- إنضم
- 6 أغسطس 2013
- رقم العضوية
- 881
- المشاركات
- 8,834
- مستوى التفاعل
- 1,391
- النقاط
- 745
- أوسمتــي
- 8
- العمر
- 29
- الإقامة
- خارج الاسوار
- توناتي
- 0
- الجنس
- ذكر
[/TBL][TBL="https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at150618698142.png"]
الفصل التاسع : و اضمحلَ كُل شيءٍ إلى لا شيء.
هي لحظةٌ كالعينِ إذا طرفت و اتحدت جَفناها ؛ تلاقت و تشابكت رُموشها، ما تكادُ تتلاقى إذ بِها تبتعدُ في اتجاهانِ مُتنافرانِ مُتعاكسانِ.
كالبرقِ إن ومضَ ضياءهُ بَينَ سُحبٍ غاضبة تَدفعُ بعضها في سماءِ الليلِ عَلهُ يُنيرُ دُجاها.
كزجاجِ قَدحِ ماءٍ حينَ لُقاهُ و الأرض يتصدعُ قَبلَ أن ندرك، و يكون شَظايا بعدَ أن أدركنا..
لَكنها كانت أطولَ بكثيرٍ بالنسبةِ لَهم...
هي لحظة... لَكن بالاسمِ فقط، لحظةٌ شادةٌ استمرت دهرًا مِنَ الزمنِ.
كريس يَستحمُ بدماءٍ غزيرةٍ تَغمرُ جسده... يسارهُ أحمرُ قرمزي... و يمينهُ امتزجَ بقانٍ طازجَ و آخر داكن مُتخثر.. آخرهما لهُ و أولهما لعدوه.
أما آيدن فيحدقُ إلى الأعلى بعينيهِ الذهبيتين المتسعتين تَلمعانِ دَمعًا.
دَمعًا حَملَ معهُ فؤادَ صاحبهِ مُتبعثرًا معَ الريحِ مُتجهًا نحوَ سماءٍ مُعتمة.
بَينما هَوى جسدهُ مُنجذبًا نحوَ البحرِ الديجورِ يُفكرُ مُحاولًا استيعابَ تلكَ الكلماتِ بِلا جَدوى.
ارتطمَ بالماءِ و فقاعات الهواء تتصاعدُ إلى السطحِ عَكسَ جسدهِ المنجذبِ إلى الأعماق ، دماءهُ تلاشت بينَ مياهِ المحيطِ العظيمِ بحجمهِ فاقدةً لَونها المتميزَ كأنما كانت دونما أهميةٍ تُذكر.
تَمامًا كمشاعرهِ التي تبعثرت شُتاتَ ضبابٍ لاحَ في الأفقِ البعيدِ فَيتعذرُ جَمعهُ في إنائهِ و الإقفالُ عليهِ مُجددًا
صَوتٌ هامسٌ حملَ مِن حَسرةٍ و أسى كَما مَهولًا صدحَ صداهُ في رأسهِ " أحمقُ كبير.." بَعدَ مُحاولاتٍ كثيرةٍ لتجميعِ جُملة، حروفهِ المبعثرةٍ يُرتبها عِتابًا تلاشت كتلاشي الصدى مُخلفًا خلفهُ صَمتًا لَيسَ فيهِ سوى هدوءٍ جامح يأبى الرحيل.
لَم تكن مِن الوقتِ كُسرةُ لحظةٍ حَتى هوى جسدُ كريس إلى البحرِ لتعانقهُ أمواجهُ هو الآخر.
أما جين فقد سقطَ جاثيًا على ركبتيهِ، دمهُ تسربَ مِن صَدعٍ شقّ ظهرهُ مُمتدًا مِن كتفِه الأيمن حتى خاصرته اليسرى مُتطايرًا بَينَ ذراتِ الهواءِ عَديمة التماسكِ، تمامًا كَروحهِ و جسده فَلم يَطُل بِهما الوقتُ حَتى فارق إحداهما الآخر.
شعورُ فراغِ الموتِ تسللَ بينَ برودةِ جسدهِ و حرارته و شريطُ حياته يمر أمام عينيه فصدحت كلماتهُ الأخيرة يترددُ صداها في أفقِ العدم
" سامحني أميري.. يبدو أنني قمتُ بعصيانِ آخرِ أمرٍ ألقيتَ بهِ علي..."
هذا كانَ ندمه الوحيد طوالَ حياتهِ التي ذاقَ بها الأمرينِ كليلةٍ ديجورٍ لا متناهيةٍ تمتدُ إلى الأبديةِ دونَ ضوءٍ أو قمر..
ليلةٌ بزغَ فجرها معَ بزوغِ ابتسامةِ آيدن، فطغى النور على الديجور ليستمرَ ساطعًا فيهِ حَتى النهاية، حتى بعدَ أن فقدت عيناهُ ضياءهما إلى الأبد ...
جين ذو الستةَ عشرَ رَبيعًا، تساقطت أوراقُ حياتهِ معَ آخرِ ليالي الخريف.
قريبًا مِن رصيفِ الميناء... على تلكَ الرمالِ الذهبية كعينيهِ مشى كحلي الشعر مُترنحًا و نُجاخُ الأمواجِ على الساحلِ يُحطمُ هدوءَ مصغاه يواسي ركودَ روحه ؛ عقله و قلبه عَلهم يعاودونَ العصفَ بعتاءٍ مِن جديدِ إعصارًا لَكن لا مُستجيب.
استمرَ يسيرُ و يسيرُ فوقَ الرمالِ لتتركَ قدماهُ آثارها و مياهُ البحرِ تمحو ما تطاله مِنها، حَتى أصبحَ في أحدِ الأزقةِ بَين شوارعِ المدينةِ دونَ أن يعلم.
عَيناهُ تعجزانِ عَن ذرفِ الدموعِ رثاءً لصديقهِ الذي فَضلَ الفداءَ بروحهِ على الانصياع للقدرِ و رؤيةِ أميرهِ يموتُ أمامَ عينيه... و فقط يقومُ بحدادٍ صامتٍ انبثقَ مِن اللاشعور.
في تلكَ الأثناء في شوارعِ العاصمةِ ذاتها، جَرى أشيبُ الشعرِ يلهثُ ضبابًا دافئًا و تلفتَ يمينًا من ويسارًا بحثًا عَن شيلا التي اختفت بِلا أثر.
دَقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، و معها حصلَ لقاءٌ بَينَ صُدفةٍ و قدر... فحدقت ياقوتيتا آرثر اللاتي امتلأتا دمعًا تجمعَ يقيهما نسمات الشتاء الجافة بعسليتا آيدن الباهتتانِ تفيضانِ فتورًا و وهنًا.
كلاهما يلهثُ أنفاسًا حارة تستحيلُ ضبابًا، و كلاهما يشعرُ بقلبهِ يكادُ يحطمُ صدرهُ غيرَ آبهٍ بالعواقب.
ازدردَ الأولُ ريقهُ ثُم التهمَ شفتاهُ مُبللًا إياهما يُقلبُ ذكرياتهِ حينَ كانَ على شفير الموت قبل عدة أيام... هذا الشاب أنقذهُ.
أما الثاني استمرَ بالتحديقِ بنظراتٍ مُجوفة حتى هوى على ركبتيهِ ثُمّ استقبلَ الاسفلتُ الصُلبُ رأسهُ.
اقتربَ أشيبُ الشعرِ بخطواتٍ متباطئة يحدقُ بالمنهارِ أرضًا بنظراتٍ تَبعثُ السلامَ في النفوس فجلسَ القرفصاءَ أمامَ غريمهِ يتحسسُ رقبة الأخير بظهرِ كفهِ
هَمسَ " ساخن..."
طَوقَ آرثر رقبتهُ بذراعِ كحلي الشعرِ و وقفَ ليتوقفَ نصلُ رُمحٍ قريبًا مِن وجنتهِ و عيون بندقية التمعت ما امتزجَ بَينَ الحزنِ و الغضبِ تُحدقُ بهِ بحدة مما دفع بياقوتيتي آرثر للتحديق بهما بهدوءٍ و جدية
" مهلكَ، لستُ عدوًا."
و معَ ذلكَ مُقابلهُ لَم يتزحزح، لا يزالُ يرمقهُ بتلكَ النظرات الحادة و الحاجبان المعقودان كما لو أنهُ سيفصلُ رقبةَ الأشيبِ معَ أصغرِ حركة يقومُ بها.
فما كانَ مِنهُ سوى أن يردفَ " اسمع، لن أسألَ عَن شيء، سأردّ دَيني فقط.. صديقكَ ينزفُ هُنا لذا لا أظن أنّ لديكَ الوقتُ لتفكرَ على مهل ؟."
احتدت نظراتُ كريس ليخفض برمحهِ بغيرِ اقتناع، هو لا يثقُ بمقابلهِ قطعًا، لَن يستغربَ إن كانَ مَدسوسًا كجوزيف.
لكن لا يستطيعُ الاعتمادَ على أحدٍ غيره، فأقربُ حليفٍ أبعدُ مِن أن يصلَ إليهِ قبلَ أن يتمَ إمساكهما.
تقدمَ كريس من الواقف أمامه يحاولُ حملَ كحلي الشعرِ فما كانَ مِن آرثر سوى أن يقلبَ عينيهِ متذمرًا " الرحمة !، مصابٌ يحملُ مصابًا آخر و الشخص المتعافي بينهما لادورَ لهُ سوى اللعبِ في الجوار !، أنا لَن آكلهُ حسنًا ؟."
رمقهُ كريس بنظراتٍ متفحصةٍ مِن أعلاه إلى أسفلهِ فقالَ بنبرةٍ حادةٍ مُحذرًا " قُم بأيّ حركةٍ مشبوهةٍ و لَن تشعرَ إلا برأسكَ يحلقُ في الهواء."
أغمضَ آرثر عيناهُ الياقوتيتانِ يُسايرُ كريس فقالَ " أجل أجل لقد فهمت، لَن أفعل لَن أفعل."
توجهَ الاثنانِ نحوَ شقةِ آرثر و لَم يستغرق الأمر منهما كثيرًا حَتى بَلغاها فقرعَ الأخيرُ البابَ ليُفتحَ فيستقبلهما هوائها الدافئ و ليديا تهتفُ بقلق " أهلًا بعودتكَ !، أتمكنتَ مِن العثورِ عليها ؟."
أومأ نفيًا فقالَ " أحضري كل ما لدينا من إسعافاتٍ أوليةٍ سريعًا !."
حَولت بنفسجيتاها نحو كريس و آيدن لتشهقَ فتلتفَ نحوَ الداخلِ مهرولةً لتهتفَ " حالًا !."
أمست الساعةُ الثانية فجرًا، و الهدوءُ يخيمُ على تلكَ الشقةِ فلا صوتَ يُسمعُ سِوى لفرقعةِ النيرانِ داخلَ تلكَ المدفأة القديمة.
آيدن مُمددٌ على الأريكةِ أمامها يرتدي ملابسَ الأشيبِ التي أعارهُ إياها كونَ ملابسهِ قَد ضُرجت بالدماء بعدَ أن قامَ بتضميدِ جراحهِ و ما زالَ فاقدًا للوعي.
أما كريس يجلسُ أرضًا بَينما يُضمدُ آرثر جرحَ كتفهِ بعدَ أن تعاملَ معَ ذلكَ الذي في قدمهِ و الصمتُ سيدُ الموقف.
زفرَ الأخيرُ بحدةٍ بعدَ أن لَم يستطع السكوتَ أكثرَ فقالَ متذمرًا " بحقِ الإله كيفَ أصبتَ بجرحٍ كهذا ؟، عظامُ ظهركَ و كتفكَ شُطرت إلى نصفينِ و هو يكادُ يطالُ رئتكَ اليُمنى !."
مَرت على كريس ذكرى، حينَ حَطت القُنبلةُ أمامهم و دفعَ جين بهِ و آيدن إلى الطابق الأدنى ، ثُمّ ارتطامه بالأرض حينَ غُرسَ رُمحهُ الشخصيُ بكتفهِ آنذاك و تكتمه عن الأمرِ لألا يُقلقَ رفيقاه، و كَم كانَ مُحقًا من وجهة نظره !.
أجابَ بينما يصبُ نظراتٍ راكدة على نيرانِ المدفأةِ أمامهُ " سَقطتُ مِن طابقٍ إلى آخر فَغُرسَ الرمحُ الذي أعلقهُ على ظهري بهِ."
و فورَ سماعِ آرثر لإجابةِ مُقابلهِ وبخَ قائلًا " و أنت بالطبعِ لم تهدأ إنما استمريتَ بفعلِ مهما كانَ ما كُنتَ تفعل !."
أومأ أخضر الشعرِ بالإيجاب مُكتفيًا بذلكَ كردٍ على توبيخِ الأشيبِ فما كانَ منَ الأخيرِ سوى أن يزفرَ بقلةِ حيلةٍ مُحاولًا استعادةَ هدوئهِ فقالَ " على كلّ حالٍ فلتنل قسطًا منَ الراحةِ الآن، لقد خسرتَ الكثيرَ من الدماء."
تركهُ بعدَ أن قالَ سطرهُ يُرتبُ الأغراضَ في علبةِ الإسعافاتِ الأولية فنهضَ كريس مُتوجهًا نحوَ آيدن المُمدد على الأريكة يُمسدُ خصلاته الداكنة بقلقٍ مما دفعَ بآرثر للتمتمة " أخبرتكَ أنني لَن آكله..."
و ها هي ليديا تُقبلُ عَليهما بصينيةٍ فوقها أربعةُ أكوابٍ مِنَ الحليبِ الساخنِ و ابتسامة لطيفة تُزينُ ثغرها فقالت مطمئنة " لا تقلق، رُغمَ كُلّ شيءٍ فآرثر بارعٌ في العلاج و الأمور من هذا القبيل."
مدت لهُ الصينية ليأخذَ آرثر كوبًا ثُمّ يُحدقُ بالبقيةِ مُترددًا، لكنهُ أخذَ واحدًا على أيةِ حال، هو لَم يثق بهم، و ليسَ و كأنهُ سيشربه، هذا ما أقنعَ بهِ نفسهُ.
سألَ بُني العينين بعدَ أن ابتسمَ مُتكلفًا " أهو طبيب أم يدرس الطب ؟."
أجابَ المعنيُ بينما يحاولُ أخذَ رشفة مِن كوبهِ " لا هذا و لا ذاك... صادفَ أني قرأتُ بعضَ الكتبِ الطبيةِ فقط."
قالها ثُمّ هتفَ بعدَ أن احترقَ طرفُ لسانه " ساخن !!."
همهمَ كريس يحدقُ بكوبهِ شاردًا، بينما استذكرَ آرثر حديثهُ معَ شيلا ليشردَ في ليديا بدورهِ
هو قَطعًا لَن يُصيبها بأذى، و معَ ذلكَ كلماتُ شيلا تحملُ الكثيرَ مِنَ الغموض، كيفَ عساهُ يتركُ المكان ؟، إلى أينَ يذهب ؟، و هَل يوجدُ شيءٌ غيرَ الخرابِ في الخارجِ أصلًا ؟، إذًا ماذا سيجدُ هُناكَ ؟.
لموت في ذهنهِ ذكرى مُهاجمةِ الأموات السائرونَ قريتهم، و الآن بالتفكيرِ بالأمر كيفَ حدثَ ذلكَ ؟.
أخذَ نفسًا عميقًا يزفرهُ بضيقٍ فعاد إلى الواقعِ على صوتِ ليديا القلقِ تقول " ما الأمرُ آرثر ؟، تبدو غريبًا منذُ الصباح..."
فما كانَ منهُ سوى الابتسامِ زيفًا " لا شيء، متعبٌ منَ العملِ فقط."
ما إن أنهى سطرهُ حتى أدركَ غباء العذر الذي طرحه توًا، كيفَ يكونُ متعبًا مِنَ العملِ و هو لَم يذهب إليهِ اليومَ أساسًا ؟
تداركَ الوضعَ مُغيرًا إتجاهَ دفةِ الحديثِ بقوله " عـ على كلّ حالٍ كريس، ما رأيكما لو بقيتما حتى تُشفيا ؟، لا أدركُ ماذا حدثَ بالضبط لكن لابد أنّ أيًا كانَ من يطاردكم يبحثُ عنكم الآن ، من الواضح أن الاختباء هو أفضل الحلول حاليًا."
فجأة انصبَ إلى مسامعهم صوتُ آيدن المبحوحِ و الخافتِ تعبًا يقول " لا، نحنُ يجبُ علينا مغادرةُ المستعمرةِ حالًا."
انتفضَ كريس يُسندُ أميرهُ فورَ رؤيتهِ شبهَ جالسٍ و الكمادة الباردة تنزلقُ مِن على جبينهِ مُعاتبًا بقلق " لا يجبُ عليكَ أن تتحركَ دين !."
وضعَ الأشيبُ فنجانهُ جانبًا يقولُ بهدوء " هو محق... بالإضافة ، لا يمكنكَ الحركة بجروحٍ كهذهِ و نفسُ الشيءِ يطبقُ عليه، لذا كما قلت اختبئا هُنا حَتى تهدأ الأمور قليلًا."
ردّ آيدن و قد اتضحَ مقدارُ تعكرِ مزاجهِ " أنتَ لا تفهم، الجيشُ الملكيُ سيفتشُ كُلّ زاويةٍ مِن المستعمرة و منزلكَ ليسَ باستثناء !."
صفرَ آرثر بإعجابٍ مجيبًا " واو ~ ،الجيش الملكي، أأنتما لصوصٌ أو ما شابه يا شباب ؟."
هتفَ بهِ آيدن مستنكرًا بنيما يلتفتُ إليه " بالطبعِ نحنُ لسـ--."
تبخرت حروفهُ تمامًا حينَ لمحَ مُحدثهُ ليقول " أنت ... من ذلكَ الوقت..."
سكتَ آرثر يحدقُ بهِ بتعجبٍ لوهلةٍ ثُمّ أجابَ " ألاحظتَ ذلكَ توًا ؟."
أما ليديا فقد ابتسمت بإرتباكٍ تُوضحُ لآرثر بصوتٍ خافت " آرثر.. إنهُ الأميرُ الثاني."
حدقَ بهِ آرثر مُهمهمًا " إذًا فهوَ يكونُ ابنَ شيلا، هو حقًا لا يشبهها أبدًا..." هو كَتمها في سِرهِ
أما آيدن فقد تشبثَ بعنادهِ يقول " على كُلّ حالٍ نحنُ سنغادرُ كريس، و هذا نهائي !."
اعترضَ كريس يقولُ بجدية " و كيفَ تنوي هذا ؟، لا يوجدُ مخرجٌ سوى البوابة، و الجيش الملكي يحرُسُها ليلَ نهار."
و هُنا ثارَ غضبُ آيدن أخيرًا ليهتفَ مُنفسًا عَن جزءٍ مِن المشاعر السلبية المتراكمة داخله مما أفزعَ ليديا قليلًا " إذًا ماذا ؟، أتخبرني أن أبقى ساكنًا مكانيَ أنتظرُ إمساكهم بي و جريّ نحوَ المقصلة ؟، إذًا ما كانَ الداعي لموت جين ؟، ما كان الداعي لتضحيته ؟، أتخبرني أن أموت و أترك حياته تذهبُ مهبَ الريح ؟!."
حدقَ بهما آرثر لوهلةٍ يحاولُ تجميعَ أفكارهِ و ترتيبها، هما لا يبدوانِ لهُ سيئان لكن هَل يجدرُ بهِ الثقةَ بِهما حقًا ؟
" هُناكَ مخرج... على الأرجح ." قالها حاسمًا قرارهُ في وسطِ الأمران، لَن يثقَ بهما، لكنهُ لَن يشكَ أيضًا.
أما آيدن فقد دققَ في حديثِ مقابلهِ سائلًا " على الأرجح ؟."
أومأ آرثر " إنها مقامرة، مستعد للقيام بها ؟."
استعدّ كريس للاعتراضِ فسبقهُ الأشيبُ مردفًا " فقط لعلمكما، أفعلُ هذا لردّ الدينِ لا أكثر ، أكرهُ كوني مدينًا لأحدٍ بشيء، كما أنّ هدفنا واحد."
ضيقَ كريس عينيهِ بشكٍ " واحد ."
" الخروجُ مِنَ المستعمرة." قالَ آرثر ليجيبَ كريس بسؤالٍ آخر " و السبب ؟."
ابتسمَ آرثر ساخرًا فأجاب " قد أفكرُ بإخباركما إن أخبرتماني عن سببكما ؟ "
وضعَ آيدن كفه على كتفِ كريس قائلا " لا بأس... يمكنكَ الوثوق بهِ كريس..."
حوّلَ نظراته نحو آرثر مستكملًا " إذًا... عَن طريقِ الخروج من المستعمرة..."
ابتسمَ آرثر يُرخي جسدهُ إلى الخلف فأجابهُ بسؤالٍ آخر " و ما الذي يجعلكَ تثقُ بي إلى هذهِ الدرجة ؟، قَد أكونُ عدوكَ كما يقولُ هو ؟."
أغمضَ آيدن ذهبيتاهُ يجيب " لقد سمعتُ مِن والدتي مرة.. إن أصبحَ العالمُ كُلهُ ضدي فجأة فلا يمكنني الوثوقُ سوى بِمَن يمتلكُ مظهرًا كمظهرك ، هذا كُلّ شيء."
همهمَ آرثر مُتفهما، هو قطعَ الشكَ باليقينِ مِن خلالِ إجابةِ مُقابلهِ، شيلا بالتأكيدِ تعرفُ كثيرًا مما لايعرفهُ هو، معرفةً تشملهُ و هي
و هذا الشخصُ الماثلُ أمامهُ مُتصلٌ بتلكَ المعرفةِ سواءَ شعوريًا أو لا شعوريًا
قالَ في سرهِ " أشعرُ بالسوءِ لفعلي هذا لكن اسمح لي باستغلالكَ قليلًا." ثُمّ أردفَ موجهًا حديثهُ إلى كُحليِ الشعر " قريةُ ليديا هوجمت... مِن قبلِ أمواتٍ سائرون..."
سكت لتقطبَ ليديا حاجبيها منزعجة " إنها قريتكَ أيضا آرثر !."
ابتسمَ لها مربتًا على شعرها دون إجابة فأكملَ حديثه " إذًا لو فكرنا بالأمرِ قليلًا ، لا بد من وجود فتحةٍ ما، فُتحة ولجوا إلى الداخلِ من خلالها... لو حالفنا الحظ قد تكون لا تزالُ هناك ... "
أحاطَ آيدن ذقنه بأصابعه مفكرًا " فعلًا... هذا منطقي... إذًا ماذا سنفعل ؟ "
ابتسمَ آرثر محولًا نظرهُ نحو ليديا و قال " ليديا ... احزمي أمتعتك ... سننطلق خلال دقائق ! "
أجفلت ليديا باستغراب تسألُ " بهذه السرعة ؟ " هي لَم تعتد منهُ العجلة، لطالما كانَ يخططُ لكُلّ خطوةٍ بعناية قبلَ أن يقومَ بها، إذًا ما بالهُ اليوم ؟، سألت نفسها تؤكدُ لها وجودَ خطبٍ ما بهِ بكُلِّ تأكيد.
أما آرثر فقد أومأ لها إيجابًا فذهبت تجهز حاجاتهم على عجل ليلحقَ بها بدوره تاركًا آيدن و كريس وحدهم و فرقعة النيرانِ في المدخنة تحول بينهما و الهدوء...
هما فقدا آخر صديقٍ لهما... ذاك الذي كان كالنارِ يُحولُ ظلامهما نورًا ساطعًا... يُدفئهما بابتسامتهِ كما تفعل الشمسُ تمامًا... فمهما بحثا في ذكرياتهما، لَم يَجداهُ إلا وقَد كان إما مبتسمًا لهما، أو قلقًا عليهما.
و حَتى لَو حَلت مُعجزة، لَن يكونا قادرانِ على رؤيةِ ابتسامتهِ المشرقةِ مُجددًا
هُما يدركانِ الحزن الذي يمر به أحدهما الآخر... و يدركان أنّ الكلمات المواسية بلا حولٍ و لا قوة... فما الذي قَد يُقالُ لإخمادِ الألمِ داخلَ كُلٍ مِهما و من فقداهُ لَن يعودَ مجددًا ؟، و عليهِ آثرا الصمت على الكلام .
أما عند آرثر و ليديا صنعت الأخيرة وجهًا عابسًا تطالبُ الأول بتفسيرٍ مقنعٍ لما دارَ توًا مِن حوار " فلتشرح آرثر... لِمَ علينا المغادرة ؟ "
أوقفَ ما كان يفعله مبتسمًا بارتباك لا يعلم بما يجيبها بالضبط، بالتأكيدِ هو لا يستطيعُ إخبارها أنهُ سيتحولُ إلى شيطانٍ و سيقتلها على الفور، ذلكَ كانَ ضربًا مِنَ الخيالِ حَتى في عالمٍ كهذا
و في النهاية هو فقط قرر إخفاءَ نصفِ الحقيقة " ألم أخبركِ ؟ " قالها محاولًا كسبَ الوقتِ ليجمعَ شُتاتَ حروفهِ المتناثرة .
" لا لم تفعل ! " خرجت مِن بينِ شفتيها بشيءٍ من الحدة ليغمضَ هو عينيه كمن تلقى تأنيبًا توًا
أجاب مُرتجيًا مِنها الاستسلام " حسنا كيف أشرح الأمر... "
لكنها لم تُزحزح نظراتها الحازمة فما كانَ منهُ سوى أن شتتَ نظراتهِ في الأرجاءِ مُقررًا الدخولَ في المهمِ مباشرة " أنا... لديّ شيطانٌ داخلي.. و ربما يستولي على جسدي... "
ارتبكت لتتراجعَ خطوةً إلى الخلف فأكمل " شيلا قالت أنّ الطريقة الوحيدة لتجنبِ ذلك هي بالخروجِ من المستعمرة ... الحلّ موجودٌ في مكانٍ ما خارجَ الأسوار... "
ابتسمت ليديا بارتباك " لا بد أنها تكذب آرثر ! لا يوجدُ دليلٌ على صحةِ كلامها ! لِمَ تصدقها ؟ "
التمعت عينيه يتذكرُ مقتطفات التجربة التي وقعت عليه قبل خمسةِ أعوام فقال " إنها لا تكذب ... بالعكس أنا مستغربٌ كوني هنا حيٌّ أرزق بعد كلّ هذا ... سيكون من الغريبِ ألا أختفي أو أعاني من مضاعفاتٍ أخرى غيرَ مظهري هذا ..."
أمسكت بيده قائلةً " اشرح لي إذًا ..."
سردَ آرثر عليها حديثهُ مع شيلا بالتفصيل متناسيًا جزء إيذائه لها، هو يعلمُ أنها ستنهارُ إن علمت أنّ السبب الرئيسي وراء إصرارهِ على موقفهِ هو حمايتها مجددًا، تُلقي اللومَ على عاتقها و هي لا ذنبَ لها في شيء .
اختتمَ حديثه قائلًا " ليديا... أريدكِ أن تعلمي أنّ سبب ثقتي بكلامها هو أننا شاهدنا الجحيم نفسه، يستحيلُ أن تكذب، و حتى إن كان كلامها كذبًا هي هربت من القلعة... مما يعني أنّ الحكومة متورطة في الأبحاثِ التي تجري تحت الأرض، و بما أنهم يبحثونَ عنها ربما يعتقلونني أنا الآخر كون مظهرانا متشابهان تمامًا.. لا أريدُ أن اعودَ إلى هُناك أبدًا.. تتفهمينَ صحيح ؟. "
حدقت به بملامح هادئة تمدّ يدها نحو خده ببطء فتحسسته بأناملها " إن كان من أجلكَ آرثر... سأذهبُ إلى أيّ مكان، فنحن إخوة بعد كلّ شيء... "
Arthur's P O V أحدهم لاستعادةِ نفسه ... أحدهم لحمايةِ عائلته... أحدهم لألا يفرط بالحياةِ الجديدة التي تمّ منحهُ إياها... و أحدهم ليصبحَ أقوى ... بهذه الأهداف ... طمعوا ببلوغِ الجانبِ الآخر من العالم END P O V
[/TBL][TBL="https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at1506186981473.png"]
[/TBL]
التعديل الأخير بواسطة المشرف: