الختم الذهبي Milky Way - الدرب اللبني، قصة (1 زائر)

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

إنضم
6 أغسطس 2013
رقم العضوية
881
المشاركات
8,834
مستوى التفاعل
1,391
النقاط
745
أوسمتــي
8
العمر
29
الإقامة
خارج الاسوار
توناتي
0
الجنس
ذكر
LV
2
 
ج3

السلام عليكم و رحمة الله و3
اتمنى انك بألف خير وعافية و3
و أن أمورك تمام التمام و3

حسنا، لا أنكر أني من عشاق الفضاء و لطالما تمنيت أن أكون شهابًا أو مذنبًا أو أي جسم فضائي على كوني بشرية ض2،
لذلك فقد جذبني العنوان بقوة كالمغناطيس يمي88 ..
لجملة درب التبانة أو الدرب اللبني وقع خاص عليّ نه1نج1نج1نج1نج1نج1

ثم أنني انبهرت حقا بأسلوبك خ1ح11
يشبه ما تخطه كتابات كبار الكتاب ات1
ما شاء الله عليك او1
خمسة وخموس عليك مثلما نقول في بلدي كف1حر2 ...

حتى أنني لا استطيع ان اربط هذا الموضوع بالموضوع الآخر الذي لا ادري عما كان يتحدث في قسم الترحيب شا11.

لكنك فعلا تدرك ماتفعله و انت تكتب ... أقصد هته القصة ليست بقصة هاوٍ ...
الأسلوب فذ وسلس و ناعم .. خال تقريبا من الأخطاء، ويصف بدقة المشهد كأنك تراه فعلا أمامك عبر شاشة عملاقة ..
وصفك و سردك كان ثلاثي الأبعاد بامتياز بكا7.

أحببت أسلوبك بكل بساطة شش7.


ننتقل للأهم شش333:

أنا أعشق الخيال العلمي والفنتازيا و إني لأجد راحتي في الخيال بعيدا عن الواقع حبي90.

أحببت وصفك لأجواء المدينة والجامعة تلك
وكل شيء.
احببت فكرة الدبوس الذي هو بطاقة للدخول للجامعة ضو2 اتمنى ان يعموا بها في الواقع.


فيوليت و مِلكي او ايا كان اسمها وقعت في حبها منذ كانت تسبح في ذلك السائل الغريب

هي0

أتمنى أن يجن جنونها وتقتل الجميع بما أنها سلاح حبي99 ... أحب مثل هته القصص وأحب أن تنتهي بمأساة حبي33حبي55...

(سفاحة بالوراثةحق4)

أعجبتني الأفكار المطروحة هنا ، انتظر الجزء القادم بفارغ الصبر يوي1.

ملاحظة صغيرة : محاضرات وليس محاظرات

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بخير الحمد الله وانتِ كيف حالك ؟ ض2ض2

وانا كذلك يستهويني الفضاء لكن لم اصل يومًا إلى تفكيرك هذا ه1ه1 هذا يجل منك سينباي في حب الفلك xD
ساكون تحت رعايتك حتى اصل إلى مستوى الرغبة في التحول الى سديم ه2
اعلم اعلم العنوان هو الهيبة بحد ذاتها اصلا د9د9د9

اوه ليس لهذه الدرجة ! ما زلت غير مقتنع بمستواي واطمح الى ما هو اعلى ض1
بالنسباة لكبار الكتاب للاسف انا لا اقرأ الا القليل لدان براون لذا لا اعلم كيف يكون اسولب الكاتب المحترف ض2ض2
لكن المهم انه يروق لكم ض1ق1ق1

هههههههههههههههههههههه الموضوع ذاك مجرد حماقة فلتنسي أمره وتركزي على موهبتي الفذة #صفعة ه1ه1ه1

واو واو شكرًا كثيرًا انت تجعلينني اشتعل حماسًا xD
بطاطا تصف الرواية بفلم الساعتان وانت تقولين شاشة عملاقة د9د9د9
#سيف يشعر انه شيء ما د9د9د9

و انا كذلك احب الفانتازيا ؛ الغموض و التراجيديا بشكل خاص لذا افهم ما تعنينه د9د9
اضن اننا سنكون على وفاق من الان فصاعدة ض1

فكرة الدبوس جائت فجأة لم تكن مقصودة، حين وثفت دبوس القمر على ملابس لويس خطرت لي الفكرة ونفذتها فقط ه1
الكل يحب ميلكي ولا احد يتحدث عن لويس المسكين مع انه البطل د9د9د9
لا بأس لويس ! ميلكي لطيفة اكثر من اللازم فقط ه1
هههههههههههههه واو حسنا لا اضمن هيجان ميلكي قريبًا لكن اضنها ستفعل من اجلك ه1ه1

الجزء القادم في الطريق اليك ض2ض2
+ محاضرات هذه اعلم انها محاضرات لكن اصابعي تكتب الظاد رغمًا عني، عدلتها الاف المرات ولا تزال كما هي ه1ه1ه1
 

إنضم
6 أغسطس 2013
رقم العضوية
881
المشاركات
8,834
مستوى التفاعل
1,391
النقاط
745
أوسمتــي
8
العمر
29
الإقامة
خارج الاسوار
توناتي
0
الجنس
ذكر
LV
2
 
at1508756930631.png

[TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at152562107152241.png]





























[/TBL][TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at15256210716662.png]




The girl in the complication

في تلكَ الليلة، توارت بعض الرؤى إلى ذهنِ لويس..

ذِكرى مُبهمةٌ حَيثُ تُحيطُ بِهِ ألسِنَةُ النيرانِ في مكانٍ مُغلقٍ لَم تَعُد مَعالِمهُ واضِحة لِعيناه سَماويتا اللونِ.

تِلكَ العَينانِ اللاتي كانَتا تَبرُقانِ صَفاءً حَتى قَبلَ حين، أصبحتا داكِنتانِ واهنتانِ تَخلوانِ مِن وَمضةِ ضَوءٍ، أو شَرارةِ أمل.

جَسدُهُ بُقِعَ سُخامًا أسودَ داكِن، فَحتى خُصَيلاتهُ لَم تَسلم مِن تِلكَ القاذوراتِ العالقةِ سَويًا مَعَ الغُبارِ والحصى.

و لعلَ رئتاهُ كانَتا المُتضررَ الأكبر، إذ أنَّ الرمادَ المُتطايرَ في الجَوِ ما يَلبثُ المُرورَ أمامَ الطِفلِ حَتى يُمسي مُتكدسًا في قُصيباتهِ وصولا إلى تِلكَ الرئة الصغيرة التي بَلغت حَدها سَلفًا.

×[ 19 ديسمبر - الساعة 10:30 دقيقة. ]×

شَعرَ بِرعشةِ قُشعريرةٍ تَلتَفُ بَينَ عِظامهِ و تُهاجِمُ جِلدهُ دَفعت بِقَلبهِ للخفقانِ وجفونهُ للافتراقِ مُدركًا بقُزحيتاهُ المُرتجفتانِ رَهبة ضوء النهارِ.

تَرددت نَبضاتُ قَلبِهِ في مَصغاهُ تَضربُ بِقوةٍ أضلاعَ صَدرهِ كأنما تبتغي كَسرها.

وأحسّ ببضعِ لَسعةٍ تستقرُ فؤادهُ و تتَفشى مَيسرةَ جَسده كافة، و مَصدَرُ الألمِ كانَ حَيثُ تطايرت بِضعُ شرارةٍ زرقاء.

أخذَ نَفسًا عَميقًا يقبضُ مكانَ الألم وأغمضَ عَيناهُ بشدةٍ يحجبهما بساعدهِ الآخر.

تَمتَمَ " مؤلم."

و تَهشمَ الهدوءُ مِن حَولهِ مَرشوقًا بصوتِ ديميان الذي قالَ قَلقًا " أيؤلمكَ لو ؟"

كان هذا حينَ أدركَ لويس ما الذي هَمسَ بهِ بالفعلِ ليُحدِقَ بشقيقهِ صامِتًا، أجابَ بعد أن رَتبَ كَلماتَهُ جَيدًا.

-" لَيسَ هذا ما كُنت أعنيهِ... أقصد--"

ابتلعَ لويس حُروفهُ حينَ شَعرَ بكَفِّ الأكبرِ تُداعبُ شعرهُ، وحينَ كانَ ديميان على وشكِ الحديث دَخلت فّيوليت تُمسكُ بيدها كِتابًا لتقتربَ مِنهما قائلة

-" لويس.. وَعدُنا !"

ابتسمَ لها المَعنيُ مُمتنًا في داخلهِ كَونها أنقذتهُ مِن مَوقفٍ لَن يَودُ يَومًا أن يَكونَ فيهِ.

إن أفصحَ عَن حَقيقةِ ما رآه في مَنامهِ قَبلَ لحظةٍ سيزرعُ قَلقًا غَيرَ ضَروريٍ في قَلبِ شَقيقهِ مِن وجهةِ نَظرهِ.

و إن اعترفَ بلسعاتِ الألمِ في صَدرهِ لَن تتغَيرَ النتيجةُ كَثيرًا فأجابَ فّيوليت مُتذمرًا ليتفادى الحَديث.

-" نحنُ لَم نفطُر بَعد، سأقرأ لكِ بَعد أن نأكُل."

هَزت الشابةُ رأسها نافيةً بقوةٍ بَينما تُغلقُ عَينيها ليتبعثر شَعرُها المُلونُ أرجاءَ ملامحِها وثيابِها.

-" أنت وعدتني ! وأنا أريدُ أن نقرأ الآن !"

نَظرَ لويس في عَينَي شَقيقهِ مُتسائِلًا عَن رأيهِ، وزُمرُدي العَينينِ ابتسمَ لَهُ " إذًا سأذهب لإعداد الفطور.. استمتعا."

نهضَ الأكبرُ تارِكًا مَوضعهُ عَلى السَريرِ ليتجهَ نَحوَ البابِ فوَجَّهَ جُملةً إلى المستلقي في سَريرهِ يَقول " سَنُكمِلُ حَديثنا لاحِقًا، لو."

أما فّيوليت فقد حَلت مَحلَ ديميان تَجلسُ حَيثُ كانَ هوَ لتبدأ بالحديثِ معَ لويس بحماسٍ بَينما حاولَ الشابُ النُهوضَ مُعطيًا الأوامرَ لأصابعِهِ بالانقباض صُدمَ مُتفاجئًا يَكتمُ في سِرهِ

-" هيَ.. لا تتحرك !"

-" ما الأمر لويس ؟ أنتَ تقبضُ عَلى كَفيكَ بِشدة..." جُملة فّيوليت هذهِ أعادت الأشقرَ إلى الواقعِ ليعاودَ النظرَ نَحوَ يديه المقبوضة بقوة.

فما كانَ مِنهُ إلا التَشَكُكَ مُزدَرِدًا ريقَهُ ليُتَمتِمَ " أكانَ خيالي ؟"

بَعيدًا عَن هُنا، رُفعَ فِنجانٌ أبيضُ فاخر يتأرجحُ داخلهُ شايٌ يلتمعُ بلونِ العسلِ عاكسًا عَليهِ صورةَ عَيناها السماويتانِ.

أطبقت شفتاها المتلونتانِ أحمرَ فاقع على حافتهِ تَحتسي مِنهُ البعض فتركتهُ عَلى الطاولة الزجاجية الصغيرة قُربها.

كانت امرأة في أواخرِ عِشريناتِها، بِشعرٍ بُنيٍ غامق انسدلَ طَويلًا عَلى ظهرها.

وعَلى مَيمنتها وقفَ رجلٌ عَلى أبوابِ الثلاثين باستقامةٍ يَرسمُ عَلى وجههِ تَعابيرًا صُلبةً ثابتة.

هوَ امتلكَ شعرًا فضيًا وعَينانِ بِلونِ الفضةِ كذلكَ يَرتدي ثيابَ الخَدم.

و كِلاهُما كانَ عَلى مَشارفِ نافذةٍ ملأت جِدارًا بأكملهِ تُطلُ عَلى مساحاتٍ خَضراءَ مِن الشجرِ الكثيف.

في غُرفةٍ حَليبية الجُدران ذَهبية الأرضية افتُرشت بِسجادٍ أحمرَ فاخر.

هَمست بصوتٍ هادئٍ حَملَ فيهِ نبرةً مِن الوقارِ والرِضى

-" لَذيذ.. شُكرًا، آستولفو."

انحنى الرجلُ بِخفةٍ يشيرُ بكفهِ الأيمن ناحيةَ قَلبهِ ليجيبَ باحترام

-" يُسعدُني هذا أكثرَ مِن أيِّ شيءٍ آخر... آنستي."

أغمضت عَيناها فأومأت بالإيجاب " نَعم." ثُمَ فَتحتهُما تَلتفتَ إلى النافذةِ مُحدقةً نحو الخارج.

كانت إطلالةً عَلى بَعض الغابات، ثُم تَليها فلورإستريّا التي تظهر بوضوحٍ في الأسفل .

و المكانُ هوَ قَصرٌ أبيضٌ يَمتدُ عَلى نِطاقٍ مَساحاتٍ شاسعةٍ فَوقَ تَلةٍ تَعومُ في الهواءِ مُستريحة عَلى قاعدةٍ مُستديرةٍ مُضادةٍ للجاذبية.

تِلك التلة سُميت آتينياس إسترومينا، والذي يَعني فَلكَ آثينا، أما سَببُ دَعوتها بهذا المُسمى فقد كانَ نِسبة إلى دورانها حَول العاصمة، و تحديها لقوانين الجاذبية رُغم كُتلتها الضخمة هذه.

و حَيثُ كَبيرُ الخَدمِ وآنسته، قُرع الباب عِدة قَرعاتٍ مُتتاليةٍ ليستأذن الأول مُتجهًا نحوَ الباب.

لَم تمضِ بِضعُ ثانيةٍ إلا وَعادَ و معهُ جِهازٌ لَوحيٌ قَدمهُ إلى بُنيةِ الشعرِ قائلًا

-" آنسة جوليكا.. أعتذر عَلى مُقاطعتكِ في وَقت الشاي، لكن لَقد أصروا عَلى كَونهِ أمرًا مُهمًا."

استلمتهُ مِنهُ لِتُعلقَ " لا بأس.. أخبرهم أنني سأنظر فيهِ حالًا."

حينَ استلمَ آستولفو موافقتها هوَ أومأ في مكانهِ للخادمة التي تنتظرُ خارجَ عَتبة الباب لِتُغادر.

و عِندما التفتَ الرجلُ إلى آنستهِ وَجدها تزفرُ بحدةٍ بَينما تقطبُ حاجبيها عابسة لتقول " العالمُ مليءٌ بالحمقى فِعلًا."

فاستغربَ آستولفو يسأل " اعذري وقاحتي آنستي، لكن هَل لي أن أسألَ عَن مَغزى كَلماتكِ ؟"

أجابت " آستولفو، سنترك القصر لفترة.. يبدو أن عَلينا التحرك بالفعل."

سَكتت وسادَ الصَمتُ في تلك الغُرفة الهادئة لقَليلِ لحظةٍ فأردفت " مِلكي قَد سُرقت."

استكملت حينَ بَرُقت عَيناها الزرقاوتانِ الفياضتانِ كِبرياءً وترفع بِحدةٍ كَشفراتٍ حادةٍ تقطعُ كُلَ ما يَعترضُها دونَ تَمييز " و الفاعل.. عَلى الأرجح هوَ ذلكَ الشخص."

أما داخِلَ آميسّا موندو، القلعة الزجاجية و بالتحديد بَين أروقتها كانَ تيم يَمشي بخطواتٍ مُتسارعةٍ ؛ قَبضاتٍ مَصمومةٍ وحاجِبانِ مُقطبانِ بقوة.

في رأسهِ تَعصفُ آلاف الأفكار، و كُلها تقتصرُ عَلى أوضاع سَوداويةٍ و مُستقبلٍ مُظلمٍ بانتظارهِ ورفيقهِ لورِنزو الذي يتجهُ إلى مَكتبهِ الآن.

و بسببِ قِلةِ تَركيزهِ ارتطمَ كَتِفُهُ بِكَتِفِ المارِ قُربهُ ليعتَذِرَ بَينما يُكمل طَريقَهُ غَيرَ مُنتبهٍ لِكَونهِ ديميان حَتى.

و حينَ بَلغَ وِجهتهُ، وَقفَ أمامَ البابِ الآلي لِغُرفةِ المَكتبِ بَينما يَصفعُ الأرضيةَ بقدمهِ مِرارًا وتِكرارًا مُفرغًا ولو جزءًا صغيرًا مِن توترهِ فيها.

مَررَ جِهازَ تعريفهِ عَلى اللوحِ قُربَ البابِ ليُفتحَ بَعدَ حين، إذ أنَّ الرجلَ عَلى الجهةِ الأخرى مِن الجِدارِ تَلقى إشعارًا بطلبِ دخولٍ مُصاحبٍ لهويةِ مَن ينتظر عَلى أحر من الجمر خارجًا.

مَكتبهُ كانَ مُستَعمرًا مِن قِبَلِ الدُجى كالعادة، ومِصباحُه المَكتبيُ كانَ كالقمرِ يَسطُعُ بضياءِه عَلى قُصاصاتِ الورقِ المُتناثِرةِ بفوضويةٍ تَزدادُ لا تَنقُص.

و الجوُ العامُ كانَ راكدًا ساكِنًا لا يشوبهُ سِوى صَوت خَربشةِ قَلمٍ عَلى وَرقة.

وحينَ دَخلَ تيم عَلى عَجلٍ كانَ كَما لَو هَبت ريحٌ هَوجاءٌ تَعصفُ بدَمثِ المَحلِ مُهشمًا هُمودَ المكانِ تَهشيمًا

إذ قالَ مُنفعلًا " إذًا ؟!"

فَتلقى رَدًا وَقورْ خَرجَ مِن فاهِ رفيقهِ البُني " إذًا ؟" مِما جعلهُ يَنفعلُ أكثر صادِحًا " جِهاز التعقب ! ماذا بشأنه !!"

أشارَ المَعنيُ إلى زاويةِ مَكتبهِ ليلتفتَ إليها أسودُ الشعرِ أمامهُ.

حَدقَ الأخيرُ بذلكَ السِوار بدهشةٍ ليُجيبَ الأولُ عَن تساؤلهِ " وجدناهُ مَرميًا أرضًا قُرب القطاع الرابع... يبدو و كأنها أزالتهُ بِنفسِها."

ابتسمَ يستكملُ بنبرةٍ فخورة " بغض النَظَرِ عَن مَدى صُعوبةِ إيجادها خِلالَ الوضعِ الراهنِ.. هذا نجاحٌ باهرٌ آخر.. مُعظمُ البشرِ لَن يُلاحظوا وجودَ جِهازِ تَعقبٍ عَلى أجسادهم فما بالكَ بآلة !"

استنكرَ تيم مُعترضًا " لورِنزو ! كَيف تستطيعُ بحق الإلهِ مُناداتها بالآلة !!"

رفعَ زُمرديُ العينينِ حاجِباهُ إلى الأعلى مُستغربًا " كَونُها مِن لحمٍ ودَمٍ لا يشترطُ عَليها أن تَكونَ بَشرًا، وإن لَم تَحمل تُروسًا معدنية لا يعني أنها لَيست بآلة !"

نهضَ عَن كُرسيهِ يُكمل " هيَ شيءٌ صَنَعتُهُ بيدَي هاتَين، لَيست طَبيعية، إنها آلة ! لا أكثر، ولا أقل."

-" لورِنزو !!" هَتفَ تيم اسمهُ بنبرةٍ تَحملُ فيها بَعض الرجاء، لَم يَعهد صَديقهُ قاسيًا حَتى هذهِ الدرجة يَومًا، إذًا ما بالهُ الآن ؟

خَطا البُنيُ خُطواته مُتجاوزًا أسودَ الشعرِ بَينما يُبعثر كَلماتهِ في الهواء " لا تفزع تيم، مادامَ الرئيسُ و أولئكَ الأشخاصُ لَم يَتدخلوا بعد فنحنُ ما زِلنا بأمان.. عُد إلى مَنزلكَ و انعَم بقسطٍ مِن الراحة."

و مرَّ الوقتُ و حَلَّ الليلُ حَيثُ كانَ تيم يستلقي عَلى ظهرهِ فَوقَ الأريكةِ يتعمقُ بتفكيرهِ حَولَ حالةِ البُني اليوم.. والذي لَم يَكُن طَبيعيًا البتة.

و بَينما هوَ يَغطِسُ في مُحيطِ أفكارهِ أعمقَ وأعمق فاجأ مَصغاهُ صَوتُ رَناتِ الهاتفِ المَنزلي تَصدحُ في صَمتِ الغُرفةِ دافعةً بهِ إلى النهوضِ مُنتفضًا ليُجيبُ عَليهِ بنبرةٍ مَلولةٍ صاحبتها زَفرةٌ في بدايتها.

-" مَرحبًا هذا مَنزل آل سمِث." اتسعت حَدقتا عَينيهِ الزرقاوتينِ ليحدقَ بالفراغِ لقَليلِ وَهلةٍ.

بَينما تتسارعُ نبضاتُ قَلبهِ معَ كُلِّ كَلِمةٍ تَصلُ مسامعهُ مِن الجانبِ الآخر مِن السماعةِ، آثِرًا الصمتَ عَلى الكلام.

حَتى ارتخت جَفناهُ يُجيبُ بهدوءٍ شَديد " أجل.. لَقد فهمت.. قادمٌ حالًا."

أنزلَ السماعةَ عَن اُذنهِ دونَ إطباقها عَلى الهاتفِ مُرخيًا ذراعهُ إلى الأسفل، تترددُ صَفارتهُ في أذنهِ مُتعاليةً دلالةً عَلى إغلاق الجانب الآخر ، رَنةٌ بَعدَ رَنةٍ كأنما تأخذُ روحه مَعها إلى دَواماتٍ حالكةِ السوادِ.

يَلتفُ داخِلها ويَستمرُ بالالتفافِ حَتى يَختفي مُضمحلًا إلى دُجى يَمتزجُ معَ ما يَغمرُ دُنياهُ مِن ظلمات.

أجل، عَتمة، هكذا أمسى العالمُ في عَينيهِ.

أما هوَ في واقعهِ، فقد بقيَ واقفًا هَكذا بِلا حَراكٍ، لا يُحاولُ استيعاب ما سَمِعه، إنما فقط شاردٌ في فَراغٍ كَهاويةٍ دَمساء.

لقد أدرك، أنهُ واقفٌ عَلى حافةِ ثقبٍ أسودٍ ولَن يَطولَ الأمرُ بِهِ إلا وقَد ابتُلِعَ و استحالَ عَدمًا.

و أخيرًا هوَ قَررَ تَركَ مَكانهِ ليغيرَ ثيابهُ مُتوجها إلى القلعة مُجددًا.

هُناكَ حَيثُ تَوجهَ إلى غُرفةِ رئيس الباحثين، بروس دونالد.

وقفَ أمامَ البابِ يُمررُ جهازهُ التعريفي عَليه، و لَم يَطُل الأمرُ كَثيرًا حَتى تلقى الإذن بالدخول وفُتحَ لهُ البابُ آليًا.

وعلى الجانبِ الآخرِ مِنهُ كانت غُرفةً فَسيحةً بَيضاءً بالكاملِ، أثاثُها باللونِ العَسليِ والبُني، أريكتانِ لشخصٍ واحدٍ عَلى جانبَي المكتب الكبير تنتصفهما طاولةٌ قَصيرة، وخلفهُ أعلامُ اتحادِ العلوم ؛ الولاية ؛ والدولة.

تَليها نافذةٌ تَبعدُ عَن الأرضيةِ مِترًا وتطالُ السقفَ والجُدران.

خلف المكتبِ وَقفت امرأة بشعرٍ بُنيٍ داكنٍ انسدلَ عَلى طولِ ظَهرها ولامسَ مُنتصَفَ فَخِذاها.

كانت تَرتدي زيًا رَسميًا بالأبيضِ والأسودِ، سُترةٌ وتنورةٌ قَصيرةٌ باللونِ الداكن وقميصٌ باللون الفاتح تَتَكأ أنامِلها عَلى سَطحِ المكتبِ بَينما تُحدقُ بالنافذة.

صَمتٌ طاغٍ، وصَدى عَقاربُ الساعةِ يَشوبهُ خالقًا جَوًا راكدًا مِن التوتر، تَمامًا كَما هدوءِ ما بَعدَ العاصِفة.

و أولُ مَن بدأ بالحِوارِ كانَ بُنية الشعرِ قائلة

-" أظنُ أنهم أخبروكَ عَلى الهاتفِ لَكن سأقولُها مرةً أخرى..." سَكتت لتردف " لروِنزو وَنشِستر تَم الإمساكُ بِهِ مُتِلبسًا بَعد أن قَتلَ الرئيس دونالد."

أجابَ تيم بهدوء مُنتقدًا " لا أظن أن هذا سببًا كافٍ يَدفعُكِ للقدومِ إلى هُنا."

وقبل أن يَترُكَ لها المجالَ للحَديثِ أكملَ " كَما أن الوقتَ لَن يُسعفكِ بالمجيءِ في هذهِ المُدةِ القصيرةِ مِن فَلكِ آثينا و إلى هُنا... جوليكا كيه.آثينا."

ابتسمَت جوليكا حينَ سَمِعَت حَديثهُ " أبدًا... بصراحة لَستُ أهتمُ إن ماتَ هذا الشخص أم حَيى.. صادفَ أنني كُنتُ في زيارةٍ للقلعةِ حينَ وَجدتُ الرَجُلَ مَقتولًا و لورِنزو واقِفٌ أمامه."

-" و ؟" كانَ هذا تيم الذي سألَ ساخِرًا لتُجيبَهُ جوليكا بسُخريةٍ " حسنًا فلنترك اللف والدوران.. سأخبركَ الحقيقةَ سمِث، أتيتُ إلى هُنا لاستعادةِ مِلكي وَي، ألديكَ أدنى فِكرةٍ عَن مكانِها ؟"

ابتسمَ تيم بجانبيةٍ يَرفعُ كِلا حاجبيهِ " لِمَ تَظُنين أنني أعلم ؟"

تَركت مَوقِعَها خَلفَ المكتب تتقدمُ نَحوَ أسودِ الشعرِ " لورِنزو وَنشِستر عَقدَ إجتماعًا و قالَ أنها سُرقت.. و عَليه، إليكَ نَظريَتي.. السارِقُ هوَ وَنشِستر بحدِ ذاتهِ، و أنتَ صديقهُ المُقرب... إذًا لا بُدَ أنكَ تَملكُ فِكرةً وَلَو صغيرةً عَن مَكانِها ؟"

بنبرةٍ ساخرةٍ استنكرَ تيم عاقِدًا حاجبيهِ -" و ما الذي يدفعُ لورِنزو لسرقةِ بَحثهِ الخاص ؟"

أجابت " مِلكي وَي مَدعومٌ ماليًا مِن قِبلِ آثينا، وهذا يجعلنا شُركاءً في البَحث، هوَ يَعمل و نحنُ نُزودهُ بالمال اللازم لعمله... لا أحدَ سِواكَ أنتَ وهوَ يَعلمُ الحقيقةَ بشأنِها وإن كُنتَ لا تَعلَمُها كاملة.. لِذا قُلتُ لِنفسي رُبما تكونُ عَلى درايةٍ بمكانِها مَثلًا ؟"

نَظرت لهُ بِتعالٍ تستفزهُ بتهديدٍ مُبطن " أم أنكَ سَتقولُ أنها هَربت ؟ أتعلمُ ماذا ستكونُ عُقوبةُ سَهوِكُم عَن شيءٍ بِهذهِ الخطورة ؟ لَن يَمضيَ الأمرُ بمُجردِ إعدامِ كلاكُما، إنما سيتورطُ عُمالُ القِسمِ مِن رؤسائهِ و حَتى عُمال النظافةِ الأقلِ شأنًا."

احتدَت نَظراتهُ تتَطايرُ شَرارًا فقالَ بنبرةٍ مَشحوذةٍ يُشددُ عَل حُروفهِ " هذهِ قَذارة."

أغمَضَت عَينيها تستريحُ عَلى أحد الكراسي الجانبيةِ للمكتب تَضعُ قَدمًا فوق الأخرى ليَسكُبَ لَها آستولفو الشايَ بِصَمت

-" فَلتُسَمِها ما شئت.. الأمر المهم هوَ أنني أريدُ مِلكي وَي في مكانها قَبلَ أن يَنجلي هذا الأسبوع."

نَظرت نَحوهُ بابتسامةٍ كُلُها كِبرياء " بدءً مِن اليوم أنتَ ستكونُ رئيس القسم بدلًا مِن لورِنزو.. طابَت لَيلتكَ سمِث.. يُمكنُكَ الانصراف."

رصّ تيم عَلى أسنانهِ كَما شَددَ عَلى قَبضتهِ ليلتفتَ خارجًا، و حالما خَرجَ حَتى سألَ آستولفو

-" أحقًا لا بأسَ بذلكَ آنستي ؟"

احتست جوليكا قَدرًا صَغيرًا مِن شايِها لتُجيب " أجل.. أعلمُ أنَّ لورِنزو وَنشِستر لَم يسرقها، و أعلم أن مسألة سَرقتها كانت كِذبة قَد لَفقها بنفسهِ..."

أعادت فِنجانها فوقَ الطاولةِ تُكمل " لكن هذه المسألة ومسألةُ قَتله لبروس دونالد شيئان مُختلفان.. لا أعلم بأيِّ دافعٍ قَتلهُ."

أردفت تتأملُ فِنجانها " إلا أنَهُ و معَ دخولِ وَنشِستر للسجنِ، و إشغالُ سمِث قَليلًا.. سيتسنى ليَ الوقتُ لإيجادِها بنفسي."

سَكتَ آستولفو للحظةٍ ثُمَ أجاب " بالطبع.. إجراءات آنستي مِثالية.. ما كُنتُ أقصِدُهُ هوَ شُربُكِ للشايِ في هذهِ الساعة المتأخرة من الليل.. لَن تستطيعي النومَ جَيدًا هكذا."

-" شُكرًا عَلى قَلقكَ، لا بأسَ مَعي بِذلكَ."

في ذلكَ الوقت، داخِلَ رِواقٍ بُنيَ مِن المَعدِنِ، أُنيرَ بكرستالاتٍ مُشعةٍ صَغيرةٍ عُلقت عَلى الجُدران بالكادِ تَدفعُ بجُزءٍ يَسيرٍ مِما غَلفها مِن دَيجورٍ عَميق.

كانَت الحُجرُ تَصطفُ عَلى مَيمنتهِ مُزودةً بجُدرانٍ إلكترونيةٍ، و جَميعُها راكِدةٌ فاتِرةٌ دونَ تَمييز، و عَلى ذِكرِ الفُتور، داخلِ إحدى تلك الحُجر جَلسَ رَجلٌ بمعطفهِ الأبيضِ عَلى سَريرٍ لشخصٍ واحد يُسنِدُ ظَهرهُ إلى الجِدارِ و يثني إحدى قَدميهِ إلى الأعلى مُتكأ بساعدهِ عَليها.

يَنفثُ أنفاسًا ثقيلةً باردةً تَستحيلُ ضَبابًا مُتشتتًا إلى لاشيء.

عَيناهُ الزُمرديتانِ حَدقتا بالفراغِ أمامهُ و العَتمةُ تَرسُمُ لهُ سَرابَ دَواماتٍ سَوداءَ تَبدو لَهُ كَما لَو كانت تَبتلعهُ شيئًا فشيئًا.

أما تَفكيرُهُ فارتحلَ إلى ما قَبلَ بِضعِ ساعاتٍ مِن الآنِ.

يَندُبُ حَظهُ العاثر الذي أوصلهُ إلى هذا المكانِ بطُرقٍ غَيرِ مُتوقعةٍ، تَحتَ سيناريو لَم يَكُن ليتخيلهُ يَومًا

×[ قَبلَ أربعِ ساعات - آميسّا موندو. ]×

مَضت فَترةٌ مُنذُ افترقَ تيم عَن لورِنزو الذي بَقيَ يَعملُ عَلى بَقيةِ أبحاثهِ حَتى هذه الساعة.

غُرفةُ مَكتبهِ مُعتمةٌ كالعادة وضوءُ مكتبهِ مُسلطٌ عَلى الأوراقِ فَقط.

يَدهُ تُمسكُ بالقَلمِ بَينَ أنامِلها تَخطُ حُروفًا عَلى صَفحاتٍ كانت بَيضاءَ فارِغة.

و بينَ تارةٍ وأخرى، يتوقفُ قَلمهُ عَن الخَربشةِ ليتنهدَ بحدةٍ مُدلكًا عظمةَ أنفهِ بَينَ عَينيهِ.

بعدَ عِدةِ حالاتٍ مُماثلة.... تركَ قَلمهُ أخيرًا يَشبكُ أصابعهُ مُتكأ عَليها.

مُستذكرًا أحداثَ اليومينِ الماضيينِ... لايُنكرُ قَلقهُ مِن الوضع الحالي.. و أكثر ما يوترهُ هوَ تَوريطهُ لتيم الذي عَرفَ عَن الشابةِ بالصدفة، فلا يدَ لهُ بالبحثِ لا مِن قَريبٍ و لا مِن بعيد.

معَ ذلكَ لا يُمكنهُ أن يُريَ ضَعفهُ للآخرين، لَيس لتيم بالذات ! يَضغطُ عَلى نَفسهِ للبقاءِ هادئًا.

غَيرَ مُدركٍ أنَ هدوءهُ هذا سيتسببُ لَهُ بالمصائبِ لاحقًا، سيقلبُ حياتهُ، وحياةَ رَفيقِهِ رأسًا عَلى عَقب، أكثرَ مِما قُلِبَت حَتى الآن .

اتكأ عَلى كُرسيهِ ينظرُ إلى السقفِ بشرودٍ مُنغمسًا بأفكارهِ أكثر، مَتى سَتتدخلُ تِلكَ المرأة ؟ أستصدقُ تلك الكذبة المُرتَجلة التي ابتدعها أمس ؟ قَطعًا لا !

انتشلَ وَرقةً بَينَ كَومةِ أوراقهِ يَخطُ عَليها بَعض الحروف.. ثُمَّ طَواها عِدةَ مَراتٍ ليَدُسَها في دُرجهِ الأول بَينَ أحدِ الكُتب.

أقفلَ دُرجهُ بالمفتاحِ ثُمَ خبأ المفتاحَ بِدَورهِ، ذلكَ كانَ حينَ تَلقى إشعارًا يستدعيهِ إلى مَكتبِ الرئيس دونالد فنهضَ مُتوجها نَحو الخارج.

ارتدى مِعطفهُ الأبيض الذي كانَ مَرميًا عَلى أحدِ الكراسي الدوارة لتقعَ زُمرديتاهُ عَلى عيارٍ ناريٍ قَديم، ذلكَ الذي يستخدم الرصاص الحي بدلًا مِن الشحنات الكهربائية.

و لَعلَ تَصرفهُ هذا نَمَّ عَن إحساسهِ بالخطر المُحدقِ حَولهُ في هذهِ اللحظة والذي أعمى تَفكيرهُ السليمَ وَقتها، غَيرَ مُدركٍ للعواقب التي يُمكن أن تترَتبَ عَن فِعلتهِ هذهِ.

خَرجَ مِن مَكتبهِ يَسيرُ بَينَ الأروقة التي كانت فارغةً نِسبيًا، كأي يومٍ عاديٍ في هذهِ الساعة.

انعطفَ يَسارًا إلى الرواق الذي يَنتهي بغرفةِ بروس دونالد ليُفاجأ بالبابِ مَفتوحًا عَلى مِصراعيهِ.

هذا الرجلُ شَديدُ الحذر مُحِبٌ لِلخصوصية، لَطالما أقفلَ بابهُ، ورفضَ مُعظمَ الزياراتِ الغيرِ مَسبوقةٍ بموعد، و ها هوَ ذا يَتركُ بابَ مَكتبهِ مَفتوحًا بضوءٍ مطفأ.

ازدردَ ريقهُ و بللَ شفتيهِ يُبعدُ شيئًا مِن التوترِ عَنهُ ليتقدمَ بخطواتٍ حَذِرةٍ إلى الداخل، وقبلَ أن يَولجَ إليهِ دَسَّ كَفهُ في جَيبِ مِعطفهِ يتَشبثُ بمُسدسهِ بقوة.

و حينَ خَطا أولى خُطواتهِ مُتفحصًا المكتبَ بِعَينيهِ وجدَ كُرسيِ الرئيسِ مُلتفًا نحوَ النافذةِ خَلفهُ.

تَملكهُ شعورٌ سيءٌ في البداية، لَكن حينَ صدحَ في أذنهِ صَوتُ دونالد يَحثهُ عَلى الاِقترابِ هوَ زَفرَ مُبددًا شُكوكه، ورغمَ ذلكَ لَم يترُك سِلاحهُ و لو للحظة.

اقتربَ كَما أمرهُ رئيسهُ، وبقيَ واقِفًا أمامَ المكتبِ بِضعَ دَقيقةٍ دونَ وصولِ صَوتِ مُقابلهِ إلى مصغاهُ.

قَلبُهُ بدأ يَدقُ سَريعًا، و صَوتُ نَبضاتهِ بدأ يتعالى في أذنهِ شيئًا فشيئًا ؛ أعلى فأعلى.

أخيرًا قَررَ التَحَرُك، دَفعَ بِقدمهِ للاقترابِ مِن بروس دونالد ليخطو خطواتهُ بثقلٍ وبطء، يَرتفعُ تَوترهُ معَ كُلِ قَرعةٍ تَقرعُها قَدماهُ الأرضَ تَحتها.

كُلُّ شيءٍ أصبحَ ساكِنًا حَولهُ، حَتى طَنينُ أذنيهِ بَدا وكأنهُ تَوقف، أنفاسهُ تَثاقلت وتباعدت، كأنَّ الجَوَ حَولهُ فَرُغَ مِن الهواءِ تَمامًا.

حينَ امتدت كَفهُ تَلفُّ الكُرسيَ جانِبًا... اتضحت لَهُ هَيئةُ ذلكَ المَشيبِ ضَخمِ البُنيةِ و قَد هَمُدَ جَسدهُ جُثةً مُضرجةً بالدِماءِ.

تراجعَ خُطوةً واسعةِ دافِعًا بجسدهِ إلى الخلف، موسِعًا حَدقَتَيهِ فاغِرًا بِفاهِ شيئًا قَليل.

و تَزامُنا معَ رَفعهِ لكَفهِ التي تَحملُ مُسدسًا سقطَ سِلاحهُ عَلى الأرض بَعدما لَم تقوى أصابعهُ عَلى تَشديدِ قَبضَتِها حَولهُ.

وفي لحظةٍ امتلأت الغُرفةُ أصداءَ وقعِ أقدامٍ بدت لَهُ كجيوشٍ مِن الرجال... تَهُزُ أرضَهُ زَلازلًا تُضحي واقِعَهُ حُطامًا مُنهارًا.

و صَوتُ امرأةٌ حازِمةٌ تَهتفُ " مَكانكَ !"

حينَ التفتَ لَها، أبصَرَ بُنية الشَعرِ و رِجالِها الأربعةِ بالإضافةِ إلى ذلكَ الذي يَرتدي زيَ الخَدم.

و مِن جانِبِها اتضحت لَها هيأتهُ ؛ المسدسُ قُربَ قَدمهُ والجُثةُ أمامهُ لتقولَ مَصدومة " بحق الإله ما الذي حصلَ هُنا !"

وُجِهت أسلحةُ رجالها نَحوَ رأسِ لورِنزو سَريعًا ليرفعَ الأخيرُ يديهِ في الهواءِ بلا مُقاومة.

أما آستولفو فقد تقدمَ يتفحص الجثة بعد أن أشارت لهُ سيدتهُ بذلكَ.

و لم يكن فعلا بحاجة إلى التحقق من علامات الموت الثلاث، إذ أنَّ كمية الدماء وحدها، والثقوب الثلاث في قلبه كفيلةٌ بشرحِ الوضعِ وأكثر.

الرجل مات من الرصاصة الأولى ، ومع ذلك لحقتها اثنتان، وحشية شديدة.

التفتَ الرجلُ إلى جوليكا يهزُ رأسهُ نافيًا لترصَ الشابةُ أسنانها بقوةٍ مُحدقةً بلورِنزو بغضب.

عَيناها الزَرقاوتانِ كانتا قَد تخليتا عَن كبريائهما لمرةٍ مُنذُ زَمنٍ بَعيد، تحملانِ بَريقًا حادًا يتضحُ فيهِما الغضب مُتأججًا.

نطقت بحدةٍ ؛ مُنخفضةِ الصوتِ مَبحوحةِ النبرة " لَم أتوقع أن قذارتكَ يُمكن أن تصلَ إلى هذهِ الدرجة."

-" و ما الذي دَفعَ بجوليكا كيه.آثينا العظيمة لزيارة آميسا موندو ؟" نطقَ لورِنزو بسحرية.

اقتربت مِنهُ بِخطواتٍ ثابتة يصدحُ صَوتُ كَعبِها العالي في أرجاءِ الغُرفةِ لتقولَ بنبرةٍ باردةٍ صُلبة " لَيسَ مِن شأنِكَ !"

وَقفت تُقابِلهُ تَمامًا لتُردفَ " فَسِر وَنشِستر ! بَرِر مَوقفكَ أو سيتم جَركَ إلى غرفة الإعدام حالًا !"

-" أنا لَم أقتله !" دافعَ لورِنزو عَن نفسهِ بهدوء فرفعت جوليكا أحدَ حاجبَيها تستفسرُ ساخِرة " و ما الذي يَدفعني لتَصديقكَ ؟"

فَردت يَديها تَهِتفُ بحدةٍ " رَجلٌ يَسبَحُ بدِمائِهِ و آخرٌ يقفُ أمامَهُ حامِلًا مَعهُ عيارًا ناريًا قَديمَ الطرازِ، و بالصدفةِ يَكونُ مِن نَفسِ النَوعِ غَيرِ الليزري الّذي قُتِلَت بِهِ الضَحية والذي بالكادِ يَستَعمِلُهُ أيُ أحدٍ ! هذا مَنطقيٌ تمامًا ! مِن الواضِحِ أنَكَ لَم تَفعَلها !"

ابتسمَ لورِنزو ساخِرًا بَعدَ أن فَهِمَ وَضعهُ أخيرًا، هذهِ المرأة تَعبث مَعه، ترغبُ بالاستفادة من الوضع الحالي بالكامل لسرقةِ مِلكي وَي لنفسها، و أولى خُطواتِها نَحوَ ذلكَ هيَ إبعادهُ عَن طَريقها.

هذا كانَ أولَ ما خَطرَ في بالِ بُنيِ الشَعرِ ليُقررَ التزامَ الصَمتِ بَعدها.

بعدَ وهلةِ وقتٍ نطقَ هادئًا " إن كُنتِ ستلصقينَ بي التُهمة عَمدًا فقولي هذا بصراحةٍ و مِن البدايةِ آثينا."

بادلتهُ جوليكا الابتسامةَ نَفسها " لَستُ مَن أخبركَ أن تحملَ مُسدسًا وَنشِستر."

حروفها وملامحها كانت مشوشةً في عَينيهِ الزُمردية، كأنما غشاءٌ أحاطَ مرآهُ ومَصغاهُ يخولهُ استنتاجَ المشهدِ بنفسهِ، وحينَ اتضحت حواسهُ مُجددًا وجدَ يدها تَمتدُ نَحوَ دُبوسهِ المَجري الذي يُعلقهُ بَينَ أزاريرِ قَميصهِ لتقتلعهُ بِعُنفٍ و تهتفَ ساخطة " إعتقلوه !"

×[ في الوقت الحاضر ]×

فَتحَ لورِنزو عَينيهِ الزُمرديتينِ بخمولٍ يَرمقُ الأرضَ بنَظَراتٍ واهية.

قَرارٌ خاطئٌ واحدٌ تسببَ في تَدهورِ أوضاعهِ سَحِبًا إياها للإنتكاسِ حَدَ التلاشي.

أغمضَ عَينيهِ يَغرقُ في دَيجورٍ أشدَ عَتمةً مِن تلكَ التي تُغلفُ جَسده، غارقًا في مُحيطٍ عَميقٍ مِن اللاشعور والضغطُ يَشتدُ عَلى جَسدهِ.

وهكذا، انتهى يومٌ حافلٌ بطفوفٍ ابتلعت هدوءَ حياته، تَجرفهُ مَعها إلى مَوتٍ قَريب، إلى غَدٍ يَجهلُ عُقباه.






[/TBL][TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at152562107174063.png]















[/TBL]
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

إنضم
6 أغسطس 2013
رقم العضوية
881
المشاركات
8,834
مستوى التفاعل
1,391
النقاط
745
أوسمتــي
8
العمر
29
الإقامة
خارج الاسوار
توناتي
0
الجنس
ذكر
LV
2
 
at1508756930631.png
[TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at152562107152241.png]





























[/TBL][TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at15256210716662.png]




The girl in the fake

×[ 19 ديسمبر - الساعة 10:45 دقيقة. ]×

حاولَ الشابُ النُهوضَ مُعطيًا الأوامرَ لأصابعِهِ بالانقباض صُدمَ مُتفاجئًا يَكتمُ في سِرهِ

-" هيَ.. لا تتحرك !"

-" ما الأمر لويس ؟ أنتَ تقبضُ عَلى كَفيكَ بِشدة..." جُملة فّيوليت هذهِ أعادت الأشقرَ إلى الواقعِ ليعاودَ النظرَ نَحوَ يديه المقبوضة بقوة، و كف فيوليت التي تحتوي إحدى قَبضتيهِ.

فما كانَ مِنهُ إلا التَشَكُكَ مُزدَرِدًا ريقَهُ ليُتَمتِمَ " أكانَ خيالي ؟"

رفعَ رأسهُ حَتى آخر حدودِ رقبتهِ يغلقُ عَينيهِ بقوةٍ بَينما يُقطبُ حاجبيهِ ليأخذَ نَفسًا عَميقًا فيعودُ مُلتفتًا إلى الشهباء قُربهُ " أخبريني فّيوليت، ما رأيكِ ألا نقرأ اليوم عَن النجوم... إنما نذهبُ لرؤيتها بنفسنا ؟"

أخذت فيوليت نفسًا عَميقًا بَينما تُحدقُ بلويس بدهشةٍ لتهتفَ مُنتفضةً فجأة " أحقًا !! أحقًا أستطيع ؟ ستأخذني لرؤيتها لويس !!"

حدقَ الاشقرُ بردةِ فِعلِها فاغِرًا فاههُ رويدًا فابتسمَ " أجل... لكن عَلينا أن نركعَ تحتَ أقدامِ أحدهم ليوافق."

أحنت فّيوليت متسائلةً عَن مَقصدِ الشابِ و بعدَ وهلةٍ هتفَ ديميان من الطابقِ الأرضي يحثهم على الإفطار فنطقَ لويس " أخي."

في هذا الوقت داخلَ آميساموندو، كانَ مَكتبُ لورِنزو في حالٍ مِن الفَوضى، كأنما هَبت رياحٌ عاتيةٌ عَصفت بهِ بعدَ هُدوءٍ لَم يوسع الخِناقَ يَومًا عَما تُخفيهِ هذهِ الجُدران الأربع .

و تيم الذي أخذَ المفتاح الاحتياطي للمكتب من مَنزلِ رَفيقهِ يجلسُ عَلى أحدِ الكراسي مُتكأ عَلى فَخذيهِ بمرفقيهِ مُسندًا ذقنهُ إلى أصابعهِ المُتشابكةٍ معَ بَعضِها.

لايمكن لرفيقهِ أن يختفي فقط دونَ تَركِ أي شيءٍ وراءهُ هكذا، صَكَّ عَلى أسنانهِ بقوةٍ مُكشرًا ليضربَ المكتب بقوةٍ شديدةٍ حتى وقع الضوء المكتبي أرضًا وتناثرت أوراقُ البحوث التي سهر عليها صاحب الغرفة ليالٍ حَتى تصبح ما هي عليه الآن .

-" تَبًا !!" هوَ هتفَ بصوتٍ شديدِ العُلوِ قابضًا عَلى كَفهِ بشدةٍ

ستمرَ يُحدقُ بالأرضيةِ الرمادية الداكنة بعيونٍ مُتسعة مُرتجفة والنارُ تتفأدُ صَدرهُ مُحتارًا.

فجأةً ذَبُلت عَيناهُ وشَحُبَ وَجههُ مُستسلمًا، وحينَ رفعَ رأسهُ يُحدقُ بالفوضى التي أحدثها.

وقعت عَيناهُ عَلى مِفتاحٍ كانَ مُخبئًا تحتَ المصباح المكتبي فظهرَ حينَ وقعَ ما فوقهُ.

حدقَ بهِ لوهلةٍ يحاولُ جَمعَ شُتاتَ نَفسهِ ليلتقطهُ بخشونةٍ مُتذكرًا الدرج الذي عَجِزَ عَن فَتحهِ للتَو ليتجهَ إليهِ سَريعًا.

انتشلَ أولَ كِتابٍ وَقعت عَيناهُ عَليهِ فوقعت مِنهُ ورقةٌ فورَ أن فَتحهُ.

التقطها سريعًا قَبلَ أن تسقط أرضًا ليقرأها عَلى عَجلٍ.

فحدقَ بها بجمودٍ لوهلةٍ قَبلَ أن يَتركَ المكانَ عَلى عَجل.

داخلَ مَنزلِ آلوِستاليا رفضَ ديميان بكُلِ هُدوءٍ وبتعابيرَ عابِسة قائلًا

-" طلبكما مَرفوض !"

فأخذَ لويس نفسًا بَينما يتحدثُ هامسًا " كَما توقعت !.." ثُمَّ وجهَ حديثهُ إلى ديميان مُستخدما طرقه الملتوية لإقناعه

-" ديم هي ليست حيوانًا أليفًا لنحتجزها ! علينا أن نوفر لها معاملة طبيعية منذ الآن فصاعدًا ! لايمكنك حبسها إلى الأبد ..."

و هُنا ما خطر في بال ديميان كان شيئًا مغايرًا تمامًا، إلى مَتى سيبقى يُخفي فّيوليت في منزله ؟ دون أن يعلم إن كان إخفائها أمرًا جيدًا أو سيء.

فإن كانت خطرًا على المجتمع حقًا سيكون من غير الحكمة إخفائها، و إن كان لورِنزو سيستخدمها استخدامًا غير صائب سيجل من تسليمها غير حكيم كذلك.

فعلى كُل حال إن أراد يمكنه أن يسلمها إلى لورِنزو قائلًا أنه وجدها في مكان ما.

زفرَ عاقدًا عزمهُ عَلى تركها معه حتى تستعيد ذكرياتها ليجيبَ على لويس " لا تعني لا ! علي الذهاب إلى آميساموندو الآن لو، لا تقم بتصرف غير ناضج حتى أعود !"

تركَ ديميان مقعدهُ و لويس في دهشةٍ، إذ أنّ الأخير لَم يستفق إلا على صوت البابِ يُغلقُ خَلفَ شَقيقهِ الأكبر .

تمتمَ مَصدومًا " غَير ناضج !! هو قال غير ناضج !! سأريه كيف أني غَير ناضج"

×[ 19 ديسمبر - الساعة 06:15 دقيقة. ]×

أحاطَ إدوارد شَعرَ الشابةِ بكَفَيهِ يربطهُ لها بطريقةٍ جَعلت منهُ قَصيرًا للغاية، فبعد أن كانَ بالكادِ يرتفعُ عَن رُكبتها أصبحَ يُلامسُ أكتافها.

ابتسمَ برضى أخيرًا يرفعُ صَدرهُ مُخصرًا ذِراعَيهِ " مِثالي !"

دَحرجت فّيوليت عَيناها السَديميتانِ نَحوَ المِرآةِ تُحدقُ بهيئتها بتعجب شديد.

شَعرُها غُطيَ بآخرَ مُستعار أسودَ حريري ؛ ناعم وطويل.

سَديماها اتخذا مِن نَظاراتٍ طِبيةٍ زائفةٍ بشكلٍ مُستطيلٍ ولونٍ أسودٍ دِرعًا لَهما.

و استُبدِلَ فُستانُها الأبيضُ البسيط بآخرَ بَنفسجيٍ غامقٍ حَتى مُنتصفِ فَخِذاها. اللذانِ غَطاهما بجوربانِ أبيضانِ طَويلانِ.

و أخيرًا زَينت غرتها التي جمعتها إلى جانبٍ واحد وخبأت الآخرَ خلفَ أذنها عِدةَ مَشابكٍ نَجميةٍ صَفراء اللون.

أمالت رأسها إلى الجانبِ تهمس " أصبَحتُ مُختلفة !"

ابتسمَ إدوارد يتحدث بنبرةٍ عالية نسبيًا " و هذا هوَ الهدف ! لا يُمكِنُنا حَبسُكِ في المَنزلِ طَوالَ الوَقتِ لِذا سَيكونُ هذا كَفيلًا بألا يَكشفَ هويَتكِ أمامَ العلنِ !"

لَمست المرآةَ تُرخي جَفنيها حَتى أصبحَ وجهُها مَعدومَ الملامحِ فهمست " غَريب..."

و بَينما هيَ تَعبثُ بملابسها أمامَ المرآةِ رَنَّ هاتفُ لويس الذي يَقِفُ على مَقرُبةٍ مِنها ليُجيبَ مُحدثًا ديميان.

فامتلأت الغُرفةُ بهمساتِ فّيوليت التي تمتمُ أمامَ المرآة بلا تعابيرَ على وجهها، و نبرة لويس المنخفضة يُحادثُ ديميان على هاتفهِ.

أما إدوارد فكانَ مُركزًا عَلى الحديث السائرِ بَينَ ابنَي خالهِ حَتى ضغطَ الأشقرُ زِرَ الإغلاقِ قائلًا " ديميان سيعود قريبًا أنهيا ما تفعلانه سريعًا."

و ما كادَ إدوارد أن يجيب حَتى لمحَ الشابةَ تحاولُ نَزعَ شَعرِها المُستعار فهتف بنبرةٍ يتوغلها الفزع.

-" فّيوليت لا يجب عَليكِ نَزعُ هذا !!" هتفَ مُشتتًا بَينما يحاولُ إبعادَ يَديها عَن شَعرِها

أما هيَ فقد قاومتهُ تقولً بنبرةٍ هادئةٍ بَينما تتشبث بالشعر المستعار بكلتا يديها " لكنهُ مُزعج..."

و لويس الذي أخذَ دَورَ المُراقبِ طيلةَ خَمسِ دقائقٍ استمرت خلالها نزاعات الطرفين قالَ بهدوء " فّيوليت مهما حدث لا تنزعيه حتى أقول عكس ذلك !"

فعبست الشابةُ تلومهُ بنظراتها المنزعجة لتتركَ خُصلاتها السوداءَ بغيرِ اقتناعٍ تُتَمتِمُ مُمتعضة " لا بأس..."

تَسللَ صَريرٌ خَفيفٌ إلى مسامعِ الثلاثةِ كانَ صادِرًا مِن البابِ الرئيسيِ إذ فُتحَ و أقبلَ ديميان يهتفُ بعودتهِ إلى المنزل.

-" تبًا لقد عادَ سَريعًا فعلًا !! إدوارد رَتِب مظهرها رتبه !!" همسَ لويس بنبرةٍ هاتفةٍ يستعجلُ إدوارد الذي أجابَه بالنبرةِ ذاتها " حَتى وإن قُلتَ هذا !!"

تنهيدةٌ صَدرت مِن ديميان حينَ انصبت سلسلةٌ مِن التمتماتِ إلى مسامعهِ يتذمر بقلةِ حيلة " ما الذي تُخطِطانِ لفعلهِ هذه المـ--"

ابتلعَ حُروفهُ حينَ لَمحَ فّيوليت بمظهرها هذا يُشيرُ بإصبعهِ إليها " فّيوليت ؟"

أومأ لويس وإدوارد إيجابًا بتناغم ؛ بطء وفاهٍ مَفغورٍ بخفةٍ ليردفَ ديم " كيفَ فعلتما ذلكَ ؟"

هتفَ لويس " اترك هذا جانبًا ! ليس لديكَ أيُّ حُجةٍ للإعتراضِ عَلى ذهابنا إلى المقراب الآن !!"

تَنهدَ المَعنيُ يتحدثُ بقلةِ حيلة " بصرف النظر عَن لو... لَم أتوقع منكَ هذهِ الحركة إد !"

-" بـ بمعنى آخر ؟" سألَ إدوارد بارتباكٍ وحذرٍ ليجيبَ الأكبر " غَيرا ثيابكما سَريعًا !"

و دونَ أن ينطقَ إدوارد حرفًا واحدًا هرولَ السلالمَ صعودًا إلى غُرفةِ لويس يستعيرُ بَعض الثياب أما الأخيرُ فقد رمقَ شقيقهُ بنظرةٍ مُتعاليةٍ واضعًا ابتسامةَ نَصرٍ عَلى شفتيهِ ليتبعَ داكن الشعر إلى الأعلى .

قبل ساعتينِ وثلاثينَ دقيقة، بَينَ جُدرانِ شَقةِ لورِنزو ذات الطابقين والتي تقع في أحد ناطحات السحاب الضخمة التي توسطت العاصمة قَريبًا مِن آميساموندو.

كانَ تيم يقفُ أمامَ بابِ إحدى الغُرفِ، تِلكَ التي لطالما أقفلَ عَليها لورِنزو موصدًا عَلى أفكارهِ داخِلها.

نعم، فما خَطهُ بُنيُ الشَعرِ مِن حُروفٍ على قُصاصةِ الورق المدسوسة بَينَ صَفحات الكِتابِ كان عبارةً عَن كلمةٍ واحدة.

- ساعة. -

فقبل عِدةِ أشهرٍ قامَ لورِنزو بتصرفٍ غَيرِ مَعهود، هوَ أهدى تيم ساعةَ رَفٍ تعودُ إلى القرن العشرين مُجبرًا الأخيرَ عَلى وضعها في غُرفةِ مَعيشتهِ.

يعترفُ أسودُ الشعرِ أنَّ الموقفَ كانَ غَريبًا، فرفيقهُ ليس من النوع الذي يُهدي الهدايا، و فضلًا عَن ذلكَ هوَ بالتأكيد ليسَ مِن مُحبي الحاجيات التاريخية إنما يعتبرها ماضٍ مُخزٍ للبشرية غير المتطورة.

لذا حينَ تمرُ كلمةُ ساعةٍ عَلى هذينِ الاثنينِ هُما لَن يُفكرا بشيءٍ سِوى تِلك الساعة.

و فِعلًا حينَ تَفحصها تيم وجدَ مِفتاحًا إلكترونيًا بَينَ تُروسها، إذ أن ساعات القرن العشرين تعرف بحجمها الكبير نسبيًا، وجوفها الواسع خيرُ مُلاذٍ لغرضٍ يُبتغى حَجبهُ عَن أعينِ العالمِ.

و بالعودة إلى موقف آخر، سبقَ و ذكرَ لورِنزو أمرًا عَن غُرفتهِ السِريةِ قائلًا

-" حينَ ياون الأوان ستحوزُ المفتاحَ بَينَ يديك، لكَ الحرية في هَجرهِ أو استخدامه حينها، رغم أني لا أودُ لهذا الوقتِ أن يأتي."

حينَ أدركَ تيم نفسهُ كانَ قَد سُحبَ معَ الذكريات إلى الماضي دونَ أن يشعر، فما كانَ مِنهُ سِوى أن يسلبَ مِن الهواءِ شيئًا إلى جَوفهِ زافرًا إياهُ بقوةٍ عَلهُ يَدفعُ ولَو شقفةَ إضطرابٍ واحدةٍ بعيدًا عَنهُ.

إن فَتحَ هذا البابَ لَن يكون هناك مجالٌ للتراجع، وإن لَم يتراجع فهو وبكل تأكيد سيعرفُ كُلَّ شيءٍ بشأنِ مِلكي وَي، و لن يكونَ غَيرَ مَعنيٍ بكلِ هذه الفوضى بعد الآن.

سيضطر ليكافح، و سيُخيرَ بَينَ أقربِ أصدقاءهِ و الصواب، هذا إن كانَ لورِنزو فِعلًا على خطأ.

لكن إن كانَ هُناكَ سببٌ واحدٌ يَدفعهُ لفَكِ بابٍ هوَ كالبوابة التي تؤدي إلى الجحيم سيكونُ التحققَ مِن براءةِ رفيقه.

فهل قتلَ بروس دونالد حقًا أم تَمَّ إلباسهُ التُهمة ؟ لا يملك مِن السُبلِ نَحوَ الحقيقةِ إلا واحدًا.

و ها هوَ يُلصق المفتاح الإلكتروني عَلى الماسح الضوئي ليُفتحَ البابُ آليًا.

بَللَ شفاهُ بَينما تُحدقُ زَرقاوتيهِ بالظُلمةِ التي يُقبل عَلى دُخولها بنظراتٍ مُرتجفة.

و هُنا هوَ لعنَ لورِنزو متسائلًا لِمَ لا يضعُ مَصابيحًا في غُرفِ أبحاثه دَومًا !

أخرجَ هاتفهُ مُشَّغلًا ضَوءهُ ليباشرَ البَحثَ بَينَ كُتلِ الأوراقِ هُنا، لكن فعلًا لقد كانت بيئة العمل هنا مُرتبةٌ بعناية عَكسَ الحالِ في غُرفةِ مَكتبهِ داخلَ آميسا موندو.

وسرعان ما وجدَ الداكنُ مراده، مِلكي وَي.

لَم تَذكر الوثائق شيئًا عَن الشابة التي استخدمت للبحث، لكنها احتوت على معلومات دقيقة حول كيفية صُنعها، المراحل التي مَرت بها، أصغر التغيرات الملحوظة.

وأخيرًا... ماهية المشروع بحد ذاته.

مَررَ تيم حدقتاهُ عَلى الكلماتِ يقرأها بتركيزٍ شَديد، ومعَ كُلِّ حَرفٍ يَمُرُ عَليهِ تَتسعُ حَدقتاهُ حَتى بَلغت مَصراعيها، و تُسلبُ أنفاسهُ حَتى انعدمت لوهلة.

تركَ الأوراقَ مِن يدهِ يُحدق بالفراغ شاردًا فهمس " لا يُعقل."




[/TBL][TBL=https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at152562107174063.png]















[/TBL]
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

المتواجدون في هذا الموضوع

أعلى أسفل