المخزون الثقافي (1 زائر)


عبدالله 3

“فَمَتَى رَأَيْتَ بُسْتَاناً يُحْملُ في رُدْن ، ورَوْضَةً تُقَلُّ في حِجر
إنضم
14 يناير 2022
رقم العضوية
12560
المشاركات
347
مستوى التفاعل
1,242
النقاط
132
أوسمتــي
3
توناتي
3,230
الجنس
ذكر
LV
0
 
قد يصل الإنسان إلى عمر الخمسين والستين وهو فارغ من الوعي والثقافة وجمال النفس وتذوق مواطن الجمال في الحياة والطبيعة والفن والكتب وكل شيء من شأنه أن يصنع إنسان مُبصر لكل ما حوله. المخزون الثقافي هو حصاد الإنسان من الحياة حتى لو كان حصاده بسيطاً، الأهم أن يكون موجوداً. هناك أناس ليس لديهم حصاد! ليس لديهم حصاد وعي، علم، ثقافة، فن، وأخلاق. هناك أشخاص لا يتذوقون الحياة؛ لأن ليس لديهم مخزون ثقافي وكأنهم جمادات بلا فكر بلا تأمل بلا مشاعر بلا وجدان وبلا ذوق. الثقافة ليس لها علاقة بمستوى أكاديمي معين أو عمر معين.

أعرف شخصا وهو كبير بالعمر، يقرأ ويكتب وقد وصل لمستوى دراسي معقول، لكن عندما أجلس إلى جواره وأسمعه يتكلم ويهذي لا أستطيع أن أصف لكم كم كنت أعيش لحظات ملحمية مع الملل والضجر. لا أظلمه والله ولكن كان شخصاً مُضْجراً بالفعل، وكثيراً ما جاءني هذا الشعور: الجلوس في حضرته كأنه عقاب، حتى الدقائق كانت تمر بطيئة. على الجانب الآخر هناك سيدة فاضلة أعرفها أيضاً وهي صديقة للعائلة، يا إلهي ما أعذب روحها وجمال حديثها رغم بساطتها.. هي سيدة أمّية لا تعرف القراءة والكتابة ولم تطأ قدمها أبداً عتبة باب المدرسة لكن يا أخي سوالفها وأحاديثها تسر الأذن والقلب والخاطر. يكفيني منها أن أحس بطيبة قلبها وبراءتها ونقاء روحها، وهذا بالنسبة لي يعادل المخزون الثقافي الذي أبحث عنه أمام أي شخص أقابله في حياتي.

هذا هو غرضي من الموضوع، أريد أن أوصل القارئ الكريم والقارئة الكريمة لنقطة معينة وهي: أنت قد تجد إنساناً بسيط التعليم والثقافة ومع ذلك تجد عنده مخزون ثقافي إنساني ،لا تجده عند بعض المتعلمين والأكاديميين. وقد تجد أيضاً إنساناً كثير التعليم لكنه متكبر وحقير وبخيل المشاعر، وبطبيعة الحال لديه صفر مخزون ثقافي.
المخزون الثقافي ممكن أن يتحصل عليه الإنسان من مشاهدة مسلسل أو فيلم أو مسرحية أو قراءة رواية وقصة قصيرة ومع الوقت تصبح لديه نظرة نقدية مستمدة من مخزونه الثقافي. المخزون الثقافي ممكن أيضاً أن يأتي مع التوحد مع الطبيعة والبيئة والأرض، أو التوحد مع الذات وفصلها عن كل ما يؤذيها ويبخسها حقها وقيمتها. المخزون الثقافي ينمو ويزداد، مع التقدم بالعمر لو شاء الإنسان ذلك بفضل وعيه ورغبته، ويمكن أن يقدم زخم معرفي عاطفي إنساني لهذه النفس المتعطشة للخير وكل خير.

أسئلتي لأعضاء منتدى انمي تون الكرام:
1- هل لديك هاجس أن يكون لديك مخزون ثقافي متعاظم في النمو كل عام بحيث يصبح مخزونك الثقافي أكثر عن العام السابق؟

2- هل المخزون الثقافي لديك كافياً بحيث يجعلك تؤلف كتاباً؟ أو تتصدر جلسة اجتماعية مع العائلة أو الأصدقاء وتقول معلومات في العلم والطب والفلك والتاريخ والجغرافيا وتكون جاذباً للعيون والآذان والقلوب؟

3- هل المخزون الثقافي معياراً هاماً يحدد نسبة تقبلك للشخص الذي أمامك وفي محيط وجودك؟

شاركوني بآرائكم الثمينة ^-^
 
التعديل الأخير:

ATHENA

Ἀνερρίφθω κύβος
إنضم
21 يونيو 2024
رقم العضوية
14211
المشاركات
394
مستوى التفاعل
3,286
النقاط
385
أوسمتــي
8
الإقامة
Ἀθήνη
توناتي
6,485
الجنس
أنثى
LV
2
 
at_171603461922141.gif


MR.HERO : 16 - 09 - 2024

ليليث1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ليليث3
كيف حالك، سيد عبد الله؟ إن شاء الله بألف خير يا رب.
لمحت، قبل نومي، موضوعك ومررت عليه بنظرة سريعة كونه قد شدني.
أجلت الرد حتى أقوم لأكتب ردًا بتركيز أكبر.

دائمًا ما تعجبني الأبواب التي تفتحها في نقاشاتك،
تتطرق لأفكار ومواضيع لا نلقي لها بالًا بالرغم من أنه يجب علينا ذلك
وأن نتساءل بخصوص كل ما يحاوطنا وإن كان مما سلّمنا به دون معرفة "لماذا".

لكن، سيد عبد الله، هنا نصبح أمام عوامل أخرى متحكمة لا نلقي لها بالًا،
أعطيتَ مثالين يفترض أن يكونا متناقضين، أو لنقل متعاكسين،
شخصٌ درس وتعلم تعليمًا أكاديميًا وشخصٌ آخر لم تطأ قدماه المدرسة حتى.
لكنكَ وضَّحت من خلالهما أن التعليم الأكاديمي لم يصنع من ذلك الرجل متحدثًا قويًا ولا شخصًا مثقفًا
بينما وحتى بانعدامه في حياة الشخص الثاني، وجدتَ نفسك أمام شخصية مثقفة عذبة اللسان متزنة الأفكار.
لكن، ماذا إن قارنت بينهما فيما يجيده هو، الحياة الأكاديمية وثقافة الكتب والامجلدات، كيف كنتَ ستنظرُ
للشخصِ الثاني الذي لم يعرف يومًا معنى أن يقرأ كتابًا ويعرِفَ ويبحث ويجرب بالطريقة العلمية؟
طبعًا، في هذه الحالة، سيصبح الوضع معاكسًا وسيتفوق أول شخصٍ على الثاني.
لكنك ذكرتَ تعبيرًا مهمًا، "الثقافة الإنسانية"، بذكرك وتحديدك للسياق الإنساني لا الأكاديمي
استغربت ضربكَ لمثالك بشخص من الأكاديميا وشخصٍ من مدرسة الحياة.
الشخص الثاني تلقى دروسًا واحتكَّ بالناس واكتسب تلك الثقافة الإنسانية، فهي وبكل تأكيد لا تأتي من الكتب والمحاضرات
بينما الشخص الثاني أفنى عمره بين الجماد والأوراق، كل احتكاكاته ارتبطت بالرسميات والكتب والحبر،
حتى باتت العلاقات بالنسبة له مرتبطة برباطٍ وثيقٍ بما هو أكاديمي.
كما لم يحالف الحظ ولم تسر الأمور في صف الشخص الثاني ليدرس بالمدرسة ويكتسب الثقافة الأكاديمية
كذلك هناك أشخاص يشبهون أول شخصٍ والذين لم يمنحوا فرصة فهم دروس الحياة والعلاقات الإنسانية
لكسب "الثقافة الإنسانية".
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأنتَ هنا الذي حددتَ وعرفتَ المخزون الثقافي بما يناسِب ما يروقُ لكَ في الحديث،
أي أنك صنفت ما يسليك أثناء خوضك للحديثِ وأدرجته تحت خانة "الثقافة الإنسانية" كالبراءة وسلاسة الحديث.
لذلك، فأنتَ هنا تلقي بكامل الأهمية على الأسلوب والطريقة أكثر مما تعطيه للمحتوى.

يكفيني منها أن أحس بطيبة قلبها وبراءتها ونقاء روحها، وهذا بالنسبة لي يعادل المخزون الثقافي الذي أبحث عنه أمام أي شخص أقابله في حياتي.

عمومًا، إن تكلمنَا بمنطقٍ عن المصطلحات، فالثقافة الثقافة أوسع من التعلم الأكاديمي، يمكن للمرء أن يجمع جزءًا
منها أثناء مسيرته الدراسية، لكنه لا يمكن اعتباره مثقفًا لذلك، بل متعلمًا أو متخصصًا في تخصصه،
فالثقافة أعم وأشمل ولا تقف عند مجالك الذي اتبعت مساره بدراستك.
الثقافة لا ترتبط أبدًا بالأكاديميا فقط، كما ذكرتَ في الفقرة قبل الأخيرة، فقد تكتسبها من أبسط الأمور
في السابق وقبل وجود المدارس والجامعات كان البشر يتناقلون المعلومات والأخبار على شكل قصصٍ
ورواياتٍ شفهية أو رسوم وأشكال، كأن يزور أحدٌ مكانًا بعيدًا ويعود لقريته المغمورة باكتشافٍ جديدٍ
وقصصٍ مليئة بالمعلومات والأخبار من المكان الذي زاره وتفاجأ من حاله واختلافه.
لن أطيل أكثر بخصوص المثالين، أظن أن فكرتي قد وصلتك ليليث2.

لنمر الآن للأسئلة،

1- هل لديك هاجس أن يكون لديك مخزون ثقافي متعاظم في النمو كل عام بحيث يصبح مخزونك الثقافي أكثر عن العام السابق؟
أجل، لا أرى الفائدة من الوجود والتوفر على الأدوات (العقل والحواس) إن لم نستخدمها في سبيل المعرفة.

2- هل المخزون الثقافي لديك كافياً بحيث يجعلك تؤلف كتاباً؟ أو تتصدر جلسة اجتماعية مع العائلة أو الأصدقاء
وتقول معلومات في العلم والطب والفلك والتاريخ والجغرافيا وتكون جاذباً للعيون والآذان والقلوب؟
دائمًا ما أعود لهذا المثل: WHAT WE KNOW IS A DROP, WHAT WE DON'T KNOW IS AN OCEAN
لا أستطيع أن أضع المعرفة أو "المخزون الثقافي" وكلمتي "كامل" و " كافٍ" بنفس الجملة.
تأليفُ الكتب، العلمية منها، وبمعرفتك وكل ما راكمته طوال السنين، ستجد نفسك تقف أمام مصطلحات
وتعابير وكذا عمليات تجعلك تجلس لأسابيع ولأشهر لدراستها وفهمها وربطها بما تعرفه مسبقًا،
يستطيع أي كان تأليف كتابٍ "بمساعدة" مخزونه الثقافي والمعرفي، لا بمخزونه الثقافي والمعرفي.
بالنسبة للجزء الثاني من السؤال: أجل، الحمد لله.

3- هل المخزون الثقافي معياراً هاماً يحدد نسبة تقبلك للشخص الذي أمامك وفي محيط وجودك؟
الأمر عائدٌ للشخصِ وما دوره بحياتي وكذلك للزمن والمكان.
طبعًا، لن أحتاج شخصًا بمخزون ثقافي ومعرفي عظيم ليبيع لي الخبز أو لينظف الحديقة
كما أنني لن أحتاج لأن يكون العجوز على الكرسي بالحديقة ذو مخزونٍ ثقافيٍ واسعٍ لأستمع لكلامه
وحديثه عن الطيور التي تتراقص على حافة النافورة،
نفس الأمر بخصوص الزمان والمكان، سأستمتع إن قضيتُ يومي مع صديقة دون اعتبار لهذا الشرط
سأكون سعيدة باقتراف أخطاء وخرق قوانين وعدم التوقف عند كل موضوع واستحضار تاريخه
ومعلوماته والخ
لكن، فيما يخص علاقاتي وبعيدا عن هذه الحالات الخاصة، أنا شخصٌ انتقائي جدًا فيما يخص هذه الأمور،
لن أهتم لحجم معجمك الثقافي، لكنني سأهتم لطريقة تفكيرك وطريقة تحليلك للأمور
كيف ترى الأشياء وكيف تتحدث عنها وتقدمها،
طبعًا، لن أهتم إن كان الأسلوب دافئا أو فظًا، اهتمامي ينصب على المحتوى أكثر من طريقة تقديمه
لذلك تجد في حلقة أصدقائي ومقربي أناسًا يوصفون بالفظاظة فيما يخص طريقة عرضهم لأفكارهم
خاصة إن صادفوا ما يستدعي تلك الفظاظة خخ
أحسنتَ الطرح، سيد عبد الله،
ما أجوبتكَ أنتَ على هذه الأسئلة؟
لكَ مني كل ما هو جميل، دمتَ بود ليليث3
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

المتواجدون في هذا الموضوع

أعلى أسفل