تميزت كل بقعة من بقاع العالم بأمر دون باقي البقاع، فأتقنته وأبدعت فيه حتى صار من يدخل غريبًا يقف فاغرًا فاه غير مصدق إن كان ما يراه ويسمعه حقيقة ومبلغ البشري القاصر أم لا. كانت العرب أيام الجاهلية أفصح وأشعر القبائل، حتى بات الشعر سلاحًا يستضعف من لا يجيد استخدامه. وكما يكون لكل جماعة ملك فقد كان لكل قبيلة شاعرها وسلاحها وسابغتها أمام باقي القبائل.
هو أبو عباد عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير وهذه شجرة نسبه حتى جده الأكبر عدنان
هو جد العدنانيين العرب لدى علماء النسب، كما وينسبون الرسول صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله باعتبار
عدنان جده العشرون. أما من جهة أمه، فهو عمرو بان ليلى بنت عدي بن ربيعة.
والد عمرو بن كلثوم وفارس وسيد من أسياد قبيلة تغلب.
أم عمرو بن كلثوم وسيدة من سيدات تغلب ابنة العدي بن ربيعة وابنة خال امرئ القيس،
عرفت كذلك بنظمها للشعر وعنفتها وعزة نفسها بالقبيلة بين الأسياد، عندما تزوجت
كلثوم رأت رؤيا هي كذلك تدعم ما رآه والدها حين عدل عن وأدها لكونها ولدت بنتًا.
جد عمرو بن كلثوم لأمه، وهو عدي (مهلهل) بن ربيعة بن الحارث
بن زهير بن جشم، المعروف بلقب الزير أو الزير سالم،
هو شخصية بارزة من تغلب عرفت بفروسيتها وبأسها بين القبائل،
يعد المهلهل أحد أقدم شعراء العصر الجاهلي،
قال ابن سلام: «وكان شعراء الجاهلية في ربيعة؛ أولهم المهلهل»،
وقيل أيضاً: «وكان أول من قصّد القصائد وذكر الوقائع المهلهل بن ربيعة
التغلبي في قتل أخيه كليب وائل». فقد نظم هذه الأبيات في رثاء أخيه كليب:
نُبّئتُ أن النار بعدك أوقدت
واستبَّ بعدك يا كليب المجلس
وتكلموا في أمر كل عظيمة
لو كنت شاهدَهم إذاً لم ينبسوا
اختلف المؤرخون حول سبب تسميته بالمهلهل،
فانقسمت الآراء بين من أرجع ذلك إلى قوله:
لمّا توعر في الكراع هجينُهم
هلهلتُ أثأرُ مالكاً أو صنبلا
في حين رجح الأصمعي سبب اللقب لاضطراب شعره فقال:
"إنما سُمّي مهلهلاً لأنه كان يهلهل الشعر،
أي يرقّقه ولا يُحْكِمُه". كما ووردت آراء وتفسيرات أخرى بهذا الخصوص.
شاعرة عربية جاهلية وهي أخت كليب والمهلهل وعمة ليلى بنت المهلهل، كانت من بين ضحايا الحرب البسوس إذ فقدت فيها أعز ناسها من بينهم أخوها كليب وزوجها.
أخو عدي وسيد قبيلة تغلب بعد بعد والديهما، كانت تضرب به المثل في السيادة
والحكم والعزة فيقال: : «أعز من كليب وائل»، ثم أصبحت السيادة عند المهلهل بعد مقتله من بني وائل.
ابن عمرو بن كلثوم عرف بشدته وصلابته على خطى
والده كما واشتهر إسمه كما اشتهر والده بالشجاعة والصلابة والفروسية
كماوكان شاعرًا مميزًا كوالده. له أخوين آخرين عبد الله وعباد وأخت واحدة إسمها نوار. بعد وفات والده كتب فيه يرثيه:
لِيَبكِ ابنَ كُلثُومٍ فَقَد حانَ يَومُهُ
يَتامى وَأَضيافٌ وَكُلٌّ مُضَيَّعُ
وَحيٌّ إِذا ما أَصبَحوا في دِيارِهم
بشَهباءَ فيها حاسِرٌ وَمُقَنَّعُ
وَكانَ إِذا لاقاهُمُ صَدَّ جَمعَهُم
مَهابَتُه وَخَوفُهُ فَتَصَدَّعُوا
لَعمري لَقَد ضاعَت أُمورٌ كَثيرَةٌ
وَذَلَّ مِن الأَوداهِ ما كُنتَ تَمنَعُ
نشأ عمرو بن كلثوم في عائلة عظيمة وذات خلفية شديدة. فوالده، كلثوم بن مالك كان من أسياد قومه وتزوج ليلى
بنت المهلهل والتي كانت بدورها ابنة شاعر وفارس عظيمٍ وعائلة من أسماء ترسخت بماء الذهب في تاريخ الشعراء، حين ولدت
ليلى أراد والدها وأدها كونه أراد إبنًا لا بنتًا، لكنه رأى رؤيا تخبره أنه سيكون من نسلها رجل رهيب وسيد لقومه وتراجع عن قراره.
ترعرع عمرو في بيئة تجمع بين الشرف والقوة من الجانبين في قبيلة تغلب، وهذا ما بنى شخصيته الفولاذية وعزتها التي لا يهزها ريح
فهو ابن سادة تغلب، القبيلة المرعبة، طبيعيٌّ أن يكون معتزًا بنفسه وفخورًا بأهله وقومه كما وتميز بصفات نبيلة كالشاعرية والفروسية
والخطابة والكرم والجسارة، مما جعله وعند بلوغه الخامسة عشر من عمره فقط سيادة إحدى أقوى القبائل العربية في العصر الجاهلي، وقد
قيل عنها: "لو تأخر الإسلام قليلاً لأكلت بنو تغلب الناس".
عاش حياته عزيزًا سيد قومه متفاخرًا بنسبه وبقبيلته، اشتهر بعنافته وحبه لذاته ولقبيلته فاعتمد على ضمير "نحن" واشتهر به في قصديته،
حتى وأنه تم تلقيبه بشاعر القصيدة الواحدة لتركيزه على نفس الموضوع في كل قصائده وذلك تعبيرٌ عن شدة فخره بذاته وقبيلته. ورغم
جزالة قصائده وصعوبة كلماتها، إلا أنها اعتُبرت من أوضح القصائد في المعاني حتى وأن قبيلته اعتبرتها بمثابة الالياذة أو أوديسة بني تغلب.
فقد كان القارئ أو المستمع يستطيع بسهولة فهم غرض الشاعر وما يريد سرده في قصيدته.
اشتهر كذلك بنسبه وعائلته العظيمة قوةً ومكانةً وأدبًا، بداية من والده الذي اعتبر من أسياد القبيلة وكبارها مرورًا بأمه الشاعرة ليلى بنت المهلهل ابنة أحد كبار شعراء الجاهلية وفرسانها عدي بن ربيعة والذي اشتهر إسمه بالمهلهل كما وارتبط إسمه بحرب العرب البسوس التي اندلعت على إثر
قتل أخيه كليب. لا يتوقف مجد النسب عند جده فقط، فابن عمة أمه هو الشاعر امرؤ القيس شاعر الملك وعمة أمه شاعرة ذات مكانة بين العرب
وكذلك الملك الثقيل الإسم بين العرب كليب وقد كان عم أمه، بالعودة لأسرته الصغيرة فقد كان أخوه كذلك مشهورًا بقوته وشهامته إذ ارتبط إسمه
بقتل الملك النعمان كما ارتبط إسم عمرو كذلك بقتله لعمرو بن هند ملك المنذرة. قضى حياته كبيرًا وعزيزًا لا يقرب قصور الملوك ولا ينظم فيهم مدحًا لشدة عزة نفسه، وبدل أن يذهب هو للملوك كانت الملوك تأتيه لبيته حتى تجرأ عليه عمرو بن هند وأراد إذلاله وكسر شوكته، وقد كان هذا قرارًا يجانب الحكمة من طرف الملك آنذاك فقد كلفه حياته وجعل إسمه مرسخًا ذلًا في معلقة حفظها الكبير والصغير بعد إراقة دمائه وإعادة شرف أمه وعزتها أن صرخت "واذلاه".
يرجح المؤرخون أنه كان على مسيحيًا على دين قبيلته، فقد كانت تغلب نصرانية وبقيت على نصرانيتها حتى وقت متأخر بعد الإسلام
والذي يقدر بأربعة قرون. كما وله بيتين ذكر فيهما الله وهما:
تالله إما كنت جاهلة من سعينا فسلي بنا كلبا
والبيت الثاني:
جزى الله الأغر يزيد خيرا ولقاه المسرة والجمالا
أما بالنسبة لصفاته، فقد كان عمرو بن كلثوم سيد قومه منذ صغره، وكان أعز الناس نفسًا وأكثرهم امتناعًا وأنفة، كان شاعرًا نبيهًا سريع
البديهة.واشتهر بين أبناء قبيلته بشجاعته وقوته فيخوض الحروب دون خوف. وتروي الروايات أن الحارث بن الأعرج جاء مهاجمًا بني تغلب،
فاندلعت معركة شديدة بينهما، انتهت بهزيمة قاسية لبني غسان، مما أدى إلى مقتل شقيق الحارث. وفي ذلك الوقت قال عمرو:
هلاّ عطفتَ على أخيك إذا دعا
بالثكل ويل أبيك يا ابنَ أبي شَمِرْ
العصر الجاهلي، المعروف بالجاهلية، هو مصطلح إسلامي يشير إلى فترة ما قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، حيث كانت تسود حالة
من الجهل والكفر قبل نزول الوحي على النبي محمد. يُشتق هذا المصطلح من كلمة "الجهالة" التي تعني التصرف بغباء.
رغم العادات السلبية المنتشرة في هذا العصر، إلا أن العرب أبدعوا أدبيًا وفكريًا بشكل لا يمكن إنكاره، وقد أثروا الأدب والحضارة بشكل كبير.
تُبرز الكتب التاريخية شجاعتهم وفروسيتهم، حيث كانت معاركهم مثالاً للشجاعة البطولية.
تميّز العصر الجاهلي بمعتقداته الدينية المتنوعة، حيث انتشرت عبادة الأصنام مثل اللات وهبل، وعبد البعض الشمس والقمر أو كائنات حية مختلفة. كما عُرف عنهم بعض الديانات السماوية كالمسيحية واليهودية. اجتماعيًا، كانت العبودية شائعة، إذ اشترى الأسياد العبيد من الأسواق العامة، مما أدى إلى انتشار سلوكيات سلبية كاضطهاد العبيد والربا والسكر. كان معظم الجاهليين بدوًا يتنقلون بحثًا عن مأوى وطعام، بينما عاش البعض في ترف وبذخ. سيطرت فكرة الانتقام على أخلاقهم، وكانت حروبهم
مثل حرب البسوس، التي استمرت سنوات للانتقام. انتقصوا من شأن النساء، فكرهوا ولادة البنات ومارسوا الوأد، وفضلوا تعدد الزوجات.
رغم كل هذا، عُرف الجاهليون بكرمهم الشديد ومروءتهم، وكانوا فرسانًا شجعانًا يدافعون عن أرضهم وقبيلتهم بشجاعة. كانوا أذكياء وبارعين،
وقد نبغ منهم شعراء وأدباء مثل عنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمىوامرؤ القيس وعمرو بن كلثوم. كما برعوا في الطب والتاريخ والفلك.
اقتصاديًا، اعتمدوا على الزراعة وتربية الماشية والتجارة، وكانت هذه المجالات تشكل القوة الاقتصادية الرئيسية، وتوزعت حسب العوامل الجغرافية والمناخية.
أشهر أسواق العرب في الجاهلية كانت سوق عكاظ، وهي تقع بين الطائف ونخلة في صحراء مستوية لا تميزها سوى الأنصاب التي كانت للأهل الجاهلية والدماء المتبقية من الأضاحي. كان العرب يقيمون في هذه السوق من أول شهر ذي القعدة لبيع وشراء البضائع حتى العشرين منه، ثم يتوجهون إلى مكة لأداء مناسك الحج ومن ثم يعودون إلى أوطانهم. كان سوق عكاظ يجذب الناس من جميع أنحاء الجزيرة العربية، ومن كان له أسير يسعى لتحريره هناك، ومن له نزاع يلجأ إلى الحكماء من تميم، ومن كان يبحث عن شخص يطارده يجد ضالته في المواسم.
كانت سوق عكاظ مركزًا للتفاخر والمنافسات الأدبية، حيث يتفاخر الناس حتى في المصائب كما فعلت الخنساء وهند بنت عتبة. خلال المواسم، كان العرب يقيمون مجالس للبحث في مختلف المواضيع، وكان الشعراء والخطباء يعرضون أعمالهم، ويختارون كبيرًا من وجهائهم ليحكم بينهم. كان النابغة الذبياني يُحترم لدرجة أن تُنصب له قبة حمراء من الجلد ليحكم بين الشعراء.
كان العرب في عكاظ يشبهون اليونانيين القدماء في الجمناسيوم، حيث كانوا يتجمعون للألعاب البدنية والمناقشات الفلسفية والعلمية. هذه الاجتماعات كانت فرصة لتبادل الأفكار وتنقيح اللغة، حيث كانت قريش تستمع إلى لغات القبائل وتقتبس منها الألفاظ الجميلة، مما جعل لغتهم أفصح وأسلم من العيوب اللغوية التي كانت في لغات القبائل الأخرى.
هي مجالس يجتمعون فيها لتبادل الأشعار والأخبار ومناقشة أمورهم العامة، وكانوا يطلقون على هذه المجالس اسم "الأندية". من أبرز تلك الأندية
كان نادي قريش ودار الندوة بجوار الكعبة. لكل بيت كان هناك فناء مخصص للاجتماعات، وللقبائل كان هناك مجمع عام في المضارب.
وفي كل مكان يجتمعون فيه، كانوا يتبادلون الأشعار ويفاخرون ببعضهم البعض.
الشعرالجاهلي يعتبر من أقدم وأهم الفنون الأدبية في تاريخ العرب، نشأ في الجزيرة العربية قبل الإسلام بقرون طويلة. كان هذا الشعر يعكس
حياة العرب ومشاعرهم وأفكارهم وتجاربهم بشكل صادق، دون تزييف أو تحريف. تميز الشعرالجاهلي بخصائص فريدة في الأغراض والموضوعات والأسلوب.
شملت أغراض الشعرالجاهلي مختلف جوانب الحياة العربية، مثل المدح والفخر والرثاء والغزل والهجاء والوصف والسخرية. عبّر الشاعرالجاهلي عن فخره بنسبه وقبيلته، مجّد بطولاته، ورثى أحبته، وغزل بحبيبته، وهجا أعداءه، ووصف الطبيعة والحياة اليومية، وسخر من بعض العادات والتقاليد.
تميز هذا الشعر بأسلوبه الخاص، معتمداً على اللغة العربية الفصيحة، ومتنوعاً في بحوره وأوزانه. استخدم الشعراءالجاهليون صوراً بيانية متعددة، كالتشبيه والاستعارة والكناية، لإيصال أفكارهم ومشاعرهم بقوة وجمال.
كان للشعرالجاهلي دور هام في المجتمع العربي قبل الإسلام، حيث استخدم في المناسبات الاجتماعية، كحفلات الزفاف والولادة، ومجالس القبائل، والحروب. كما كان وسيلة لنشر الأخبار وتخليد مآثر الأبطال وحفظ الأنساب.
يعد الشعر الجاهلي سجلاً وثائقياً لحياة العرب في تلك الفترة، يوثق حياتهم وتقاليدهم ومعاركهم، ويصف البيئة الطبيعية وما فيها من جماد وحيوان. كما ذكر أسماء فرسانهم وآبار مياههم والأحداث البارزة. تميز الشعراءالجاهليون ببلاغتهم وذكائهم، وكانوا من أبرزهم شعراء المعلقات مثل: امرؤ القيس وعنترة العبسي وزهير بن أبي سلمى.
استفاد علماء اللغة من الشعر الجاهلي في وضع قواعد النحو والتأكد من صحتها، ولجأ علماء الفقه ومفسرو القرآن الكريم إليه لبيان معاني الكلمات.
تميز الشعر الجاهلي بخصائص متنوعة، سواء الموضوعية كالاستطراد والافتتاح بالوقوف على الأطلال والحكمة، أو المعنوية كتصوير الواقع بدقة والإحساس بجمالية الطبيعة. ومن أهم سماته الفنية استخدام التشبيه والمحسنات اللفظية والمعنويةوالاستعارة، والشكلية كالالتزام بتقاليد القصيدة.
تنوعت أغراض الشعر الجاهلي وتباينت حسب الحياة وأحوال البشر، منها:
- الغزل - الفخر والحماسة.
- المدح.
- الهجاء.
- الحكمة.
- الوصف.
اختلفت الآراء حول المعلقات وحقيقة تعليقها على أستار الكعبة، ففئة منهم قالت أن المعلقات بلغت من التعظيم أم علِّقت بأستار الكعبة، بينما أنكرت فئة أخرى الأمر ورفضوه. كان أبو جعفر النحاسي، نحوي، من أكثر من أنكروا هذا الخبر وأقدمهم، فقد أضاف في شرحه للمعلقات بخط يده ما يلي: «واختلفوا في جمع هذه القصائد السبع، وقيل: إن العرب كان أكثرهم يجتمع بعكاظ ويتناشدون الأشعار … فإذا استحسن الملك قصيدة قال: علقوها وأثبتوها في خزائني. فأما قول من قال إنها علقت في الكعبة فلا يعرفه أحد من الرواة، وأصلح ما قيل في هذا «إن حمادًا الراوية لما رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع وحضهم عليها، وقال لهم هذه هي المشهورات … فسميت القصائد المشهورة»، ونقل ذلك ابن الأنباري فقال: «وهو (حماد) الذي جمع السبع الطوال، هكذا ذكره أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة». ومنه، فهذه الفئة ترى أن المعلقات لم تعلق فعليًا بأسوار الكعبة وذلك لأنه لم ترد أي نصوص أو روايات قطعية بذلك. بالرغم من ذلك، فئة كبيرة تذهب مع فكرة أنها علقت على أستار الكعبة، فنجد عبد ربه، وعلى الرغم من معاصرته للنحاس فقد قال: «وقد بلغ من كلف العرب به (بالشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد ميزتها من الشعر القديم، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة وعلقتها في أستار الكعبة، فمنه يقال: مذهبة امرؤ القيس، ومذهبة زهير، والمذهبات سبع، وقد يقال لها: المعلقات» واستحسن هذا الرأي كثيرون من مختلف العصور ومنهم ابن رشيق، ايقونة نقد الشعر، الذي يرى أن هذا الرأي هو الأصوب كونه رأي مجموعة من العلماء بينما الرأي المعاكس ما هو إلَّا رأي مسبوق بكلمة "قيل" أي ليس له أساس قوي. كذلك ابن خلدون كان من أشد المتفقين على هذا الرأي وأن المعلقات قطعًا كانت معلقة على أسوار الكعبة، كما وافقهم أكثر العلماء والباحثين في هذا الموضوع، وظهر أن الإنكار الأشد لم يأتي إلا من بعض المستشرقين من الإفرنج وبعض من الكتاب العرب المنساقين.
يعد امرؤ القيس من أشهر وأرفع شعراء الجاهلية مكانة وأصلاً، حيث يتصل نسبه بملوك كندة، الذين يعتبرون من بطن كهلان بحسب قول العرب. كانوا يقيمون في البحرين والمشقر قبل أن يرحلوا إلى منازل كندةفي حضرموت حيث ينسبون إليها. عاشوا هناك فترة طويلة وتولوا بعض
المناصب في الدولة خلال عهد التبابعة الحميريين.قد ضاعت معظم أخبارهم، ولكن من أقدم من عرفت أخبارهم حجر بن الحارث بن عمرو آكل المرار، جد الشاعر امرئ القيس.كان حجر بن الحارث يعرف بلقب "آكل المرار"، وقد حكم جزءًا من نجد واليمامة قبل أن ينتقل إلى الشمال حيث أسس مملكة كندة.رحل حجر إلى نجد واستقر في بطن عاقل في أوائل القرن الخامس الميلادي. في تلك الفترة، كان اللخميون (المناذرة) قد سيطروا علىمعظم تلك المناطق، خاصة بلاد بكر بن وائل في نجد. ولكن البكريين نهضوا معه لمحاربة اللخميين واستقلوا عن سيطرتهم. اجتمعتكلمتهم على تعظيمه وجعلوه ملكاً عليهم حتى وفاته في أواسط القرن الخامس الميلادي. يعتبر امرؤ القيس أحد أعظم شعراء الجاهلية، واشتهر بشعره الغزلي ومعلقته الشهيرة.
هو أبو عمرو طرفة بن العبد، ينتمي إلى قبيلة بكر وائل من ربيعة، وهو ابن أخت جرير بن عبد المسيح المعروف بالمتلمس.
بدأ يبرز في عالم الشعر منذ صغره، وسرعان ما ارتقى إلى الطبقة الأولى من الشعراء، ورغم وفاته في سن صغيرة، فإن أشعاره كانت تُستخدم كمرجع من قبل أصحاب اللغة للاستشهاد. في صباه، كان يهوى الملاهي معاقِرًا للخمر، مستنفدًا ماله في هذه الأمور،
ومع ذلك، فقد كان له مكانة مرموقة في قبيلته، مما جعله يجرؤ على الهجاء بجرأة فائقة. وعندما توفي والده وهو لا يزال صغيرًا، امتنع
أعمامه عن تقسيم ميراثه وظلموه حق أمه وردة، فنظم قصيدة في هجاءهم مستهلًّا إياها ب:
ينتمي زهير إلى قبيلة مزينة، إحدى قبائل مضر، وكان يقيم مع أبيه وولده في منازل
بني عبد الله بن غطفان بالحاجز من نجد. كان أبوه، أبو سلمى، أول من استقر
هناك بعد زواجه من امرأة من بني قهر بن مرة من ذبيان بن غطفان، والتي أنجبت زهيرًا.
تزوج زهير من امرأة من سحيم بن مرة، مما جعله يذكر بني مرة وغطفان ويمدحهم في شعره. كان لزهير أخلاق رفيعة ونفس كبيرة وسعة صدر وحلم، مما جعله ينال احترام قومه ويصبح سيدًا. جمع بين الشاعرية والثراء، فقد كان أبوه شاعرًا وكذلك خاله وأختاه وابناه.
ويعد زهير أحد الشعراء الثلاثة المقدمين على غيرهم، وهم امرؤ القيس وزهير والنابغة.
وقد اختلف النقاد في تفضيل أحدهم على الآخر.
تميز امرؤ القيس بابتكار الأفكار والأساليب وتلطيف المعاني، بينما تميز زهير بالحكمة
البالغة وكثرة الأمثال والقدرة على المدح. لم يكن زهير يتعمد التعقيد في كلامه،
وكان يتجنب الألفاظ الغريبة ولا يمدح إلا بما يستحقه الممدوح. يفضله الكثيرون على زميليه، معتبرين أنه أفضلهم شعرًا وأبعدهم عن الإسفاف، وأكثرهم جمعًا للمعاني في قليل من الألفاظ.
هو لبيد بن ربيعة العامري من قبيلة قيس، وكان من أبرز الشعراء المجيدين والفرسان المعمرين. عاش حوالي 145 عامًا، قضى معظمها في الجاهلية، وقد أدرك الإسلام وأسلم وهاجر وحسن إسلامه. استقر في الكوفة خلال خلافة عمر بن الخطاب وظل فيها حتى وفاته في أوائل خلافة معاوية. يُقال إن عمره كان 145 عامًا، منها 90 عامًا في الجاهلية، وكان شاعريًا منذ صغره. يحكى أن النابغة رآه وهو غلام جاء مع أعمامه إلى النعمان بن المنذر وتوسم فيه الشاعرية.
فسأله النابغة إن كان يقول الشعر، فأجابه لبيد بالإيجاب وأنشده بعضًا من شعره. فأعجب النابغة بموهبته وقال له: "اذهب فأنت أشعر قيس كلها".
كان معظم شعر لبيد في الجاهلية، إذ أن الخلفاء الراشدين شغلوا الناس عن الشعر بالقرآن. ذُكر أن عمر بن الخطاب بعث إلى المغيرة بن شعبة، والي الكوفة، يسأله عن شعراء الكوفة وما قالوه في الإسلام.
فاستدعى المغيرة لبيدًا وطلب منه أن ينشده ما قاله في الإسلام، فأحضر لبيد صحيفة كتب فيها سورة البقرة وقال: "أبدلني الله هذا في الإسلام مكان الشعر". فأخبر المغيرة عمر بذلك، فنقص من عطاء الأغلب الراجز
خمسمائة وجعلها في عطاء لبيد. كان لبيد من أجود العرب، وقد نذر في الجاهلية أن لا تهب الرياح إلا أطعم الناس. كان له جفنتان يخرج بهما كل يوم لإطعام قومه. في أحد الأيام، عندما هبت الرياح والوليد بن عقبة كان في الكوفة، صعد الوليد المنبر وقال: "إن أخاكم لبيد بن ربيعة قد نذر في الجاهلية أن لا تهب صبًا إلا أطعم، وهذا يوم من أيامه قد هبت صبًا فأعينوه، وأنا أول من فعل"، ثم أرسل إلى لبيد بمائة بكرة.
هو من قبيلة تغلب، وكانت أمه ليلى بنت المهلهل، أخ الحاكم كليب المشهور، مما يجعله حفيدًا للمهلهل.
أما ليلى فاشتهرت بالأنفة والفخر بأبيها، وكانت معروفة بشدة الاعتزاز بهذا النسب.
ساد عمرو بن كلثوم قومه تغلب منذ صغره،
وفي سن الخامسة عشرة بدأ يبرز بقوة في بشعره. عاش طويلاً، وكان يتمتع بنفسية قوية وكان من أكثر الناس عزةً وأنفةً. كان شاعرًا موهوبًا ومشهورًا، واشتهر بمعلقته الفخرية.
عنترة بن شداد، شاعر فارس شجاع من قبيلة عبس في قيس، يُعتبر واحدًا من أبرز الشعراء العرب في الجاهلية.
تميز شعره بالغزل والفخر القبلي، وكان يشتهر بشجاعته في المعارك وحبه الكبير للمغامرات. قصته المشهورة، والتي تروى
من معلقته، تتناول قصة حبه الشهيرة مع عبلة بنت ربيعة، وتعبر عن قيم الشهامة والعزة في المجتمع العربي التقليدي.
ورغم أنها تحمل عناصر أسطورية، إلا أنها تعكس القيم الاجتماعية والأخلاقية التي كانت مهمة في ذلك الزمن.
هو من قبيلة بكر وائل، واكتسب شهرة كبيرة بين أهل العراق. كان به برصٌ، وكان قليل النظم في الشعر،
لكنه اشتهر بمعلقته الشهيرة، والتي تعد قصيدة واحدة كما اشتهر عمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد بمعلقاتهم.
اسمه ميمون بن قيس بن جندل بن بكر بن وائل من ربيعة، وهو من أبرز شعراء الجاهلية وأفحلهم. بعض النقاد يقدمونه على جميع الشعراء الآخرين عندما يتعلق الأمر بالطرب، كما يُقدم امرؤ القيس عند الغضب، والنابغة عند الرهبة، وزهير عند الرغبة. أولئك الذين يقدمونه يستندون إلى غزارة قصائده الطويلة وجودتها، وإبداعه في المديح والهجاء وسائر فنون الشعر التي تفوق بها على غيره. يُقال إنه كان أول من استخدم شعره للتنقل بين البلاد، واشتهر بالغناء به، لذا لُقب بـ "صناجة العرب". من قصائده، تمكَّن من تزويج بنات المحلق، وكان عندما يمدح قومًا يعلي من شأنهم، وعندما يهجوهم يحط من قدرهم. له منافرة مع علقمة الفحل، وامتاز الأعشى بوصف الخمر أكثر من معظم شعراء الجاهلية. عاش حتى أدرك النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووفد عليه، مادحًا إياه بقصيدة مطلعها:
ألم تغتمضْ عيناك ليلة أرْمَدا
وعادك ما عاد السليمَ المسهَّدا
وما ذاك من عشق النساء وإنما
تناسيت قبل اليوم خُلةَ مَهْددا
وفيها يخاطب ناقته قائلاً:
فآليت لا أرثى لها من كلالةٍ
ولا من حَفًا حتى تزور محمدا
نبي يرى ما لا ترون وذكره
أغار لعمري في البلاد وأنجدا
متى ما تُناخي عند باب ابن هاشم
تُراحي وتَلْقَي من فواضله يَدا
عندما علم أبو سفيان بهذه القصيدة، خشي أن يُسلم الأعشى فينصر الرسول بشعره على قريش، فحث قومه على إرضائه للعودة، وأعطوه مائة من الإبل، فقبلها ورجع.
هو شاعر من شعراء الطبقة الأولى من بني أسد من مضر قديم الذكر عظيم الشهرة،
لكن لم يبقى من شعره إلا القليل، ولم يكن شاعرًا من صغره.
وذكروا في سبب ما بعثه على النظم أنه كان قليل المال ضعيف الرزق، فأقبل ذات يوم
بغنم له ومعه أخته ماوية ليوردا غنمهما، فمنعه رجل من مالك وجبهه فانطلق حزينًا مهمومًا
ثم ابتهل إلى الله: إن كان فلان ظلمني ورماني بالبهتان فأدلني منه وانصرني عليه، ووضع رأسه فنام،
فرأى في المنام أن رجلًا أتاه بكبة من شعر ألقاها في فِيهِ ثم قال: قم، فقام وهو يرتجز
واستمر بعد ذلك ينظم الشعر حتى صار شاعر بني أسد.
اسمه زياد بن معاوية، وينتمي إلى قبيلة ذبيان من قيس. كان من الأشراف الذين امتازوا بالشعر،
مثل امرئ القيس. كان زياد يتردد على النعمان، حاكم الحيرة، ويمدحه، إلا أن خلافًا نشب بينه وبين الشاعر المنخل، الذي وشى به إلى النعمان. اضطر النابغة للهروب إلى بني غسان حيث استضافه
عمرو بن الحارث الأصغر، ملك الغساسنة، وظل هناك حتى وفاة عمرو وخلفه أخوه النعمان. بعدها، تصالح النابغة مع النعمان وعاد إلى الحيرة. كان حسان بن ثابت الأنصاري أيضًا يتردد على النعمان، لكن النابغة كان يتفوق على الجميع في المكانة، حيث جمع ثروة كبيرة من عطايا النعمان، وكان يعيش في رفاهية. كانت له مكانة رفيعة بين شعراء عصره، وعندما يقام سوق عكاظ، كانوا يضربون له قبة من جلد، ويأتي الشعراء لينشدوا أمامه، ومنهم الأعشى وحسان
والخنساء، وهذا شرف لم يحظَ به أحد سواه.تميز النابغة عن غيره بجودة شعره وبلاغة كلامه، فقد كان شعره سهلًا وغير متكلف، وأصبحت بعض أقواله أمثالًا متداولة.
أطلق هذا الإسم على عدد من القصائد الطوال، وهناك خلاف في عددها وأصحابها. أكثر الروايات تشير إلى أنها سبع قصائد لامرئ القيس، طرفة بن العبد، زهير بن أبي سلمى، لبيد بن ربيعة، عمرو بن كلثوم، عنترة بن شداد العبسي، والحارث بن حلزة. إلا أن المفضل الضبي يرى أن النابغة الذبياني والأعشى يستحقان أن يكونا في القائمة بدلاً من الأخيرين، حيث قال إنه من زعم أن هناك سبعة قصائد غير هؤلاء فقد أخطأ. المفضلالضبي، وهو أحد النقاد البارزين، اتبع هذا الرأي وضمنها في "جمهرة أشعار العرب".
الرأي الأول الذي يتبعه حماد الراوية يشمل الحارث بن حلزة، ويرى المستشرق نولدكه أن السبب هو ارتباط حماد بقبيلة بكر بن وائل التي كانت في صراع دائم مع قبيلة تغلب في الجاهلية. ولأن قصيدة عمرو بن كلثوم مجّدت تغلب، قرر حماد إضافة قصيدة للحارث بن حلزة لتمجيد بكر بن وائل.
توجد روايات أخرى تضم بين الرأيين، فتعتبر المعلقات تسعة بإضافة قصيدتين من اختيار المفضل إلى اختيار حماد، بينما التبريزي جعلها عشرًا بإضافة قصيدة لعبيد بن الأبرص.
بالإضافة إلى الاختلاف في عددها وأصحابها، اختلفت الأسماء التي أطلقت عليها، فمن الأسماء: المعلقات السبع، السبع الطوال، القصائد السبع الطوال الجاهليات، السبعيات، المعلقات العشر، السموط، المشهورات، المشهورة، والمذهبات. لكن الاسم الأكثر شيوعاً هو المعلقات.
الاختيار الأول لهذه القصائد يعود إلى حماد الراوية الذي سماها "السموط" جمع "سمط" بمعنى العقد، مشيراً إلى نفاسة وقيمة القصائد التي اختارها. وهناك خلاف حول سبب تسميتها بالمعلقات؛ فالبعض يرى أنها سميت هكذا لأن العرب اختارتها لتميزها وكتبتها بالذهب على الحرير وعلقتها على أركان الكعبة أو بأستارها تقديرًا لمكانتها.
نظم امرؤ القيس قصيدته هذه في وصف واقعة حدثت له مع حبيبته وابنة عمه عنيزة بنت شرحبيل، إذ مُنع من لقائها بسبب اهتمامه بالشعر. لكنه كان يستغل الفرص لرؤيتها.
فاستغل فرصة ظعن الحي، كان يدخل رأسه في الهودج يحادثها، ثم نظم معلقته الشهيرة التي مطلعها:
قِفَا نَبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزل
بِسِقْطِ اللِّوَى بين الدَّخول فحومَلِ
في هذه الأبيات، يخاطب الشاعر من يعترض على استمتاعه بملذات الحياة، مؤكدًا أنه لا يرى للعيش معنى إلا من خلال ثلاث وسائل:
الفروسية، والخمرة، والمرأة. يعكس هذا الموقف وجودياً مليئاً بالتحدي للموت والزوال، مُشبَّعاً بروح شابة مفعمة بالحيوية والمرح واليأس معاً،
مثلما تجلى في شعراء جاهليين آخرين كإمرئ القيس وتأبط شراً والشنفرى والأعشى والنابغة.
يبرز طرفة في هذه الأبيات كشاعر يمتلك رؤية شاملة للحياة، ويمتلك فلسفة خاصة تُفضل الغوص في ملذاتها، لكن ليس حباً في تلك الملذات نفسها.
يبدأ هذا الموقف من الفروسية، حيث يظهر كفارس مستعد تلبية نداء المعركة، ويتجلى أيضاً كمتعذق بالشراب، حيث لا يميز بين السيف والكأس،
مؤكداً على أن حياة الجد يجب أن تترافق مع حياة اللهو، بشرط أن لا يكون اللهو هروباً من واجب البطولة. نظر طرفة إلى الحياة كفرصة وحيدة لتحقيق الوجود الإنساني، لذا لم يمنع نفسه من التمتع بكل ما تقدمه الحياة، على عكس من يقضي عمره محروماً. ويرى أن البخل في جود النفس يرتبط بالبخل في إنفاق المال، وكلاهما دلالة على جفاف الروح. في النهاية، يكون كل من يتذوق الحياة والبخيل متساويين أمام الموت، لكن طرفة يرى أن الموت يأتي أولاً للكرام ويؤجل البخلاء ومالهم لفترة أطول.
تجربة طرفة في الجفوة التي لاقاها من قومه، وحسد ابن عمه، ولومه على تفريطه بالنوق، جعله يعبر عن آلامه ولومه لهم بلغة عاطفية رائعة، مؤكدًا على شهامته ودفاعه عن قومه في أوقات الشدة.
في النهاية، يظهر طرفة قرب نهايته بنوع من الإشراق الداخلي الذي يعرفه بعض عباقرة الألم والإبداع، حيث يرى أن الموت هو النهاية المناسبة لحياته. هذا الموقف العنيف والإقبال الكبير على الحياة، خلق تحديات وميل للانتقام من طرف الآخرين، مما أدى إلى قتله على يد ملك الحيرة. كانت نهايته مؤلمة وشاهدة على حياته المليئة بالتحدي.
وفي هذا السياق:
ستبدي لك الأيامُ ما كُنت جاهلاً
وَيَأتيكَ بالأخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزوِّد
نظم الحارث بن حلزة معلقته الشهيرة هذه على البحر الخفيف،
وألقاها أمام الملك عمرو بن هند ردًا على أحد شعراء قبيلة تغلب التي كانت
في صراع مع قبيلته، بكر بن وائل. تتألف المعلقة من حوالي خمسة وثمانين بيتًا،
وبدأها الشاعر بالبكاء على فراق الأحبة، ثم وصف الناقة، وتناول تكذيب أقوال شاعر تغلب،
ثم انتقل إلى الفخر بقومه بكر بن وائل، وختتمها بمدح الملك وإظهار قوة العلاقة
بين بني بكر والملك عمرو بن هند.
هي واحدة من أشهر القصائد الجاهلية، وقالها زهير بن أبي سلمى في مدح هرم بن
سنان والحارث بن عوف لإصلاحهما بين قبيلتي عبس وذبيان وحقنهما الدماء بعد حرب داحس والغبراء. تلك الحرب التي اشتعلت بسبب سباق بين فرسين، ودامت طويلاً، مخلفة خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. دفع هرم بن سنان والحارث بن عوف ديات القتلى،
التي بلغت حوالي ثلاثة آلاف بعير، لإنهاء النزاع وإعادة السلام بين القبيلتين.
في المعلقة، يعبر زهير عن تقديره العميق لهذا العمل النبيل، مشيداً بشجاعتهما وكرمهما الكبيرين. يستعرض الشاعر في أبياته تفاصيل الجهود التي بذلت لحقن الدماء، وأهمية السلام في تحقيق الاستقرار والرخاء. بعد المدح، يختتم زهير معلقته بالحكمة، حيث يقدم تأملات عميقة حول الحياة والموت، والعدالة والمروءة. هذه الحكم تعكس فلسفة زهير العميقة ورؤيته الثاقبة للعالم، مما جعل معلقته تحفة أدبية خالدة في الشعر العربي.
شُرِحَت في الرد الثالث.
يقال إن سبب نظم عنترة للمعلقة كان لأنه جلس في مجلس بعدما أبلى أبوه واعترف به وأعتقه.
في ذلك المجلس، سبه رجل من بني عبس ذكر سواده وأمه وإخوته. استفزت هذه السبة عنترة وأثارت فخره،
فرد عليه بكلماته الشهيرة: "إني لأحضر البأس وأوفى المغنم وأعف عند المسألة وأجود
بما ملكت يدي وأفصل الخطة الصماء." أجابه الرجل: "أنا أشعر منك." فأجابه عنترة: "ستعلم ذلك.
" وبدأ عنترة بذكر قصيدته، مذكرًا بقتل معاوية بن نزال، وهذه كانت أول كلمة قالها.
ثم بدأ بذكر ديار عبلة، حيث خاطبها وأعرب عن حنينه لها وحزنه على بُعدهما والغرام بينهما.
ثم عاد وأبرز فخره وحماسه، ورغم أن بعض الرواة ينكرون أن يكون بداية المعلقة هذه لعنترة،
إلا أن الأصمعي وابن الأعرابي وغيرهما يؤكدون أن البيت الأول الحقيقي هو:
يا دار عبلةَ بالجواءِ تكلَّمي
وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
بدأ لبيد معلقته بوصف الديار المهجورة والأطلال البالية، مثل سائر الشعراء الجاهليين، مشيراً إلى السيول والأعشاب والوحوش، متخلصاً إلى الغزل وذكر حبيبته نُوار وبعد مقرها والهودج الذي رحلت فيه، دون التطرق إلى تفاصيل جمالها وملامحها كما فعل غيره من الجاهليين. ثم وصف ناقته، مشبهاً إياها بالسحابة الحمراء الخالية من الماء التي تدفعها الرياح بسرعة، وبأتان وحشية نشيطة، وببقرة افترس السبع ولدها، كما صور العراك بينها وبين الكلاب التي طاردتها. بعد ذلك تحول إلى
وصف نفسه وما يعتريها من هدوء واضطراب، وميوله للهو والمجون، وحبه لشرب الخمر، مفتخراً ببطشه وسرعة جواده وكرمه، مختتماً بمدح قومه والفخر بأمانتهم وكرمهم.
تحفل معلقة الأعشى بفيض من الصور والتشبيهات والأوصاف الدقيقة للمرأة، وحوارات الحب،
ولقاءاته. كما وتناول الأعشى موضوع الحب الفاشل، ووصف كيف يمكن للمرء أن يتعلق
بفتاة لا تبادله الحب، بينما تحب هي شخصاً آخر قد لا يحبها بدوره. يكشف الأعشى هنا عن الجانب الآخر من حياة البشر،
جانب الانفعالات والعلاقات الفاشلة، مما جعل أبياته مضرب المثل بصدقها وواقعيتها وبلاغتها في تصوير المشاعر والحكمة معاً.
لكن هذا التركيز على المواضيع السابقة جعل موضوع الهجاء الموجه إلى يزيد بن شيبان، ولوم الشاعر له، وافتخاره على قومه ببطولاته
في الحرب، يظل باهتاً وضعيف الأثر مقارنة بمقدمات الغزل ووصف مجالس الشراب.
تعد هذه القصيدة من أشهر ما نظم عبيد بن الأبرص بالرغم من هزالتها واضطرابها الفني.
استهلها عبيد بذكر المنازل المقفرة وتبدل الزمان عليها وكذلك دورة حياة الإنسان وسنة الحياة
لينتقل بعدها لوصف سفره بالناقة وأخيرًا وصف فرسه.
تميزت قصيدته بمقطعها الأخير الذي أضفى رونقًا على رمادية القصيدة والذي يحكي صراع العقاب والثعلب.
ومن بين أقوى ما علق النقاد به على هذه القصيدة كان "كادت ألَّا تكون شعرًا" لكنها وبالرغم من ذلك لاقت شهرة واسعة بل وأضيفت للمعلقات الخالدات.
القصيدة تتنقل بين الوقوف على الأطلال بنغمة حزينة جديدة، إلى وصف ناقته وتشبيهها بالثور، ثم مشاهد من الصيد والعراك بين الثور والكلاب، حتى يصل إلى موضوعه الأساسي، فيقدم نفسه مجدداً للملك، مبرئاً نفسه ومعتذراً عن الجفوة السابقة. يستخدم مديحاً مغلفاً بالحب والصداقة، طالباً التصافي والإخلاص بين ندّين.
يمتزج الطابع القصصي مع السيالة الشعرية، مما يخلق انسجاماً داخلياً في بنية القصيدة. في مشهد وقوفه أمام الأطلال يعرض خلاصة قصة حب بلغت ذروتها في البيت الشهير:
أمست خلاءاً وأمسى أهلُها احتملُوا
أخنى عليها الذي أخنى على لُبَدِ
يشير إلى أسطورة لبد التي ترمز إلى جبروت الزمن واندثار الذكريات ورحيل الأحبة مع مرور الأيام. ثم ينتقل إلى وصف مشهد الصيد، مشبهاً ناقته بالثور، ويصور كيف همت الكلاب بالصيد. يستخدم صوراً واقعية بارعة في
وصف التضاد والصراع والهجوم والطعن. يمدح كرم الملك وشجاعته بصور مضخمة ومفخمة، مستخدماً ألفاظاً وإيحاءات وتشبيهات مؤثرة.
ثم يشير إلى قصة زرقاء اليمامة، مشبهاً دقة رؤية الملك بها، طالباً منه أن يحكم في موضوعه بنفس الرؤية الثاقبة. يلجأ الشاعر إلى تضخيم خوفه من الملك، ويرجوه التمهل في أمره، مشبهاً جبروت الملك وكرمه بنهر الفرات. يطلب المعذرة
والغفران بأسلوب مليء بالإيقاع، محكم التركيب، مما كان عاملاً أساسياً في شهرة الشاعر وكونه شاعر بلاط من الطراز الأول.
الفخر هو التباهي وإظهار الفضائل وأفضل الصفات، وهو أحد فنون الشعر، ينبع من حب الذات. يمكن تصنيف الفخر في الشعر كنوع من أنواع المدح، حيث يركز الشاعر على مدح نفسه أو قبيلته. وقد ذكر سعد في كتابه "دراسات في الأدب الجاهلي" أن كل ما يُحسن في المدح يُحسن في الفخر، وكل ما يُقبح في المدح يُقبح في الفخر.
يعتبر الفخر من أشهر أغراض الشعر الجاهلي، وليس غاية في حد ذاته بل وسيلة لتعريف النفس والقبيلة وإبراز صفاتها وعاداتها الحسنة. يشمل الفخر مدح الشاعر لنفسه أو لقبيلته، وغالباً ما يتغنى الشاعر في قصائد الفخر بالشجاعة والبطولة، ويخلد ذكر الوقائع والحروب التي انتهت بالنصر. كما يشيد شعر الفخر بكرم القبيلة وإغاثة المحتاجين والعديد من الشيم والفضائل. من أبرز أمثلة الشعر نجد:
لولا عثور المستشرق فريتز كرنكو على ديوان عمرو بن كلثوم في جامع السلطان الفاتح في الاستانة، لما وصلنا الديوان حتى اليوم. فقد قام كرنكو بطباعة المخطوطة، وظل الديوان الوحيد المتاح في الساحة الأدبية لمدة سبعين عامًا. في أوائل تسعينات القرن الماضي، بدأ الأدباء والنقاد في جمع وتحقيق شعر عمرو بن كلثوم، وصدر عدد من التحقيقات، منها تحقيق الدكتور إيميل يعقوب عام 1992م. يحتوي ديوان عمرو بن كلثوم على 244 بيتًا من الشعر، معظمها مكتوبة بالبحر الوافر (172 بيتًا)، مما ميّزه عن شعراء عصره الذين فضلوا البحور البسيط والطويل. كما استخدم بقية البحور الشعرية مثل البسيط والرمل والكامل والطويل والرجز والمنسرح، ليكون بذلك قد استخدم 7 بحور من أصل 16 بحرًا، مع تفضيله للوافر في معظم أشعاره.
تَمشي بِعِدلَينِ مِن لُؤمٍ وَمَنقَصَةٍ
مَشيَ المُقَيَّدِ في اليَنبوتِ وَالحاجِ
أَلا مَن مُبلِغٌ عَمرَو بنَ هِندٍ
فَما رُعِيَت ذَمامَةُ مَن رَعَيتا
أَتَغصِبُ مالِكاً بِذُنوبِ تَيمٍ
لَقَد جِئتَ المَحارِمَ وَاِعتَدَيتا
فَلَولا نِعمَةٌ لِأَبيكَ فينا
لَقَد فُضَّتْ قَناتُكَ أَو ثَوَيتا
أَتَنسى رِفدَنا بِعُوَيرِضاتٍ
غَداةَ الخَيلُ تَخفِرُ ما حَوَيتا
وَكُنّا طَوعَ كَفِّكَ يا اِبنَ هِندٍ
بِنا تَرمي مَحارِمَ مَن رَمَيتا
سَتَعلَمُ حينَ تَختَلِفُ العَوالي
مَنَ الحامونَ ثَغرَكَ إِن هَوَيتا
وَمَن يَغشى الحُروبَ بِمُلهِباتٍ
تُهَدِّمُ كُلَّ بُنيانٍ بَنَيتا
إِذا جاءَت لَهُم تِسعونَ أَلفاً
عَوابِسُهُنَّ وَرداً أَو كُمَيتا
رَدَدتُ عَلى عَمرِو بنِ قَيسٍ قِلادَةً
ثَمانينَ سوداً مِن ذُرى جَبَلِ الهَضبِ
فَلَو أَنَّ أُمّي لَم تَلِدني لَحَلَّقَت
بِها المُغرِبُ العَنقَاءُ عِندَ أَخي كَلبِ
أَبَيتُ لَهُ مِن أَن يَكونَ اِختِيارُهُ
عَطاءَ المَوالي مِن أَفيلٍ وَمِن سَقبِ
وَلَم تَرَ عَيني مِثلَ مُرَّةَ فارِساً
غَداةَ دَعا السَفّاحُ يالَ بَني الشَجبِ
وَما كانَ مِن أَبناءِ تَيمٍ أَرومَةً
وَلا عَبدِ وُدٍّ في النِصابِ وَلا الصُلبِ
وَزَلَّ اِبنُ كُلثومٍ عَنِ العَبدِ بَعدَم
تَبَرّا لَهُ مِن خالِدٍ وَبَني كَعبِ
أَعَمرُو بنَ قَيسٍ إِنَّ نَسرَكُمُ غَدا
وَآبَ إِلى أَهلِ الأَصارِمِ مِن جُشَم
أَقَيسَ بنَ عَمرٍو غارَةً بَعدَ غارَةٍ
وَصُبَّةُ خَيلٍ تُحرِبُ المالَ وَالنَعَم
إِذا أَسهَلَت خَبَّت وَإِن أَحزَنَت وَجَت
وَتَحسَبُها جِنّاً إِذا سالَتِ الجِذَم
إِذا ما وَهى غَيثٌ وَأَمرَعَ جانِبٌ
صَبَبتُ عَلَيهِ جَحفَلاً غانِظاً لَهُم
فَإِن أَنا لَم أُصبِح سَوامَكَ غارَةً
كَرَيعِ الجَرادِ شَلَّهُ الريحُ وَالرِهَم
فَلا وَضَعَت أُنثى إِلَيَّ قِناعَها
وَلا فازَ سَهمي حينَ تَجتَمِعُ السُهُم
هاجم عمرو بن كلثوم، مع مجموعة من بني تغلب،
بني ذبيان في مكان يسمى خو والذنائب. جرت معركة
عنيفة بين الطرفين، وانتهت بهزيمة بني ذبيان.
قام عمرو بأسر حذيفة بن بدر وأخذوا العديد من الأسرى والغنائم والسبايا. عندما عاد عمرو بالأسرى والغنائم إلى بني تغلب، طلبوا منه قتل حذيفة وأشاروا عليه بذلك، لكنه رفض.
عرض حذيفة على عمرو فدية قدرها ألف ناقة حمراء سوداء العين. رد عمرو قائلاً: "أنت سيد من سادات مضر، وأنا أحب مساعدة مثلك". ثم أطلق سراحه، وجز ناصيته، وأعاده إلى قومه وألقى عمرو بعد ذلك:
أَلَمْ تَرَ أَنّني رَجُلٌ صبورٌ
إِذا ما المَرْءُ لم يَهْمُمْ بصَبْرِ
وأَنِّي بالذَّنائِبِ يَوْمَ خَوٍّ
مَننْتُ على حُذَيفَةَ بَعْدَ أَسْرِ
ولَوْ غَيْرِي يَجِيءُ به أَسيراً
لَنَالَ بهِ رَغيبةَ ذُخْرِ دَهْرِ
ولكنّي مَنَنْتُ وكان أَهْلاً
لِما أَوْلَيْتُ في حَمَل بن بَدْرِ
يروى أن يزيد بن عمرو طعن عمرو بن كلثوم، فأسقطه عن فرسه وأسره، وهدده،
فصاح عمرو بن كلثوم: "يا لربيعة! أمُثْلَة!" فتجمع بنو لجيم لوقف يزيد بن عمرو،
الذي لم يكن ينوي ذلك أصلاً. ثم انطلق يزيدبعمرو بن كلثوم حتى وصل
إلى قصر في منطقة حجر، حيث أقام له خيمة، وذبح له وكساه وأركبه
ناقة نجيبة، وسقاه الخمر. وعندما سيطر الخمر على عمرو بن كلثوم، بدأ يتغنى بهذه الأبيات:
7- وما شَرُّ الثَّلاثَةِ أُمَّ عَمْروٍ
بصَاحِبكِ الَّذي لا تَصْبَحِينَا
8- وَكَأْسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكٍّ
وأخْرَى في دِمَشْقَ وَقَاصِرِينا
9- إذا صَمَدَتْ حُمَيَّاها أريباً
مِنَ الفِتْيَانِ خِلْتَ به جُنُونا
10- فما بَرِحَتْ مَجَالَ الشَّربِ حَتَّى
تَغَالُوها وَقَالُوا قَدْ رَوِينا
افتتح ابن كلثوم قصيدته وعلى غير عادة شعراء الجاهلية الذين يفتتحون بالوقوف على الأطلال ومدح الحبيبة، هو استهل مطلع قصيدته بطلب قدح الخمر -الصبوح-
ومدح الخمر وحمرتها ومخاطبته للجارية التي تسقيه.
15- وإنَّ غَداً وإنَّ اليَوْمَ رَهْنٌ
وَبَعْدَ غَدٍ بما لا تَعْلَمِينَا
وجه الكلام إلى الظعينة -المرأة في الهودج-، فرجاها أن تقف قبل الفراق ليخبر كل منهما الآخر حقيقة ما عنده،
عن وقت الخطر حين يشتد الطعن والضرب فتقر عيون المنتصرين،
ثم سألها عن فراقها: أقطيعة أم خيانة؟
23- فما وَجَدَتْ كَوَجْدِي أمُّ سَقْبٍ
أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الحَنِينَا
24- وَلا شَمْطَاءُ لم يَتْرُكْ شَقَاهَا
لها من تِسْعَةٍ إلَّا جَنِينا
هنا تحدث عمرو بن كلثوم عن محبوبته، فقال: إنها بيضاء في ريعان الشباب، نشأت في رحاب النعيم، طويلة القامة، محصنة عفيفة لم يمسسها أحد،
وذكر أن موكب الظعائن أثار صبابته، وكلما أسرع الموكب وزاد البعد، اشتد حنينه، حتى فاق حنينه حنين ناقة ضل ولدها، وبلغت به اللوعة حداً أكثر من لوعة امرأة فقدت أولادها التسعة.
27- أبا هِنْدٍ فلا تَعَجَلْ عَلَيْنَا
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا
56- ألَا لا يَعْلَمِ الأقْوَامُ أنَّا
تَضَعْضَعْنَا وأنَّا قَدْ وَنِينَا
57- ألَا لا يَجْهَلَنْ أحَدٌ عَلَيْنا
فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا
58- بأيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ
نَكُونُ لِقَيْلِكُمْ فيها قَطِينا
يطالب الشاعر الملك عمر بن هند بالتريث والتمهل في تصرفاته اتجاه قومه، فهم القوم الذين سيخبره بحقيقتهم، حيث يسترسل الشاعر بعرض أمجاد قومه
في فخر قبلي طويل، فكان مما ذكر فيه: أن راياتهم يدخلون بها الحرب
وهي بيضاء فيرجعون بها حمراء من دم الأعداء، وأيامهم مشهورة، طويلة على أعدائهم،
وكم من ملك قهروه وقتلوه وسلبوه ما يملك، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منهم، وميادين
حروبهم شاسعة ويقتلون أعداءهم جماعات، حتى تمتلئ الأرض بجماجم الأبطال،
وهم حماة الحمى والشرف والمدافعون عن الجيران والحلفاء في أوقات الشدة،
يذودون عنهم الأعداء، ويحملون عنهم الأثقال، وهم قادة الناس، وأبطال الحروب شيوخًا وشبانًا.
59- بأيِّ مَشيئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ
تُطِيعُ بنا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِينا
100- يُدَهْدُونَ الرُّؤوسَ كما تُدَهْدِي
حَزَاوِرَةٌ بأبْطَحِهَا الكُرِينا
101- وَقَدْ عَلِمَ القبائلُ مِنْ مَعَدٍّ
إذا قُبَبٌ بأبْطَحِها بُنِينَا
هنا يوجه اللوم العنيف إلى عمرو بن هند لاستماعه للوشاة، وبما فعله مع قومه، محاولاً النيل من كرامتهم، والانتقاص من هيبتهم،
ومرة أخرى يطالبه بالتريث، ثم يصف إباء قومه وعزتهم، وعنادهم وصلابتهم،
ويذكر الشاعر أن من يحاول المساس بقومه يدقون عنقه، فهم قوم شجعان أقوياء، وفي ذات الوقت هم أوفى الناس بالعهود.
118- إذا بَلَغَ الفِطامَ لنا صَبِيُّ
تَخِرُّ لـه الجَبَابِرُ سَاجِدِينا
يرفع عمرو بن كلثوم من منزلة قومه، ويقول بأن القبائل تعرف أن قومه هم الحماة في الشدائد، الكرام في القحط، الأوائل المقدمون
في كل شيء، يدين لهم الجميع بالولاء، فهم يمتلكون المقدرة والكفاية، ولا يجرؤ أحد المساس بكرامتهم وإلا يُجازى جزاءً شديداً، وفوق ذلك يقر الجميع لهم بالإجلال والتعظيم.
حمل الملك عمرو بن هند حقدًا وغلًا دفينًا تجاه الشاعر عمرو بن كلثوم بسبب ما رآه من فخر وتباهي وتعالٍ. أراد عمرو بن هندإذلاله عن طريق إذلال أمه. يُروى أنه قال لندمائه يوماً: "هل تعلمون أحداً من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟" فأجابوه: "نعم، أم عمرو بن كلثوم." سألهم: "ولماذا؟" فردوا: "لأن أباها هو مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب وائل من أعز العرب، وزوجها كلثوم بن مالك من أفرس العرب، وابنها عمرو سيد قومه."
دعا عمرو بن هندعمرو بن كلثوم لزيارته، وطلب منه أن تصطحب أمه أمه. جاء عمرو بن كلثوم من الجزيرة إلى الحيرة برفقة بني تغلب، وجاءت ليلى بنت مهلهل مع نساء بني تغلب. أمر عمرو بن هند بنصب خيمته بين الحيرة والفرات، ودعا وجوه أهل مملكته لحضور اللقاء مع بني تغلب. دخل عمرو بن كلثوم على الملك في خيمته، ودخلت ليلى وهند في قبة بجانب الخيمة.
أمر عمرو بن هند أمه بتنحية الخدم عندما تطلب أطباق الطعام، وأن تطلب من ليلى خدمتها. دعا عمرو بن هند إلى مائدة، ثم طلب أطباقاً، فقالت هند: "ناوليني يا ليلى ذلك الطبق." فأجابت ليلى: "لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها." أعادت هند طلبها، ولما ألحّت، صاحت ليلى: "وأذلاه! يا لتغلب!"
سمعها عمرو بن كلثوم، فثار الدم في وجهه، وعرف عمرو بن هند من نظراته الشر. وثب عمرو بن كلثوم إلى سيف معلق في الخيمة وضرب به رأس عمرو بن هند، ثم نادى بني تغلب، فنهبوا ما في الخيمة، وأخذوا الإبل، وساروا نحو االجزيرة فكان يقال: فتكات الجاهلية ثلاث: فتكة البراض بعروة، وفتكة الحارث بن ظالم بخالد بن جعفر، وفتكة عمرو بن كلثوم بعمرو بن هند الملك، فتك به وقتله في دار ملكه وانتهب رحله وخزائنه وانصرف بالتغالبة إلى بادية الشام ولم يصب أحد من أصحابه.
هنا جلسة صوتية للأستاذ الشاعر والناقد أبي قيس محمد رشيد، الجلسة مقسمة ل 10 أجزاء
وكل جزء منها تتراوح مدته ما بين 20 إلى 35 دقيقة، تناول فيها الأستاذ معلقة عمرو بن كلثوم وغاص
بالسامعين لأعماق معانيها ورموزها وخلفياتها كما وكان كريمًا بالشرح والتحليل بطريقة متناغمة ومشوقة تجعل
السامع يزيد شوقًا وحماسًا مع كل جملة وتفسير ينطق به ويربطه بمعاني المعلقة القوية.
قسمت المقاطع الصوتية هلى مجلدين ليسهل تحميلهما، المجلد الأول من أول مقطع إلى المقطع الخامس
والمجلد الثاني يحتوي على بقية المقاطع حتى المقطع رقم 10.
كُتُب للتحميل: معلقة عمرو بن كلثوم
نظرة عامة عن الكتاب: يستهل الكتاب بتقديم عام عن دار النشر وتتبعها نبذة عن حياة الشاعر
عمرو بن كلثوم وبعدها القصيدة والحواشي. حررها ووضع حواشيها: محمد علي الحسني.
المؤلف: ندى عبد الرحمن يوسف نظرة عامة عن الكتاب: كتاب يهتم بدراسة وشرح كل المصطلحات والمفاهيم المستخدمة داخل نطاق القصيدة
الجاهلية بحيت يتم تجميع كل المصطلحات المنتمية لنفس الحق الدلالي أو تحت نفس المظلة وشرح استخداماتها مع إدراج
أمثلة حية من القصائد الجاهلية. ينقسم الكتاب لبابين رئيسيين، تركيز الباب الأول ينصب على الدراسة الوصفية وينقسم إلى
تسعة فصول بينما يهتم الباب الثاني بالقضايا الدلالية وينقسم بدوره لثلاثة فصول.
المؤلف: محمد علي طه الدرة. نبذة عن الكتاب: يأخذك هذا الكتاب في رحلة متعمقة لتذوق معاني الأبيات وكذا تتصور وتفهم ما أراد كل شاعر من الشعراء
أن يوصله بأبياته الذهبية، هذا الكتاب جامع لكل المعلقات السبع وشرحها وكذلك الثلاث المضافات إليها وشرحها.
الجزء الأول يشرح معلقات امرئ القيس و عمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد والحارث بن حلزة. بينما شرح الجزء الثاني بقية المعلقات،
لبيد بن ربيعة والأعشر وعنترة والنابغة وزهير بن أبي سلمى وأخيرًا الأبرص.
المؤلف: مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) نبذة عن الكتاب: كتاب رائع بكل معنى الكلمة، يأخذك في رحلة جميلة تدمج ما بين عصرين، الألوان وطريقة
تقديم النصين جدًا إبداعية ومريحة للعينين، تمت ترجمة المعلقات للإنجليزية وعرضت اللغتين بشكل متقابل كلما شعرت
بالفضول لمعرفة كيف سيتم ترجمة كلمة فصيحة معقدة كهذه للإنجليزية يكفيك أن تدير نظرك لليسار وتقرأ بسهولة
وبشكل مريح جدًا.
كيف حالكم جميعًا؟ أخيرًا أنهيت هذا الموضوع الذي جعلني أحرم من نوم هذه الليلة :')
ضريبة الاشتغال بالهاتف x")
عمومًا، من منا لم يسمع بالمعلقات والقصائد الشعرية؟ لابد وأنك قد مررت ولو لمرتين في حياتك بمطلع ملحمة من المعلقات وتذوقت جمالية وروعة التركيب والإيقاع وكذا ثقل المعاني وعمقها.
فور رؤيتي للموضوع المقترح بالمسابقة مر بي إسم عمرو بن كلثوم لشدة إعجابي بفخره وتعظيمه لقبيلته، تعجبني معلقته وأستمتع جدًا بآخر مقاطعها وخاصة الأبيات التي يظهر فيها جبروت وشدة قبيلة تغلب، لذلك أردت أن يكون تقريري عن هذه الشخصية التي لا ترضى الذل ولا تجيب من يتجرأ إلا بالسيف « تحمست xD
أتمنى أن تكون الفقرات والمعلومات التي أدرجتها ذات فائدة لكم أعزائي القراء، كما وأتمنى أن تفيدكم الكتب وتشجعكم على الغوص في بحر هذا الفن اللذيذ وتذوق طربه وإيقاعه من جديد (أقول من جديد لأنني أعلم أن معظمنا على الأقل درس مقاطعًا من هذه المعلقات المذهلة).
أعتذر عن أي خطأ، تذكرت أن مهلة ال5 أيام قد خلصت وأنا أضع رأسي على الوسادة :')
بالنسبة للقصائد، لقد حذفت مقاطع منها لتجنب نشر أمور خادشة، فكما نعلم جميعًا فهي قصائد ما قبل الإسلام.
بالنسبة للشرح الذي أدرجته هنا فهو شرح شامل، إن أردتم شرحًا دقيقًا راسلوني على الخاص أو هنا بالردود وسأعطيكم من الكتب ما سيشفي غليلكم :")
طبعًا، لا أنسى أن الموضوع تابع لمسابقة الجميلة سيلين @Passacaglia .
وأود شكر @N A Y على الهيدر والفواصل
وكذلك @P!NK على الفواصل الثانوية وتصغير الصور
وأشكر نفسي كذلك على العمل بآخر خلية في دماغي حتى هذه الساعة xD
كانت هناك فاصلة وداعية لكنني أضعتها، لذا..
تصبحون على خير .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلاً وسهلاً بملكة المواضيع الإدارية يا هلا، كان قبلك نقول لسيلينا هي الملكة لكن شكلك وريثتها بس كل وحدة لها اسلوبها الخاص الله يعين راسك اديش تصدع على كتابة هالموضوع ما ندوختي بأسماء سلالة كل واحد بن فلان لفلان لفلان؟ بالنسبة لتسمية العصر الجاهلي بالجهل رغم انهم مفكرين وكتاب وأدباء نشأوا من هذا العصر! كان بدايات الادب العربي وانشطتها من هناك وعايشين عليها لكن كانوا قليليين الاهتمام بالكتب والعلم، دينياً وعلمياً، ذاك الزمن ما يوحي غير بالحروب التافهة لكان معقول تطلع قصة قتل عمر بن كلثوم لعمر بن هند بس لأن قالت ام هذا لأم هذاك ناوليني الصحن هههههههه والله سخافة ضحكتني، انا ظنيت صراحة شي عظيم ان انذلت امه يا ويلتاه، لكن مدري الحادثة جد جهل، زي القصة التاريخية بحادثة المروحة اللي قامت عليها حروب ودم، وقصة البسوس عشان ناقة، ودرج بعدها مثال شعبي لا لنا فيها لا ناقة ولا جمل
نقلتيني بأجواء موضوعك لأيام زمان والله مش قصدي عن العصر وإنما عن ايامي بالمدرسة لما قرأت قصيدته أبا هند فلا تعجل علينا وانظرنا نخبرك اليقينا كنت حافظتها بصم وجتني بالبكلوريا اكتبه كشاهد عن العصر الجاهلي واعظم الشعراء ولأول مرة اعرف انه حفيد الزير سالم!! اللي ما اتخيله غير الممثل سلوم حداد ع قد ما كنت اشوف المسلسل اكثر من مرة كلما ينتهي ويرجعوا يعرضوه ارجع اتفرج عليه اجواء القبائل غريبة عليي، لكن لهلأ في جماعات وقبائل وعشائر عايشين نفس السيستم بطرق متحضر ومتطور اكثر، واحس اني انا الغريبة مش هم، اقصد نطاق عيشنا، لأن هم ثابتين عالأصل من عصور زمان لهلأ متمسكين بنظام القبائل وتعجبني اجوائهم احسها تراثية، بينما نحن متجولين احرار
الشعر كان سلاح ايام زمان، ترفع ناس وتنزل ناس وتغير ملوك وتشيل رؤوس كمان، متل ذاك الشاعر نسيت اسمه من اكثر الشعراء جرآة ياريت اقدر اعرف اجيب اسمه او اذكر قصته كويس، لكن كان عارف انه مطلوب للملك وحيطير راسه ومع هيك ما سكت وذل الملك مذلة الكلاب بكلامه وبعدها طار راسه- احاول استوعب انها احداث حقيقية- كان الشعر شغل ورزق يروح شاعر يمدح شيخ القبيلة او الملك ويرجع محمل بالذهب والمواشي، قراءة الشعر متعة للي يعرف معانيها بس، وعندي شغف اوسع من مصطلحاتي واكسب هيك ثقافة وميزة، لفت نظري انك ذاكرة كتاب مصطلحات ما رح اتردد بتحميله رح اسرق الرمزيات كلهم والله فخمين رهيييبين يجننوا يسلم ايدين المصمم وصاحب الصور شو مذوقين يشرفني اني اول من رديت، يعطيكي ألف عافية ي جميلة ف1 ابدعتي