أشباحه تقيدُني أينما حللت كأنها ظلٌ أبى أن يفارقُني ، ظِلهُ لايخافُ الظلام بل يستمد سوادًهُ من حلكِ الظُلمِ
أينما فررتُ أجده يُرافقني تارة أجدُه ك ظلي وتارة كما لو أنه إنعكاسي ، أينما إختبئت أجدُه يلازمني كما لو أنه جُزءٌ مني ! كما لو إنه قطعةٌ من جسدي
لاأستطيعُ إسئصالها ف هي تُقيدُ يداي وعقلي وروحي تقيدُني حدَّ الإختناق ! أعتقدُ أني أستحقُ هذا الإختناق أستحقه للحد الذي يجعلُني مُتمنيًا الموتَ ولا أجده
ربما هذا ماسيُكفرُ عن خطيئة هذه الروحُ المتبالية ! إن كفرتُ عن خطيئتي بالتأكيد سيبتعدُ عني هذا الشبح ولكن لا أستطيعُ تذكُر خطيئتي ماذا كانت !
هل كانت تلك المُهمة هيَ الخطيئة ! تلك المهمةُ الغبراء , مُهمةُ الوصول للجانبَ الأخر من النهر !
كانت رغباتي وأحلامي متصلةً بهذه الأرض وسُكانها حيثُ إنني كنتُ سأفعلُ كلَّ ماتُمليه علي ، إنتصارهُا هوَ إنتصاري تقدمُها ونجاحُها هو نجاحي
كُنتُ مستعدًا لفعل آي شي لإرتقاء هذه الأرض وبلوغها أعلى مراحل المجد وأقصاها هل هذه هي خطيئة روحي المتبالية ؟ لا ليست هذه خطيئتي ..
جاء ذلك اليوم التي وُكلتُ فيهِ بتلك المُهمة الغبراء ، أن أصبح جاسوسًا في أرضِ العدو أتظاهرُ بأني منهم
أسرقُ خططهم أسرارهم جُهودهم وأُرسلها للجيشي ليباغتهم جيشي من خلفهم وينتزعُ النصر رغمًا عن كل جهودهم
أنا كاذبٌ مُدعي دجالٌ سارق لأجل هذه الأرض التي تنتزعُ نصرها من خلال الطعنِ في ظهرِ العدو
وكلَ ماقد تعلمتهُ في المدرسة عن الشرفِ والنُبلِ والإحسان ! لامعنى له في أرض ِ النزال
لا بأس من الغش وأخذِ مجهودِ الغير لابأس من الفتنة لتفكيكِ صفوف العدو لا بأس بفعلِ الخطيئة لأجل هذه الأرض ؟
تعلمت أن الغاية لاتبرر الوسيلة ولكن في أرض القتال تبررُها فمن أجل الإنتصار إفعل كل مابوسعك ؟
إن مافعلته كان خطيئة ولكن لا أعتقد أن هذه هي خطيئة هذه الروح المتبالية !
غيرتُ اسمي و لغتي و شخصيتي لأخفي هويَتي لأجل الإنتصار ، وصلتُ لأرض العدو ، إنخرطت معهم إنسجمت في خلاياهم أصبحت واحدًا منهم
حتى وصُلت بدهاءٍ إلى معسكرهم أصبحتٌ واحدًا من جنودهم وبدأتُ أعلم ماهيَ نقاط ُضعفهم ، بقيَ القليل وسيبيتُ نصرُ جيشي في يدي .
نعم الكذب والإدعاءُ خطيئة .. ولكن لا أظن أن هذه هي خطيئة هذه الروح المتبالية !
كان هناك ذلك الجُندي المتواضع هو من أرض العدو ، كان دائمًا مايرافقني في أثناء التدريبات في المعسكر لم يكن ماهرًا في تدريباته
كان أخرقاً بعض الشيء لذلك كنت أتخذه زميلً لي بسبب غباءه الشديد الذي كان متجليًا لي به
لم يشك يومًا بأني من أرض العدو رغم إنني دائما ماكنت أسترق منه الأجوبة لأسئلة لن يقوم بسؤالها إلا من يكٍيدُ لهم
ولكن لسذاجته هو لم يلاحظ ذلك أبدًا أتخذته مصدري للمعلومات ، واتخذني هو صديقًا له .
وكنت أتحمل ثرثرته المزعجة طوال الليل عن ابنه الصغير الذي لم يلد بعد ؟ كان متشوقًا لرؤيته أخبرني إنه سيسميهِ ليام
كنت أشعر في داخلي بالشفقة إتجاه ليام الصغير ف والدَهُ من أسذجِ ماعرفت ..
نعم كنتُ منافِقًا نعم النفاقُ خطيئة ولكن ليست تلك هيَ خطيئةُ هذه الروحُ المتبالية ؟
حتى جاءَ ذلك اليومُ الموعود ، سننزلُ في أرض المعركة سنبدأ في إشهار أسلحتنا ، وسأبدأُ أنا في إتمامِ مهمتي ، ف نصرُ أرضي أصبح في متناولي ، سننتصر اليوم ...
خرجتُ لتلك المعركة وقبل أن تبدأ المعركة أخبرني هذا الجندي أن زوجته قد انجبت صبيًا !
كان دائمًا مبتسمًا إبتسامتهُ البلهاء ولكن تلك الإبتسامة في ذلك اليوم كانت مختلفة ! فقد كانت تلك المرة الأولى التي تجعلُني إبتسامته أبتسمُ صِدقًا !
نزلنا لأرض المعركة و بدأت الجنودُ تشتبكوا قتالًا في بعضها
وبدأت الأرضُ بعزف تلك السمفونية التي كانت أصواتَ طلقٍ لنارٍ مُمتزجةً بصراخِ الجرحى جراء المتفجرات
بدأت الدماءُ في السيلانِ والتطاير ، وبدأت الرؤية تُدمى وتُشتعل وأرواحٌ تُنتزع ، وأحلامٌ تتمزق ..
أصبتُ بقدمي اليسرى جراء طلقٍ لنار وعندها أدركتُ أن علي الإحتماء حتى لايقتلني أحدُ أبناء وطني خطئًا ،
بدأتُ بالهرب من ساحة الإشتباك كان علي الذهاب إلى الجانب الأخر ، سلكتُ طريقًا يؤدي بي للجانب الأخر من المعركة
وما إن أنهي هذا الطريق سأكون قد وصلتُ إلى ضفة النهر على الجانب الاخر هناك حيثُ تتواجد قواعد الجيش سأسلمهم مفتاح نصرنا اليوم .
كنتُ أمشي خطوةً بخطوة وقدمي اليُسرى ترتعشُ ألمًا ، لقد كانت الخطواتُ مؤلمة على قدمي المصابة
ولكني تقدمت كنتُ أعدُ الخُطواتِ المتبقية لي لكي أصل ! عشرةُ خطواتٍ وأصل ، ثم سبعةُ خطواتٍ وأصل ،ثم ثلاثةُ خطواتٍ وأصل
هذه هيَ أخرُ ثلاثةُ خطواتٍ ما إن أخطوها سأصل ! وقبل أن أخطوها , سمعتُ صوتَ خطواتٍ تلحقُ بي فتوقفت ! وإختبئتُ بين جذوعِ الأشجار ،
لم أكن أستطيع الرؤية بسبب أوراق الشجر ولكنه كان أحد الجنود لم أستطيعُ رؤية وجهه ، أخرجت بُندقيتي وصوبتها نحوه ! وأطلقتُ طلقةَ الأولى فأصابت كتفه ،
كان مايزالُ واقفًا فأطلقتُ طلقةَ ثانية فأصابت معدَته ، وسقط حينها جاثيًا على ركبتيه ناكسًا رأسهُ من الالم ،
وبعدَ ثواني أراد أن يرفعَ رأسهُ ليرى من الذي أصابه ، فأطلقتُ حينها الطلقة الثالثة فأصابت قلبَه ُ.
لقد رأيته حينها لقد كانت ذلك الجندي الثرثار ، لقد قتلته ! هل كانت تلك خطيئة هذه روح المتبالية ؟ ! ربما !
لم أُعر للأمر إهتمامًا حينها رغبةُ النصر قد أغشت قلبي تقدمتُ ثلاثةَ خطواتٍ وحينها كنت ُقد وصلتُ للجانبِ الآخر من النهر وصلتُ إلى جيشي
أخبرتهم كلَ تلك المعلومات التي قد جمعتها من ذلك الجُندي ، إنسحب جيشي حينها ...
وفي اليوم تالي كنا قد قصفنا بأرضهِم جوا مُتفاديين مُقاوماتِهم بالهجومِ جوًا ، الذي كنتُ قد علمتُ عنهُا مسبقًا وهكذا انتزعنا النصر !
توجتُ كبطلٍ مغوار نلتُ وسامَ الشرفِ والشُكر فلولا تلك المعلوماتِ لما انتصرنا ، لكنني لم أكن أشعرُ بشيء من الفرح أشعرُ بإني قد إرتكبتُ إثمًا عظيمَ !
كنتُ أتسائلُ حينها هل هذا هو النصر ! أن تبني آمنَك عبرَ سفك أمان غيرك !
كم من أحلامٍ قد تبددت و كم من نفسٍ قد جاعت ، وكم من فرحةٍ قد إنتُزعت ، وكم من حياةٍ قد إنتهت وكم من أفئدةٍ قد صرخت !
بعد ذلك الإنتصار كل ماكنتُ أراهُ هو تلكَ الدماء المسكوبة في أرض المعركة ، وأشلاء الجثث العائمة فوقها ، وسمفونية تلك المعركة تَطُنُ في أُذُني
ونظرةُ ذلك الجندي الأخيرة أراها في عيني وبدأتُ في تساؤل هل تلك النفوسٌ التي أزهقت والأمالٌ التي تبددت والأطفالٌ التي قد تشردت والأحلامٌ التي قد تحطمت ! بسببي
أصبحت روحي باليةً مُتهالكة ! وتلبسها ذلك الشبح ! شبحُ الجندي الثرثار الذي يُلازمني ك ظلي ، كلما أردت نسيانه يظهرُ لي قائلًا : لما قتلتني ! وسلبتَ أرضي !
أخافُ البقاء وحيدًا ف هو يأتيني حين أكون وحيد ويبدأ بالثرثرة عن ابنه وعن أرضه وعن أحلام الجنود الذي قد سلبتهُا منهم !
بدأتُ أتحاشى البقاءَ وحيدًا أعتقدت إن شبحه رُبما كان خجولًا من أن يظهرً أمام الملئ ، ولكنه عندما رآني أبتسمُ متناسيًا ياهُم أمام الملئ
بدأ بالظهورِ لي قائلًا : أتبتسم وهناك أمهاتٌ يبكون ؟ أحاولُ الإبتعاد عنه ولكنه لايبتعد ، يبتعدُ كلُّ من حولي إلا هوَ يبقى ملتصقًا بي !
وحين أرى طفلًا يختفي شبحهُ قليلًا ، فأصبحتُ أذهبُ إلى الحديقة لأبقى قريبًا من الأطفال حتى يختفي ولكن !
ما إن رآني أتنفسُ تنفسَ الصُعداء حتى عاودَ الظهورَ ليُأنبني قائلًا: يشبهون أطفالَ أرضي الذي قد إغتيلت أحلامُهم بسببكَ !
فأركضُ خوفًا أعودوا لمنزلي الموحش, أغلقُ الأبواب وأؤصدُ النوافذَ و أختبئ تحتَ المنضدة وأخبرُ نفسي إنه لن يأتي
سيختفي سيختفي سأعدُ إلى ثلاثة وإن لم يظهر بعدَ ثلاثة ثواني ف هو سيختفي
أغمضُ عيني وأبدأُ بالعد واحد ، إثنان ، ثلاثة فيعاودُ الظهورَ قائلاً : نعم بثلاثةِ طلقاتٍ قتلتني ! وبثلاثةٍ خطواتٍ قتلتَهم ..
نعم لقد تذكرت .. بثلاثةِ طلقاتٍ أزهقتُ روحًا، وبثلاثةِ خُطواتٍ أزهقتُ أرواحًا نعم هذه هيَ خطيئةُ هذه الروحُ المتبالية !
#مُلهم_2
التعديل الأخير بواسطة المشرف: