لكل شخصٍ ماضِ..فيه من اللحظات السعيدة..وفيه من اللحظات التعيسة...
وله مستقبل لا يعرف ماذا سيكون فيه...
إما أن يكون حامياً لنفسه ولمن حوله..وإما أن يكون ضعيفاً مثله كمثل الآخرين من الضعفاء...
وما سيحدده..هو حاضره وما فعله فيه...
أدعى سيلينا..وسأروي لكم ما حدث لي خلال العشر أعوام الماضية...!
- لا أزال أذكر عندما كنا صغار..فتاة في السابعة من عمرها..ضعيفة الجسد..عديمة الحركة..دائمة المرض...
-لكنني بخير الآن...
ابتسمت
-توقف الوقت بالنسبة لكِ يعني توقفه بالنسبة لي..من المفترض أننا في السابعة والعشرين...
-أعتذر عن إضاعتي لعمركِ..لم تستحقي هذا...
-إذن..ماذا نفعل الآن..هل نكمل ما بدأناه..أم تستسلم إحدانا للموت؟...
أغمضتُ عيناي وابتسمتُ براحة...
* الفصل الأول •~
دخلت أشعة الشمس الذهبية من نافذة غرفتي..فتحتُ عيناي بتثاقل وأنا أرى ورقة قد حملتها قطتي بفمها
أمسكت بالورقة ونظرت للتاريخ المدون عليها
-الثالث والعشرون من شهر مارس...
نهضتُ من على سريري مسرعة نحو دورة المياه لأستحم بسرعة وأرتدي ملابسي وسرحت شعري القرمزي الطويل..
خرجت من غرفتي مسرعة..فاليوم هو اليوم الموعود..
أجل..إنه اليوم الذي طلبني فيه (مايكي) للذهاب معه لإحدى المطاعم...
قد لا تعرفونه..(مايكي) أو مايكل قد طلبني للذهاب معه في موعد لمدينة الألعاب...
قد لا يبدو الأمر مهماً بالنسبة لكم..ولكنه مهم بالنسبة لي..ف (مايكي) هو أول فتى وقعتُ في حبه...
وقد أتى لمنزلي قبل أسبوع ليطلب مني الخروج معه..لا أدري ما السبب..ف مايكل لم يكن يكترث لي من قبل...
ولكنني سعيدة أنه طلب مني ذلك...
وقد ارتديت له أفضل فستان في خزانتي..فستان أزرق لأنه يحب اللون الأزرق..وسرحت شعري بالطريقة التي تعجبه حيث قمت برفعه للأعلى..ووضعت وردة بيضاء صغيرة في المنتصف...
وصلت لمدينة الألعاب ولم آخذ وقتاً طويلاً لتمييزه فهو مميز...
كان واقفا أمام نافورة المياه الكبيرة المميزة وسط الحديقة..نسمات الهواء قد داعبت شعره الأشقر الحريري..واضعاً يديه في جيبيه ينتظرني هناك...
توجهت نحوه وقد طغى على تفكيري شيء واحد
"ماذا يمكن أن نفعل اليوم كأول موعد لنا؟..نتناول المثلجات..نشاهد السينما..أم نتحدث عن مستقبلنا"
وقفت خلفه وقد احمرت وجنتاي منتظرة أن يلتفت لي...
لم يأخذ وقتاً طويلا حتى التفت لي وقد ابتسم ابتسامة دافئة...
-سيلينا..كيف حالكِ؟ أرى أنكِ جميلة اليوم كالعادة...
-أ..أنا بخير..أعتذر على تأخري...
-لا تقلقي..وصلتُ قبلكِ بخمس دقائق فقط...
نظر نحو المكان لوهلة لينطق بعدها
-أرى أن المكان هنا ليس جيداً..هل تودين فعل شيء معين؟...
-مثلجات...
هذا ما قلته بلا تردد..لم أستوعب ذلك إلا بعدما بدأ بالضحك...
يا إلهي ماذا أفعل؟ سيتركني...
-حسناً سأشتري لكِ مثلجات الشوكولا...
-لا..لا داعي...
أمسك بيدي وبدأ بالسير
-أول طلب لكِ..كيف لي ألا أنفذه؟...
بدأت حينها أشعر بأنه حقاً معجب بي..لم أقل شيئا بعدها وتوقفت عند إحدى المقاعد منتظرة عودته...
اشترى المثلجات وبدأ يركض متوجهاً نحوي وبيده مثلجات الشوكولا خاصتي وبيده الأخرى مثلجات الفراولة...
وقف أمامي وأشار بيده نحو إحدى الأشجار...
-لنتناول المثلجات هناك...
ابتسم بدفء
-وبعدها نذهب للسينما...
أومأتُ رأسي بالموافقة لآخذ المثلجات خاصتي وأتجه معه نحو الشجرة التي أشار إليها...
جلسنا هناك وبدأنا بتناول المثلجات وأنا في قمة سعادتي...
لم أرد أن أتحدث بشيء..أردت فقط أن أستمتع أن مايكي بجانبي...
أنهينا مثلجاتنا بدون أن ينطق أحدنا بكلمة..وذهبنا إلى السينما بدون أن نتحدث...
لم أرد أن أقول شيئا قد يعكر مزاجه..لذلك بقيت صامته أسير خلفه كالبلهاء...
كان وقت الغروب..كنا نسير بجانب نهر..كنت أنظر إلى المياه وأنا سعيدة بهذا اليوم...
توقف مايكي فجأة
-لم تسأليني لماذا اخترتكِ...
نظرت نحوه بتعجب من أسلوب كلامه المفاجئ...
التفت نحوي ليكمل
-ألم ينتابكِ شعورٌ غريب أنني اخترتكِ؟...
ظللت واقفة لا أتحدث بينما كان يرمقني بنظرات غريبة...
-يبدو أنني سأخبركِ بما أنكِ تنظرين لي هكذا كالبلهاء...
لم أحرك ساكنا بل كنت أفكر محدثة نفسي
"لماذا يتحدث هكذا؟ ماذا فعلت"...
عدتُ إلى منزلي..دخلتُ غرفتي..لأرمي بحقيبتي على السرير وأتجه نحو المرآة...
نظرت إلى وجهي وأنا أذرف الدموع..لمست خدي الأيمن بيدي المتسخة بعد سقوطي وأنا أركض من الحقيقة...
حقيقة ما سمعته من ذلك الفتى عديم الإحساس...
التفتُ للخلف لأرى قطتي قد دخلت وهي تحمل طبق طعامها بفمها...
ابتسمتُ بتصنع وتوجهتُ نحوها مربتتةً على رأسها...
-هل أنتِ جائعة يا صغيرتي؟...
ما إن قلتُ ذلك حتى وضعت الطبق على الأرض وبدأت بالمواء...
أمسكتُ بالطبق ونزلت من غرفتي متجهة للمطبخ..وضعتُ لها طعام القطط خاصتها..وقمتُ بسكب بعض الحليب الساخن في كوبي المفضل... جلستُ على مقعد بجانب نافذة مطلة على أزهار الكرز..وبيدي كوب الحليب الساخن الذي كنت أشربه وأفكر فيما حدث اليوم
"وقفتُ مصدومة مما يقوله مايكل لي -لم أعلم أن جيسيكا قد تغار منكِ لتلك الدرجة..مع أنكِ صديقتها إلا أنها تكرهكِ الآن...
-ما..الذي..تقصده؟...
ابتسم بسخرية
-كنتُ أظنكِ ذكية ولكنكِ في الواقع بلهاء..ولذلك سأخبرك ما سبب دعوتي لكِ اليوم...
أغمض عيناه وبدأ يتحدث
-منذ البداية كنت معجباً لصديقة طفولتكِ جيسيكا..ولكنها لم تكترث لي أو لوجودي..ولذلك قررت أن نخرج أنا وأنتِ في موعد وأرى إن كانت ستشعر بالغيرة...
رفع هاتفه
-وقد تلقيتُ رسالة منها الآن تسألني لماذا خرجتُ معكِ...
لم تكن لي أي ردة فعل من كلامه بل بقيتُ صامتة مصدومة مما يقوله
-لا تقلقي..لم أخبرها أنني معجب بكِ...
ابتسم بسخرية وأكمل
-بل أنني واقع في حبكِ...
لم أستطع أن أكتم غضبي أكثر فصرخت
-ألا تكترث لصداقتنا؟ كنتَ تستطيع أن تطلب مني مساعدتك...
-شيء ممل إن أطلب مساعدتك..ففعلت الأمر الأسهل بالنسبة لي...
هذا ما قاله لي ببرود..صمتُ لوهلة لأكتفي يقول شيء واحد بعدها
- أنت حثالة... وعدتُ إلى منزلي راكضة"...
فتحتُ الرسالة التي وصلتني من والدي الراحل...
كان والدي يريد مني قراءة شيء له قبل موته..ولكنني لم أتلقى هذه الرسالة إلا بعد موته بأشهر...
وقد كانت حركة مقصودة من أحدهم..شخص خدع والدي بقوله أنه سيوصل الرسالة بأسرع ما يمكن..ولكنه كذب عليه ولم تصلني إلا الآن...
أغمضتُ عيناي وتجاهلتُ ما قرأته..أحرقتُ الرسالة وصعدتُ إلى غرفتي لأنام...
في صباح اليوم التالي...
فتحت عيناي بتثاقل..نظرتُ بجانبي لأرى قطتي لوسي نائمة...
ابتسمتُ ونهضتُ لأعد طعام الإفطار..تناولته وأخذتُ حقيبتي لأخرج لإحدى الحدائق...
ذهبتُ إلى هناك وجلستُ على إحدى المقاعد..ظللتُ أفكر في والدي الراحل وما كان سيقوله لي في أوقاتٍ كهذه...
قاطع تفكيري صوت مألوف
-سيلينا!...
نظرتُ لصاحب الصوت لأرى جيسيكا..صديقة طفولتي تنظر نحوي بقلق...
-ماذا تفعلين هنا؟...
كانت مشاعري مختلطة ما بين السعادة أنني رأيتها..والحزن لما سمعته من ذلك الفتى...
-لا شيء مهم...
هذا ما قلته لها بتردد..فلم يكن لي من أحد غيرها لأشتكي له...
ولكنني لم أرد أن أخبرها بشيء...
ابتسمت بدفء لتجلس بجانبي
-عندما يحتاج شخص للحديث عن شيء..سنكون هناك من أجله...
نظرت نحوي لتكمل
-هذا يشملنا...
عاودت بنظرها للأمام
-صداقتنا ليست في العمل فقط..فنحن نعرف بعضنا البعض من قبل ذلك..أليس هذا ما تقوله سيلينا التي أعرفها؟...
فكرتُ بما قالته لوهلة..أجل..ليست جيسيكا التي قد تكرهني لأنني أحببتُ فتىً قد أحبته...
-هل..أنتِ معجبة بمايكل؟...
نظرت نحوي بتعجب لأكمل
-مايكل أخبرني أنكِ كنتِ تخبريه أن يبتعد عني لأنكِ تشعرين بالغيرة مني...
ضحكت جيسيكا على ما قلتُه
-هو أخبركِ بذلك؟...
نظرتُ نحوها بتعجب لتكمل
-ولماذا قد أشعر بالغيرة من صديقتي الوحيدة؟...
-ال..وحيدة؟..ولكنه أخبرني...
-خدعكِ ذلك المختل...
أخرجت مجموعة أوراق من حقيبتها
-وصلني أن شخصاً ما قد أرسله ليجمع معلومات عن مملكة نيرا...
أمسكتُ بالأوراق
-من أرسله؟...
سألتها وأنا أقرأ ما كُتِب على تلك الأوراق
-يقول الجنرال هاك أنه جاسوس لإحدى الثلاث ممالك..مملكة سيرين..مملكة ناروس...
-أو مملكة فيريا...
أومأت رأسها بالموافقة
أكملتُ قائلة
-أو كما تُعرف به..الطاغية...
-فيريا تيماري..الوريثة الوحيدة..كان من المفترض أن تخوض معركة مع شقيقتها..ولكن شقيقتها اختفت قبل 10 أعوام في حادثة غريبة...
نظرت جيسيكا نحوي
-تعلمين أن أسمائنا المستعارة لن تخفي هوياتنا للأبد...
أغمضتُ عيناي ووضعتُ الأوراق على المقعد
-أعلم ذلك..سأذهب إلى مملكة فيريا...
نظرتُ نحو جيسيكا
-هل ستأتين معي...
ابتسمتُ وأكملت
-إيري...