- إنضم
- 14 ديسمبر 2016
- رقم العضوية
- 7458
- المشاركات
- 805
- مستوى التفاعل
- 145
- النقاط
- 225
- العمر
- 34
- الإقامة
- Over there
- توناتي
- 1,170
- الجنس
- أنثى
LV
0
رد: ~ الحب والحرب زمن الثلج / قصة ~
[TBL="https://up.harajgulf.com/do.php?img=1471271"]
[/TBL][TBL="https://up.harajgulf.com/do.php?img=1471277"]
الحرب والحب زمن الثلج....الفصل الثاني
كانت الفصول تمضي والايام تمر حتى عاد فصل الشتاء والثلج مرة اخرى للسنة الثانية من وجود الهاربين في القرية الصغيرة...
كان ليون وكليرا يمضيان اغلب الاوقات سويا بينما تنشغل والداتهما في العمر ومراقبتهما بصمت...
علم ليون ان والد كليرا اخذ الى الحرب ايضا وعلى الرغم من مرور السنوات لم يعد بعد ولم تتوقف الحرب
حتى الان بل ازدادت ضراوة وامتدت بين القرى والمدن...
عاش الصغيران خارج اطار الحرب التي تتربص بسعادتهما ولم ينتظرا ان تصل اليهما وتقتنص سعادتهما وحب طفولتهما...
عمر ليون الان اثنتا عشر عاما...
وصل الثلج هذا الصباح الى شبابيك المنازل ابيض نقيا يلتمع تحت الشمس المشروقة بين غيمات بيضاء تطفو في السماء...
انطلق ليون الى المدرسة والتقى بكليرا في الطريق ليذهبا معا..كان الاستاذ ما يزال يطلب من والدة ليون ان توافق
على ارساله الى مدرسة المدينة لتفوقه وذكاءه لكن الام لخوفها على الصغير كان تمانع وتتالم
لفكرة فقدانه كما فقدت والده..لكن ليون لم يكن منزعجا وبداخله كان يامل ان تبقيه امه هنا ليبقى
الى جانبها و بجانب كليرا...
كليرا: ليون..هل ستاتي اليوم الى مبنى البلدية لسماع العمدة؟
ـ اعتقد ذلك..مع ان العمة ايلا تقول انه لا يقول الا الاكاذيب...ويقول اي شيء ليبقى على كرسي البلدية...
ضحك الاثنان وتابعا الدروس بتركيز ثم انطلقا مسرعين ليلحقا بام ليون التي كانت متجهة الى المدينة
لبيع اعمالها واعمال والدة كليرا...
ـ ليون...احذر...لا اريد منك ان تتعب ام كليرا...كن مهذبا...
تدخلت العمة: لا افهم لماذا لا تتركينه في رعايتي..ما ازال قادرة على تهذيب الاطفال الملاعين...
كتم الجميع ضحكة...فقد كانت العمة قد تقدمت في العمر ولم تعد تسير بضع خطوات حتى تجلس على الارض
وزعيقها يملا القرية...لاعنة الحرب والعمدة والصيدلي الذي لم يحضر لها الدواء..لذلك قررت ام ليون ان تنتقل العمة
الى منزلهم في فصل الشتاء ليستطيعوا العناية بها بشكل اكبر...
حملت الام السلة الكبيرة بعد ان قبلت ليون ثم لوحت له مودعة...بقي ليون بعض الوقت على الطريق حتى
اختفت امه عن ناظريه خلف الاشجار ثم جرى خلف الاخرين الى منزله...
جلست العمة على مقدعها المتحرك الذي احضرته من منزلها بينما عادت ام كليرا الى عملها واحدى عينيها
على القدر التي تطهو الغداء...ام ليون كليرا فكانا امام المنزل يغوصان في تلال الثلج ويلهوان بها...
مضت عدة ساعات حتى بدء الناس في التوجه الى دار البلدية برغبة او بغير رغبة لكن بداخل كل منهم فضول
ليعرفوا ما سيقوله العمدة في الظروف الصعبة الراهنة حتى العمة ايلا تحاملت على نفسها وسارت متئكة على
ليون لتصل في الوقت المناسب....
كان العمدة رجلا سمينا ذو وجه احمر دوما وكانه يوشك ان تختنق...
في اللحظة التي وصل فيها ليون مع العمة وكليرا ووالدتها كان العمدة يقف اعلى المنصة يراقب القدامين
وصدم عندما وجد ان العمة جاءت ايضا...بدا عليه الانزعاج وازداد وجهه احمرارا...
عندما جلس الجميع امكانهم سعل ليجذب الانتباه ثم بدا خطابه:
ـ ايها القرويون...اننا نعلم جميعا اننا في ازمة دولية ومشاكل تفوق الوصف...لكن كل ذلك لا يمكن ان يؤثر علينا...
ونحن باعتبارنا اسرة واحدة علينا ان نتكاتف ونكون معا في كل شيء....
همست العمة لوالدة كليرا الجالسة بقربها: انه يريد ان نشاركه رزقنا حتى ينفجر من الجشع...
ابتسمت والدة كليرا وبعض المحيطين فالعمة عندما تهمس كانها تتكلم الى حماهير وتقف مكان العمدة...
احمر العمدة بشدة ولكنه تابع خطابه وكان شيئا لم يكن حتى وصل الى:
ـ وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا ان نستسلم لكل ذلك الظلم..وبالتاكيد سنواجه الحرب ونمنع وصولها الى اطفالنا
هنا سويا ويدا واحدة...
ورفع يده معبرا عن كلماته في تلك اللحظة دوى خلف المبنى صوت اشد من الرعد يصم الاذان...
لم يعرف احد ما يجري..وللحظة بقوا في امكانهم مذهولين حتى دوى صوت اخر اشد وقعا من الاول...
عندها هرع الجميع الى خارج المبنى واذا بالدخان يملاء الجو والنيران اندلعت في جوانب المبنى وارض قريبة منه...
بدات الانفجارات تتوالى والقنابل تنفجر في كل مكان وتدمر المباني....
ساد الذعر بين الجميع والتفتوا الى العمدة فوجدوه قد اختفى في قبو البلدية واغلق الباب باحكام مع بعض
المقربين فقد كان القبو عبارة عن ملجا لاوقات الخطر وممزن بمؤونة كافية مدة من الزمن...
استمرت الانفجارات دقائق اخرى وسقط بعض القتلى بينما هرع الاخرون الى منازلهم...
لكن في النهاية اجتمع كل من في القرية من صغيرهم الى كبيرهم في الساحة وفوهات دقيقة موجهة نحوهم...
كان الجنود قد وصلوا الى القرية واحتلوها...
خرج العمدة ومن معه من القبو وتقدم نحو الجنود ليعرف بنفسه بينما جلس الجميع في الثلج منتظرين ما سيحدث..
تقدم ضابط قاس الملامح وقال:
ـ لقد قام جيشنا باحتلال هذه القرية والمدينة المجاورة..على كل من يملك سلاحا ان يسلمه والا ستتم معاقبته
اذا عثر عليه اثناء التفتيش...
بالنسبة للاجئين من قرى اخرى تعتبرون هاربين وسيتم ترحيلهم في الصباح الباكر من القرية...
يمنع ان تاخذوا شيئا معكم او تحملوا اي غرض مهما كان...وسكان القرية عليهم ملازمة منازلهم حتى يتم
الترحيل...واي مقاومة او اعتراض سيكون مصيركم اسوا من الموت...
لم تحتمل العمة اكثر فنهضت غاضبة مهددة بقبضتها العمدة:
ـ ماذا كنت تقول منذ قليل...انك حقا...
وضاعت كلماتها وسط صراخ الضابط وصدر صوت قوي...تجمدت العمة في مكانها لثانية ثم بدات تسقط الى الوراء
وبقايا كلمة "خائن" تتردد على شفتيها...
صدم ليون وساد صمت مرعب على المكان لكن صرخة حادة من كليرا ايقظت ليون...كان وجهها مختفيا في صدر امها...
نظر الى العمة فوجدها كالنائمة ولكن بقعة حمراء تلطخ ثوبها تماما وسط صدرها...وبقعة اخرى بدات تنتشر تحتها...
حمراء تسيل بهدوء نحو من يجلسون حولها...
سمع ليون الضابط يقول: عودوا جميعا الى منازلكم..ولا اريد اي نوع من المقاومة المشابهة...
وبدا القرويون يتفرقون وبقي ليون مع كليرا والمها بالقرب من العمة حتى اقترب منهم جنديان:
ـ هيا..تحركوا..
ليون: ماذا عن العمة؟
ـ لقد ماتت ايها الولد...تحرك...
ودفعه ببندقيته لينهض...سار ليون مع ام كليرا التي امسكت بيده واصطحبته الى المنزل مع كليرا
واوصدت الباب باحكام...
فجاة سال ليون: ماذا عن امي؟
لم يجبه احد فقد كانت ام كليرا ترغب في طمئنته ولكنها لا تقدر واما كليرا فكانت لا تتوقف عن البكاء...
-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-
حل المساء ولم تعد ام ليون..وعندما كان ينظر الى المدينة البعيدة لم يكن يرى منها سوى اعمدة الدخان الاسود
تتصاعد بكثافة واحيانا لمعات حمراء تدل على انفجار جديد... بدا الشك يساور ليون..
فامه لم تعتد التاخر لهذا الوقت..وشعر بقلق وخوف شديد..لم يفهم معنى الموت ولا سبب الحرب فامه كانت
تبعده عن كل ما يتعلق بذلك..اما الان فقد فهم ان الحرب وصلت اليه...
تلك الليلة تسلل ليون الى الخارج وجلس على ضفة النهر ذو السطح المجمد...
كانت السماء مقمرة تضيء بلون فضي نظر الى المياة الجارية تحت السطح المجمد ولمع امام عينيه شيء غريب...
قرب راسه من الماء ونظر بتمعن...كانت قلادة فضية مزخرفة تحملها سلسلة فضية مستقرة تحت الماء عالقة بين الصخور..
ارتجف قلب ليون وامسك صخرة بقربه وبدا يدق بها سطح النهر...عندما كسر الجليد نزع ليون حذاءه ثم خاض في
المياه الباردة..ارتجف للحظة ثم تابع تقدمه وهو يكسر الجليد امامه...عندما وصل الى القلادة انحنى ليحملها فغاص
نصف جسمه تحت الماء وابتل صدره بانحناءه...قبض باصابعه المتجمدة على القلادة ورفعها..شعر بقلبه يقفز في
صدره من البرد والخوف...بحذر شديد فتح القلادة وبداخلها حفظت الصورة من المياه..كان بها شاب وسيم الملامح
ذو شعر قاتم ويحمل على ذراعيه طفلا رضيعا يضحك...
تجمد ليون مكانه من البرد والصدمة فلم يعد يشعر بساقيه داخل الماء ولا بقلبه الذي بدا انه توقف عن الخفقان
ودمعة وحيدة حارة سقطت لتتبخر في المياه الباردة...
فجاة سمع صوتا من خلفه ينادي بغضب:
ـ انت هناك...ماذا تفعل؟
التفت ليون فوجد جنديا يقف على ضفة النهر يناديه...تحرك ليون نحوه كالمنوم ويده تخفي القلادة
وتقبض عليها باحكام...
ـ ما الذي كنت تفعله؟
ـ لا شيء ابدا...اردت اختبار ماء النهر...
ـ اختبار...!...كفى كذبا..اين منزلك؟...الم تسمع ان الخروج ممنوع؟
وقبل ان يجيب ليون امسك به الجندي من عنقه فلم يستطع ليون الا ان يلتقط حذاءه على عجل
ويستسلم ليد الجندي....اقتربا من نار كبيرة اشتعلت وسط الساحة واجتمع الجنود حولها....
بينما دُفع ليون الى الامام اخفى القلادة في الحذاء وعندما توقفا رماه على الارض وبسرعة وضع قدميه فيه...
تقدم الضابط:
ـ ما الذي تفعله خارج المنزل؟
ـ لقد كنت عند النهر...
ـ الا تملك منزلا؟..ام انك لا تفهم الامر؟
ـ انني...
ـ اهم امر...لا تجب في وجه من هم اكبر منك...
كان صوت الضابط غاضبا ومرتفعا وتوقع ليون انه سيضربه بعد قليل...لكن الضابط قال:
ـ عد الى منزلك في الحال..وبعد الترحيل في الصباح لي حديث اخر مع سكان هذه القرية...
جرى ليون مسرعا الى المنزل وهو يلهث ثم فتح الباب بحذر لكنه وجد كليرا مستيقظة وامها قلقة جدا...
اسرعت كليرا تقول:
ـ اوه ليون...لقد كنا قلقتين عليك كثيرا...اين كنت؟
ـ لا تقلقي كنت قرب النهر...
وانحنى نحو الحذاء ليخرج القلادة التي التمعت على ضوء الشمعة على الطاولة...نظرت كليرا بتمعن وسالت:
ـ اليست هذه القلاد....
قاطعها ليون ولم يحتمل ان تكمل: نعم...
شهقت كليرا بخفوت ولم تستطع ان تقول شيئا...
كانت الافكار تتضارب في ذهن ليون ولكنه كان واثقا ان امه من المستحيل ان تضيع مثل هذه الذكرى الثمينة...
لكنه في الوقت نفسه لم يكن يريد ان يقول ابدا ان امه لحقت بعمته وربما والده...
بدون شعور توجه ليون الى احدى صور امه فقصها ووضعها بطريقة تخفي صورته هو وبقي وجها ابيه وامه
وحدهما في الاطار الفضي داخل القلادة...
قرر ليون ان يحمل ممتلكاته قريبا منه كما تفعل امه فوضع القلادة على الطاولة وفتح دولاب ملابسه
واخرج الكيس الصغير المطرز فعلقه بالسلسلة قرب القلادة ووضع كل ذلك حول رقبته تحت ملابسه...
ذلك الصباح كان الاصعب على ليون وهةو يرى الخيام تزول والجنود يجمعون سكانها الذين اصبحوا جزءا من القرية...
كان القرويون يراقبون كل شيء وسط الساحة بينما فصل اللاجئون عنهم على بداية الطريق المؤدية الى خارج القرية...
لم تبق كليرا وامها مع ليون حتى لا تسببا المشاكل بعدم طاعة الاوامر مع انهما لم تساءا ان تتركاه وحيدا
في هذه الضروف...لم يتوقف راس ليون عن التفكير فعلى الرغم من صغر سنه الا انه الان يفهم كل ما يجري
واهم ما كان يتجسد امامه هي حقيقة انه لن يرى كليرا بعد اليوم...
لم يسمح الجنود لاحد الراحلين ان يحمل معه شيئا وحدث كل شيء بسرعة حتى ان البعض لم يستطع ان
يرتدي ملابسه كاملة وبالنسبة لكليرا فقد كانت قدماها عاريتين وهي تقف وسط الثلج تكاد تتجمد...
اراد ليون ان يساعدها ولكنه لم يستطع الوصول اليها حتى امرهم الجنود بالتحرك
وكانت عينا ليون وكليرا معلقتين ببعضهما...
سار الراحلون وسط صفين من الجنود حتى خرجوا من القرية عندها تحرك ليون ولم يتحمل اكثر فافلت من الحصار
وجرى بكل ما اوتي نحو كليرا التي اندهشت وتوقفت مكانها...
ـ انت هناك...تحركي ايتها الفتاة...
لكن كليرا بقيت واقفة والتفت الجميع نحوها...كان ليون منحنيا على قدميها يلبسها حذاءه..
للحظة سادت الدهشة ولكن الجنود امروهما بالتحرك...
انتهى ليون في اللحظة التي وصل فيها جنديان امسك احدهما بكليرا ودفعا نحو امها لتتابع الطريق
بينما انحنى الاخر وامسك بذراع ليون بقسوة وجره خلفه بين الحشود نحو القائد...
لم يتوقف ليون عن النظر الى الخلف الى حيث كليرا حتى اختفت عن ناظريه فادرك انه توقف وظل طويل ارتفع فوقه
فنظر اليه لكنه ما ان ادار وجهه حتى نزلت صفعة قوية على وجهه ورمته ارضا...
قال القائد بغضب: انه انت ثانية...من علمك الا تطيع الاوامر..سوف تنال عقابا قاسيا ايها الولد...
انتفض ليون فقال: ليس من حقك ان تبعدهم...لقد اصبحت هذه القرية هي قريتهم ومنزلهم...
بدا وجه الضابط كانه تلقى لكمة فاحمر وجهه تماما مثل العمدة من قبل ورفع عصاه ودفعها بقوة الى صدر ليون
وهو ينحني بكل ثقله حتى اتكأ ليون على مرفقيه على الارض وقال الضابط من بين اسنانه:
ـ لست القائد هنا...وانا من يصدر الاوامر..اما انت...سيكون لي معك شان اخر...
ثم التفت الى جندي بقربه: فيدة وخذه الى خيمتي ريثما انتهي...ثم سنرى ما نفعله معه...
نفذ الجندي الامر ومن داخل الخيمة كان ليون يستمع الى كلمات الضابط للقرويين وهو يشتعل غضبا والما
لرحيل كليرا لكنه لم يكن نادما على فعله ابدا...
ـ من الان فصاعدا اعتبروا انفسكم تحت اشراف دولة جديدة..والقوانين هنا ليست كما في السابق...
كل شيء سيكون تحت امرة الجنود والقادة العسكرييين واي مخالفة سيترتب عليها عقاب شديد جدا...
والان عودوا الى منازلكم ولا تغادروها حتى اشعار اخر...
هدات اخر جلبة لانفضاض الناس ثم سمع ليون خطوات تقترب من الخيمة ودخل الضابط.:
ـ والان ايها الفتى..على الرغم من صغر سنك الا انك سببت الكثير من المشاكل..على العامة ألا يعصو الأوامر
وآخر ما احتاجه فتى مثلك يٌشعل فتيل النهوض ضد القيادة لاجل ذلك سوف يتم اخذك الى السجن الجنوبي
الذي يتبع مباشرة للقيادات العليا وهناك سيكون لديك الوقت لالاعيبك ولكنك ستدفع ثمنا غاليا عن كل منها...
في ظهر ذلك اليوم انضم ليون الى بعض الشبان والرجال الذين جمعهم الجنود من بين الهاربين بتهمة الخيانة
وتم اخذهم تحت حراسة شديدة الى السجن..وقد تيقن ليون تماما ان ذلك يكون اخر مكان يراه بالتاكيد...
[/TBL][TBL="https://up.harajgulf.com/do.php?img=1471278"]
[/TBL]
[TBL="https://up.harajgulf.com/do.php?img=1471271"]
[/TBL][TBL="https://up.harajgulf.com/do.php?img=1471277"]
الحرب والحب زمن الثلج....الفصل الثاني
كانت الفصول تمضي والايام تمر حتى عاد فصل الشتاء والثلج مرة اخرى للسنة الثانية من وجود الهاربين في القرية الصغيرة...
كان ليون وكليرا يمضيان اغلب الاوقات سويا بينما تنشغل والداتهما في العمر ومراقبتهما بصمت...
علم ليون ان والد كليرا اخذ الى الحرب ايضا وعلى الرغم من مرور السنوات لم يعد بعد ولم تتوقف الحرب
حتى الان بل ازدادت ضراوة وامتدت بين القرى والمدن...
عاش الصغيران خارج اطار الحرب التي تتربص بسعادتهما ولم ينتظرا ان تصل اليهما وتقتنص سعادتهما وحب طفولتهما...
عمر ليون الان اثنتا عشر عاما...
وصل الثلج هذا الصباح الى شبابيك المنازل ابيض نقيا يلتمع تحت الشمس المشروقة بين غيمات بيضاء تطفو في السماء...
انطلق ليون الى المدرسة والتقى بكليرا في الطريق ليذهبا معا..كان الاستاذ ما يزال يطلب من والدة ليون ان توافق
على ارساله الى مدرسة المدينة لتفوقه وذكاءه لكن الام لخوفها على الصغير كان تمانع وتتالم
لفكرة فقدانه كما فقدت والده..لكن ليون لم يكن منزعجا وبداخله كان يامل ان تبقيه امه هنا ليبقى
الى جانبها و بجانب كليرا...
كليرا: ليون..هل ستاتي اليوم الى مبنى البلدية لسماع العمدة؟
ـ اعتقد ذلك..مع ان العمة ايلا تقول انه لا يقول الا الاكاذيب...ويقول اي شيء ليبقى على كرسي البلدية...
ضحك الاثنان وتابعا الدروس بتركيز ثم انطلقا مسرعين ليلحقا بام ليون التي كانت متجهة الى المدينة
لبيع اعمالها واعمال والدة كليرا...
ـ ليون...احذر...لا اريد منك ان تتعب ام كليرا...كن مهذبا...
تدخلت العمة: لا افهم لماذا لا تتركينه في رعايتي..ما ازال قادرة على تهذيب الاطفال الملاعين...
كتم الجميع ضحكة...فقد كانت العمة قد تقدمت في العمر ولم تعد تسير بضع خطوات حتى تجلس على الارض
وزعيقها يملا القرية...لاعنة الحرب والعمدة والصيدلي الذي لم يحضر لها الدواء..لذلك قررت ام ليون ان تنتقل العمة
الى منزلهم في فصل الشتاء ليستطيعوا العناية بها بشكل اكبر...
حملت الام السلة الكبيرة بعد ان قبلت ليون ثم لوحت له مودعة...بقي ليون بعض الوقت على الطريق حتى
اختفت امه عن ناظريه خلف الاشجار ثم جرى خلف الاخرين الى منزله...
جلست العمة على مقدعها المتحرك الذي احضرته من منزلها بينما عادت ام كليرا الى عملها واحدى عينيها
على القدر التي تطهو الغداء...ام ليون كليرا فكانا امام المنزل يغوصان في تلال الثلج ويلهوان بها...
مضت عدة ساعات حتى بدء الناس في التوجه الى دار البلدية برغبة او بغير رغبة لكن بداخل كل منهم فضول
ليعرفوا ما سيقوله العمدة في الظروف الصعبة الراهنة حتى العمة ايلا تحاملت على نفسها وسارت متئكة على
ليون لتصل في الوقت المناسب....
كان العمدة رجلا سمينا ذو وجه احمر دوما وكانه يوشك ان تختنق...
في اللحظة التي وصل فيها ليون مع العمة وكليرا ووالدتها كان العمدة يقف اعلى المنصة يراقب القدامين
وصدم عندما وجد ان العمة جاءت ايضا...بدا عليه الانزعاج وازداد وجهه احمرارا...
عندما جلس الجميع امكانهم سعل ليجذب الانتباه ثم بدا خطابه:
ـ ايها القرويون...اننا نعلم جميعا اننا في ازمة دولية ومشاكل تفوق الوصف...لكن كل ذلك لا يمكن ان يؤثر علينا...
ونحن باعتبارنا اسرة واحدة علينا ان نتكاتف ونكون معا في كل شيء....
همست العمة لوالدة كليرا الجالسة بقربها: انه يريد ان نشاركه رزقنا حتى ينفجر من الجشع...
ابتسمت والدة كليرا وبعض المحيطين فالعمة عندما تهمس كانها تتكلم الى حماهير وتقف مكان العمدة...
احمر العمدة بشدة ولكنه تابع خطابه وكان شيئا لم يكن حتى وصل الى:
ـ وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا ان نستسلم لكل ذلك الظلم..وبالتاكيد سنواجه الحرب ونمنع وصولها الى اطفالنا
هنا سويا ويدا واحدة...
ورفع يده معبرا عن كلماته في تلك اللحظة دوى خلف المبنى صوت اشد من الرعد يصم الاذان...
لم يعرف احد ما يجري..وللحظة بقوا في امكانهم مذهولين حتى دوى صوت اخر اشد وقعا من الاول...
عندها هرع الجميع الى خارج المبنى واذا بالدخان يملاء الجو والنيران اندلعت في جوانب المبنى وارض قريبة منه...
بدات الانفجارات تتوالى والقنابل تنفجر في كل مكان وتدمر المباني....
ساد الذعر بين الجميع والتفتوا الى العمدة فوجدوه قد اختفى في قبو البلدية واغلق الباب باحكام مع بعض
المقربين فقد كان القبو عبارة عن ملجا لاوقات الخطر وممزن بمؤونة كافية مدة من الزمن...
استمرت الانفجارات دقائق اخرى وسقط بعض القتلى بينما هرع الاخرون الى منازلهم...
لكن في النهاية اجتمع كل من في القرية من صغيرهم الى كبيرهم في الساحة وفوهات دقيقة موجهة نحوهم...
كان الجنود قد وصلوا الى القرية واحتلوها...
خرج العمدة ومن معه من القبو وتقدم نحو الجنود ليعرف بنفسه بينما جلس الجميع في الثلج منتظرين ما سيحدث..
تقدم ضابط قاس الملامح وقال:
ـ لقد قام جيشنا باحتلال هذه القرية والمدينة المجاورة..على كل من يملك سلاحا ان يسلمه والا ستتم معاقبته
اذا عثر عليه اثناء التفتيش...
بالنسبة للاجئين من قرى اخرى تعتبرون هاربين وسيتم ترحيلهم في الصباح الباكر من القرية...
يمنع ان تاخذوا شيئا معكم او تحملوا اي غرض مهما كان...وسكان القرية عليهم ملازمة منازلهم حتى يتم
الترحيل...واي مقاومة او اعتراض سيكون مصيركم اسوا من الموت...
لم تحتمل العمة اكثر فنهضت غاضبة مهددة بقبضتها العمدة:
ـ ماذا كنت تقول منذ قليل...انك حقا...
وضاعت كلماتها وسط صراخ الضابط وصدر صوت قوي...تجمدت العمة في مكانها لثانية ثم بدات تسقط الى الوراء
وبقايا كلمة "خائن" تتردد على شفتيها...
صدم ليون وساد صمت مرعب على المكان لكن صرخة حادة من كليرا ايقظت ليون...كان وجهها مختفيا في صدر امها...
نظر الى العمة فوجدها كالنائمة ولكن بقعة حمراء تلطخ ثوبها تماما وسط صدرها...وبقعة اخرى بدات تنتشر تحتها...
حمراء تسيل بهدوء نحو من يجلسون حولها...
سمع ليون الضابط يقول: عودوا جميعا الى منازلكم..ولا اريد اي نوع من المقاومة المشابهة...
وبدا القرويون يتفرقون وبقي ليون مع كليرا والمها بالقرب من العمة حتى اقترب منهم جنديان:
ـ هيا..تحركوا..
ليون: ماذا عن العمة؟
ـ لقد ماتت ايها الولد...تحرك...
ودفعه ببندقيته لينهض...سار ليون مع ام كليرا التي امسكت بيده واصطحبته الى المنزل مع كليرا
واوصدت الباب باحكام...
فجاة سال ليون: ماذا عن امي؟
لم يجبه احد فقد كانت ام كليرا ترغب في طمئنته ولكنها لا تقدر واما كليرا فكانت لا تتوقف عن البكاء...
-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-ـ-
حل المساء ولم تعد ام ليون..وعندما كان ينظر الى المدينة البعيدة لم يكن يرى منها سوى اعمدة الدخان الاسود
تتصاعد بكثافة واحيانا لمعات حمراء تدل على انفجار جديد... بدا الشك يساور ليون..
فامه لم تعتد التاخر لهذا الوقت..وشعر بقلق وخوف شديد..لم يفهم معنى الموت ولا سبب الحرب فامه كانت
تبعده عن كل ما يتعلق بذلك..اما الان فقد فهم ان الحرب وصلت اليه...
تلك الليلة تسلل ليون الى الخارج وجلس على ضفة النهر ذو السطح المجمد...
كانت السماء مقمرة تضيء بلون فضي نظر الى المياة الجارية تحت السطح المجمد ولمع امام عينيه شيء غريب...
قرب راسه من الماء ونظر بتمعن...كانت قلادة فضية مزخرفة تحملها سلسلة فضية مستقرة تحت الماء عالقة بين الصخور..
ارتجف قلب ليون وامسك صخرة بقربه وبدا يدق بها سطح النهر...عندما كسر الجليد نزع ليون حذاءه ثم خاض في
المياه الباردة..ارتجف للحظة ثم تابع تقدمه وهو يكسر الجليد امامه...عندما وصل الى القلادة انحنى ليحملها فغاص
نصف جسمه تحت الماء وابتل صدره بانحناءه...قبض باصابعه المتجمدة على القلادة ورفعها..شعر بقلبه يقفز في
صدره من البرد والخوف...بحذر شديد فتح القلادة وبداخلها حفظت الصورة من المياه..كان بها شاب وسيم الملامح
ذو شعر قاتم ويحمل على ذراعيه طفلا رضيعا يضحك...
تجمد ليون مكانه من البرد والصدمة فلم يعد يشعر بساقيه داخل الماء ولا بقلبه الذي بدا انه توقف عن الخفقان
ودمعة وحيدة حارة سقطت لتتبخر في المياه الباردة...
فجاة سمع صوتا من خلفه ينادي بغضب:
ـ انت هناك...ماذا تفعل؟
التفت ليون فوجد جنديا يقف على ضفة النهر يناديه...تحرك ليون نحوه كالمنوم ويده تخفي القلادة
وتقبض عليها باحكام...
ـ ما الذي كنت تفعله؟
ـ لا شيء ابدا...اردت اختبار ماء النهر...
ـ اختبار...!...كفى كذبا..اين منزلك؟...الم تسمع ان الخروج ممنوع؟
وقبل ان يجيب ليون امسك به الجندي من عنقه فلم يستطع ليون الا ان يلتقط حذاءه على عجل
ويستسلم ليد الجندي....اقتربا من نار كبيرة اشتعلت وسط الساحة واجتمع الجنود حولها....
بينما دُفع ليون الى الامام اخفى القلادة في الحذاء وعندما توقفا رماه على الارض وبسرعة وضع قدميه فيه...
تقدم الضابط:
ـ ما الذي تفعله خارج المنزل؟
ـ لقد كنت عند النهر...
ـ الا تملك منزلا؟..ام انك لا تفهم الامر؟
ـ انني...
ـ اهم امر...لا تجب في وجه من هم اكبر منك...
كان صوت الضابط غاضبا ومرتفعا وتوقع ليون انه سيضربه بعد قليل...لكن الضابط قال:
ـ عد الى منزلك في الحال..وبعد الترحيل في الصباح لي حديث اخر مع سكان هذه القرية...
جرى ليون مسرعا الى المنزل وهو يلهث ثم فتح الباب بحذر لكنه وجد كليرا مستيقظة وامها قلقة جدا...
اسرعت كليرا تقول:
ـ اوه ليون...لقد كنا قلقتين عليك كثيرا...اين كنت؟
ـ لا تقلقي كنت قرب النهر...
وانحنى نحو الحذاء ليخرج القلادة التي التمعت على ضوء الشمعة على الطاولة...نظرت كليرا بتمعن وسالت:
ـ اليست هذه القلاد....
قاطعها ليون ولم يحتمل ان تكمل: نعم...
شهقت كليرا بخفوت ولم تستطع ان تقول شيئا...
كانت الافكار تتضارب في ذهن ليون ولكنه كان واثقا ان امه من المستحيل ان تضيع مثل هذه الذكرى الثمينة...
لكنه في الوقت نفسه لم يكن يريد ان يقول ابدا ان امه لحقت بعمته وربما والده...
بدون شعور توجه ليون الى احدى صور امه فقصها ووضعها بطريقة تخفي صورته هو وبقي وجها ابيه وامه
وحدهما في الاطار الفضي داخل القلادة...
قرر ليون ان يحمل ممتلكاته قريبا منه كما تفعل امه فوضع القلادة على الطاولة وفتح دولاب ملابسه
واخرج الكيس الصغير المطرز فعلقه بالسلسلة قرب القلادة ووضع كل ذلك حول رقبته تحت ملابسه...
ذلك الصباح كان الاصعب على ليون وهةو يرى الخيام تزول والجنود يجمعون سكانها الذين اصبحوا جزءا من القرية...
كان القرويون يراقبون كل شيء وسط الساحة بينما فصل اللاجئون عنهم على بداية الطريق المؤدية الى خارج القرية...
لم تبق كليرا وامها مع ليون حتى لا تسببا المشاكل بعدم طاعة الاوامر مع انهما لم تساءا ان تتركاه وحيدا
في هذه الضروف...لم يتوقف راس ليون عن التفكير فعلى الرغم من صغر سنه الا انه الان يفهم كل ما يجري
واهم ما كان يتجسد امامه هي حقيقة انه لن يرى كليرا بعد اليوم...
لم يسمح الجنود لاحد الراحلين ان يحمل معه شيئا وحدث كل شيء بسرعة حتى ان البعض لم يستطع ان
يرتدي ملابسه كاملة وبالنسبة لكليرا فقد كانت قدماها عاريتين وهي تقف وسط الثلج تكاد تتجمد...
اراد ليون ان يساعدها ولكنه لم يستطع الوصول اليها حتى امرهم الجنود بالتحرك
وكانت عينا ليون وكليرا معلقتين ببعضهما...
سار الراحلون وسط صفين من الجنود حتى خرجوا من القرية عندها تحرك ليون ولم يتحمل اكثر فافلت من الحصار
وجرى بكل ما اوتي نحو كليرا التي اندهشت وتوقفت مكانها...
ـ انت هناك...تحركي ايتها الفتاة...
لكن كليرا بقيت واقفة والتفت الجميع نحوها...كان ليون منحنيا على قدميها يلبسها حذاءه..
للحظة سادت الدهشة ولكن الجنود امروهما بالتحرك...
انتهى ليون في اللحظة التي وصل فيها جنديان امسك احدهما بكليرا ودفعا نحو امها لتتابع الطريق
بينما انحنى الاخر وامسك بذراع ليون بقسوة وجره خلفه بين الحشود نحو القائد...
لم يتوقف ليون عن النظر الى الخلف الى حيث كليرا حتى اختفت عن ناظريه فادرك انه توقف وظل طويل ارتفع فوقه
فنظر اليه لكنه ما ان ادار وجهه حتى نزلت صفعة قوية على وجهه ورمته ارضا...
قال القائد بغضب: انه انت ثانية...من علمك الا تطيع الاوامر..سوف تنال عقابا قاسيا ايها الولد...
انتفض ليون فقال: ليس من حقك ان تبعدهم...لقد اصبحت هذه القرية هي قريتهم ومنزلهم...
بدا وجه الضابط كانه تلقى لكمة فاحمر وجهه تماما مثل العمدة من قبل ورفع عصاه ودفعها بقوة الى صدر ليون
وهو ينحني بكل ثقله حتى اتكأ ليون على مرفقيه على الارض وقال الضابط من بين اسنانه:
ـ لست القائد هنا...وانا من يصدر الاوامر..اما انت...سيكون لي معك شان اخر...
ثم التفت الى جندي بقربه: فيدة وخذه الى خيمتي ريثما انتهي...ثم سنرى ما نفعله معه...
نفذ الجندي الامر ومن داخل الخيمة كان ليون يستمع الى كلمات الضابط للقرويين وهو يشتعل غضبا والما
لرحيل كليرا لكنه لم يكن نادما على فعله ابدا...
ـ من الان فصاعدا اعتبروا انفسكم تحت اشراف دولة جديدة..والقوانين هنا ليست كما في السابق...
كل شيء سيكون تحت امرة الجنود والقادة العسكرييين واي مخالفة سيترتب عليها عقاب شديد جدا...
والان عودوا الى منازلكم ولا تغادروها حتى اشعار اخر...
هدات اخر جلبة لانفضاض الناس ثم سمع ليون خطوات تقترب من الخيمة ودخل الضابط.:
ـ والان ايها الفتى..على الرغم من صغر سنك الا انك سببت الكثير من المشاكل..على العامة ألا يعصو الأوامر
وآخر ما احتاجه فتى مثلك يٌشعل فتيل النهوض ضد القيادة لاجل ذلك سوف يتم اخذك الى السجن الجنوبي
الذي يتبع مباشرة للقيادات العليا وهناك سيكون لديك الوقت لالاعيبك ولكنك ستدفع ثمنا غاليا عن كل منها...
في ظهر ذلك اليوم انضم ليون الى بعض الشبان والرجال الذين جمعهم الجنود من بين الهاربين بتهمة الخيانة
وتم اخذهم تحت حراسة شديدة الى السجن..وقد تيقن ليون تماما ان ذلك يكون اخر مكان يراه بالتاكيد...
[/TBL][TBL="https://up.harajgulf.com/do.php?img=1471278"]
[/TBL]
التعديل الأخير: