- إنضم
- 12 يونيو 2019
- رقم العضوية
- 10062
- المشاركات
- 209
- مستوى التفاعل
- 202
- النقاط
- 10
- توناتي
- 0
- الجنس
- ذكر
LV
0
أَحَقًّا ماتَتْ؟
كانَتْ أمُّها ترقد في المستشفى، وظلَّتْ بجانبها طولَ مدة مَرَضِها، لا تُفارقها بالليل ولا بالنهار، إلَّا اضطرارًا، وتدعو الله أن يُفرِّجَ عن أمِّها، ويُخفِّف عنها ما تُلاقيه من عذاب؛ كي تعودَ الفرحةُ إلى أرجاء المنزل.
ظلَّتْ مُتشبِّثة بأملِ مثول أمِّها للشفاء رغم رؤيتها تدهور حالتها الصحية، وإقناع الأطبَّاء لها بصعوبة مرضها وخطورته، ومع ذلك كان قلبُها مليئًا بالرجاء والأمل في الله.
المهم واصَلَتْ الأمُّ رحلةَ العلاج لدرجة أن جسمها أصبح مختبرًا لتجريب الأدوية، ومدرسة لتلقين الطلبة فنون الطب دون مراعاة لشعور المريض وألمه، ومع ذلك ظلَّتْ صابرةً محتسبةً مما تُلاقيه من جهد وبلاء، علَّ الدواء يُجديها نَفْعًا، وتخرج من هذا المستنقع الرديء.
مرَّتِ الأيامُ والشهورُ والأمُّ على حالها لم يطرأ أيُّ جديدٍ على صحَّتِها، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة التي تقرر فيها مصيرها وأي مصير؟! إنها النهاية، إنه الموت الذي لا يملك حياله الأطباءُ فعلَ أيِّ شيءٍ، إنه الموت الذي يعجِز أكبرُ أطباء العالم عن ردِّه ولو دقيقة واحدة.
كانت الفتاة نائمة إلى أن سمِعَتْ صوتَ أمِّها تُناديها، نهضت فزعةً مذعورةً وقد باتَتْ ليلتَها باكيةً شاكيةً لله، تدعوه تفريجَ همِّها، قامَتْ ولَيْتَها ما قامَتْ لترى هول ما أصاب أمَّها. خرجَتْ مُسرعةً تُنادي الأطباء بأعلى صوتها، ماذا وقع لأُمِّي؟! ما بالها لم تعد تنطق؟! ما بال جوارحها سكَنَتْ عن الحركة؟ ما بال بصرها شخَص إلى السماء؟! أخبرها الطبيب أنَّ أُمَّها في الرمق الأخير، ترجَّتْه أن يتدخَّلَ لإنقاذها؛ لكنه طلب منها أن تدخل لتُلقي نظرةً أخيرةً عليها وتتسامح معها.
دخلت الفتاة وهي لا تُصدِّق ما يقع من هول الصدمة، أمَّاه ماذا دهاك؟! أجيبيني! ما بك خرست عن الكلام؟! وما هي إلا دقائق معدودة حتى أسلمَتْ الرُّوحَ إلى بارئها، فأخذت تُحركها بكل قوَّتها، وانهمرت الدموع من عينيها بلا انقطاع، نادَتْ الطبيبَ مرةً أخرى، فغطَّى وجهها بالرِّداء ثم عزَّاها.
لقد ماتَتْ الأُمُّ، فمات نبْعُ الحنان، ومات العطاءُ بلا مقابل، ومات الدعاءُ بلا انقطاع، وماتت مَنِ الجنةُ تحتَ أقدامِها.
قبَّلَتْ الفتاةُ رأسَ أُمِّها ويديها، وعانقَتْها بكلِّ ما أُوتيَتْ من قوَّة؛ لأنها تُدرك أنها المرة الأخيرة التي سيمسُّ فيها جسدُها جسَدَ أمِّها، بَكَتْ من قلبها قبل عينيها، وبكت الدم بدل الدمع، ماذا وقع؟! هل أنا في حلم أم في يقظة؟! أغمضَتْ عينيها برهةً علَّها تستفيق من حلمها، لا، فهو ليس حلمًا، إنه حقيقة، جثمت على ركبتيها، وبدأت تحاول إقناع نفسها بموت أمِّها، فهي لم تستوعب بعد الفكرة، إنها تؤمن بالموت؛ ولكنها لم تَذُقْ مرارتَه إلَّا اللحظة.
ظلَّت على حالها إلى أن جاء المسؤول عن نقل الموتى إلى المستودع، أين أنتم ذاهبون بها؟! هي لم تمُتْ.
نعم لم تمُتْ؛ لأنها ولدت لحياة أجمل وأروع وأحلى من هاته.
نعم لم تمُتْ؛ لأنها انتقلَتْ إلى ربٍّ كريمٍ رحيمٍ.
نعم لم تمُتْ؛ لأن رُوحَها صعدت إلى السماء الصافية الطاهرة النقيَّة من الشرور والآثام.
نعم لم تمُتْ؛ لأن الموت هو البداية وليس النهاية.
وسلام....
كانَتْ أمُّها ترقد في المستشفى، وظلَّتْ بجانبها طولَ مدة مَرَضِها، لا تُفارقها بالليل ولا بالنهار، إلَّا اضطرارًا، وتدعو الله أن يُفرِّجَ عن أمِّها، ويُخفِّف عنها ما تُلاقيه من عذاب؛ كي تعودَ الفرحةُ إلى أرجاء المنزل.
ظلَّتْ مُتشبِّثة بأملِ مثول أمِّها للشفاء رغم رؤيتها تدهور حالتها الصحية، وإقناع الأطبَّاء لها بصعوبة مرضها وخطورته، ومع ذلك كان قلبُها مليئًا بالرجاء والأمل في الله.
المهم واصَلَتْ الأمُّ رحلةَ العلاج لدرجة أن جسمها أصبح مختبرًا لتجريب الأدوية، ومدرسة لتلقين الطلبة فنون الطب دون مراعاة لشعور المريض وألمه، ومع ذلك ظلَّتْ صابرةً محتسبةً مما تُلاقيه من جهد وبلاء، علَّ الدواء يُجديها نَفْعًا، وتخرج من هذا المستنقع الرديء.
مرَّتِ الأيامُ والشهورُ والأمُّ على حالها لم يطرأ أيُّ جديدٍ على صحَّتِها، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة التي تقرر فيها مصيرها وأي مصير؟! إنها النهاية، إنه الموت الذي لا يملك حياله الأطباءُ فعلَ أيِّ شيءٍ، إنه الموت الذي يعجِز أكبرُ أطباء العالم عن ردِّه ولو دقيقة واحدة.
كانت الفتاة نائمة إلى أن سمِعَتْ صوتَ أمِّها تُناديها، نهضت فزعةً مذعورةً وقد باتَتْ ليلتَها باكيةً شاكيةً لله، تدعوه تفريجَ همِّها، قامَتْ ولَيْتَها ما قامَتْ لترى هول ما أصاب أمَّها. خرجَتْ مُسرعةً تُنادي الأطباء بأعلى صوتها، ماذا وقع لأُمِّي؟! ما بالها لم تعد تنطق؟! ما بال جوارحها سكَنَتْ عن الحركة؟ ما بال بصرها شخَص إلى السماء؟! أخبرها الطبيب أنَّ أُمَّها في الرمق الأخير، ترجَّتْه أن يتدخَّلَ لإنقاذها؛ لكنه طلب منها أن تدخل لتُلقي نظرةً أخيرةً عليها وتتسامح معها.
دخلت الفتاة وهي لا تُصدِّق ما يقع من هول الصدمة، أمَّاه ماذا دهاك؟! أجيبيني! ما بك خرست عن الكلام؟! وما هي إلا دقائق معدودة حتى أسلمَتْ الرُّوحَ إلى بارئها، فأخذت تُحركها بكل قوَّتها، وانهمرت الدموع من عينيها بلا انقطاع، نادَتْ الطبيبَ مرةً أخرى، فغطَّى وجهها بالرِّداء ثم عزَّاها.
لقد ماتَتْ الأُمُّ، فمات نبْعُ الحنان، ومات العطاءُ بلا مقابل، ومات الدعاءُ بلا انقطاع، وماتت مَنِ الجنةُ تحتَ أقدامِها.
قبَّلَتْ الفتاةُ رأسَ أُمِّها ويديها، وعانقَتْها بكلِّ ما أُوتيَتْ من قوَّة؛ لأنها تُدرك أنها المرة الأخيرة التي سيمسُّ فيها جسدُها جسَدَ أمِّها، بَكَتْ من قلبها قبل عينيها، وبكت الدم بدل الدمع، ماذا وقع؟! هل أنا في حلم أم في يقظة؟! أغمضَتْ عينيها برهةً علَّها تستفيق من حلمها، لا، فهو ليس حلمًا، إنه حقيقة، جثمت على ركبتيها، وبدأت تحاول إقناع نفسها بموت أمِّها، فهي لم تستوعب بعد الفكرة، إنها تؤمن بالموت؛ ولكنها لم تَذُقْ مرارتَه إلَّا اللحظة.
ظلَّت على حالها إلى أن جاء المسؤول عن نقل الموتى إلى المستودع، أين أنتم ذاهبون بها؟! هي لم تمُتْ.
نعم لم تمُتْ؛ لأنها ولدت لحياة أجمل وأروع وأحلى من هاته.
نعم لم تمُتْ؛ لأنها انتقلَتْ إلى ربٍّ كريمٍ رحيمٍ.
نعم لم تمُتْ؛ لأن رُوحَها صعدت إلى السماء الصافية الطاهرة النقيَّة من الشرور والآثام.
نعم لم تمُتْ؛ لأن الموت هو البداية وليس النهاية.
وسلام....