

الختم الذهبي ~ يعطيك ألف عافية هيكايامي
.gif)
و شكرًا لمرورك في القسم مجددًا نورتينا بالقصة الجميلة
راجعتلك برد أكيد ! لأني قرأتها و بس باقي اكتب
.png)
.gif)
- تم الختم
S a n d r a - 11\2\2025
-
.
وقفت امامَ المرآة أزرّر قميصي ريثما الساعة على يميني تستمرُ بالتكتكة -تِك تِك تِك- بصوتِ متعالٍ دون توقف.
تخبرني بتكتكاتها أن الساعة الآن السابعة والنصف صباحًا. لكنني اعلم انها تكذب، فأنا من زيفت عليها الحقيقة
حتى باتت معرفة الحقيقة لا تغريني. أغلقت الزر الاخير ونظرت للمرآة فرأيتُ انعكاسها -منهارة على ركبتيها تقهقه- ذاتي الحقيقية.
اوقفت نفسها عن الضحك بصعوبة و قامت تنفض الغبار العالق من تنورتها المجعدة، راسمة على شفتيها ابتسامة سخرية صعبة الإخفاء. اخذت تكبُر على وجهها شيئًا فشيئًا مع كل حرف تَلَفَظَتْ به:
-ماذا قلتِ للتو ؟ الحقيقة لا تُغريكِ؟
انهارت مرةً اخرى ضاحكة ثم أكملت:
-تَعلَمينَ جيدًا انها بحدود السادسة صباحًا. انتِ ايضًا، تعلمين أننا مبكرون حتى بالنسبة لساعتكِ المتأخرة!
إلى متى سنلعب هذه اللعبة؟ ألم يحن الوقت لإنهائها؟
رمقتني بنظرة حادة من عينيها المتعبة. شعرها الأسود المبعثر يغطي جزءًا كبيرًا من وجهها، متمردٌ دون شيءٍ يوقفه. مثلها..
تنهدتُ شاعرةً بالأسى عليها.
-ليس اليوم صديقتي القديمة، مازال لدينا دورٌ نمثله. وجودنا معًا لن يجلب سوى الهلاك لكلتينا.
أستمحكِ عذرًا، عليكِ الاختباءُ اكثر لأجل نهاية سعيدة.
احتَفَظتْ بتعليقاتها هذه المرة، لكن ليس بنظرة السخرية التي اخترقتني. رفعتُ قبعتي، فدخلَتْ تحتها على مضض.
عندما نظرت إلى المرآة الآن، شعرت بالارتياح. عاد انعكاسي المثالي.
حملت حقيبتي ونزلت السلم. القيت نظرة اخيرة على المنزل. كل شيء نظيف والفطور الذي اعددته لا يزال على الطاولة.
يبدو ان ماما لم تستيقظ بعد، لذا سأتركها تستريح أكثر. ارتديت سماعاتي وخرجت إلى المدرسة سيراً على الأقدام.
بدأ فصل الربيع بالفعل، نسماتُ هواءٍ لَطيفةٌ داعبت وجهي. أغادر نحو الربيع.. لماذا جاءتني هذه الفكرة الآن.
هَمست ذاتي:
-تعلمين ماذا يقولون عن الربيع أيضًا؟ فصل البدايات الجديدة.
-ليس بعدُ يا ذاتي.
-لكنني مرهقة.
-اعلم.
-أسيحين "بعد" يومًا؟
-كلا.
-ظننتكِ لم تعلمي.
-بل علِمتُ أكثر مما تتخيلين.
-مرهقة.
-أعلم.
"تنحي قليلًا" صرخت فتاةٌ مسرعة بعد أن اصطدمت بكتفي. فادركت اني وصلت الى المدرسة في خِضَمّ شرودي.
خلعت سماعاتي ووضعتها في الحقيبة مع هاتفي الذي عينته على الوضع الصامت.
وجهتي الأولى لليوم هي المرشدة، علي شُكرُها.
طَرقتُ الباب فَسمَحتْ لي بِالدخول
-صباح الخير مرشدتنا العزيزة. وددت شكركِ على ما منحتني إياه من إذن.
-صباح الخير يا سارة، اتقصدين الهاتف؟
-نعم. شكرًا لسعيكِ لاعطائي إذن ادخاله الى المدرسة، فبدونه سأبقى قلقة طول اليوم على امي دون طريقة للتواصل معها.
ابتسمت المرشدة ابتسامة خفيفة ثم قالت:
-يا لكِ من مهذبة بليغة. لابد ان امكِ سعيدة بكِ.
فرددت لها الابتسامة.
نظَرتْ إلى قبعتي ثم اكملتْ:
-ماذا عن قبعتكِ يا سارة؟ لا أظنها ضمن زيّنا الموحد.
-لبضع أيامٍ فحسب، أيمكنني وضعها احتماءً من الشمس الحارقة؟ فمرض امي وراثي.
والدي اعطاني اياها لقلقه الشديد. لم استطع رفض طلبه.
حكتْ المرشدة خلف عنقها. دائمًا ما تفعلها عندما ترتبك، هي تفكر الآن. صَمَتَتْ لِبرهة ثم قالتْ:
-حسنًا، يبدو أن تفوقكِ يأتي مع ميزاتٍ اخرى. يمكنك ابقائها على شرطِ أن تخلعيها داخل الفصول الدراسية.
رسمت على وجهي ابتسامة سعيدة ووضعت بعض البريق في عيني:
-شكرًا! شكرٌ كبيرٌ لكِ مرشدتنا سأحرص على إخبار والدي بجميلكِ. شكرًا مرة أخرى.
وخرجت من مكتبها مغلقة الباب خلفي.
حسنًا... لم تكن كذبة. فكل جملة منها كانت حقيقة. جمعهن معًا هو ما أنتج كذبة. والذنب على من اختار تصديقها.
اخذت نفسًا عميقًا تاركة هواء الربيع يملأ رئتاي.
ما الحياة إلا مسرحي الكبير الذي لا يحوي ستارة. لقد هدمنا طريق العودة، يا ذاتي العزيزة.
الواقع اني اخترت ان ارتديها اليوم لأنها تمنحني الامان، كأنها تخفيني انا وذاتي عن هذا العالم.
وأيضًا تذكرني بوعدٍ قديم. وعدي لأبي.
أبي اعطاني اياها لأنه قلق، ليس علي، لم يكن يومًا. كان قلقًا على امي.
خضنا انا وماما حينها شجارًا شديدًا، بسبب سوء علاماتي وسلوكي. نتجَ عنه انهيارها وبقائها في المستشفى لشهر.
لطالما كان بابا كثير السفر، لكنه في ذاك اليوم حجز مسرعًا وعاد من أجلها. ليطلب مني ان اكون ابنة مثالية.
حتى لا تمرض أمي مجددًا، بسببي..
لم يكن الأمر سهلًا، او منطقيًا، لكنه نجح في نهاية الأمر. ماما لم تمرض منذ حينها.
وبابا نادرًا ما يعود إلى المنزل. فصول حياتي المثالية استمرت بتدوين ذاتها.
نظرت إلى ساعة معصمي، فوجدتها السابعة والنصف. صادقة، على عكس ساعة غرفتي.
أصادقة لأنها لم تُجبر على الكذب؟ ربما.
في الساعة الثامنة والنصف سأقدم اختبارًا، ثم سأتخطى حصة التربية البدنية بجعلي لمعلمةٍ ما تحتاجني.
رنت ضحكة ذاتي في أذني كأنها أجراس:
-سارا المثالية، ماذا سيحصل برأيك لو علم الجميع انكِ لا ترَينهم سوى بيادقًا في لعبتكِ؟ كاذبة ومخادعة.
-ذاتي العزيزة، هم من اختاروا التصديق. هم من فضلوا تزييفي للحقيقة. أتلقين علي لوم كرههم لكِ؟
كلتانا نعلم ايانا أحب إليهم، فقد عشنا طويلًا لندرك.
كان جوابي كافيًا لإنهاء النقاش، فَخرَسَتْ.
ذاتي باتت كثيرة الجدال مؤخرًا، ولا يرضيها تركي ادير الامور. هذا مزعج، تظن نفسها الأعلم بيننا.
قمت بالجري إلى فصلي الدراسي وحرصت على أن أمر امام معلمة التربية البدنية.
فأنا بالطبع احب الرياضة ولن اتخطى دروسها عمدًا. حييتها تحية خاصة في طريقي.
اردت اخبارها ايضًا بحماسي الشديد لحصتها لكن ذاتي اوقفتني قائلة انها ستكون مبالغة مني.
سار كل شيء بعدها مثل ما شاءت خطتي. إجابات مثالية على كل الاسئلة وحصلت على إذن لترك حصة الرياضة.
شيء واحدٌ فقط كان غير متوقع، اتصالٌ جائني من امي قريب انتهاء الدوام. قراءة الاسم وحده جعلت أطرافي ترتجف.
لم أفكر كثيرًا قبل رفعه امام كل الطالبات. لكن ما جائني من خلف السماعة لم يكن صوت امي..
أخبرني الصوت أن أمي انهارت.
لماذا لم اتفقدها صباحًا؟ ما كنت خسرت شيئًا لو فعلت.
حملت حقيبتي و ركضت بأسرع ما أمكنني، خارج البوابة، دون استئذان.
دموعي تحرق عيناي.. لا سيارات اجرة.. احسست بقواي تتلاشى. ثم شعرت بيدٍ رقيقةٍ تمسك كتفي.
-سارة، كل شيء على ما يرام؟
-المرشدة! انسة ساعديني، امي انهارت. ارجوكِ.
استمر دمعي بالتساقط ورؤيتي باتت ضبابية.
لا أذكر ما حدث بعدها لكنها أوصلتني إلى المستشفى .
ماما في غيبوبة، وخالتي بجوارها. ليس لوجودي فائدة لكن اردت ان ابقى معهما اكثر. امسكتُ بيد امي وقَبلتها.
هل استيقظتِ بعد ان تركتكِ صباحًا؟ دموعي لم تتوقف. كثيرٌ من الاسئلة جالت في عقلي دون اجابات.
في التاسعة مساءًا، وبعد اتصال قصير أجرته خالتي، عادت إلى الغرفة قائلة:
-جاء والدكِ.
لو جمعت كل خوفي، لن يساوي ما شعرت به في تلكِ اللحظة. انعقد لساني.
-جاء… والدي؟
تنفسي بات صعبًا، شعرت بذاتي تخنقني..
-أعني طائرته حطت منذ قليل.
وضعت ضحكتي الكاذبة على وجهي :
-هكذا إذن، لا يسعني الانتظار لرؤيته.
ثم ضبطت هاتفي ليرن بعد دقيقتين.
دون أن يخذلني، رن.
رفعت السماعة وانطلقت اتكلم واضعة انقطاعات مثالية بين كلامي تمنح الوقت الكافي ل "للطرف الآخر" ليجيب:
-بقيتي تنتظريني كل هذه المدة؟… لم أكن أعلم. انا حقًا اسفة! …نعم،… حسنًا... حسنًا سأخبر خالتي.
راسمة نظرة حزينة على وجهي، استدرت أخاطب خالتي :
-خالتي، في خضم قلقي على أمي غفلت امرًا مهمًا. معلمتي من أوصلتني الى هنا، نسيتها تنتظرني.
تصر الآن على إعادتي إلى المنزل.. خجلتُ الرفضَ، لكن لن أحظى هكذا بفرصة للقاء بابا.
-كيف تنسين امرًا كهذا؟ سآتي معكِ لأعتذر منها واشكرها. سأفهمها الموقف.
-سيكون أول شيئًا أفعله هو الإعتذار! خجلت أن أعبر عن رغبتي في البقاء، اذ سيكون انتظارها لي بلا معنى.
علي العودة معها. ابقي جوار أمي من فضلكِ خالتي لاتتركيها للحظة. لا نعلم متى ستفيق.
-تبقين بالمنزل وحدكِ؟ أنا قلقة.. لكن ربما هذا أفضل.. إجراءات هذه المشفى صارمة بخصوص مبيت مرافقي المرضى.
وبما ان معلمتكِ هنا لاخذكِ سأكون أقل قلقًا. راسليني عندما تصلين. تأكدي من اقفال الباب جيدًا قبل ان تخلدي إلى النوم.
سأمر عليكِ غدًا او ربما اليوم في حال وصل والدكِ مبكرًا.
-حسنًا خالتي. ولاتنسي اوصلي شوقي الكبير لبابا أرجوكِ.
-حسنًا، وقدمي اعتذاري للمعلمة ايضًا.
ودعتها وخرجت من الغرفة مسرعة.
اضطررت إلى الكذب. المعلمة رحلت مستعجلة منذ ساعات.
لا اريد لقاء ابي، ليس اليوم على الأقل. اخاف ان يلقي اللوم علي مجددًا.
وقد أنفجر في وجهه لو فعل وأحطم كل شيء. لذا عدت إلى المنزل بسيارة اجرة.
جررت ساقاي الخدرة خلفي صاعدة السلم، اليمنى فاليسرى، درجة فدرجة.
رميت حقيبتي وارتميت على السرير.
ضوضاء عقلي صاخبة. اسكتتها بحبوبٍ منومة. وخلدت إلى النوم.
——————————
استيقظت صباحًا بجفونٍ مثقلة. عَكَست صورتي في المرآة زيي المدرسي المجعد وشعري المبعثر.
بدوت انعكاسًا لذاتي، صرت أشبهها.
جاء صوتها يخاطبني:
-سارا، لستِ مذنبة بمرضها هذه المرة. ذنبكِ الوحيد انكِ تجاهلتني. طريقتكِ كانت خاطئةً منذ البداية.
وها قد حصلتِ على الدليل! امي مرضت بالرغم من امتلاكها لابنة مثالية! مثيرةٌ للسخرية.
-اتعنين ان مجهودي.. بلا جدوى؟
-طبعًا! استغرفتِ الكثير من الوقت لادراك الأمر.
نظرت إلى الساعة على الجدار، السابعة والنصف. انزلتها واصلحتُ الوقت.
اخذت حمامًا أعدت به ترتيب افكاري ورتبت المنزل بعدها، كما توقعت طعام امي من البارحة لم يمس.
ارتديت زيًا نظيفًا ورتبت شعري ثم وضعت القبعة. سرت الى المدرسة بهدوء، لم اسلم على احد، لم أتظاهر بشيء. خضت اهدأ يوم دراسي.
في استراحة الغداء لم اشتهي تناول الطعام. فجلست على كرسيٍ في فناء المدرسة انتظر بدأ الدروس.
كنت شاردة بالكامل إلى أن طرق أذني بعض الصخب فلمحت فتاةٌ تتعرض للمضايقة من قبل أخرى من فصلي لا اذكر اسمها.
لم أرد أن اتدخل في بادئ الأمر لكن قمت من مكاني وذهبت إليهن.
نظرتْ إليَ الفتاة من فصلي بتعجبٍ ثُمَ قالت:
-مرحبًا بمثالية! تبدين متعبة اليوم.
-اتركِ الفتاة..
-وإلا ماذا؟ تشين بي إلى الإدارة؟
-لا أظن أن هناك ما يمنعني. ان كنتِ مصرة فسأمضي بهذه الخطة.
رفعت هاتفي وألتقطت لهن صورة، ثم استدرت.
فجرتني من كتفي وادارتني نحوها صارخة في وجهي:
-اين تظنين نفسكِ ذاهبة؟
-كما اتفقنا، اشي بكِ للإدارة.
-من تظنين نفسكِ؟ تحملين هاتفك داخل المدرسة. تميزين نفسك بارتداء هذه القبعة السخيفة.
تخالفين كل شيء. وتظنين انكِ تملكين حق منع غيرك؟ أ تظنين نفسك مميزة؟ انتِ لا تختلفين عني بشيء!
مزيفة تدعي المثالية وتقوم بما تريد المعلمات رؤيته.
ضربت يدي فاسقَطَتْ هاتفي ارضًا.
هَمَستْ ذاتي:
-دعيني اتولى الامور هذه المرة.
شَعرتُ لأول مرة بفقدان السيطرة. اندفع جسدي مسرعًا نحوها مما أسقط قبعتي عن رأسي.
امسكتُ بياخة قميصها ودفعتُها نحو الجدار. وأخذت الكلمات تتدفق من فمي مثل ماء جرى بعد انكسار السد:
-لاعجب انني لا احفظَ اسمكِ. لاتملكين اي شيء مميزً عدا صراخكِ المستمر طلبًا للاهتمام.
تناديني مدعية المثالية، هل تظنين ان الأمر سهلًا؟ هل تظنين انني استيقظت يومًا وقلت مرحبًا بأنا المثالية.
تدربت كثيرًا، درست كل تصرفاتي، لم اقم بحركة واحد دون حسابها ألف مرة.
لذا نعم، انا اختلف عنكِ ويحقُ لي الظن انني مميزة، لأنني كذلك. اتركي الفتاة. الآن.
قلت الكلمة الأخيرة بتوعد محدقة في عينيها. فاستجابت لطلبي وذهبت بعيدًا.
حملت هاتفي من الأرض ونفضت الغبار عنه. حمدًا لله لايزال يعمل.
تقدمت مني الفتاة التي تعرضت للمضايقة بخطواتٍ مترددة، وشكرتني.
كأنها صفعة أعادتني إلى رشدي. فكرت في كلماتها، هل تم شكرُ ذاتي الحقيقة للتو؟
نظرتُ حولي، فاكتشفت أننا لم نكن لوحدنا. كانت المدرسة كلها تقريبًأ تشاهد.
وتم استدعائي الى مكتب المرشدة بعدها.
-كيف حال والدتكِ؟
قالتها بنبرة حنونة ما أن فتحتُ الباب، فهممت بالجلوس.
-لا اعلم، سأقوم بزيارتها بعد المدرسة للتحقق.
-وددت الحديث معكِ عن ما حدث في استراحة الغداء..
-أيمكنني ان أطلب منكِ يا انسة ان لا يصل الأمر إلى والدي؟ لقد رأيت بنفسك حال أميَ أمس.
-بالطبع، أنت كبيرة بما يكفي للتحدث معكِ شخصيًا. محادثة مع اختكِ الكبرى، لا معلمتكِ.
قبل فترة جاءتْ امكِ لزيارتي يا سارة.
-امي؟
-كانت قلقة لأنكِ لا تحدثينها عن المدرسة كثيرًا. أعتقَدَتْ أن مدرستَنا لا تقومُ باجتماعٍ للاباء والمعلمين.
-لأن أمي مريضة، لن تستطيع الحضور فلم أخبرها.
-أعلم. هي ايضًا قالت لي هذا. كانت قلقة عليكِ، لأنكِ تُحَملينَ نَفسكِ عبئها. هذا ما قالته لي.
-لستُ كذلك.. أنا فقط، أريد أن أقلل ما يقلقها..
-تحاولين أن تكوني فتاةً يعتمد عليها حتى لا تشغلَ بالها بشيء يَخصُكِ؟
ان تحصلي على أعلى الدرجات في الفصل. ان تَحضي بحبِ الجميع ومديحهم،
حتى لو تطلب منكِ الامر التضحية بكل شيء تحبينه.
كأنها قرأت داخلي. تحجرت في مكاني.
تنهدتْ الاستاذةُ ثم أكملت:
-أنا افهمكِ جيدًا، لأنني كنت مثلكِ. وأعلم كم لهذا الضغطِ ان يلتهمكِ من الداخل.
امكِ كما أمي، تريد ان تعيش ابنتها لأجلِ نفسها حتى لو لمرة واحدة.
-لكن، كيف..؟ انا لا اريد خسارة امي..
-لن تخسريها لو كنتِ نفسكِ واستمتعتي بالحياة قليلًا.
-هل تستمتعين بالحياة يا آنسة؟
-حسنًا.. لأكون صادقة معكِ لو كنتُ في عمركِ وتحدثتْ معي استاذة بهذه الطريقة، لن استمع لكلامها ايضًا.
لا استطيع ان اقول لكِ توقفي. أو ان احدد إن كان ما تقومين به خطأً أم صوابًأ.
انتِ اعلم بالوقت المناسب للتوقف. كل ما اطلبه منكِ، لو تعبتي خذي استراحة.
ولا تجعلي أمكِ قلقةً عليكِ.
-في حالة عودتها لنا...
-ستعود! انا متأكدة.
بقيت أفكر في كلامها لما تبقى من اليوم..
وحين تفقدت هاتفي قبل عودتي إلى المنزل وجدت رسالة، من خالتي.
كما قالت المعلمة، أمي استيقظت فعلًا. فتوجهت بعد المدرسة مباشرةً لرؤيتها.
التقيت بابا بالممر فترددت خطواتي، لكنه أتجه نحوي معانقًا.
-اشتقت لكِ كثيرًا يا سارة. كيف حالكِ؟
-بخير.. شكرًا لسؤالكَ.
-أما زلتِ تكرهينني؟
-كلا أبي.. لا أكرهكَ. حاولت جاهدة ان انفذ وصيتكَ و اعتني بامي لكن، هفوت اخر يوم..
غفلت عنها ولم أعلم إلا بعد انهيارها. انا اسفة.
-لست المذنبة يا سارة! أنا أعتذر على ما قلته لكِ في ذلك اليوم لم أكن مدركًا أنكِ ستفسرينه بهذه الطريقة.
تقصُ علي امكِ دائمًا مقدار الجهد الذي بذلتيه من اجلنا. أنا من يجب ان يعتذر منكِ ويشكركِ.
-لست غاضبًا مني لإنهيار أمي؟
-طبعًا لا!
-انا ايضًا اشتقت لكَ يا أبي.
فأحتضنني مرة أخرى وسرنا معًا نحو غرفة أمي.
عندما دخلتُ الغرفة احتضنتها ايضًا.
-احبكِ يا امي. اعتذر لجعلكِ تقلقين.
فربتَتْ أمي على شعري وكذلك فعل أبي.
- نحن محظوظان لأنكِ ابنتنا.
أبتسمتُ وهمستُ في نفسي:
أحبكِ أيضًا يا ذاتي. ربما يومًا ما سنستطيع التجول معًا تحت الشمس.
التعديل الأخير: