النهر العاشق للشعارة نازك الملائكة
راكضًا عبْرَ حقول القمْح لا يَلْوي خطاهُ |
باسطًا, في لمعة الفجر, ذراعَيْهِ إلينا |
طافرًا, كالريحِ, نشوانَ يداهُ |
سوف تلقانا وتَطْوي رُعْبَنا أنَّى مَشَيْنا |
**
وهو يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا |
ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ |
إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا |
في ذراعَيْهِ ويَسْقينا الحنانا |
**
لم يَزَلْ يتبعُنا مُبْتسمًا بسمةَ حبِّ |
تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ |
**
أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ |
إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ |
قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ |
**
ذلكَ العاشقُ, إنَّا قد عرفناهُ قديما |
إنه لا ينتهي من زحفِهِ نحو رُبانا |
وله نحنُ بنَيْنا, وله شِدْنا قُرَانا |
إنه زائرُنا المألوفُ ما زالَ كريما |
كلَّ عامٍ ينزلُ الوادي ويأتي للِقانا |
**
نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ |
وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ |
**
أو لم تَغْسِل مبانينا عليه قَدَمَيْه؟ |
إنه يعلو ويُلْقي كنزَهُ بين يَدَيها |
إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ |
نازك الملائكة شاعرة عراقية ولدت في بغداد عام 1923 و هي رائدة من رواد التجديد الشعري الحر , و لها اعمال كثيرة في هذا المجال , توفيت في مصر عام 2007 . من دواوينها : عاشقة الليل , و قرارة الموجة و غيرها