كبرنا... وتغير الحلم، لم نعد نبحث عن السعادة كما كنا نفعل ونحن نركض خلف الأماني الصغيرة، بل أصبحنا نطلب فقط العيش بسلام، بعيداً عن الألم، عن ذلك الشعور الذي ينهش الروح كلما تذكرنا أن بعض الأحلام كبرت معنا، لكنها لم تتحقق أبداً...
نحن كعود القصب، الذي امتصوا منه كل ما كان يمنحه طعم الحياة.. كان في يومٍ من الأيام ممتلئاً بعذوبة السكر، لكنهم اعتصروه حتى جف، حتى تحولت روحه إلى مجرد ناي، يئن كلما عبرت الريح من ثقوبه.. لا تستغربوا مرارة الشجن في عزفه، فهو لم يختر هذا الحزن، لكنه خرج منه كما يخرج الدمع من عينٍ اعتادت الفقد..
إننا اليوم لا نحلم بالفرح كما كنا، ولا نلهث خلف السعادة كما كان بالأمس، بل فقط نحاول أن نحيا، بلا ألم، بلا جراحٍ جديدة، بلا أوهامٍ تزرع في القلب أملاً لا ينبت أبداً..
كبرنا، وصارت الحياة درساً لا نريد إعادته، صارت المشاعر عبئاً نحمله ونحن نعلم أن لا شيء يبقى كما كان، وأن الحلم الذي تغير، ربما لم يكن حلماً منذ البداية، بل مجرد وهمٍ جميل صدقناه...