[TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at1509892435831.png]
[/TBL][TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at1509892684291.png]
_ مم ما هذا ؟ أين أنا ؟ لمَ المكان مظلم !؟
لمَ أشعرُ برطوبةٍ باردة تتسللُ إلى جسمي ؟ لمَ ملابسي ممبلة ؟
لمَ لا أقوى على تحريكِ أجزاءُ جسدي .. لمَ أنا خاملُ هكذا ؟
لمَ أطفو الآن وكأنني في نسمةٌ الفضاءِ العميق ؟
لحظة ... أنهُ .. أنهُ ذلك اليوم نفسه !
أنهمارُ مطرٍ شديد ملأت كل حيز في أرجاءِ المكان ،
ظلامٌ عميق أكتسى شارعَ حيٌ ما والمنازل أطفئت أنوارها أستعداداً للخلودِ إلى النوم
أو ربما بسبب أنقطاع التيار الكهربائي أثر هذهِ العاصفة .
كل مجموعةٍ من قطراتِ المطر هابطة يصحبها صوتُ رعدٍ بمجرد سماعهِ تظن أنها كارثةٍ قد وقعت .
أثناءها هناك أقدامُ شخصٍ ما تجري متجاهلةُ كل ما يحدثُ حولها ،
أنهُ أنا ... !
أجل .. أذكر حينها كانت ملابسي قد تبللت بالكامل .. مع ذلك أستمريتُ بالجريان
حاملاً بيدي اليسرى مظلةٍ ، توقفتُ عندَ فرعٍ من ذلك الحي
كنتُ ألهثُ بتعبٍ أثر المسافةِ التي قطعتها
لأصدم برؤيةِ ذلكَ المشهدِ القاسي .. المشهدُ الذي عذبني طيلة الفترةِ الماضية !
فتحتُ عيناي بسرعةٍ لأهربَ من ذلكَ المنظر الذي تكرر عليَ كلُ ليلةٍ .
صحوتُ من على السريرِ لأتكئ عليه مريحاً جسدي الذي بدى متعباً مع أنني أستيقظتُ تواً
بقيتُ أحدقُ بالفراغ والعرق يتصببُ مني وكأنني خارجُ من قتال في حلبةِ مصارعة .
قطعتُ تأملي ذاك بعد أن توجهتُ نحو النافذة وأزلتُ الستارَ الذي شغلها لأنطقَ ببرودي المعتاد :
_ كابوس !
فتحتها بهدوء لتبدأ نسماتِ ريح الصباح تتراقص على وجهي وشعري الأشقر
وعيناي التي عهدتهما بئرةٍ للأوجاعِ والأحزان
لا أبالغُ أن قلتُ أنها تبدو كما وكأنها شهدت على الحربِ العالمية الأولى ،
كان الوقتُ خريفاً أي أننا عما قريب سندخلُ في رأسِ السنة .
_ مرت ثلاثُ سنوات على ذلكَ اليوم .
بعدَ قولي هذهِ الجملة كدتُ أن أدخلَ في عالمٍ من اللاوعي لولا تذكري أن اليومَ
أول يومٍ لي في تلك الثانوية ، الثانوية التي أنتقلتُ لها جراءَ ظروفِ عملِ والداي المستمر
وسفرهما الدائم لذا أنا أقضي معظم وقتي وحيداً وقد أعدت على هذهِ الحال منذ
أن وعيتُ على هذه الحياةِ المملة .
تناولتُ فطوري وخرجتُ من المنزلِ بوجهي البائس الذي صاحبني طلية ثلاثِ سنواتٍ ماضية .
لأصلَ أخيراً إلى تلك الثانوية لكن الغريب لم يكن أحدُ بخارجها أو داخلها ...
أظنُ أنني قد تأخرت من اليومِ الأول
دخلتُ إلى الفصلِ وأنا ألهث لأرى أبصار كل من فيهِ موجهةُ نحوي ويرمقوني بغرابة
كأنني كائن من الفضاء أو ما شابه ذلك
_ أسف لتأخري ، لن أكررها مرة أخرى .
_ حسناً لا بأس ، تعالَ لتعرفَ بنفسك .
تقدمتُ نحو المنضدة التي كان يُدرس عليها الأستاذ وعرفتُ بنفسي رغم كرهي الشديد لفعلِ هذا .
جلستُ بعدها في مقعدٍ قريبٍ من النافذةِ .. أظن أنهُ الشيءُ الوحيد الجيد في كل الأمر
فأنا دائماً ما كنتُ أفضل الجلوس قربَ النافذةِ في ثانويتي القديمة
أنتهى الدرس ولم أشعر إلا وأن مجموعةُ من الفتياتِ قد تجمعن حولي لتبدأ كل واحدةٍ منهن بسؤالِ
أسئلةٍ غبية لا أطيق سماعها أو بالأحرى لا أطيق محادثة الفتياتِ أصلاً ،
قمتُ بسرعةٍ وخرجتُ من الفصل تاركهن ينظرن إليَ بتعجبٍ وأستغراب .
توجهتُ إلى المقهى علهُ يهدأُ من روعي قليلاً بعدما طلبتُ شيئاً دافئاً تناسباً مع حالةِ
الطقسِ في مثل هذا الوقتِ من السنةِ ، تفاجئتُ بأن شخصاً ما قد جلسَ بجواري
أعتقدتُ أنهُ فتاةُ حمقاء أخرى ولكن بعد النظرِ في وجههِ تأكدتُ أنهُ فتى .
ألقى علي التحية وأجبتهُ بأستغراب وأنا ميقنُ أنني رأيتهُ من قبل
_ ما بك ؟ أهناك شيءُ على وجهي أكاينو .. أسمكَ أكاينو صحيح ؟
_ أه أجل ... كيف عرفتَ هذا ؟
_ هذا لأنكَ أتيتَ اليومَ إلى فصلنا .
أجابني بنبرة ضاحكة .. أظنُ أنني عرفتُ أخيراً أين رأيتهُ .. يقطعُ حبل أفكاري قائلاً :
_ أسمي أكيهيكو أكاتشي .
_ أه أهلاً بك .
مضت مدة معينة ولم أنطق أو أتحدث بأي شيء ... كان الصمتُ سيدُ المكان ،
العجيب أن هذا الأكيهيكو كان يأكل بصورة أعتيادية وكأنهُ على معرفةٍ بي من قبل
بينما كنتُ أحاولُ تجاهل أنهُ يجلسُ بجاوري بجمودي المعتاد .
يأتي من بعيد مجموعةُ من الأولادِ يبدو أنهم أصدقاء أكيهكو وهذا ما كان فعلاً
دعوهُ للعبِ معهم فوافقَ ثم أستدارَ نحوي مودعاً أياي بأبتسامة وجههِ التي لم تفارقه منذ أن رأيتهُ .
عدتُ إلى المنزلِ بعد يومٍ طويل وشاق وأستلقيتُ على سريري
بتعبٍ مغمضاً جفنَ عيناي ببطئ لأرى ذاك الكابوسَ ثانيةٍ
حيث المطرُ يهطلُ بغزارة أرى ذاكَ المشهدَ الصادم .. أثنان يقفان أمامي .. أحدهما ينظرُ أليَ
نظراتِ براءةٍ وهدوء وكأنهُ لم يفعل شيئاً لم أركزُ على ملامحِ وجهِ الآخر
فقد كان كل همي هو الشخص الذي يقف
بجانبهِ يرسمُ على وجههِ تلك الملامح المزيفة التي تخدعُ
كل من ينظرُ إليها وكنت أنا من ضمنِ ضحاياهُ تلك .
فزعتُ من جديدٍ كالمرةِ السابقة التي أفقتُ بها من ذاك الكابوس وكانت
أجزاء جسمي قد غزاها العرق .
وجهتُ أنظاري نحوَ الساعة الجدارية رغمَ التعب والصداع الذي تملكني في تلك اللحظة .
_ أنها منتصف الليل .. كيف هذا ؟ ألم أعد قبل قليل ؟ أم أنهُ بمجرد رؤيتي لذاك الحلم
لا أدركُ الوقت !
في تلك الساعة تمنيتُ لو أنني أنسى بسرعةٍ كما يسيرُ الوقتُ حين لا يبالي بهِ الأنسان ،
ولكن .. لا أظن أن هذا سيحصلُ فتلكَ الذكرى ستظلُ ملازمةٍ لي حتى أخر يوم .
أغمضتُ عيناي من جديد متأملاً ككلِ ليلة أن أصحو ويكون
كل ما أمرُ بهِ الآن وقبل ثلاثِ سنوات مجردَ كابوس مزعج .
_ أه .. ما هذا الضوء .. تبا .
وضعتُ يدي على عيني علي اتخلص من هذا النور الحارق الذي تسللَ إلى جفناي الناعسان ...
ولكن كانت محاولة فاشلة .
نهضتُ بأنزعاج كالعادة ولكنه لم يدم طويلاً إذ كانت الساعة 7:30 صباحاً
_ يا ألهي سأتأخر اليوم أيضاً .
أستفقتُ بسرعةٍ وأنهيتُ جميع ما كان علي فعله كل يوم
وأخذتُ اركضُ متأملاً أن لا أكون قد تأخرتُ مجدداً .
_ ص صباحُ الخير .
لهثات أعتلت كلماتي أثناءها كان جميع من في الصف يرمقني بنظراتهم الغبية ذاتها .
بعد أعتذاري من الأستاذ توجهتُ نحو مقعدي لألحظَ أكيهيكو
الذي جاورني في مكان جلوسي يبتسمُ ابتسامةٍ صغيرة ناظراً نحوي .
بعد أستقراري أخذتُ أُخرجُ المادة التي كان درسنا حولها وكلُ أنظاري وسمعي نحو الأستاذ
محاولاً فهم ما فاتني لكن يالا الأسف أنتهت الحصة ولم أفهم منها معادلةٍ أو مسألةٍ واحدة !
أثناء حزمي لأغراضي التي توسطت مقعدي يتخلل مسامعي صوتُ بدى لي مألفواً :
_ مرحباً أكاينو
ألتفتُ نحو مصدرهِ فإذا بأكيهيكو مبتسماً أبتسامة واسعة وكلتا يديهِ خلفَ ظهره :
_ اه أهلاً
_أظن أنك لم تفهم شيئاً من الدرسِ السابق فما رأيكَ أن أشرحَ لك ما فاتك ؟
_ ح حسناً ، شكراً لك .
أجبتهُ بتلبكٍ وحيرة فمالذي يدفعكَ لمساعدةِ شخصٍ بالكادِ تعرفهُ !؟
_ إذاً أنتظرني لحظة .
توجه أكيهيكو نحو مقعدهِ قاصداً حقيبتهُ ليخرجُ منها كتاب المادةِ التي لم أفهمها .
توجهنا نحو المقهى وأبتدأ أكيهيكو بمحاولةِ شرح الدرسِ الذي فاتني ،
لقد كان مختلفاً عن بقية الأولاد ،
كان كثير الأبتسام , لطيف وواضح أن له شعبيةُ كبيرةٌ بين كلا الجنسين
دائماً ما كان يحاولُ الأقترابَ مني وكسبي
إلا أنني في كلِ مرة أعاملهُ بطبيعتي الباردة بينما هو لم يبالي بشيء
وأستمرَ بمحاولاتهِ تلك ، إلى أن صادف في أحدى المرات
حيثُ أمسى المساءُ يخيمُ على أجواءِ المكان كان الطلاب يسيرون
خارجين من الثانوية قاصداً كل واحدٍ منهم منزله وأنا كنتُ واحداً منهم
تذكرتُ في تلك اللحظة أنني نسيتُ كتابي في المكتبةِ أثناءَ قرآتي
أحدى رواياتِ الغموضِ التي أفضلها فعدتُ أدراجي أهرولُ راكضاً
متأملاً إلا تكون المكتبة قد أغلقت أبوابها
وهذا ما كان فعلاً .. أستعدتُ الكتابَ وتوجهتُ خارجاً
إلا أنه يعترضُ طريقي مجموعةُ تكونت من ثلاثةِ صبيان
يبدو عليهم الشغب ، تقدمَ نحوي أحدُ هؤلاء محاولاً
أخذِ حقيبتي إلا أني لكمتهُ على وجهِ مما تسببَ في تقيؤه للدم
هرولَ نحوي الآخران بعد رؤيةِ ما حصلَ لرفيقهما
وتمكنا من تقييد حركتي ويالَ الأسف لم أستطع مقاومة هجومها ذاك
وها أنا الأن واحدٌ ضد ثلاثة ،
يتقدمُ الشخصُ الذي تسببتُ في نزفهِ مفرقعاً أصابع يده
باسماً بسخرية وفي اللحظةِ التي أستعدَ لرد الضربةِ لي
أغمضتُ عيناي أستسلاماً لتلك اللحظة التي لم أقوى فيها على الدفاع عن نفسي
والعجيب أنني لم أستلم ضربتهُ تلك أفتتحتُ أنظاري ببطئ لأراهُ واقعاً على الأرض بعدما
تلقى ضربة قوية من خلف رأسه نظرتُ أمامي مباشرةٍ فإذا هو أكيهيكو يبتسم أبتسامة تحدي قائلاً بثقةِ :
_ من التالي ؟
تكلمَ أحدُ الشخصان المشبكان لي وقد بانَ على نبرةِ صوتهِ الخوفُ رغمَ سعيهِ لأخفاءها بخشونةِ صوته :
_ هيي من أنت ؟ وكيف تجرأ على الوقوف أمامنا هكذا ؟
نطق الآخر :
_ لنقضي عليه .
توجها نحو أكيهيكو بسرعةٍ أستعداداً للتخلصِ منهُ إلا أنهُ يردعهما بإعطاءِ كل منهما
ضربةٍ جعلت فكَ حلقهِ السفلي ينزف دماً فيستأنفُ رين :
_ هل هذا يكفي أم تريدان المزيد ؟
يتقشعر بدن الأثنان رغمَ ضخامةِ كلاً منهما فيسارعان بحملِ المغمى عليه قائلين :
_ لنا لقاء وسنجعلكَ تتمنى لو أنك لم تعترض طريقنا يوماً !
بعد أنهاءِ جملتهم تلك ولوا راحلين بسرعة .
جثوتُ على الأرضِ بأندهاش مما حصل ،
ألتفتَ أكيهيكو نحوي فيتفاجئ برؤيتي هكذا ويهرعُ نحوي ظناً منهُ أنني قد أصبتُ أو ما شابه ذلك .
_ هل أنت بخير ، أكاينو ؟
_ أجل ، أنا بخير .
يبتسمُ أكيهيكو قائلاً :
_ أنهمُ مجموعةٌ قد شاعَ عنها أنها تبقى حتى وقتٍ متأخر هنا تنتظرُ أي فريسة
في مثلِ هذا الوقتِ لتنقضَ عليها وتأخذَ منها إي شيء ثمين تحمله .
نطقتُ بنبرةٍ خافتة لكن لا أظنُ أنه سمعني :
_ شكراً لك .
أستقامَ رين ينظرُ بالأتجاهِ التي هربوا بهِ واضعاً كلتا يديه حول خصرهِ وأستأنفَ حديثهُ :
_ على كلاً لا أظن أنهم سيعودون مرة أخرى .
_ رين ، شكراً لك .
تحدثتُ بنبرةٍ أعلى هذهِ المرة
يستديرُ نحوي فيبتسم تابعاً أبتسامتهُ بمدِ يده كي يساعدني على الوقوف ،
تتسع حدقتاي ثم بادلتهُ الأبتسامة وسلمتهُ يدي ومعها كل ثقتي .
لقد مر شهر على ذلك اليوم .. اليوم الذي صرنا أنا وأكيهيكو أصدقاء ،
أصبحنا نخرجُ معاً ، ندرسُ معاً ، نلعبُ معاً ونفعلُ كل شيء معاً .
أظنُ أن صداقة رين قد ألهتني عن التفكيرِ المستمر بذلك اليومِ المشؤوم .
_ اه ، كم الوقت الآن ؟
وجهتُ بصري نحو الساعةِ لأراى أن عقاربها تشيرُ نحو 2:30 صباحاً
عجيب لمَ أستيقظتُ في مثلِ هذا الوقت ،
أستلقيتُ مجدداً وأغمضتُ عيناي رويداً رويداً حتى عادَ الكابوسُ نفسهُ
بعدما كفَ عني لمدة معينة .
أوساط عاصفةٍ شديدة أصدمُ برؤيةِ شخصً لم أتوقع أن أراهُ هناك
وبمثلِ هذهِ الهيئة واقفاً بجانبِ آخر لم أتمكن من رؤيتهِ واضحاً
فقد كان كل أهتمامي منصباً نحو الناظرِ أليَ بوجههِ
الذي تمكن رسمِ ملامحُ الطيبة والبراءة عليه .. ملامحُ مزيفة
أكتشفتها حال شهودي ذلك المنظرِ القاسي ، كالعادة أفقتُ بفزع والعرق يتصببُ مني
دقات قلبي تتسارع كل دقيقة
_ تباً لهذا الكابوس ، متى أكفُ عن رؤيتهِ ؟
أسترخيتُ قليلاً وأبعدتُ الفزعَ الذي تملكني بعد محاولاتٍ فاشلة وتوجهتُ
نحو المطبخ لأعد كوباً من القهوة .
ذهبتُ بعد ذلك في طريقي المعتاد نحو الثانوية
لألمحَ أكيهيكو من بعيد يلوح لي بيده ناطقاً بأسمي
هرولتُ نحوه بأبتسامةٍ بعدما بادلتهُ التحية
لقد كان ينسيني كل همومي بمجردِ رؤيته و الحديثِ معه .
_ كيف حالك ، أكاينو ؟
_ بخير ، هل حللتَ واجبَ الرياضيات ؟
_ أجل ، أنهُ صعبُ قليلاً .
أكملنا طريقنا ونحن نتبادلُ أطراف الحديث كما يحدث مع الأصدقاء ،
فقد تمكن أكيهيكو من أخراجي بالعزلةِ التي كنتُ محتجزاً بها وأستمرَ الوضع هكذا ....
في نهاية الدوامِ المدرسي كنتُ آخر من يخرجُ من الثانوية فقد كان دوري في التنطيفِ .
أقفلتُ باب الفصلِ وتوجهتُ عبر ممراتِ الخروج لأرى أكيهيكو واقفاً وكأنهُ ينتظرُ أحداً
لم أتردد في الذهابِ إليه وسئلتهُ عن سرِ وقوفهِ هنا
_ أهلاً أكاينو ، أنا أنتظرُ صديقاً لي كنا قد أتفقنا أننا سنخرجُ اليوم معاً لكن
يبدو أنهُ قد ذهبَ وحده .
_ أه ، هكذا إذاً .
نظرَ نحوي بأبتسامة قائلاً :
_ على كلاً ما رأيكَ أن نعودَ اليومُ معاً يبدو أنهُ لن يأتي اليوم .
_ فكرةُ رائعة .
أجبتهُ بحماسةٍ بينما الفضولُ يقتلني لمعرفةِ
من هو هذا الشخص وهل هو مقربُ من أكيهيكو أم ماذا ؟
كان هذا السؤال يتكررُ على بالي كلما أرى رين ينتظرُ هكذا في نهايةِ الدوام .
كانت نارُ الفضولِ تشتعلُ بداخلي لمعرفةِ هوية ذلك الشخص
لكن لم يصل لدرجةِ التجسس على أكيهيكو بل كنتُ أكتفي بمراقبتهِ
في نهاية اليوم وأذهب قبل أن أرى من هو صديقهُ هذا .
ربما لأنني لا أريدُ الأعتراف بكوني غيورُ على رين تجاه أي شخص
يقتربُ منهُ .
بعد مرورِ مدةٍ كنا قد دخلنا في بداية الشتاء أي أنهُ مرت ثلاثُ سنواتٍ كاملة
على ذلك اليوم حقاً !!
غيومُ سوداء غطت هذهِ السماءَ الصافية ، وميضُ هاجَ من بين تلك الغيوم
ها قد بدأت قطراتُ المطرِ تهبطُ واحدةٍ تلوَ الأخرى تتكاثرُ شيئاً فشيئاً حتى ملأت أرجاء المكان
لحسنِ الحظ أني جلبتُ مظلةٍ معي اليوم وإلا لكنتُ قد تورطتُ فعلاً ،
تأملتُ المكان المعتادِ الذي ينتظر فيه أكيهيكو كلَ يوم لأتفاجئ بأنهُ ليس هناك .
أكملتُ سيري نحو المنزلِ والمطر مستمرٌ بالهطولِ أما تفكيري
فقد كان كلهُ حول أكيهيكو ولمَ هو ليس في مكانهِ المعتاد
وأين ذهبَ ؟ يقطعُ حبلَ أفكاري دوي البرق يظهرُ من بين الغيومِ السوداء .
وقفت لوهلةٍ أتأملُ هذا المنظر وأنا أشعرُ بغرابةٍ مما يحصل ،
واصلتُ المسير بخطواتٍ منتظمة إلى أن تجمدتُ في مكاني للحظةٍ
تتقلصُ حدقتاي ، أنظرُ نحو الأمام ورأسي يأبى الأستيدارَ نحو الجانبِ الآخر
ببطئ شديد ألتفتتُ أخيراً نحو الفرعِ الذي أقفُ على رأسهِ فيصيبُ ما كنتُ أفكرُ فيهِ فعلاً
الفتاة التي سرقت قلبي بلطافتها المزيفة .. الفتاةُ التي جرحتني بوقوفها
هكذا بمثلِ هذا المنظر مع فتى آخر قبل ثلاثِ سنوات ،
لكن .... من هو ؟ من هو الشخصُ الذي فضلتهُ علي ؟
زحزحتُ ببصري تدريجياً نحو الواقفِ بجانبها نحو من لم أتمكن من التعرفُ
عليه في ذلك الوقت .. أيعقل أنه .....
صدمةٌ شقت طريقها بقوةٍ لتخترقَ قلبي الذي ماتَ بعد هذهِ اللحظة
هل ما أراهُ حقيقةٍ ؟؟؟
أهذا أكيهيكو ؟ أكيهيكو الذي تمكنَ من زرعِ الأملِ في قلبي للحياةِ مجدداً ؟
أكيهيكو الذي أخرجني من عزلتي تلك بأبتسامتهِ الملازمة لهُ منذُ لقاءنا ؟
أنهُ نفسهُ الذي قتل كل ما بناهُ الآن بداخلي !
أنا لا أحلم أنها حقيقة أجل أنهُ الواقع .. الواقع الذي يخبرني أن الحياة مؤلمة
وأنها ليست باللذة التي تتوقعها حتى وأن حاولتُ ذلك .
في تلك اللحظة أحسستُ وكأن كل تلك الأحداث التي شهدتها قبل ثلاثِ سنوات
وحتى الآن أخذت تُطرزُ نفسها لتصنع قطعةٍ واحدة ،
فما كان وقوف ذاك الفتى معها في ذلك اليوم وأنتظارُ اكيهينو الدائم مرادفةٍ لما حدثَ في ذلك الوقت .
أدركتُ الآن أنني لاشيء مقابل هذهِ الحياة الكبيرة ،
لست سوى نسمةٍ عابرة أنتهى دورها في هذهِ الحياة
وهاهي ذي تتلاشى حتى تختفي تدريجياً ، أدركتُ أنني خلقتُ فقط لأرى هذا وحسب .
هذهِ الأحزان المتراكمة في قلباً يطلبُ أن يرتاح من هذهِ الأوجاع التي حملها طيلة الفترةِ السابقة ،
الحياة لم تعد تسعني ، هي تخبرني أن أذهب إلى حيثُ يرشدني قلبي ...
إلى مكانٍ من اللاشيء .. إلى مكانٍ أزرق واسع يسع هذهِ الأحزان التي أبى قلبي أخيراً حملها .
جادلوني بكِ .. أقسمتُ لهم أنكِ مختلفة فخذلتني .
سأكتفي بكِ حلماً فواقعكِ لغيري وواقعكِ أشدُ قسوةٍ من الحياةِ نفسها .
أقفلتُ جفناي تدريجياً بعدما أخذتُ نفساً عميقاً مودعاً هذهِ الدنيا .. الدنيا التي لطالما
رأيتكِ وهي شخصاً واحداً .. كلاكما تحملان اللون نفسه .. أجل .. اللون الأسود .
The END
[/TBL][TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at1509894218541.png]
[/TBL]