1- الأب وبنته سندريلا
في عام ألف وستمائة وسبعة وستون ميلادية.
شُيد منزل كبير وجميل في يابسة معزولة على مبعدة أميال عن منازل المدينة المتكظة بالسكان.
مع اشراق شمس الصباح، كانت حناجر عصافير وحساسين أوربا لا تهدأ. وطبعا مدينة الزمرد التي تعيش فيها سندريلا ليست استثناء من هذا. استيقظت واستقبلت يومها بنشاط صاحبة الوجه البشوش، والبشرة الناعمة، والقد الظريف، والروح المرحة، والشعر البني المائل إلى اللون البرتقالي، والرمش الغض.
فقد كان عليها أن تجلب الماء من البئر وتحلب العنزة لأن والدها يشكو من قرحة بالمعدة والحليب دواء جيد للقرحة الهضمية.
- صباح الخير يا أبي الحبيب
- صباح الخير يا سندريلا..
- صفيحة الحليب الساخن في انتظارك يا أبي. وأضفت عليها القرفة والزنجبيل.
-ما أسرعك في العمل يا بنتي الحبيبة
-أحب العمل يا أبي.. إذ على الفتاة قبل أن تتمنى أن تكون أميرة، تعرف كيف تشتغل وتعتني بشؤونها وشؤون عائلتها.
ضحك الأب على بنته سندريلا لأنها على الرغم من أنها طيبة لكنها تحب توجيه الإطراء لنفسها بعفوية.
-لا تضحك علي يا أبي أخشى أن أصاب بالحياء،- غطت سندريلا وجهها لأنها استحت ذلك أنها رقيقة مثل جبنة القشقوان المدهونة على الخبز.
بعد تناول وجبة الافطار. تسكعت سندريلا وأبيها في حديقة المنزل، ثم سقت الشتلات والورود اليانعة بمنضحة الزرع. ثم ركبا العربة وانطلقا إلى متجر القرطاسية وسط المدينة؛ لشراء كتاب حكم ومواعظ الأزمان الغابرة.
في حقيقة الأمر يا من تقرأ هذا الفصل من القصة، أن الأب أسدى معروفا لابنته اليتيمة بحنيته ورحمته. فقد كادت ساندريلا بعد وفاة والدتها تغرق في بحر الأحزان العميقة والضياع النفسي والتشرد الروحي.
عملت سندريلا في النهار وأبقت آخر شطر من الليل لنفسها، وانكبت على قراءة حكايات شعبية ألمانية مُغرقة في الْقِدْم. جالت سندريلا في حقول الخيال الإنساني الخصبة. وجعلها الكتاب تعرف نفسها. وعرفت أيضا أن القراءة هي أعظم وأحلى وأوفى صديق.