رواية جديدة الصفحة الأخيرة | The Last Page (نفسية) (2 زائر)


إنضم
19 مارس 2020
رقم العضوية
10854
المشاركات
53
مستوى التفاعل
186
النقاط
229
أوسمتــي
1
العمر
22
توناتي
520
الجنس
ذكر
LV
0
 
الصفحة الأخيرة | The Last Page
النوع: رعب نفسي / إثارة
النبرة: قاتمة، خانقة، ومضطربة الذهن، مع هبوط بطيء نحو الجنون

الإعداد:
- شقة متداعية في مدينة تشتهر بفنانيها الذين يعانون من الضغوط
- مكتبة غامضة يعثر فيها البطل على السيناريو
- واقع البطل الذي يزداد غرابة وكابوسية

الشخصية الرئيسية:
دانييل ميرسر
العمر: 38 عامًا
المهنة: كان سيناريستًا ناجحًا نال استحسان النقاد، لكنه تحول الآن إلى شخص منسي يعيش في الظل.

القصة الخلفية:
كتب سيناريو واحدًا رائعًا في العشرينات من عمره، مما جعله نجمًا صاعدًا. لكن بعد خسارة مأساوية (وفاة خطيبته في ظروف غامضة)، وقع في الاكتئاب والتدمير الذاتي وشلل إبداعي.
لم يكتب سيناريو ناجحًا منذ أكثر من عقد.
يعاني من إدمان الكحول والأرق، ويطارده شعور بأنه وصل إلى ذروته مبكرًا.

الشخصية:
ذكي وسريع البديهة لكنه ساخر، يتمتع بخفة ظل ساخرة ومتحاملة على الذات.
يشعر بعدم الأمان بشكل عميق — ويظن دائمًا أنه محتال.
مهووس بالعودة إلى الأضواء لكنه مرتعب من الفشل مرة أخرى.

الدافع:
يريد أن يثبت لنفسه (ولصناعة السينما) أنه ما زال كاتبًا عظيمًا.
يشعر أنه إذا لم يكتب تحفة فنية الآن، فسوف يختفي إلى الأبد.



at_172259249108142.png
بنتنازل برضه عشان البداية حلوة
تم الختم
3\4\2025

S a n d r a

-

الفصل الأول : الأسم المنسي


ذاب الجليد في كأس دانييل ميرسر، مخففاً الويسكي الرخيص الذي لم يعد يميز طعمه. لم يهتم. أفرغ الكأس وأشار للنادل طالباً أخرى. لم يعرف الرجل الضخم ذو الوجه المتعب من يكون دانييل، تماماً مثل الجميع.

على شاشة التلفاز المعلقة، ظهر وجه شاب متوهج بالنجاح. كاتب سيناريو في الثلاثين من عمره يتحدث عن فيلمه الأول "المبهر". كانت تلك نفس الكلمات التي قيلت عن دانييل ذات يوم، عندما كان هو نفسه الطفل المعجزة في هوليوود. الآن، حتى ذكرى اسمه قد تبخرت.

مرر يداً مرتعشة في شعره الأشعث. قبل عقد من الزمان، كتب عملاً غير حياته. تنافست الاستوديوهات عليه، ووصفته الصحف بأنه "صوت جيل". ثم جاء التدهور البطيء. سيناريوهاته التالية قوبلت بفتور، ثم بالإهمال، ثم بالنسيان التام. توقفت المكالمات، ألغيت المواعيد، ثم جاء موت أليسون ليكسر ما تبقى منه.

التقط الكأس مرة أخرى، محدقاً في السائل الكهرماني. *كيف وصلت إلى هنا؟*

"هل ستدفع ثمن هذا؟"

رفع دانييل عينيه ليجد النادل يتطلع إليه ببرود. أخرج ورقة نقدية مكرمشة وألقاها على الطاولة دون كلمة.

عندما التفت مجدداً إلى الشاشة، رأى الاسم يلمع بفخر: *إيثان فانس - موهبة هوليوود اللامعة!*

شعر وكأن سكيناً ينغرز في أحشائه. أفرغ الكأس دفعة واحدة، التقط معطفه البالي، واندفع إلى شوارع الليل الباردة.

---

كانت المدينة أكثر قسوة هذه الليلة. أمطار خفيفة تلطم الرصيف، وتحول انعكاسات النيون إلى لوحة سريالية. مشى دانييل بلا اتجاه، تنفساته تتكثف في الهواء الرطب. كان بحاجة للحركة، لأي شيء يبعده عن أفكاره التي تدور حول الفشل والنسيان.

لم ينتبه عندما وجد نفسه في زقاق مظلم لم يره من قبل. رائحة غريبة في الهواء - رائحة ورق قديم وعفن. ثم ظهرت له فجأة.

مكتبة.

باب خشبي متآكل، لافتة بالية تكاد تكون غير مقروءة: *مكتبة جايدون*. شيء ما في المكان جعله يتوقف. شعور غريب بأن هذا المكان... *لا ينبغي أن يكون هنا*.

لكن شيئاً آخر جذبه. دفع الباب ببطء.

---

رن جرس صغير عند دخوله. غمره هواء ثقيل مشبع برائحة الكتب العتيقة. كانت الإضاءة خافتة، تاركة الظلال تتلاعب بين رفوف عالية مكدسة بمجلدات يبدو أنها لم تمس منذ عقود.

وراء المنضدة وقف رجل أشبه بشبح. عيناه الصفراوتان تتبعان كل حركة له دون أن ترمش. لم يقدم تحية، لم ينبس بكلمة.

بدأ دانييل يتجول بين الرفوف، يداه ترتعشان وهو يمرر أصابعه على العناوين البالية. ثم، كما لو كان مقدراً، عثر عليها.

ليس كتاباً. مخطوطة سيناريو.

غلاف أسود باهت، وعليه كلمتان بالفضي البارد:

*سيناريو الجوع*.

أحس بوخز غريب في عموده الفقري. عندما فتح الصفحات، لاحظ شيئاً غريباً - الحبر بدا جديداً رغم قدم الورق. والأغرب أن الأسلوب... كان أشبه بصوته هو.

"هذا العمل خاص."

رفع دانييل عينيه فجأة. البائع كان يحدق به الآن بشبه ابتسامة.

"إنه يختار من يقرؤه،" همس الرجل بصوت أجش. "ومن يختارهم... لا يتركهم أبداً."

---

جف حلق دانييل. كان عليه أن يترك السيناريو ويغادر هذا المكان الغريب. لكن شيئاً ما جعله يقلب الصفحات بلهفة. كل مشهد، كل جملة، كانت كأنها تسرق أفكاره الأعمق.

ثم وصل إلى الصفحة الأخيرة. كانت فارغة إلا جملة واحدة:

*أنت تعرف كيف سينتهي هذا.*

لحظة من الدوار. عندما رفع عينيه مجدداً، كانت الجملة قد اختفت.

"هذا أصبح ملكك الآن،" قال البائع بابتسامة لا تصل إلى عينيه.

"لكن... لماذا؟"

"لأنه كان لك منذ البداية."

أحكم دانييل قبضته على المخطوطة وخرج مسرعاً. الهواء البارد صفعه في الوجه. عندما التفت، لم يجد سوى جداراً متسخاً.

المكتبة... قد اختفت.

---

وقف دانييل متجمداً على الرصيف الزلق تحت المطر، ممسكاً بالمخطوطة بقوة. أنفاسه كانت قصيرة متقطعة، تتكثف في الهواء البارد كأشباح تتبخر. المكتبة قد اختفت تماماً - لا باب، لا لافتة، مجرد حائط صلب حيث كان المدخل قبل لحظات.

مرر يده المرتعشة في شعره الرطب، وهو يتمتم بصوت خافت: "يا إلهي."

نظر إلى أسفل حيث "سيناريو الجوع" بين يديه. شعر بثقل غريب، كأن شيئاً بداخله يضغط للخارج. رغم القبضة الباردة التي انقبضت حول معدته، أدار ظهره للمكان الفارغ واتجه نحو شقته، والمخطوطة تحترق بجانبه مع كل خطوة، كجمرة لا تنطفئ.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

إنضم
19 مارس 2020
رقم العضوية
10854
المشاركات
53
مستوى التفاعل
186
النقاط
229
أوسمتــي
1
العمر
22
توناتي
520
الجنس
ذكر
LV
0
 
at_172259249108142.png

3moory

الفصل الثاني: الحبر والدم

---​


أغلق دانييل باب شقته خلفه بضجةٍ أصداؤها تبدو مفرطة في صمت الليل. كان ثقل الساعات المتأخرة لا يزال عالقاً به—المطر على معطفه، الإرهاق في عظامه—لكن أصابعه ظلت منقبضة حول "سيناريو الجوع"، ممسكةً به بقوةٍ أكبر مما ينبغي.

ألقى مفاتيحه على المنضدة، خلع معطفه الرطب، وتوجّه إلى مكتبه. كانت الشقة معتمة، لا ينيرها سوى الوهج المتقطع لضوء نيون خارج النافذة. جلس، يزفر ببطء بينما يضع السيناريو أمامه.

كان الغطاء ناعماً تحت أنامله، لكن شيئاً ما في ملمسه بدا... غير طبيعي. ليس جلداً، ولا ورقاً تماماً. مرّر إبهامه فوق الحروف الفضية البارزة:

*سيناريو الجوع*.

*"إنه يجد من يحتاجه."*
*"ولا يتركهم أبداً."*

زحفت كلمات البائع مرة أخرى إلى عقله، مُرسلةً برودةً شائكةً على طول عموده الفقري. كان عليه أن يتركه هناك. كان عليه أن يبتعد.

لكنه لم يفعل.

بدلاً من ذلك، فتحه.

كانت الصفحة الأولى حادة، المشهد الافتتاحي غريباً بوضوحه—حانةٌ خافتة الإضاءة، شخصان يتناقشان. كان الحوار مكثفاً، مشحوناً بالتوتر. بدا كشيءٍ كان سيكتبه هو بنفسه. في الواقع، الصوت، الأسلوب... كانا مألوفين بشكلٍ مُقلق.

احتبست أنفاسه بينما يقلب الصفحة.

تغير السيناريو.

لم تكن الكلمات تذوب تماماً، لكنها... تغيرت. كما لو كانت تتكيف، تُحاذي نفسها مع نظراته. كلما قرأ أكثر، كلما شعر أن القصة تتحرك، تلتف حول نفسها لتصبح شيئاً مختلفاً.

نبض قلبه يتسارع. أغمض عينيه بقوة، فركهما.

عندما نظر مرة أخرى، كان النص كما كان بالضبط.

أطلق زفيراً، هز رأسه. *تماسك يا ميرسر.*

دفع نفسه بعيداً عن المكتب، مروراً بيده على وجهه. كان يحتاج إلى النوم. سيتعامل مع هذا في الصباح، عندما لا يكون عقله غارقاً في الكحول والإرهاق.

أغلق السيناريو وعبر الغرفة إلى سريره، بالكاد يكلف نفسه عناء خلع حذائه قبل أن ينهار على الفراش. جسده يتألم، جفناه ثقيلان.

ساد الصمت الشقة.

ثم—

همسة.

هادئة. بالكاد على حافة السمع.

احتبست أنفاسه. استلقى بلا حراك، قلبه يخفق، يصغي بكل قوته. كان الهواء ثقيلاً، بلا حراك.

همسة أخرى. أقرب هذه المرة.

السيناريو.

كان الصوت قادماً من السيناريو.

تفتحت عينا دانييل على اتساعهما، نبضه يدوي في أذنيه. أدار رأسه نحو المكتب. كان السيناريو حيث تركه، لم يُمس.

لكن الصفحات كانت تتحرك.

تتقلب.

من تلقاء نفسها.

---

استيقظ دانييل على ثقل شيءٍ ما يضغط على صدره. ليس يداً، ليس حضوراً—شيء أعمق. إحساس. ضغط.

كان جسده متألماً، أطرافه ثقيلة بينما يتحرك، رأسه ينبض كأنه لم ينم أبداً. كانت الغرفة معتمة، ضوء الصباح يتسرب بخفة من خلال الستائر. أطلق زفيراً ومرر يده على وجهه.

حينها رأى ذلك.

الحبر.

بقع سوداء تلطخ أنامله، تنتشر على تجاعيد كفيه، خطوط داكنة تتسلل حتى ساعديه. تسارع نبضه. نهض بسرعة، انزلق الغطاء عن كتفيه. كان كرسي المكتب منحرفاً، أوراق متناثرة على الأرض.

وكان "سيناريو الجوع" مفتوحاً.

أدار دانييل ساقيه عن جانب السرير، قلبه يخفق بينما يتمايل نحو المكتب. كانت الصفحات قد تغيرت.

كانت هناك كلمات جديدة.

مشاهد جديدة.

خط يده، المائل الدقيق، يملأ المساحات الفارغة سابقاً. حوارٌ مشحون. أوصافٌ تتنفس. فصل جديد أُضيف—واحد لا يتذكر كتابته.

لكن الحبر كان لا يزال طازجاً.

التويت معدته. لمس الصفحات، يشعر بلزوجة الحبر الذي لم يجف تماماً.

هل فعل هذا؟ هل هو—

تحولت عيناه إلى حاسوبه المحمول، لا يزال مغلقاً. لا ملف رقمي. لا تواريخ. فقط هذا. فقط السيناريو.

شعر بضيق في حلقه. قلب خلال المشاهد الجديدة. كانت القصة قد تقدمت، لكن ليس بالطريقة التي كان سيتوقعها. تحركت الشخصيات بهدف لم يعطه إياها، تتحدث بإيقاعٍ يشبه تقريباً... الاستقلال.

ثم رأى السطر.

في أسفل الصفحة الأخيرة، مكتوباً بخطٍ متعرج غير متساوٍ:

*"لا يمكنك التوقف الآن."*

شهق دانييل، قشعريرة باردة تجري في عموده الفقري. شعر الحبر على أصابعه بثقلٍ أكبر، كأنه تسلل إلى جلده.

شيء ما كان يحدث.

شيء لا يستطيع تفسيره.

وفي أعماق عظامه، شعر به—

جوعٌ لمواصلة الكتابة.

---

بلع دانييل ريقه ضد الضيق في حلقه. كان ثقل السيناريو يضغط عليه، ثقيلاً بشيءٍ غير مرئي. الكلمات الجديدة—تلك التي لا يتذكر كتابتها—حدقت به، تنتظر.

ارتجفت أصابعه بينما يقلب صفحة أخرى. كان الورق غريباً، أنعم من قبل، لكنه حاد الحواف بشكلٍ مقلق. قلب بسرعة كبيرة.

لسعة.

تأوه، سحب يده بعيداً. خط رفيع أحمر ظهر على طرف إصبعه السبابة. كان الألم حاداً لكنه عابر، كافٍ فقط لإرسال قطرة دم صغيرة تظهر على السطح.

سقطت قطرة واحدة.

سقطت على الصفحة، تضرب البياض الناصع كالحبر.

احتبست أنفاس دانييل. لم تنتشر القطرة كما ينبغي. لم تتراكم، لم تلطخ. بدلاً من ذلك، غاصت—ممتصة في الورق كما لو أن السيناريو نفسه يشربها.

ثم تغيرت الكلمات.

ينزف الحبر، يتحرك، يعيد ترتيب نفسه. أمام عينيه مباشرةً.

ترنح دانييل للخلف، يصطدم بالمكتب. كان قلبه يدق في أذنيه بينما يشاهد الحروف تموج، تعيد تشكيل نفسها—حتى أصبحت الكلمات التي تحدق به لم تعد مجرد قصة.

كانت حياته.

ذكرياته.

ملتوية. مشوهة.

المشهد الأول—حانة. ليست أي حانة. الحانة. تلك التي كان فيها الليلة الماضية. هو، جالساً وحيداً، يغرق في الكحول. لكن شيئاً ما كان خاطئاً. التفاصيل كانت منحرفة قليلاً. وجه النادل كان غائراً، عيناه حفرتان سوداوان. الكحول في كأس دانييل لم يكن كهرمانياً—كان كثيفاً، داكناً، أحمر.

كانت أنفاس دانييل متقطعة بينما يقلب الصفحة.

مشهد آخر.

أليسون.

خطيبته. صورتها، مرسومة بكلمات لم يكتبها هو. لكنها لم تكن كما يتذكر. في السيناريو، لم تكن دافئة، لم تكن حية. كان جلدها رمادياً، شفتاها مفتوحتان في صرخة صامتة. يدان تمتدان نحوه، الأصابع متكدمة ومكسورة.

أغلق دانييل السيناريو بعنف.

شعر الغرفة بأنها صغيرة جداً، الهواء ثقيل جداً. كان نبضه يدق في جمجمته.

تغيرت الكلمات. عرفه السيناريو.

والأسوأ من ذلك—

أنه كان لا يزال جائعاً.

---

دفع دانييل "سيناريو الجوع" بعيداً عنه، أنفاسه سطحية، جلده بارد من العرق. كانت الصفحات هناك، ساكنة وصامتة، لكنه استطاع الشعور به—ثقل شيءٍ ما يراقب.

كان يحتاج إلى هواء. يحتاج إلى تصفية رأسه.

ابتعد عن المكتب، أمسك سترته واندفع خارج شقته، تاركاً السيناريو خلفه.

بحلول وصوله إلى المقهى عند الزاوية، كانت يداه قد توقفت عن الارتجاف. كان المكان شبه فارغ، بضعة وجوه متعبة تحتسي القهوة في صمت. طلب دانييل قهوة سوداء، عقله لا يزال متشابكاً في المستحيل. الكلمات التي تتغير. ذكرياته على الصفحة. الدم.

جلس، يمرر يده في شعره. ربما كان يفقد عقله. ربما الضغط، الشرب، سنوات الفشل—ربما وصلت إليه أخيراً.

ارتجفت أصابعه بينما يمد يده إلى هاتفه. الأخبار. كان يحتاج إلى شيءٍ طبيعي.

تصفح بلا تركيز حتى جذب عنوانٌ انتباهه.

**"عُثر على كاتب سيناريو محلي ميتاً في شقته"**

التويت معدته. نقر على المقال.

إيثان فانس، موهبة هوليوود الصاعدة، عُثر عليه ميتاً في منزله الليلة الماضية. تشتبه السلطات في حادث مأساوي، رغم أن التفاصيل لا تزال غير واضحة. فانس، المعروف بسيناريوهه الرائد، كان في بداية مسيرته...

توقف دانييل عن القراءة. تحولت أصابعه إلى جليد.

عرف ذلك الاسم. إيثان فانس.

كاتب السيناريو الشاب. ذلك الذي رآه على التلفاز الليلة الماضية. ذلك الذي كان يُنادى بأنه النجم القادم لهوليوود.

شعورٌ مريض يتحرك في أحشائه.

ببطء، مد يده إلى جيب سترته، حيث ألقى ببعض الصفحات المتكومة من "سيناريو الجوع" قبل مغادرته. كانت يداه ترتجفان بينما يفكها.

هناك كان. مشهد جديد لم يلاحظه من قبل. رجل، كاتب، وحيد في شقته. كانت التفاصيل غامضة في البداية، لكن بينما يمسح السطور، انتهى المشهد بموت الكاتب.

حادث، كما كتب. جثته التي عُثر عليها متأخراً.

دوى نبض دانييل في أذنيه.

كان السيناريو قد كتب هذا. قبل أن يحدث.

أسقط الصفحات كأنها تحرق جلده. كانت أنفاسه سريعة، متقطعة.

لم تعد هذه مجرد قصة بعد الآن.

كانت شيئاً آخر.

شيئاً حقيقياً.

ولم تنتهِ بعد.

---

ارتجفت يدا دانييل بينما يكور الصفحات، أنفاسه متقطعة. اختفى المقهى حوله في الخلفية—أصوات مكتومة، قرقعة فناجين، همهمة حركة بعيدة. لا شيء منها مهم.

كان السيناريو قد كتب موت إيثان فانس قبل حدوثه.

كان هذا مستحيلاً.

لا بد أنه صدفة. صدفة قاسية، مريضة.

لكن دانييل لم يستطع التخلص من الشعور الذي يزحف تحت جلده، همسة في مؤخرة عقله، معرفة لا يريد الاعتراف بها.

كان يحتاج إلى التخلص منه.

عائداً إلى شقته، كان "سيناريو الجوع" حيث تركه، ينتظر. شعر الهواء حوله بالخطأ، أثقل بطريقة ما، كأن ثقل حضور غير مرئي يضغط على الغرفة.

لم يتردد دانييل. أمسك المخطوطة، قبضته بيضاء من شدة القبض، واندفع إلى المطبخ.

أشعل الموقد.

اشتعلت النار، تلقي ضوءاً برتقالياً متمايلاً على المنضدة. دون تفكير، دفع السيناريو نحوها، حواف الصفحات تتجعد نحو الحرارة.

لكنها لم تشتعل.

أمسكها هناك، أقرب—قريباً جداً لدرجة أن الحرارة أحرقت أنامله. لم تُظلم الصفحات حتى. لا دخان، لا احتراق. رفض السيناريو الاحتراق.

كانت أنفاس دانييل حادة وغير منتظمة. تخلّص عقله من خيار آخر. المغسلة. الماء. فتح الصنبور على أقصى درجة ودفع السيناريو تحته.

بقيت الصفحات جافة.

لا قطرة ماء علقت بالورق. انزلقت كما لو كانت تتنافر. السيناريو—المستحيل، غير الطبيعي—لا يمكن تدميره.

دق قلبه. ضاق حلقه.

ثم، من خلفه—

همسة.

هادئة في البداية، بالكاد موجودة، ترتفع بما يكفي لتزحف إلى أذنيه. صوت لا يستطيع تمييزه تماماً. صوتٌ أرسل جليداً في عروقه.

استدار دانييل.

لا أحد.

فقط الوهج الخافت لشقته، الفراغ يضغط.

ببطء، عاد إلى "سيناريو الجوع".

ظهرت رسالة جديدة.

الصفحة الأخيرة—الفارغة قبل ساعات—تحمل الآن سطراً واحداً بحبر أسود مثالي:

*"أنت تعرف كيف سينتهي هذا."*

احتبست أنفاس دانييل. تشوشت رؤيته عند الحواف، أفكاره تتفتت.

كان عليه أن يبتعد. كان عليه أن يتركه.

لكنه لم يفعل.

ارتجفت أصابعه، تقلب الصفحات إلى البداية.

ثم، رغم الخوف الذي يتسلق عموده الفقري—

استمر في القراءة.


واستمر في الكتابة.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

إنضم
10 أبريل 2025
رقم العضوية
14710
المشاركات
50
مستوى التفاعل
134
النقاط
6
توناتي
0
الجنس
أنثى
LV
0
 
السلامُ عليكم
كيف حالك ؟
توني اشوف الصراحة حسابِك
بما اني جديدة على المُنتدى وشفت كتاباتك
ورواياتكٍ واقصى ما اقدر اقولُ هو ابداع!
حرفيا كُوني زيك بدأتُ بكتابة الروايات على
المُنتدى افهم صعُوبة انتاج فصل مُتكامل
من ناحية الاملاء والبلاَغة وغيرها من الضبط وحتى
الافكَار ما شاء الله! عندِك رصِيد فكري جبار
تونِي مو مستوعبة التنسيق بين الافكار وكيف دخلتِنَا
اجوائكِ واحاسيسكِ . ارجوك استمر عشَان صحتِي
العقلية مو قَادرة اتخطَى! الهمتِيني في الكتابة
وأسلوبكِ مره متخطي مرحلة الابداع
حبيت كِيف الشخصيات متناسقة مع الاحدَاث
وكيف دمجت الكحولِيات بطريقة بسيطة عشان
المُراهقين!!
ابقَ دايما على هذا المُستوى لا تعليق عليه لانكَ
تخطيتَ مجَال الابداع تستاهل روايتك تكُون
توب ون ❤️❤️
مع السلامة
 

إنضم
19 مارس 2020
رقم العضوية
10854
المشاركات
53
مستوى التفاعل
186
النقاط
229
أوسمتــي
1
العمر
22
توناتي
520
الجنس
ذكر
LV
0
 
@shincoluv,
ازيك؟ ان شاء الله بألف خير
نورتيني بمرورك علي الفصول وكلماتك اسعدتني..
شرف لي اني اكون إلهام لشخص
ان شاء الله فيه استمرار بالقصة اجهز الفصول عشان تكون بأفضل شكل

منتظر ابدعاتك بالأقسام *توضيح بسيط : انا ولد*
 

إنضم
19 مارس 2020
رقم العضوية
10854
المشاركات
53
مستوى التفاعل
186
النقاط
229
أوسمتــي
1
العمر
22
توناتي
520
الجنس
ذكر
LV
0
 
at_172259249108142.png

3moory

الفصل الثالث: خيوط الدمية

حدق في السطر، الحبر لا يزال رطبًا، والحروف بدأت تتلطخ قليلًا تحت إبهامه. ارتجفت يده. أغلق النص ودفعه على سطح المكتب، نصف متوقع أن يعود إليه زاحفًا كأنه كائن حي. لكنه لم يفعل.

شعر أن الشقة أصبحت أكثر برودة. الظلال في زوايا السقف بدت أعمق من قبل. وقف دانيال، لا يعرف ماذا يفعل بعد ذلك، وتوجه نحو النافذة، وجذب الستارة قليلًا. في الخارج، السماء لا تزال مظلمة، الصباح يتشبث بأطراف الليل. وفي البعيد، كان صوت شاحنة نفايات يئن.

لم يعرف لماذا جلس مجددًا. لم يكن يريد لمسه مرة أخرى. ومع ذلك، امتدت يداه نحوه كأنها ليست له. تسلل القلم إلى قبضته دون مقاومة.

"فقط صفحة واحدة"، قال لنفسه. "مشهد واحد بريء".

أتت الكلمات بسهولة—بسهولة زائدة. مقهى. زاوية هادئة، مغبرة. كان مارتن فايل، وكيله السابق، يجلس أمام دانيال—الرجل الذي كان قد نعته ذات مرة بـ "كلب الصيد الفائز" لقدرته على شم النصوص الناجحة.

لم يتحدث مع مارتن منذ ما يقارب أربع سنوات، منذ الجنازة. كانت كلماتهما الأخيرة حادة ونهائية. لكنه الآن… ها هو—في النص.

مارتن:

"تبدو وكأنك مررت بالجحيم."

دانيال:

"لست مخطئًا. ظننت أنك انتهيت مني."

مارتن:

"كنت كذلك. وربما ما زلت. لكن شيئًا ما أخبرني أنك بحاجة إلى صديق."

توقف عن الكتابة. الجملة الأخيرة—ليست له. ليس تمامًا. ظهرت بين طرفة عين وأخرى. نظر إلى الساعة. قرابة الظهيرة.

وضع دانيال القلم جانبًا. "يكفي"، تمتم، دافعًا النص بعيدًا.

ثم اهتز هاتفه.

حدق فيه، مترددًا. رقم غير معروف. فكر لوهلة في تجاهله. لكن شيئًا في داخله—فضول مريض يبعث على الغثيان—دفعه للرد.

"مرحبًا؟"

صمت. ثم صوت من الماضي: ناعم، احترافي، فيه لمسة مسرحية في كل مقطع.

"داني؟" كان الصوت لا يُخطئ. "أنا مارتن. مارتن فايل."

جف حلق دانيال. "هل تمزح؟"

"أنا... أعلم أن هذا غريب. لكني استيقظت أفكر بك. لم أفعل ذلك منذ سنوات، لكن... شيء ما أخبرني أنك بحاجة إلى صديق."

نفس الكلمات تمامًا.

كادت ركبتا دانيال أن تنهارا. أمسك بالطاولة.

"هل أنت هناك؟" سأل مارتن.

أجبر دانيال الكلمات على الخروج. "نعم. أنا هنا."

"لنلتقِ. قهوة؟ نفس المكان كالعادة؟ ذاك المقهى في كامدن؟"

أومأ دانيال، ناسياً أن مارتن لا يمكنه رؤيته. "طبعًا. سأكون هناك."

ضحك مارتن، ضحكة دافئة ومألوفة. "جيد. أنا في طريقي بالفعل."

وانقطع الخط.

جلس دانيال بلا حراك، يده لا تزال قابضة على الهاتف. النص بجانبه على الطاولة، صفحاته ساكنة، بريئة.

لكنه بات يعرف الحقيقة.

أخذ معطفه. في الخارج، كانت الشمس قد طلعت—لكن البرودة لم تتبدد. مشى بسرعة، رأسه منخفض، محاولًا تجاهل الإحساس بأن كل لحظة عاشها كانت مكتوبة مسبقًا.

مر بالشوارع مسرعًا—ممرات عبور، لافتات، رائحة البن المحمص من المقاهي التي مر بها—كلها بدت أكثر وضوحًا، أكثر حدة. ظل يتذكر السطور التي كتبها في النص: صوت مارتن، المقصورة، وحتى زاوية الضوء المتسلل عبر نوافذ المقهى.

وصل إلى كامدن. لافتة النيون القديمة للمقهى لا تزال تومض كما كانت، تلقي وهجًا ورديًا على الرصيف. ذا هانيكَب. لا يزال مفتوحًا بعد كل تلك السنين.

في الداخل، كان كما يتذكره تمامًا.

أو هكذا ظن.

كان مارتن جالسًا بالفعل في الزاوية، تمامًا كما في النص. شعره أشيب أكثر، لكن كل شيء آخر كما هو—المعطف الكامِل، نفس الابتسامة الواثقة. قهوة جاهزة بانتظاره.

"تبدو وكأنك مررت بالجحيم"، قال مارتن.

توقف دانيال. "لست مخطئًا."

رفع مارتن كوبه، وارتشف منه دون أن يزيح نظره. "كنت قد انتهيت منك. وربما ما زلت. لكن شيئًا ما أخبرني أنك بحاجة إلى صديق."

كل كلمة طابقت النص.

جلس دانيال، وأصابعه ترتعش قليلًا وهو يمسك بكوب القهوة الذي وضعته النادلة أمامه دون أن يطلب. حدق في ظهرها وهي تبتعد. كان لديها وشم لفراشة ليلية على معصمها. كان يعلم أنها ستملك واحدًا. لقد كتب ذلك.

"ما زلت تكتب؟" سأل مارتن.

هز دانيال كتفيه. "أحاول."

قال مارتن وهو يقترب قليلاً، "ربما هذه فرصتك. دفعة أخيرة. شرارة أخيرة في السماء."

رنّ صدى العبارة في أذنه. تذكر أنه كتبها—لكن لا يعرف متى. لم تكن في المشهد الأخير. هل كانت منذ سنوات؟

تحدثا لمدة خمس عشرة دقيقة، ربما عشرين. اكتفى دانيال أغلب الوقت بالإيماء. كان مشغولًا جدًا بمراقبة المكان. كيف يعكس الضوء المرآة على الجدار الخلفي. الشق الصغير في النافذة المجاورة للمقصورة. صندوق الموسيقى القديم الذي لطالما كان مكسورًا—لكنه الآن يضيء بهدوء، ويعزف Something in the Way لفرقة نيرفانا.

تلك الأغنية لم تكن موجودة حين كان يأتي إلى هنا مع مارتن.

حين وقفوا للمغادرة، نظر دانيال إلى الخلف. رجل مسن بمعطف أخضر يقرأ صحيفة بتاريخ لم يأتِ بعد. عدد الغد. رمش بعينيه—فاختفى المشهد.

في الخارج، ربت مارتن على كتفه. "أأنت بخير؟"

أومأ دانيال. "نعم. شكرًا لأنك أتيت."

ابتسم مارتن. "لم أقرر المجيء. شيء ما دفعني."

استدار ومشى، ذائبًا في الزحام.

تجمد دانيال في مكانه، وأصوات الشارع بدأت تلتوي حوله. كلما وقف أكثر، كلما بدأت الأشياء تصبح أكثر غرابة.

كان يتذكر أن المقهى يحتوي على مقاعد خضراء—وليست حمراء. مروحة سقف، لا ثريا. ألم يكن مارتن مصابًا بالحساسية من القرفة؟ لماذا كان يحتسي شايًا بنكهة القرفة؟

فتح النص مجددًا. على الصفحة الأخيرة التي كتبها صباح ذلك اليوم، ظهرت جملة جديدة بالحبر الأسود.

"الذكريات تنحني بسهولة أكثر من الزمن."

ارتجفت يداه. نظر إلى لافتة الشارع—كامدن—حتى الحروف بدت مختلفة قليلًا... غريبة.

استدار وابتعد عن المقهى بخطى سريعة، حاضنًا النص تحت معطفه. الهواء بدا ساكنًا أكثر من اللازم، المدينة صامتة بين الأصوات. كأن كل شيء تجمد للحظة، ليفسح المجال لشيء يتسرب من بين الشقوق.

وعند الزاوية التالية، رآها.

امرأة ترتدي وشاحًا أحمر، تدفع عربة طفل—تمامًا كما كتبها في مشهد خلفي قبل ثلاث ليالٍ. كان من المفترض أن تعبر أمام بطله أثناء جداله مع محقق في الشارع.

نفس الوشاح. نفس المعطف الذي ينقصه زر. نفس طلاء الأظافر المتقشر.

توقف في مكانه، قلبه يدق بقوة.

مرت من جانبه دون أن تلاحظه.

تابع سيره.

بعد بلوك واحد، عند كشك الزهور خارج الكنيسة القديمة، مر رجل يعرج—طويل، شاحب، بمشية غير متزنة. شخصية كتبها بشكل عابر في الفصل الثالث. رجل يعرج يقف في ظل الزقاق، غير ملاحظ، غير مرئي.

لكنه لم يكن غير مرئي الآن. التفت وحدّق في دانيال. عيناه باردتان. مدركتان.

عبر دانيال الشارع.
وصل إلى الحديقة وجلس على أقرب مقعد، محاولًا أن يلتقط أنفاسه.

إنها مصادفة. لقد رأيت هؤلاء الناس من قبل. المدينة كبيرة.

لكنّه رآى الولد.

صغير، لا يتجاوز السادسة. يمسك أرنبًا محشوًا، متّسخًا، وممزقًا، من أذنه. يرتدي سترة بغطاء رأس عليها شعار باتمان وجزمة صفراء. دانيال كتبه أيضًا—قبل صفحتين فقط. مشهد عابر للبهجة بين المشاهد. ولد في الخلفية، يضحك وهو يُسقِط لعبته.

توقف الولد أمامه.

الأرنب تدلى. أمال الولد رأسه. عيناه كانتا ساكنتين جدًا. مظلمتين جدًا.

"أنت لستَ منتهياً بعد." قال الولد.

ارتجف دانيال.

"ماذا قلت؟"

رمش الولد ببطء، ثم استدار وركض نحو طرف الحديقة، واختفى خلف مجموعة من أشجار البتولا.

نهض دانيال. "مهلاً—!"

أسرع خلفه، لكن عندما وصل إلى الأشجار، كان الطفل قد اختفى.

لم يتبقَّ سوى الأرنب المحشو ملقى على العشب.

مرتجفًا، انحنى دانيال والتقطه. كان رطبًا من العشب. حقيقيًا. ثقيلًا بالماء والتراب.

نظر حوله. لا طفل. لا آثار أقدام.

قلب الأرنب بين يديه—ورأى كلمات مكتوبة بالحبر على القماش خلف الأذن.

"توقف عن تغيير النص."

تراجع دانيال مذعورًا.

قبض على الأرنب بشدة بينما اجتاحته نسمة باردة عبر الأشجار، وارتفعت الأوراق في الهواء، تهمس بأصوات لا يمكن فهمها.

لم يركض. لم يصرخ.

فقط عاد إلى المنزل، ببطء، بجوف فارغ، والأرنب مدسوس في جيب معطفه.

كانت الشقة أبرد مما ينبغي. ألقى دانيال الأرنب المبلل على طاولة المطبخ وخلع معطفه بأصابع مرتعشة. قميصه كان مبللًا بالعرق. لم يتذكر أنه تعرّق.

النص كان لا يزال على المكتب، في مكانه تمامًا كما تركه.

لم يكن يريد لمسه.

توجه إلى الحوض بدلًا من ذلك، ورشّ وجهه بالماء. حدّق في المرآة فوقه—عيناه محمرّتان، بشرته شاحبة، لطخة خفيفة من الحبر على خده.

ثم رنّ هاتفه.

رنين حاد، بارد، كأن مشرط شقّ هدوء الشقة.

حدق فيه على الطاولة. رقم غير معروف.

الشاشة ومضت.

أجب.

لم تكن رسالة. ولا إشعار. الكلمات كانت فقط... هناك. على الشاشة. للحظة.

ثم اختفت.

الهاتف لا يزال يرن.

بيد مرتجفة، أجاب.

"...مرحبًا؟"

صمت.

ثم نفس، وصوت—أجش، مألوف قليلاً.

"دانيال...؟ هل ما زلت... تعمل عليه؟"

تجمد دمه.

"من هذا؟"

ضحك الصوت بخفة. "أنت حذفتني، تتذكر؟ أخرجتني من المشهد السابع عشر. قلت إنني فوضى زائدة."

انفرجت شفتا دانيال. "هذا ليس... أنت لستَ حقيقيًا."

قال الصوت: "كنت أحب النسخة التي وصلتُ فيها إلى الموتيل، تلك التي فيها ورق حائط أخضر والمطرقة خلف المرحاض. مؤسف أنك أعدت كتابتها."

تراجع دانيال ببطء حتى اصطدم ظهره بالثلاجة.

"هذا لا يحدث."

"ما زالت لدي حوارات،" همس الصوت. "أتذكرها كلها."

صمت.

ثم تغيّر الصوت. تشوّه.

"لا يمكنك محونا يا دانيال. نحن نبقى. كل المسودات."

وانقطع الاتصال.

تجمد دانيال في مكانه، وصوت نغمة الإغلاق يرنّ في الفراغ كأنه إنذار.

فتح سجل المكالمات.

لا شيء هناك. لا مكالمة فائتة. لا مكالمة واردة. لا رقم. لا أثر.

فقط شاشة صامتة.

أدار رأسه ببطء نحو النص على المكتب. غلاف الصفحة الأولى ارتفع قليلاً في نسمة هواء غير مرئية—مع أن النافذة كانت مغلقة.

اقترب.

وفتحه.

المشهد السابع عشر كان مختلفًا الآن.

الموتيل. ورق الحائط الأخضر. المطرقة خلف المرحاض.

وسطر واحد، أُضيف حديثًا، في أسفل الصفحة:

"يجيب على الهاتف. لم يكن عليه أن يفعل."

تراجع دانيال عن المكتب. ارتطمت ساقاه بحافة السرير، فجلس بقوة، وعيناه لا تزالان معلقتين على النص المفتوح.

"لم أكتب هذا،" همس.

لكن النص لم يهتم.

نهض بصعوبة، التقط المخطوط، وبدأ يقلب صفحاته بسرعة. الصفحات همست بين أصابعه. بعضها يتذكر كتابته—أو قراءته. والبعض الآخر كان غريبًا تمامًا.

المشهد الثالث والعشرون: امرأة في المترو، تهمس باسمه بلغة ميتة.

المشهد التاسع والعشرون: مرآة لا تعكس صورته.

المشهد الثاني والثلاثون: رسم لطفل لحبل مشنقة وعليه كلمة "أبي".

لم يكتب أيًا من ذلك.

ومع ذلك... بصماته كانت على الحبر. الحوارات تحمل إيقاعه. الهوامش بها ملاحظاته بخط يده. واحدة منها حتى بها بقعة قهوة من كوب أسقطه الليلة الماضية.

قلب الصفحة التالية وتجمد.

المشهد الثامن والثلاثون: الرجل ذو القبعة الخضراء.

الداخل – مقهى – نهار

يجلس دانيال في طاولة ركنية، يكتب. يدخل رجل ذو قبعة خضراء. يُدندن لحنًا قديمًا وبطيئًا. يرفع دانيال رأسه ويلتقي بعينيه. يبتسم الرجل. يغادر دون أن ينطق بكلمة.

أغلق دانيال النص بعنف.

"لا"، تمتم، يهز رأسه. "أنا لا أذهب إلى المقاهي بعد الآن."

وللتأكد فقط، لم يغادر الشقة لمدة يومين. فصل الكهرباء عن جهازه. تجاهل هاتفه. أكل حساءً معلبًا وحدّق في الجدران الفارغة.

وفي صباح اليوم الثالث، وجد إيصالًا على الأرض.

مقهى عند شارع فيفث وماركت.

التاريخ: البارحة.

الساعة: 3:17 مساءً.

الشراء: قهوة سوداء. طاولة الزاوية.

لم يكن يمشي أثناء نومه. لم يكن يفقد الوعي.

النص هو من يكتب دانيال.

أمسك بقلم أحمر وعاد إلى المشهد الثامن والثلاثين.

رسم علامة X ضخمة على الصفحة كلها. خربش فوقها بخطوط عنيفة.

ثم، للاحتياط، مزقها تمامًا ورماها في القمامة.

لكن عندما عاد إلى النص بعد عشرين دقيقة، كان المشهد الثامن والثلاثون لا يزال هناك.

سليمًا. في المنتصف. مكتوبًا بحبر أسود طازج.

والرجل ذو القبعة الخضراء؟


لا يزال يبتسم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

إنضم
19 مارس 2020
رقم العضوية
10854
المشاركات
53
مستوى التفاعل
186
النقاط
229
أوسمتــي
1
العمر
22
توناتي
520
الجنس
ذكر
LV
0
 
الفصل الرابع: إعادة الكتابة

كان دانيال يحدّق في النص وكأنه صفعه. الصفحة الممزقة كان يجب أن تختفي. لقد دمّرها—رآها تتكور في سلة المهملات. لكنها كانت هناك الآن، موصولة كما لو أنها طُبعت لتوّها. ليس بها حتى تجعيدة واحدة.

دحرج قلمه على سطح المكتب، فارتطم بالخشب مرة واحدة.

انتزعه، وقلب إلى مشهد سابق—المشهد العاشر. أول ظهور لإيثان فانس. أول موت تنبّأ به النص.

دائرة حمراء حول اسم إيثان، ثم شطبه. وكتب في الهامش:

لا يموت. نهاية المشهد مختلفة. يستيقظ من حلم.

أغلق النص. وانتظر. خمس دقائق. عشرة.

ثم فتحه من جديد.

اختفى الحبر الأحمر.

وعاد اسم إيثان كما كان، بلا مساس. الحوار كما هو، كلمة بكلمة. وملاحظة الحلم؟ تبخرت.

دق قلب دانيال في حلقه.

توجه إلى المشهد السادس عشر—قبر أليسون. في المسودة الأصلية، كتب دانيال نفسه وهو يسير بين القبور، متوقفًا عند شاهد قبرها. أما في نص الجوع، فقد تغيّر المشهد. كان القبر مفتوحًا. فارغًا.

جرب مرة أخرى.

القبر ممتلئ. لا جثة مفقودة. مجرد حزن. لا أكثر.

وضع خطين تحته. خربشه مرتين للتأكيد.

ابتعد. أخذ حمامًا. لم ينظر خلفه.

وعندما عاد، كان النص مفتوحًا على نفس المشهد.

لكن التعديلات اختفت.

وظهرت الآن جملة جديدة—مكتوبة بدقة، على الهامش السفلي:

"توقّف عن الكذب على نفسك."

تراجع دانيال عن المكتب، لا يزال النص يهمس في محيط رؤيته. ليس بصوت، بل بضغط. بحضور. كان يشعر به يراقبه.

جرّ المخطوطة بأكملها إلى طاولة المطبخ، بسطها على سطحها، وأمسك بقلم دائم.

أعاد كتابة النهاية.

المشهد الثاني والخمسون: بدلًا من موت دانيال، يكتب سيناريو جديد يحقق نجاحًا. يقلع عن الإدمان. تُذكَر أليسون بلطف، لا بقسوة. يفوز بجائزة صغيرة. منحنى هادئ، مفعم بالخلاص.

كتب كل شيء في جلسة واحدة، يده تؤلمه، عيناه تحترقان. شعر بشيء من الراحة. بل ربما بالأمل.

نهض، يتنفس بصعوبة، العرق يبلل عنقه.

ثم رمش.

ذاب الحبر. حرفيًا. سَال على الصفحة مثل الزيت، وانكمشت الخطوط السوداء وتجمعت—حتى أصبحت الورقة بيضاء من جديد.

وظهرت جملة واحدة مكانها:

"أنت لا تكتب النهاية."

أسقط دانيال القلم. ارتطم بالأرض.

حينها فقط أدرك ما كان النص يفعله طوال هذا الوقت.

لم يكن يروي قصة فحسب.

كان يروي قصته هو.

ولم يكن يطلب الإذن.

حدق في السطر: "أنت لا تكتب النهاية."

أغلق دانيال النص بيدين مرتعشتين، وجلس ببطء، وسحب مفكرة قانونية من درج المكتب. لن يمنح النص ما يريده. ليس هذه المرة.

لا حبر. لا صفحات مطبوعة. فقط ورق.

بدأ يخربش يدويًا. مشهد جديد. انحراف تام. شيء خفيف. شيء لا يمكن للنص أن يلتوي به.




الداخل – حديقة مشمسة – نهار

يجلس دانيال تحت شجرة. نسيم ناعم، نقي. طفل يلعب في العشب مع كلب. لا حوار. فقط ضحك. سلام. لا موت هنا. لا ظلال. العالم يتنفس.




استمر في الكتابة. وصف الروائح—ياسمين وعشب مقصوص. الهواء بطعم الصيف. وصف بحيرة قريبة لم يغرق فيها شيء قط. كتب شخصية تُدعى إلزي، بائعة زهور بشعر فضي ولا ماضٍ مأساوي. قدمت لدانيال شايًا وأخبرته أنه لا شيء خاطئ فيه.

وحين أنهى المشهد، جلس ونظر إلى الصفحة.

لا شيء حدث.

لثوانٍ، كاد يضحك. ربما تغلّب عليه. ربما أخيرًا—

أضواء الشقة بدأت تومض.

اهتزاز خافت تحت الأرض، كصوت قطار أنفاق غير موجود. نظر إلى الورقة.

الحبر بدأ ينزف من أسفل الكلمات المكتوبة يدويًا، يتسرب إلى السطور، يلوثها.

الكلمات تشوّهت.

"الطفل يلعب في العشب..." أصبحت: "الطفل يصرخ داخل الأرض، يدفن وجهه في الدم."

"النسيم..." أصبح: "ريح تحمل صوت تكسر الأسنان."

شاي إلزي تحوّل إلى شيء كثيف وأسود، يُقدَّم في كوب منحوت من عظام.

حاول دانيال إيقاف ذلك. أمسك القلم مجددًا. شطب الكلمات. أعاد كتابتها.

لكن النص قاوم.

كان يعيد كتابته أثناء الكتابة. المشهد يتغيّر تحت يده. الحبر يرفض الطاعة.

بدأت أصابعه تتحرك من تلقاء نفسها، تخربش سطورًا لم يفكر بها:

"يقف دانيال. يتجه نحو المرآة."

رفع رأسه بعنف. استدار ببطء.

كان باب الحمّام مفتوحًا. المرآة تنتظره.

"لا"، همس. "لا—"

لكن ساقيه تحركتا رغمًا عنه.

دخل عبر العتبة.

أضاء ضوء الحمّام فوق المرآة مرة واحدة. وميض.

نظر إلى الأعلى.

وكان انعكاسه يبتسم.

لكنه لم يكن يبتسم.

تراجع دانيال عن المرآة، ذراعه ارتطمت بإطار الباب بقوة حتى خدر ذراعه. ظل انعكاسه في مكانه لثانية أطول مما يجب—يبتسم، كأنما يسخر من التأخير—قبل أن يتزامن مجددًا مع حركته.

لم ينظر مرة أخرى.

بدلًا من ذلك، ركض نحو المكتب، إلى السلاح الوحيد الذي تبقّى لديه: الفهم. إن لم يستطع تدمير النص، فليدرسه.

فتح نص الجوع، وهذه المرة قلّب إلى أحدث الإضافات. وهناك—في صفحة كان متأكدًا أنها كانت فارغة بالأمس فقط—كان هناك اسم.

السيد هارلو.

حدق فيه.

لم يسبق له أن كتب شخصية تُدعى السيد هارلو.

كان سيتذكر اسمًا كهذا—رسميًا، خارج الزمن، كما لو أنه مأخوذ من دفتر حسابات أو شاهدة قبر. لكنه كان هناك. واضح. بنفس تنسيق شخصياته الأخرى.

قلب الصفحة.

كان هناك مشهد كامل.




الداخل – شقة دانيال – ليل

يجلس دانيال على مكتبه. وحده. الأضواء تومض. خلفه، السيد هارلو يراقب.

السيد هارلو (من خارج المشهد):
"الأمر أسهل حين لا تقاوم."




جسده اقشعر. قلب الصفحات بسرعة. السيد هارلو كان موجودًا في كل مكان الآن. يظهر في مشاهد غير مرتبطة. دائمًا يراقب. لا يُذكر اسمه في الحوارات، لكن يُشار إليه في الوصف.

"شخصية تقف عبر الشارع بمعطف أسود، وجهها غير واضح."

"دانيال لا يلاحظ أن الرجل في إطار الصورة قد تغيّر."

قفز دانيال من مكانه، جال بعينيه أرجاء الغرفة.

كل شيء ساكن. صامت.

اتجه نحو رف الكتب، إلى صورة مؤطرة له مع أليسون على رصيف فينيسيا.

الرجل في الخلفية—مجرد طيف في السابق—بات أكثر وضوحًا. يقف ويده في جيبه. وجهه لا يزال غير ظاهر، لكن... مقصود.

انتزع الصورة.

"لا"، همس. "لا، لا، لا."

اندفع نحو النص، قلب إلى المشهد الأحدث.

المشهد الثاني والأربعون.




الداخل – غرفة النوم – ليل

يقرأ دانيال هذه الكلمات. السيد هارلو يقف خارج الإطار. يعلم أن دانيال يقرأ. يعلم أن دانيال خائف.

السيد هارلو:
"أنت لم تصنعني."

دانيال:
"...فما أنت إذًا؟"

السيد هارلو:
"أنا الجزء الذي لا يحتاج إذنك."




مزق دانيال الصفحة.

أضواء الغرفة اومضت مجددًا.

ومن الردهة—خارج مدى الرؤية مباشرة—سمع خطوات.

بطيئة.

مدروسة.

كأن الشخص لديه كل الوقت في العالم.

لم يتحرك دانيال.

وقف عند المكتب، النص في يده، بينما توقفت الخطوات خلف باب غرفة النوم المغلق.

انتظر طرقة.

لم تأتِ.

فقط صمت—وصوت تنفس خافت، بالكاد مسموع، من الجهة الأخرى.

تراجع للخلف، يده تشد على حافة المكتب كأنها تربطه بالواقع. الأرنب من الحديقة لا يزال على الأرض بجانب كرسيه. عيناه المخيطتان تحدقان فيه، كأنهما تنتظران.

استدار نحو النص، فتحه على المشهد الثاني والأربعين مجددًا، حيث كان السيد هارلو يراقب.

أمسك قلمه.

واتخذ قرارًا.

إذا لم أكن في النص، لا يمكنه استخدامي.

قلب إلى أحد المشاهد الأخيرة: المشهد الخامس والأربعون—دانيال يدخل المطبخ، يرد على الهاتف، ينظر من النافذة ولا يرى أحدًا. لحظات عادية بدأ النص في التحكم بها.

شطبها سطرًا بسطر.

وشطب اسمه.

وكتب في الهامش:

"دانيال اختفى. لم يعد موجودًا في هذا المشهد. لا يمكن للنص العثور عليه. القصة تمضي بدونه."

أغلق النص.

نبضت الغرفة.

كأنها نبضة قلب في الجدران.

ثم—سكون.

ولوهلة، ظن أنه نجح. لا همسات. لا صفحات تتقلب. لا خطوات.

ثم رمش.

وكرسي الزاوية—المفضل لديه، الذي اختارته أليسون—اختفى.

استدار نحو رف الكتب.

جميع العناوين أصبحت فارغة.

فتح هاتفه.

لا جهات اتصال.

ركض نحو مرآة الحمام.

انعكاسه نظر إليه—لكن كان هناك خطأ. بدا كأنه هو، لكنه لا يتحرك تمامًا معه. كأن ممثلًا بديلًا يخطئ الخطوات.

أنفاسه متقطعة. عاد إلى النص، صفحاته تتقلب بلا هواء.

اختفى اسمه.

كل مرة.

كل سطر.

كل مشهد وُجد فيه سابقًا—تم حذفه.

وجد صفحة يتذكر أنه كتبها، حيث وصف الندبة على معصمه الأيمن من الحادث. اختفت. لا ندبة.

نظر إلى ذراعه.

لا شيء.

لا علامة.

ولا حتى ذكرى كيف حصل عليها.

جلس فجأة، يشعر بالبرد، وقلبه يدق في جسد لم يعد يشعر كأنه له.

همس، "ما الذي يحدث لي؟"

والنص، المفتوح الآن على صفحة بيضاء، كتب ردًا، بخط بطيء، متعمّد:

"أعدت كتابة نفسك. الآن، عش مع التعديل."

حدق دانيال في الكلمات وهي تتكوّن، الحبر ينتشر كأنه وريد يتمزق.

"أعدت كتابة نفسك..."

أطراف رؤيته نبضت. الأضواء ومضت مرة أخرى. الشقة لم تعد له. الأثاث أُعيد ترتيبه بهدوء. السجادة في الردهة باتت مزخرفة بدلًا من أن تكون بسيطة. حتى الجدران شعر بأنها تقترب. كأن الغرفة تنكمش من حوله.

قلب الصفحة مجددًا إلى المشهد الثاني والأربعين.

السيد هارلو.

لا يزال واقفًا في الزاوية.

لا يزال يراقب.

مزق دانيال الصفحة.

طواها.

ودخل الحمام.

لم يُشعل عود ثقاب. لم يحاول إحراقها. أراد أن يمزقها. يدمرها بيده.

أمسك الصفحة فوق المغسلة وبدأ في تمزيقها.

قاومت الورقة. كأنها جلد مشدود.

شد على أسنانه، وأجبرها علي التمزق—ثم—

خط رفيع من الدم سال من الورقة.

حقيقي.

رطب.

سقط في حوض البورسلين.

تراجع دانيال، أنفاسه محبوسة في حلقه.

الدم استمر بالجريان، أكثر مما ينبغي، يغمر الصفحة، يطوي حوافها. أسقطها. ارتطمت بالحوض بصوت رطب.

نظر إلى يديه.

نظيفتان.

لم يجرح نفسه. الدم ليس له.

من المرآة، ومضة لظل خلف انعكاسه. طويل جدًا. ساكن جدًا. ثم اختفى.

استدار. لا شيء.

فقط النص على أرضية الردهة، صفحاته تهمس، تتقلب بلا ريح، كأنها أسنان تصطك خلف جدار.

في تلك الليلة، لم ينم.

جلس في المطبخ، كل الأضواء مضاءة، ظهره إلى الحائط، النص محكم داخل درج، مغطى بشريط لاصق وكرسي مسنود أمامه.

وفي وقت ما، لا بد أنه غفا.

لأنه عندما فتح عينيه، كان ضوء المطبخ قد انطفأ.

والمرآة على الجدار—أعلى الحوض—كانت تحمل كتابة.

كلمات مشطوبة بالحبر.

لكنه لم يكتبها.

وقف ببطء. اقترب من الزجاج. قلبه يخفق.

"أنت الإعادة."

الحبر كان لامعًا. لا يزال رطبًا.

خلفه، انفتح الدرج من تلقاء نفسه.

الصفحات بدأت تتحرك.

والقصة—قصته—واصلت الكتابة.
 

المتواجدون في هذا الموضوع

المواضيع المتشابهة

أعلى أسفل