وعشرين ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة.
5- أم حبيبة
أم حبيبة أم المؤمنين أرسل المصطفى النبي محمد إلى النجاشي يخطبها، فأوكلت عنها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشي أربع مائة دينار وأولم لها وليمة فاخرة
وجهزها وأرسلها إلى المدينة مع شرحبيل بن حسنة.
تزوجت الرسول محمد سنة 7 هـ، وكان عمرها يومئذٍ 36 سنة، وذكر في شأنها القرآن:
{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }[ الممتحنة: الآية 7].
16- فاطمة الزهراء
فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول الإسلام ، أمها خديجة بنت خويلد. ذكرها القرآن في آيات كثيرة ، لكونها من أهل البيت، الآيات التي تشير إليها كثيرة وهي:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوثَرَ فَصَلِ لِرَبِّكَ وَانْحَرْإِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}
نزلت هذه السورة عندما فقد النبي كلا ولديه فـ استهزأ به الكافرون وأطلقوا عليه لقب
الأبتر والتي تعني مقطوع النسل لغوياً.
{إنمَا يريدُ اللهُ ليذهِب عنكُم الرِجس أهلَ البيتِ ويطَهركُم تطْهِيرا}
فهي تعد من أهل البيت على الرغم من الاختلاف الحاصل في تسميتهم.
{وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکیناً وَ یَتیماً وَ أَسیراً} يعتقد المؤرخون من السنة أن هذه الآية نزلت
بحقِّ علي، فاطمة،الحسن و الحسین وينقل ابن عباس شأن نزول هذه الآية فعندما مرض حفيدا النبي
محمد أي الحسن والحسين مرضاً شديداً نذر علي ثم فاطمة ثم الحسن والحسين الصيام ثلاثة أيام لشفاءهما ، فشفيا وعليه صاموا اليوم الأول وقد طرق الباب مسكيناً فدفعوا إليه بطعام إفطارهم ،
وفي مساء اليوم الثاني عند الإفطار طرق أيضاً الباب يتيماً فدفعوا بطعامهم إليه وتكرر ذات الموقف
في اليوم الثالث حين طرق الباب أسيراً فكان الماء هو ماتناولوه خلال ثلاث أيام .
وفي اليوم الرابع عندما تقصّى النبي محمد أحوالهم ، دعا إلى الله فنزلت هذه الآيات :
خولة بنت ثعلبة رضي الله عنه هي الصحابية التي اشتكت أمر زوجها أوس بن الصامت رضي الله عنه
إلى النبي محمد ﷺ ونزل بشأنها أوائل سورة المجادلة.
تقول عائشة رضي الله عنها " تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة
ويخفى عليّ بعضه"، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول:
"يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني."
اللهم إني أشكو إليك.. فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات:
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.
18- ناقضة الغزل
هي ريطة بنت عمرو بن سعد بن زيد، ورد ذكرها في قوله تعالى:
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ
أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[ النحل : 92].
وكانت خرقاء تغزل هي وجواريها من الغداة إلى نصف النهار، ثم تأمرهن فينقضن جميعاً ما غزلن،
فكان هذا دأبها لا تكف عن الغَزل، ولا تبقي ما غزلت.
19- زوجة أبي لهب
أم جميل بنت حرب بن أمية، حمّآلة الحطب، زوجة أبي لهب بن عبد المطلب.
غضبت عندما نزلت سورة المسد وازداد كرهها لرسول الله رغم أن ولديها عتبة وعتيبة تزوجا
بنتيّ الرسول وهما أم كلثوم ورقية اللتان تزوجهما عثمان بن عفان تباعاً بعدهما.
ذُكرت في القرأن الكريم في سورة المسد بوصفها امرأة أبي لهب ولم يذكرها باسمها صراحة
فقال عز وجل: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[ المسد : 4-5] . من نار.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}
قال: كانت تحمل الشوك فتطرحه على طريق النبي ليعقره وأصحابه.
تناولت كتب الحديث والسيرة أسماء صحابيات مجاهدات شاركن في الغزوات والمعارك،
وكان لهنَّ دور بارز فيها، وفيما يأتي ذكر لبعض أسمائهن وجهودهنّ المباركة:
نساء النبي -صلى الله عليه وسلم:
ففي يوم أحد:
"أنَّ أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كنَّ يدلجنَ بالقربِ يسقينَ أصحابَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم".
فاطمة الزهراء: حضرت غزوة أُحد وعالجت جرح النبي -صلى الله عليه وسلم-
بحصير أحرقته ووضعته على الجرح فسكن الدم.
صفية بنت عبد المطلب: ضربت يهودياً كان يطوف بحصن النساء يوم الخندق بعمود فقتلته.
رفيدة الأسلمية: كانت تداوي الجرحى وتقوم على خدمتهم، وكانت لها خيمة في المسجد النبوية
الشريف لعلاج الجرحى، وهي التي عالجت جرح سعد بن معاذ.
ليلى الغفارية: كانت تداوي الجرحى وتقوم على المرضى.
حمنة بنت جحش: شهدت أُحداً فكانت تسقي العطشى وتحمل الجرحى وتداويهم.
الربيع بنت معوذ: كانت تداوي الجرحى، وشهدت عدة غزوات، وبايعت بيعة الرضوان.
أم سليم: وهي والدة أنس بن مالك، حضرت غزوة حنين، وكانت تحمل خنجراً للدفاع
عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
أم أيمن بركة الحبشية: كانت تسقي المقاتلين يوم أحد،وشهدت خيبر.
فاضلة الأنصارية: زوجة عبد الله بن أنيس، حضرت غزوة خيبر وكانت حاملاً، فولدت في الطريق.
نسيبة بنت كعب: شهدت أُحداً مع زوجها زيد بن عاصم واشتركت في القتال، وأبلت بلاء حسناً،
وشهدت الحديبية وخيبر وفتح مكة وحنين واليمامة، وجُرحت اثنا عشر جرحًا في اليمامة وقُطعت يدها.
أسماء بنت يزيد بن السكن: وهي خطيبة النساء، قتلت 9 من الروم بعمود الخيمة في معركة اليرموك.
أم عطية الأنصارية: غزت سبع غزوات.
أم سليط: من المبايعات، حضرت مع النّبيّ -صلّى اللَّه عليه وسلّم- يوم أحد،
قال عمر بن الخطاب: كانت ممن يزفر لنا القرب يوم أحد.
أم حرام بنت ملحان: وقد خرجت مع الصحابة في غزوة قبرص،
وسقطت عن فرسها هناك فماتت ودفنت في قبرص.
مهام الصحابيات في المعركة مداواة الجرحى ونقلهم إلى الوحدة الطبية.
سقي المقاتلين، وخرز الأسقية. دفن الشهداء.
إعداد الطعام.
القتال في حالة الضرورة.
تشجيع المقاتلين. غزل الشعر للجام الفرس.
مناولة السهام للمقاتلين
يوجد عدة أحاديث صحيحة تُبين مهام الصحابيات -رضي الله عنهنَّ-
في أرض المعركة، وبيان بعضها ما يأتي: عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت:
"غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام،
وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى".
عن الربيع بنت معوذ بن عفراء -رضي الله عنها- قالت:
(كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الجَرْحَى، وَنَرُدُّ القَتْلَى إلى المَدِينَةِ).
إعطاء النساء من الغنيمة كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهن بسهم؟ فكتب إليه ابن عباس: "قد كان يغزو بهن، فيداوين الجرحى،
ويحذين من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن"، أي يعطين من الغنيمة مكافأة على جهودهن
-رضي الله عنهن وأرضاهن.
إن الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، بل هو أفضل ما تقرب به
المتقربون وتنافس فيه المتنافسون بعد الفرائض، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من نصر المؤمنين
وإعلاء كلمة الدين، وقمع الكافرين والمنافقين وتسهيل انتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين.
وإخراج العباد من الظلمات إلى النور، ونشر محاسن الإسلام وأحكامه العادلة بين الخلق أجمعين،
وغير ذلك من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة للمسلمين، وقد ورد في فضله وفضل المجاهدين
من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يحفز الهمم العالية، ويحرك كوامن النفوس إلى المشاركة
في هذا السبيل، والصدق في جهاد أعداء رب العالمين.
وهو فرض كفاية على المسلمين إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وقد يكون في بعض الأحيان
من الفرائض العينية التي لا يجوز للمسلم التخلف عنها إلا بعذر شرعي، كما لو استنفره الإمام أو
حصر بلده العدو أو كان حاضراً بين الصفين.
ففي هذه الآيات الكريمات يأمر الله عباده المؤمنين أن ينفروا إلى الجهاد خفافاً وثقالاً،
أي: شيباً وشباباً، وأن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، يخبرهم عز وجل بأن ذلك خير لهم في
الدنيا والآخرة، ثم يبين سبحانه حال المنافقين وتثاقلهم عن الجهاد وسوء نيتهم، وأن ذلك هلاك لهم
بقوله عز وجل:{ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التوبة:42] .
أما الأحاديث الواردة في فضل الجهاد والمجاهدين، والتحذير من تركه والإعراض عنه فهي أكثر من
أن تحصر، وأشهر من أن تُذكر، ولكن نذكر طرفاً يسيراً ليعلم المجاهد الصادق شيئاً مما قاله نبيه
ورسوله الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم في فضل الجهاد ومنزلة أهله.
ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة
خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها"
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله ﷺ:" مثل المجاهد في سبيل الله - والله أعلم بمن يجاهد في سبيله - كمثل الصائم
القائم، وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة "
أخرجه مسلم في صحيحه.
والأحاديث في فضل الجهاد والمجاهدين وبيان ما أعد الله للمجاهدين الصادقين من المنازل العالية،
والثواب الجزيل، وفي الترهيب من ترك الجهاد والإعراض عنه كثيرة جداً، وفي الحديثين الآخرين، وما جاء في معناهما: الدلالة على أن الإعراض عن الجهاد وعدم تحديث النفس به من شعب النفاق، وأن التشاغل عنه
بالتجارة والزراعة والمعاملة الربوية من أسباب ذل المسلمين وتسليط الأعداء عليهم كما هو الواقع،
وأن ذلك الذل لا ينزع عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم بالاستقامة على أمره والجهاد في سبيله،
والآيات في هذا المعنى كثيرة، ولما قام سلفنا الصالح بما أمرهم الله به ورسوله وصبروا وصدقوا في
جهاد عدوهم نصرهم الله وأيدهم وجعل لهم العاقبة مع قلة عددهم وعدتهم وكثرة أعدائهم،
كما قال عز وجل:
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249]
وقال عز وجل:
{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
[آل عمران:160]
فضل الرباط والحراسة في سبيل الله
الرباط : الإقامة في الثغور، وهي: الأماكن التي يخاف على أهلها أعداء الإسلام.
والمرابط : المقيم فيها المعد نفسه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه وإخوانه المسلمين،
وقد ورد في فضل المرابطة والحراسة في سبيل الله أحاديث كثيرة منها :
عن سلمان - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر
وقيامه وإن ماتت فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان"
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في
سبيل الله فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر" رواه أبو داود والترمذي
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن رسول الله ﷺ قال:"رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات
مرابطاً في سبيل الله أمن الفزع الأكبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة ويجري عليه أجر المرابط
حتى يبعثه الله عز وجل" رواه الطبراني ورواته ثقات.
وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ:" كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا
مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة"
رواه الطبراني في الكبير بإسنادين رواة .
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: "عينان لا تمسهما النار:
عين بكت خشية من الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله قال حديث حسن غريب."
والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر للرجل والمرأة سواء:
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71] .
لذلك الشهادة في سبيل الله يتقدَّم لها الرجل والمرأة، الشاب والفتاة، الكل يَرغَب في إعلاء كلمة الله،
الشهيدة أم الشهداء، كيف ربَّت وجاهدتْ؟! كيف بذَلتْ وناضلت؟! كيف صَبَرت وصابرت؟! كيف أَعطت من ذاتها ورُوحها ومالها وفِلذة كبدها، بل وحياتها؛ فداء للإسلام والمسلمين؟!
تُخرِج الشرفاء، وتُقاوِم الأعداء، وتُرضي ربَ الأرض والسماء! وشهيدات اليوم سيَلحَقْن
- بإذن الله - بشهيدات الأمس في روضات الجنات، بجوار رب الأرض والسموات.
كانت سميَّة أول شهيدة في الإسلام؛ حيث كانت سابعة سبعة دخلوا في الإسلام، ومحمد
صلى الله عليه وسلم قد منَعه عمُّه، وأبو بكر رضي الله عنه منعه قومه، وبلال وصهيب وخبَّاب وعمار
وسمية لاقَوا من صُنُوف العذاب وأنواع التعذيب ما لم يتحمَّله بشر، لكنهم تحمَّلوه؛ طاعة لربهم،
وحباً لنبيهم، وفداء لدينهم.
سميَّة سمعت اللعين أبا جهل يَسُب رسول الله، فتَفَلت في وجهه وهي مُقيَّدة من يديها ورجلها،
فضربها الملعون في مكان عِفَّتها، فلقيتْ ربَّها شهيدة، وهي أول شهيدة في الإسلام!
وأم علقمة الخارجيَّة كانت مُجاهِدة صابرة في زمن الحجَّاج، أرسل عسكرَه ليأتوا بها إليه،
فأبَت الحضور، أخبروه بموقفها، فقال لهم: قيِّدوها بالسلاسل ثم أحضروها، فقيَّدوها
وأحضروها إليه، وحدث بينهم هذا الحوار:
الحجاج: كم خبطتِ بسيفك هذا خَبْط العشواء؟ وكانت تُعلِّق سيفَها على كَتِفها، ثم قال لها:
لمَ لا تَحضُرين إليَّ هنا؟ قالت: كيف أَحضُر إلى ظالم، لقد ضللتُ إذًا وما أنا من المهتدين، الله يقول:
{ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } [هود: 113]، وكانت لا تَنظُر إليه،
فقال لها: لمَ لا تنظرين إليَّ؟ قالت: إني أستحيي من الله أن أنظر إلى مَن لا ينظر الله إليه،
ثم أردفت: يا حجاج، إن الله صيَّركَ في عيني أحقر من ذبابة.
وسِيقَتْ إلى الإعدام مرفوعة الرأس، عالية الجبين، لا تتزلزل لها قَدمٌ، ولا تَلين لها قناة!
ورَوت أم حَرَام بنت مِلْحان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ من قيلولته نهارًا وهو
يضحك، قالت: يا رسول الله، ما يُضْحِكُك؟ قال صلى الله عليه وسلم:
"عَجِبتُ من قوم من أمتي يركبون البحرَ الأخضر، كالملوك على الأَسِرَّة"،
فقلتُ: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنتِ منهم"، ثم نام،
فاستيقظ وهو يضحك، فقال مِثْل ذلك مرتين أو ثلاثًا، قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني
منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنتِ من الأوَّلِين" رواه البخاري.
وبعد أن انتصر المسلمون على الروم، بقيادة معاوية في أسطول بحري مُكوَّن من مائة
وعشرين سفينة، وفي طريق العودة إلى بلاد الشام جاؤوا لأم حرام بدابة لتركبها إلى المرفأ،
الدابة، فسقطت عنها على عُنُقها، فماتت شهيدة رضي الله عنها؛ لتتحقَّق بذلك النبوءة الصادقة
للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث شاركت أم حرام مع الأوَّلين، واستشهدت بُعيد المعركة،
استشهدت أم حرام وكان عمرها حينذاك 86 عامًا، وكان ذلك في عام 29 هـ، ودُفِنت في نَفْس
الموضِع الذي سقطت فيه، والذي يُعرَف باسم "قبْر المرأة الصالحة"، والموجود في مدينة
"ليماسول" القديمة القريبة من مدينة لارناكا، ويبقى قبر الصحابية الجليلة في قبرص.
وهذه ماشطة ابنة فرعون ضحَّت بأولادها أمام عينيها؛ لتفدي دينَها، ولتَثْبُت على مبدئها،
ولما تقاعست عن تَرْك رضيعها ليأخذه زبانية فرعون إلى الزيت المغلي، جعل الله لها آية في
الدنيا قبل استشهادها؛ حيث أنطق الرضيع:
"اثبتي يا أماه؛ فإنك على الحق، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة"،
فقذفوه، ثم لما ثَبتتْ بعد كلِّ ذلك قذفوها كذلك حتي لقيتْ ربَّها شهيدة الحق والدين، فلله درها،
ما أعظم ثباتها، وما أكثر ثوابها!
حيث كان لها آية أخرى بعد استشهادها، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئًا
من نعيمها فحدَّث به أصحابه، فقال لهم فيما رواه البيهقي:
"لما أسري بي مَرَّت بي رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة؟ فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون، وأولادها"
تَعِبت كثيرًا لكنها استراحت أكثر؛ وقد قال الله تعالى في شأنها:
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران: 169].
نساء مضين، وجاورن ربهن، وهنّ اليوم في جناتٍ ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر،
ربما اليوم أحسن منهن في الدنيا حالاً، وأكثر نعيمًا وجمالاً.
قال تعالى: "تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" [الشورى: 22]،
روضات الجنات: قال مجاهد: المكان الموفق،
وقال غيره: مستقرون في أطيب بقاع الجنة وأنزهها،
قال الرازي روضة الجنة: أطيب بقعة فيها، وهي البقاع الشريفة من الجنة!
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن امرأة من أهل الجنة اطَّلعتْ على أهل الأرض،
لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحًا، ولنَصِيفُها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها" رواه البخاري.
النساء شقائق الرجال ، والمرأة في سيرة وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لها مكانة عظيمة ، فهي عرض يُصان ، ومخلوق له قدره وكرامته .
وقد خاطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرجل والمرأة بوصايا وتكاليف ، وكل أمر ونهي عام في أوامر ووصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه شامل للرجل والمرأة قطعاً ،
والمرأة داخلة فيه بلا شك ، وإنما يوجه الخطاب للرجال تغليباً على النساء ، وهذا أمر سائغ في اللغة ،
إلا أن هناك أحكاماً ووصايا لا خلاف في اختصاصها بالمرأة دون الرجل ،
مما يدل على اعتبار شخصيتها المستقلة عن الرجال .
ولذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجه للنساء خطاباً خاصاً بعد حديثه للرجال ،
وربما خصهنّ بيوم يعلمهن فيه دون الرجال .
عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قالت النساء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
"غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فوعدهن يوماً لقيهن فيه ، فوعظهن وأمرهن"
[البخاري] .
وكانت ثمرة ذلك الاهتمام وتلك الوصايا النبوية للمرأة ، صوراً مشرقة في التاريخ من النماذج
النسائية المثالية .
وهذه باقة من بعض وصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمرأة ، نرى من خلالها اهتمام
النبي - صلى الله عليه وسلم ـ بها وبدورها، وحرصه على صيانتها وسعادتها .
المرأة راعية في بيتها : الراعي هو الحافظ المؤتمن ، الملتزم بمصالح ما قام عليه في أموره الدينية والدنيوية ، والذي سيسأل
أمام الله عن رعيته : ضيع أم حفظ ؟ ! . والمرأة مسؤولة أمام الله تعالى عن بيت زوجها وأولاده ،
وستسأل عن ذلك ، ضيعت أم حفظت ؟، نصحت أم غشت ؟ .
عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
"ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته : فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته ،
والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم ،
والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" [مسلم] .
وعن الحسن أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه ، فقال له معقل :
إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم
يقول : " ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة "
[البخاري] .
طاعة الزوج : من أسباب دخول المرأة الجنة من أي أبوابها شاءت : محافظتها على الصلوات الخمس ،
وصيامها رمضان بتمامه ، وعفتها ، وكذلك طاعتها لزوجها .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
"إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها،
دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" [ابن حبان] .
وعن حصين بن محصن قال : حدثتني عمتي قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في بعض الحاجة فقال لي :
"أي هذه ! أذات بعل ؟ قالت : نعم ، قال : كيف أنت له ؟
قالت : لا آلوه " لا أقصر في طاعته وتلبية ما يطلبه" إلا ما عجزت عنه ، قال : فانظري أين أنت منه ،
فإنه جنتك ونارك "(أحمد) .
وأكد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وصايا كثيرة للمرأة على حقوق زوجها عليها ، وجعل أول وأهم هذه الحقوق : الطاعة في غير معصية الله ، وحسن عشرته وعدم معصيته ،
إياك والطلاق : الطلاق لا ينازع أحد في حاجة الزوجين إليه ـ أحياناً ـ ، حينما يتعذر العيش معا تحت سقف واحد ،
وإذا بلغ النفور بينهما مبلغاً ، يصعب معه التودد والاستمرار ،
فالواجب أن يتفرقا بالمعروف والإحسان ، كما اجتمعا بهذا القصد ،
كما قال الله تعالى : {وإن يتفرقا يغنِ الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً}(النساء:130) .
لكنه في الوقت نفسه عظيم الخطب ، شديد الآثار والأضرار ، فكم هدم من بيوت المسلمين ،
وكم قطع من أواصر للأرحام ، وفرق من شمل للأولاد ،
ومن ثم حذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم - المرأة ـ خاصة ـ منه ، ومن طلبه من غير حاجة ملحة له .
كاسيات عاريات : مما غزانا به أعداؤنا في هذا الزمان هذه الأزياء للمرأة التي وضعوا أشكالها وتفاصيلها
وراجت بين المسلمين ، وهي لا تستر العورة لقصرها ، أو شفافيتها ، أو ضيقها ،
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم ـ عن ظهور هذه الأنواع من الألبسة على نساء آخر الزمان
وحذر المرأة من ذلك ، كما جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
"صنفان من أهل النار لم أرهما : قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ،
ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت (الجمال طوال الأعناق) المائلة ،
لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" [مسلم] .
قال النووي : " هذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع هذان الصنفان ، وهما موجودان "، وفيه
ذم هذين الصنفين ، قيل : معناه كاسيات من نعمة الله ، عاريات من شكرها ، وقيل : معناه تستر
بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً بحالها ونحوه ، وقيل : معناه تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها .
وأما مائلات فقيل : معناه عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه ،
مميلات : أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم ، وقيل : مائلات يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن ،
ومعنى رؤوسهن كأسنمة البخت : أن يكبرنها ويعظمنها
بلف عمامة أو عصابة أو نحوها .. " .
وهكذا كانت المرأة في سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحياته وهديه ،
لها من المكانة والمنزلة ، ولا نظير له في أي مجتمع آخر مهما ادعى الحفاظ على حقوقها وكرامتها،
وسيظل دورها رائدا في صلاح وبناء المجتمع ولا يمكن إغفاله ولا إهماله ،
فهي الأم والزوجة ، والبنت والأخت .
فكوني أختي المسلمة حفيدة فاطمة وأسماء , وقافة بالطاعة والامتثال عند أوامر ووصايا
النبي - صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد قال الله تعالى للرجال والنساء جميعاً :
{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب }(الحشر: من الآية7) .
قال تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها
كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيما} [النساء (129)].
معنى الآية: أن الرجال لا يستطيعون العدل بين النساء من جميع الوجوه؛ لأنه لا بد من التفاوت
في المحبة ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، فلا تميلوا كل الميل إلى واحدة فتتركوا الأخرى كالمعلقة،
لا ذات بعل ولا مطلقة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«استوصوا بالنساء خيراً؛ فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه،
فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته، لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء». متفق عليه.
قوله: «عوج» هو بفتح العين والواو.
العوج: بفتحتين في الأجساد، وبكسر العين في المعاني فالصواب الكسر،
قال الله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا} [الكهف :1]
وفي الحديث: إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم عليهما السلام، وأن طبيعة المرأة الاعوجاج
فلا بد من الصبر عليهن والرفق بهن.
عن عمرو بن الأحوص الجشمي - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -
في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى، وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال: «ألا واستوصوا بالنساء
خيراً، فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ».
عن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:
«أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت».
وقال: معنى «لاتقبح»: لا تقل: قبحك الله.
في هذا الحديث: وجوب إطعام المرأة وكسوتها،
والنهي عن تقبيحها وضرب وجهها، وجواز هجرها في البيت تأديباً لها.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم».
في هذا الحديث: دليل على أن حسن الخلق من أفضل الأعمال.
وفيه: الحث على معاملة الزوجة بالإحسان إليها، وكف الأذى عنها، والصبر على أذاها.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة». رواه مسلم.
قال القرطبي: فسرت: المرأة الصالحة في الحديث بقوله:
«التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله».
كان للمرأة دورٌ مهمٌّ في المجتمع الإسلاميّ منذ بداية الإسلام، فكانت تتعلَّم وتُعلِّم،
وتُسافر لطلب العلم، ويقصدها الطلاب لأخذ العلم عنها، وتؤلّف الكُتب، وقد عملت كمفتيةٍ ومستشارةٍ
في الأمور العامَّة، وكانت جميع المجالات مفتوحة أمامها لكن في ظلٍ شرعيّ يحفظ طهرها وعفافها،
فقد كانت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- هي أوَّل من آمن بالرسول -صلى الله عليه وسلم-،
وكانت حصناً منيعاً وملاذاً للدعوة الإسلامية حتّى وفاتها.
وكانت سمية بنت الخياط أول شهيدةٍ في الإسلام، ورقية بنت محمد -صلى الله عليه وسلم-
أول من هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه-،
وقد اشتُهرت الصحابيات بالعديد من المجالات، منها ما يأتي :
الفقه والعلم: عُرفت المرأة المسلمة بعطائها العلميّ والفقهيّ وظهرت كمفتية ومحدّثة،
ومن العالمات من كانت تُعطي دروساً في مجالس العلم في كبار المساجد التي يقصدها
طلاب العلم من كافة الأقطار، وقد برزت أمهات المؤمنين وعددٌ من الصحابيات كمناراتٍ للعلم
والأدب والثقافة وعلى رأسهن أُم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- التي كانت عالمةً بليغةً فصيحةً،
فكانت عالمةً بالأنساب والشّعر، ورُوي عنها أنّها تملك نصف العلم ، لذلك كان يقصدها الصحابة عندما
يتعسّر عليهم بعض المسائل الفقهية، وقد روت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- العديد من
الأحاديث النبوية وخاصّة ما يتعلق بحياته الشخصية، وكانت أم سلمة -رضي الله عنها-
من فقهاء الصحابة، و روت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث الشريفة،
وقد حفلت كتب العلم بأسماء الصحابيات اللواتي عُرفن بالعلم والرواية، وقد خَصّصت كتب
الطبقات أجزاءً كاملة لترجمة المرأة المسلمة.
تعليم الرجال: أسهمت المرأة المسلمة في صناعة كبار العلماء، ومن أمثلة ذلك ما يأتي: الفقيهة المحدثة طاهرة بنت أحمد التنوخية كانت معلمة للمؤرّخ والمحدّث
الشهير الخطيب البغدادي صاحب كتاب تاريخ بغداد.
أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل، كانت من أفقه الناس في المذهب الشافعي،
وكانت على علمٍ بالفرائض والحساب والنحو، وكانت مفتية ويُنقل عنها الحديث. جليلة بنت علي الشجري، كانت تعلم الصبيان القرآن الكريم، وكانت ممن رحلن في طلب الحديث
في العراق والشّام، وسمع منها بعض كبار العلماء كالسمعاني.
زينب بنت مكي الحراني التي قضت عمرها كلّه في طلب الحديث والرواية، وازدحم الطلاب
عندها في دمشق، فسمعوا منها الحديث، وقرؤوا عليها كثيراً من الكتب.
زينب بنت يحيى بن العز بن عبد السلام، فقد تفرَّدت برواية المعجم الصغير
بالسّماع المتَّصل، وكانت مُحدّثة بارعة ذات سند في الحديث، ورحل إليها كثير من الطلاب.
العلم والحديث: ذكر الرحالة ابن بطوطة أنَّه في رحلته لدمشق سمع لعددٍ من المُحدِّثات
مثل: زينب بنت أحمد، وعائشة الحرانية، وقد تفردت بعض المحدّثات ببعض الروايات،
وكانت بعض العالمات تقدم الإجازة لعددٍ من كبار العلماء، وقد أورد عددٌ من العلماء اسم
شيخاته كابن حجر، والذهبي، وابن حزم الأندلسي الذي كان للنّساء دورٌ كبيرٌ في تربيته
وتثقيفه وصقل شخصيته، فهو لم يُخالط الرجال إلا بعد أن أصبح شاباً، وكانت من العالمات
الجليلات فاطمة السمرقندي التي اشتهرت بالفتوى لدرجة أنَّها تُصحّح لزوجها الكاساني
بعض الفتاوى، وتُخرج الفتاوى وعليها توقيعها، وكان يستشيرها ملك
الدولة نور الدين محمود في بعض أُمور الدولة الداخلية، وبعض المسائل الفقهية.
ترجمة النساء: ذكر السّخاويّ ترجمة لأكثر من ألف امرأة عُرفن في القرن التاسع بالفقه والحديث،
وكذلك ذكر السيوطي شيخاته ودورهنّ البارز في تكوينه العلميّ، وقد عُرفت في تلك الفترة العالمة
العظيمة عائشة الباعونية الصوفيّة الشّاعرة التي كان لها عدد من المصنفات والدواوين والقصائد الصوفيّة.
العطاء في المحن والأزمات: اشتهرت النّساء المسلمات بممارسة دورهنّ العلميّ بالرغم من تعرّض
قلاع الإسلام للسقوط في الأندلس، وتعرّض المسلمين للتعذيب وفُرض عليهم التنصّر،
ومن النساء اللاتي برزن هناك وكانتا مرجعيّةً للمسلمين في علوم الشريعة،
وتخرّج على أيديهنّ عددٌ من الدّعاة هما: مسلمة أبده، ومسلمة آبلة.
الأدب والشعر: لم تشتهر المرأة المسلمة بالعلم و الفقه فقط؛ وإنّما كان لها دورٌ
في الأدب والشّعر حتّى تفوّقت بعضهن على الرجال مثل: الخنساء تماضر بنت عمرو السلمية،
التي تُعدُ من الشاعرات المخضرمات، لأنَّها عاشت في الجاهلية والإسلام، فقد شهدت مجيء الدّعوة الإسلامية، وأسلمت في السّنة الثامنة من الهجرة، وصارت صحابية جليلة، وشاعرة، وقدوة حسنة في حرية الرأي وقوة الشخصية لنساء عصرها، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم-
يُعجب بشعرها، وقد أجمع علماء الشّعر على أنَّه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أفضل في الشّعر منها.
إنّ النساء الصالحات خير كنز للمؤمنين، سواء كُنّ بنات، أم زوجات، أم أمهات، فهنّ رمز للعفة
والطهارة، وامتثال أوامر الله -عز وجل- في كل صغيرة وكبيرة، ومثالٌ أعلى يُحتذى به،
وهنّ يعلَمن أنّ طريق الصلاح نهايته سعيدة وثمرته حلوة في الدنيا والآخرة، فيَسْعَيْن جاهداتٍ للفوز
برضا خالقهن -تبارك وتعالى-،
ونذكر أبرز صفاتهنّ الكريمة فيما يأتي:
* التقوى وطاعة الله وهذه الصفة من أبرز صفات المؤمنة الصالحة، وهي صفة يجب أن يشترك فيها الرجال والنساء،
حيث إن الغاية التي خُلِق من أجلها الإنسان هي طاعة الله -سبحانه-، فالنساء الصالحات
محافظات على الصلوات الخمس في أوقاتها، وصيام شهر رمضان كما يُرضي الله -جلّ وعلا-،
ويُحافظن على ذكر الله -تعالى-، وأداء الفرائض والنوافل، وغيرها من الطاعات والعبادات.
* مجاهدة النفس مِن صفات المرأة الصالحة أنّها تُحاسب نفسها دائماً على أيّ تقصير، وتستشعر مراقبة
الله -تعالى- لها في كلّ وقت، وتُجاهد نفسها وهواها في سبيل مرضاة الله -عز وجل-،
وتحرص على طاعة الله وعلى التقرّب منه، مُسْتحضِرةً قول الله -تبارك وتعالى-:
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.
* الحياء والعفّة إنّ الحياء من أبرز الصفات التي تتميّز بها المؤمنة الصالحة، وقد قال النبي
-صلى الله عليه وسلم-: "الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ"، فالحياء يبعث على فعل الحسن
وترك القبيح من الأقوال والأفعال، ويحملها ذلك أيضاً على العِفّة والاحتشام وعدم التبرّج
ومخالطة الرّجال، ولكن في المقابل لا يمنعها من طلب الحقّ والعلم ونحوه.
* الصبر والرّضا الصبر من الصفات المهمّة في المرأة الصالحة، فهي تصبر على طاعة الله،
وتصبر عن معصيته، وتصبر كذلك على أقدار الله -تعالى- وترضى بها، ولا تتسخّط وتجزع منها،
وتعلم أنّ الخير فيما اختاره الله، وهي أيضاً تصبر على أداء حقوق زوجها وعلى تربية أبنائها،
وقد وعد الله -سبحانه- الصابرين والصابرات بالثواب العظيم والأجر الكبير.
* حسن العِشرة من صفات المرأة الصالحة وخاصّة إذا كانت زوجة حسن العشرة مع زوجها
ومع مَن حولها، ولذلك أوصى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الرّجلَ أن يظفر بصاحبة الدين،
فقال: "تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ"،
ويكون ذلك بطاعتها لزوجها في غير معصية الله -سبحانه-، وبحرصها على نشر السّكينة
والمودّة في المنزل، وحفظ ماله وسرّه، ونحو ذلك من صفات الزوجة الصالحة.
* صفات أخرى للنساء الصالحات إنّ الحديث عن صفات وأخلاق النساء الصالحات لا يتّسع له المقام،
ونذكر أبرز الصفات الحسنة الأخرى فيما يأتي:
سبّاقات لصنع المعروف والخير، ويقدمّن ما يستطعن من أعمال الخير دون منّ ولا أذى.
عفيفات طاهرات، حافظات لأنفسهن، وإن خرجن التَزَمنَ الضوابط الشرعية.
ناصحات صادقات، إذا طُلبت منهن النصيحة لا يبخلن.
لا يخَفن في الله لومة لائم، فيُنصفن المظلوم، ولا يرضين بغَيْبة أحد أمامهن.
زاهدات راضياتبما وهب الله لهن بلا تكليف أنفسهن بما لا يطاق.
مربيات لأولادهن، فهنّ حريصات على تربيتهم التربية الصالحة ليكونوا الجيل
الصالح الذي ينهض بهذه الأمة.
حريصات على العلم الشرعي والتفقّه في دين الله، وحريصات على قراءة القرآن الكريم.
داعيات إلى الله، فهنّ حريصات أشد الحرص على الدعوة إلى دين الله -عز وجل-
وإحياء سنة رسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
السلام عليكم ورحمة الله
جيت أنوّر القسم العام ، اللي شهدوا الخبصة اللي صارت استروا علينا
هالموضوع له شهر بالورشة والآن لقررت اطلعه للنور وطول وهو بالورشة
أغير بالوان التنسيق كل أسبوع يزيد لون xd
ولسا ما احس راضية تماماً عن المحتوى والفقرات بس خلص طولت فيه بجد
ووراي كثير لازم ننجز
حتى نسيت كيف خطرلي اسوي هالموضوع :$ ، ما عندي كثير كلام أقوله أصلاً
بس خليت الخاتمة مشاركة لحالها لأنها المشاركة العاشرة وآخر الصفحة
نشكر جولز عتصميم الطقم وديمو عالاغلفة والتواقيع
نراكم في مواضيع أخرى خطيرة مثلي
وفي أمان الله
-
نحن في أيام فضيلة والأجر فيها مضاعف
وكل شخص وقدرته من صيام ، صلاة ، صدقة ، دعاء
وتقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال
وربنا يفرج عن جميع المسلمين في كلّ بقاع الارض
ويرحم موتانا ويشفي مرضانا ويردّ الاسرى سالمين لأهلهم.