المشاعر الإنسانية والحالات النفسية قد لا تكون
عابرة كما يصنفها ويفسرها بعضٌ ممّن لا يمرون
بنفس التجربة وتسمحُ لهم أنفسهم بالإفتاء والتعليق
وكذا التفسير على أهوائهم وأوقات كثيرة يتجرأون على إنكار
ما يمر به الآخر واتهامِه بمصطلحات كـ "الدراما" والمبالغة الزائدة
وحب جلب الانتباه. فما المقصود بالأمل وما هو اليأس؟
وكيف يتجلى اليأس في الحياة؟
شعور إيجابي بزينهُ التفاؤل والإيمان بإمكانية تحقيق الأفضل في المستقبل والحاضِر،
حتى في ظل الظروف الصعبة. يعزز الأمل من قدرة المرء على التحمل والصمود، ويعطيه دافعًا للمثابرة
والعمل من أجل تحقيق أهدافه وهو وقودُ المحركات الأساسية للسعادة والرضا الشخصي والاستمرار في الحياة عامةً.
على الضفة الأخرى، فاليأس هو حالة نفسية يشعر فيها الإنسان بالعجز عن تغيير واقعه ويغرق
في ألمِهِ ومصاعبه، وهنا يجدُ المرء نفسه أمامَ فقدان الأمل والاهتمام بالحياة. قد يكون اليأس نتيجة
لتجارب سلبية متكررة أو فشل في تحقيق الأهداف، كما ويمكن أن يؤثر على الصحة النفسية
وكذلكَ الجسدية بشكل كبير.
قد يظهر اليأس ويتجلى بعديدٍ من الحالات والمواقف بالحياة، يستحيل أن لا يصادِف المرء ولو موقفًا
واحدًا يرى فيه شبح اليأسِ يلبسُ شخصًا منكسرًا متكومًا على ذاته، بدايةً من صفوف المدرسة حيث
يلحظ الأساتذة تغير أحد التلاميذ بانعزاله وظهورِ علاماتِ الهدر المدرسي عليه، حتى مقر عملِك حيث
تلحظ تغير زميلٍ لكَ بعد حادثة شغلٍ أو أزمة مادية أو نفسية خانقة. اليأس والأمل يعيشان بيننا،
وكلاهما يزوران من يستدعيهما فقط.
١• اقتصادية-اجتماعية: يؤدي الخلل الاقتصادي بحياة الفرد إلى تغير حياته وتدهور وضعيته بين من هم حوله،
فعندما يجد المرء نفسه وقد أصبحَ عاجزًا عن تلبية أمورٍ كانت من بين أمورِه العادية قبل أزمته، يبدأ في الشعور
بالنقص والضغط النفسي، لا يتوقف الأمرُ هنا فقط بل وينتج عن كل ذلك أن يجدَ نفسه غير قادرٍ على
الاندماج مع من هم حوله كما كان في السابق بحيث يبدأ يشعر بأنه منبوذ وغير مقبولٍ
كونه لم يعد بنفس مستوى محيطه.
حتى بعز هذه المشاكل، يمكن للمرء أن يبزغ
مع بزوغ أمله، خير مثال على ذلك هو الكاتبة
الشهيرة
جي كي رولينغ، فقبل أن تنشر سلسلة
"
هاري بوتر"، كانت
رولينغ تعاني من الفقر واليأس
حتى أنها قضت ايامًا بالشارع هي وابنتها، لكنها
استمرت في الكتابة ولم تسمح لليأس ان يأكل
من روحها والآن تعتبر واحدة من أشهر الكتاب
في العالم بل والكاتبة الأعلى مبيعًا حتى.
٢• نفسية-صحية: تلعب المشاكل النفسية مثل الاكتئاب والقلق المستمر دورًا كبيرًا في الوقوع في فخ اليأس.
أيضًا، الأمراض المزمنة أو الخطيرة تضعف قدرة الفرد على الشعور بالأمل وتزيد من مشاعر اليأس والضعف
ويصبح الوضعُ نفسي وجسدي، فينظر المرء لنفسه بدونية وهو يقارن بين نفسه وبين الآخرين.
يمكن للمرء أن يجد القوة في مواجهة هذه التحديات.
وخير مثال على ذلك هو
هيلين كيلر،
التي فقدت بصرها وسمعها في سن مبكرة،
لكنها تمكنت من تعلم القراءة والكتابة والخطابة،
وأتمت دراساتها الجامعية وحققت طموحاتها
وأصبحت رمزًا للأمل والتحدي.
غير بعيدٍ عن حالة هيلين كيلر،
نجد العالم
ستيفن هوكينغ والذي وبالرغم
من إصابته بمرض التصلب الجانبي
الضموري الذي شل حركته، استمر
في العمل والبحث، وأصبح
واحدًا من أعظم العلماء في الفيزياء النظرية.
٣• الفشل: كثرة الفشلِ تجعل المرء يفقد إيمانه بنفسه وييأس، هذا الفشل يسبب ضغطًا
على الشخص وفوق جلده لذاته يجد نفسه فريسَةً لأعين وملاحظات من هم
حوله مما يزيد الطين بِلة.
يمكن تحويل الفشل إلى دافع للنجاح. ومثالًا
على ذلك نجد
توماس أديسون، الذي فشل
أكثر من ألف مرة قبل أن ينجح في اختراع
المصباح الكهربائي، مما يعكس الإصرار والأمل
في تحقيق النجاح ويوضح أن النجاح لا يأتي
مع أول تجربة، بل هو وليد الأخطاء والتعلمات
التراكمية الناتجة عنها.
الامل هو وقود خطوات التقدم، كلما فتح المرء قلبه وروحه ليدخل نور الأمل لهما، كلما قطع مسافات أطول ووصل لمراتِب لم يكن ليحلم بها حتى، ما زرع شيء بداخل إنسانٍ إلّا وكان له منه نصيبٌ، ولكن القرار يكون عند الشخص بحد ذاته، أهو قادر على إكمال المسير والتقدم نحو ذلك الهدف أم أن اليأس سيجعله يجد أسبابّا ليبرر ما أوهم نفسه به ويصدق الأسوار الوهمية التي حاوط نفسه بها.
﴿لِيُنفِق ذو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ فَليُنفِق مِمّا آتاهُ اللَّهُ
لا يُكَلف اللَّه نَفسًا إِلا ما آتاها سَيَجعَلُ اللَّهُ بَعدَ عُسرٍ
يُسرًا﴾ [الطلاق: ٧]
﴿يا بَنِيَّ اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأَخيهِ وَ
لا تَيأَسوا مِن
رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾ [يوسف: ٨٧]
﴿يَستَبشِرونَ بِنِعمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لا
يُضيعُ أَجرَ المُؤمِنينَ﴾ [آل عمران: ١٧١]
﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم
لا تَقنَطوا
مِن رَحمَةِ اللَّه إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾ [الزمر: ٥٣]
﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ
يُسرًا﴾ [الشرح: ٥]
كل شخصٍ يمر أو مر أو سيمر بمواقف تجعله ينسى ما هو عليه، مشكلتنا أننا عند الوقوع في المآزق نعجز عن النظر لها بشكل موضوعي والتفكير بحلول عقلانية ومنطقية لنخرج منها، هنا يكون وضعنا كوضع التكبير
ZOOMING ، تركيزنا يكون على البؤرة ونتغاضى عن التفاصيل الأخرى والتي يمكن لها أن تكون طوق النجاة لنا للخروج من مستنقع المأزق، الوقوع ليس مشكلة البتة، لكن المشكلة الحقيقية هي البقاء في نفس المكان الذي وقعت فيه ترثي أوقات وقوفك على قدميك، بينما أنت ما تزال تستطيع الوقوف من جديد والقيام بأمور أفضل مما سبق حتى.