- إنضم
- 11 سبتمبر 2015
- رقم العضوية
- 5209
- المشاركات
- 10,996
- مستوى التفاعل
- 12,800
- النقاط
- 1,602
- أوسمتــي
- 16
- العمر
- 26
- الإقامة
- ❞𝓢𝓾𝓶𝓮𝓻𝓾
- توناتي
- 16,790
- الجنس
- أنثى
كُل عامٍ في يومِ ميلادي .. نقُوم بحفلَةٍ راقِصة .. غالبًا لأنّي أحب هذا النَوع مِن الأجواء
يجتَمع النَاس مِن حول المَملكة والممَالِك المُجاورة ، نستَمع للألحَان ونترَاقص حَولها في جَوٍ هادئ يعمّه السعادة
كَما أنّي أحب أن أعطِي الفرصة للخَدم والعُمال في القَصر أن يَحضروا إن شَاؤوا كَضيوف للإستمتاع
والدِي المَلك ليريدون ، غالبًا ما يعطِني الحُرية لفعل ذَلك لأنّي إبنه البَكر والأمير وَليّ العرش ..
وقد يكُون ذَلك لأنّ تحِين له فُرصة لمُقابلة كِبار الشخصيّات حّيث انهم سيّحضرون لا مَحالة،
لا يُزعجني الأمر مُطلقًا .. فأنا لا أحتاج للحَديث معهم وأن أتدخل فِي أمورِهم
ليس تهربًا ولكنّني وُلدت بدون القُدرة على النُطق .. وهؤُلاء لا يُتعبون أنفسهم بتَعلم لُغتي .. لغة الإشارة
فأستطيع الإنسِحاب مِن أحادِيثهم إن كان مُترجمّي ليس في الجِوار ..
" سيد دِيمُوس ، مُباركٌ لك عَامك التَاسع عَشر "
أومَأتُ لها .. كانت تِلك السَيدة أمينَة المَكتبة ..
انها كَبيرة في العمر ولَكنها محبوبَة جدًا كَما أنها أحد العَاملين فِي القصر الذين علّمتهم لُغتيّ بنفسي،
لطَالما بقِيت معها فِي المكتبة .. تلك إحدى هِواياتي التي لا تَتطلب مِني استِخدام ايّ حاسة سِوى عينيّ ومخيلتي
(أشكُرك سيدة إيملي ، سيَكون هَذا عامٌ جديد مَعك.. سعيدٌ لانني تحتَ رِعايتك)
دَردشتُ قليلَا مع السَيدة .. مُوضحة بأنها أتَت اليَوم مَع إبنتِها خصيصًا ، حيث أن ابنَتها لا تُغادر أو تضَع قَدمها بعيدًا عنا
لقَد ذكَرت شَيئًا عن كَونِها مريضَة طِوال الوَقت وذَلك سَبب ليجعَلها لا تبرح بَعيدًا عن وَالدتها
وقد كَان ذلك منطقِيًا لي ، فَأنا لَم أرها مِن قبل .. بالرَغم من كَوني فِي المكتبة دائمًا بجَانب السيدة إيملي
مَضى الحفل كَالعادة .. الآنسات يُناظرونَنِي ويضحكون عَلى أمل أن ألقِي لهُم نَظرة وأن أعطِيهم فُرصة لأرقص معَ أحداهُن
وتَأتِي بعضهُن ليَسألن عَن حالي ببَعض الجُرأة لعلّهن يحصلن علَى نِقاطٍ مني وقد أنجَذب لهُن
مُحاولاتٌ لا بأس بِها لكنهن لم يستَطعن بعد فِي شد إنتِباهي بما فِيه الكِفاية ..
شعرتُ ببعضِ الضَجر فذَهبتُ لألقِي نظرة لِما يحصُل خلف الكَواليس .. أي فِي المَطبخ
لستُ مِن محبي الكَعك لذَلك تُوزع كعكَة عيد مِيلادي للضِيوف لكن .. لستُ كذلك
أفضِل أن احصُل على حلوِياتٍ أخرى أو مَا شَابه .. لكن خلف الأنظار ، من الأفضل أن أبقي ذلك سرًا لي
لم يكُن هناك أحد .. أعتَقد أن الجَميع انهَى عمَله وذهب ليستَمتع بالحَفل .. على الأقل تَم ترك حلوَاي المُفضلة هناك ..
أخذتها وجَلست في الحَديقة الخَارجية .. لاحظتُ .. أنني لم أكُن الوحيد الذِي خرج ليستنشِق الهواء
لم أكُن أعرف من تَكون ، لم تكُن مألوفة لِي ، ليست إحدى النِساء الذِين يأتون في العادة
لم تبدُو صغيرة لتكُون طفلة ضالة كذلك .. أنهَيت طَبقي ثم نهضت باتجاهِها ، لا اعتَقد انها لاحَظت وُجودي بعد
قد يكُون ذَلك غير مُهذب لكنّني لم أستطع فقط أن أتحدث وأحييها أو أن أسأل عن هُويتها ..
لكنّني قمت بقرطعة أصَابعي لأشّد انتِباهها ، لكنّها لم تعِرني انتباهًا كأنها لم تَسمع شيئًا
كرّرت ذلك عدّة مرات حتّى بدَأت بالإنزعاج ، كَيف لَها ان تتجَاهلني هكذا؟
اتجَهت نحوها ووَقفت أمامِها بينَما أضع تَعابيرًا منزعجة ومُتسائِلًا عن تَجاهلها
( لِما تتجَاهليني ؟ )
-------
أجبَرتني أمي اليَوم لحُضور حَفل ولِي العَرش .. أعرِف أنها فرصة لا تُفوّت فقد حصلتُ على فرصة الحُضور اخيرًا بعد العَيش لـ18 عامًا
ولكن ذَلك لم يكُن شيئًا أتطلع اليه على الإطلَاق .. ارتِداء الفَساتين ووضع مَساحِيق التَجميل ليس بالأمر السَيء
كنت أحب فِعل ذلك مِن حين لحِين ، لكنّني لم أخرج من قَبل بذلك المَظهر مِن قبل .. ناهِيك عن الذَهاب لحفلٍ ملكي !!
حسنًا .. الأمر لَيس عَن مَظهري ابدًا .. ولكن، وُلدت صمّاء .. الذَهاب لحفل لإستماع المُوسيقى والرَقص على الألحان شَيء لا أستَطيع فهمه
انه ليس شيءٌ أستطيع فِعله حقًا .. حتّى لو قمت بالرَقص مع أحدِهم .. لن يكُون ذلك مُتناغمًا
أو ذلك مَا سَمعته من قبل عندما حَاولت فِعل ذلك ..
لكنني أتيت على كُل حال.. بعدما ذَهبت أمي لإعطَاء الأمير تبرِيكاتها ، قُمت بالتَسلل للخارج..
الجو باردٌ بعض الشَيء في الخَارج
قد أمرضُ بالغد ولكنّه أفضَل من أن يأتيني عِدة رِجال يُحاولون طلبي للرَقص بينما لا يستَطيعون التَواصل معي بشكل لائِق
لقَد لاحظت أن ليس الجَميع يستَطيعون فَهم لغة الاشارة للتَواصل معه .. أعتقد أنه يمتلك مترجمًا لهم أو مَا شابه
هه .. حفنة من الكُسالى .. الا يمتَلك أحدهم بعض الوقت لتَعلم كلمة أو اثنَتين ؟
تعلمت اللغة التي يتحدّث بها القصر .. ولغتي .. كما ان والدتي تَعلمت لغة الإشارة مِن الكُتب والامير ايضًا
أقدم ذِكرى لي لشَيء كتبتُه هو كِتابة اسمي ساينا ..
كانت الليلة فِي غاية الجَمال .. ضَوء القَمر مُكتمل، الحَديقة رطبة بعض الشَيء لكن ذلك جَعل من رائحة الزهور والعشب تفُوح في كل مكان
كما أن النُجوم تُزين السَماء .. كأنها اللآلئ .. كمَا لو كَانت سَماء إحدى عوالِم القصص التِي اعتدّت أن أقرأها دائمًا .. لم تَنفك عينيّ عن تأمُلها
أو .. كان هذا ما ودّدتُ فِعله .. فقد فَاجئني أحدُهم أمامي .. آخر شخصٍ فكّرت أن يَكون أمامي في هذه اللحظة
لقد كَان الأمير دِيمُوس .. لَقد فاجئني وُجوده .. لكنّه أعَادني للوَاقِع ، إنها حَفلة مَولده ، مَهلًا .. لِمَ هو هُنا ؟
أيبحَثون عنّي ؟ أقُمت بشَيءٍ خَاطئ ؟؟
( لِما تتجَاهليني ؟ )
أجبتُه ( أتَجاهلُك ؟ أحرّ إعتذَاراتي سَيدي لَكنني لَم أسمَع شَيئًا .. )
وإنحنّيت قليلًا لأظهر أسَفي وإحتِرامي .. ولَكن .. أتجاهلُه ؟ الأمير لا يستَطيع الحَديث ؟
إرتَاح وَجهه بعضَ الشَيء .. رُبما لأنَني أجبتُه بالإشَارة ، فَأكمل
( لَقد كُنت أقرطع بأصَابعي، لَكنكِ لم تَسمعي.. كمَا أنني أستطَيع السَماع.. لَا بأس إن تَحدّثتي )
أوه .. صَحيح، لا أعتَقد أن الأمير يَعرف أن هُناك مُتحدّث آخر بلغة الإشارة هُنا فِي القصر..
( أنا . صَماء )
ظَهر التَعجُب على وجه الأمير، لَكنّه تبّسم بعد ذَلك
( حسنًا .. أنا مُهتمٌ الآن بمَن تكوني .. كيفَ لي ألّا أعرف أن هُناك مَن يُشاركني فِي القَصر )
بدأتُ بإخبارِه مَن أكون .. وأنّه عَرف بوُجود إبنة للسيدة إيميلي لكّنه لَم يعرف شيئًا عنها قَط .. فَجلَسنا على أعشَاب الحَديثة
أخبّرنِي بأنّي جميلة ومُثيرة للإهتِمام .. ولَكن ، ألم يقُل ذلك مِن بابِ التهذِيب فقَط ؟
سأكذِب إن قُلت بأن ذَلك لم يُسعدني ذلك .. أعني ..لَم يُخبرني أحد بذلك مِن قبل نَاهيك بأنّها مِن الأمير
علِمت بأنّه يزُور المَكتبة كُل مَا سنَحت لهُ الفُرصة ، ذَلك لم يكُن شيئًا لم أعرفه حقًا ..
فقَد كُنت أسمع أمي تتحدّث عنه مِن الحِين والآخر فخمّنت أنه يراوِد المَكتبة .. لا أحتَاج لأن أكون عَبقريّة لأكتَشف ذلك
في لَحظة مَا فاجئني الأمير بإلتِفافِه السَريع خَلفنا .. أ .. أهُناك شَيء ؟
( أحَصل شَيءٌ ما ؟ )
إستَدار نَحوي مُجددًا وعلى وَجهه بَعضُ القَلق أو الحُزن
( فِي الحَقيقة، لَقد أصبَحت السَاعة الواحدة ، كُل بِداية سَاعة فإن السَاعة الكَبيرة تدّق وتُصدر صوتًا .. لَقد فَاجئني ذلك فحسب .. كيف أن الوَقت سَار بِسرعة )
لم يكُن ذلك شَيءٌ جديد عليّ ولكنني أنسَى ذلك مُعظم الوقت..
نَهضَ الأمير قَبل أن أرُد عليه.. قَبل أن أفَكر فِي ردٍ من الأسَاس .. ثُم مَد يَده لأنهَض فَاعطَيته يدِي ونَهضت
( أتَسمحِي لي .. برقصة ؟ )
تفَاجئتُ لطَلبه .. أقصِد .. لم أجرّب الرَقص مَع أحدهم .. ليس بِبراعة
( لَكنني لا أستطيع سَماع الموسيقى، لَن أكون قَادرة على إتّباع اللحن )
هّز الأمير رأسه بالنَفي
( لا تُوجد مُوسيقى، القَاعة بعيدة كِفاية لأن تكُون المُوسيقى باهتٌ جدًا لأن تُسمع من هنا .. والآن ؟ ما رأيُك ؟ )
تردّدت .. ولكن .. هذه فُرصة لن تُكرر.. أليس كَذلك
أومأت له بالمُوافقة .. وَضع ذِراعه حَول خِصري بينما أمسك بيدي ..
أنا مُتأكدة أن وجهي فِي حالة يرثى لَها الآن .. بين الإرتباك والخَجل ... لكنني تمَالكتُ نفسي لأضَع ذِراعي الأخرى على ظَهره لنبدَأ بالرَقص
لا أعرِف مَا حَصل الآن ولَكنني تفَاديتُ الإحراج مِن الدَوس على قَدمه أو أن أقُوم بحركة تجعلنَا نقع أو ما شَابه
ولكن .. ذلك كَان أجمل شَيءٍ حَصل لِي في حَياتي .. ذلك كَان مُمتعًا ..
( أرأيتِ ؟ )
قَال ذَلك بينمَا لا يَزال يمسك بيدِي .. لقد .. لقد فَعل مَا كُنت أخافُ مِنه .. إنحنَى الأمير ليطبَع قَبلة على ظَهر كفّي..
لقد شَعرت بذلك .. بدِفء ونعُومة شَفتيه على كفّي .. لمَ يجب عليّ أن أكون مَن يفعل ذلك لها ؟
كَانت هُناك الكَثير مِن الفَتيات يملَئن القاعة ! فتيّاتٌ فِي قِمة الجَمال .. أنا مُتأكدة مِن أنّهن يستطِعن فِعل كُل شَيء أفعله بَل أفضَل .. لِمَ أنا ؟
إستَيقظتُ مِن أفكَاري لأسحَب يدِي مِن مكَانها
( أنا أعتَذر.. لم أقُل هذا قَبل الآن ولَكن كُل عَام وأنت بِخير.. فلتكُن سَنة جديدة مُباركة ملِيئة بإنجَازاتِك )
إنحَنيت لأخفِي وجهي .. أخذتُ نفسًا وأخرجتُ تنهِيدة .. لَم أرى حَتى مَا كان يُخبرني بِه
( أعتَقد أن الوَقت تأخر.. سأرحَل الآن )
أدرتُ ظهري بسُرعة، وثبتُ ثم جَريت داخِل القَصر.. للجَناح الذِي أعِيش فِيه مَع أمي..
دخلتُ بسرعة لغُرفتي .. لَم ألحَظ وجود أمي بالفِعل .. لَقد نَسيتٌ بأنني لم آكل شيئًا منذ الظَهيرة
نَسيتُ الألم الذي يخنُقني كُل يوم ..
بدّلتُ ملابِسي ومسَحتُ مسَاحيق التَجميل التي كُنت أضَعها وربطتُ شعري
بالرغمِ من أن المَساحيق قد أصبَحت باهتة على كُل حال .. كُنت أرى نَمشِي بالفِعل ..
شَعري كَان مُبعثرًا بالفعل ، كَيف للأمير أن يتَحمل رُؤية ذلك ..
لكن .. إن كَان لا يُمانع بوجهِي .. مَظهري العادي جدًا ، أذَلك يعني أنه .. لا بأس بأن أصبح طبيعية مَعه ؟
ما الذي اهذي بِه .. ليس وكأنّي سألتقي بِه هكذا مُجددا ..
انها مُعجزة لا أكثر .. صحيح ؟ أليسّ كذلك ؟
كُنت أوّد لو أستطيع البَقاء والسَهر أكثر ولكّن .. عاد إختِناقي .. الشُعور بالإختِناق انه هُنا مجددًا
أخذتُ دوائِي .. ذلك الذِي لا فائِدة لَه سوى ان يجعلُني أخلد للنوم .. إنه مَخرج لا أكثر يفتَح لِي بابًا للهرب إلى عَالم الأحلام ..
إنها السَاعة الـ 1 بَعد الظُهر ! كَم ساعة نِمت ؟ لِم لَم توقظني أمي ؟؟
هرعتُ بتجهِيز نفسي وذهبت للمَكتبة ، مِن المُفترض أن أسَاعد فِي ترتِيب الكُتب الجديدة اليوم ..
عِند وُصولي للمَكتبة .. أشَارت لِي أمي بمَكان الكُتب الجديدة لأبدأ بتَصنيفِها والعَمل على وضعِها بمَكانها ..
تِلك كَانت وظيفتي هنا ، لا نحصُل على الكُتب الجديدة كُل يوم .. لذَلك أنا أقرأ الكثير فِي وقت فراغي
ولكن بالامس حَصلنا على طردٍ كبير.. لم نَستطع العَمل بسبب الحَفل لكن .. كان يجب علي إنهاء نِصف العَمل صَباح اليوم على الأقل ..
عِند وصولي للطرد والرُفوف .. كَان يقِف هُناك ، بمَلامحٍ مُتعجبة .. كقطٍ ضائع
يمسك بعدّة كتب ويحدّق فِي الرُقوق كَالمُغفل.. لم أصدّق أن الأمير يقف أمامي مُجددًا ، ولكن لمَ هو هنا ؟
تنّهدت وسَحبتُ الكُتب مِن بين يديه .. أعطيتُ الكُتب نظرة كَافية لمَعرفة أين أضَعها بينما قُمت بتدوين عَملي جانبًا
لَاحظ اخيرًا وُجودي .. إبتَسم بإرتِباك ووجهٍ متوّرد .. أكَان وجهه ورديًا هكذا دائمًا ؟
( لَقد أرّدتُ المُساعدة ، لا مَانع من ذَلك ؟ )
حَاولت أن أعطِيه مَلامحًا يمتَزجها البرود ، لا يجِب عليّ أن أترُكهه يقُوم بعملي
( بلا أنا أمُانِع .. لا يُمكنك أن تقُوم بوَظائِف العُمال )
( لَن يعلَم أحد إن بقِي الأمر بَيننا ! )
أعتَقد .. أنني لا أستَطيع إقنَاعه بذلك .. فبَدأت بأخذِ الكُتب من الصَنادِيق لتَرتِيبها ..
حَاولت .. أن أركّز على عملي ، أن أتنَاسى أن الأمير هُنا يعمَل مَعي.. الأمير الذِي أمسَك بيدِي ليلة أمس وجَعلني أقرب إليه مِمَا قد أتخيّل
ولكنني نَجحت بالإبتِعاد عنه فِي أفكاري .. فألم صَدري لَا يزَال يعبَث بجسدِي ؛ أمرٌ آخر أحاوِل تنَاسِيه
مرّ الوقت ، لقد غرُبت الشَمس بالفِعل وأنهَينا تنظِيم ووضعِ الكُتب الجديدة مَكانها المُناسب
بشكلٍ ما لم نتَصادم .. كُنت مَسرورة أنّه لم يَحتج أي مُساعدة وقَد قَام عملٍ جيد فِي ذلك ..
لكنني لا أزَال أشعُر بالذَنب لأنني سَمحتُ له بالقِيام بنِصف عَملي ؛ أهُناك شيءٌ أستَطيع فِعله له ..
هه ! ياللسُخرية .. مالذِي يُمكنني أن أقُوم بِفعله له .، أنا لا أمتَلك مَا أقدّمه له ولا يمتَلكه
فِي تِلك اللحظة، دَخل أحدهم .. وجهُ مألوف .. لا أتذَكر إسمه لكن .. أليس ذَلك الشَخص الذِي يسِير دائمًا بجَانب الأمير ؟
-------
" الأمِير ديمُوس !!! لَقد كُنت أبحث عنكَ فِي كل مَكان !! "
ذلك الفَتى دَخل المَكتبة مُقتحمًا لها بفَتح الأبواب على مِصرعِها .. أين الهُدوء الذِي يجب أن يسكُن الرفٌوف ؟
هَروّل كَارل ، مُساعدي، مُترجِمي وصَديقي .. نحوي لِيوّبخني غالبًا لأنّي غِبت عنه أطوَل مِمَا كَان يَجب عليّ
" بالنَظر لِمَا أراه مِن كُتب وصَناديق فارغة لا أعتَقد أنّك كُنت تقرأ .. لِمَ دائمًا تفعل .. ااهه لا أعتَقد أن توبيخي لَك سيَأتي بنتِيجة على كُل حَال "
اكتَفيتُ بإعطَائِه ابتسامة بريئة كَاذبة لَعلي أنجو مِنه .. أبعَد كارل نَاظريه عَني ليُعطيها للفتاة سَاينا
فبَدأ كَارل بالتَحدث بلغة الإشارة فَجأة بينَما يُعطِيني نَظراتٍ غريبة
( أهِي الفَتاة التِي تحدّثت عَنها الأمس ؟ )
( أجَل وهِي تَستطيع فَهم حدِيثنا ، كَما أنني أخبرتُك بإسمها بالفِعل )
" هممم "
( مَرحبًا آنسة ساينَا .. أنا كَارل ، اليَد اليُمنى للأمير ، تَشرفتُ بمعرفتِك .. لقَد بدِيتي فِي غاية الرَوعة بالأمس )
قَال ذَلك بينما يَبتَسم بِصدقٍ لها .. إن كُنت أعرف كَارل فَلطالمَا تجَنب التَعامل مَع الفَتيات ، لَأنه يَعقَد أن ذلك صَعب أو مَا شَابه..
لكنّه يتحدّث مَعها الآن ..
( تَشرفتُ بمَعرفتك ايضًا .. أشكُرك ؟ لا أتَذكر أنني رأيتُك بالأمس حقًا لكنني متأكدة أنّك كنت تبدُو جيدًا ايضًا )
ضَحك كارل بِخفة .. يبدو أنّ الأمر لَيس بذلِك السَوء بعد كُل شَيء..
( لا تُلقي لذلك بَالًا .. لكنّني أراهِن أنّك كُنتي سَعيدة لإرتِدائك فُستانًا رائعًا كذاك ! مِثل تِلك الأزيَاء لا تُرى كَثيراً )
لَقد تَغيّر وجه سَاينا بعضَ الشَيء ،،
( أعتَذر بالنِيابة عَنه ، أقَال شَيئًا خاطئًا ؟ )
إحمّر وجهها .. أنا مُتأكد أنه شيءٌ قاله كَارل
( أشكُركما على الإطرَاء وَلكنه فُستانٌ قديمٌ جدًا .. أنا لَا أمتَلك أي فَساتينٍ مُلونة .. لَقد إستَعرتُه مِن أحدى زَميلَاتنا وقَد أصلَحته ليُصبح جيدًا لِي )
إتّجهت نَاظِريّ لكَارل .. هُناك شيءٌ خاطِئ فِي ذلك ، وجدتُه بالفِعل ينُاظرني بالنَظرةِ نفسها .. نحنُ نفكر بالأمرِ نفسه بالفِعل
العُمال فِي القَصر يحصُلون عَلى أجُور جيدة .. كَما أننا نَعتني بهِم وبأبنَائهم
حُصولهِم على فُستان كالتِي ارتَدته ساينَا بالأمس لم يكُن ذُو جودة عَالية تَخترق السَحاب لَيس بالأمرِ المُستَحيل .. مِن المُفترض أن يكُون ذلِك أمرًا عاديًا ..
تغيّرت مَلامِحُنا للجدّية ..
( آنِسة سَاينا .. لا أقصِد الوَقاحة ولَكن .. كَم أجُورُكم الشَهرية ؟ أقصدٌكِ أنتِ وَوالدتُك )
( أمّي الوَحيدة التِي تحصُل على أجرٍ شهري .. حَوالي 150 دُولارًا فِي الشَهر ؟ )
وقفتُ مِن كرسيّ فورًا .. ذلك غيرُ صحيح .. ذلك بالكَاد يُمكنّهما من البَقاء على قَيد الحَياة ؟
كمَا أن وَالدتَها فقط مَن تحصًل على أجر ؟ مالذِي حُرما مِنه كذلك ..
إندَفعتُ للأم فقد أردتُ مَعرفة المَزيد .. رُبما كَان هُناك شَيءٌ لا نَعلمه .. تَفاصِيلٌ أخرى
دَخلت للغرفَة الدَاخلية مِن المُكتبة .. أنا والأم بينَما كَان كَارل يجلِس مَع سَاينا .. أعتَقد أنه مِن الأفضل أن تَبقى خَارجًا ..
إتّضح أن هُناك فَسادٌ داخلي بَين مُستَشاري المَالية .. أو عَلى الأقل أولائِك الذِين يُرسِلون الأموال للعُمال ..
إنّهم يتَقاضَون أقَل مِمَا يَجب أن يَحصلوا عَليه .. كَما أنّهم لَا يَحصلون على العِلاج المُناسِب فِي بَعض الحَالات
نحنُ نُعطِشي تَأمينًا صِحيًا كَاملًا للعاملِين هنا .. فَنحنٌ نَعتني بِهم كَما يعتَنون بعمَلهم ، ولَكن لا يَبدو أن هذا مَا يَحصل فِي الخَفاء
فعلى سَبيل المِثال ؛ سَاينا تُعاني مِن مَرضٍ مَا .. مرضٌ يُصعب عليهَا التَنفس ..
لَكنها تَوقفت قَبل ثَلاثِ سنوَات عَن جَلسات العِلاج لتَكلفتِها العَالية وطَلب الطَبيب أضعَاف مَا تستَطيع الأم إيملِي تسدِيده
إنفَطر قَلبي بَعد مَعرِفتي ذلك .. خَرجتُ لأنَاقش كَارل فِي الأمر .. حَتى تَوصلنا لإجرَاء تحقيقاتٍ لمَعرفة المُتسبب فِي فِعل كل هذا
والمُتستّرين عليه والمُساعدين مَعه ؛ بينَما نقُوم بتَعويض العَاملين لكُل تِلك السَنوات التِي ظُلمو فِيها ..
لطَالما سَمعت بهذِه القِصص مِن المَمالك المُجاورة أو مِن قِصص التَاريخ .. لَكن لم أعتَقد أن ذلك قَد يحصُل لِي هُنا
ولكن الآن ، كُل ما أرّدته أن تَحصل ساينَا على عِلاجِها الذِي أُهمِل مُنذ سِنين ..
مضَت عِدة أسَابيع على الحَادث ؛ بدَأنا بتَغيير طَاقم القِسم المَسؤولين عن اجور العُمال وهُم تحت المُراقبة الدَائمة
كَما أنهُم بَدأو بإعطَاء التَعويضات اللَازمة للعَاملين تدريجيًّا .. أما بالنِسبة لسَاينا فَلم أستَطع رؤيتها للفَترة المَاضية على الإطلَاق
لكّن كَارل إستمر بإطمِئنانِي عليّها بزِيارته المُستمرة ؛ وإرسَال الزُهور لَها .. على الأقل بِحجّة تَزيين المَكتبة ..
وبَعد شَهر إستَجاب الطَبيب لحُضوره بالرَغم مِن إخبارِي لَه بأنّه أمرٌ [ طارِئ ] ؛
حَضرتُ مَعه جَلسة سَاينا الأولى لِلعالج .. أردّت ؛ أن أخبِرها بأن كُل شَيء سيكُون بخيرٍ مُنذ الآن .. ستُصبح بِخير دائمًا وأبدًا
أريد أن أخبِرها .. أنها لَن تضّطرت للمُعانَاة جسديّا بَعد الآن .. ستَكون فِي أفضَل حَالاتِها
رَأيتُ سَاينا للمَرة الأولى مُنذ فترة طَويلة ، كَانت إيملي تَعرف بالفِعل أنني سأحضُر اليَوم مَع الطَبيب
لَكن ساينَا لا تَعلم بشَأن حُضوري ؛ سُرِرتُ لرؤيَة وَجهُها المُتفاجئ .. كم اشتَقت لها
لَم أكن مُتأكدّا؛ وجهُها بَدا شَاحبًا أكثر مِن المَرة السَابقة .. أتمتى أن كُل شَيءٍ بخير
حَضرتُ خصوصًا حتّى أخبِرهم أن القَصر سيَتولّى أمر العِلاج وتَكالِيف الأمر كُلّه ؛ حَتى لا يَقلق أيّ منهما بَعد الآن
كَشَف الطَبيب عَن حَال سَاينا فِي البِداية .. بينَما كَانت إيمِلي تُترجم للطبيب مَا تَقوله ..
كُنت أنتَظر فِي الخَارج ؛ حتَى ينتهي وَاستَمع للأخبَار الجَيدة
" لا أعتَقد أن هُناك أيّ عِلاج يُمكنه مِن علاج الآنسة ساينَا في هذه المَرحلة المُتقدمة مِن مرضها، قَد لا تَبدو أنّها فِي حالة سَيّئة وَلكن المَرض إنتَشر فِي كل جَسدها بالفِعل ؛ فِي الحَقيقة .. وفقًا لإحصَائيّات المَرضى الذِين عَاشوا بهذَا المَرض .. مِن المُقدر للآنسة سَاينا ألّا تَعيش أكثر مِن أسبُوعين .. أعتَذر لا يُوجد مَا أقدّمه غير تَعازيّ "
خَرج الطَبيب بَعد ذَلك وإصطَحبه أحد الحُراس بعيدًا ..
ذلك لَيس مَهمًا الآن
سَاينَا .. لا تَمتلك الكَثير مِن الوقت ..
ساينَا .. تعِيش أيّامها الأخيرة بدِون أن تعرِف ... أو هّذا مَا طَلبتهُ الأم مِنّي
سَاينا .. الفَتاة الوَحيدة التِي جَعلت قَلبي يَنبض ، وعَقلي لا يتَوقف عَن التَفكير
سَاينا .. الفَتاة الوَحيدة التِي لَم تَجعلنِي أشعُر بالذِنب لأنّني لا أستَطيع التَحدث ..
لم أمضِي مع سَاينا أكثر مِن يَومين .. لَكنّي كُنت أعلم بأنّني أحبها ..
لمَ عَليها أن تَرحل بهَذِه السُرعة ..
طلَبتُ مِن الأم إيمِلي أن أحصُل عَلى يومٍ على الأقَل بصُحبة سَاينَا .. يومٌ لَنا وحدَنا ..
" أطلُب ذلِك مِن سَاينا لَا مِني "
قَالت ذّلك بَين دُموعِها .. شَكرتُها ثُم رَحلت .. للوَقتِ الحَاضِر ..
يجِب عليّ أن أخطِط .. ليومٍ لن تَنساه سًاينا ..
لا ؛ لا أعتَقد أنّ ذلك هُو التَعبير الصَحيح ؛ يومٌ .. أسعَد يومٍ لها ؛
حتَى لا تَموت دُون أن تبتَسم كَأي فَتاة أخرى .. أريد أن أرِيها العَالم .. هَل أمتَلك وقتًا كَافيّا ؟
بَعد اسبُوع ؛ فِي الليل وَقتُ إغلَاق المَكتبة .. طَلبتُ مِن كَارل إيصَال رِسالتي لسَاينا
( ستَحصُلين غدًا عَلى إجَازة ويومٌ كَامل مَع الأمير دِيمُوس .. لا يجب عَليك فِعل شَيء سِوا إنتِظاره صبَاحًا وسَيأتي لإصطِحابكِ )
وفِي صَباح اليَوم التَالي .. أمَام مَبنى بيُوت العَاملين كَانت تَقف سَاينا ؛ بكُل لطفٍ وهُدوء
بالنِسبة لِي .. كَانت تَبدو كَإحدى الأميرات مِن الكُتب الخَيالية .. بغَاية اللُطف ؛ قِمة الجَمال وتُسر نَاظريّ ..
إقتَربتُ بهُدوء وحيّيتها
( صَباح الخير )
إرتَبكت كَالعَادة .. ( صَباح الخير أمِير دِيموس .. )
تَوقفت وَلكن بَدا بأنّها تُريد قَول المَزيد
( أهُناك خطبٌ ما ؟ )
( لا أوَد أن أكُون وَقحة وَلكن مَا سبب .. هذا ؟ )
( لِنَقل أنّه جُزء مِن تَعويضَات عِلاجك أو مَا شَابه ؟ ما رأيُك ؟ )
( حسنًا .. ولكن مَا الذِي سنَفعله اليَوم ؟ )
( ستَرين ! )
أمسَكت بيَدِها .. ذَهبنَا إلى غُرفَةٍ وَاسعة مَليئة بالأزيَاء
( إختَاري مَا تُريديه )
( أيّ شَيء ؟ )
وهززتُ لها رأسِي بالإيجَاب .. كَما أنّي طلبتُ مِن إحدى العَامِلات هُنا أن تُساعد سَاينا بإختِيار مَا يُناسِبها وأن تَحرص أن تَجد مَقَاسها وما إلى ذلك
مَضى بَعضُ الوقت .. بَدت سَاينا سَعيدةً تارة وَمُحتارة تارة أخرى ..
نَقرتُ على كَتفها وأخبرتُها بأن تُسرع بَعض الشَيء ؛ فاليَوم ذو جَدولٍ مليء بالمُفاجئَات
بعد دَقائق بدَت مُحتارة بَين فُستانٍ ورديّ و زيّ أنيق بَدى كَأزيَاء طَالِبات الجَامعة فِي عُمرها ..
أرَاهِن بأنها ستُصبح طَالبة مُتفوقة فِي الدِراساتِ العُليا لَو سَنحت لَها الفُرصة بان تَرتَاد واحدة مِنهم
( لِمَ لا نَأخذ كِلاهُما ؟ )
( وَلكن .. ذَلك الكَثير .. لَا أستطيع .....
وَضعت يَديّ على يديها حتّى لا تُكمل
( لكن كِلاهُما يبدوّا رائِعين .. أريد أن أراكِ ترتدِين كِلاهُما .. مُمكن ؟ )
إبتَسم بُلطف .. حَاولت أن ألِين وَجهي .. أستَعطِفها لتُوافِق ..
تَنهّدت سَاينا ووَافقت ؛ ثُم إرتَدت القَميص والتَنورة .. بدَت ظريفة جدًا .. أتمنّى لو أستَطيع رُؤيتها هكذا كُل يوم
( والآن ؟ )
أمسكتُ بيدها مُجددًا والحَقائِب التِي فِيه الفُستان ومَلابِس سَاينا السَابقة
إتَجهنا نَحو أحد قَاعات الطَعام .. طَلبتُ من الطُهاة أن يُعدو وجبة إفطَار لكلَينا ..
وجبة مُغذية وكَافية لتجعَل الآنسة ساينَا أن تَبقى نَشطة لليوم كَامل !
بالرَغم مِن أن الوَجبة لم تكُن كَبيرة بَل كَافية لشَخصين .. إلا أنّني حَرصتُ ألّا تبدو أو أن تَكون فِي غَاية الرَفاهية
لَم أرد أن أثقِل على سَاينا .. لا أرِيدها أن تَشعر بأنّها فِي عالمٍ مختلف .. على الأقل لَيس بشَكل سيء ..
جلستُ مُقابلًا لَها على الطَاولة الصَغيرة .. اخترتُ هذه القَاعة بالأخص لأنها تمتَلك الطَاولات الثٌنائية .. حتّى لا أشعر أن سَاينا بَعيدة عنّي
( تأكدتُ مِن السَيدة إيملي إن كُنتِ لا تُعاني مِن أيّ حساسية وطلبتُ مِن الطُهاة أن يقدّمو شيئًا سيُعجبك )
أعتقد .. أنّي أخبرتها ذلك بوجهٍ حمّاسي .. فقَد جَعلها ذلك تبدي وجهًا ضاحكًا ..
تغيّرت مَلامحها للإنبهار عِندما حَضرت الأطبَاق ..بالرَغم مِن أنها لم تَكن بتلك الرَوعة ولكن .. ذلك فَقط يخبرني بأنها رُبما لمَ ترى شَيئًا كذلك مِن قبل
آلمني قَلبي.. رُبما لن أستَطيع مِن جَعلها رُؤية المَزيد في الأيّام القَادمة
كَانت شطَائر خَفيفة وعَصير الفَاكهة .. بَعد أن أنهَينا الإفطَار سَالتها إن كَان كُل شَيء جيد ولذيذ ..
هزّت رأسها بالإيجَاب بسَعادة ؛ أيُمكنني أن أبقِيها بهذه السَعادة لبَقية اليَوم ؟
( حسنًا إذن .. دَعنا نَذهب الآن هناك مَكان أحبّه يقُوم بصُنع شَايّ مّذهل فِي المَدينة )
إتّجهنا لخَارج القَصر حَيث كَان كَارل ينتَظر بالخَارج حَيث جهّز حِصاني مَع العَربة ..
لم أرِد عَربة فَاخرة فارهة .. بَل إكتَفيتُ بعربة صغيرة تَكفينا كِلينا وحدَنا ..
( أذهبتِ من قبل فِي جولة للمَدينة مِن قبل؟ )
هزّت رأسَها بالنَفي ( دَائمًا ما حذّرتني أمّي مِن الذَهاب هُناك .. لطَالما خَافت علي مِن الإختِلاط مَع النَاس هُناك )
( لا بَأس ، ستَكونين بِخير مَعي )
ركبتُ العَربة ومدّدت يدي لأسَاعد ساينا للصُعود كَما سَاعدها كَارل كَذلك ..
بَدأنا بالسَير نَحو المَدينة .. لَم يَأخذ لك الكَثير مِن الوقت ولَكنه كَان كافيًا لتَأمُل وَجه سَاينا الصَغير وتغيّر تَعابيرها عِند رؤية كُل شَيء
مِن الجدَاول التِي عبرنا فَوقها إلى الحَدائِق الشَاسعة المَليئة بالأزهَار والبَساتين المُثمرة أنحَاء البِلاد
وَصلنا للمَدينة .. عَلت الأصوَات وكَثٌر عدَد النَاس وضَاقت الطُرق وتَعددت الألوان..
نَزلتُ مِن العَربة وسَاعدت ساينَا للنُزول
( سنُكمل يَومنا سَيرًا .. كل شيءٍ قريبٌ هُنا .. كَما أنني أستَطيع الحَديث مَعكِ الآن بينما لا أمتَلك شيئًا فيّ يدي )
كَان المَقهى الذِي أحب أن أرتَاد إليه بِداية المَدينة فلَم نَمشي الكَثير حَتى وَصلنا ..
دخلنَا وجَلستُ عِند الطَاولة الأقرب للنافِذة فِي الطَابق العُلوي .. فقَد كَانت تُطِل على المَدينة بأكمَلها ..
قد لا تكُون المَدينة بغَاية الجَمال لكنّه لا يَزال مَنظرًا جميلًا ..
بعد أن شَربنَا الشَاي وأكلِنا لبَعض الفطَائِر الصَغيرة بالمُربى أكمَلنا نُزهتنا حَول المَدينة
حيّث عرفتّها بالمتَاجر والمَحال .. وقد أعجِبت بزيارة متَاجر الأدوَات المُستعملة ..
كَانت هُناك سَاعة جيب بلَونٍ زهري قُد أعجِبت بها .. ولكنّ البَائع عَرض سِعرًا باهظًا بدى كَسِعر الجَديدة
حَاوَلت سَاينا مُكاسرة البائِع بينَما أحاوِل تَرجمة مَا يقولُه لها بَينما كَان يُحاول أن يَفهم مَا تقُوله سَاينا ..
( لِمَ تُريدي أن تُقللي سِعرها ؟ يُمكنني أن أشتَريها لَك .. يُمكنني أن آخذ ...
قَامت سَاينا بإيقَافي .. وهزّت رأسَها بالنَفي
( تِلك تَبدو تَمامًا كالتِي إمتَلكتها أمي .. أرَاهن بأنها هِي ! أريد أن أعِيدها لَها ! أعلَم بِكَم بَاعتها )
لم أفِكر بأن الأمر كَان ذي مَعنًا هام هكذا ..
( لا بَأس .. أترُكي الأمر لِي .. لا داعٍ لأن تُتعبي نفسكِ اليَوم أبدًا .. )
ثُم أخرجتُ دَفتر شِيكاتي وكتبتُ للبائِع المَبلغ الذِي عرَضه .. قد لا يَستحق البَائع ذلك ولَكنّه مِن أجل ساينا
( فِي المَرة القَادمة أطلُبي شيئًا لنِفسك حسنًا ؟ )
( سَأحَاول )
أكملنَا نُزهتنا .. إقتَربت الشَمس على مغِيبها ..
إتّجهنا نَحو العَربة مُجددًا
( هُناك حفلُ لأحد أصدِقائِي هذه الليلة .. لا تُمانعين من الحُضور معي أليس كَذلك ؟ )
إرتَبكت ساينَا وإحمّر وجهها ..
( لن نتَأخر ؟ سأحرِص على عودَتنا للقَصر مبكرًا .. ما رأيُك ؟ )
( حسنًا )
عِندما وَصلنا .. حلّ اللَيل بالفِعل .. لقَد كانت السَماء صَافية والبدرُ مكتّمل وتُزين السَماء النُجوم بنُورها..
عند وًصولنا للمَكان الذِي أقَام بِها صديقيّ الحفل .. طلبتُ منه أن يجعَل أحد خدَمِه مُساعدةُ لساينَا حتّى ترتَدي فٌستانها والحُليّ التي اشتَريتُها لها خِلسة اليوم
وأن يجعلوها تَبدو بأجمل حلّة ..
كَانت سَاينا مُتفاجئة عِند حُصول ذَلك .. لكنني إرتَحت لتَقبلها ذلك ؛ فقد كُنت خائفًا من رفضها .. فذلك كُله حَصل بدُون أخذ إذنها
بقِيت برفقة صديقيّ خِلال إنتِظار سَاينا ..
وبعد مرور بَعض الوَقت خَرجت بِرفقة الخَادمة
" سَيد دِيموُس ؛ لا أعرِف مَن تكُون هذه الآنسة الظَريفة لكنني أتمنّى أن تَتمسك بِها فهي بغاية الجَمال "
ضَحكة بخفّة ثم رَحلت ..
أدرتُ بنظري نَحو سَاينا ؛
سَأكذب .. إن قُلت بأنني رأيت مَخلوقًا أجمل مِنها .. كَما لو أن القَمر قَد نَزل بَيننا وإتّخذت النُجوم زِينة لّها
أخذتُ نفسًا .. ودّعتُ صديقي وذهبتُ بساينَا نحو الحَديقة الخَارجية للحفل ..
بعيدًا عن الجميع .. ولكن بقربِ بعضنا من بعض ؛ بالطَبع طَلبتُ ذلك مِنه مسبقًا ..
قريبٌ كِفاية مِن القَاعة لسَماع مَا يحصُل هناك وليَلحظ الخَدم وجُودنا فِي حال وقت تَقديمهم للوجبَات ونحوها
وبعِيدين حتّى لا يلحَظ الآخرون وجُودنا ..
( كَما لو أنّها المَرة الأولى التِي التقينا فِيها )
( بالطَبع )
بقيتُ أتأمّلها ..
( تبدِين فِي أجمَل مَظهر ؛ فُستانك يبرز بَياضك الذِي يُشع كالقَمر والمَساحِيق أظهَرت جمَالِك ولونُ عينيكِ .. )
زًاد إحمِرارها الطَبيعي .. لا لونُ المَساحقي .. ثُم أبعَدت وَجهها بخَجل ..
بَدأت المُوسيقى تُلعب فِي الدَاخل ..
مدَدتُ يدي لها لتَقف
( لنَرقُص ؟ )
( مُجددًا ؟ )
( لم يكُن الأمر بذلك السُوء .. إن كُنتي لا تُريدي ..
أوقَفتني عَن الحَديث بوقُوفها .. وامسَكت بيَدي ..
لَم تكُن تَنظُر إليّ بل للأسَفَل ... كالمَرة السَابِقة لتُجاري أقدَامِي فِي الرَقص ..
قرَبتها ليّ حتّى نَكاد نلتَصق .. حتّى أكَاد أسمَع صَوت دَقات قَلبها .. رُبما ؛ قَد تّشعر بذَبذبات دَقّ قلبي إن إقتَربت إليّ ..
كُنت أستَمغ لصَوت المُوسيقى مِن الدَاخل وأرقُص بينما تُجاريني ببطء ..
بعد مُرور بعد اللحظَات عرِفت لتنَاغمي وكَيف تُساريني ؛
لا أعرف كَيف أخبِرها بأن المُوسيقى توقّفت لَكنها بَدت سَعيدة بمَعرفتها كَيف تَرقص بدُون أن تَنظر لقَدميها
كَان مِن المُمتع مُشاهدة وَجهها الضَاحك المُبتَهج بينما نَتراقَص على نَغماتٍ غير مَوجودة
لَقد كَانت .. رَقصة صَامتة
إنتَهت لَيلتنا .. وحَان الوقت للعَودة
أخذَ طِريق العَودة بَعض الوَقت ؛ ضلّت سَاينا تُراقِب النُجوم المُتلئلة التِي مَلئت السَماء بالأضواء
كَان الجَو هادئًا .. بعد لَحظات مِن سَيرنا شَعرتُ بجسدِ سَاينا على كَتفِي .. يبدُو أنّها غطّت فِي النوم
لَقد كَان يومًا طَويلًا ومليءٌ بالتَجارب .. أتمنّى . أنّها قد إستَمتعت بِه ..
مِن المُمكن .. أن يَكون آخر يومٍ أستَطيع أن أجعَلها تبتَسم بسبّبي ..
مِن المُمكن ألّا تَمتَلك المَزيد من الوَقت لنَقرأ الكُتب مَعًا كمَا كُنت أتخيّل دائمًا
مِن المُمكن ألّا نمتَلك أيّ وقتٍ لأجعلَها تتنَاول أطباقًا لم تَسمع بِها مِن قبل
من المُمكن ألَا نمتَلك وقتًا لأرِيها زُهور الرَبيع وثلوُج الشِتاء وشَواطِئ الصَيف وجَمال تَساقط أوراق الخَريف
مِن المُمكن ألّا أمتَلك المَزيد مِن الفُرص .. لأخبرها بأنّها أجمل إمرأة رأيتُها
لا أعلَم كَم مِن الوَقت قَد مَر لَكن الدُموع كَانت تنهَمر بحرارةٍ بالفِعل ..
قُمتُ بمَسحها عِند وُصولِنا لَكن لا أعتَقد أن عَينيّ تَستطيع أن تُخفي ذلك
عِند وُصولِنا ؛ حَركت كَتف سَاينَا برفق حَتى تستَيقظ
كَانت مُتفاجئة بأنّنا وَصلنا بالفِعل .. سَاعدتُها على النُزول وأوصَلتها لِلمَبنى التِي تَسكنه وحَملتُ مَعي التَذكارات التِي إبتَعناها
( لقَد إستمتَعت كثيرًا اليَوم .. لا أعرِف كَيف أستَطيع شُكرك .. أو أن أرُد الجَميل )
( لا لا لا ... لا حَاجة لِذلك ؛ هَدفِي مِن اليوم أن أجعَلكِ سعيدة وقَد حَصلتُ على مُبتغاي )
إنحنّيتُ امامها ؛ مَسكت كفّها النَاعم الأبيض وقبّلته مُجددًا كتلك الليلة ...
نَهضت لأرَاها تَرتبِك مُجددًا بلُطف ..
( يَجب عليّ أن أدخل .. لَقد تَأخر الوَقت .. أرَاك غدًا ؟ كما أنّه يجب عليكَ النوم .. يبدو عَليك الإرهاق .. عينيكَ حمراوتين )
لَم تكُن تعلم أن ذَلك كَان سببه البُكاء ...
( حَسنًا .. هناك شيءٌ أخير أريد أخبارك به ... )
( ما هُو ؟ )
( أحبك .. )
حلّ الصَمت .. والتَعابير المُتفاجئة على وَجهها ..
( سأرد .. لاحقًا على ذلك .. تصبح على خَير )
كُنت أستَطيع رؤية وَجهها الذِي شَع باللون الأحمَر ... ثُم دخلت ..
أكَان ذلك .. مُلائمًا ؟
بقِيت بالتَفكير بها طَوال اللَيل .. رُؤية وَجهها كُلما أغلَقت عيني ؛
ومِن بعد ذَلك اليَوم
كَانت تِلك الطَريقة الوَحيدة التِي إستَطعتُ رؤيتها فِيه ..
إلى الأبد
طبعًا ذِي أحاول أكتِبها من فترة الفكرة فِي مخي بس مَا ضَبطت ابدًا الا أمس (؟)
كل شُوي أكتب مَقطع ومَا يعجبنِي وأحذفه
النِهايات كَان فِيه 4 على الأقل ويالله بلعت هذي وكتبتها ..
ما أقصد النِهاية انها بتموت أو لا ؛ مخططة أنها بتمُوت من البِداية
هذا غير أن أول مَا كتبت كِنت ناوية ساينَا تكُون الأميرة بس مَا ضبطت بالنسبة لي ما خشت مزاجي
حسيت فِيها شِي غلط ومو ماشية صح
لين وَصلنا هنا وقلت أوكي خلاص مَصختها خلها كِذا .. ومن رأيي أشوفها قصيرة وأفضَل لو كَانت 3 فُصول حتّى يكُون فِيه تَفاصيل ثانية بس ما يمدي
طبعًا من زمان ما كتبت شِي من الأساس ..
تجيني أفكار دايمًا بس ما كَتبتها .. just in my head
القِصة تَابعة لفَعالية #مُلهم ومختارة الإلهام الثاني
وأحد مُشاركاتي فِي فعالية الشِتاء
مُوفقين جميعًا .. شُكرًا لقِراءتكم ..
أراكم لاحقًا! جُويلان
التعديل الأخير بواسطة المشرف: