وهم الإنجاز (2 زائر)


MEG

‏لَا أُؤمن بالنُّدرة، أُؤمن بالوَفرة وأُؤمن بالعوَض وأُؤمن أنّ في الحياةِ سَعة
إنضم
23 فبراير 2023
رقم العضوية
13302
المشاركات
4,661
الحلول
1
مستوى التفاعل
17,331
النقاط
1,094
أوسمتــي
16
الإقامة
الجزَائر
توناتي
13,388
الجنس
أنثى
LV
3
 
p_3606l2tf60.gif



|٥٢٣٨ كلمة — ٢٩٣٨٥ حرف|

The world may influence you, but never let anyone shape you into something you’re not
 
التعديل الأخير:

MEG

‏لَا أُؤمن بالنُّدرة، أُؤمن بالوَفرة وأُؤمن بالعوَض وأُؤمن أنّ في الحياةِ سَعة
إنضم
23 فبراير 2023
رقم العضوية
13302
المشاركات
4,661
الحلول
1
مستوى التفاعل
17,331
النقاط
1,094
أوسمتــي
16
الإقامة
الجزَائر
توناتي
13,388
الجنس
أنثى
LV
3
 
p_3606yffea0.gif

رغم إن أكثر شي ما أحبه هو إني أتخلى عن الفصحى وأكتب بالعامي، خصوصًا إذا المحتوى موجه لفئة واسعة من الناس ومن بلدان مختلفة، وإذا كتبت بها أحس إن عندي رسالة أرقى ومسؤولية أكبر.

مع هذا، قررت أطلع من منطقة راحتي وأكتب بالعامي وقررت كمان إني ما أجهز شيء وأبدأ مباشرة في الكتابة. فقط دونت رؤوس أقلام عشان ما أضيّع الفكرة.

ليش؟

لأني حاليًا أكبر تحدي أواجهه: إني أكتب. رغم إن التدوين واحد من أكثر السلوكيات اللي أحبها لكن مجرد فكرة الكتابة بالفصحى تخليني أتوتر (ومش توتر ناجم عن قلق بل نابع من حب وفخر)، فأقعد أفكر بالصياغة المثالية، وأدقق على الأخطاء، وأحاول أطلع بمحتوى مرتب وكامل… لهيك بدل ما أكتب أتهرب.

وموضوعي اليوم هو عن الإنجاز. يعني أنا أصلاً جالسة أحاول أنجز، فكيف أبدأ موضوع الإنجاز إذا أول عائق في وجهي هو رغبتي بالكمال؟ عشان كذا قلت خليني أخطو أول خطوة وأتخلى عن أول مسببات التسويف من زاويتي…

ومؤخرًا، أستمر بالتفكير بسالفة الإنجاز... كيف ممكن أعتبر نفسي "منجزة" وأنا آخد بعين الاعتبار قدراتي، ظروفي، عمري، خلفيتي الثقافية، مستواي الأكاديمي أو المهني... إلخ.

إذا إنجازي مربوط بالمحيط، هل أقدر أحدد مهام أو أهداف معينة وأتجاهل كل الظروف اللي حواليني؟ زي مثلاً مسؤولياتي العائلية أو الاجتماعية؟

وإذا كان عندي طموحات مهنية كبيرة، بس اضطريت أوقف كل شيء وأركّز على العائلة لفترة… هل هذا يعني إني مش منجزة؟

هل الإنجاز يعني أرقام؟ أو مخرجات واضحة؟ أو تكديس مهام؟
كيف نحدد معيار الإنجاز أصلًا؟

هل هو في الكمية؟ يعني إذا خلصت مهام أكثر من المطلوب؟

أو هو في الجودة؟ يعني حتى لو أنجزت شيء واحد بس كان متقن ومميز؟

أو يمكن الإنجاز الحقيقي يكون في الاستمرارية؟

هذي كلها تساؤلات صارت تأرقني وبديت أحس إنه لازم أتكلم عنها من وجهة نظري عشان أصحّح فكرتي أنا عن الإنجاز.

أحتاج أرجع أشوف واقعي بمنطق، وأفلتر كل السموم اللي دخلت لي من المحيط… خصوصًا من جهة السوشل ميديا.

وأول أنواع السموم من وجهة نظري: ضرورة الظهور.

هل أنت مستوعب أيها القارئ أن الكثير من أفكارك اللي أنت متبنيها الآن عن الإنجاز مش حقيقية من الأساس؟

يعني مثلاً،
إن الإنجاز لازم يكون ظاهر للناس عشان يُعتبر إنجاز.

أو إنك لازم تنتج شيء ملموس كل يوم، وإلا فأنت فاشل أو غير منجز.

أو حتى إنك لازم تركز على مجال واحد فقط، وإذا وزعت طاقتك على مجالات مختلفة فـ"أنت مشتّت".

كل هذي أفكار تسربت لنا من السوشل ميديا.

صرنا نشوف حياة الناس من لقطات مثالية مركزين على جانب معين من حياتهم ويظهروه بأحسن صورة (جانب نفسي/ صحي/ مادي/ ثقافي)

فنعتقد أن نحنا اللي نوزع طاقتنا على أشياء كثيرة على خطأ ومشتتين وبعيدين عن الانجاز، ولازم ننتبه لزاوية محددة من حياتنا (مثلا المهنية) ونحط كل انتباهنا على صقلها وتطويرها وتحسينها عشان نعيش النجاح و نقدر نظهرها بأفضل صورة ثم نقوم بالاعلان عنها اقتداءً بمن جرّنا لهذا الطموح.

متجاهلين بقية الجوانب من الحياة رغم انه لا يمكن حتى إلغائهم!

فكيف أنت سيد الأسرة تقدر تستقل ماليًا وتسافر وتجرّب وعليك التزامات عائلية عديدة!

وكيف أنت المراهقة لازم تبدي عمل حر وتحققي دخل عشان هذا هو توجه المستقبل بالرغم من كون الدراسة مستغلّة نص وقتك!

وكيف أنت يالأم لازم تعيشي حياتك الخاصة وتلتزمي بروتين صحي وتعيشي حياة مثالية مع هذا عندك ابناء كثير حولك (وهم أولى باهتمامك) يعيقوك عن التطور والتحررّ!!

فلا نحن عشنا حياة النجاح التي نتوهمها وأنجزنا مانعتقد أنه المطلوب للوصول، ولا نحن قادرين عن التخلي على تلك الأحلام.

فنبقا معلقين في قائمة مهام لازم ننجزها ولا أنجزناها حتى، ونقع ضحية جلد ولوم الذات.

وللأسف ننسى أن وراء كل محتوى ينشره المؤثر الملقب "بالناجح" قصة كاملة مخفية من تعب، واحباط، وإعادة صياغة، وحتى إختلاق او تمويه المشهد عشان يبين مغري للتفاعل ويجذب أكبر عدد من الاعجابات.

فالواحد صار يشوف شخص نشر صورة مشروعه الجديد على سبيل المثال وانجازاته المالية، أو اطلاق كتابه والقبول الذي حصده، أو حتى إفطاره الصحي والتزامه، وينسى إن هذا الشخص ممكن قاعد يصارع مع تحديات ثانية مخفية، أو إن هذا الإنجاز أخذ منه شهور وهو بس عرض النتيجة النهائية.

فللأسف نبدا نقارن إنجازنا الداخلي (اللي نعرف تفاصيله وصعوباته ولسه ماوصلنا للنهاية السعيدة) بإنجاز الآخرين الخارجي (اللي نشوف بس النتيجة النهائية المصقولة).

والأسوأ من هذا، إننا نغير تعريف الإنجاز بناءً على معايير مش متناسبة إطلاقًا مع ظروفنا أو أهدافنا الحقيقية وميولاتنا، بل متناسبة مع ما يعتبره الناس اليوم إنجاز "مقبول" أو "مثير للإعجاب"...

وتدرون وش أسوء أنواع السموم كذلك هيرو1 وهو بالذات أعتبرو النوع الثاني، ومفترض أصنفو الأول... :) هو : جلد الذات.

السمّ الذي تشرّبناه من أفكار مغلوطة وترجمناه داخلنا كأنه حقيقة مطلقة.

يعني صرنا ما نعتبر حالنا منجزين إلا إذا وصلنا لمرحلة العذاب.
كأن الإنجاز لازم يمرّ بامتحان مقياسه الـ "ألم" عشان يصير معترف فيه. و إذا ما سهرت وما بكيت وما انهرت وما حاربت العائلة والمجتمع والعادات والتقاليد ومدري إيش… فإنت ماأنجزت شي يذكر.

وهذا المفهوم للأسف الشديد رغم انتشاره ومدى تفضيله بين الناس إلا أنه خانق. لأنه يربط القيمة بالإرهاق، مو بالنتيجة. وكأن الإنجاز الحقيقي مو مرتبط بالذكاء أو التنظيم أو الاستمرارية أو الجهد المبذول والمحاولات، بل مرتبط بكمّ الدموع والتضحيات والتعب النفسي.

وأعتقد أن السبب الذي جعلنا نتبنى مثل هذه المعايير لتقديس الانجازات المخلّفة وراءها كم عظيم من الآلام، أننا ورثنا فكرة أن "النجاح لازم يدفع ثمن" بل "ثمن غالي".

أو لأن القصص والروايات والأفلام مركّزة دائمًا على الجانب البطولي الدرامي، وبدأنا نميل إلى الحكايات التي تضم مآسي أكثر من اللي فيها توازن ومنطق.

وطبعًا، النتيجة معروفة في مثل هذه المسارات: إما تنفجر من الضغط ويحدث لك ما يسمى بـ الاحتراق الذاتي. أو تكمل وانت مستنزف وبدل ما تحب اللي تعمله، تكره كل شي وفي النهاية أصلا رح تتوقف اضطرارًا.

ومرة سمعت في ريل حكيْ جد رائع، قيل فيه أنو كل مقاصد الدنيا مرتبطة بـ "السعي"، وأن السعي مقترن بـ "الغريزة"، والغريزة يحركها إما "الحب" أو "الخوف".

فإذا حركها الحب، نمشي وإحنا مبسوطين كده ومتلهفين للوصول من باب الاستبشار، وراضيين بالانجازات ولو صغرت.

ولو حركها الخوف، نمشي وإحنا قلقانين ومتوترين. وهذي المشاعر هي اللي تستهلك طاقتنا أكثر من السعي بحد ذاتو.

فضروري نفكر ساعات، هل أنا اللي بيحركني الحين: الحب أو الخوف؟

والسم الثالث: المقارنة المستمرة

يمكن ما في شي سامّ يقتل شعور الإنجاز الداخلي قد ما تعمل المقارنة المستمرة.
أن يصبح معيارنا الوحيد لقياس انجازاتنا هم الناس التانين.

المشكلة مو بالمقارنة بحد ذاتها. لأن الإنسان طبيعي يلاحظ اللي حواليه ويقارن عشان يتعلم ويتطور وينتبه لأخطاءه.
لكن المشكلة تبدأ لما تتحول المقارنة من وسيلة لفهم ونقد أعمالنا وتصحيحها إلى حكم بالإعدام على ثقتنا بنفسنا.

صارت المقارنة اليوم مو بس مع القريبين منّا صارت مع ملايين الوجوه اللي نشوفهم بالسوشل ميديا. وجوه مصفّاة، قصص مقصوصة بعناية، حياة مختارة من زاوية واحدة.

يعني أنت مو عم تقارن نفسك بإنسان، إنت عم تقارن نفسك بصورة منقّحة، نسخة محسّنة من شخص حقيقي، نسخة هو نفسه ما يقدر يعيشها طول الوقت.

واللي أخطر من هيك، المقارنة المستمرة بتلغي خصوصيتك. فجأة تنسى إن ظروفك غير ظروف غيرك، إن قوتك مش بالضرورة نفس قوتهم، وإن رحلتك إلها طريق مختلف ربّما.
فتصير تلاحق معايير مو معمولة لإلك أصلاً.

وإذا في سم أخطر من جلد الذات والمقارنة، فهو هوس الكمال.

ولأني جربته شخصيًا ولازلت أعاني من عقدة المثالية الزائدة، أقدر وبجدارة أوصف خطورته بكونه يخلّيك تعيش متأخر عن نفسك.

كل ما قربت تنجز، ترجع خطوة لورا بحجة أنه مو مثالي كفاية وفي عيوب.

وللأسف حتى الكمال نفسو مو موجود بل وهم.

لكن العقل يضل يوهمنا إننا نقدر نوصل له لو بس حاولنا أكثر وفي النهاية نستمر بتأجيل المشاريع وتبقى الأفكار محبوسة بالدفاتر فقط لأننا نرفض نرضى بشي أقل من المثالية.

وأعتقد أن مصدر المشكلة من وجهة نظري هو اننا نخلط بين نوعين من الإنجاز هم مختلفين تمامًا بالأصل ولما نفهم الفرق بينهم بعض من الضبابية هاي والتوتر والحيرة راح يختفي.

في إنجاز داخلي، وفي إنجاز خارجي.

الإنجاز الداخلي هو كل شي بنعملو عشان أنفسنا بغض النظر عن رد فعل الناس أو اعترافهم فيه مثل السعي نفسه، التطوير، الالتزام بقرارات اتخذناها لأجل راحتنا أو نمونا.

كقراءة كتاب جديد كل شهر، النوم بدري و الالتزام بمواعيد النوم الصحية، الانضباط في الأكل والرياضة والدراسة وغيرها من السلوكيات التي تخدم مصلحتنا الخاصة

ومن المفترض أنه ما يحتاج وجود شاهد خارجي أو محفز خارجي عشان نلتزم أو ننقطع وما يحتاج حتى اننا نحكي عليه لحد. والعجيب إن هذا النوع هو الأكثر إشباعًا لأنه نابع من رغبة حقيقية مو من ضغط خارجي أو رغبة في الإعجاب.

أما الإنجاز الخارجي فهو كل شي مرتبط بردود الأفعال الخارجية. الشهادات، المناصب، الأرقام، الإعجابات، التقدير العام. وهذا النوع من الإنجاز مهم كذلك لأنه بيفتح لك أبواب في الحياة العملية ويخليك تحقق استقلالية مالية أو اجتماعية وغيرها من الفوائد اللي توفر لك مزايا على المدى القريب والبعيد

والخلط يحدث لما نبدا نعتبر الإنجاز الخارجي هو المقياس الوحيد للنجاح ونتجاهل كليًا الإنجاز الداخلي.

طب ليش أعتبرها مشكلة؟ لأن الإنجاز الخارجي متقلب. ممكن تحصل على ترقية اليوم وتخسرها بكرة ممكن يكون عندك متابعين كثار على السوشل ميديا والخوارزميات تتغير وتقل نسبة المشاهدة ممكن تكسب مبلغ كبير من مشروع ويجي مشروع تاني يفشل.

أما الإنجاز الداخلي غالبًا يبقى ثابت طالما أنت ملتزم، أصلا هو متعلق فيك أنت مو غيرك

وأعتقد إن جزء من أزمتنا مع الإنجاز إننا صرنا نركز على الانجاز الداخلي عشان نظهره ونتكلم عليه أكثر من كونه رغبة في إفادة وخدمة أنفسنا.

وهذا اللي عم نشوفو في السوشل ميديا برؤية المحتويات المركزة على الروتينات اللي مفروض أنها أمور خاصة
(مع العلم لست ضد ولا مع، بل أناقش فقط مصدر النية وصاحبها فقط أعلم بها فأنا مااقدر احكم اذا هذا الانسان ينجز عشان مشاهدات وتقدير أو فقط مجرد فخر بما وصل إليه عشان احتمالية كبيرة يكون الانسان سعيد بما حققه بعد سعي طويل ويريد يلهم غيره بحسن النية وهون اتكلم عن الانجازات الداخلية)

فهاي المشاركات أكيد مش غلط لكن لما تصير هي الدافع الوحيد والمحرك الوحيد للاستمرارية، المحاولات نفسها تفقد معناها تصير مجرد وسيلة لغاية مو شي أنا أستمتع فيه.

من الكتابة للرياضة للرسم والقراءة والتصوير والطبخ وغيرها...

والأخطر من هيك إن مشاركة الانجازات دائمًا تخليني أقارن نفسي مع الناس باستمرار عشان أعرف "وين أنا واقفة" مقارنة بغيري خاصة إذا استلهمت هاي الرغبات من الاخرين مو عشان نفسي

فنوع المقارنة هاي سام وأقل إنصافًا لأنها تتجاهل ظروفي الخاصة أو رحلتي الشخصية.

على سبيل المثال إذا أنا أم عندها أطفال صغار وقررت أتعلم مهارة جديدة فالمقارنة العادلة تكون مع نفسي قبل ما أبدأ التعلم مو مع شخص فاضي وقته كله للتعلم.

وإذا أنا طالب وقررت أبدأ مشروع صغير بجانب الدراسة، المقارنة تكون مع نفسي قبل ما أبدأ المشروع مو مع شخص متفرغ للعمل الحر وما عنده التزامات دراسية.

لكن للأسف وفرة المحتويات المتباهية والبارزة على مرأى الجميع أدت إلى استصغار قيمة المحاولات البسيطة والصغيرة. و أشوف أن الإنسان اللي ينشغل أكثر شي بالـ "المشاركة" ليُرى ناجحًا في أعين الآخرين هو بني ادم يعاني من فراغ داخلي عشانه ركز على طلاء الواجهة وأهمل بناء الجوهر.

والبعض سيرى تعليقي مبالغ فيه لكنه حصيلة تراكمات وضغط نفسي متواصل سببه ارتفاع سقف التوقعات

بصياغة أخرى ممكن تكون رغبتنا في البداية نابعة من فرحة بسيطة وفخر بما حققناه، لكن مع تكرار نشر الإنجازات تبدأ توقعات الناس تكبر علينا ومعها تكبر رغبتنا في إثبات أنفسنا أو حتى تجاوز الصورة اللي رسموها لنا وهنا يتغلغل الارهاق في نفوسنا وتتحول أسباب النشر من مجرد وسيلة للمتعة إلى واجب ولزوم

وهنا بقى سؤال مهم: كيف نعرف إننا بنحقق إنجاز داخلي حقيقي؟

أول علامة: إننا نحس بالرضا حتى لو ما حد انتبه لاللي عملناه ونفخر بمحاولاتنا بغض النظر عن ردود الأفعال.

ثاني علامة: نلاحظ تحسن في نوعية حياتنا أو تفكيرنا أو مهاراتنا حتى لو التحسن ده مش واضح للناس من برا.

ثالث علامة: نحس إننا أصبحنا أكثر قدرة على التعامل مع التحديات أو بصيغة أقرب أصبحنا أكثر وعي بأنفسنا ورغباتنا الحقيقية.

رابع علامة: ما نحتاج نبرر للناس ليش بنعمل اللي بنعملو.

وبالمقابل، علامات الإنجاز الخارجي البحت:

إننا نعمل شي أساسًا عشان ننشره أو نحكي عنه للناس وإذا ما في جمهور ما في دافع.

أو إننا نحس بقلق مستمر من كوننا "متأخرين" عن غيرنا أو إن إنجازنا "مش كافي" مقارنة بفلان أو علان.

الشك في قيمة أعمالنا إذا ما حصلنا على اعتراف فوري من المحيط.

وأسوأ علامة إننا نضحي بصحتنا النفسية أو الجسدية أو بعلاقاتنا الشخصية عشان نحقق صورة معينة من النجاح.

وهاد مو معناه إنّنا نتخلى عن طموحاتنا الخارجية، لكن معناه إنّنا نحققها من مكان مريح وأنا ضد أي أسلوب يميل للإشارة إلى الحاجة للتضحية والفقدان من أجل الوصول. وإذا في إنجاز معيّن أردت تحقيقه وفي سبيله لازم أمرّ بألم جبار فمن المنطقي قياس الفوائد اللي رح أتحصل عليها من تحقيقه وإذا ما تساوت مع حجم تضحيتي أتلخّى عنه.

لأن في النهاية الإنجاز الحقيقي مش في الوصول لهدف معين. الإنجاز الحقيقي في إننا نصير شخص أفضل من قبل خلال رحلة الوصول.
 
التعديل الأخير:

MEG

‏لَا أُؤمن بالنُّدرة، أُؤمن بالوَفرة وأُؤمن بالعوَض وأُؤمن أنّ في الحياةِ سَعة
إنضم
23 فبراير 2023
رقم العضوية
13302
المشاركات
4,661
الحلول
1
مستوى التفاعل
17,331
النقاط
1,094
أوسمتــي
16
الإقامة
الجزَائر
توناتي
13,388
الجنس
أنثى
LV
3
 
p_3606ns7g80.gif



أحد أفضل التغريدات التي قرأتها على منصة اكس وألهمتني للتوسع في موضوع الانجاز تضمنت تعليل قد يبدو هجوميا بعض الشيء إلا أني شفتو منطقي جدًا (ويؤسفني جدا أني فقدت رابط التغريدة وحتى كاتبها)

قيل فيها أنو إحنا أغلب الأحيان عايشين بفكرة تعرّف الانجاز بكونه شيء اضافي في حياتنا العادية ومكانه خارج مسؤولياتنا اليومية.

بمعنى آخر تم تحريف مفهوم الإنجاز من "ركيزة" إلى "إضافة" ثانوية، وتقسمت الحياة لجزئين أولهم جزء للواجبات الأساسية اللي مافيها إبداع أو قيمة في نظر الناس، وجزء للطموحات والأحلام اللي نعتقد أنها الإنجاز الحقيقي.

وشاف كاتب التغريدة أنو هذا النوع من التفكير عم يدمر الانسان من جوا لأنه يخليه يعيش انفصام مستمر بين اللي يعتبرو "حياة عادية" واللي يعتبرو "حياة استثنائية".

وللأسف مايقدر يكون منجز في نظره إلا لو تجاوز حدود مسؤولياته الطبيعية وأضاف عليها طبقة إضافية من النشاطات والمهام.

طيب، أحب أركز شوي على هاي النقطة لأنها بتلمسني بشكل قريب

السالفة ومافيها أنو أنا شخصيًا كتير مرات يخالجني شعور النقص وأحس إني لازم أعمل حاجة زيادة عشان أتوهم إني حققت شيء وأكون راضية بنفسي، زي مثلاً لو خلصت شغلي اليومي وقعدت مع أهلي أحس إن اليوم ده فاضي ولا يستحق الاحتفاء، مع إنو ربما كان مليان أشغال من تنظيف وطبخ ورعاية وغيرهم من السلوكيات، لكن اعتبرهم عاديين جدًا وجزء من روتيني رغم أهميتهم ولهيك بالتحديد (هذا الاعتياد) خلاني أعتقد أني ماأنجزت شي مهم.

وهاد بالضبط اللي يدفعنا نركض ورا أهداف خارجية قد تكون مرهقة وغير منطقية مقارنة بحجم المسؤوليات التي نتحملها عادة.

واعتبارنا نوعية الواجبات التي نقوم بها أمرًا طبيعيًا ولا نرى فيها إنجازًا ظاهرًا، لا يعني أننا مضطرين لتحقيق بطولة عظيمة تستهلك كل طاقتنا.

زي إننا نحاول نشتغل 7 ساعات في اليوم عشان نثبت إننا مجتهدين ونبني بنفس الوقت مشروع جانبي وعندنا عائلة أحنا ملزوم برعايتها
فهذا اللهاث خلف الانجازات الخارجية قد يعيقنا عن تلبية احتياجات أسرتنا الأساسية ويحرمهم من حضورنا ودفء وجودنا معاهم

والمشكلة الأكبر إننا بدأنا نستورد معايير النجاح من ثقافات مختلفة تمامًا عن واقعنا وهذي تدخل ضمن النتائج الكارثية اللي خلّفتها أفلام الغرب ومسلسلاتهم.

لأنو بالنسبة لي هم أسهل وسيلة لحتر يرسخوا قيمهم فينا بشكل غير مباشر.

ومن خلال إظهار سيناريوهات تبين أشخاص يشتغلوا في بيئات معينة ويحققوا إنجازات بطرق محددة، نعتقد إن هذا هو المعيار العالمي للنجاح وننسى إن كل مجتمع له ظروفه وقيمه وتحدياته.

فاللي يعتبر إنجاز عظيم في منطقة وثقافة معينة ممكن يكون شي عادي في مجتمع تاني والعكس صحيح.

الأب اللي يشتغل ويبذل أقصى جهده من أجل استقرار عائلته هذا أكيد إنجاز عظيم، بالرغم من كونه "عادي" و"منتشر" ومغاير للإنجازات الرجالية الشائعة في الأفلام زي رجل الأعمال الثري والأجساد الرياضية والسفر حول العالم

واذا شعر شخص ما أنو اللي بقولو بديهي أحب أقلك للأسف في فئة كبيرة افتقدت مثل هيي البديهيات وأبسط مثال خش على تيك توك أو انستقرام أحد المؤثرين واقرا شوي تعليقات مع العلم الفئة اللي أقصدها هم متابعين المحتوى القيم، عشان مارح اتطرق أصلا للناس المتابعة للمشاهير والمظاهر

ومن التجارب اللي مريت فيها شخصيًا، لاحظت إن أكثر الأوقات اللي حسيت فيها بالإنجاز الحقيقي كانت لما نجحت في موازنة حياتي بدل التركيز على شي واحد بس.

معناه: في فترات معينة حسيت بسعادة الانجاز ولكن سرعانما تتحول هذي السعادة إلى تأنيب ضمير لما أهمل جانب من جوانب حياتي.

على سبيل المثال في فترة معينة كنت مركزة على صناعة المحتوى ومهتمة جدا بتطوير نفسي في العمل الحر، ولكن ومن شدة انغماسي كنت آخر من يسمع أخبار العائلة وأقل من يظهر.
فجزء مني كان يحزن ويستشعر الحسرة والندم

وفي أحيان أخرى أكون مندمجة تمامًا مع العائلة وأكون في أوج اهتمامي ورعايتي لأسرتي وأقدم أحسن ماعندي وأتلقّى بالمقابل. مع هذا أزعل من نفسي في نهاية اليوم عشان مااستفدت ولا حاجة ولا طورت من نفسي وأيام ضاعت بدون تقدم.

يعني اذا قدرت أكون موجودة لأهلي، وأتطور في نفس الوقت في دراستي أو شغلي، وأهتم بصحتي، وأقرأ أو أسمع شي يفيدني بدون ما أهمل جانب عشان الجانب التاني وبدون ماأحس حالي مجبورة.

هذا النوع من التوازن صعب جدًا لكنه مُشبع أكثر من التفوق في مجال واحد وإهمال البقية. المشكلة إن ثقافة التخصص المفرط اللي انتشرت خلتنا نعتقد إن التوازن ده ضعف أو تشتت أو مستحيل بينما في الحقيقة هو مهارة عالية تحتاج ذكاء في إدارة الوقت والطاقة ومؤخرًا صرت متهمة كثير بسالفة التخطيط وكيف يمكن يكون أكثر فعالية ومش مجرد جدول على ورق

ورح أشارك بعض من خلاصة تجربتي ونصائح أنا شخصيا استفدت منها أو كيف مكن أنظم حياتي بطريقة تخليني أحقق اللي أبغاه بدون ما أنهار أو أحس إني مقصرة في كل شي.

أول شي تعلمته: الإنجاز مش لازم يكون يومي عشان يكون حقيقي ولا لازم يكون مرتبط بالكمية.
يعني مافي داعي كل يوم أخلص قائمة مهام طويلة عشان أحس إني منتجة. في أيام بس أقدر فيها أعمل الحد الأدنى وهذا عادي تمامًا المهم الاستمرارية على المدى الطويل مش الكمال اليومي.

بحيث صرت أهتم بتقليل المهام وتخصيصها وتوزيعها على مدار أيام أكون واعية بمستوى نشاطي
فأنا عارفة أنو السبت متعب ومرهق ومافي مجال أحقق شي فماأضيف فيه ليستة مهام

ومدركة لكون الأربعاء يوم مريح فأقدر أضيف فيه ليستة مهام

وهكذا دواليك وبدأت أعود نفسي أحتفي بالإنجازات الصغيرة قبل ما أركض ورا الكبيرة.

وأهم شي: إني أفصل بين هويتي وإنجازاتي.

أنا قيمتي مش فقط في شغلي أو في إنتاجي أو في عدد المهام اللي خلصتها، أنا إنسانة كاملة بغض النظر عن اللي حققته اليوم أو هالسنة أو حتى في حياتي كلها وإذا مر أسبوع مرور الكرام دون أي تغيير إيجابي عادي جدا ومازلت نفسي

فالإنجاز يضيف لحياتي لكنه ما يحددني من أنا

وفي نقطة لازم أعترف فيها وهي أني ما زلت أتأثر وأقارن وأحزن وماأقدر أوازن ويجيني الخمول وأعجز فترة عن احراز أي تقدم! وكأكبر مثال هو هاد الموضوع اللي عم أكتبو الحين هدفي منو أصحح فكرتي أنا وأترجم تعثراتي وحيرتي لنص أفرغ فيه البعثرة اللي بدماغي
عشان ما زلت عاجزة أمنع نفسي من المقارنة، وأحيان كثيرة لما أشوف ناس في سني سبقوني أو في سني وثقافتهم أوسع أو جسمهم صحي أكثر، وناس أصغر مني تجاوزوني بمراحل أغار أحيانا وأذكر نفسي أنو الفعل الصحيح أحاول أسوي اللي سووه عشان يوصلو مو أنغمس في المقارنة بحد ذاتها

وأحيانًا أكتشف أني ما كنت أبغى النجاح قد ما كنت أبغى الاعتراف والسبب الأساسي اللي دفعني أحاول هو أني "أبدو بشكل أفضل" يعني نيتي خاطئة من البداية ويتوضح لي لما أكتشف أني جالسة أدفع وأرغم نفسي أنجز ولا أحس بأي سعادة أو استمتاع أثناء ذلك

(مو معناه أن أي اجتهاد لازم يكون ممتع ولكن طوال الممارسة مافي ولا احساس بلذة المحاولة وماأستشعر التقدم ولا أفخر به ، همي الأول والأخير الوصول للنتيجة)

وأيضًا صرت أتعامل مع الإنجاز كمساحة رمادية مو أبيض ولا أسود يعني مو "يا أنجح يا أفشل" وهاد أهم فكرة قررت أتقبلها وعادي إذا حسيت المستوى صعب علي ببساطة أرجع لمستوى مبتدئ أكثر
وإذا تقدمت ماأعتبر حالي خلاص ممنوع أرجع لورا ومو معناه بما أني تطورت إذن ممنوع أحس بصعوبة
وأن السهولة تأتي بالتكرار وليس المستوى في الأصل

واكتشفت ان المرونة تكون في إلغاء المهام عند الاضطرار واعادة جدولتها حسب نشاطي وظروفي وحتى مزاجي وهاد تعريفي للمرونة إني أتعامل مع يومي ككائن حيّ يتنفّس ويتغيّر لكن مش لدرجة التساهل والتنازل والتكاسل

وآخر شي تعلمت أفرّق بين الانشغال والإنجاز، بين إن حياتي مليانة مهام وإنها مليانة معنى لأن في فرق كبير بين إنك تملأ وقتك وبين إنك تعيشه بشعورك وبوعي باللي يصير وهاد أهم الأسباب اللي تخليني أحس الوقت بطيء والأسبوع طويل عكس الكثير ض0 لأنو حرفيا كل ثانية تطلع من قلبي وأتنفسها تنفسسسس ض0 فأحب أختار أكون الحاضرة الأكثر وعيًا بما تعمل وأتقبل فشلي كجزء من نضجي وأشوف ضعفي كوجه آخر لقوتي.
 
التعديل الأخير:

MEG

‏لَا أُؤمن بالنُّدرة، أُؤمن بالوَفرة وأُؤمن بالعوَض وأُؤمن أنّ في الحياةِ سَعة
إنضم
23 فبراير 2023
رقم العضوية
13302
المشاركات
4,661
الحلول
1
مستوى التفاعل
17,331
النقاط
1,094
أوسمتــي
16
الإقامة
الجزَائر
توناتي
13,388
الجنس
أنثى
LV
3
 
p_3606lh14u1.gif

اليوم 10 من شهر 11، وآخر مسودة كتبتها لهذا الموضوع في شهر 9 يعني غبت لمدة شهرين تقريبًا عشان انغمست جدًا في السّعي لدرجة نسيت انو كنت أريد أخلص هذا الموضوع قبل أكتوبر..

(بمعنى آخر قبل ماتبلش الدراسة كان هدف صغير أني أكمل هذا الموضوع وأحس بلذة الانجاز وأفلتر أغلب أفكاري عن الاجتهاد قبل ماأبدا رحلة البكالوريا)

ولكن هل زعلت لأنو ماخلصت قبل الموعد؟ لا.. لأنو كتابة هذا الموضوع بحد ذاتها تفريغ، والحين بالذات انا بحاجة أكبر لهذا التفريغ عكس الفترة الأخيرة ولهيك تذكرت أكتب!

••• ندخل للزبدة •••

في تصنيف واحد من بين عشرات تصنيفات الشخصيات أعتبرو الأكثر عمليّة.
أكثر حتى من أنماط الشخصية المشهور اللي ناسية حتى اسمهم بالضبط (INFP/ENFJ...) وما شابههم

اسم هذا التصنيف اللي اعتبرتو الأفيد: البوصلة الشخصية

وليش اعتبرتو عملي؟ لأنو الفئة المهيمنة على هذا التصنيف هي الفئة البالغة، ومستغلينه أكثر شي عشان التحسين مش فقط بهدف تصنيف الشخصيات

مثلا أنا عندي بوصلة معينة مشهورة بايجابياتها وسلبياتها، فأطبق هذه المعرفة عشان أفهم نفسي وأفهم استجابتي مع المحيط وأحسنها

(طبعا ماأنصحكم تسوو اختبار البوصلة من نتائج غوغل)

فبعد بحث طويل عن تصنيف شخصيتي أدركت أنو أنا غربية شمالية، وأبرز صفة في شخصيتي هي: المزاجية، الايجابية، التبعثر والعشوائية ثم القيادة والابداع وغيرهم

وهاد بالضبط اللي يخلي الالتزام صعب جدا بالنسبة لي عشان أتعذب حتى أستمر في القيام بفعل معين عكس رغبتي الشديدة في تجربة أشياء جديدة، فغالبا تنتكس استمراريتي قبل حتى ما أشوف نتيجة وهيك ماأكون "منجزة" بنظري

فبعد ما درست طبيعتي واهتممت جدا بمعرفة ليش أنا غربية رغم انو العائلة كلها شرقية ض0 خطر لي سؤال: إذا أنا مزاجية وعشوائية، كيف ممكن أستفيد من هاي الصفات بدل ما أنتقدها وأحتقرها؟

لأنو طول عمري أسمع إنو المزاجية خطأ ومدمرة، والمزاجي مايقدر ينجح ولازم نقاوم رغباتنا. وإنو الناجحين هم اللي "منضبطين" و"ملتزمين" والعشوائية تساوي فشل.

فهل يعني كوني عشوائية إذًا اضطر كل حياتي أكتم رغباتي!؟؟ هنا بالضبط تركّز اهتمامي وفضولي

ومؤخرًا قرأت مقالات كثيرة ومتنوعة وتغريدات طويلة في تويتر عن علاقة الإبداع بأنماط التفكير ولقيت انو الأشخاص اللي عندهم مرونة عالية في التفكير (واللي غالبًا يوصفوا بالمزاجيين) عندهم قدرة أكبر على الابتكار وحل المشاكل بطرق غير تقليدية

وماكانت معلومة جديدة علي بالعكس، لكن طوال حياتي مش عارفة كيف يتطبق هاد المفهوم

فبدأت محاولات متواضعة مع نفسي عشان أنظم حياتي من بينها طرق للتخطيط ولازلت أعاني جدا مع هذه النقطة (التخطيط)، وحبيت أنتبه أكثر شي على مستويات طاقتي وأكون واعية أكثر بها، فحرفيا ماصرت أهتم بشو رح اسوي على قد مااهتم انا حاليا كيف مزاجي عشان أسوي ض0؟ وأنسق بين احساسي هذي اللحظة أو هذا اليوم أو هذا الأسبوع مع أولوياتي

وممكن تبين لكم طريقة خطأ لكن حرفيا فرقت معاي بشكل كبير
فإذا انا سبق وسويت قائمة قصيرة ومركزة حول أولويات هذا الاسبوع باقي أرتبهم حسب مزاجي وطاقتي

فماأهتم —أدرس كل يوم ساعة— على قد ماأهتم —أدرس هالأسبوع مادتين وأتفوق فيهم— وأوزع المهام الفرعية اللي توصلني لتحدي الأسبوع حسب مزاجي وطاقتي. يوم أدرس مادة واحدة 4 ساعات متواصلة لأني محفّزة وبدون ماأشعر بالوقت حتى، ويوم ثاني ما أدرس أصلاً.

فالطريقة فادتني جدا وأهم شيء تأنيب ضميري قلّ
(طبعا اليوم كان مفترض أدرس لكن مزاجي حكالي أكتب يعني مش نافع معاي 100% ولسه متلخبطة لكن أحسن من ولا شي ه1)


+ اكتشفت كمان انو العشوائية مش دايمًا سلبية بل أحيانا أقدر أعتبرها المسؤولة عن الصدفات المفاجئة الحلوة ض0

زي مثلاً، مرة كنت قاعدة أرتب كتب وأوراق ومستندات قديمة (وأنا أصلاً كان مفترض أسوي ملخص مادة التاريخ)، ولقيت كتاب قديم فتحته وقرأت بعض الصفحات عشوائيا ولقيته حرفيا أعطاني فكرة كاملة لملخص عملي ومركز ما كان خطر على بالي أبدًا لو كنت "منضبطة" وملتزمة بجدولي الصارم وأرغمت نفسي أسوي الملخص بدون ماألبي رغبتي الفجائية في تنظيم الأوراق القديمة ض0

لأنو أنا أصلا أكره الملخصات القصيرة بل أفضل المخططات الذهنية
أحب أحافظ على التفاصيل والدقة وفي نفس الوقت أخلي مخططاتي جميلة بصريًا وأوضح وأرتب وأريح للرؤية
فلما نظمت المستندات وشفت مخططات ونصوص كثيرة قديمة في هذي المادة وكأني قمت بالتغذية البصرية واستلهمت

فصرت أشوف العشوائية كنوع من "الاستكشاف" مش تشتت، فقط أكون صارمة في المواعيد اللي تحتاج انهاء فوري وبدأت أقنع نفسي أنو مش كل انحراف عن الخطة يعني تبعثر وخطر بل أحيانًا يعني أن الله سبحانه و تعالى سخرلك طريق أفضل.
وكمان لازم أنتبه للرغبات اللي تكون مجرد نزوات مثل الرغبة في النوم والرغبة في تصفح شوي ريلزات هذا تهرب مش عشوائية..


وفي موضوع ثاني لاحظته وهو أن الأنظمة الجاهزة اللي ينصحوا فيها "الخبراء" نادرًا ما تشتغل مع الجميع وعلى رأسهم أنا 🙋🏻‍♀️

مثل استخدام
تقنية البومودورو، الشغل في الصباح الباكر، التخطيط من الليلة. كلها نصائح منطقية ومفيدة لكن مش شرط تفيدك أنت أو تفيدني أنا.

أنا شخصيًا جربت البومودورو وفشلت فشل ذريع. لأنو أنا لما أدخل في حالة تركيز عميق (واللي نسميها Flow State) آخر شي أبغاه يرن منبه ويقطعني كل 25 دقيقة
بالعكس لما أكون مركزة 3 ساعات تمر في لمح البصر وأفضل ماأنتبه لمرور الوقت حتى تخلص ذروة التركيز

ولما أكون متعبة مهما حاولت، 10 دقائق ماأقدر أتخطاها فبدل البومودورو صرت أستخدم طريقة "الموجات" واللي اخترعتها بنفسي بناءً على شخصيتي أي أشتغل لما أحس إني مركزة ومنتجة (حتى لو ساعتين متواصلة) وأوقف لما أحس طاقتي نزلت (حتى لو بعد 10 دقائق) وبدل ما أجبر نفسي أرجع للعمل أو الدراسة بعد استراحة محددة أرجع لما أحس إني جاهزة نفسيًا وجسديًا وأثناء الراحة أتجنب تمامًا الملهيات ومفقدات التركيز زي السوشل ميديا.

وهالطريقة خلتني أنتج أكثر وأحس بضغط أقل.

ولحتى تقتنع بهذي الفكرة لازم أولا تؤمن وتحترم كون الطاقة مش ثابتة وهاد شي لازم نعترف فيه شئنا أم أبينا.
في شي اسمه هرمونات، في شي اسمه جوّ متقلب، في شي اسمه نظام غذائي، في شي اسمه ضغوط متراكمة...

فإذا ماكنت متحكم 100% بظروف حياتك ماتقدر تكون متحكم 100% بمستوى طاقتك وانتاجيتك

لأنك بشر

فبدل ما نعاقب أنفسنا في الأيام قليلة الطاقة لازم نتعلم نستثمرها صح. يعني في الأيام اللي طاقتي عالية أسوّي المهام اللي تحتاج تركيز عميق وإبداع (زي حل المسائل الصعبة، التأليف، المونتاج..) وفي الأيام اللي طاقتي منخفضة أسوّي المهام الروتينية البسيطة (زي الرد على الإيميلات أو الترتيب أو مشاهدة شرح مادة ثانوية).

وهالتقسيم خلاني أستفيد من كل يوم بغض النظر عن مستوى طاقتي، وخلاني أتوقف عن جلد ذاتي لأنو "اليوم ما أنجزت شي كبير" وأستغل كل وقتي في انجازات صغيرة وكبيرة، وبدون ماأنتبه ألقاني شطبت ليستة مهام طويلة ماكنت رح اقدر اشطبها لو استمريت في إجهاد نفسي وإرغامها على مهام مش ملائمة لطاقتي ومزاجي

وفي ملاحظة أعتبرها الأهم: "عدم الإنجاز" هو إنجاز بحد ذاته

يعني في أوقات القرار الصح هو إنك ما تسوي شي زي لما تكون تعبان جدًا وتقرر تنام بدل ما تسهر وتشتغل هاد قرار اضطراري اذا ماخضعت له سيؤدي حتما لعواقب وخيمة كالمرض أو الاحتراق. والمشكلة انه يصعب التعافي منهم
و لما تلغي مهمة مش ضرورية عشان توفر طاقتك لشي أهم، هاد كمان نوع من الإنجاز لأنو الإنجاز الحقيقي مش في إنك تسوّي كل شي بل في انك تسوّي الشي الصح في الوقت الصح.

والشي الأخير اللي تعلمته: الإنجاز رحلة مش وجهة.

يعني مش لازم أوصل لنقطة معينة عشان أقول "هسا صرت منجزة" الإنجاز يعني المحاولة والمقاومة والصبر والتحمل وفرحة التقدمات الصغيرة

وفي أثناء هذه الرحلة رح نحصد أكبر إنجاز هو أننا نتعرف على أنفسنا أكثر وخصوصياتنا أكثر واستجاباتنا اكثر ونفهم طبيعتنا ونتقبل اننا مش لازم تكون نسخة طبق الأصل من "الشخص الناجح المثالي" اللي في مخيلتنا.

فأنا اليوم، رغم التأخير، رغم المزاجية، رغم العشوائية... قاعدة أكتب هذا الموضوع وأتناسى أنو كان مفترض أحل واجباتي ه1.

وهالشعور، رغم انو ربما سيبدو للقليل اهمال ولكن عارفة انو رح يمنحني جرعة طاقة وإلهام وسعادة تجدد طاقتي حتى انطلق مجددًا بكره واليوم اللي بعدو واللي بعدو ق1

وبالحديث عن الرغبة هاي، أريد أتطرق لجزئية تفيدني أنا خاصة وأنتم عامة وهي: كيف ممكن نزرع الرغبة في أنفسنا بشكل أعمق ب1 خاصة إذا كانت الطبيعة الشخصية تميل للتقلبات زي حالتي.

يعني مش بس نتقبل المزاج بل نجعله يعمل لصالحنا من خلال فهم الدوافع الأساسية التي تحركنا.

في دراسات منشورة من طرف جامعة هارفارد وبعض الجامعات الأخرى وعبارة عن مقالات منها المترجم ومنها لا، عن التحفيز الذاتي، بحيث لقوا ان الرغبة الحقيقية (اللي نسميها التحفيز الداخلي) تأتي لما نربط المهام بقيم شخصية أكبر، مش بمكافآت خارجية زي المال أو الاعتراف.

يعني، إذا كنت أكتب مش عشان أحصل على إعجابات، بل عشان أحس إني أفضل من نفسي أمس وأساهم في التوعية، الافادة، التأثير، هيك الرغبة تصير أقوى وتستمر حتى في الأيام اللي المزاج مش تمام.

طيب، كيف نعمل هالربط عمليًا؟

من تجربتي ونصائح البعض —رح أذكر دراسة أو بالأصح نظرية اعتمدت عليها بعدين— أول شي أحب أركز عليه، هو أني أعطي نفسي احساس كوني أنا المتحكمة في مهامي مش الوسط أو المحيط (الأولياء، الأستاذ، المدير...)
يعني اذا درست ادرس لانو انا قررت أدرس، واذا مادرست انا اتحمل المسؤولية والعواقب.

فاعطائي شعور الاستقلالية لنفسي رح يخليني ملاحِظة أكثر ومهتمة أكثر وحريصة أكثر على الممارسة والمحاولة، وأكثر انتباهًا على انجازاتي

فإذا كنت ادرس لانو المدرسة تفرض علي أو اطبخ عشان أمي طلبت مني أو أنظف أو أيًا كان الفعل، مارح أكتسب اللذة من الانجاز بعد الانتهاء
بعكس مثلا إذا قررت اليوم أقوم أطوي الملابس بدون ماحدا يطلب مني، لما أخلص أنتبه للانجاز وأفخر به وبطبيعة الحال يرتفع الدوبامين وهذا هو الفرق الفعلي بين الشغف والادمان
بحيث الشغف يحدث لما أنتج شيء وأفرز الدوبامين
والادمان يحدث لما أستهلك شيء وأفرز الدوبامين

فإذا أنا أريد أحرك الدوبامين بطريقة صحية لازم أنتبه على تجنب كثرة الاستهلاك والتلقي والتركيز على القيام بالأفعال والعمل الشخصي

ورغم بديهية هذا الأمر إلا أنو أدركتو مؤخرًا فقط وصرت أحب أتحكم في أفعالي وقراراتي وأتحكم في مهامي اليومية وأكون مصدرها ومصدر أفعالي مش مدفوعة من طرف خارجي. عشان أحس فعلًا بكوني أنجزت شيء يذكر وألاحظه بنفسي وترتفع الرغبة

والحيلة اللي كلنا نعرفها ربما لكن أحب أذكرها عشاني بعتمد خصيصًا على نظرية (Self-Determination Theory) اللي طورها إدوارد ديسي وريتشارد رايان

واللي تشرح ماهية الأشياء أو المعنويات اللي تجعل الإنسان متحمس ويشعر بالرضا في حياته. بحيث تقول أنو البشر عندهم حاجات نفسية فطرية لازم يشبعوها عشان يزدهروا ويشعروا بالسعادة والدافعية الحقيقية.

وهيي الحاجات باختصار: الاستقلالية، الكفاءة، الارتباط

وأول فكرة "الاستقلالية" ذكرتها سابقا، أي أحسس نفسي بالتحكم والسيطرة عن رغباتي وقراراتي وأفعالي
وبهذه الطريقة أكون منتبهة أكثر لسيرورة عملي ودراستي ويومي كيف يمر

أما النقطة الثانية وهي الكفاءة تعني باختصار منح ذاتي الاحساس بالتطور والمهارة والنمو
بحيث أكون ذكية في ترتيب مهامي وأختارها من الأسهل للأصعب عشان أنتبه لتقدمي ونموي

وثالثًا، الارتباط

معناه أفكر في دور البيئة في دعم هالرغبة. مش فقط الطبيعة الداخلية، بل اللي حوالينا.

بصياغة أخرى، على قد ماأركز على اشعال الرغبة في نفسي، كذلك أهتم بتوسيع البيئة المحيطة وتحسينها عشان تحفز الانتجاز
لأنو المحيط الملائم يزيد فرص الاستمرار و بدل ما نحارب العشوائية نصمم بيئة منظمة تقلل من العشوائية بشكل غير مؤذي.

فبدون ماأعطي نفسي شعور مخزي بكوني معيبة لأني غير منظمة، أحيط نفسي بأشخاص منظمين يأثروا فيي و أستهلم منهم كيف أنظم بطريقة تلائم شخصيتي بدون ماأقارن بيني و بينهم

وأخلي مقياس التقدم يعتمد على مشاعري بدون الوقوع في فخ الأرقام. عشان لحد الان ماشفت أفضل من احساس الرضا وكميته اللي تخليني مدركة لكون هذا اليوم مثالي فعلًا أو لا

فأحيانا أسوي عدة أشياء وماأحس بالرضى، وأحيانا أسوي شي واحد وأكون فخورة بشكل عظيم

هنا أكيد شعوري له أسباب أقدر أحددها في تلك اللحظة مثل المثالية (تطبيقي للمهام كان احترافي/ فهمي احترافي/ حفظي احترافي..) فالجودة تغنيك عن الكمية

ولهذا أنصح جدا بتتبع التقدم العاطفي (زي الشعور بالرضا) بدل من الأرقام والكمية عشان تحافظوا على الدافعية بشكل طويل الأمد وتحموا أنفسكم من الإحباط لما النتائج الخارجية تتأخر حز88 اعجب11


وفي النهاية ادري تفلسفت كثير روزي5
—أصلًا خلاص تعبت واذا مانشرته اليوم مارح أنشره أبدًا— أعتقد ان الهدف من السعي والهدف من الاجتهاد والهدف من المثابرة والانجاز هو: فهم طبيعتنا وخصوصياتنا وسلوكنا وعيوبنا ومحاسننا، وبالنسبة لي هذه أكبر فائدة ممكن يتحصل عليها الانسان في حياته ض0 لأنو اللي يعرف نفسو جيدًا رح يكون واثق أكثر وثابت في خطاه وأقلل تأثرًا بضجيج العالم ووساوسه

وأحب أؤكد أنو مافي طريقة واحدة صالحة للجميع عشان تتعرف على نفسك وتعرف كيف تديرها عشان تنجز مش1
ومافي نظام مثالي يشتغل مع كل البشر وفجأة تلقاه موجود في مقال أو منشور مش1
ومافي شخص حياته بكاملها مثالية 100% سواء في السوشل ميديا أو الحياة الواقعية
وانما نحن نرى الجانب فقط الذي يريدون منا أن نراه

فيمكن تكون مزاجي، عشوائي، مش منضبط بالمعنى الحرفي... مع هذا عادي جدًا.

المهم إنك تلاقي طريقتك إنت، اللي تخليك تحس إنك مرتاح ومطمئن في المحاولة والسعي ش1ق10.

فإذا قريت هالموضوع ولقيت نفسك في سطر أو فقرة، أو حتى لو مالقيت حالك أبدًا وحسيتو مجرد كلام نظري لا صلة بالواقع... أكيد في معلومات أخرى موجودة في مكان ثاني رح تفيدك وتمثلك وتوصفك

لهذا خليك فضولي. جرب، اكتشف، اخطئ، تعلم.

لأنو الإنجاز الحقيقي مش في أننا نوصل، بل في أننا نستمر في المحاولة.

وإذا اليوم ماسوينا شي "منتج" بنظر المجتمع، مع هذا حسينا براحة، أو فهمنا أنفسنا أكثر، أو حتى جلسنا مع العائلة وانبسطنا... هاد كمان انجاز


So yes, the world may influence you, but never let anyone shape you into something you're not

اعجب2

 
التعديل الأخير:

MEG

‏لَا أُؤمن بالنُّدرة، أُؤمن بالوَفرة وأُؤمن بالعوَض وأُؤمن أنّ في الحياةِ سَعة
إنضم
23 فبراير 2023
رقم العضوية
13302
المشاركات
4,661
الحلول
1
مستوى التفاعل
17,331
النقاط
1,094
أوسمتــي
16
الإقامة
الجزَائر
توناتي
13,388
الجنس
أنثى
LV
3
 
متحمسة لأراءكم ونصائحكم سالي2ستلتل2
 

المتواجدون في هذا الموضوع

المواضيع المتشابهة
كاتب الموضوع العنوان المنتدى الردود التاريخ
A S T E R الختم الذهبي الأمراض النفسية ،، حقيقة أم وهم ؟! المنتدى العام 20

المواضيع المتشابهة

أعلى أسفل