- إنضم
- 24 أغسطس 2013
- رقم العضوية
- 1001
- المشاركات
- 7,572
- مستوى التفاعل
- 21,001
- النقاط
- 1,435
- أوسمتــي
- 13
- العمر
- 33
- الإقامة
- KSA
- توناتي
- 1,506
- الجنس
- أنثى
LV
3
..
لا بأس إن ضعت بين صفحات الوقت و طوتني الأيام بسرعة ، فهذه أنا الشخص الذي لم يرضى عن نفسه بعد ،
الشخص الذي يركض خلف الكثير من الطموحات و الأحلام و لا يعثر على شيء منها ، سوى غبار الخيبات التي لم تصنع مني
إلا شخصية غير قنوعة و غير راضية أبداً ..
..
ما زلت أبحث عن تلك الأوراق التي نسختها مراراً و تكراراً لعلها تثبت جهدي الذي بذلته لسنوات ، كنت احتفظ بها في أقرب مكان لي
لعلي أن وجدت القبول من جهة عمل مناسبة أسارع في إرسال أوراقي و أحظى بالأفضلية على الجميع ..
هذا ما فعلته هذه المره عندما نشرت إحدى الشركات إعلاناً بالخط العريض في إحدى الصحف اليومية ..
سجلت الرقم الموجود و تواصلت معه هاتفياً ، فكانت الإجابة أن علي الحضور لإجراء مقابلة شخصية ..
..
أخبرت أخي الذي يكبرني بعشر سنوات ، فكان متجاوباً كما في كل مره ، ربما تسلل اليأس مني
لكنه لم يقترب منه أبداً ، لقد كان يوافق في كل مرة دون تذمر أو تهرب ..
عندما توجهنا للمكان المقصود كنت قد فتحت هاتفي عدة مرات لعل هناك رسالة تفاجئني أو مكالمة تكون مخرجاً
لي من هذه الحياة الى حياة أخرى أحبها و تكون لي تغيير مذهل أستطيع التعايش معه و حب ذاتي ..
لكن لم يكن هناك غير رسائل اعلانات الجوال و الخصومات التي بلا فائدة
- هل تريدين العصير ؟
- أجل سيكون لطف منك قبل المقابلة ..
..
بعد ساعة من الاصطفاف الصباحي المزدحم وصلنا أخيراً عن منعطف أخر الشارع يتربع على طرفة
مبنى كبير بطوابق كثيرة اضطررت لأرفع رأسي حتى أشاهد الطابق الأخير ..
- من أين سنبدأ ؟
فتحت الورقة التي دونت بها المعلومات و بحثت بعيني سريعاً
- المقابلة ستُجرى في الطابق الحادي عشر ..!
لم يكن استقلال المصعد صعباً و ساعد على ذلك هدوء المكان ، لا أعلم إذا كان بسبب ساعات
الصباح الأولى أو أنه الوضع الطبيعي لمثل هذه الشركات العملاقة ..
..
رن جرس خفيف عندما فًتح باب المصعد و توجهت مع أخي إلى كراسي الأنتظار التي بدت ممتلئة تقريباً
لاشك أن الجميع يرغب في الحصول على هذه الوظيفة كان هناك ثلاثة شبان يبدو من تجمعهم معاً أنهم على معرفة سابقة
وهناك فتاة تجلس على كرسي آخر كانت ترتدي نظارة دائرية و بدا لي أنها مهتمه بهاتفها أكثر من المقابلة ..
وهناك أخرى تجلس على مقربة منها زينت نفسها مثل من ستقابل خليلاً لها .. شعرت بزايو فمي ترتفع قرفاً
من تلك البهرجة المبالغ فيها .. ناداني أخي بعد أن سحب رقماً.. و في هذه الأثناء وجدنا مقعدين فارغين حيث نهض أحد الجالسين
متوجهاً للداخل عندما ظهر رقمة مباشرة على الشاشة الرقمية للزوار ..
..
مضى الوقت بطيئاً مملاً تناقشت مع أخي حول أمور كثير لنحاول تمضية بعض الوقت بدون
الشعور بالملل ، كانت الرتابة واضحة على الجميع ليس الزوار و حسب بل حتى الموظفين الذين
جلسوا خلف طاولات الاستقبال ..
و بعد وقت ليس بالقصير خرج الشخص الأخير من المقابلة التي لم تكن سوى الفتاة ذات ألوان الطيف
كنت على وشك أن أقفز من مكاني وأسئلها عن المقابلة لكني لم أفعل عندما ألقت في اتجاهي نظرة غرور واضحة
و كأنها تقول حُسم الأمر راقبتها و هي تتمايل هنا و هناك و أصوات كعبها المزعجة ترن في أذني .. مقرف !!
- هيا انهضي أنه رقمك الآن
- آه صحيح و أخيراً
- هل تدربتِ على ما ستقولينه ؟
- لا حاجة لذلك لقد حفظت ما أقوله عن ظهر قلب دائماً
..
كانت الغرفة واسعة و مضاءة بشكل مريح فتحت الستائر عن كل النافذات الزجاجية التي أخذت مساحة كبيرة
من الجدار الخلفي .. جلس شخصان على طاولة واحده و هناك كرسي و حيد أمامهما ..فتوجهت له فوراً بعد أن قدمت ملفي !
لم يبدو على وجههما أي تأثر أو دلالة إعجاب لم يبدو عليهما أي شي .. لكن عندما أغلق الثاني الملف
- أظن أن بياناتك لا تطابق شروطنا
مد لي بالملف
- حظاً موفقاً لكِ في مكان عمل آخر
- فقط ! بهذه البساطة ؟ !
وجدت نفسي اندفع غاضبة و حانقة و أجذب الملف بقوة وقبل أن أخرج لمعت صورة تلك الحمقاء في ذهني
فالتفت إلى الرجلين الذين بقيا متجمدان مكانهما ..
- هل يجب أن أكون مثل تلك الفتاة المهرجة حتى أحصل على رضاكما !!
أغلقت الباب خلفي و أخذت اتمتم بيني و بين نفسي بكل شتيمة أعرفها
عندما رآني أخي أتوجه الى المصعد غاضبة لحق بي على الفور ..
- ما الأمر ؟
- لا شيء
- لم تدم مقابلتك طويلاً ..
حاولت منع دموعي من الانهمار
- لقد .. حصلوا على مايريدون بالفعل ..
ربت على كتفي ..
- لا بأس لم تكن من نصيبك ..!
أبعدته و كأني كنت أنتظر أحداً لأصب عليه جام غضبي
- أنت لا تدرك الأمر ، أن تُرفض مراراً و تكراراً عشرات المرات الأمر مؤلم و مزعج ويشعرني بالسوء دائماً
هل كل هذا بسبب أني لا أمتلك واسطة قوية ترفعني أمام الجميع لماذا أنا .. ؟؟لماذا؟
..
لم نتكلم بعد أن ركبنا السيارة وانطلقنا بصمت ..
كنت أراقب الغيوم البيضاء الصغيرة التي بدأت ترتفع في الأفق لم تكن هناك أي غيمة في الصباح
و أحاول أن أنسى ما حدث ، ليس الرفض الأول وقد لا يكون الأخير .. لكنه يترك أثراً في قلبي كل مره
..
توقفنا عند مبنى اخر مألوف لي ، نظرت الى أخي نظرات متسائلة ماذا نفعل هنا ؟
كان مكان عمله ، لكني اتذكر انه اخبرني عن اجازته منذ اسبوع و لم تنتهِ بعد ..
- اذا كنت قد نسيت شيئاً في عملك .. سأنتظرك هنا الى ان تعود
- الجو سيصبح اكثر حرارة لن تحتملي البقاء هنا ..
نزل مغلقاً السيارة فاضطررت للحاق به ..
..
كان المكتب متواضعاً ليس مثل ذلك المكان الذي زرناه صباحاً
مشينا في رواق طويل حتى وصلنا لباب في نهايته ..
- لن ادخل معك سأنتظرك هنا ..
- لقد قطعنا كل هذه المسافة .. هيا لندخل ..
..
طرق الباب و دخل .. كان هناك رجل خمسيني بدين و قصير القامه بدا بشوشاً و مرحباً بهم ترحيباً حاراً
- اهلا و سهلاً بكما تفضلا تفضلا ..
صافح كل واحد على حده و جلسا على الاريكة المقابلة لمكتبة
- تفضلا كيف أستطيع مساعدتكما .. ؟
شكره أخي ..
- لا عليك أستاذ مروان نحن لسنا هنا في زيارة لطلب شيء ما لقد اتيت لطلب المشورة في هذا الملف ..
ثم مد يده التي كانت تحمل ملفاً
- هذا من دواعي سروري أن تقطع مسافة طويلة لتأخذ رأيي و مشورتي ..
تأمل الملف و قلب في صفحاته قليلاً ، أما انا فقد بقيت علامات الدهشة على وجهي من هذه الحفاوة غير المسبوقة
من رجل يعمل بدوام كامل دون أن يعبس ..
..
تبادلا اطراف الحديث في اقل من عشر دقائق ثم هممنا بالمغادرة و ودعنا بحفاوة كما استقبلنا ..
..
عندما اغلق الباب و بقينا بمفردنا في الممر ظل اخي واقفاً
- هيا انا جائعة لنعد الى المنزل
- لحظه نسيت أن أسئلة شيئاً اخر
- كلا ..كلا لن ادخل هناك مرة أخرى هذا محرج لماذا لم
تسأله ما تريد في اول مره
جذبني من يدي قبل ان اذهب و طرق الباب مجدداً و دخلنا ،، لكن المفاجأة أن الأستاذ مروان وقف مبتهجاً مثل أول مره
و رحب بنا بنفس تلك الحفاوة ، رحب بنا و كأننا أشخاص آخرون تماماً ولسنا أولئك الذين كانوا بالداخل قبل دقيقة فقط!!!!
- تفضلا ، أهلاً و سهلا بكما تفضلا بالجلوس ..
كيف اساعدكما ..
و كأن المحادثة تعيد نفسها مرة أخرى هل أعيش موقفاً زمنياً مزدوجاً أم ماذا؟
عرض عليه اخي نفس الملف و تفحصه كما لو انه يراه للمرة الأولى .. شكره في النهاية و غادرنا ..
سيناريو غريب حدث امامي للتو ،، هل لدى ذلك الرجل حس دعابة سخيفة كهذا بحيث يرى اخي مرتين
و يراجع الملف مرتين دون ان يتأفف او يعطي ردك فعل مختلفة ..
بقيت أفكر في ذلك حتى عدنا الى المنزل و قبل أن انزل من السيارة قال أخي ..
- الاستاذ مروان رجل عمل ممتاز و دقيق في عمله لكن منذ
سنتين حصل ان اجرى عملية في رأسه
مما أدى الى فقدانه الذاكرة القريبة ، عندما افاق من العملية
كان يتذكر ما قبل خمسة عشر سنة اما ما بعد ذلك
كان لا شيء !
صدمت بتلك القصة الغريبة و اتضح لي المغزى الذي جعل اخي يصر على مرافقتي له لألتقي ذلك الرجل
كيف للمرء أن يتعايش مع هكذا مصيبة ، ادركت اننا لو دخلنا عشرات المرات اليه فلن يتذكرنا ابداً ..
- لكنه ما زال يعمل رغم تلك المشكلة ..
- هذا لانه الشخص الوحيد المسؤول عن عائلته زوجته و ابنتيه قرر المدير ان يجعله مستشاراً
بحيث يتسنى له مساعدة حديثي العمل و يتقاضى راتباً على ذلك لكنه غير قادر على حفظ اي ذكرى عن اي شخص
يقابله بعد الان عدا من يعرفهم قبل ١٥ عشر سنة
..
لم استطع النوم ليلاً اخذ ذلك المروان تفكيري طوال الليل لو كنت مكانه لعزلت نفسي عن الاخرين او ربما لانهيت حياتي بطريقة ما
لكم جعلني ذلك افكر في كل النعم العظيمة التي تحيط بي و التي غفلت عنها حتى اليوم
و جعلت من الاشياء التي لا املكها تسد طريقي و التي ليست ذا قيمة اكبر من نعم أخرى !
..
عندما استيقظت صباحاً وجدت يقيناً يملأ داخلي كالنور الساطع الذي يدفئ كل شيء ..
قررت التمسك بذلك اليقين الذي سيفتح لي طريقاً ذهبياً ذات يوم
مليئاً بالنور .. مليئاً بالدفء ..
مليئاً بالحياة
..
تمت .
.
.
.
.