تفشى وباء غامض في أحد البلدان، ولم يبق بيت لم يدخله الزومبي. كان الناس الناجين لا يتجرؤون على الخروج من الأقبية خوفاً من عضة الزومبي. في أحد الأيام، حوالي الظهيرة، ضجر الشاب باجيد من المكوث الطويل في القبو وقرر المغادرة. وضع مسدسه (كاتم الصوت) بين ثنايا بنطاله برباطة جأش؛ ليكون جاهزاً للاستلال وقت تعرضه للخطر. كان يعرف أيّ مكان يذهب إليه سيجد الزومبي. ركب دراجته النارية وانطلق بها في الشارع السكني ثم الرئيسي. كان هناك شخص زومبي يقف تحت سارية عالية وقد اتخذ موقعه ذاك؛ لكي يسحب باجيد من فوق دراجته عند اقترابه منه، لكن باجيد كان فطناً فضغط بقدمه على دواسة الوقود؛ ليزيد من سرعة الدراجة لأقصى حد متوجهاً نحو الزومبي فتعرض للدهس تحت عجلاتها وتفجرت الدماء من فمه وأنفه ومات لساعته.
دار باجيد حول الدوار المروري عدة مرات؛ لأنه كان يفكر إلى أين يذهب. فلاح له مبنى ضخم، كأنه قصر، لمستشفى خاص. فاعتزم الذهاب إليه. دخل باجيد بهو المستشفى وكان ضخماً وبه إضاءة خافتة؛ فشعر بما بدا عليه من ضآلة وغرابة. بدت المستشفى خاوية على عروشها وكأن لا وجود لأحد فيها إلا هو. مشى في الرواق الطويل الذي تتفرع منه أروقة أخرى. كانت الجدران مغطاة بالصور: أحياناً تكون لوحات لمناظر طبيعية، لكنها في معظم الأحيان تكون صور لرسومات ومعلومات طبية. كان هناك قطة ضالة تهرب منه عبر الممرات الضيقة الشبه معتمة؛ لأنها ظنت أنه يلاحقها، لكنه كان منهمكاً بفتح أبواب الغرف المؤصدة وكانت كثيرة لدرجة أنه لم يتمكن من إحصاؤها. كانت تخفي وراءها أسِرَّة فارغة. ثم صعد درجاً واسعاً من الرخام. سمع عقب ذلك صوت جلبة قادمة من إحدى الغرف. وحين فتح الباب وجد زومبي يغمغم غمغمة غير مفهومة فانتفض الشاب للخلف في ذعر. أراد الكائن البدائي المفترس الانقضاض على باجيد لكن هذا الأخير قام بدفعه دفعة قوية أسقطته أرضاً فأخذ الزومبي يزمجر وهو يهم بالنهوض ليندفع بشراسة نحوه:
طاخ!
قبل أن يعيد باجيد المسدس إلى ثنايا بنطاله دخل أربعة من الزومبي الغرفة:
طاخ! طاخ!
أخرج باجيد من جيبه حافظة الرصاص في غير ارتباك وملأ مسدسه ثم أطلق طلقتين أخريين.
كانت ثمة نافذة زجاجية واسعة تطل على منطقة مستنقعية- وفوق المكتب وجد معطف طبي رجالي، وتفاحة صفراء متعفنة مأكول منها مقدار قضمة كبيرة، ووعاء زجاجي فيه سائل برتقالي تفوح منه رائحة حمضية تزكم الأنوف. ثم فتح باب آخر ووجد فأراً أبيض يدب بأريحية شديدة تحت حنفية كانت تسكب الماء من فوهتها دونما انقطاع فملأت الحوض به لتريق بعد ذلك أرضية الغرفة.
قال باجيد وهو يغلق الحنفية: "الماء غوّر المكان- أظن الفأر يستمتع بوقته ما لم تصل إليه تلك القطة المجنونة"
تجول باجيد بعد ذلك في الأروقة المتفرعة ثم صعد سلم قصير، واندفع إلى ممر ومنه إلى ممر آخر فوجد خمسة زومبي يتغذون في الزاوية على جيفة كالبهائم المتوحشة. لم يشأ باجيد حدوث مواجهة جديدة فصعد السلم متوجهاً إلى الطابق الآخر، وتجول في ممر واسع. كانت الجدران مكسوة بكم هائل من الخزانات.
"مرحبا يا صاح!" نطق صوت ما.
- من؟،- قال باجيد وهو يتلفت حوله وقد تسارعت نبضات قلبه.
بعد لحظة سمع نفس الصوت يصدر من دَرْفة الخزانة يقول: لا أعتقد أنك زومبي.. فالزومبي لا يحملون مسدساً.
قال باجيد وقد خطر بذهنه أن يكون متيقظاً لحدوث أسوأ الأمور: نعم، أنا لست زومبي، اخرج لأراك.
خرج شاب نحيل من الخزانة وكانت عيناه فضوليتين. قال بنبرة صوت لا توحي بأنه متأزم أو متأثر بالظروف التي يمر بها الناس هذه الأيام: "اسمي بسمان. بالطبع أنت تتساءل عن سبب وجودي في هذا المبنى المتسع الذي كان في السابق مقصد المرضى من عِلْيَة القوْم- حسناً، ما دمت هنا، فيمكنني أن أعيش حياة مرحة وأتجول في أعلى المكان وأسفله. في كل يوم أتناول ثلاث أو أربع وجبات من مطابخ المستشفى، إذ يوجد في كل طابق مطبخ، وفي كل مطبخ مأكولات لذيذة موضوعة في أواني نحاسية وقصديرية.
سأله باجيد بشيء من الفضول: ألم تصادف زومبي وأنت تمرح في ممرات ومطابخ المستشفى؟
- أحب أن ألعب مع الزومبي لعبة القط والفأر.. ولكن لا تقلق علي، فلدي الكثير من الفطنة للإفلات منهم قبل أن يمسكوا بي،- ختم بسمان كلامه وهو يضحك ضحكة صاخبة
سأله باجيد هذه المرة بفضول أكبر: أين تنام؟ ألا تخاف من أن يقبض عليك أحد الزومبي وأنت تغط في النوم؟
- عندما يحين وقت النوم أختبئ داخل الخزانة التي خلفك.. فالزومبي لا يفتحون أبواب الخزانة، فكما تعلم يا صاح، إن فتح الخزانة يحتاج إلى ذكاء.. وهذا ما يفتقده الزومبي.. إنهم مجرد موتى سائرون. أوه! صحيح، ما اسمك؟ ولماذا أنت هنا؟
- اسمي باجيد، إنني أتجول هنا بدافع الفضول،
- تشرفت بك يا باجيد. ربما أرسلك القدر إلى هنا لتستقي المعلومات الهامة مني
نظر باجيد للشاب بتقدير لأول مرة وسأله: "أفصح لي عن السر الذي تعرفه يا بسمان"
- لقد عرفت أن مدير المستشفى هو من تسبب بوباء الزومبي
- وكيف عرفت ذلك؟
- سمعته يتحدث إلى نفسه بصوت عالٍ وهو يمر بجانب الخزانة التي أنام فيها.. لقد ذكر شيئاً عن مذكرة لا ينبغي لأحد غيره قراءة ما فيها
- ولماذا لم تبلغ عنه؟
قال بسمان بصوت حزين: "قبل الوباء كنت أعيش مشرداً في الأحياء الفقيرة.. ولكن بعد الوباء تغيرت أشياء كثيرة.. وجئت إلى هنا.. كما أسلفت لك سابقاً.. هنا أستطيع الحصول على المؤن الغذائية، ويوجد سخان ماء فاستمتع بتأثير الحمام الدافئ، وبعض الملابس الأنيقة التي تركها المرضى وراءهم.. يا ربي سامحني! كم أتمنى أن تطول مدة الوباء، لكي أتمتع بهذا الخير الوفير لأطول فترة ممكنة".
- أين غرفة مدير المستشفى يا بسمان؟
- في الطابق العلوي.
شكر باجيد بسمان وقال بلهجة فيها الكثير من المواساة: "سوف أسعى على إنهاء الوباء ومعاناتك أيضاً.. ثق بي يا صاح.. انتظرني فقط، سأعود إليك"
ثم مضى إلى مكتب المدير. كان من اليسير عليه الاهتداء إلى هناك؛ فقد علق لوح مذهب فوق الباب مطبوعاً عليه اسم المدير ومنصبه المرموق. وضع يده على مقبض الباب وأداره. شعر بالقلق للحظة حين شعر بأنه دار معه دون صعوبة وأن الباب ذاته قد بدأ يُفتح حين دفعه. توجه بسرعة إلى المكتب وفتش في جميع الأدراج فوجد المذكرة الشخصية للمدير.
أخذ يقلب الصفحات ثم شرع يقرأ معلومات خطيرة تكشف المستور. لقد عرف كل شيء وما عليه الآن سوى الخروج من المستشفى وتسليم المذكرة للشرطة.
- انظروا من لدينا هنا! - قال صاحب الصوت وفي عينيه نظرة خبيثة.
- أنت مدير المستشفى إذن! يسرني القول أن كاتب هذه المذكرة سوف يثير فضول الشرطة.
قال المدير ببرود: هل تعتقد أن الموضوع سوف يتطور لدرجة أنه سيكون تحت رعاية الشرطة؟
- بالتأكيد. ولكن قبل كل شيء علي أن أعترف بذكائك الخارق، لأنك صنعت المرض والدواء لتخرج على الناس بعد ذلك بصفة البطل المُخلص من عذاباتهم فتحصل على الجاه والسلطان والثراء.. يا لها من خطة ذكية حقاً!
- أنت لست غبياً كما يبدو عليك، أظنك كنت تلميذاً نجيباً في المدرسة. ولكن رغم الإطراء الذي أسبغته عليك منذ لحظة إلا أنه من واجبي أن أصارحك بالحقيقة: لا يمكن أن أتركك على قيد الحياة بعد معرفتك كل شيء!
قال باجيد بكثير من الجرأة: حسناً أيها المدير.. واجهني كرجل.. لماذا لا تفعل ذلك؟
ضحك المدير ضحكة قصيرة وقال ويده تندس في جيبه: كم هو ممتع مواجهة الشجعان المعجبون بأنفسهم! حسناً.. سأواجهك.
قفز باجيد قفزة رشيقة في الهواء وهو يخرج مسدسه من ثنايا بنطاله
طاخ!
أصابت الطلقة أسفل ذراع المدير الأيسر فتجمدت الابتسامة المتشفية على وجهه وجحظت عيناه ثم سقط على الأرض. خرج باجيد بعدها من مكتب المدير وهو يمسك المذكرة، وكان في نيته أخذ بسمان معه؛ لكي يعيش معه كأخ. فنزل عبر السلم وحين وصل، رأى خمسة رجال من الزومبي يأكلون دماغ بسمان. حينذاك صعد الدم إلى رأس باجيد وزأر كالأسد فأطلق الرصاص عليهم جميعاً. كان يُصرُّ على أسنانه من الغَيْظ وهو ينظر إلى جسد الشاب المسكين الذي بدا صغيراً ومشوهاً. عندئذٍ أحس ببؤس روحي لم يفتئ أن استل منه دموعاً منهمرة. خرج أخيراً من المستشفى وكان في باله تخليص الناس من هذا الوباء.
دار باجيد حول الدوار المروري عدة مرات؛ لأنه كان يفكر إلى أين يذهب. فلاح له مبنى ضخم، كأنه قصر، لمستشفى خاص. فاعتزم الذهاب إليه. دخل باجيد بهو المستشفى وكان ضخماً وبه إضاءة خافتة؛ فشعر بما بدا عليه من ضآلة وغرابة. بدت المستشفى خاوية على عروشها وكأن لا وجود لأحد فيها إلا هو. مشى في الرواق الطويل الذي تتفرع منه أروقة أخرى. كانت الجدران مغطاة بالصور: أحياناً تكون لوحات لمناظر طبيعية، لكنها في معظم الأحيان تكون صور لرسومات ومعلومات طبية. كان هناك قطة ضالة تهرب منه عبر الممرات الضيقة الشبه معتمة؛ لأنها ظنت أنه يلاحقها، لكنه كان منهمكاً بفتح أبواب الغرف المؤصدة وكانت كثيرة لدرجة أنه لم يتمكن من إحصاؤها. كانت تخفي وراءها أسِرَّة فارغة. ثم صعد درجاً واسعاً من الرخام. سمع عقب ذلك صوت جلبة قادمة من إحدى الغرف. وحين فتح الباب وجد زومبي يغمغم غمغمة غير مفهومة فانتفض الشاب للخلف في ذعر. أراد الكائن البدائي المفترس الانقضاض على باجيد لكن هذا الأخير قام بدفعه دفعة قوية أسقطته أرضاً فأخذ الزومبي يزمجر وهو يهم بالنهوض ليندفع بشراسة نحوه:
طاخ!
قبل أن يعيد باجيد المسدس إلى ثنايا بنطاله دخل أربعة من الزومبي الغرفة:
طاخ! طاخ!
أخرج باجيد من جيبه حافظة الرصاص في غير ارتباك وملأ مسدسه ثم أطلق طلقتين أخريين.
كانت ثمة نافذة زجاجية واسعة تطل على منطقة مستنقعية- وفوق المكتب وجد معطف طبي رجالي، وتفاحة صفراء متعفنة مأكول منها مقدار قضمة كبيرة، ووعاء زجاجي فيه سائل برتقالي تفوح منه رائحة حمضية تزكم الأنوف. ثم فتح باب آخر ووجد فأراً أبيض يدب بأريحية شديدة تحت حنفية كانت تسكب الماء من فوهتها دونما انقطاع فملأت الحوض به لتريق بعد ذلك أرضية الغرفة.
قال باجيد وهو يغلق الحنفية: "الماء غوّر المكان- أظن الفأر يستمتع بوقته ما لم تصل إليه تلك القطة المجنونة"
تجول باجيد بعد ذلك في الأروقة المتفرعة ثم صعد سلم قصير، واندفع إلى ممر ومنه إلى ممر آخر فوجد خمسة زومبي يتغذون في الزاوية على جيفة كالبهائم المتوحشة. لم يشأ باجيد حدوث مواجهة جديدة فصعد السلم متوجهاً إلى الطابق الآخر، وتجول في ممر واسع. كانت الجدران مكسوة بكم هائل من الخزانات.
"مرحبا يا صاح!" نطق صوت ما.
- من؟،- قال باجيد وهو يتلفت حوله وقد تسارعت نبضات قلبه.
بعد لحظة سمع نفس الصوت يصدر من دَرْفة الخزانة يقول: لا أعتقد أنك زومبي.. فالزومبي لا يحملون مسدساً.
قال باجيد وقد خطر بذهنه أن يكون متيقظاً لحدوث أسوأ الأمور: نعم، أنا لست زومبي، اخرج لأراك.
خرج شاب نحيل من الخزانة وكانت عيناه فضوليتين. قال بنبرة صوت لا توحي بأنه متأزم أو متأثر بالظروف التي يمر بها الناس هذه الأيام: "اسمي بسمان. بالطبع أنت تتساءل عن سبب وجودي في هذا المبنى المتسع الذي كان في السابق مقصد المرضى من عِلْيَة القوْم- حسناً، ما دمت هنا، فيمكنني أن أعيش حياة مرحة وأتجول في أعلى المكان وأسفله. في كل يوم أتناول ثلاث أو أربع وجبات من مطابخ المستشفى، إذ يوجد في كل طابق مطبخ، وفي كل مطبخ مأكولات لذيذة موضوعة في أواني نحاسية وقصديرية.
سأله باجيد بشيء من الفضول: ألم تصادف زومبي وأنت تمرح في ممرات ومطابخ المستشفى؟
- أحب أن ألعب مع الزومبي لعبة القط والفأر.. ولكن لا تقلق علي، فلدي الكثير من الفطنة للإفلات منهم قبل أن يمسكوا بي،- ختم بسمان كلامه وهو يضحك ضحكة صاخبة
سأله باجيد هذه المرة بفضول أكبر: أين تنام؟ ألا تخاف من أن يقبض عليك أحد الزومبي وأنت تغط في النوم؟
- عندما يحين وقت النوم أختبئ داخل الخزانة التي خلفك.. فالزومبي لا يفتحون أبواب الخزانة، فكما تعلم يا صاح، إن فتح الخزانة يحتاج إلى ذكاء.. وهذا ما يفتقده الزومبي.. إنهم مجرد موتى سائرون. أوه! صحيح، ما اسمك؟ ولماذا أنت هنا؟
- اسمي باجيد، إنني أتجول هنا بدافع الفضول،
- تشرفت بك يا باجيد. ربما أرسلك القدر إلى هنا لتستقي المعلومات الهامة مني
نظر باجيد للشاب بتقدير لأول مرة وسأله: "أفصح لي عن السر الذي تعرفه يا بسمان"
- لقد عرفت أن مدير المستشفى هو من تسبب بوباء الزومبي
- وكيف عرفت ذلك؟
- سمعته يتحدث إلى نفسه بصوت عالٍ وهو يمر بجانب الخزانة التي أنام فيها.. لقد ذكر شيئاً عن مذكرة لا ينبغي لأحد غيره قراءة ما فيها
- ولماذا لم تبلغ عنه؟
قال بسمان بصوت حزين: "قبل الوباء كنت أعيش مشرداً في الأحياء الفقيرة.. ولكن بعد الوباء تغيرت أشياء كثيرة.. وجئت إلى هنا.. كما أسلفت لك سابقاً.. هنا أستطيع الحصول على المؤن الغذائية، ويوجد سخان ماء فاستمتع بتأثير الحمام الدافئ، وبعض الملابس الأنيقة التي تركها المرضى وراءهم.. يا ربي سامحني! كم أتمنى أن تطول مدة الوباء، لكي أتمتع بهذا الخير الوفير لأطول فترة ممكنة".
- أين غرفة مدير المستشفى يا بسمان؟
- في الطابق العلوي.
شكر باجيد بسمان وقال بلهجة فيها الكثير من المواساة: "سوف أسعى على إنهاء الوباء ومعاناتك أيضاً.. ثق بي يا صاح.. انتظرني فقط، سأعود إليك"
ثم مضى إلى مكتب المدير. كان من اليسير عليه الاهتداء إلى هناك؛ فقد علق لوح مذهب فوق الباب مطبوعاً عليه اسم المدير ومنصبه المرموق. وضع يده على مقبض الباب وأداره. شعر بالقلق للحظة حين شعر بأنه دار معه دون صعوبة وأن الباب ذاته قد بدأ يُفتح حين دفعه. توجه بسرعة إلى المكتب وفتش في جميع الأدراج فوجد المذكرة الشخصية للمدير.
أخذ يقلب الصفحات ثم شرع يقرأ معلومات خطيرة تكشف المستور. لقد عرف كل شيء وما عليه الآن سوى الخروج من المستشفى وتسليم المذكرة للشرطة.
- انظروا من لدينا هنا! - قال صاحب الصوت وفي عينيه نظرة خبيثة.
- أنت مدير المستشفى إذن! يسرني القول أن كاتب هذه المذكرة سوف يثير فضول الشرطة.
قال المدير ببرود: هل تعتقد أن الموضوع سوف يتطور لدرجة أنه سيكون تحت رعاية الشرطة؟
- بالتأكيد. ولكن قبل كل شيء علي أن أعترف بذكائك الخارق، لأنك صنعت المرض والدواء لتخرج على الناس بعد ذلك بصفة البطل المُخلص من عذاباتهم فتحصل على الجاه والسلطان والثراء.. يا لها من خطة ذكية حقاً!
- أنت لست غبياً كما يبدو عليك، أظنك كنت تلميذاً نجيباً في المدرسة. ولكن رغم الإطراء الذي أسبغته عليك منذ لحظة إلا أنه من واجبي أن أصارحك بالحقيقة: لا يمكن أن أتركك على قيد الحياة بعد معرفتك كل شيء!
قال باجيد بكثير من الجرأة: حسناً أيها المدير.. واجهني كرجل.. لماذا لا تفعل ذلك؟
ضحك المدير ضحكة قصيرة وقال ويده تندس في جيبه: كم هو ممتع مواجهة الشجعان المعجبون بأنفسهم! حسناً.. سأواجهك.
قفز باجيد قفزة رشيقة في الهواء وهو يخرج مسدسه من ثنايا بنطاله
طاخ!
أصابت الطلقة أسفل ذراع المدير الأيسر فتجمدت الابتسامة المتشفية على وجهه وجحظت عيناه ثم سقط على الأرض. خرج باجيد بعدها من مكتب المدير وهو يمسك المذكرة، وكان في نيته أخذ بسمان معه؛ لكي يعيش معه كأخ. فنزل عبر السلم وحين وصل، رأى خمسة رجال من الزومبي يأكلون دماغ بسمان. حينذاك صعد الدم إلى رأس باجيد وزأر كالأسد فأطلق الرصاص عليهم جميعاً. كان يُصرُّ على أسنانه من الغَيْظ وهو ينظر إلى جسد الشاب المسكين الذي بدا صغيراً ومشوهاً. عندئذٍ أحس ببؤس روحي لم يفتئ أن استل منه دموعاً منهمرة. خرج أخيراً من المستشفى وكان في باله تخليص الناس من هذا الوباء.
التعديل الأخير: