#تحذير ، إنها فقط تدوينة حزينة عني !
حين تصل لنهايةٍ حزينة .. تبدأ بتخيل حكايا وهمية كانت ستحدث
لو لم تصل لهذه النقطة .. لكنها في الواقع من نسج خيالك ..
كأن تفترق عن شخصٍ ما ، أو يموت أحد ما ..
تتخيل كيف إنك كنت سوف تعيش حياتك سعيدًا وكيف لن تقصّر معه ،
لكن ربما يكون هذا مجرد خيالك ..
مثلاً أنا خسرت جدي منذ حوالي سنة "لا أصدق كيف مرت سنة بسرعة !"
أتذكر كيف أني كنت أحبه وكيف أنه والد أبي وكم هو حزين لأجله ، أتخيل صورته ، أحاول تذكر لحظات
جميلة له في بالي ؛ كتلك القصص التي تُروى عن الأجداد .
أتخيل أن حبي الآن يصل له ..
ثم فجأه أتذكر أمورًا أخرى ..
أتذكر أن علاقتي مع جدي لم تكن هكذا في الواقع ! كان يعيش في
بيت أعمامي المتواضع ، وأحسب أنه كان تعيسًا هناك ..
أتخيل كيف أنني لم أكن أزوره بتلك الكثرة ، مثلاً في آخر عامٍ له في الحياة كنت قد ذهبت
مرة واحدة إلى ذلك البيت ، لأني كنت مشغولة بالدراسة
حسنًا ، أتخيل كيف أن جدي لم يكن بتلك الروعة !
أعني كان لديه الكثير من السلبيات ربما في شبابه ، كنت أسمع بعض الكلام عنه أيضًا
قبل موته .. ربما كونه بخيلًا أو أمور أخرى لا أريد تذكرها ..
لكن في الواقع جدي لم يكن بذلك السوء
وعلاقتنا لم تكن بذلك الجفاء ، كنت أحبه حقًا .. وربما كان يحبني .. لا أعلم
لكن ربما لم يصل حب أحدنا للآخر بسبب البعد ..
لهذا السبب أنا أعتقد الآن أن حبي ممكن أن يصل له بشكل أكبر !
منذ يومين رأيت أمي وهي تعانق حفيدها "ابن أختي"
فسألتها أنا لا أتذكر هل كان جداي يحملانني هكذا ، لمَ لا أذكر ؟
فقالت لي ؛ في الواقع هما لم يفعلا ذلك ، كانا مشغولين بحمل أبناء أعمامك ..
حسناً أنا لست حزينة لذلك ، أعني أنا أيضًا مقصرة في إيصال حبي لهم ..
أنا لا أسرد قصة حزينة أو ماشابه الآن xD !
لكن أظنني أفتقد الجو العائلي الذي أعيش فيه مع أجدادي .. أو تكون علاقتي مع أعمامي وأخوالي
قوية وعاطفية كالحكايات ~
ذات مره قبل أربع أو ثلاث سنوات ،
أصابت جدي نوبة قلبية أو ماشابه ، في ليلة القدر .. بعد مرضٍ دام سنة كاملة
وكان الجميع مستعدًا لموته ، ربما كنت في الثانوية ؟
ولكن الغريب أن جدي نجا بالفعل ! لكنه دخل هذه المره في دوامة خرف
جعلته يفقد نفسه ويعود كالطفل لسنتين حتى فقدناه في النهاية "(
لا زلت أذكر تلك اللحظه ، في اليوم التالي على رحلتي في الصف .. كنت نائمة عليها
وأفكر ، كيف أنني لا أستطيع أن أذرف دمعةً واحدة !
كيف أن جدي كان سيموت وأنا لا أستطيع البكاء ولا أشعر بتلك المحبة ..
كيف أنني قاسية وبعيدة عنه ~
لكن في الواقع الأمر لم يكن هكذا ..
منذ حوالي ثمانية أشهر وثلاثة أيام تمامًا ، توفي جدي !
في ذلك الصباح .. كنت مستيقظة ؛ خرج أبي مستعجلًا قاصدًا بيت أهله ..
فسألته أمي ، قال أن جدي مريض ، وخرج ..
استقيظت أختي وجلسنا نلقي النكت كيف أننا سنضطر للبس السواد
لسنة كاملة ولم نرتدي ملابسنا الجديدة
أعني أننا كنا نمزح فقط ، دائما مايصاب جدي هكذا .. وفي كل مره ينجو ..
كنت أخاف من موته كل مرة .. لكن هذه المرة لم أخف كثيرًا
أعني كنت أظنه خيال ، وتعلم كيف يكون الأمر ؛ أنا لم أبكي على جدي قبل سنوات حين شارف على الموت !
لكن بعدها جلست أتخيل سماع صوت المؤذن وهو ينادي "انتقل إلى رحمةة الله تعالى فلان بن فلان" ويكبّر ،
ورن الهاتف .. أسمع صوت أختي في الغرفة المجاورة
تجيب وتتكلم مع أمي التي ذهبت إلى هناك قبل ساعة لتفقد الحال ..
ثم تغلق الهاتف .. في الواقع لا أعلم كيف انهارت دموعي لا أراديًا .. وجاءت أختي لتخبرني ..
لكني عانقتها وشهقتت .. وبكيتت بصوتتٍ عال ،
جديي مات !! كيف سيتحمل أبيي ! هذه كانت كلماتي ..
بعد أن استجمعنا أنفسنا .. جاء أبي ليغير ملابسه ويغتسل لأن لامس جدي حين موته ،
ولم ينبس كلانا بكلمة أو دمعة ؛ ولم أستطع عناقه قبل أن يغتسل ...
ثم جاءت أختي المتزوجة .. أرادت أن تعانقني وتبكي ..
لكنني أسكتتها لأن أبي قد يسمعنا في الحمام .. ذهبنا بعدها إلى العزاء ..
وفي السيارة .. بعد صمتٍ طويل ؛ وكان عمي يقود السيارة ..
"سواهه صدك أبوي" ثم انهار بالبكاء ونحن معه .
في نهاية اليوم وبعد إنتهاء عزاء اليوم الأول ،
عدنا جميعاً للمنزل ، عمي وأمي وأبي وأخي وأختاي وأنا ..
وبعد جلسة صمت وبعض الكلمات والضحك .. عانق أبي عمي الصغير وانهارا بالبكاء والشهقات ..
ثم عانقناه جميعاً وبكينا .. كان صوتنا عاليا ربما سمعه الجيران ..
حسناً ، في الواقع لا أريد تذكر ذلك اليوم البائس ، لن أنساه طوال حياتي ..
لن أنسى كيف خانني جدي وغادر الحياة ..
في ذلك اليوم تذكرت العديد من الأمور التي كنت قد نسيتها عن جدي ،
كبعض زياراته وكلماته .. وحين كان يزحف ورائي حين كنت صغيره ويلعب معي بعض الأحيان ..
وتلك "العيديات" البسيطة التي كان يعطيها لنا في الأعياد ~
لذا منذ شهر ذهبت إلى منزل أعمامي لنرى جدتي كبيرة السن
والتي تفاقمت عليها الأمراض بعد موت جدي ، ولكنها لا تزال عاقلة
"مع سمعٍ ضعيف وعدم القدرة على تحريك كامل جسدها عدا يدٍ واحدة ..
وبقدمين منثنيتين غير قابلات للمد كما كان جدي تماماً ..
جلست بعيدًا عنها .. وكان الجميع يثرثر وينظر إليها .. وهي كانت تثرثر معنا لكن صوتها غير مسموع ويتجاهلها الجميع كما يتناولون الكلام والأسف عنها
في وجودها ! وهي غير مدركة تبتسم ..
فكرت كيف أنها ستموت وأنتظر أن أوصل حبي لها كجدي بعد موتها !
لكنني رأيت أبي يطعمها العنب ويضحك لها ويجلس قريباً منها ليفهم ماتقول ..
ففكرت ؛ أنا لست غريبة ! حسناً ربما أبعدوا أنفسهم عنا لكن نستطيع أن نقترب نحن !
لذا إقتربت منها فأخذت تثرثر معي دون توقف .. وكانت سعيدةً جدًا .. رغم إنها أخبرتني أيضًا
بأنها تستيقظ كل صباح وتشعر بأنها عالة وتدعو على نفسها بالموت ..
وكيف أنها تحاول الكلام بأقوى ماتستطيع ولكن صوتها يخرج ضعيفًا لا يسمع !
لكني كنت سعيدة أنني استطعت أن أغير الشيء القليل ..
في الواقع .. في عزاء جدي كانوا يضعونها نائمة في غرفة ويتركونها بعيداً عن الناس
لأنها لا تستطيع الحركة .. أحيانًا يأخذونها لتجلس بين النساء وسط العزاء ، وغالبًا تأتي النساء إليها ..
ولكنها تحزن حقاً حين تبقى وحيدة .. لذا كنت أجلس معها أيضًا وأثرثر .. حتى إنها كانت تدعو لي
لذا بت أعتقد أنني كنت سأحبها أكثر من باقي أعمامي هي و جدي لو إنهما عاشا معنا ..
رغم إننا كنا سنضطر للاعتناء بها .. لكن كنت سأحصل على جد وجدة لطيفين ! أو ربما هذا من خيالي كما قلت في البداية ،
في الواقع لدي والدا أمي أيضًا وأخوالي ولكنهم في مدينةٍ أخرى ، رغم إنهم لطفاء ..
لذا أفكر ، إن التباعد بيني وبين عائلتي بسبب المسافات وسرعة الحياة .. لكن أفكر الآن في أن أتغير قليلاً
لأقترب أكثر من الناس .. ربما أنا أبعد نفسي عنهم ؟!
على كل حال ،
إشتقت كثيرًا لجدي ، أتمنى أن يصل كلامي له الآن