“لاشيء يُعجِبُني
يقولُ مسافرٌ في الباصِ: لا شَيءَ يُعجِبُني
لا الراديو ولا صُحف الصَّباح ولا القلاعُ على التلال
أُريدُ أَن أبكي
يقولُ السائق: انتظر الوصُول للمحطة وابكِ وحدكَ ما استطعت
تقول سيدة: أنا أيضاً , انا لا شيء يُعجبنِي
دللتُ ابني على قبري فأعجبه ونام؛
ولم يودعنّي...
يقولُ الجامعي: ولا أنا, لا شيء يعجبني
درستُ الآركيولوجيا دونَ ان أجد الهوية في الحِجارة
هل أنا حقا أنا ؟
ويقول جندي: أنا أيضاً، أنا لا شيء يُعجبني
أُحاصِرُ دائماً شبحاً يُحاصرني
يقول السائقُ العصبي : ها نحنُ اقتربنا من محطتِنا الأخيرة فاستعدوا للنزول
فيصرخُون: نريدُ ما بعد المحطةِ فانطلق
أما أنا فأقول : أنزلني هنا
أنا مِثلهم، لا شيء يُعجبني
ولكني تَعِبتُ مِنَ السَفَر”
وأنا مِثلُك يا درويش ، لا شيءَ يُعجبني .
محمود درويش على لسانه
جانب آخر
علاقاته
درويش والكتابة
درويش والبلاد
الشعر والنثر مؤلفاته النثر
الشعر
كلمات خالدة
نقد شعري
الجوائز والتكريمات
وفاته
فيديوهات
اقتباسات
صوتيات
تصاميم
مساحة ختاماً
ولد بتاريخ 13 مارس 1941
قرية البروة - الجليل - فلسطين
توفي بتاريخ 9 أغسطس 2008
من أبرز الشعراء الفلسطينيين خاصة والعرب عامّة، عُرف كأحد أدباء المقاومة
والتحمت قصائده بالقضية الفلسطينية حتى سماه البعض بشاعر الجرح الفلسطيني .
طرد من البروة مع أسرته في السادسة من عمره تحت دوي القنابل عام 1947، ووجد نفسه أخيراً مع
عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، بعد أن تعرض الشعب الفلسطيني للاقتلاع وتدمير مدنه وقراه. والده يدعى "سليم درويش" رجل بسيط عمل في الفلاحة ، أمه تسمّى حوريّة وقد كانت أميّة لا تجيد القراءة والكتابة ، محمود الابن الثّاني في عائلته التي تتكوّن من ثمانية أبناء، خمسة منهم أولاد
وثلاثة بنات، وقد كان الابن الأكبر للعائلة اسمه "أحمد" الذي تأثّر به درويش في بداياته الأدبيّة لأنّه كان
يُعنى بالأدب ويُبدي اهتمامه به، بالإضافة إلى أنّ أخاه زكي كان كاتباً في المجال القصصيّ.
كان محمود درويش أثناء مرحلته التّعليميّة المدرسيّة مُتفوّقاً في دراسته، وكانت بوادر اهتمامه
في الأدب العربيّ واضحة في تلك الفترة؛ فكان يُكثر من المُطالعة في الأدب، ويحاول كتابة الشِّعر،
كان لديه موهبة الرسم ومهتماً بها، إلّا أنّه توقّف عن مُمارستها لأنها مُكلفة، أحزنه ذلك إلّا أنّه انتقل
للشِّعر كجانب آخر يُعوّضه عن الرّسم الذي كان يُحبّه، فالشِّعر لا يحتاج ما يحتاجه الرّسم من النّفقات،
وهكذا كانت أولى تجارب درويش في كتابة الشِّعر، من خلال سرده عواطف الطّفولة ومشاعرها،
بالإضافة إلى محاولاته في الكتابة عن أمور أكبر من طاقته كطفل .
كان لبعض مُعلّمي درويش دور بارز في تشجيعه على الكتابة، ولذلك بقي مديناً لهم بالعرفان والجميل
حتّى آخر عمره، خاصّة أولئك الذي ساعدوه في بدايته الشِّعريّة، وكان قد ذكر منهم معلّمه "نمر مرقس"
كأحد الذي قدّموا له العون في مرحلته تلك،
أنهى تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفر ياسيف ، وقد توقف عن الدراسة بعد الثانوية،
وتفرغ بعدها للشعر وللعمل المبكر في الصحافة والسياسة، لكنه حقق باجتهاده وعصاميته
ما لا تستطيع المدارس والجامعات منحه، وهو ما يتمثل في شعره بصفة أولى، وفي سائر كتاباته
وإسهاماته الثقافية على وجه العموم .
انتمى درويش إلى الشعر وإلى فلسطين معاً انتماء أصيل لا يعرف التلعثم أو التردد،
وبلغ مستوى رفيع من الثقافة والمعرفة على مختلف الأصعدة التي عَرف أيضاً كيف يوظفها
في شعره ونثره. ورغم انغماس درويش في الحركة الوطنية والسياسية الفلسطينية طوال عمره،
داخل الوطن المحتل، وفي مرحلة الخروج والمنفى، فإنه ظلّ محافظاً على أصالة شعره وعلى تجدّده،
وتنبّه إلى حصار الهمّ السياسي وخطر الوظيفة الوطنية التي أُلقيت على شعره، فبذل جهداً غير خفيّ
لتحقيق التوازن بين الوظيفة الجمالية ومتطلبات اللحظة السياسية والوطنية، وعبّر شعره تعبيراً عميقاً
عن مشاغل الهويّة الفلسطينية وإشكالاتها، في ظل التهديد الذي تعرّضت له، وغدا أداةً من أدوات
المقاومة ضدّ المحو وضدّ العدوان على وجود الإنسان على أرضه ومحاولة طمس لغته.
شغل منصب رئيس الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل.
كانت إقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه.
وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست العرب واليهود اقتراحاً بالسماح له بالبقاء
وقد سُمح له بذلك. في الفترة الممتدة من سنة 1973 إلى سنة 1982 عاش في بيروت وعمل رئيساً لتحرير مجلة
شؤون فلسطينية، وأصبح مديراً لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يؤسس مجلة الكرمل
سنة 1981. بحلول سنة 1977 بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة. وقد استقال محمود درويش لاحقاً من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاق اوسلو.
ساهم في إطلاقه واكتشافه الشاعر والفيلسوف اللبناني روبير غانم، عندما بدأ هذا الأخير ينشر
قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الأنوار والتي كان يترأس تحريرها . كان له نشاط أدبي ملموس على الساحة الأردنية فقد كان من أعضاء الشرف في نادي أسرة
القلم الثقافي مع عدد من المثقفين أمثال مقبل مومني وسميح الشريف وغيرهم .
أول قرية لبنانية أتذكرها حينذاك هي رميش . ثم سكنّا في "جزين" إلى أن هبط الثلج في الشتاء.
وفي جزين شاهدت للمرة الأولى في حياتي شلالاً عظيماً.. ثم انتقلنا إلى الناعمة قرب الدامور.
وأتذكر الدامور في تلك الفترة جيداً: البحر وحقول الموز.. كنت في السادسة من عمري، لكن ذاكرتي
قوية، وعيناي ما زالتا تسترجعان تلك المشاهد.. كنا ننتظر انتهاء الحرب لنعود إلى قرانا.
لكن جدي وأبي عرفا أن المسألة انتهت، فعدنا متسللين مع دليل فلسطيني يعرف الطرق السرية إلى
شمال الجليل. وقد بقينا لدى أصدقاء إلى أن اكتشفنا أن قريتنا البروة لم تعد موجودة.
-وجدت عائلة درويش قريتها مهدومة وقد أقيمت على أراضيها موشاف (قرية زراعية يهودية)- .
حلم العودة إلى مكان الولادة لم يتحقق . عشنا لاجئين في قرية أخرى اسمها دير الأسد في الشمال.
كنا نسمى لاجئين ووجدنا صعوبة بالغة في الحصول على بطاقات إقامة، لأننا دخلنا بطريقة
"غير شرعية"، فعندما أجري تسجيل السكان كنا غائبين. وكانت صفتنا في القانون :
"الحاضرون- الغائبون"، أي أننا حاضرون جسدياً ولكن بلا أوراق . صودرت أراضينا وعشنا لاجئين.
أول رحلة لي خارج فلسطين كانت إلى موسكو. وكنت طالباً في معهد العلوم الاجتماعية،
ولكن لم يكن لي هناك بيت بالمعنى الحقيقي. كان غرفة في مبنى جامعي ، أقمت في موسكو سنة.
وكانت موسكو أول لقاء لي بالعالم الخارجي . حاولت السفر قبلاً إلى باريس لكن السلطات الفرنسية
رفضت دخولي إلى أرضها في العام 1968. كانت لدي وثيقة لكنّ الجنسية غير محددة فيها.
الأمن الفرنسي لم يكن مطلوباً منه أن يفهم تعقيدات القضية الفلسطينية.
كيف أحمل وثيقة وجنسيتي غير محددة فيها وأقول له بإصرار إنني فلسطيني.
أبقوني ساعات في المطار ثم سفّروني إلى الوطن المحتل.
كانت موسكو أول مدينة أوروبية وأول مدينة كبيرة أعيش فيها. طبعاً اكتشفت معالمها
الضخمة ونهرها ومتاحفها ومسارحها.. تصور ما يكون رد فعل طالب فتيّ ينتقل من
إقامة محاصرة إلى عاصمة ضخمة ! وهناك تعلمت الروسية قليلاً لأتدبر أموري الشخصية.
الدخول إلى القاهرة كان من أهم الأحداث في حياتي الشخصية.
في القاهرة ترسخ قرار خروجي من فلسطين وعدم عودتي إليها.
ولم يكن هذا القرار سهلاً. كنت أصحو من النوم وكأنني غير متأكد من مكان وجودي.
أفتح الشباك وعندما أرى النيل أتأكد من أنني في القاهرة. حاصرتني هواجس ووساوس كثيرة، لكنني
فُتنت بكوني في مدينة عربية، أسماء شوارعها عربية والناس فيها يتكلمون بالعربية. وأكثر من ذلك،
وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرأها وأعجب بها. فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية
تقريباً والأدب المصري. التقيت محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ وسواهما،
والتقيت كبار الكتاب مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم.
يضيف: "عيّنني محمد حسنين هيكل مشكوراً في نادي كتّاب "الأهرام"، وكان مكتبي في الطابق
السادس، وهناك كان مكتب توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وبنت الشاطئ.
في القاهرة تمّت ملامح تحوّل في تجربتي الشعرية وكأن منعطفاً جديداً يبدأ. كان يُنظر إليّ عندما كنت في الأرض المحتلة كوني شاعر المقاومة. وبعد هزيمة 1967 كان العالم
العربي يصفق لكل الشعر أو الأدب الذي يخرج من فلسطين، سواء كان رديئاً أم جيداً. اكتشف العرب
أنّ في فلسطين المحتلة عرباً صامدين ويدافعون عن حقهم وعن هويتهم. اكتسبت إذاً النظرة إلى هؤلاء
طابع التقديس، وخلت من أي ذائقة أدبية عامة. هكذا أُسقطت المعايير الأدبية عن نظرة العرب إلى
هذه الأصوات المقاومة بالشعر والأدب في الداخل. ومن القصائد المهمة التي كتبتها في القاهرة قصيدة
"سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا" ونشرت في صحيفة "الأهرام" وصدرت في كتاب "أحبك أو لا أحبك".
بعد القاهرة انتقلت إلى بيروت مباشرة.. عشت فيها من العام 1973 إلى العام 1982.
حنيني إلى بيروت ما زلت أحمله حتى الآن. وعندي مرض جميل اسمه الحنين الدائم إلى بيروت.
ولا أعرف ما هي أسبابه. وأعرف أن اللبنانيين لا يحبون مديح مدينتهم في هذا الشكل.
ولكن لبيروت في قلبي مكانة خاصة جداً. ولسوء حظي، أنني بعد سنوات قليلة من سكني في بيروت،
والتي كانت ورشة أفكار ومختبر لتيارات أدبية وفكرية وسياسية، متصارعة ومتعايشة في وقت واحد، لسوء حظي ،أن الحرب اندلعت. وأعتقد أن عملي الشعري تعثر حينذاك.
بعد اندلاع الحرب صار الدم والقصف والموت والكراهية والقتل.. كل هذه صارت تهيمن على أفق
بيروت وتعكره. وبعض أصدقائي هناك ماتوا وكان عليّ أن أرثيهم. وأول من فقدت هناك غسان كنفاني.
وأعتقد أن الحرب الأهلية في لبنان عطلت الكثير من المشاريع الثقافية والفكرية التي كانت تجتاح بيروت.
وانتقل الناس إلى جبهات مختلفة ومتناقضة ومتحاربة.
كنت أشعر أن وجودي في بيروت سيطول، ولم أكن أشعر بالحرج وكأنني مقيم في شكل شرعي. ولكن
أن أكون مقيماً في شكل إجباري ومضاد لرغبة اللبنانيين عبر تعايشهم القسري معنا، فهذا كان يزعجني.
في صباح ذات يوم وكنت أسكن في منطقة الحمراء، خرجت لأشتري خبزاً وإذا بي أشاهد دبابة
ضخمة.دخل الاحتلال قبل الإعلان عن الدخول . حينذاك وجدت نفسي وحيداً أتجوّل في الشوارع ولا
أرى سوى الدبابات والجنود ورجالاً ملثمين . قضيت فعلاً أياماً صعبة جداً، ولم أكن أعرف أين أنام.
كنت أنام خارج البيت في مطعم، وأتصل بجيراني لأسألهم إن كان الإسرائيليون سألوا عني.
إذا قالوا: نعم جاؤوا، فكنت أدرك أنهم لن يأتوا مرة أخرى، فأذهب إلى بيتي، أستحم وأرتاح ثم أعود
إلى المطعم. إلى أن حصلت الكارثة الكبرى وهي مجزرة صبرا وشاتيلا. حينئذ تيقنت أن بقائي هناك
ضرب من العبث والطيش وخرجت إلى تونس بالسرّ.
كانت باريس عبارة عن محطة أكثر منها إقامة أو سكناً. لا أعرف. لكنني أعرف أنه في باريس تمت
ولادتي الشعرية الحقيقية. وإذا أردت أن أميّز شعري، فأنا أتمسك كثيراً بشعري الذي كتبته في
باريس في مرحلة الثمانينيات وما بعدها. هناك أتيحت لي فرصة التأمل والنظر إلى الوطن والعالم
والأشياء من خلال مسافة، هي مسافة ضوء. فأنت عندما ترى من بُعد، ترى أفضل، وترى المشهد
في شموليته. علاوة على أن باريس جمالياً تحرّضك على الشعر والإبداع. كل ما فيها جميل .
حتى مناخها جميل. في باريس كتب في وصف يوم خريفي: "أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟".
ومدينة باريس أيضاً هي مدينة الكتّاب المنفيين الآتين من كل أنحاء العالم. تجد العالم كله ملخصاً
في هذه المدينة. وكانت لي صداقات مع كتّاب أجانب كثيرين.
أتاحت باريس لي فرصة التفرّغ أكثر للقراءة والكتابة. ولا أعرف فعلاً إن كانت باريس هي التي أصابتني
أم أن مرحلة نضج ما تمت في باريس، أم أنه تطابق العنصرين بعضهما مع بعض؟ في باريس كتبت
ديوان "ورد أقل" وديوان "هي أغنية" و"أحد عشر كوكباً" و"أرى ما أريد" وكذلك ديوان "لماذا تركت
الحصان وحيداً؟" ونصف قصائد "سرير الغريبة". وكتبت نصوص "ذاكرة للنسيان" وغاية هذا الكتاب
النثري التحرر من أثر بيروت، وفيه وصفت يوماً من أيام الحصار. معظم أعمالي الجديدة كتبتها في
باريس. كنت هناك متفرّغاً للكتابة على رغم انتخابي عضواً في اللجنة التنفيذية. وفي باريس كتبت
نص إعلان الدولة الفلسطينية. مثلما كتبت نصوصاً كثيرة ومقالاً أسبوعياً في مجلة "اليوم السابع".
كأنني أردت أن أعوّض عن الصخب الذي كان يلاحقني في مدن أخرى".
بعدما أصبح في إمكاني أن أعود إلى "جزء" من فلسطين وليس إلى "جزء" شخصي
بل إلى "جزء" من وطن عام، وقفت طويلاً أمام خيار العودة. وشعرت بأن من واجبي الوطني والأخلاقي
ألا أبقى في المنفى. فأنا أولاً لن أكون مرتاحاً، ثم سأتعرض إلى سهام من التجريح لا نهاية لها،
ثم سيقال إنني أفضل باريس على رام الله أو على غزة. وبالتالي اتخذت الخطوة الشجاعة الثانية بعد
الخروج وهي خطوة العودة. وهاتان الخطوتان من أصعب الأمور التي واجهتها في حياتي: الخروج
والعودة. اخترت عمان لأنها قريبة من فلسطين ثم لأنها مدينة هادئة وشعبها طيب.
وفيها أستطيع أن أعيش حياتي. وعندما أريد أن أكتب أخرج من رام الله لأستفيد من عزلتي في عمان.
التوتر عالٍ جداً في رام الله. ومشاغل الحياة الوطنية واليومية تسرق وقت الكتابة. إنني أمضي نصف وقتي
في رام الله والنصف الآخر في عمان وفي بعض الأسفار.
لم تختلف حياته في بيروت وباريس والقاهرة عن حياته في عمان وإن كان أبرز ما يميزها أن معظم
وقت درويش في عمان كان للعمل الجاد، خير دليل على ذلك أعماله الشعرية جميعها التي صدرت عن دار
رياض الريس في بيروت مثل: الجدارية 2000، حالة حصار 2002، لا تعتذر عما فعلت 2004، كزهر اللوز
أو أبعد 2005، في حضرة الغياب 2006، أثر الفراشة 2008، معظم هذه الدواوين كتبت بين عمان ورام الله.
البيت بالنسبة لمحمود درويش له فلسفة خاصة فكما يقول:
"البيت يعني لي الجلوس مع النفس ومع الكتب ومع الموسيقى ومع الورق الأبيض.
البيت هو أشبه بغرفة إصغاء إلى الداخل ومحاولة لتوظيف الوقت في شكل أفضل.
ففي الستين يشعر المرء بأنه لم يبق لديه وقت طويل. وشخصياً أعترف بأنني أهدرت وقتاً طويلاً
فيما لا يجدي، في السفر، في العلاقات وغير ذلك.
إنني حريص الآن على أن أوظف وقتي لمصلحة ما أعتقد أنه أفضل وهو الكتابة والقراءة.
يشكو كثير من الناس من العزلة، أما أنا، فإنني أدمنت العزلة، ربيتها وعقدت صداقة حميمة معها.
العزلة هي أحد الاختبارات الكبرى لقدرة المرء على التماسك. وطرد الضجر هو أيضاً قوة روحية عالية جداً.
وأشعر أنني إذا فقدت العزلة فقدت نفسي. أنا حريص على البقاء في هذه العزلة، وهذا لا يعني أنه
انقطاع عن الحياة والواقع والناس.. إنني أنظم وقتي في شكل لا يسمح لي بأن أنغمر في علاقات
اجتماعية قد لا تكون كلها مفيدة.
عندما كنت خارج الوطن، كنت أعتقد أن الطريق سيؤدي إلى البيت، وأن البيت أجمل من الطريق إلى
البيت. ولكن عندما عدت إلى ما يُسمى البيت، وهو ليس بيتاً حقيقياً، غيّرت هذا القول وقلت:
ما زال الطريق إلى البيت أجمل من البيت لأن الحلم ما زال أكثر جمالاً وصفاء من الواقع الذي أسفر
عنه هذا الحلم. الحلم يتيم الآن. لقد عدت إلى القول بأولية الطريق على البيت.
علاقتي القوية بالبيت نمت في المنفى أو في الشتات. عندما تكون في بيتك لا تمجد البيت ولا تشعر
بأهميته وحميميته، ولكن عندما تحرم من البيت يتحوّل إلى صبابة وإلى مشتهى، وكأنه هو الغاية القصوى
من الرحلة كلها. المنفى هو الذي عمّق مفهوم البيت والوطن، كون المنفى نقيضاً لهما. أما الآن فلا أستطيع
أن أعرّف المنفى بنقيضه ولا الوطن بنقيضه، الآن اختلف الأمر وأصبح الوطن والمنفى أمرين ملتبسين".
كانت لدرويش طقوس وعادات يومية لا يرغب في أن يخترقها أحد، ولا سيما ساعات قراءته وكتابته.
وكان يعيش وحيداً في شقته إذ سبق أن تزوج مرتين وانفصل بالتراضي . لم يكن ينام عند أحد،
ولا يرغب في أن ينام عنده أحد غالباً إلا بعض الأصدقاء الذين يأتون إليه أحياناً من فلسطين
وبشكل استثنائي. وكان ينام عادة مبكراً ولا يتجاوز الثانية عشرة ليلاً ويستيقظ حوالي الثامنة، ويبدأ
بحلاقة ذقنه والحمام وتناول القهوة، ثم يلبس أجمل ثيابه وحذاءه، كما لو أنه سيذهب إلى موعد رسمي،
ويجلس خلف الطاولة ينتظر الإلهام بالكتابة، أو ليقتنص الوحي كما كان يعبر عن ذلك. وأحياناً
يكتب صفحة أو صفحات وأحياناً لا يكتب شيئاً، المهم أن هذا الطقس كان مقدساً. كانت لشقة محمود
ثلاثة مفاتيح، فقد كان خائفاً من الموت وحيداً دون أن يشعر به أحد قال : "الستون رقم مرعب جداً،
ترى ماذا سيحدث بعد ذلك؟" قال درويش ! وكان يخاف من الموت وحيدا كما حدث للشاعر معين بسيسو.
كان درويش منشغلاً بالقراءة والكتابة جلّ وقته. يتحدث العبرية والإنجليزية والفرنسية.
يحب سماع الموسيقى الكلاسيكية لكبار الموسيقيين مثل بيتهوفن وتشايكوفسكي، وغالباً ما يسمع
الموسيقى أثناء الكتابة، ولديه مجموعة كبيرة من الأشرطة والأقراص الموسيقية. كان يحب سماع
عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ويتابع المسلسلات التاريخية. أما تسليته فكانت في لعب
النرد "طاولة الزهر" التي ينهمك في أجوائها، يصرخ أحياناً ، ويغتاظ أحياناً أخرى مثل أي طفل،
أما مشاهدته للتلفزيون، فقد كان مغرماً بالدراما، وخاصة في رمضان.
يعترف أصدقاء درويش المقربون بأنه كان يصنع لهم القهوة بنفسه، ويتفنن في ذلك، ولا يحب أن
يصنعها أو يقدمها لهم أحد غيره. كان يصرّ على أن يصنع القهوة بيديه، ويخدم زواره. أثناء الحرب في
بيروت عاش في شقة تفصل واجهة زجاجية فيها بين غرفة النوم والمطبخ وهي معرضة للقناصة، وعندما
يريد أن يذهب ليصنع فنجان قهوة كان يتردد في المغامرة بروحه من أجل المرور إلى المطبخ وصنعها،
يقول كلّ ذلك في كتابه (ذاكرة للنسيان) :
"أريد رائحة القهوة. لأتماسك، لأقف على قدميّ. كيف أذيع رائحة القهوة في خلاياي، وقذائف البحر
تنقض على واجهة المطبخ المطل على البحر لنشر رائحة البارود ومذاق العدم! صرت أقيس المسافة الزمنية بين قذيفتين. ثانية واحدة.. ثانية واحدة لا تكفي لأن أقف أمام البوتاغاز الملاصق لواجهة الزجاج المطلة
على البحر."
كان محمود محباً صادقاً وودوداً لأصدقائه وللناس بشكل عام، وهو متواضع جداً، وخجول
لا يحب اللقاءات الاجتماعية التي يزيد فيها الحضور عن ستة أشخاص. كان معتدلا في حياته،
وفي طعامه وشرابه ونقاشاته، ولم يكن متطرفاً برأيه، هو متسامح جدا، ولم تكن لديه عداوات مع أحد،
ونادراً ما يذم أحداً من الشعراء أو غيرهم، كان كريماً وغالباً ما "يعزم" أصدقاءه.
ولم يكن يستطيع الذهاب إلى الأحياء الشعبية أو التجول في الشوارع مثل عامة الناس لكثرة ما
يصادف من المعجبين والإحراجات. قام بتوزيع جزء كبير من مكتبته على بعض أصدقائه، وكأنه لم يرغب
في إبقاء غير مئة كتاب مثلاً ليحتفظ بها وتكون في متناول يده. استقبله عدد من الملوك والرؤساء مثل
ملكة هولندا، وملك المغرب، ورئيس وزراء فرنسا والرئيس التونسي وغيرهم.
لعل أكثر ما يثير الإعجاب بشخصيته سرعة البديهة، وخفة الظل، وذلك التهذيب العالي في الحديث،
واللباقة في التعاطي مع الآخرين، واحتفاله بتجارب الآخرين، لا سيما الشعراء الشباب. وكان يفرح
من قلبه عند اكتشافه لشاعر متميز، ولا يتوانى عن إبداء إعجابه بنص جميل بدون تحفظ،. وكان مستمعاً
جيداً يتابع محدثه باهتمام وفضول، ولا يميل إلى التنظير، ولا يحب دور الأستاذ الذي يتوقعه منه البعض..
يسمع جيداً ويناقش.. يقرأ الصحافة ويقرأ الكتب التي تهدى إليه، ويعبر عن رأيه فيها.
وُلدت ريتا، واسمها الحقيقي تامار باهي، في حيفا عام 1943، وعملت أستاذة للأدب بجامعة تل أبيب.
التقت المراعنة مع ريتا في برلين، وروت قصة تعرُّفها على درويش، كان اللقاء الأول
وهو بالسادسة عشرة من عمره، في حفلٍ جمعهما مصادفة.
هناك عرف درويش هذه الفتاة ، وبدأت قصة الحب التي خلَّدها في أشعاره، وعرض الفيلم بعضاً
من خطابات درويش التي كتبها لريتا باللغة العبرية التي كان يجيدها، والتي كانت تحمل
مشاعر مختلطة بين الرغبة في اللقاء والمنع بسبب الاحتلال.
خطَّ لها في إحدى رسائله، قائلاً: "أردت أن أسافر إليك فى القدس، حتى أطمئن وأهدّئ من روعك.
توجهت بطلب إلى الحاكم العسكري بعد ظهر يوم الأربعاء، لكي أحصل على تصريح لدخول القدس،
لكن طلبي رُفض. لطالما حلمت بأن أشرب معكِ الشاي في المساء، أي أن نتشارك السعادة والغبطة.
صدِّقيني -يا عزيزتي- أن ذلك يجيش عواطفي حتى لو كنتِ بعيدة عني، لا لأن حبّي لك أقل من حبك
لي، ولكن لأنني أحبك أكثر".
انتهت قصة الحب بين ريتا ومحمود بحلول يونيو 1967، أنهت "نكسة حزيران" الحكاية وأيقظت لديهما
هويتهما لينحاز كل منهما إليها، اختارت ريتا الانضمام إلى سلاح الطيران ، واختار درويش الوقوف مع
حكاية شعبه، وكتب ليرثي حبه في قصيدته الشهيرة التي غناها الفنان اللبناني مارسيل خليفة “ريتا
والبندقية”، وظل جمهوره يتساءل عنها في كل أمسية شعرية دون أن يعرفوا شخصيتها الحقيقية،
لكنهم ربما استنبطوا معنى البندقية التي فرَّقتهما.
دخل درويش في علاقات عاطفية تبعت "ريتا"، وتزوج مرتين لكن لم يُكتب لهما النجاح، فكتب في وصف نفسه بقصيدة "سيء الحظ": "أنا العاشق سيء الحظ، لا أستطيع الذهاب إليك، ولا أستطيع الرجوع إليّ".
تقول رنا إنها حضرت أمسية شعرية لدرويش في أميركا، و"في اللحظة التي جلست أثناءها،
كانت عينا محمود تحدقان بها ، بعد انتهاء الأمسية، والتقاء الشاعر برنا التي كانت طالبة جامعية،
وبعد كلمات قليلة، قال لها: "اسمحي لي بسؤالك على انفراد للحظة". ابتعدنا عن الجمع لمدة خمس
دقائق، فقال مباشرة: "هل تقبلين الزواج مني؟". تقول رنا: "أجبت بنعم، أقبل الزواج منك"...
وحصل ذلك على وجه السرعة، بعد السفر إلى باريس والحديث عن الفنادق والمطاعم والوضع
الفلسطيني العربي، تحط الطائرة في بيروت في خضم الحرب، يعود العريسان إلى بلد وفي قلبيهما
شوق العودة، وهنا تروى رنا فظائع زمن الحرب الأهلية اللبنانية: "وصلنا إلى مبنى دبوس، وأبلغني
محمود حينها أنه يسكن في الطابق الثامن، وأن الكهرباء مقطوعة منذ أكثر من سنة. فحملت إحدى
الحقائب الثقيلة، وبدأت الصعود إلى حياتي الجديدة، ليبلغني، على عتبة الطابق الرابع وهو يلهث، أن
الماء مقطوع من وقتها أيضاً، والتدفئة غير موجودة".
أبلغ ما كتبته رنا قباني هو بعض التفاصيل في سلوكية محمود درويش، بدءاً من الهدايا التي
كان يقدمها، مروراً بأشياء منزله المتواضعة. المهم أن الشاعر والطالبة تزوجا لثلاثة أعوام أو أربعة،
غير أنها تركته لتحصل على شهادة الدكتوراه في جامعة كامبردج وكان مستحيلاً الاستمرار.
تزوج درويش لاحقاً لنحو عام، منتصف ثمانينات القرن العشرين بالمترجمة المصرية حياة الهيني،
ولا تفاصيل عن هذا الزواج. تقول حياة الهيني عن انفصالهما: "التقينا محبين وافترقنا محبين".
ويقول درويش: "لم نُصب بأية جراح، انفصلنا بسلام، لم أتزوج مرة ثالثة ولن أتزوج، إنني مدمن
على الوحدة. لم أشأ أبداً أن يكون لي أولاد، وقد أكون خائفاً من المسؤولية، ما أحتاجه استقرار أكثر،
أغيّر رأيي، أمكنتي، أساليب كتابتي، الشعر محور حياتي، ما يساعد شعري أفعله وما يضره أتجنبه"
يعترف درويش بفشله في الحب كثيراً، "أحب أن أقع في الحب، عواطفي متقلّبة، حين ينتهي الحب،
أدرك أنه لم يكن حباً، الحب لا بد من أن يعاش، لا أن يُتذكر".
تم كتابة المئات من المقالات حول الشاعر الفلسطيني محمود درويش ، وكلها حاولت التركيز على
الجوانب الاستثنائية في إبداعه. وعلى الرغم من أنه تم تقديمه كشاعر يعبر عن قضية بلاده ومعاناة
شعبه من الاحتلال، إلا أنه بالفعل كان يمتلك بُعدًا إنسانيًا يتجاوز السياسة ويجعل شعره حاضرًا
في التاريخ.
قد تم تضييق دائرة فهم موهبته إلى الجانب السياسي فقط، ولكن الحقيقة أن درويش كان يمتلك قدرة
على إعطاء شعره بُعدًا إنسانيًا يتجاوز الحدود الجغرافية. وبالنظر إلى تاريخ قراءة الشعر في العالم،
نجد العديد من الشعراء الذين جمعوا بين التعبير عن قضاياهم الوطنية والإنسانية في شعرهم،
مما يجعلهم مصدر إلهام للكثيرين.
طوال حياته الشعرية التي استمرت لأكثر من نصف قرن، سعى محمود درويش ليجعل شعره يتسع
ليشمل جوانب إنسانية أعمق من السياسة اليومية. وبفضل هذا الجهد، يمكن لقراء شعره أن يشعروا
بالامتنان والتضامن الإنساني، وأن يثمنوا القيمة الجمالية التي يحملها شعره كمعيار أساسي لتقييم
قيمته الأدبية.
يُعتبر الشاعر محمود درويش واحدًا من شعراء الشعر المعاصر، ويجدر بالذكر أن القصيدة المعاصرة
شهدت تباينًا في عدة أجيال، حيث كانت هناك ثلاثة أجيال: الأولى في الأربعينيات، والثانية في
الخمسينيات، والثالثة في الستينيات. ويُعتبر درويش جزءًا من الجيل الثاني، وهو جيل الخمسينيات،
حيث قام شعراء الأجيال الثلاثة بمحاولة تجسيد القصيدة العربية بشكل موسيقي في تجاربهم المختلفة،
وذلك وفقًا لرؤية الناقد عز الدين إسماعيل، الذي يؤمن بأهمية الواقع النفسي في الفن والحياة. ويُعتبر
الشعر المعاصر مرتبطًا بالجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكانت القصيدة على
مقربة من الطابع العصري ومحتوياته. وقد جعل ذلك الشعراء يتناولون قضايا العصر ومضامينه،
ومن ضمن ذلك ارتباط الشعر المعاصر بفلسطين كوسيلة للتعبير عن قضيتها، حيث كتب درويش
وسميح القاسم ونازك الملائكة في هذا السياق.
بعد نكبة عام 1948م، تم إبعاد مئات آلاف من أبناء فلسطين عن أرضهم وجذورهم وحضارتهم.
عاشوا في الغربة بكل مرارة، يبحثون عن مأوى، سواء كانوا لاجئين في الخيام أو مشردين على
هامش مجتمعات غريبة. بدأ أبناء فلسطين رحلة سفر لا تنتهي تحت رياح الضياع والغربة، حاملين
عذاب الارتحال الدائم. هذا السفر جعلهم كأزهار ذابلة، وذاقوا مرارة الغربة والبعد كمواطنيهم الآخرين.
الشاعر محمود درويش جرب الاغتراب داخل الوطن والنفي خارجه، وأثر هذا الاغتراب والتنقل على
حياته وأشعاره. يصف في قصائده حياته في المنفى، حيث كان بعيدًا عن جنان وطنه وربيع عينيه.
يصور العذاب الملحق بأبناء شعبه في المنفى، والإحساس بضياع الهوية ووحشة البيت الخالي من
الضحك والسرور.
عاش محمود درويش حقيقة الاعتقال، إذ تذوق مراراً طعم السجن منذ صغره بسبب قصائده المليئة
بالتحدي والغضب، التي تدافع عن شعب فلسطين وعبير البرتقال. ظن العدو الصهيوني أنه يمكنه
أن يسكت حنجرة الشاعر بإيقافه في السجن، لكن صوت الشاعر لم يتوقف، بل خرج من قلبه. كما يقول
درويش، الشعر هو دم القلب ودموع العين، صوت الشاعر هو صوت الحرية والأرض، لا يمكن أن يكبت
في زجاجة. لذا، لم ينجح منع دفاتر الشعر ووضع التراب على فم الشاعر، وربط السلاسل على يديه،
في كبح مقاومته، فإذا حبست يديه وملأت فمه بالتراب، سيغني بلسان مليون عصفور على أغصان قلبه،
وسيكتب أبياته بالأظافر والخناجر. السجن لم يبعده عن الناس والأشياء والقضية، بل كان يحكي
قصة احتلال وطنه في كل مكان، سواء في زنزانته أو تحت الضرب والقيود.
الأدب ينقسم إلى نوعين هما الشعر والنثر، وكل قسم له أنواعه وقواعده الخاصة. يُطلق على من يكتب
الشعر اسم "ناظم"، بينما يُعرف من يكتب النثر بأنه "كاتب".
النثر هو شكل من أشكال اللغة يعتمد على البنية النحوية والتدفق الطبيعي للكلام. يتناقض عادة
مع الشعر الذي يعتمد على بنية إيقاعية واستخدام القافية. يستخدم النثر الحوار المنطوق والخطاب
الو ويعتمد على البراهين والأدلة. يخاطب التفكير والعقل أكثر من الإحساس والعاطفة، ويهدف
إلى نقل فكرة معينة بأسلوب صريح إلى القارئ.
أنواع النثر النثر الفني هو النوع الذي يمكن استخدام العاطفة فيه بشكل محدود ويتطلب استخدام لغة
وصياغة متقنة. النثر العادي لا يتطلب سوى استخدام اللغة اليومية التي يستخدمها الناس.
كلمة "نثر" ظهرت لأول مرة في اللغة الإنجليزية في القرن الرابع عشر، ونشأت من النثر الفرنسي
القديم. وتأتي من التعبير اللاتيني prosa oratio، الذي يعني حرفيا "الكلام المباشر".
يتميز النثر بتكوين جمل نحوية كاملة وتقسيمها إلى فقرات بدلاً من الأبيات.
الشعر النثري هو الشعر الذي يكتب بالنثر بدلاً من استخدام الأبيات، مع الحفاظ على الصفات
الشعرية مثل الصور المتزايدة والتأثيرات العاطفية. يمكن اعتباره إما شعراً أو نثراً، أو نوعا منفصلاً تماماً.
وعلى الرغم من أن شعر النثر ظهر في الغرب في القرن التاسع عشر، إلا أنه اكتسب شعبية أكبر
منذ الثمانينيات.
الشعر الشعر هو فن أدبي يتكون من كلمات تنتهي بقافية، ويتألف من أبيات تشكل قصيدة.
يعتمد الشعر على الاختزال والإيجاز، ويسعى لإيجاد جمالية في الكلمات. يتميز الشعر بالجرس
الموسيقي والوزن والقافية. ينقسم الشعر إلى شعر حر وشعر عمودي ، حيث يتباين الأول في عدم
ارتباطه بالقافية بينما يعتمد الثاني عليها بشكل كامل.
شعر المقاومة هو تعبير عن رفض الحالة الراهنة، معبأ بمشاعر عميقة ووعي بالضرورة الحتمية
لتغيير هذه الحالة. يبدأ هذا الشعر غالباً بالالم والظلم، ثم ينتقل إلى الاحتجاج والغضب والرفض. لكن
لكي يكون له تأثير، يجب أن يكون مبنياً على نظرية ثورية اجتماعية، وهكذا يصبح شعراً جماهيرياً.
يجب على الشاعر أن يتفاعل مع الواقع ويستخدم كلمات تحمل رسالة قوية. شعر المقاومة يتميز
بالصراحة والإنسانية ، ويعبر عن صرخة الإنسان المضطهد في كل مكان. يجب على الشاعر أن
يحتفظ بحساسيته ويظل قوياً في مواجهة الظلم. يسعى درويش ليكون جزءاً من تراث شعر المقاومة،
ويستلهم من تجارب الشعراء الذين سبقوه في هذا المجال.
252 صفحة قدم الشاعر محمود درويش آليات صياغية جديدة في مقاربته لقضية بلاده "فلسطين"،
حيث سجل موقفه من الاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني داخل حدود أرضه.
وأشار إلى أن التاريخ لم يشهد مثل ما يحدث الآن من عنف وفظاظة في ملاحقة أبناء الوطن،
معتبراً نفسه شاعراً ثورياً يخاطب الجماهير ويلتزم بقضية الجماهير.
مشيراً إلى أن الصهيونية بمساندة الأمبريالية تسعى لتهويد فلسطين وتجاهل وجود الشعب الفلسطيني.
ويتألف من ثلاثة أقسام تحتوي على مقالات نثرية وكلمات وخطب وشهادات ومقابلات للشاعر
محمود درويش، حيث يتناول فيها مواضيع مختلفة تتعلق بالقضية الفلسطينية والوطن.
“ما زلت أقول إن النفي الحقيقي للإنسان هو أن تبعده عن الشجر.”
“هذا الوطن الصغير، كقبضة اليد، الواسع مثل كتاب الأبد. هذا الرائع.. هذا الجارح والمجروح..
هذا الوطن، هل يتحول إلى سجن لأبنائه؟”
“نحن لم نصنع هذا الوطن كما تصنع المؤسسات والمنشآت. هو الذي صنعنا. هو أبونا وأمنا.
ونحن لم نقف أمام الاختيار. لم نشتر هذا الوطن في حانوت أو وكالة. ونحن لا نتباهى. ولم يقنعنا
أحد بحبه. لقد وجدنا أنفسنا نبضاً في دمه ولحمه ونخاعاً في عظمه. وهو، لهذا، لنا ونحن له.”
126 صفحة يوميات تتحدث عن فترة عيش محمود درويش الأولى في فلسطين قبل تهجيره،
وتتميز بالحزن والروح الثورية. يصف درويش في هذا الكتاب بأسلوبه الساحر معاناة الشعب
الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي القاسي، سواء في الوطن المحتل أو في الشتات،
حيث تحولت أيامه إلى فترات طويلة من اليأس والحزن.
“أتمنى لكِ اليأس يا حبيبتي؛ لكي تصيرين مبدعة. اليائسون هم المبدعون، لا تنتظريني
ولا تنتظري أحدًا. انتظري الفكرة، لا تنتظري المفكّر. انتظري القصيدة، ولا تنتظري الشاعر.
انتظري الثورة، ولا تنتظري الثائر. المفكّر يخطئ، والشاعر يكذب، والثائر يتعب.”
“جاءك الفرح فجأة ، وقد علمتك الأيام أن تحذر الفرح، لأن خيانته قاسية.”
“ليس المكان مساحة فحسب، إنه حالة نفسية أيضاً. ولا الشجر شجر ، إنه أضلاع الطفولة.”
103 صفحات في هوامش حرب تشرين 1973 التي كتبت في مراحل الإنتظار والإنفجار والإنتظار العائد.
يهديه المؤلف إلى دماء الشهداء والمقاتلين العرب الذين رسموا صورة جديدة للحضور العربي في
العالم، وذهبوا دون أن يسألوا عما نفعل بعطاياهم العظيمة. بعد هذه المقدمة، يضع الكاتب ثلاثة عناوين
رئيسية للكتاب: "حصان يحب غزالة"، "صباح الخير أيها الفرح!"، و"ماذا فعلت بالخريف يا سرحان".
ومن هذه العناوين اشتق عنوان الكتاب: "وداعاً أيتها الحرب وداعاً أيها السلام". يركز الكاتب في الكتاب
على الأماكن المغلقة في العمل الأدبي، ويصف المتاهة التي يعيشها "سرحان" داخل زنزانته، مشيراً إلى
أن السجين والسجان كلاهما فاقدان للحرية. يبرز في النص فلسفة الكاتب حول الحرب والسلام، مشيراً
إلى أن السلام لا يولد إلا من نهاية الحرب. تبرز غرفة السجن أو "الزنزانة" كمكان نفسي مهم ومؤشر
بنائي على حضور شخصية السجين في العمل الأدبي، وتصبح شكلاً من أشكال التجربة الإنسانية
في حال الحرب. "باب واحد لأكثر من زنزانة. هو: باب الحرية". ودوّن الكاتب الجملة التالية: "وداعاً
أيتها الحرب!" ولكنه شعر بأنها جملة ناقصة، ووقعت منه جملة مرادفة: "وداعاً أيها الوطن!"
“انتظرنا أيّها العالم .انتظرنا قليلاً. فإننا قادمون إليك. مشغولون، الآن، ببناء الأيدي التي تصل إليك.
منكبون، الآن، على تربية الأقدام التي تحملنا إليك.
غارقون، الآن، في عمليّة تركيب الجسور التي يعبر عليها صوتُنا إليك.
انتظرنا أيّها العالم. انتظرنا قليلاً. فنحن الآن نتعلّمُ المشي على الأرض مرة أخرى، نتعلّم المشي.
فلا تلعب كثيراً بالكرة الأرضية التي تهتز. لا تلعب كثيراً.
عمّاقليل يصير بوسعنا أن نعيدها إلى التوازن - إذا شئت. وعمّا قليل يصيرُ بوُسعنا أن ندفعها
إلى الانفجار إذا شئت. نحن الآن نتعلم فن المشي."
235 صفحة يستخدم درويش الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 وقصف بيروت كموضوع لهذه السلسلة من
القصائد النثرية. يعيد بشكل حيوي مشاهد وأصوات مدينة تحت الحصار الرهيب. وأثناء صراخ الطائرات
المقاتلة في السماء، يستكشف شوارع بيروت التي دمرتها الحرب في السادس من أغسطس (يوم
هيروشيما). ذاكرة النسيان هي انعكاس ممتد للغزو وأبعاده السياسية والتاريخية، وهي أيضًا رحلة
إلى الذاكرة الشخصية والجماعية. يربط درويش ضمنيًا بين الكتابة والوطن والمعنى والمقاومة في عمل
ساخر ومكثف يجمع بين الغضب والغضب. قدم درويش بشكل جميل شهادة على بطولة شعب محاصر،
وعلى الإبداع الفلسطيني والاستمرارية.
“نحن نتاج هذا الواقع وهذا الزمن الذي تختلط فيه الانهيارات الواضحة بالولادات الغامضة،
ولا نتوب عن أحلامنا مهما تكرر انكساره”
“فالقهوة هي القراءةُ العلنية لكتاب النفس المفتوح .. والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار”
“الساعة الحادية عشرة وعشرون ألف قذيفة وثلاثون ثانية”
180 صفحة في القراءة الأولى لنص "في وصف حالتنا"، يمكن الاستنتاج أن درويش قد وصف حالة الفلسطيني
خارج حدود وطنهم الأم، وتحديداً في لبنان خلال فترة الحرب الأهلية. يصوّر درويش الفلسطينيين
واللبنانيين المقيمين في نفس المكان كمجموعة واحدة، يشاركون في نفس الألم والمعاناة. يستخدم
درويش التصوير كوسيلة للتعبير عن الواقع الملموس والمرئي، مع التركيز على العمق والداخل. يقدم
درويش فضاءً خيالياً يعتمد على التحوّل في طبيعة الخطاب، من خلال تحويل حضوره اللغوي إلى خطاب
مرئي يعتمد على حاسة البصر. يصوّر درويش وطنهم كحقيبة أو بندقية، ويعبر عن وطنهم كسحاب
أو شظية، مما يعكس الاضطراب والتشتت الذي يعيشونه خارج وطنهم.
“قل مرة أُخرى إنك قاتل نفسك. فأنت ثمن كل شيء. أنت ثمن لا شيء. قل إنك قاتل نفسك لينجوَ
بئر بترول، وصفقة سلاح، أو جملة ثورية، من التضخم. ولا حصة لك فيما يجري تقاسمه فيك وفي
جثتك، لأنك ضحيةُ الضحية. لم يقتلك أحد. أنت الذي فعل. أنت الذي قتل. قُلْ ولا تندم، فبعد قليل
سيتعانق القاتلان عليك، وأنت الثمن الذي لا يبحث عن نتيجة. وعليك الآن أن تقف. بكامل جروحك،
وتعتذر للخنجر الذي أَصاب جسدك وأصاب صورة روحك، لأنه قد يفضح القاتل، قد يفضحه قليلاً…
هل وصل البرابرة؟ هل وصل البرابرة؟ لقد كانوا نوعاً من الحل”
مقالات متنوعة لمحمود درويش، منها مقالين في رثاء معين بسيسو.
ومقال عن لوركا. وحوارات مقابلات جرت مع محمود درويش .
“وهل في وسع أحد أن يدهش من بطولة الفلسطيني في الدفاع عن الهوية وعن البقاء؟
ليس للفلسطيني موقع أخير ينهار بانهياره. ليس للفلسطيني موقع أخير.
إنه ينبثق من كل مكان”
200 صفحة رسائل نثرية بين شقّي البرتقالة الفلسطينية، محمود درويش وسميح القاسم، ممعنة في الإنسان
والأرض والحق والمنفى والوجع الفلسطيني الأصيل، مليئة بالحوارات والحنين، والأسئلة، التي تساءل
درويش فيما لو آن لتعبها أن يُجزى براحة الجواب، مليئة هذي الرسائل بالابتسام والبكاء حتى تشعر بأن
لك فيها أذن ولسان .. حديث يصلك، يؤكد على السؤال الأول: نكون أو لا نكون.
" فهل أدت هذه الرسائل غرضاً ما؟“
“هل كبرتُ كثيراً، أم ارتطمت بجدار الأفق المسدود، لأعيش في هذه الفترة من حياتي ماضي كله إلى درجة أصغي معها بكل خلاياي إلى ما نسيت، أو أوهمني إيقاع الحاضر السابق . إذا جاز القول
بأنني قد نسيت ما سرُ انبثاق هذا الماضي ؟ أهو البحث عن طفولة المكان، أم هو الشبق لملاقاة مكان الطفولة، أم هو الاقتراب من سؤال سابق ما البداية... ما النهاية؟“
177 صفحة لن يقوى أحد على إخفاء الوجع عنك، فهو مرئي ، ملموس، مسموع كإنكسار المكان المدّوي.
وتسأل : ما معنى لاجىء؟ سيقولون: هو من اقتلع من أرض الوطن وتسأل : ما معنى كلمة وطن؟
سيقولون: هو البيت وشجرة التوت وقن الدجاج وقفير النحل ورائحة الخبز والسماء الأولى وتسأل:
هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات .. وتضيق بنا؟ ليس الحب فكرة انه عاطفة
تسخن وتبرد وتأتي وتذهب عاطفة تتجسد في شكل وقوام له خمس حواسّ وأكثر..الحب هو ما لا
تعرف وتعرف أنك لا تعرف.. ذاكرتي رُمّانة , هل أفرطها عليك حبة حبة , وأنثرها عليك لؤلؤاً أحمر يليق
بوداع لا يطلب مني شيئاً غير النسيان.
“وما معنى أن يكون الفلسطيني شاعراً، وما معنى أن يكون الشاعر فلسطينياً؟ الأول: أن يكون نتاجاً لتاريخ، موجوداً باللغة ، والثاني: أن يكون ضحية لتاريخ، منتصراً باللغة.
لكن الأول والثاني واحد لا ينقسم ولا يلتئم في آن واحد.”
“وقلت لي: لا حاجة بي إلى الاعتراف، فلا سرّ لي، وفضيحتي هي اللاسرّ، منذ سبق قلبي لساني.
أحبُ الشيء وأنقلب عليه لئلا يستعبدني، ولا أكره إلّا الكراهية لأنها سُمّ في الطاقة المنذورة لحبّ
أشياء بسيطة لذا أشفقت على الكارهين من إدمان السير على ظل ظنّوه خطاهم، وسجنوا حياتهم
في ابتكار وحيد: أخطائي! ”
“الزمنُ نهرٌ سلس لمن لا ينتبه إليه، وحشيٌّ شرسٌ لمن يحدق إليه، فتخطفه الهاوية!”
122 صفحة في الكتاب عشرات الكلمات التي قالها محمود درويش في مناسبات شتى. معظم هذه
الكلمات تتناول شخصيات أبدعت في مجال أو أكثر من إميل حبيبي وفدوى طوقان إلى
نزار قباني وسعدي يوسف ومحمد الماغوط إلى سمير قصير وممدوح عدوان وجوزف سماحة.
“ لم أعد طفلا، منذ قليل. منذ صرت أميز بين الواقع و الخيال، بين ما أنا فيه الآن
و ما كان قبل ساعات. فهل ينكسر الزمان كالزجاج؟”
“لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا. و لكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرُنا
أفضل من غدنا. يا لهاويتنا كم هي واسعة! ”
“لا أحد يعود إلى مرآته الأولى إلا ليهرب من ذاته الأولى إلى ذاته الثانية. أو ليقفز
من وجهه إلى قلبه، و من قلبه إلى ماضيه. ”
“ قد يفرح المرء بالهزيمة إذا كانت هي الطريق الوحيد إلى السلامة،
و إلى اللحاق بما تبقّى له من حياة. “
“الماضي لا يصلح للإقامة الدائمة، بل لزيارة ضرورية، نُحاكم خلالها أفعالنا، و
نجّسُ ما في الزمن من تاريخ، و نسأل: هل كنا جديرين بأحلامنا الأولى،
و أوفياء لأرضنا الأولى؟“
“لا نريد أن نكون أبطالًا أكثر، لا نريد أن نكون ضحايا أكثر، لا نريد أكثر من أن نكون بشراً عاديين”
289 صفحة صفحات مختارة من يوميات، كُتبت بين صيف 2006 وصيف 2007 يضم الكتاب
عشرات النصوص الشعرية التي تنقلنامن حلم إنساني إلى آخر. لكن أحلام محمود درويش
غير الأحلام، إنها مثقلة بالواقع وأسيرة القضية. وهي أسيرة الخوف والقلق والحنين
والرحيل والجدران..ولا تغادره.
“هل في وسعي أن اختار أحلامي , لئلا أحلم بما لا يتحقق؟”
“أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف. أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى
عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل”
“أنت منذ الآن, غيرك هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا...
لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟ كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء”
صدر ديوان "عصافير بلا أجنحة" للشاعر الفلسطينى محمود درويش في عام 1960 عن عمر يناهز 18 عامًا. تم نبذ هذا الديوان تمامًا وتجاهله، وكان من الملفت للنظر أن الصفحة الأولى من
الديوان عرّفت محمود درويش بأنه شاعر المقاومة على الرغم من أن الديوان كان الأول له. في حوار مع
الناقد اللبناني محمد دكروب لمجلة الطريق، قال محمود درويش عن الديوان "أول ديوان مطبوع لي،
لا يستحق الوقوف عنده، كنت في سنتي الدراسية الأخيرة عمرى لم يكن تجاوز 18 سنة عندما كتبت قصائده، وكان تعبيراً عن محاولات غير متبلورة".
-عناقيد الضياء (تحية حب الى الجزائر)
أصدقائي ! أقربائي !
في حقول النفط والزيتون
في أرض الدماء سفحوها بسخاء
لتروي غرسة الفجر التي تنبت في ليل الدماء من جراح ترتوي منها
عناقيد الضياء في كروم الكبرياء
تصنع الأزهار والمجد بصمت ومضاء
زينة الإنسان في أيامنا
جرح يغني للسناء
يا صديق الشمس يا جرحاً كبير الكبرياء
تغمد النور بليل البؤساء
*** أصدقائي !
في كرومٍ تنبت الأبطال في أعلى الجبال
يا نسوراً حلقت فوق الجبال
تحرس الكرم من الليل ومن ذئب الليالي
غيرة التاريخ تستدفعها فوق المحال قصة التحليق ليست تنتهي
أبداً تحضن آفاقاً عوالي
يا نسوراً بعضها قصت جناحيها أيادٍ أجنبية
فتهاوت بيد الموت تغني .. بيد الموت تغني
في السماء المغربية
لفظة الموت حياة في الشفاه العربية والقلوب العربية
خلفها تحيا الملايين أبيه
فشهيد الفجر بعث وحيّاه في بلاد خلق الموت بها حب الحياة
الديوان الثاني "أوراق الزيتون" الصادر عام 1964 قال درويش عنه : فأعتبره البداية الجادة
في الطريق الذي أواصل السير عليه، الطابع العام المميز لقصائده هو التعبير الجديد، بالنسبة لشعرنا،
عن الانتقال من مرحلة الحزن والشكوى الى مرحلة الغضب والتحدي، والتحام القضية الذاتية بالقضية
العامة، متنقلا من سمة "الثوري الحالم" الى الثوري الأكثر وعيا. وتشيع في جو الديوان رائحة الريف،
وآلام الناس، والتغني بالأرض والوطن والكفاح، والإصرار على رفض الأمر الواقع، وحنين المشردين
إلى بلادهم، ومحاولة العثور على مبرر لصمود الإنسان أمام مثل هذا العذاب.
-رسالة من المنفى
تحية
قبلة
و ليس عند
ما أقول بعد
من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي
و دورة الزمان دون حد
و كل ما في غربتي
زوادة ، فيها رغيف يابس ، ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد
من أين أبتدي ؟
و كل ما قيل و ما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة.. أو لمسة من يد
لا يرجع الغريب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريش على
جناح طير ضائع .. منهد
من أين أبتدى
تحية
.. و قبلة.. و بعد
أقول للمذياع ... قل لها أنا بخير.
صدرت في عام 1966، قال درويش : طريقتي في التناول هنا بالاختلاف عن "أوراق الزيتون"،
مما أدى إلى تغير في النبرة. كان صوتي هنا أكثر انخفاضًا وهمسًا وشفافية.
تخلصت من شرح تفاصيل الصورة واكتفيت بالإشارة الموحية. وعندما أنظر إلى الأشياء، لا ألتصق
بها فقط، بل أتوغل فيها أو تتوغل فيّ. كان وعيي ووجداني يدخلان في معادلة واحدة. وربما لم يعد
التزامي هنا مبدأ أو وجهة نظر أو طريقة، بل أصبح نبضًا في دمي. أعتقد أن للتجربة التي أسفرت
عن "عاشق من فلسطين" قيمة أكبر مما أدعيه. الجزء الأكبر من الديوان كتب في السجن أو عن
السجن. وأعتقد أن للمكان تأثيرًا على بناء القصيدة أيضًا.
يخيل لي أن كتابة القصيدة في السجن تشبه عملية التقاط سريعة أو اصطياد خاطف،
في نغمة تشبه الدندنة، حيث لا تتوفر للشاعر هناك أدوات الكتابة المادية التي اعتاد عليها.
وربما يكون العامل المحفز هو الذي يكتب فيه الإنسان، سواء شاء أم لم يشأ، وهذا يدفعه
إلى العناية الشديدة بالأناقة.
تجد أن قصيدة السجن قصيرة ومكثفة، وتحتوي على فراغ جميل ذي إيحاء، مما يجعلك تشعر
أن هذا الشاعر السجين لم يقل كل شيء، ولم يستنفذ تجربته، وما زالت هناك ظلال غير مرئية.
وهذه الميزة، ميزة الانطباع بوجود ما لم يقل، تعجبني كثيرًا في الشعر.
فلسطينيةَ العينين والوشمِ
فلسطينية الاسم
فلسطينية الأحلام والهمِّ
فلسطينية المنديل والقدمَين والجسمِ
فلسطينية الكلمات والصمتِ
فلسطينية الصوتِ
فلسطينية الميلاد والموتِ
حملتُك في دفاتريَ القديمةِ
نار أشعاري
حملتُك زادَ أسفاري
وباسمك ، صحتُ في الوديانْ :
خيولُ الروم !... أعرفها
وإن يتبدَّل الميدان !
خُذُوا حَذَراً
من البرق الذي صكَّته أُغنيتي على الصوَّانْ
أنا زينُ الشباب ، وفارس الفرسانْ
أنا. ومحطِّم الأوثانْ .
في البال أغنيةٌ يا أخت، عن بلدي، نامي لأكتبها.. رأيت جسمك محمولاً على الزرد وكان يرشح
ألواناً، فقلت لهم: جسمي هناك فسدوا ساحة البلد كنا صغيرين، والأشجار عالية وكنت أجمل من
أمي ومن بلدي... من أين جاؤوا؟ وكرم اللوز سيجه أهلي وأهلك بالأشواك والكبد!
نلتقي بعد قليلْ
بعد عامٍ
بعد عامين
وجيلْ...
ورَمَتْ في آلة التصوير
عشرين حديقهْ
وعصافيرَ الجليل
ومضتْ تبحث ’ خلف البحر
عن معنى جديد للحقيقهْ
وطني حبل غسيل
لمناديل الدم المسفوك
في كل دقيقهْ
وتمددتُ على الشاطئ
رملاً ... ونخيلْ.
تتناول قصائد الشاعر محمود درويش في ديوانه "حبيبتي تنهض من نومها" علاقة معقدة بين حب
الأرض وحب المرأة، كمشاعر تتأرجح بين العاطفة والنفسية والانفعال. يظهر الشاعر في قصيدته
الافتتاحية تكراراً لبعض الكلمات التي تعكس صوته الخاص وتخلق جواً موسيقياً مميزاً. يتساءل الشاعر
عن سبب موت حبيبته قبله وعن بقائه ضائعاً في ذكراها، مما يعكس تأملاته في الحياة والموت والذكريات.
عنوان الديوان يحمل دلالة معينة ويعتبر مفتاحاً لفهم رسالة النص وعالم الشاعر الداخلي.
حبيبتي تنهض من نومها
طفولتي تأخذ، في كفّها،
زينتها من كل شيء..
ولا
تنمو مع الريح سوى الذاكرة
لو أحصت الغيم الذي كدسوا
على إطار الصورة الفاترة
لكان أسبوعا من الكبرياء
وكلّ عام قبله ساقط
ومستعار من إناء المساء..
يوم تدحرجت على كل باب
مستسلما للعالم المشغول
أصابعي تزفر: لا تقذفوا
فتات يومي للطريق الطويل
بطاقة التشريد في قبضتي
زيتونة سوداء.
كل يوم نموت، وتحترق الخطوات وتولد عنقاء ناقصة، ثم نحيا لنقتل ثانية. يا بلادي، نجيئك أسرى
وقتلى، وسرحان كان أسير الحروب وأسير السلام. على جدار السجن يقرأ أنباء ثورته خلف ساق
مغنية، والحياة طبيعية، والخضار مهربة من جباه العبيد إلى الخطباء، وما الفرق بين الحجارة والشهداء؟
وسرحان كان طعام الحروب وطعام السلام. على جدار السجن تعرض جثته للمزاد، وفي المهجر
العربي يقولون: ما الفرق بين الغزاة والطغاة؟ وسرحان كان قتيل الحروب وقتيل السلام.
كل يوم نموت، وتحترق الخطوات
وتولد عنقاء ناقصة،
ثم نحيا لنقتل ثانية.
يا بلادي، نجيئك أسرى وقتلى،
وسرحان كان أسير الحروب وأسير السلام.
على جدار السجن يقرأ أنباء ثورته خلف ساق مغنية،
والحياة طبيعية،
والخضار مهربة من جباه العبيد إلى الخطباء،
وما الفرق بين الحجارة والشهداء؟
وسرحان كان طعام الحروب وطعام السلام. على جدار السجن تعرض جثته للمزاد،
وفي المهجر العربي يقولون: ما الفرق بين الغزاة والطغاة؟ وسرحان كان قتيل الحروب وقتيل السلام.
في ظاهرة حداثية بارزة في تاريخ الشعرية العربية، تأخذ لغتها التشكيلية إلى عوالم لا حدود لها،
يبحر من خلالها إلى آفاق تأملية، في الأماكن والأزمنة لتأسيس مشهد شعري يترادف عبر متنه
النص محمول الدلالة والصوت. في "محاولة رقم 7"، يبدو الشاعر مسكونًا بالأصوات التي تستظل
عبارته الشعرية وما ينطوي تحتها من قيم فنية وتشكيلية وصوتية تثري المعنى الداخلي للقصيدة.
كأني على موعد دائم معها ها هي الأرض تكمل دورتها
ها هو الوقت يثمر تفاحةً نلتقي؟
لم أجد غيرها امرأة ذاهبة
لم أجد غيرها خنجراً قادماً.
كأن خطاها مفاجأة الموت
تأتي مفاجئة وكأني على موعد دائم معها
تأخرت..
أسرعت..
إن فراغك ممتلئ قمراً أحبك، أم أتنفس؟ انتظر..
والحلم يأخذ شكله ويصير صورتك العنيفة... موتي: أو اختصري هنا موتاك، كوني ياسميناً أو قذيفة والحلم يأخذ شكله، فيخاف. لكن المدينة واقفة في قمّة الجرح الجديد، وفي انفجار العاصفة
ماذا تقول الريح؟ نحن الريح نقتلع المراكب والكواكب والخيام مع العروش الزائفة..." انتحار وانتصار
وبعد ذوابات الليل يأتي النهار، الأرض تبدأ من يديه، وكان يرمي الأرض بالأحلام، قنبلته قرنفلته حاول
أن يموت فلم يفز بالموت، وكان له يوم يكون وفراشة بنت السجون، والأرض تبدأ من يديه، المستحيل هويته وهويته ورق الحقول...
وأريد أن أتقمص الأشجار :
قد كذب المساء عليه.أشهد أنني غطيته بالصمت
قرب البحر
أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار.
وأريد أن أتقمص الأسوار:
قد كذب النخيل عليه.أشهد أنه وجد الرصاصة.
أنه أخفى الرصاصة
أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار
وأريد أن أتقمص الحُراس:
قد كذب الزمان عليه.أشهد أنه ضد البداية.
أنه ضد النهاية
كانت الزنزانة الأولى صباحاً
كانت الزنزانة الأخرى مساءً
كان بينهما نهار.
في مجموعته الشعرية "أعراس" يركز الشاعر محمود درويش على التقنية السردية (الحوار الداخلي)
ضمن مهمتها في بناء وتشكيل الحدث الذي هو -العرس- الذي تحول إلى جنازة، لتعيد القصيدة
السخونة للحدث الشعري والتجربة من جديد والتحول بالمفردات والمعاني إلى صورة أخرى
رافضة تماماً للاحتلال وهمجيته التي تسرق اللحظات السعيدة.
عاشقٌ يأتي من الحرب إلى يوم الزفافْ
يرتدي بدلتَهُ الأولى
ويدخلْ حلبة الرقص حصاناً
من حماس وقرنفلْ وعلى حبل الزغاريد
يُلاقى فاطمهْ وتُغنّي لهما كل أشجار المنافي
ومناديل الحداد الناعمهْ
ذَبّلَ العاشقُ عينيه وأعطى يَدَهُ السمراء للحنّاء
والقطن النسائيّ المقدس
وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات
طائرات طائرات
تخطفُ العاشقَ من حضن الفراشهْ
ومناديل الحداد
كتب الشاعر الفلسطيني محمود درويش هذه القصيدة في عام 1982م، وتتناول اللحظة التاريخية
في ذلك الوقت وتعبر عنها بشكل مؤثر. تصف القصيدة حالة الصمود الفلسطيني خلال تلك الفترة،
وتنقل حالة الحزن واليأس التي كانت تسيطر على الأوضاع. تصف المشاعر القوية للألم والحزن التي
شعر بها الشاعر أثناء رؤيته للموت والدمار من حوله. تسجل القصيدة سلسلة من الأحداث من خلال
بعض المشاهد التي تضمنتها. و تتسم بمفردات الحزن والموت واليأس، بالإضافة إلى معاني
الصمود والمقاومة والتحدي . تعكس القصيدة حالة من الدهشة والصدق التعبيري والانفعال.
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ. خريفُنا يدنو من الأبوابِ...
بحرٌ للنشيدِ المرِّ.
هيَّأنا لبيروتَ القصيدةَ كُلَّها.
بحرٌ لمنتصفِ النهارِ بحرٌ لراياتِ الحمامِ, لظلِّنا ’ لسلاحنا الفرديِّ بحرٌ’
للزمانِ المستعارِ ليديكَ,
كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ من الإشارةِ وانتظاري
ضَعْ شكلنا للبحرِ.
ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ واحملْ فراغَكَ...
وانكساري ....
واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيَّتهُ الأخيرةَ,
واستطاع القلبُ أن يعوي,
وأن يَعدَ البراري بالبكاء الحُرِّ...
ديوان "حصار لمدائح البحر" يعكس معاناة الشعب الفلسطيني خلال حصار بيروت في عام 1982.
يمزج بين الحزن والأمل، ويعبر عن صمود الفلسطينيين في وجه التحديات.
في هذا الديوان، يظهر درويش بأسلوب شعري مميز، حيث استخدم لغة رمزية تتحدث عن معاناة
الإنسان من خلال رمزية البحر والطبيعة.
تميزت تعابيره بجذب الانتباه إلى تجارب الشعوب وصراعاتها، وأعطت شعره معنى جديد وعميق.
مزج بين الموت والحياة، الأمل والإحباط، وبين الحرية والاستعباد. استخدم لغة رمزية تعكس تجربته
الشخصية وتجربة فلسطين في مواجهة الحصار والبحث عن الهوية.
كما استعرض مواضيع الحب والوطن، وعبر عن الهوية الفلسطينية بشكل مميز.
يطيرُ الحمامُ يَحُطّ الحمامُ
أعدِّي ليَ الأرضَ كي أستريحَ
فإني أُحبُّكِ حتى التَعَبْ...
صباحك فاكهةٌ للأغاني
وهذا المساءُ ذَهَبْ ونحن لنا
حين يدخل ظِلُّ إلى ظِلُّه في الرخام
وأُشْبِهُ نَفْسِيَ حين أُعلِّقُ نفسي
على عُنُقٍ لا تُعَانِقُ غَيرَ الغَمامِ
وأنتِ الهواءُ الذي يتعرَّى أمامي كدمع العِنَبْ
وأنت بدايةُ عائلة الموج حين تَشَبَّثَ بالبِّر
حين اغتربْ وإني أُحبُّكِ ,
أنتِ بدايةُ روحي ,
وأنت الختامُ.
عندما تضيق بي الأرض، تدور بي الريح. أدركت أنه يجب علي أن أطير وأن أتحدى الريح،
ولكنني إنسان. شعرت بألم لا يوصف يمزق قلبي، ودفعني لأشعر بالبرد الشديد وأرى قبري
أمامي. تبعثرت على السرير، وشعرت بالغثيان. فقدت الوعي للحظات، وكادت الحياة تتركني.
قبل أن أفقد الوعي تماماً، قلت: "أحبك، هل يمكنني أن أدخل الموت بين ذراعيك؟" وبعد ذلك،
فقدت الوعي تماماً، ولكن الموت لم يأتِ إلا ببكائك. لقد كانت يديك التي تضغطان على قلبي
هي التي جلبتني من جديد إلى الحياة. أحببتك قبل الموت، وبعد الموت، ولم أرى سوى وجه
أمي بين هذا وذاك.
فتشت عن نفسي,
فأرجعني السؤال إلى الوراء
لا شيء يأخذني إلى شيء .
وينسدل الفضاء
عليّ مشنقة,
ويندس المدى
في ثقب إبرة عاشقة
فتشت عن نفسي : سلام للذين أحبهم
عبثاً سلام للذين يضيئهم
جرحي.. هواء للهواء .
وأين نفسي بين ما
يسطو على نفسي ويرفعها رخاماً للهباء.
هذا خريفي كله
أعلى من الشجر المذهب
أين أذهب حين أذهب؟
صدر ديوان محمود درويش ” ورد أقل” سنة 1986 و نشرت قصائده الثلاث :
لا نصدق فراشاتنا , مرثية معين بسيسو , و قصيدة ورد اقل التي سمي الديوان باسمها
ويحتوي الديوان على القصائد التالية : أريد مزيداً من العمر ، سيأتي الشتاء الذي كان ، على هذه
الأرض ما يستحق الحياة ، يحق لنا أن نحب الخريف ،وداعاً لما سوف يأتي ، عناوين للروح ، خارج
هذا المكان خسرنا ولم يربح الحُب ، نسير إلى بلد، أنا من هناك ،أستطيع الكلام عن الحُب .
تتكون من خمسة عشر مقطعاً تتحدث عن الموجود كما يراه الشاعر وعن المنشود كما يتخيله ويتمناه.
في هذا المقال سوف نتطرق إلى عبارة "أرى ما أريد" التي يستهل بها الشاعر قصيدته وإلى
تكرارها كلازمة في جميع المقاطع وإلى لازمتين إضافيتين "إني أرى" و "أغمض عيني" كلازمتين
مساندتين للأُولى. لغة هذه القصيدة هي درويشية محضة تُشعر القارئ بفلسطينية المضمون
فمجموع التعابير في هذه القصيدة بالذات تصف حالة الشعب الفلسطيني وأُمنيات الشاعر له.
"يحتفي درويش باللغة الشعرية بوصفها معطى هام في تكثيف شاعرية القصيدة"، ويقول درويش:
"في اللغة نجد حلولنا، في اللغة نسافر ونعود. في اللغة نرسي قواعد سفر"
أَرى ما أريدُ مِنَ الحقل...
إنَّي أَرى جدائلَ قَمْحٍ
تُمَشِّطُهَا الريح،
أُغمضُ عينيِّ :
هذا السرابُ يُؤدِّي إلى النَهَوَنْدْ
وهذا السكونُ يُؤَدِّي إلى اللازَوَردْ
أرى ما أُريدُ من البحر..
إني أرى هُبوبَ النوارس
عند الغروب فأُغمض عينيّ :
هذا الضياعُ يؤدِّي إلى أندلُسْ
وهذا الشراعُ سلام الحمام عليّ ..
محمود درويش يعزو دور الشعر كوسيط خطابي بين التاريخ والخيال، حيث يأخذ القارئ
في رحلة مثيرة داخل فساد الواقع الحالي، ثم يوجهه نحو فتح آفاق جديدة في التفكير حول
التاريخ والمستقبل. الشعر يظهر الاقتراب من المستقبل وغيابه في نفس الوقت، ويسلط الضوء على
الفارق بين الحضور والغياب بدلاً من الحاضر والماضي.
بعد قرار درويش التوجه نحو الرمزية أكثر، والتفوق في اللغة الشعرية بما يليق بمكانتها،
جاء هذا الديوان بشكل استثنائي في وضوحه. يسمي الشاعر الأشياء والأشخاص بأسماء
صريحة مثل "خروبة الشارع العام" و"كرم عمه جميل"، وتدور حوارات بين الشاعر ووالده على
طول عدة قصائد، حيث يستحضر الشاعر طفولته ووالده الذي يمنحه الحكمة الخالدة.
يعتبر الديوان سيرة للمكان، وحفظًا لعنوان البيت والبيت نفسه من النسيان، مما يجعل القصيدة
شاهدًا على تاريخه. يعبر درويش عن معرفته ببيته بتفاصيل دقيقة مثل خصلة المريمية وحركة المناديل،
ويتوقع أن يبقى هذا البيت معروفًا للجميع، كنبوءة شاعرية تشير إلى أنه لن ينسى في المستقبل.
ومن يسكُنُ البَيْتَ من بعدنا يا أَبي؟ سيبقى على حاله مثلما كان يا ولدي!
تَحَسَّسَ مفتاحَهُ مثلما يتحسَّسُ أَعضاءه، واطمأنَّ..
وقال لَهُ وهما يعبران سياجًا من الشوكِ: يا ابني تذكَّرْ!
هنا طَلَبَ الإنجليزُ أباك على شَوْك صُبَّارة ليلتين،
ولم يعترف أَبدًا.. سوف تكبر يا ابني،
وتروي لمن يَرِثُون بنادِقَهُمْ سيرةَ الدم فوق الحديد..
لماذا تركتَ الحصان وحيدًا؟
لكي يُؤْنسَ البيتَ، يا ولدي،
فالبيوتُ تموتُ إذ غاب سُكَّانُها..
تفتحُ الأبديَّةُ أَبوابها، من بعيد، لسيَّارة الليل..
تعوي ذئابُ البراري على قَمَرٍ خائفٍ..
ويقولُ أَبٌ لابنه: كُنْ قويًّا كجدِّك!
واصعَدْ معي تلَّة السنديان الأخيرةَ يا ابني،
تذكَّرْ: هنا وقع الانكشاريُّ عن بَغْلَةِ الحرب، فاصمُدْ
معي لنعودْ متى يا أَبي؟ غدًا..
ربما بعد يومين يا ابني! وكان غَدٌ طائشٌ يمضغ الريح خلفهما في ليالي الشتاء الطويلهْ..
ديوان "سرير الغريبة" صدر في عام 1999. يجمع الديوان بين قصائد تتحدث عن الحب،
الوطن، والاغتراب. يبدأ الديوان بمقدمة تتحدث عن تجربة الشاعر في الحب والوطن والاغتراب،
حيث يؤكد على أن شعره يعبر عن تجاربه الشخصية وتفاعله مع العالم من حوله.
القسم الأول يتناول موضوع الحب، ويضم قصائد تعبر عن حب الشاعر للمرأة، الوطن، والحياة.
القسم الثاني يتناول موضوع الوطن، ويضم قصائد تعبر عن حب الشاعر للوطن وألمه من فراقه.
ومن بين القصائد الشهيرة في هذا القسم قصيدة "موطني" التي تعبر عن حب الوطن .
القسم الثالث يتناول موضوع الاغتراب، ويضم قصائد تعبر عن ألم الشاعر من الاغتراب .
أحنُّ إلى خُبز أُمّي
وقَهوةِ أُمّي
ولَمْسةِ أُمي..
وتَكبُر فيَّ الطفولةُ
يومًا على صدر يومِ
وأعشَقُ عمرِي لأنّي
إِذا مُتُّ،
أخجل من دمع أُمي!
خذيني، إذا عدتُ يومًا
وشاحًا لهُدْبِكْ
وغطّي عِظامي بِعشبٍ
تَعمَّد من طُهر كَعبك
وشُدّي وثاقي..
بِخصلةٍ شعرٍ..
بخيطٍ يُلوَّح في ذيلِ ثوبك..
عساني أصيرُ إلهًا
إلهًا أصيرْ
إذا ما لَمستُ قرارةَ قلبك!
ضعيني، إذا ما رجعتُ
وقودًا بتنور ناركْ...
وحَبْلَ غسيلٍ على سطح داركِ
- كان درويش يرى أن أمه لا تحبه مثل سائر إخوته ، إلى أن سجن على يد الاحتلال فأتت اليه بالقهوة والخبز ولم ترحل حتى سمحوا لها بالدخول ، عندها كتب لها معتذراً على علبة السجائر:
للعبقرية مرادفات كثيرة منها "محمود درويش فى جداريته"
عن الأمل وتلخيصه في: "أنا حبٌة القمح التي ماتت لكي تخْضرٌ ثانية.وفى موتي حياة ما"
النزعة الوجودية الحسية تغلب على الديوان، يقول في إحدى قصائده: سأحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ أَيّ
معنى خارجي .بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر الجفاف العاطفيِّ . حفظتُ قلبي كُلَّه
عن ظهر قلبٍ : لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً ومُدَلّلاً . تَكْفيهِ حَبَّةُ أَسبرين لكي يلينَ ويستكينَ.
هذا هُوَ اسمُكَ قالتِ امرأةٌ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ .
وكُلُّ شيء أَبيضُ،
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ، ولم
أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي:
ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ، ولا
أَنينَ الخاطئينَ، أَنا وحيدٌ في البياض،
أَنا وحيدُ
من أي أرض تنبع كلماتك، يا محمود درويش، تعلن ثورة الغضب؟ ومن أي ينبوع تأتي معانيك
التي تصل إلى قمم الألم؟ وفي أي سماء تحلق خيالاتك، ترسم صوراً تعكس الحقيقة؟ إن كلماتك
تصبح أناشيد توقظ الإنسانية، تثير الأشجان والعذابات. تسير سطورك في مواكب الزمن الفلسطيني
العربي، مع حشود بشرية تنادي بالكرامة والعدالة. تتحدى التخاذل والعنف والوحشية، تسعى نحو
يوم مشرق صنعه الأمل والصمود.
هنا ،
عند مُنْحَدَرات التلال ،
أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت ،
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ ،
وما يفعل العاطلون عن العمل:
نُرَبِّي الأملْ .
بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر.
صرنا أَقلَّ ذكاءً ،
لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة.
أَعداؤنا يسهرون
وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
في حلكة الأَقبية.
هنا حيث تجد بقعة أثيرية تمنحك شفافية تسمح لك بالوصول إلى عمق المشاعر الإنسانية.
في شعره، تجد حساً رقيقاً وأداءً مميزاً وعطاءً كبيراً، وتشعر بالانسيابية الموسيقية والفلسفات
التي تحول الشعر إلى مساحة تأسر النفس وترفع الروح وتستمتع بجمال معانيها.
لا تعتذرْ عمَّا فَعَلْتَ – أَقول في
سرّي. أقول لآخَري الشخصيِّ:
ها هِيَ ذكرياتُكَ كُلُّها مرئِيّةٌ:
ضَجَرُ الظهيرة في نُعَاس القطِّ
عُرْفْ الديكِ
عطرُ المريميَّةِ
قهوةُ الأمِّ
الحصيرةُ والوسائدُ
بابُ غُرفَتِكَ الحديديُّ
الذبابةُ حول سقراطَ
السحابةُ فوق أفلاطونَ
ديوانُ الحماسة
صورةُ الأبِ
مُعْجَمُ البلدانِ
شيكسبير
الأشقّاءُ الثلاثةُ, والشقيقاتُ الثلاثُ,
وأَصدقاؤك في الطفولة، والفضوليُّون:
هل هذا هُوَ؟ اختلف الشهودُ:
لعلَّه, وكأنه. فسألتُ: مَنْ هُوَ؟
لم يُجيبوني. هَمَسْتُ لآخري: أَهو
الذي قد كان أنتَ... أنا؟
في هذا الكتاب، يظهر محمود درويش بقوته وإبداعه في إثراء الشعر العربي بالأناقة والجاذبية،
في حين يتراجع الشعر الآخر وينغمس في جهله وهذيانه. يقوم درويش هنا بتحدي الشعر التقليدي
ويكسر الحواجز البلاغية، متمرداً على العبارات المألوفة والمملة، ويخترق المفاهيم الراسخة بأسلوبه
الجريء. يطرح أسئلة الحياة من الأمور اليومية إلى التاريخية، ونجد أنفسنا نتبع الشاعر الذي
يسابق الزمن ويسعى لتحقيق المستحيل.
لوصفِ زهرِ اللوز، لا موسوعةُ الأزهارِ
تسعفني، ولا القاموسُ يسعفني...
سيخطفني الكلامُ إلى أحابيلِ البلاغةِ
والبلاغةُ تجرحُ المعنى وتمدحُ جرحه،
كمذكَّرٍ يملي على الأنثى مشاعرها
فكيفَ يشعُّ زهرُ اللوز في لغتي أنا
وأنا الصدى؟
وهو الشفيفُ كضحكةٍ مائيةٍ نبتتْ
على الأغصانِ من خفرِ النَّدى...
وهو الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقيةٍ...
وهو الضعيفُ كلمحِ خاطرةٍ
تطلُّ على أصابِعنا
ونكتبُها سُدى
وهو الكثيفُ كبيتِ شعرٍ لا يدوَّن
بالحروف
لوصفِ زهرِ اللوز تلزمني زياراتٌ إلى
الَّلاوعي ترشدني إلى أسماءِ عاطفةٍ
معلقةٍ على الجدران. ما اسمه؟
ما اسمُ هذا الشيء في شعريةِ الَّلاشيء؟
تجيد الرهافة المطلقة في شعر درويش الاحتفاظ بكل الحب والحنين والألم والاغتراب والوطن.
يكتب درويش بروحه المعلقة في السماء وبوطنه المنهوب، ولا بد أن يكتب ما يستحق أن تشرع له
القلب أبوابه جميعها. في آخر ديوان لدرويش، تكتشف أنه -صدقًا- كان على موعد مع الموت.
ها نحنُ نشربُ قهوتَنا بهدوءِ أميرينِ
لا يملكان الطواويس، أنت أميرةُ نفسِك
سلطانةُ البر والبحر، من أخمص القدمين
إلى حيرةِ الريحِ في خصلة الشعر
في ضوء يأسكِ من عودة الأمسِ
تستنطقين حياةً بديهيةً. وبلا حرسٍ
تحرسين ممالكَ سريَّةً. وأنا، في
ضيافةِ هذا النهار، أمير على حصَّتي
من رصيفِ الخريفِ. وأنسى مَن المُتّكلِّمُ
فينا لفرطِ التشابه بين الغيابِ وبين
الإيابِ إذا اجتمعا في نواحي الكمنجات
لا أتذكّر قلبي إلا إذا شقَّهُ الحبُّ
نصفين، أو جفّ من عطش الحب،
أو تركتني على ضفة النهر إحدى صفاتك!
ضيفاً على لحظة عابرةْ
أتشبث بالصحو،
لا أمس حولي وحولك
لا ذاكرة،
فلتكن مَعْنوياتُنا عالية.
سجل أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية
وتاسعهم سيأتي بعد صيف
فهل تغضب ؟
سجل
أنا عربي
وأعمل مع رفاق الكدح في محجر
وأطفالي ثمانية
أسُل لهم رغيف الخبز
والأثواب والدفتر
..من الصخر
ولا أتوسل الصدقات من بابك
ولا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب؟
سجل
أنا عربي
أنا أسم بلا لقبِ
صبور في بلاد كُل ما فيها
يعيش بفورة الغضبِ
جُذوري
قبل ميلاد الزمان رست
وقبل تَفتح الحقبِ
وقبل السرو والزيتون
وقبل ترعرع العُشبِ
أبي .. من أُسرة المِحراث
لا من سادة نُجبِ
وجدي .. كان فلاحاً
بلا حسب .. ولا نسب!
يُعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكُتبِ
وبيتي كوخ ناطورٍ
من الأعواد والقصبِ
فهل ترضيك منزلتي ؟
أنا اسم بلا لقب!
سَجل
أنا عربي
سلبتَ كروم أجدادي
وأرضاً كُنت أفلحها
أنا وجميع أولادي
ولم تترك لنا .. ولكل أحفادي
..سوى هذي الصخور
فهل ستأخذها
حُكومتكم .. كما قيلا ؟
إذن!
سَجل .. برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناسَ
ولا أسطو على أحد
ولكني .. إذا ما جُعتُ
آكلُ لحم مُغتصبي
حذارِ
حذارِ
من جوعي
ومن غضبي!
تبين مشاركة الفلسطينيين وغيرهم من العرب في بناء تاريخ يهدف إلى تحرير الأرض.
الشاعر العربي يُعرف برقم بطاقته وثمانية أطفال له.
يعمل في المحجر مع رفاقه ويذكر مكان وزمان ولادة أجداده ووالده ومكان ولادته نفسه في فلسطين.
يصف أوصافه الخلقية وملابسه التراثية ومكان إقامته في قرية خالية من الأسلحة.
يكشف عن سرقة الأرض والصخور ويعلن غضبه وتهديده بالتحول لوحش يأكل لحم المحتلين.
يؤكد على أن النضال الفلسطيني جزء من تحرير العرب ويطالب بالحرية والاستقلال.
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ استخدم الشاعر الرمزية ليعبر عن إصراره على استعادة الحقوق، وليوضح كيفية الحفاظ
على كرامة الإنسان واستمراره في الصمود، حتى لو كان عليه التضحية بأبسط حقوقه مثل رغيف
الخبز، والاستعارة هنا تعبر عن الصعوبات التي يواجهها الإنسان في الحياة وعن تمسكه بكرامته.
قبل ميلاد الزمان رست الاستعارة التصريحية تتمثل في مقارنة جذور الفلسطينيين العميقة في أرضهم بسفينة ثابتة،
حيث يعبر ذلك عن ثباتهم في مكانهم دون تغيير.
قبلَ تفتّحِ الحقبِ مثل الحقب بالزهرة المتفتحة، ومثل بداية الزمان بمولد الكائن الحي، فالاستعارة تصريحية؛
لأنه أشار إلى المشبه به.
كفي صلبة كالصخر شبهت كفّه بالصخرة الصلبة الخشنة، فهي تؤذي كل من يقترب منها، وهذا مجرد تصريح واقعي.
أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف – ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز – ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعملُ
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر.. أو خجلُ
فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحفُ
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم
على صحن خزف
لنا ما ليس يرضيكم
لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت
إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى المسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف شعبا
وطن يصلح للنسيان أو للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا .. والآخرة ْ
فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!
يستخدم درويش هذه القصيدة للتعبير عن رفضه لـ "الاعتراف الوهمي" والدعوة إلى عودة إلى
عصر استخدام الحجر في بناء السماء. يرى أن السماء ترحم وتظلل أولئك الذين عايشوا الحجارة
التي استخدمت في بناء سقفها.
القصيدة التي أمامنا هي قصيدة نكوصية، تعني العودة إلى الماضي كوسيلة للهروب من الحاضر
الذي لا يمكن للشخصية التحمل، أو على الأقل تجنبه. يُعتبر النكوص خطوة نحو العودة إلى الصفر،
وهو مفهوم يعكس رغبة في عدم وجود الشخصية. ومن هنا، يُعتبر النكوص علامة على الموت.
يشير درويش إلى الحجر كرمز للأم القوية والقادرة على حماية أبنائها. يصف الأم بأنها قادرة على
تحويل الموضوعات السيئة إلى مجرد عابرة، ويشير إلى قدرتها على إلقاء الحجارة من السماء للتغلب
على العابرين. يطلب منهم سحب ساعاتهم من وقتهم، مما يشير إلى طريقة مختلفة لمعايشة الزمن والوقت.
بالإضافة إلى ذلك، يشير إلى العابرين وتحفهم العظمية، ويستعيد بعض ما كتبه فرويد حول اليهود
والتخفيف من وطأة المعاملة السلبية.
سُميت القصيدة بـ "ونحن نحب الحياة"، حين نقف عند الواو وقيمتها في هذا العنوان.
تبين أن الاختلاف كبير بين العنوان مع الواو وبدونه، حيث يكون العنوان بدون الواو إخباريًا
يؤكد حبنا للحياة. أما الواو، فتضيف بعدًا آخر، كما لو كانت ترد على من ادعى أنه يحب الحياة،
مؤكدة أننا أيضًا نستحق العيش ونحب الحياة. نحن كشعب فلسطيني نريد أن نعيش بسعادة
ونجعل الطبيعة تزدهر، ونحن من جنس البشر ولنا حقوق لا يمكن إنكارها.
رامزاً أنه على استعداد لبذل التضحيات من أجل بناء وتعمير الوطن، دون فقدان الأمل أو اليأس.
وعندما نحصل على الحرية، يفتح باب الحديقة، ويزهر الياسمين الأبيض، مشعًا بالنور والفرح.
كما يستمر في حركة الإعمار إذا تحققت الحياة، ويبدأ في الزراعة سريعة النمو، رمزًا لحضارة متقدمة.
وحصاد القتيل قد يرمز إلى التغلب على المعوقات والتحديات، سواء كانت الجهل أو الفقر أو العداء.
تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى،
كحبّ عابرٍ
وكوردةٍ في الليل .... تُنْسَى
أَنا للطريق...هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ. هُنَاكَ مَنْ
نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليدخل في الحكايةِ
أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ
أَثراً غنائياً...وحدسًا
تُنْسَى, كأنك لم تكن
شخصاً, ولا نصّاً... وتُنْسَى
أَمشي على هَدْيِ البصيرة، رُبّما
أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً. فالمفرداتُ
تسُوسُني وأسُوسُها. أنا شكلها
وهي التجلِّي الحُرُّ. لكنْ قيل ما سأقول.
يسبقني غدٌ ماضٍ. أَنا مَلِكُ الصدى.
لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش. و الطريقُ
هو الطريقةُ. رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ
شيء ما، أُحرِّكُ فيه ذاكرةً وحسّا
تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن
خبراً، ولا أَثراً... وتُنْسى
أَنا للطريق... هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ
على خُطَايَ, وَمَنْ سيتبعني إلى رؤيايَ.
مَنْ سيقول شعراً في مديح حدائقِ المنفى،
أمامَ البيت، حراً من عبادَةِ أمسِ،
حراً من كناياتي ومن لغتي, فأشهد
أَنني حيُّ
وحُرُّ
حين أُنْسَى!
يستعرض الشاعر في بداية القصيدة صوراً تصف الإنسان كمن ينسى وكأنه طائر صريع أو كنيسة
مهجورة أو حب عابر أو زهرة في الليل. تعكس هذه الصور الفكرة الأساسية للقصيدة التي تدور
حول النسيان وكيف يمكن للإنسان أن ينسى الأشخاص والأحداث بسهولة، مما يجعلها تبدو كما لو
لم تحدث أبداً.
في حين آخر، حيث يتحدث ببراعة عن شعره وشخصيته. يعتبر أن الكلمات هي الشكل والصورة،
وأنه لا يجيد سوى الشعر بأسلوب الحكاية. تتحدث القصيدة عن فكرة النفور والرفض، رغم محاولاته
للتعلق بأية فرصة للإصلاح. يختم قصيدته بالقول إنه حين يُنسى يكون حرًا وحيًا، ويعتبر ذلك تمردًا صريحًا على الواقع وخروجًا من دائرة الضغط التي يتعرض لها. يأمل في نهاية أبياته بأن يتأثر جيل قادم بشعره ويسير على خطاه، لكنه يتمنى أيضًا أن يتحرر الجيل القادم من لغته وكناياته ويقود طريقه بنفسه.
نجح في هذه القصيدة في تلخيص ردة فعل الإنسان بعد الموت. استطاع أن يكشف الحقيقة المؤلمة
التي يتجاهلها الكثيرون، ويدركها القليلون فقط. حياتنا مليئة بالفرح والحزن، ونعيشها بين من نحب
ومن نكره. ستضطر إلى اتخاذ قرارات لا تستطيع التحكم فيها، وستجد نفسك تعيش لحظات تتحقق
فيها أمنياتك فقط. ستشعر بأنك مركز الكون بالنسبة لمن حولك، ولكن عندما يأتي الموت ستدرك أن
هذا الاعتقاد كان خاطئًا. ستبكي دموعًا حين تدرك أن الحياة تستمر بعد الموت.
هذا البحرُ
لي هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي .
ولي شَبَحي وصاحبُهُ .
وآنيةُ النحاس والمفتاحُ لي
والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي
لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي طارت عن الأسوار ...
لي ما كان لي .
والملْحُ من أَثر الدموع على جدار البيت لي ...
واسمي ، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي :
ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى
حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ ، حيرتانِ وحسرتان
ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته الموعود منفيّاً ، مريضَ المُشْتَهَى
واو / الوداعُ ، الوردةُ الوسطى ، ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ ، وَوَعْدُ الوالدين
دال / الدليلُ ، الدربُ ، دمعةُ دارةٍ دَرَسَتْ ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني
وهذا الاسمُ لي ...
ولأصدقائي ، أينما كانوا ،
ولي جَسَدي المُؤَقَّتُ ، حاضراً أم غائباً ...
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن ...
لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً ...
والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ ،
يشربني على مَهَلٍ ،
ولي ما كان لي : أَمسي ، وما سيكون لي غَدِيَ البعيدُ ،
وعودة الروح الشريد كأنَّ شيئا ً لم يَكُنْ
وكأنَّ شيئاً لم يكن جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ ...
والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ ومن أَبطالِهِ ...
يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ ...
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
واسمي - وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت - لي .
أَما أَنا - وقد امتلأتُ بكُلِّ أَسباب الرحيل -
فلستُ لي .
أَنا لَستُ لي
أَنا لَستُ لي ...
وهذه القصيدة من أنواع القصائد التي تجعل الإنسان يتحرر من أية قيود ويعرف حقيقة الحياة
على أصلها الطبيعي أن كل شيء في الحياة ليس دائم فيقول الشاعر أنه لا يملك في هذه الحياة أي
شيء حتى أبيات القصيدة التي يكتبها أيضًا لا يملكها، وهو مزيج من الواقعية مع التحرر من قيود
الحياة يصاحبه حالة من اليأس والإحباط من الأوضاع الاجتماعية والرغبة في الحصول على الحرية
المطلقة، والإيمان أن كل أمر بيد الله وحده .
"أنا لست لي" هو تعبير شعري يعبر عن اندماج الشاعر مع الكون والتخلص من الذات،
ويعبر عن عدم امتلاك الإنسان شيئًا في هذه الحياة وعدم الاعتماد على الأشياء المادية.
يظهر الشاعر في القصيدة أن الحرية الحقيقية تأتي من التحرر من الشغف بالذات والاندماج
مع الوجود العام.
هُوَ، لا غيره، مَنْ ترجَّل عن نجمةٍ
لم تُصبْهُ بأَيّ أَذى.
قال: أسطورتي لن تعيش طويلاً
ولا صورتي في مخيّلة الناس
فلتَمْتَحِنِّي الحقيقةُ
قلت له: إن ظَهَرْتَ انكَسرْتَ، فلا تنكسرْ
قال لي حُزْنُهُ النَّبَّوي: إلي أين أذهبُ؟
قلت إلى نجمةٍ غير مرئيّةٍ
أو إلى الكهف
قال يحاصرني واقعٌ لا أُجيد قراءته
قلت دَوّنْ إذنْ، ذكرياتِكَ عن نجمة بَعُدَتْ
وَغَدٍ يتلكّأُ، واسألْ خيالك: هل
كان يعلم أنَّ طريقَكَ هذا طويل؟
فقال: ولكنني لا أُجيد الكتابةَ يا صاحبي!
فسألت: كذبت علينا إذاً؟
فأجاب: علي الحُلْم أن يرشد الحالمين
كما الوَحْيُ
ثم تنهد: خُذْ بيدي أيها المستحيل!
وغاب كما تتمنَّى الأساطيُر
لم ينتصر ليموت، ولم ينكسر ليعيش
فخذ بيدينا معاً، أيها المستحيل!
يتحدث الشاعر في هذه القصيدة عن الشهيد الفلسطيني الذي رفض الاستسلام للاحتلال والظلم،
وقرر الانضمام إلى صفوف المقاومة. قدم قصيدته على شكل حوار بينه وبين المقاتل الشجاع،
حيث أشاد بشجاعته وعزمه على مواجهة العدوان.
وقال إنه وحده ذلك البطل الشجاع الذي قرر النضال والتصدي للاحتلال، مشيراً إلى أن الصمت
والراحة لم يعدا خياراً له بعد الآن. بينما أعرب المقاتل عن رغبته في التحدي والتقدم نحو الحرية
دون النظر إلى العواقب ، حذره المقاتل من عواقب الاندفاع والطيش، محاولاً تثبيط عزيمته، لكن المقاتل
أصر على رغبته في النضال والتحدي. وفي النهاية، نصحه بالتوجه إلى مكان منعزل وبعيد،
حيث لا يمكن للمصائب أن تصل إليه.
وبعد ذلك، غاب المقاتل وشارك في معارك الشرف والكرامة، ومات كما يموت الأساطير والأبطال،
حيث حقق أعظم انتصاراته بموته. وصرّح درويش عن رغبته الحقيقية في التضحية وبذل النفس في
سبيل التحرر بدلاً من الرضوخ، وقرر الخوض في المستحيل والسير على خطى ذلك البطل الشجاع.
عصفت الحياة بالشاعر درويش، فأصبح أكثر قربًا من فهم تاريخ الهزيمة الذي يجمعنا جميعًا.
إننا شعوب تعرضت للقهر لقرون طويلة. ليس المقصود هنا بأن درويش ينحاز إلى الهزيمة سياسيًا،
فهو له مواقف سياسية واضحة، ولا داعي لمناقشتها الآن. ولكن المقصود هو الهزيمة كمفهوم شعري؛
فكرة يمكن للشاعر أن يتأملها ويناقشها ويستخلص منها الدروس. وهذا ما لا يمكن لدرويش "السياسي"
التعبير عنه أو التصالح معه.
يظهر في قصائده القدرة على اللعب بالإيحاءات الشعرية بشكل مدهش، وهذا ما لم نره في قصائده
الأوائل في الستينيات وربما السبعينيات أيضًا. يعبر درويش بشكل مباشر عن التمتع بالهزيمة من
خلال دعواته للاستمتاع بأشياء بسيطة مثل الشاي والفستق والأثاث، ثم يتصاعد التكثيف حتى يدعوهم
للنوم على "ريش الأحلام". يصل إلى ذروة مجازية بفكرة دخول المرايا حيث يخرج المهزومون منها، مما
يوحي بأن أرواح الناس تبقى في مراياهم حتى يدخلها غيرهم وتصبح مأهولة بالداخلين الجدد.
جائزة لوتس (اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا) في الهند عام 1969.
جائزة البحر المتوسط، المركز الثقافي المتوسط (باليرمو)، ايطاليا عام 1980.
درع الثورة الفلسطينية، منظمةالتحرير الفلسطينية عام 1981.
جائزة ابي علي بن سينا الدولية في الإتحاد السوفيتي عام 1981 .
لوحة أوروبا للشعر في ايطاليا عام 1982.
جائزة لينين، من قبل الاتحاد السوفيتي في الإتحاد السوفييتي عام 1983.
جائزة شعراء من اجل السلام، من قبل مجلس بلدي فيلا ديمادوف، في ايطاليا عام 1987.
شهادة تقدير من جامعة التشيلي، مركز الدراسات العربية، مدينة تشيلي عام 1990
وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من قبل وزارة الثقافة الفرنسية برتبة فارس، عام 1997.
جائزة الآداب من وزارة الثقافة الفرنسية، في فرنسا عام 1997.
الصنف الأول من وسام الاستحقاق الثقافي تونس، في تونس عام 1998.
وسام الكفاءة الفكرية في المغرب، يقدم من قبل الحكومة المغربية، في المغرب عام 2000.
وسام القديس بطرس بولس(ميدالية ذهبية)، في دمشق عام 2001.
جائزة تقدير من جامعة البلمند في لبنان عام 2001.
جائزة الحرية الثقافية التي تمنحها” مؤسسة لانان” - فيلادلفيا - عام 2001.
جائزة السلطان بن علي العويس للانجاز الثقافي والعلمي في دولة الامارات عام 2003.
جائزة الأمير كلاوس الهولندية، تقدم من قبل القصر الملكي في امستردام- هولندا عام 2004.
جائزة أدبية دولية (لودوميا بونامي) من محافظة لاكولا في ايطاليا عام 2006.
جائزة الوردة الفضية، من اتحاد الكتاب البلغار، في جمهورية بلغاريا عام 2006.
جائزة القاهرة للإبداع الشعري العربي، في مصر عام 2007.
جائزة "ملك الشعر"(جائزة جولدن ريث العالمية) في مهرجان الشعر في مقدونيا عام 2007.
جائزة الأركانة العالمية للشعر، تقدم من قبل بيت الشعر في المغرب عام 2008.
جائزة (الشاهد) البوسنية، قدمت من قبل مهرجان ايام سراييفو في البوسنة عام 2008.
جائزة ناظم حكمت التركي في تركيا.
وسام القدس الذي صدر بمرسوم من الرئيس محمود عباس عام 2008.
جائزة البحر الابيض المتوسط للسلام، ايطاليا عام 2009.
درع مجسم مدينة القدس في باريس.
درع القديس الشهيد (ايليا الحمصي) مطرانية حمص للروم الارثاذوكس.
درع تقدير من وزارة الثقافة المصرية.
أصدرت وزارة الاتصالات الفلسطينية عام 2008 طابع بريد يحمل صورة محمود درويش.
منح محمود درويش الدكتوراة الفخرية من جامعة لوفان الكاثوليكية عام 1998- بلجيكا
خطاب الشاعر محمود درويش عند منحه الدكتوراة الفخرية من جامعة بيرزيت عام 1996
توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجراء عملية القلب المفتوح
في المركز الطبي في هيوستن، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته.
نعى رئيس السلطة الفلسطينية و رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس شاعر
فلسطين الكبير محمود درويش، وأعلن الحداد 3 أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على وفاته،
واصفًا درويش "عاشق فلسطين" و"رائد المشروع الثقافي الحديث"،" والقائد الوطني اللامع والمعطاء".
وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في
قصر رام الله الثقافي. وقد شارك في جنازته الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وشخصيات أخرى
في مقدمتهم الرئيس محمود عباس.وتم نقل جثمان الشاعر محمود درويش إلى رام الله بعد وصوله
إلى العاصمة الأردنية عمّان ، حيث كان هناك العديد من الشخصيات من العالم العربي لتوديعه.
“ما هو الوطن؟ ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي.. إنّه حياتك وقضيتك معاً.”
“وأنت تعد فطورك، فكر بغيرك لا تنس قوت الحمام وأنت تخوض حروبك،
فكر بغيرك لا تنس من يطلبون السلام”
“وقلت له مرة غاضباً كيف تحيا غداً.. قال لا شأن لي بغدي؛ إنّه فكرة لا تراودني”
“أنا امرأة لا أقل ولا أكثر؛ فكن أنت قيس الحنين إذا شئت.. أما أنا فيعجبني
أن أحب كما أنا لا صورة ملونة في الجريدة أو فكرة ملحنة في القصيدة.”
“وكلما فتشت عنهم لم أجد فيهم سوى نفسي الغريبة.”
“هل في وسعي أن أختار أحلامي؛ لئلا أحلم بما لا يتحقق.”
“سأصير يوماً ما أريد.. سأصير يوماً طائراً، وأسلّ من عدمي وجودي.”
“ولنا أحلامنا الصغرى، كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة.. لم نحلم بأشياء عصية..
نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية.”
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال جميعاً ، وأنا بكتب بالخاتمة حالياً باقي 5 دقايق وتخلص
مهلة الخمس أيام ، ضحيّت بنومي لأكمل الموضوع عالوقت فوق اني بديت
أجهز له قبل ما أحجزه لأن عبالي من زمان أسوي موضوع عن محمود درويش
السبب معروف دعم الانتاج الوطني :$ ، هذا ثاني أطول موضوع لي بعد موضوع
فلسطين طبعاً ما بقدر أقول عنه تسليكي لأنه رهيب كما ترون وشكراً
لنفسي عالصبر والسرعة هاي xd ، التسجيلات الصوتية كانت اكثر شي اخذ مني وقت
وشيبني وأنا بين المواقع من تحميل فيديو لتحويله لصوت لعزل الموسيقى عن الصوت للرفع
لكني راضية عن النتيجة ونفذت كلشي كان في بالي أنفذه