السلام عليكم و رحمة الله
بداية أعتذر على تأخري في تكلمة الرواية
بسبب انشغالي بالدراسة ..
و ودت لو أغلق الموضوع حتى أكمل القصة تماماً ثم
أنشرها هنا .. و السبب في ذلك هو كي أتاكد من تناسق الاحداث وسير
القصة بأسلوب جيد قدر الامكان .
لذا قبل أنفذ ذلك , قلت أشارككم آخر ما كتبت - قراءة ممتعة ""
عودة للوقت الحاضر :
اقتربت الشمس حتى كادت ان تنتصف السماء , أشعتها القوية كانت تنعكس على كل الاسطح الملساء فتعكس الضوء , فأصبحت أشبه بضوء فلاشي يمر بسرعة و يشوش تفكيري و يزعج عيني , حينما كنت في أمس الحاجة للتركيز , الانفجار السابق عكر الاجواء بشكل فظيع , و ازدادت الحرارة و و تلوث الهواء بالدخان , أصبحت اقود أسرع , فتتالى أمامي المشاهد التي تزيد من خوفي أكثر و أكثر . بعد ان كانت المدينة هادئة منذ خمس دقائق أصبحت اخاف من رؤية رجل يركض و طفل يبكي و عجوز يحث السير و للاسف اجتمعت تلك المشاهد جميعا في جو مختنق ترقص على موسيقى الصراخ و تتغنى بالدموع . و الطرق باتت تزداد ضيقا لا ادري لما هل من الصداع الحاد الذي انتابني فجعلني اتخيل ذلك ام اني اضعت الطريق لاني اذكر ان بيت آدم يقع على شوارع واسعة . لذا اوقفت سيارتي و بحثت عن خريطة كنت قد وضعتها في الدرج الامامي منذ خمسة اشهر في الصيف .
-- تبا اين تلك الخريطة , ألم تكن هنا اخر مرة . حتى وجدتها تحت الكرسي الخلفي للسيارة و لا ادري كيف وصلت الى هناك اخذتها على عجل و خرجت من السيارة , اتجهت نحو مقدمة السيارة و فردت الخريطة على ظهرها محاولا ابقاءها مفتوحة رغم الرياح التي أبت إلا ان تاخذها معها . انتابي تشاؤم كبير و خيالات سيئة جعلني اتصور صديقي في حالة لا اتمنى رؤيته فيها , فأمسكت رأسي بكلتا يدي و قد اعترتني غصة ابتلعتها بسرعة قبل ان اخضع لها بصرخة او بدمعة . لذا اخذت نفسا عميقا استجمع به قوة تحثني على الاستمرار . بحثت في الجوار عن لوحة أعرف منها أين أنا
-- حسنا شارع رقم 19 , ما الذي جاء بي الى هنا بحق الله , هذا يعني أن بيت آدم في الغرب قرب مركز المدينة .
طويت الخريطة بشكل عشوائي على عجل و دخلت سيارتي و قدت الى وجهتي الجديدة, محاولا في نفس الوقت ان اتصل بآدم لكن لا اجابة على اتصالي تطفئ ناراً اشتعلت داخلي و تُوقف تشعبات تخيلاتي التي تزداد تعقيداً. لكن سرعان ما تذكرت ان آدم اتصل بوالدته من هاتفي الاسبوع الماضي , فبحثت عن الرقم حتى عثرت عليه و مع اول رنة للاتصال اجابت امه
-- آدم اين أنت يا بني أنا قلقة جدأً
عندما سمعت تلك الكلمات كرهت نفسي جدا و كرهت ان اخيب أملها لكن لم يكن لي خيار سوى ان اخبرها بأني صديقه غيث و اني أبحث عنه ايضا .
-- لا اعرف يا بني لانه لم يعد بعد , ارجوك ابحث عنه فنحن في غاية القلق و حزمنا امتعتنا و سنتوجه للمطار في اقرب وقت . -- أجل بالتأكيد يا خالة فأنا قلق عليه أيضا , و خير ما فعلتم , عليكم المغادرة قبل ان يزاداد الضغط على خطوط الطيران .
و قبل أن أنهي جملتي السابقة سمعت دوي انفجار آخر ذو صوت أعلى جعلني أشعر بقربه , و الذي جعل قلبي يتوقف للحظة , و الدم الذي يسري في عروقي شعرت وكأنه تجمد في مكانه . توقف العالم حولي للحظات , و ها انا ذا مصاب بالذهول الذي لم استيقظ منه سوى بترنح السيارة لكني احكمت السيطرة عليها .
-- سحقا لم يحدث هذا ثانية و سحقا لهذا الهاتف ايضا . انحيت قليلا لارى بزاوية افضل من الزجاج الامامي علِّـي اقتفي اثر الانفجار لكني لم استطع رؤيته من خلف المباني العالية , فاوقفت مركبتي جانباً و خرجت منها لأرى حريقا ضخما ميَّزته من دخانه الهائل المتصاعد القادم من الجهة الغربية من المدينة في مكان ليس ببعيد مني . حينها تمنيت لو لم أخرج , لو لم أرى , لو اقحمت نفسي في سيارتي ولك المنظر أكلني من الداخل و شعرت و كأن قلبي قد خلع من مكانه , فتشائمي بلغ ابعاده القصوى و باتت شكوكي تاخذني لمكان ابعد ,جعلتني لا أسمع ما يجري حولي و المشهد اصبح كشريط فيديو يعرض ببطئ شديد ,فتقدمت بخطى متثاقلة أقطع بها الشارع محاولاً الاقتراب ,رغم اصطدام الناس الراكضين بي , بعضهم كان ينظر إليَّ بوجوههم الخائفة المحمرة و عروق رقابهم قد برزت و هم يصرخون محاولين اخباري بشيء , تلاها أخيراً رجل في الخامسة و الثلاثين من عمره كانت ملابسه متخسة و كأنه تدحرج على الأرض , أمسك كتفَيَّ بقوة و تمتم بكلمات لم أسمعها أيضاً , كنت أنظر بعيني المتسعتين إلى عينه الغارقتين بالخوف و الهلع , كان يكلمني و يهزني محاولاً ايقاظي من حالتي هذه . كان يشير الى سيارتي و شفاهه تتحرك بسرعة ثم صمت لبرهة و نظر في عينيَّ مجدداً و أفلتني و هرب في الاتجاه الآخر . فركت عينيَّ و أمسكت رأسي لأجد أن آلام الشقيقة قد زالت , تساءلت في داخلي هل هو مفعول المسكن حقاً , لكن في الوقت ذاته شعرت ان الأرض تدور من حولي و أن الهواء قد انعدم , سرت بما تبقى لي من قوة نحو سيارتي , و جثوت على ركبتي و أسندت يدي على باب السيارة أحاول التقاط أنفاسي , و كبح دموعي من الخروج , حتى حنجرتني لم تعد تستطيع كبح تلك البحة المختنقة فأطلقتها صرخة مدوية ثم ما لبثت أن أغلقت فمي بكلتا يدي و تسللت الدموع للخارج و كأنها عانت لتخرج فمسحتها على الفور . حملت نفسي و عدت لسيارتي و بحثت عن حبة المسكن الأخيرة و ابتلعتها على الفور مع قليل من الماء .
-- الآن ماذا أفعل , الانفجار السابق بدا قريباً جداً من بيته . صراع أفكار ازداد و أصبحت في حيرة من أمري فأسندت رأسي على المقود , ثم اعتدلت في جلستي و نظرت الى صورتي في المرآة الأمامية و أخذت نفساً عمقياً و زفيراً طويلاً .