جَرَى الدمعُ حتى ليسَ في الجفنِ مَدمَعُ وقاسيتُ حتَّى ليس في الصبرِ مَطمَعُ
وما أنا منيبكي ولكنَّه الهَوى
يريدُ سن الأُسدِ الخضوعَ فتخضعُ
فلِلَّه قلبي ما أجلَّ اصطبارَهُ
وأثبتَهُ والسيفُ بالسيف يُقرعُ
وللَّه قلبي ما أقلَّ احتماله
إذا ما نأى عنه الحبيبُ المودِّعُ
إذا لاحَ لي سيفٌ من الخطبِ رُعتُه
وإن لاح لي سيفٌ من اللحظِ أجزَعُ
وأقتادُ لَيثَ الغابِ واللَّيثُ مُخدِرٌ
ويقتادني الظبي الغريرُ فأتبَعُ
وليلٍ أضلَّ الفجرُ فيه طريقَه
فلم يدرِ لما ضلَّ من أين يَطلُع
سهرتُ به أرعى الكواكبَ والكَرَى
عَصِيٌّ على الأجفانِ والدمعُ طيّعُ أودُّ لو ان الطيفَ من بِزَورَةٍ وكيفَ يزورُ الطيفُ مَن ليس يَهجَعُ لقد عشتُ دَهراً ناعمَ البالِ خالياً
من الهمّ لا أَشكُو ولا أتَوَجَعُ
أروحُ ولي في مَعهدِ الغَي مَربَعٌ
وأغدُو ولي في مَسرحِ اللَّهو مرتَعُ
فما زلتُ أبغي الحبَّ حتَّى وجدتُه
فلما أردتُ القُربَ كان التمنُّعُ
فلم يبقَ لي عن ذلك الحبِّ مهرَبٌ
ولم يَبقَ لي في ذلك القُربِ مَطمَعُ
كأني في جوِّ الصبابةِ ريشةٌ
بأيدي السوافي مالها الدهرُ مَوقِعُ
كأني في بحر الهُيام سفينةٌ
أحاطَ بها مَوجُ الردى المُتَدَفِّع
كأني في بيداءَ دهماءَ مَجهَلٌ
تضلُّ رُخاءٌ في دُجاها وزَعزَعُ
فلا أنا فيها واجدٌ من يَدُلُّني ولا نجمها يبدو ولا البرقُ يَلمُع فمهلاً رويداً أيها اللائم الذي يُجرِّعني في لومِه ما يُجرِّعُ
نَصحتَ فلم أسمَع وقلتَ فلم أُطِع
فما نُصحُ حِبٍّ لا يُطيعُ ويَسمَعُ
فيا حُبَّ هذا القولُ لو كان مُجدِياً
ويا نِعم ذاك النُصحُ لو كان ينفَعُ
قضى اللَه أن لا رأى في الحبِّ لامرئٍ
وذاك قضاءٌ نافذٌ ليس يُدفع
مررتُ على الدّار التي خَفَّ أَهلُها
وطالَ بِلاها فهي بَيداءُ بَلقَعُ
معاهدُ كانت آهلاتٍ وكانَ لي
مَصِيفٌ تَقضَّى في رُبَاهَا ومَربع
فيا ليتَ شِعري هل يعُودَنَّ عَيشُنَا
بمعهدها والشَّملُ بالشَّملِ يُجمع
فَتُقضى لباناتٌ وتُطفَى لواعجٌ
وتَبرُدَ أكبادٌ وتَنضُبَ أدمُع
فما أنسَ م الأشياءِ لا أنسَ ليلةً تجشمتُ فيها الهولَ والهولُ مُفزِع ولا مؤنسٌ إلا ظلامٌ ووحدةٌ ولا مسعدٌ إلا فؤادٌ مُروع
ولا صاحبٌ إلا المطيةُ حولَها
ذئابٌ تبارى في الفلاةِ وأضبع
ولا عين إلا النجمُ ينظرُ باهتاً
ويعجب لي ماذا بنفسي أصنع
إذا ما تشكَّت من كلالٍ مطيتي
وقد كلمتها ألسن السوط تُسرِع
أسيرُ بها سيرَ الصحاب كأنني
بأذرعُها عَرضَ الفِدادِ أُذَرِّعُ
إلى أن تنورتُ الخيامَ ولاح لي
ضياءٌ بدا من جانبِ الحيّ يَسطَعُ
فأقدَمتُ نحو الحيِّ والحيُّ هاجعٌ
وخُضتُ سوادَ القومِ والقومُ صُرَّع
وما كنتُ أدرى قبلَ ذلك خِدرَها
ولكن هَدَاني نشرُها المتضوِّعُ
فبتُّ وباتَت يعلمُ اللَه لم يكن سِوى أُذنٍ تُصغِى وعينٍ تَمتَّعُ نخالُ دَوىَّ الرِّيح في الجوِّ واشياً بِنَا وضياءَ البرقِ عيناً فَنَفزَعُ
وما عينَ إلا خوفُنا وارتياعُنا
ولا ناظرٌ يرنو ولا أذنَ تسمع
وأعذبُ وِردٍ راقَ ما كان نَيلُه
عزيزاً وأحلى القُربِ قربٌ مُمَنَّع
فكانت برغم الدهر أحسنَ ليلةٍ
رأَيتُ لعمري بل هي العُمر أجمعُ
وما راعنا إلا هديرُ حمامةٍ
على فَنَنٍ عند الصباح تُرجِّع
فقمتُ ولم تعلق بذيلي ريبةٌ
ولا كان إلا ما يشاءُ الترفُّعُ
وودّعتُها والحزنُ يَغلِبُ صبرَنا
وأحشاؤُنا من حَسرةِ تَتَقطَّعُ
فَقالَت أهذا آخرُ العهد بَينَنا
وهل لِتلاقِينا مَعادٌ ومَرجعُ
فقلتُ ثِقي بالله يا فوزُ إِنَّها
سحابةُ صَيفٍ عن قَليل تَقشَّع وسرتُ وقلبي في الخِيامِ مُخلَّفٌ وَلِي نحو قلبي والخيامِ تطلُّع حَنانيكَ رفقاً أيها الدهر واتئد
فحسبِي ما ألقى وما أتجرّعُ
ورُحماكَ بي فالسيلُ قد بلغَ الزُّبى
ولم يبقَ في قوسِ التصبرِ منزعُ
على أنني أصبحتُ لا مُتخوفاً
مُلِماً ولا إِن نالني الرزءُ أجزعُ
قد اعتصمت بالصبر نفسي وفوضت
إلى الله ما يُعطى الزمانُ ويمنَعُ
وأمسيتُ لا أخشى الخطوبَ ووقعَها
ولو أنها سُمُّ الأساودِ مَنقَعُ
فقد بِتَّ جاراً للإمام وأنه
أعز بَنى الدنيا جِواراً وأمنَعُ
سمعتُ بهِ دهراً فلما أَتيتُه
رأَيتُ بعيني فوق ما كنت أسمع
وشاهدتُ وضاح الأساريرِ أروعاً
على وجهه نورٌ من اللَه يَسطع
تَزاحمُ أقدامُ العُفاةِ ببابه
فلا هُوَ محجوبٌ ولا الفضل يمنعُ إذا سرتَ فالأبصارُ نحوكَ حُوَّم
وإن قُلتَ فالأعناقُ حَولَكَ تَخضَعُ
وأضحى بِكَ الإِفتاءُ يختالُ عِزَّةً
فما أنت إلا التاجُ منه مُرصَّع
أمولاي هذا الدهرُ وَالى صُرُوفَه
على فأنجد أو أشر كيفَ أصنعُ
فما أنا إلا غَرسُ نعمتكَ الذي
يُغاديهِ غَيثٌ من نَداكَ فيُمرعُ
فإن شِئتَ فالفضلُ الذي أنت أهله وإلا فإني في الأنام مُضَيّع
قصيدة : سقاها وحيا تربها وابل القطر
سقاها وحيّا تربها وابلُ القطرِ وإن أصبحت قفراءَ في مهمةٍ قفرِ
طواها البلى طيَّ الشحيحِ رداءَه
وليس لما يطوى الجديدانِ من نشرِ
مَرابضُ آسادٍ ومأوى أراقِمٍ
تجاوَرُ في قيعانِها الغيلُ بالجُحر
يكادُ يَضلُّ النجمُ في عَرَصاتِها
ويزوَرّ عن ظلمائِها البَدرُ من ذُعرِ
لقد فَعَلت أيدي السوافي بنؤيها
وأحجارها ما يفعل الدهر بالحر
وَقَفتُ بها في وَحشةِ الليل وَقفةً
أثارَ شجاها كامِنُ الوجد في صَدرى
ذكرتُ بها العَهدَ القدِيمَ الذي مضى
ولم يَبقَ منهُ غيرُ بالٍ من الذكر
وعيشاً حَسِبناهُ من الحُسنِ رَوضَةً
كساها الحيا منهُ أفانينَ من زَهر
فأنشَأتُ أبكي والأَسى يتبع الأَسَى
إلى اَن رأَيتُ الصخرَ يَبكي إلى الصخر
وما حيلةُ المَحزُونِ إلا لواعجٌ تفيضُ بها الأحشاءُ أو عبرَةٌ تَجري وما أنسَ مِ الأَشياءِ لا أنسَ ليلةً جَلاها الدُجى قَمراءَ في ساحةِ القَصرِ
كأنَّ النجومَ في أديمِ سمائِها
سَفائِنُ فَوضَى سابحاتٌ على النهر
كأنَّ الثريا في الدُجنةِ طرةٌ
مرصعةُ الأطرافِ باللؤلؤِ النَثرِ
كأن السُّهَا حقٌّ تعرضَ باطلٌ
إليه فألقى دونَه مُسبَلَ السِّترِ
كأن الدجى فحمٌ سَرى في سَوادِه
من الفَجر نارٌ فاستحالَ إلى جَمرِ
كأنَّ نَسيمَ الفَجرِ في الجوِّ خاطرٌ
من الشعر يَجري في فضاءِ من الفكرِ
وفي القَصرِ بين الظلِّ والماءِ غادَةٌ
تَميسُ بلا سُكرٍ وتَنأى بِلا كِبرِ
تُريكَ عيوناً ناطقاتٍ صَوامِتاً
فما شئتَ من خَمرٍ وما شِئتَ من سِحر
لهوتُ بها حتَّى قَضَى الليلُ نَحبَهُ
وأدرجَهُ المِقدارُ في كَفَنِ الفَجرِ
لعمركَ ما راحت بِلُبّى صَبَابةٌ
ولا نازعتني مُهجَتِي سورةُ الخَمرِ
ولا هاجَني وجدٌ ولا رسمُ مَنزلٍ
عَفاءٍ ولكن هكذا سنَّةُ الشِّعرِ
ومَن كان ذَا نفسٍ كنفسي قريحةٍ
من الهمّ لا يُعنى بوصلٍ ولا هجَرِ
كأني ولم أسلخ ثلاثين حِجّةً
ولم يَجرِ يوماً خاطرُ الشيّبِ في شَعري أخو مائةٍ تَمشي الهُوَينا كأنَّه إذا ما مشى في السّهلِ في جَبَلٍ وَعر إذا شابَ قلبُ المرءِ شابَ رجاؤُه
وشابَ هواهُ وهوَ في ضَحوةِ العُمرِ
حَييتُ بآمالي فلمّا كَذَبنَنِي
قنعتُ فلم أحفِل بِقُلٍّ ولا كُثرِ
وأصبحت لا أرجو سِوَى الجَرعةِ التي
أذوقُ إذا ما ذقتها راحةَ القبر
وليسَت حياةُ المرءِ إلا أمانياً
إذا هي ضاعت فالحياة على الإِثر
جزى اللَه عني اليأسَ خيراً فإنه
كفاني ما ألقى من الأملِ المر
وراضَ جماحي للزمان وحُكمِه
بما شاءَ من عدلٍ وما شاءَ من جُور
فما أنا إن ساءَ الزمانُ بساخطٍ
ولا أنا إن سر الزمانُ بِمُغتَر
إذا ما سفيهٌ نالني منه قادِحٌ من الذمّ لم يُحرِج بموقِفه صَدري أعودُ إلى نفسي فإن كان صادِقاً عَتَبتُ على نفسي واصلحت من أمري
وإلا فما ذنبي إلى الناس إن طغى
هواها فما ترضى بخيرٍ ولا شر
أمولاي عذراً إن للهم صرعةً
تطير بسر المرءِ من حيث لا يدري
وإني لأتحيي لقاءَكَ شاكياً
وأنت الذي ألهمتني خلق الصبرِ
وأوردتني من بحرِ علمِكَ مَورِداً
أمنتُ به الكفرانَ في موضعِ الشُّكر
لك القلمُ العضبُ الذي فل غربه
من الشرك ما أعيى على البيض والسمر
إذا جن ليل الشك طلى ظلامه
بفجرٍ من الآيات والحججِ الغُرِّ
لك العزةُ القعساءُ والسؤدد الذي
تخرّ لديهِ هامةُ الأنجمِ الزُّهرِ
وما صاحبُ العرشِ المُدِلِّ بتاجِه
بأعرقَ مَجداً مِنكَ في مَوقِف الفَخر
وكَم بَينَ عَرشٍ من لجينٍ وعَسجدٍ
يُصاغُ وعرشٍ من سناءٍ ومِن ذِكر
وكم بَينَ مَجدِ الدين والعلم والتقى ومجدِ القصُورِ الشم والعَسكَر المَجرِ
لكَ النائِلُ المعروفُ غيرَ مكدِّرٍ
تُشَيِّعُهُ بَين الطَلاقَةِ والبِشرِ
إذا ابتدرَ الناسُ المكارَمَ نِلتَها
بسابقِ عَزمٍ لا يَملُّ مِنَ الحصرِ
فلا زلتَ مَهدِياً ولا زلتَ هادِياً
تروحُ إلى خَيرٍ وتغدُو إلى بِرّ
ولا زَالَتِ الأَعيادُ تَترَى وفودُها
بما شِئتَ مِن عزٍ وما شئتَ مِن عُمرِ
قصيدة : سار يباري النجم في جده
سارَ يُباري النجم في جَدّه وعادَ كالسيف إلى غِمده
رأى السرى والسهد مَهرَ العُلا
فجدّ وارتَاح إلى سُهدِه
لا يُبصرُ الخطبَ جليلاً ولا
تلوى به الأهوالُ عن قصدِه
مسدد العزمِ إذا مامضى
يحارُ صَرفُ الدهر في رَدِّه
كالسيف يجلوه قِراعٌ ولا
يأخذُ ضربُ الهامِ من حدّه
من لا يرى المجدَ سبيلاً له
لا يأسَفُ المجدُ على فَقدِه
فضجعةُ الراقدِ في بَيتِهِ
كضجعَةِ الميتِ في لَحدِه
فضجعةُ الراقدِ في بَيتِهِ
كضجعَةِ الميتِ في لَحدِه كان لمصرٍ بعدَ تَودِعيه
صبابة الصادي إلى وِردِهِ
واليومَ قد عادَ لها كلُّ ما
ترجو من النعمةِ في عَودِهِ
وافترّ عنه ثغرُها مِثلَما
يَفترُّ ثَغرُ الروضِ عن وَردِه
بدا وقد حفت به هيبةٌ
كأنما عثمانُ في بردِهِ
ما فيه من عيبٍ سوى أنه
يحسدُه الناسُ على مَجدِه
ما حِيلةُ الحسادِ في نِعمَة أسبغها اللَه على عَبدِه
غرّدَت فوق غُصنِها الأملودِ فاستثارت هوى الفؤادِ العَميدِ
ذاتُ طَوقٍ تَقَلَّدَت بحُلاهُ
فوقَ نحرٍ وذاتُ عِقدٍ بجيدٍ
كَتَمَت وَجهَها زَماناً فلما
عَرَفُوها تَسَترت بالعقودِ
كدت أنسى تلك العهودَ ولكن
ذكرتني وما نسيتُ عُهودي
ذكرتني أيام لهوي وأنسى
بمهاة لمياء كالغصن رود
ظبيةٌ تأسِرُ الأُسود وكان ال
عَهدُ أن الظباءَ أسرى الأُسودِ
من له في الورى كعثمانَ جدٌ
وأبٌ ماجدٌ كعبدِ المجيد
واحدٌ في عُلاهُ فردٌ ولكن جمعَ اللَه فيه كل الوجود
قصيدة : أرى المجد في حد الحسام المصمم
أرى المجدَ في حدِّ الحسام المصممِ وسيرَ العُلا إثرَ الخميسِ العَرمرَمِ
ومن جعل التدبير في الحربِ هَمّهُ
أذلت إليه كل دهياءَ صَيلَمِ
طغت أُمَمُ السودانِ طوعَ غُرورِها
فَمِن مُنجدٍ في الغي منها ومُتهِم
وأعيا على بأس الرجال انقيادُها
وعاشَ زماناً سَيفُها لم يُثَلَّمِ
فلما دَهَاها بأسُ كُتشِنَرٍ عَنَت
إِليه وأضحت مثلَ نهبٍ مُقَسّم
تُطالعُه شُمُّ الجِبالِ فيرتَقِى
ذُراها وأجوازَ الفلاةِ فَيَرتمي
فأعمَل تلك البيضَ في السّودِ فاكتسَوا جميعاً بُرُوداً قانِياتٍ من الدّم
قصيدة : أما كفى السيف حتى جرد القلما
أَمَا كفَى السيفَ حتَّى جرَّدَ القلما يوماً يُريق مِداداً أو يُريق دَمَا
فالموتُ إن أَسَر الهيجاءَ مقتَحِماً
والسحرُ إن نَثَر الآياتِ أَو نَظما
ربُّ القوافي الذي تأبى قريحتُه
إلا ابتداعاً ولا يَرضَى بما عَلِما
كأنَّ تِلكَ المعاني في قوالِبها
راحٌ وكأسٌ يَضِلُّ اللبُّ بينهما
هي العقودُ أَضلَّتهم محاسنُها
عن كُنهِها فَدَعَوهَا ضَلَّةً كَلِمَ
قصيدة : أودى بي الحزن واغتال الجوى جلدي
أودى بي الحزنُ واغتال الجوى جلدي وفرقَ الشجوُ بينَ الروحِ والجَسَدِ
واستهدَفَتني صُروفُ الدهر راميةً
تُصوبُ النبلَ نحوَ القلبِ والكبدِ
ما لِلَّيالي إذا سلت صوارِمَها
بين الخلائِق لا تبقى على أحدِ
أبيتَ يا دهرُ سيراً للرشادِ وأَن
تجرى أموركَ في الدنيا على سَدَدِ
أليسَ يُرضِيكَ أن الناسَ راضيةٌ
بِما رضيتَ لهم من عيشك النكِد
مُستَسلِمونَ لما لو حَلَّ من أُحُدٍ
في شُعبتَيه لَهُدَّت شُعبتا أُحُدِ
رُحماكَ يا دَهرُ بعضَ الإرتفاق بنا
أَسرفت في ظُلمنا رُحمَاكَ فاقتصِد
يا فاتِكاتِ المنايا هل لكم تِرةٌ
لديَّ أم لا فهل للفتك من قودِ
روعتِ مني جريئاً غيرَ ذي فَرَقٍ
واقتدتِ مني عزيزاً غيرَ مُضطهد
ما كان عهدُكَ يا قلبي الضعيفَ إذا نَبا بكَ الخطبُ أن تبقى على كَمدِ أكلَّما تبتغي عزماً ترى شَططاً وكيفما رُمتَ صَبراً لم تكد تَجِد
لطالما كنت قِرناً للنوائِبِ تل
قاها اعتسافاً كلقيا الأسدِ للنقدِ
ما فل غربك إلا حادِثٌ جَللٌ
ثَنى جماحك قَسراً غيرَ مُتئِدِ
هل مر ناعٍ لإبراهيمَ فاشتعلَت
نيرانُ حُزنٍ على أحشاك مُتقدِ
فقدتُ لُبى لما أن نأى ودنا
فيا لكَ اللَهُ من ناءٍ ومُبتَعِدِ
فالحُزنُ مُضطرِمٌ في قَلبِ مضطربٍ
والقلبُ مُرتَعِبٌ في جسمِ مُرتَعِدِ
جاوزتَ يا يوم عاشُوراءَ حدَّك في
خَطبٍ تركتَ به العلياء في أَودِ
خطبٌ تكادُ له الأفلاك تَسقُط من
جوانب الجوِّ فوقَ التربِ والوَهَدِ
حُزناً على رجلٍ كانت تدينُ له ال
آمالُ تبغى لديه غايةَ الرشدِ
حُزناً على زينة الدنيا ورنقها
لما هوى بدرُهُ الوضاءُ عن صُعُدِ
طَلقِ المحيا محيى النازلين به سهلِ الخليقةِ صافي القلبِ والخلَدِ تقوَّضَ المجدُ يومَ انقضَّ كوكبه مصدعَ الصرحِ والأركانِ والعُمُدِ
فليأسفِ العِلمُ ولتبكيهِ أُسرته
وليهنأ الجهلُ وليشمت أولو الحَسَدِ
يا راحلاً غيرَ مظنونِ الرحيلِ ولم
يَخطر رَدَاهُ على فكرٍ ولم يَردِ
من للمروءة والمعروفِ بعدَك من
للحلم من للتقى والبرِّ والرشَدِ
من للمنابر يعلوها فيصدُعُ بال
حقِّ القَويم فيهدى كل ذي مَيَدِ
لأقضينَ حياتي كلها كمداً
مُشَتَّتَ الشملِ حتَّى آخِرِ الأَبَدِ
وأَبذُلَنَّ مَصُونَ الدمع مُطَّرِداً
وَجداً عليكَ وحُزناً فيكَ لم يَبِدِ
أبكى عليك لِدارٍ لا أَنيسَ بها
تكُونُ فيها غريبَ الأَهلِ والوَلدِ
جاوَرتَ رَبَّكَ إبراهيمُ مُطَّرِحاً
أخاك أحمَدَ يَشكُو قِلَّة العَضُدِ
يقولُ والدمع في خديه منتظمٌ
كالعقد منتثرٌ كاللؤلؤ البَدَد
أخي قد كنت لي عوناً أشد به
أزري وكنت لنصري خيرَ مُعتَمدِ
فاليومَ أصبحتَ بعد الأُنسِ منفرداً وكنتَ لي عُدّةً من أحسَنِ العُدَدِ أخي قد كنت أرجو أن تُغيبني تحت الترابِ ولكن خابَ مُعتَقدي
وأخلف اللَه ذاك الظن إذ وثبت
إليكَ حُمرُ المنايا وثبة الأسدِ
أخي قدمت روحي أفتديك بها
من الممات ولكن ليس ذا بيدي
أخي هذا قضاءٌ لا مر له
أخي والموت للإنسان بالرصَدِ
يا ليتَ شعري إن ناديتُ قبركَ هَل
تُجيبني بعد طولِ النأي والبَعَدِ
كلا فما أنت إلا أعظمٌ دَرَست
أخنى عليها الذي أخنى على لُبَدِ
سُقِيتَ يا قَبرَهُ غيثَ السماءِ كما
تَسقيك أعيُنُنا من دَمعها البَدَدِ
يا أرغدَ اللَه عيشاً حلَّ فيه كَما
كانَت شمائِلُه الحسناءُ في رَغَدِ
وحلَّ من روضةِ الجنَّاتِ يانِعَها مُخَلَّداً في جوارِ الواحدِ الصّمد
قصيدة : منع النفس أن تنال مناها
منعَ النفس أن تنالَ مناها سيرُ تلك الآجال طوعَ قضاها
تشتهي النفسُ أن تعيشَ مدى الدهرِ
وتأبى الأقدارُ إلا فناها
تتمنى لو نالت السعد لكن
كتب اللَه في الكتاب شقاها
أي نفسٍ مرزوءةٍ مثل نفسٍ
سلبتها أيدي المنونِ أخاها
يا أخا الروح ها هي الروحُ أضحت
من عِدادِ الأرواحِ مما دهاها
كنتَ للعين قرةً ثم أمسَت
بعدَكَ اليومَ لا يراها كراها
لا سَقَت بعدكَ السماءُ بساطَ ال
أرض غيثاً حتّى يجف ثراها
لهفي والسقامُ أذبل من رَو
ضِكَ أغصانك اللذيذ جَنَاها لهفي والطبيب قد عادَ يُنبى أن تِلكَ الداءَاتِ عزَّ دَوَاها لَهفي والنفوسُ باتَت حَيارى
ووفودُ العُوَّادِ خابَ رَجَاها
يا فقيداً نأى وغادر في أح
شاي نارَ الغضى يَشُبُّ لظاها
لك أشكو لو كنتَ تسمعُ شكوا
ي فآها لو تَنفعُ اليومَ آها
فَحنانيك أيُّها الموتُ كم تَه
تِكُ من حُرمَةِ العِبَادِ حِمَاها
هَبك أَمعَنتَ في البَرايا افتِراساً
ثم لم تُبقَ أرضها وسماها
فنجيبٌ ذو حرمةٍ في البرايا هي أحرى ياموتُ أن ترعاها
قصيدة : ليهنك يا بيل الجلال وعزة
ليهنكَ يا بيلُ الجلالُ وعزةٌ يكادُ لها القلبُ الكسيرُ يطيرُ
ملكتَ على الزهدِ الأُلوفَ وكلُّنا
إلى قَطرةٍ مما ملكتَ فقيرُ
إذا كان هذا الطوقُ كالتَّاج قيمةً
فأنتَ بألقابِ الملوك جديرُ
وما المالُ إلا آيةُ الجاهِ في الوَرى
فحيثُ تراهُ فالمقامُ خطيرُ
ولو كان بين الفضلِ والجاهِ نسبةٌ
لزالت عروشٌ جمّةٌ وقصورُ
فيا بيلُ لا تجزَع فَرُبَّ مُتَوَّجٍ
شبيهُكَ إلا منبرٌ وسريرُ
وما أنت في جهلِ المقادير آيةٌ
فمثلُك بين الناطقين كثيرُ
لئن فاتك النطقُ الفصيحُ كما تَرى
فسهمُك من نُطقِ الفؤادِ وفيرُ
وفيتَ بعهدٍ للصديق وما وَفَى بعهدِ صديقٍ جرولٌ وجَريرُ فعش صامِتاً واقنَع بحظِّك واغتبط فما النطقُ إلا آفةٌ وشرُورُ
ضَلالٌ يرى الإنسانُ فضلاً لنفسه
وساعدُه في المَكرُمَاتِ قصيرُ
وما المرءُ إلا صِدقُه ووفاؤُه
وكلُّ كبيرٍ بعد ذاك صغير
وماذا يفيد المرء حسن بيانه
إذاعي بالنطق الفصيح ضميرُ
مدحتُك يا بيلٌ لأني شاعرٌ
وأنت على حسن الجزاءِ قديرُ
ولو كنتَ تدري ما أقولُ لقمت لي بما لم يقم للمادحين أميرُ
زَاحفتُ أيامي وزاحفنني دهراً فلم أنكل ولم تنكل
لا عزمها واهٍ ولا عزمتي
تصادَمَ الجندلُ بالجندلِ
رمت فلم تُبقِ على مفصِلٍ
لكنَّها طاشَت عن المقتلِ
وليتَها أصمت فما أبتغي
من عيشها إن أنا لم أقتلِ
لا خير في الصبر على غمرَةٍ
لا يأمَلُ الصابِرُ أن تنجلي
صبرتُ في البأساءِ صَبرَ الذي
قِيدَ إلى القتل فلم يحفِل
لا فضلَ في الصبرِ لمستسلمٍ
عي عن الفعلِ فلم يفعَلِ
عِشرونَ عاماً لم تَحُل حالتي
ما أشبه الآخرَ بالأَوّلِ
أغدُو إلى المَعمل في شَملَةٍ
خَرقَاءَ لم تَكسُ ولَم تَشمَل
تنمُّ عن جِسمي كما نَمّ عَن نَفسِي غزيرُ المدمَع المُرسَلِ كأنَّها بُرقعُ مِصريةٍ لا يَحجُبُ الوجه عن المُجتلى
يميلُ بي الهمُّ مَمِيلَ النَّقَا
بين جنوبِ الرّيح والشَمأَل
فمن رآنِي ظنَّ بي نشوةً
أجل بكأسِ الحُزنِ لا السّلسَل
أَقضى نهاري مُقبلاً مُدبراً
كأنَّني الآلةُ في المَعمل
وصاحبُ المَعمل لا يرتَضي
منِّي بِغَيرِ الفادِح المُثقِل
فإِن شكوتُ النَّزر مِن أُجرةٍ
برَّح بي شتما ولم يَجمُل
حتَّى إذا عدتُ إلى مِنزلي
وجدتُ سوءَ العَيشِ في المنزلِ
أرى أيامي يَشتكينَ الطَّوى
إلى يتامى جُوَّعٍ نُحَّلِ
أبيتُ والأجفانُ في سُهدها
كأنَّما شُدَّت إلى يَذبُلِ بين صغارٍ سُهَّدٍ في الدجى يُذرون دمع الثاكِل المُرمِل بين ضعيفِ الخطوِ لم يَعتَمد
وشاخص في المهد لم يحول
يدعون أما تتلظى أسى
حذارَ يوم الحادث المثكل
ووالداً عيا بإسعافهم
في العيش عي الفارس الأعزلِ
ما زال ريب الدهر ينتابني
بالمعضل الفادح فالمعضلِ
حتى رماني بالتي لم تدع
إلا بقايا الروح في هيكَلِ
فها أنا اليومَ طريحُ الضنى
وليس غيرَ الصبر من معقل
في لفحةِ الرمضاءِ لا أتقي
وهبةِ النكباءِ لا أصطلي
هذا هو البؤسُ فهل من فتىً
تم له في البؤس ما تم لي
فيا قرير العين في دهره
عش ناعماً في جدكِ المُقبلِ
واسقِ مواتي قطرةً فَذَّةً
من بينِ ذاك العارضِ المُسبلِ
وارحم صغاراً كفراخ القطا
من نادِبٍ حولي ومن مُعوِلِ أحسِن إليهم بحياتي وفُز
فيهم بأجر المنعم المفضِلِ قد بح صوتي وانقضى خاطري ونالَ ذاك النحسُ من مقولي
قصيدة : أيها الفاتك الأثيم رويدا
أيها الفاتكُ الأثيمُ رويداً كل يومٍ تكيدُ للتاج كيدا
لا أرى التاجَ في البرية إلا
فلكاً دائراً وأخذاً وردا
يتخطى الرءوس رأساً فرأسا
ماشياً في العُصورِ عهداً فعهدا
فمحالٌ أن يهدِمَ المرءُ صَرحاً
أعجزَ الدهرَ بأسه أن يهدا
عبثاً تقتلُ الملوكَ وعُذراً
لك فيهم لو كنت تحمِلُ حِقدا
آفةُ العَقلِ أن يرى الحمدَ ذَماً
ويرى الخُطَّةَ الدنيئة حمدا
لا يبالي بالموت من عرفَ المو
تَ ومَن لا يرى من الموتِ بدا
غيرَ أن الآجالَ فينا حدودٌ
كلُّ حيٍّ تراهُ يَطلُبُ حَدَّا
أي جفنٍ أجريتَ منهُ دموعاً
كان لولاكَ في السماكين بُعدا
أي رَوعٍ أسكنته في فؤادٍ كان في فادحِ الحوادثِ جَلدا
ما بكى الفونس خشيةً بل غراماً ودموعُ الغرامِ أَشرفُ قَصدا
إنَّ قلبَ الجبانِ يَخفق رُعباً
غيرَ قلبِ المحبِّ يخفُقُ وَجدا
كان بين الحياةِ والموتِ شبرٌ
بُدِّل النحسُ في مجارِيهِ سعدا
فرأينا القتيل يَعمُر قصراً
وغريمَ القتيلِ يَعمُر لَحدا
أَنت تقضى والله يقضى بعدلٍ
في البرايا والله أكبر أيدا
جَمرةٌ أطفأَ القضاءُ لظاها
فغدا جمرُها سلاماً وبردا
إنَّ للمالِك الكريم قلوباً
وقفت بينه وبينكَ سدا
فافتدته فكنَّ خيرَ فِداءٍ
لمليكِ وكان نعمَ المُفدى
قصيدة: صاحب القصر الذي شاده
يا صاحبَ القصرِ الذي شادَهُ فاستنفد المذخورَ من وُجدِه
أقمته كالطودِ في هَضبةٍ
تَردُّ عادي الدهرِ عن قَصدِه
أزرتَهُ الأَبراجَ في جَوِّها
فانتظمَ الأنجمَ في عِقدِهِ
أطلعتَ فيه كَوكباً دانِياً
أغنى عن الشاسِع في بُعده
قَلَّصتَ ظلَّ اللَّيلِ عنه وَمَا
رعيتَ حقَّ اللَهِ في مَدّه
أنشأتَ روضاً زاهراً حَولَهُ
يُعطِّرُ الكونَ شَذا رَندِه
ورُحتَ بالرتبةِ في صَدرِهِ
تُدِلُّ دَلَّ المَلكِ في جُندِه
كأَنَّما الرُتبةُ كلُّ الذي
يُنِيلهُ الكوكبُ مِن سَعدِهِ
هَب أنَّه اللوفَر في حسنه
أو قصر يوكنهامَ في جده وهبكَ روكفيلر تحوى الذي يُضلِّلُ الحاسبَ في عَدِّه فالمالُ إن أجهده ربه
فالفقرُ والعُدمُ مدى جَهدِه
والمالُ كالطائِر إن هومت
حُراسه طار إلى فنده
والمجدُ للمالِ وكلُّ الذي
تراهُ من مَجدٍ فَمِن مَجدِه
هذا شِهابٌ ساطِعٌ مُشرِقٌ
والليلةُ الليلاءُ من بَعدِه
بنيتَ للبنك فأغنيته
بجدك المبذول عن جَده
بنيت ما لو قدروا قدره
لقيل هذا الميتُ في لَحدهِ
وأدتَ فيه الأمل المرتجى
حيا ولم تأس على وأدِه
أغمدت فيه صارماً طالما
تثلم الدهرُ على حده
واريت فيه ولداً ليته
قضى قرير العينِ في مهدِه وليته ما شبَّ في زُخرِفٍ
يبكي يد الدهرِ على رَغده فليسَ من يأسى على مطلبٍ
ناءٍ كمن يأسى على فقدِه
غدرت بالبيت الذي بثك ال
وُدَّ فلم تُبقِ على وُدِّه
هدمته والمجد ظلٌ لَهُ
فما بَقاءُ الظلِ من بَعدِه
قد كنتَ مِن كُوخِكَ في نِعمةٍ
تُذيبُ قَلب الدهرِ من حِقدِه
وكانَ يَنتابُكَ مُستَرفِداً
مِن بِتَّ مُحتاجاً إلى رِفده
فاليوم لا القصرُ كما تَرتجى
منه ولا الكوخُ على عَهدِه
واليومَ رَبُّ القصرِ يُذرِي دَماً
مِن جَفنِهِ آناً ومِن كِبدِه
يَدعو إليه الموتَ مِن بَعدِ مَا
نَالت يَدُ الأيامِ مِن أَيدِه
واسوَدَّ ذاكَ الجونُ من جِلده
وابيضَ ذاك الجَونُ من فَودِه
هل يعلمُ الشرقيّ أَنَّ الردَى
سِرٌّ بصدر الدهرِ لم يُبده وأنه يفجؤنا بالأَسى يوماً خروجَ السيف مِن غمدِه وأَنَّ هذا الدهرَ في هَزله
يَغُرُّ بالكاذِبِ من وَعدِه
فهزلُه أَنفذُ مِن جَدِّه
ورَهوُه أَسرَعُ مِن وَخده
ويحٌ لمصرٍ ولأَبنائِها
مما يَريغُ الدهرُ مِن كيدِه
نعيشُ بالهمِّ ونرضى به
عيشاً ونقضى العمرَ في نقده
كشَارِب الكَأسِ يُرَى عابِساً
مِنه ولا يَقوى على رَدِّه
فإِن لَمحنا بارقاً خاطفا
لا نسمعُ القاصفَ من رَعدِه
نُسرِعُ خوضَ البحر في جَزرِه
وجزرُهُ يُنبئ عَن مَدِّه
والكلُّ ظمآنُ يُرَى صادِراً
وما قضى الإِربةَ من وِردهِ
قصيدة : إن أسماء في الورى خير أنثى
إن أسماء في الورى خيرُ أُنثى صنعت في الوداع خير صنيعِ
جاءَها ابن الزبيرِ يسحبُ دِرعاً
تحتَ درعٍ منسوجةٍ من نجيعِ
قال يا أُمٍّ قد عييتُ بأمري
بين أسرٍ مُرٍّ وقتلٍ فظيع
خانني الصحبُ والزمان فما لي
صاحبٌ غيرَ سَيفي المطبوعِ
وأرى نجمي الذي لاحَ قبلاً
غابَ عني ولم يَعد لِطلوعِ
بذل القومُ لي الأمانَ فما لي
غيره إن قبلته من شفيع
فأجابت والجفن قفر كلآن لم
يك من قبل موطناً للدموع
واستحالت تلك الدموعُ بُخاراً
صاعداً من فؤادها المصدوع
لا تسلم إلا الحياة وإلا
هيكلاً شأنه وشأن الجذوع
إن موتاً في ساحد الحربِ خيرٌ لكَ من عيش ذلةٍ وخضوع إن يكن قد أضاعك الناس فاصبر وتثبت فالله غير مضيع
مت هماماً كما حييتَ هماماً
واحى في ذكرِكَ المجيدِ الرفيعِ
ليس بين الحياةِ والموت إلا
كرةٌ في سوادِ تلك الجموع
ثم قامت تضمه لوداعٍ
هائل ليس بعدَهُ من رُجوع
لمست دِرعه فقالت لعهدي
بك يا ابن الزبيرِ غيرَ جزوع
إن بأس القضاءِ في الناس بأسٌ
لا يُبالي ببأس تلك الدوع
فنضاها عَنهُ وفرَّ إلى الموتِ
بدرعٍ من الفخارِ منيعِ
وأتى أمه النعي فجادَت بعدَ لأيٍّ بدمعِها الممنوع
يا بني الفقر سلاماً عاطراً من بني الدنيا عليكم وثناء
وسقى العارضُ من أكواخِكم
معهدَ الصدق ومَهد الأتقياء
كنتمُ خير بني الدنيا ومن
سعدوا فيها وماتُوا سُعداء
عشتم من فقرِكم في غبطةٍ
ومن القلةِ في عيشٍ رَخاء
لا خصامٌ لا مِراءٌ بينكم
لا خداعٌ لانفاقٌ لا رياء
خلقٌ بَرٌ وقلبٌ طاهرٌ
مثل كأس الخمرِ معنىً وصَفاء
ووفاءٌ تثبَتَ الحبُّ به
وثباتُ الحبِّ في الناسِ الوفاء
أصبحت قصتكم معتبراً
في البرايا وعزاءَ البؤساء
يجتلي الناظر فيها حكمةً
لم يُسطِرها يَراعُ الحُكَمَاء
حِكَمٌ لم تقرءوا في كتبها
غيرَ أن طالعتُمُ صُحفَ الفَضاء
وكتابُ الكونِ فيه صُحفٌ
يقرأ الحكمةَ فيها العُقلاء
إن عيش المَرء في وَحدَتهِ
خيرُ عَيش كافِلٍ خَيرَ هَنَاء فالورى شرٌ وهمٌ دائمٌ وشقاءٌ ليس يَحكِيه شَقَاء وفقيرٌ لِغَنىً حاسدٌ
وغنىٌ يستذلَّ الفقراء
وقويٌّ لضعيفٍ ظالمٌ
وضعيفٌ مِن قوىٍّ في عناء
في فضاء الأرض منأى عنهمُ
ونجاءٌ منهمُ أي نَجاء
إن عيش المرءِ فيهم ذلةٌ
وحياةُ الذلِ والموتُ سواء
ليت فرجيني أطاعت بولسا
وأنالته مناهُ في البقاء
ورثت للأدمعِ اللاتي جَرَت
من عيونٍ ما دَرَت كيفض البُكاءِ
لم يكن من رأيها فُرقَتُه
ساعةً لكنه رأيُ القضاء
فارقتهُ لم تكن عالِمةً
أن يومَ المُلتقى يومُ اللقاء
ما لفرجيني وباريس أما
كانَ في القفرِ عن الدنيا غَناء
إن هذا المال كأسٌ مُزِجَت قطرةُ الصهباءِ فيه بدِماء لا ينالُ المرءُ مِنه جُرعَةً لم يَكن في طيّها داءٌ عَيَاء
عَرَضوا المجدَ عليها بَاهِراً
يَدهَشُ الألبابَ حُسناً ورُواء
وأَرُوها زخرفَ الدنيا وما
راقَ فيها مِن نعيمٍ وَثَراء
فأبته وأبى الحبُّ لها
نَقضَ ما أبرَمَه عَهدُ الإِخاء
ودَعَاها الشَوق للقفر وما
ضمَّ مِن خَيرٍ إليهِ وهَناء
فَغَدت أهواؤُها طائرةً
بجناحِ الشوقِ يُزجِيها الرَّجاء
يأمُلُ الإِنسانُ ما يَأمُلُه
وقضاءُ اللَه في الكونِ وراء
ما لِهذا الجوّ أمسى قاتِماً
يُنذرُ الناسَ بويلٍ وبَلاء
ما لِهذا البحر أضحى مائجاً
كَبِنَاءٍ شامخٍ فوقَ بِنَاء
وكأَنَّ الفُلكَ في أمواجِه
رِيشةٌ تحملُها كفُّ الهواء
وَلِفرجِيني يدٌ مبسوطةٌ
بدعاءٍ حين لا يُجدي دُعاء
لَهَفِي والماءُ يَطفو فَوقَه
هيكلُ الحُسنِ وتِمثَالُ الضيّاء
زهرةٌ في الرّوضِ كانت غَضَّةً
تملأُ الدُّنيا جَمالا وبَهاء
من يَراها لا يَراها خُلِقَت مثلَ خَلقِ الناس من طِينٍ وماء ظَنَّتِ البحرَ سماءً فهوت لتُبارى فيه أَملاكَ السّماء
هكذا الدنيا وهذا مُنتهى
كلِّ حيٍّ ما لحيٍّ من بَقاء
قصيدة : يا يراعي لولا يد لك عندي
يا يَراعي لولا يدٌ لكَ عندي عِفتُ نظمي في وَصفِكَ الأَشعارا
يا يراعَ الأديبِ لولاكَ ما أص
بَح حَظُّ الأَدِيب يَشكُو العِثَارا
غيرَ أني أحنو عليكَ وإن لَم
تَكُ عوناً في النائِبات وَجَارا
أنتَ نِعمَ المُعينُ في الدهر لولا
أَنَّ للدّهرِ هِمَّةً لا تُجارى
أنت نِعمَ الصديقُ في العيش لولا
أَنَّ للبؤس بَيننا أَو طَارا
فَلَكَ اللَهُ مِن شِهَابٍ إذا ما
أَظلمت ليلةُ الهمومِ أَنَارَا
يَتَمشَّى في الطِّرسِ مِشيةَ شيخ
مُطرِقِ الرأسِ يَجمُع الأَفكارا
أو حبيبٍ سرَى لوعدِ حبيبٍ
يَلبسُ الليلَ خِفَيةً وَحِذَارا
يتجلَّى في النقسِ شمسَ نهارٍ
في دُجى اللَّيلِ تبعثُ الأَنوارا جمعَ اللَه فِيه بين نقيضَي نِ فكانَ الظَلامُ مِنه نَهَارا فَهوَ حِيناً نارٌ تلظَّى وحيناً
جنَّةُ الخُلدِ تنثر الأَزهارا
وتراهُ وَرقَاءَ تَندبُ شَجواً
وَتَراهُ رَقطاءَ تَنفُثُ نارا
وتَراهُ مُغَنِّياً إن شَدَا حَرَّ
م كَ بين الجَوانح الأَوتارا
وتراهُ مُصَوِّراً يرسمُ الحُس
نَ ويُغرى بِرَسمِه الأَبصارا
فَتخال القرطاسَ صفحةَ خدٍّ
وتخالُ المِدادَ فيه عِذارا
هو جسر تمشى القلوبُ عليه
لتلاقي بينَ القلوبِ قَرارا
صامتٌ تسمعُ العوالِمُ منه
أي صوتٍ يُناهِضُ الأقدارا
فهو كالكهرباءِ غامضةَ الكُن
هِ وتبدُو بين الورى آثارا
كم أثارَ اليراعُ خَطباً كَمِيناً
وأماتُ اليراعُ خَطبا مُثَاراً
قطراتٌ من بَينَ شِقَيهِ سالَت
فأسالت منَ الدما أنهارا
كان غُصناً فصارَ عُوداً ولكن
لم يزَل بعدُ يَحمُلِ الأَثمارا
كان يَستَمطِرُ السماءَ فحال ال أَمرُ فاستمطرَ العقولَ الغِزَارا يَسعَدُ الناس باليراعِ ويَلقى ربُّه ذِلَّةً بهِ وصَغَارا
واشقاءَ الأَديبِ هل وَتَرَ الده
رَ فلا زَالَ طالباً مِنهُ ثَارا
أرفيقُ المحراثِ يحيا سعيداً
ورفيقُ اليراعِ يَقضى افتقارا
ما جنى ذلك الشقاء ولكن
قد أرادَ القضاءُ أمراً فَصَارا
ليس للنسر من جَناحٍ إذا لم
يجد النسرُ في الفضاءِ مطارا
حاسبُوه على الذكاءِ وقالوا
حسبه صِيتُه البعيدُ فَخارا
أَوهمُوهُ أن الذكاءَ ثراءٌ
فمضى يَسحبُ الذيولَ اغترارا
يحسبُ النقد للقصيدةِ نَقداً
ويرى البيتَ في القصيدةِ دَارا
ليس بِدعاً من هائمٍ في خيالٍ
أن يَرَى كلَّ أَصفرٍ دينارا
إن بينَ المدادِ والحظِّ عَهداً
وذماماً لا يلتوى وجوارا
فاللبيب اللبيبُ من ودَّع الطر س وولى من اليراعِ فِرارا
قصيدة : فديتك من جان تجور وتعتب
فديتك من جانٍ تجور وتعتبُ ونبذلُ جهداً في رضاكَ وتغضُبُ
ترى كل شيءٍ حبّةُ قلبه
فتحلو لك العُتبى ويحلو التجنُّب
أما بين أيدٍ ضارعاتٍ مُشفَّعٌ
وبين دُمُوعٍ سائِلاتٍ مُقَرَّبُ
عَهِدناك صباً بالوفاء فما لنا
نرى ماءَ ذاكَ العهدِ قد صارَ يَنضُبُ
قسوتَ وما عهدي بقلبك صخرةٌ
فجوهرُكُ السيَّالُ بالرفق أنسَبُ
فرحماكَ نهرَ النيلِ بالأَنفسِ التي
إذا لم تدارَكها بِرُحمَاكَ تعطَبُ
ورفقاً بهيمٍ ضامراتٍ بُطُونُها
لها الجوعُ عُشبٌ والخصاصَةُ مَشربُ
يَبيتُ حزيناً رَبُّها لِمُصابِها
فيَطوى كما تَطوى الليالي ويَندُب
لقد عاش هذا القفر دهراً حظيرةً
من الخِصبِ في ألوانها تتقلبُ
بها ما يشاءُ الطرفُ من حسنِ منظرٍ
أنيقٍ وما تهوى القلوبُ وترغبُ
فما زالَ سهمٌ للرزايا يصيبُها
وسهمُ الرزايا في الورى لا يخيبُ إلى أن غدت قفراً فلا غصن ناضرٌ يلوحُ بمغناها ولا روضَ مُخصِبُ وكان البنانُ الرطبُ يحسدُ لينَها
فأضحت كصُمِّ الصخرُ أو هي أصلَبُ
فَمُدَّ يداً بيضاءَ مِنك تُنيلُها
مِنَ الخير ما تَرجو وما تَتَطلَّب
وليس لنا إلا الدموع وسيلةٌ
إليك فإن الشبه بالشبه يُجذَبُ
وقد كانَ في فَيض المدامِعِ ناقِعٌ
لِغُلَّتِنا لو كانَ مِثلُك يَعذِبُ
فقدنَاكَ فُقدانَ الرضيعِ لأُمِّه
ولَم يَبقَ مَن يحنُو عليه ويَحدَبُ
فما كنت إلا الروح فارق جسمه
فأني له من بعد في العيش مَأرب
لئن كان قد أقصاكَ قلةُ شكرِنا
لنعماكَ والهِجرانُ نعمَ المؤَدِّبُ
فها يدُنا أن لا نعودَ رهينةَ
وأن لا نزالَ الدهرَ بالشكر نَدأَبُ
لعلكَ خِلتَ الأَرضَ يَبلغ رِيَّها
دماءٌ بأَصقاعِ الجنوبِ تَصبَّبُ
أجل غيرَ أنَّ الحر تكبر نفسه
عن الأمر فيه ما يُهين ويثلبُ
فمن ذا الذي يرضى الحياةَ يشوبُها من الجَورِ عيشٌ بالدِّماءِ مُخَضَّبُ
أما في قلوبِ الناسِ للناس رحمةٌ
وتُرضِعهم أُمٌ ويجمَعُهم أَبُ
قصيدة : غلظت شفاه الشيخ حتى
غَلُظَت شِفاه الشيخ حتى ملا يبينُ ولا يرى
فإذا مشى فكأنما
مشت الجبالُ أو القُرى
عَظُمَت ففاقَت رأسَهُ
وتراكَمت فوقَ الثَّرَى
فكأنَّهُ وكأَنَّها
رَضوى استقلَّت خِنصرا
يمشي الهوينا ثم يُو
هِمُ أَنَّه متبخترا
متثاقلاً من حَملها
متباطئاً متأخرا
وإذا أراد النطق بالباءِ
تجاوزَتَا الوَرى
بُعدُ المسافةِ فيهما بعدُ السماء عن الثرى
قصيدة : ضحكات الشيب في الشعر
ضحكاتُ الشيبِ في الشعرِ لم تَدع في العيش من وَطَرِ
هُنَّ رُسلُ الموتِ سائحةٌ
قبلَه والموتُ في الأَثَرِ
يا بياضَ الشيب ما صنعت
يَدُكَ العَسراءُ بالطُرَرِ
أنتَ ليلُ الحادِثاتِ وإن
كنتَ نورَ الصُبحِ في النظرِ
ليتَ سوداءَ الشبابِ مضت
بسوادِ القلبِ والبَصَرِ
فالصبا كلُّ الحياةِ فإن مر مرت غبطةُ العُمُرِ
أردنا سؤال الدار عمن تحملوا
أردنا سؤالَ الدارِ عَمّن تحمّلوا فلم نَدرِ مِن فَرطِ البكا كيف نسأَل
وهاج لنا الذكرى معاهدُ أصبحت تعيثُ صباً فيها وتعبثُ شمأَلُ
وماذا بمصر من المضحكات
وماذا بمصرَ من المضحكاتِ
سوى شيخِكَ العاشِقِ الأَشيبِ
أيها الناظرون هذا خيالي
أيها الناظرون هذا خيالي فيهِ رمزٌ بالاعتبارِ جديرُ
لا تظنُّوا الحياةَ تبقى طَويلاً هكذا الجسمُ بعد حينٍ يصيرُ
تكفون مب مصدقة اني خلصته طويل حرفيا ختمت كل صفحات غوغل مشان ادور عن معلومات مب باقي له شي ماكتبته المهم ان شاء الله حبيتو الموضوع و يارب يكون تكونو استفدتو و حبيتو القصص المختارة و احب اشكر شكر جزيل للمصممة الرائعة @N E O N على طقمها الرهيب و على الدعم اللي قدمته لي افدا طيبتها و اخليكم في امان الله