- إنضم
- 4 مايو 2013
- رقم العضوية
- 199
- المشاركات
- 2,186
- مستوى التفاعل
- 7,974
- النقاط
- 1,295
- أوسمتــي
- 16
- الإقامة
- Underworld
- توناتي
- 2,194
- الجنس
- أنثى
× مقتطفات من الفصل السابق ×
في الجزر السابحة فوق، كان أحد الملثمين يستعد لنزع بزته بعد انهائه من مهامه الأرضية،
رفع خوذته عن رأسه المشعر و كمامته عن أنفه المفلطح و فكيه البارزين فبدت ملامحه واضحة، إنه ..
؛×؛×؛×
؛×؛×؛×
؛×؛×؛×
× الفصل الأخير×
انه غوريلا في مقتبل العمر ذا طولٍ متوسط و أكتاف عريضة، يدين و أرجل طويلة متشابهة الأطراف يرتدي في كليهما قفازات بيضاء خشنة ...
ما كاد يكمل ائتزاره للباسِ المُوَحَدِ الخاصِ بتلك المملكة العلوية حتى تمّ استدعاؤه عبر الميكروفون:
- العميل AP30000، يرجى منك التوجه إلى المخبر الآن...العميل AP3000 ، يرجى منك التوجه إلى المخبر الآن.
فأسرع دونما تأخير لوجهته ... كنت شبه نائم في المخبر، أحسست بخيالات عند رأسي، سمعت ما يشبه الكلام بينهم :
- سيبدأ عصرٌ جديدٌ لنا أخيرًا، كل هذا الصبر أتى بنتيجة.
- إنه أملنا الذي ترجيناه طويلا هاهو بين أيادينا أخيرا.
- السلالة الجديدة قادمة، المشروع الكبير سيبدأ الآن.
***
كنت أقف بين وعي و لا وعيي، عارٍ أسبح في سائل ما، أمامي فُقاعَات تطفو بهدوء لأعلى، تتضح أمامي الرؤية و لا تتضح...
كانت بمُقَابلتِي مصفوفةٌ من حاضنات خاصة مدججة بالفولاذ واجهتها من الزجاج السميك،
بها سائل يشبه السائل الذي أنا مغمورٌ فيه، ينام فيها قردة من شتى الأصناف بَدَوْ لي يمتصون الحياة مني، و عقلي أيضا.
لا أستطيع عد الأيام التي مرت عليّ هنا، لكن السائل في بقية الحاضنات جف وانفتحت البوابات على القردة،
لمعت أعينهم بشرارة الذكاء وعَلَى قسماتهم ابتسامة مروعة كانت تسخر مني.
العالم الجديد، العصر الثالث، عالم ما بعد نهاية النهاية ...
الأرض لم تعد هي الأرض، رست الجزر نحو الأسفل و اكتست السماء لونًا أخضرًا صافيًا يُطَمئن القلب أكثر من زرقة الماضي،
السحب هي الأخرى في أحد تدرجات الأخضر، كل شيء من الماضي تحت أطنان من التراب و طبقات من النسيان و السهو ...
التاريخ، ذلك العجوز الأعتق من الأرض أُحْرَق شريطه بالكامل، إنها بداية جديدة للزمان.
حشود من القردة تملأ وجه المعمورة، أشجار ونباتات ذات أصناف غريبة ارتفعت للسحاب،
طرق متشعبة متداخلة دون فوضى في بعضها البعض، مركبات طافية في مختلف الأحجام تنزلق عبر الهواء في كل مكان،
أبنية و منازل بيضاء دائريّة الشكل طافية هي الأخرى دون أن تتحرك شبرًا من مكانها، كل شيء مختلف عن الحقب الغابرة ...
العالم يرتدي حلة جديدة مسالمة ...
ولا مكان لبشريّ مسبب للشقاء والكمد هنا.
أصبحت هيكلا جافًا حين أخرجوني من الحاضنة الخاصة،
وضعوني على شيء من القش في قفص زجاجي، كان جنبي مجسمات ثابتة اتضحت لي معالمها بصعوبة،
إنهم تلاميذي الغرباء يقفون مصطفين خلف بعضهم البعض تعلو أوجههم ابتسامة خفيفة ثابتة،
كانت أعينهم كُرات زجاجية براقة لا تشبه أبدًا لمعان أعين البشر، لم يُحرك لهم ساكن رغم جلبة المؤامرة أمامنا،
هته المرة كانوا دُمًا محشوة فعلا لم يكونوا إلا مومياوات خالية من الحياة واقفة للعرض ...
يوجد أناس آخرون يقفون في الجهة الأخرى من القفص لم أتعرف عليهم، دُمًا أخرى لا حياة فيها ...
أمام هذا القفص يحتشد قردَة عديدة تحمل جيناتي و حمضي النووي، أحد الشمبانزي يبدو من خلال وقفته
أنه دليل سياحي أو شيء من هذا القبيل، كان يتحدث و الجموع تنصت له باهتمام:
- عَمَّرت الأرض طويلا و كان بإمكانها أن تعمر أكثر لولا البشر، هته المخلوقات الشريرة الأنانية التي لا تعرف إلا الدمار،
دمروا الأرض و بَقِيَّة المخلوقات و حتى أنفسهم ... هته التماثيل التي تقف أمامكم آخر الأفراد من سلالة الإنسان،
الذين رأينا فيهم الأمل في تطوير جنسنا و حُكم وتعمير الأرض من جديد...
و لكن يا للخيبة، فرغم كمالهم لم يكونوا إلا صورة طبق الأصل عن أجدادهم ...
بعد بحث مضنٍ و سنواتٍ مجحفة لاح لنا أملنا أخيرًا ..
إنه آخر بشري كامل في هذا الكون استطعنا نسخ حمضه النووي لبداية عصر جديد بسلالة نقية أكثر قدرة وكفاءة و أقل ميولة لنزعة التدمير ...
إننا نقف هنا أيها أعزاء في ''حديقة الإنسان'' حيث نعرض أمام وجه الحقيقة خطايا الماضي و آلام الأسلاف من هته المخلوقات الشيطانية،
كي تكون لنا دفعة للأمام و لا نقع في سقطات وزلات الماضي
و نتجنب أهوال المجاعات و الحروب و نتعلم من أخطاء غيرنا ...
سيبقى هذا الفتى البشري حيًا للأبد أمامنا كي لا ننسى مطلقا فجيعتنا،
كيف كنا و كيف سنكون لو استولت علينا النزعات البشريّة .
صرخ الحشد بشيء ما بقوة وتعالت الأيادي المشعرة السوداء في السماء،
لكني لم أسمع شيئًا، كنت أرى مشهدًا ضبابيًا يبدو أنه سيتكرر أمامي إلى الأبد ...
أنا آخر بشري على وجه المعمورة أقف في مواجهة وحشية البشر وحدي،
كأني المُلام الوحيد، كأني أُعَاقَبُ وحدي على ما قامت به سلالتي المَخْزِيَّة بالعار و لا أملك حتى الحق في الاعتذار أو الفناء ...
تبدو أطراف الأشياء دون نهاية كل شيء تأكله الأرض وتكتب فوقه الذاكرة ذكرى أخرى،
فتتوارى الحروف خلف الحروف،
إلا الأخطاء و الذنوب أعتى من الزمن،
حقيقيَّة أكثر من الوجود
و لا تَكُّفُ عن الوجود.
'' شيء مذهل وشيء مرعب أن تبتعد الأشياء عنك بسرعة هائلة ، أن تشعر أن عينك هي بوابة على فراغٍ أسودٍ
لامتناهٍ يحوي كل تلك الأشياء"
النهاية :く
..
التعديل الأخير: