حينما نختلف عن ما عهدتمونا
اعلموا أن هناك ما أصابنا ولا تجعلوا علاج أبنائكم عار عليكم
.
.
.
نجح اختلافي بأبعادي عن مساري عن ذاتي وعن حقيقة عالمي سحبني لأعمق نقطة
قد تصل لها النفس من الاختلاف وجمّل لي المستقبل بصورة متكاملة من الخارج مهشمة ، فارغة من الداخل أوجد حل لكل مشكلة
يختلقها ضميري لإيقاظي عزلني رويداً رويداً حتى اصبحت نفسي تضيق بمجالسة غيرها و انعدمت الرغبة بالنشاطات
التي كانت تثير المتعة بداخلي ، ومضت السنين حتى تمكن من ارتدائي وتقييدي كيفما يشاء أصبحت عائلتي
تُلاحظ تقلبات مزاجي عندما اجالسهم وصعوبةً في التركيز معهم ، ونقصان وزني ، واختفاء إبتسامتي ، وتقطيب الحاجبين لا يفارق نظراتي لهم.
ليس وكأنهم أساءوا معاملتي بل كانوا يطالبونني بأداء ما هو واجب علي ، ولا انسى محاضرات والدي التي يتخللها القلق على حالي
ودموع حبيبتي ووالدتي ودعاءها لابنها الذي تجهل ما اصابه، واخوتي احدهم يتجرأ ويتقدم لسؤالي والآخر يستمع بصمت لجوابي .
اساتذتي والمرشد الطلابي الذي اصبح دخولي لغرفته وحواره أحد روتين يومي والسبب تدني مستواي الدراسي ههههه
وصلت به أن يسألني " يا ابني أن كنت تتعاطى أخبرني سأساعدك اعدك " أعتذر يا أستاذي فجوابي في هذا الوقت اختلف كثيراً
عن جوابي وقتها فأجل كُنت اتعاطى لحد الثمالة وليس الشرط أن يكون التعاطي بشراب او ابر او شيء يدخل الجسم .
بل كان عقلي هو المتعاطي ،كان يغلفه شيء من الحماية والصلابة عن اي تأثير خارجي قد يصلح حاله مقتنع اقتناع تام انه لنفسه ونفسه له
لا يحتاج لأحد ولا يرغب برؤية احد ، وهواجييس الأنتحار لا تفارق رأسي ، وذات يوم اقترح والدي اقتراح لم يزد الأمر إلا سوء
فكان اقتراحه تزويجي ،على آمل بتغير حالي لم أرفض ولم أقبل كان الصمت جوابي ،وبدأت والدتي تبحث عن تلك الفتاة
تعيسة الحظ التي سترتبط بي لكن! الصدمة لم يقبل بي أحد فلا أعتقد ان هناك أب يتعب ويُربي ابنته ليرمي بها
على شاب سمعته السيئة تسبقه، وعاد الوضع على ما كان عليه بل تعقد اكثر وأخذني أبي لذلك الشيخ ليقرأ علي فكما قالوا له
قد يكون ابنك مصاب بسحر او مس ولم تخرج نتائج لتلك القراءة بل ظهرت نتائج المرحلة الثانوية
وبكل جدارة راسب، غضب أبي ورفع يمينه في وجهي وكانت تلك الصفعة الأولى ، أتذكر حينها أنني كرهت والدي كيف
يلمس وجهي ويتجرأ على ضربي؟! وأكثر ما كنت اعاتبه أساتذتي كيف لهم ان يفعلوا ذلك؟!
لم اعاتب نفسي او اعاتب تقصيري ،ولم يسلم أبي من عتابي المستمر له ، لان معاملته تغيرت حرفياً، لم يعد ذلك الأب الذي يحاول احتوائي
اصبح جافاً لا يهتم إن أكلت او نمت او مت ،حتى اتى اليوم الذي صرخ في وجهي " غادر منزلي فوراً لم اعد أعتبرك ابني "
لا أُنكر أن شيء ما قد تحرك بداخلي في تلك اللحظة لكن سرعان ما تداركه فكري المدمن وامر لساني بالصراخ " وكأنني ارغب بك اباً لي "
وغادرت المنزل بعدما جمعت شيء من أحتياجاتي وبعدما استطعت التخلص من تمسك أمي بأقدامي وسماع صراخ أخوتي
ومناجاتهم لأبي لعلّه يعود في قراره ،خرجتُ وضربت الباب خلفي ، ولا يزال صدى ضربته يتردد في رأسي تقدمت خطوة تليها خطوة ثم خطوة
حتى اوصلتني أقدامي أمام باب مدرستي ضحكت وقتها كثيرا حيث علمت انني كالرجل الآلي الذي قد برمج على مكانين فقط المدرسة والبيت
وشعرت بشيء من الحزن وكأن ضميري افاق ليصرخ بداخلي صوت " أنت رجل كيف تضعف! قد رماك خارج منزله " فوافقته
بشيء من التردد ومضى ذلك اليوم وحقاً أجهل كيف اشرح لكم كيف مضى، لكن سأخبركم أنني أستيقظت على صراخ الأطفال ونظرات الكبار
لأجد نفسي مُتمدد على العشب الأخضر في إحدى الحدائق متوسد حقيبتي ليقترب احدهم ويضع كفه على كتفي " ليث ما الذي تفعله عنها ؟"
ظهر شخص يعرفني لكن لماذا لم اعرفه؟ اجل انا لا اختلط بأحد ، فنهضت وسحبت حقيبتي وتقدمت بخطواتي وانا اسمع صوت الرجل
" لا تذهب اتصلت بأخيك انه قادم " تابعت طريقي وأنا أُحاسب نفسي بطريقه غير مباشرة طريقة لا تجعل مني المذنب.
ومن دون سابق إنذار طُرت في الهواء ، ثم وقع جسدي على الأرض وأغمضت عيني شيء فشيء والجميع يركض نحوي واحدهم يصرخ باسمي.
بعد ذلك قيل لي حينما استيقظت انني كنت في غيبوبة ل٦ اشهر وأنّ قبضت والدتي لم تُغادر قبضتي تماما كما كانت عندما استيقظت .
حاولت تحريك جسدي لكنه خانني ، فمسح شقيقي على رأسي وعيناه تدمع " لا تجهد نفسك لم تعد قادراً على المشيء " كانت كلماته
صادمة لي وقتها لكن ما أكد الموقف بكاء والدتي وتحريك رأس الطبيب بالموافقة ، تقبلت الأمر رغماً عني .
ومضت بعض الأيام ولم يبقى أحد لم يزرني سوى شخص واحد فنظرت لأمي " اما زال أبي غاضب مني؟" كنت اتفحص ملامح وجهها
حيث تظهر الكثير من الكلام حتى نطقت " غادر الحياة ولم يكن غاضب منك " كانت تلك الكلمات آخر ما ادونه لكم من الماضي التعيس
الذي قيدني معه حتى وإن حاولت التقدم أعادني له ، وإن كُنتم تتساءلون عن حاضري فبدأت بزيارة طبيب نفسي .
وكانت اليوم هي الجلسة العاشرة لي بعدما أغرقني الطبيب بالكلام المطمئن عن حالة الإكتاب التي كُنت أعيشها
وما يُقلقني هو مستقبلي، أخشى ان ارى ما فعلته يتجدد مع ابني ..
التعديل الأخير بواسطة المشرف: