3mooryxd00--31/12/2022
مساحة لذكر الله
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت
استغفرك وأتوب إليك
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
*
[ الفصل الثاني ]
رائحة الدماء تفوح في الهواء المكتوم داخل هذا القبو ! ضرب الرعد بالسماء، وقد غطى بصوته الجهوري على صوت نبض قلبها!
فخالت بأنه توقف كما فعلت أنفاسها الشيء ذاته بينما تلك العيون الفضية تنظر إليها من بعيد
عيون تلمع كما تفعل خاصة القطط في الظلام! الدم يقطر من أصابعه سقوطاً على البركة الحمراء
تلعثم كلامها في حضوره، تحاول استيعاب ما قاله منذ قليل! هل الضوضاء التي حدثت سببت ضرراً لسمعها ؟
" قـ..قلبكــ ...!! "
لم يدعها تكمل تأتأتها الغير المفهومة وفي لمح البصر اختفى! لتراه يعاود الظهور أمام عينيها فجأة ! كما لو عاد من العدم
باغتها باندفاع فـ لم تشعر سوى بالجدار يندمج بظهرها بقوة دون أي فرصة للإدراك.. إنه سريع الحركة!
قبضته تحتل عنقها، نظره حاد وقاتم، كانت ترى في داخل عينيه رغبته بفصل رأسها عن مكانه، أشياء لا تُبشر بالخير!
- بشر مجدداً ! أشعر بالاشمئزاز
" مـ..ماذا تكون ؟ "
- أين أخفيتم قلبي؟!
" لـ لا.. أفـهـ"
كان من الصعب إكمال الجملة التي أرادت نطقها لأنه زاد بضغطه على عنقها، يُظهر لها بوضوح بأن ليس هذا الجواب الذي يبتغيه
تشعر كأن عنقها سينكسر ولا يمكنها زحزحة قبضته ! أجزمت بأنه لا يمكن أن يكون بشرياً
فكيف له بالتحرك إن كان قلبه مفقوداً كما يقول؟
-أنا أعطيكِ هنا فرصة للنجاة، لا تهدريها بغباء .. أعطني إياه فقط وسأرحمكِ
أخذت نفساً قوياً وهو يراقبها ظناً بأنها تحاول التقاط أنفاسها الأخيرة ! وستخبره..
لكنه وجدها تستعد لتصرخ به " أياً كانت اللعنة التي تريدها .. إنها.. ليست .. معي !! "
همست لنفسها - كفى! إن كانت هذه نهايتي يا امي، فسأنظر في عيني الموت وأصرخ به! لن أموت كالجبناء -
أظلمت عيناه إثر ما قالته والهالة حوله بدأت تصبح أثقل على الأنفاس، لا يمكن لأي كائن حي تحملها
- بشرية خرقاء مثلكِ، تجرؤ! على نعت قلبي باللعنة؟ انتم حقاً تعبثون بخيوط قدركم منذ أن سلبتموه مني !
هذا يذكرني بجرأة ذاك اللعين..
رفع يده الأخرى أمام حدقتيها التي تهتز بخوف ما إن لمحت المخالب الحادة تعلو أصابعه فجأة وتنمو بلا توقف
ابتسم بخبث وهو يمرنهم كونه لم يستعمل مخالبه منذ زمن!
- إن كنت لن أحصل على قلبي منكِ ! سأكتفي بقلبكِ تعويضاً
اتسعت عينيها بصدمة " سيفعلها حقاً ؟! يقتلع قلبي وانا حية!!" قدميها لم تعد تطول الأرض وهي تؤرجحهم بالهواء!
أظافرها تنغرز في ذراعه دون أي تأثير يبديه جسده! ضاق كل شي بداخلها بسرعة؛ ارتفع بصرها نحو الأعلى وضعف عزم يديها
ضغط بإبهامه على منتصف سبابته المجاورة حتى صدر صوت طقطقة أصابع، انطلقت مخالبه بنية الاختراق والقبض على قلبها النابض
لكن! وقبل أن يلامس مخلبه زيها المدرسي ، توقف فجأة! وانقادت يده نحو عنقه بملامح غير قادرة على الاستيعاب
انفرج جفنيه بصدمة يشعر بالهواء اختفى تماماً من جوفه
افلتها لتسقط على الأرض وتشهق بينما تسعل بقوة في كل نفس تسحبه لرئتيها
لم ترفع نظرها إليه بل التفت تزحف على الأرض تود الابتعاد، الهدوء أثار تعجبها !
لا يوجد سوى صوت تنفسها العالي بالمكان، هل فعلاً تركها ولم يلحق بها ؟ أم اختفى مجدداً!
ثوانٍ فقط وحصلت على الجواب حينما سمعت صوت ارتطام قوي بالأرض، أدارت رأسها ببطء وتردد للخلف
فوجدته طريحاً بلا أي قوة ! مغشياً عليه وشعره مبعثر على وجهه؛ غير قادرة على معرفة إن كان صاحياً ينظر إليها أم مغمض العينين
يا للمعجزة! نقلت بصرها حولها بسرعة تحاول إيجاد طريقة كبح هذا الشيطان مستغلة ضعفه، إعادته للصندوق ؟
كيف ذلك وقد انفجر بابه لأشلاء ! نفضت الفكرة من رأسها تردد
" نجوتِ مرتين بإعجوبة يا جوميرا، لن تكون الثالثة مؤكدة ! "
توجهت ناحية الفتحة العليا في السقف، المخرج الوحيد من هذا القبو! ونظراً لارتفاعه جرت من احد الزوايا طاولة ذات صنم ضخم
ثم تسلقتهم صعوداً حتى خرجت مقطوعة الأنفاس لا تكاد تعيي يومها!
أغلقت باب القبو بقوة وثقلته بكل أثاث وقعت عينها عليه حتى لا يسعه الخروج لاحقاً، تُجنب العالم من شره
مشت خارجاً بينما تعرج قليلاً ويدها مستقرة على مرفقها الآخر تعين نفسها
تأمل ألا يصادف طريقها مخلوقاً غريباً آخر بينما تصل للمعلم المنشود !
~•~
هناك كانت الثرثرات تتزاحم حتى بين المعلمين وبعض القرويين من المكان، قهقهات المدير وهو يثني على جهود السكان
مجموعات الطلاب حيث كلن يغني على ليلاه
همست بصوت متحجرش بالكاد استطاعت إخراجه " النجدة "
لم يسمعها أحد إثر ضجتهم وانشغالات عقولهم ببعضها، لكن ما إن باشرت بالتقدم نحوهم حتى عم الصمت عند حضورها
وقد لملمت تركيز الجميع حولها عندما تعالت شهقات البعض منهم، فمظهرها لا يُبشر بخير
- جوميرا !
فتاة واحدة بين الجمع هي من لفظت اسمها، إنها ذاتها الطالبة التي صادفتها صباحاً عند محطة الحافلات
هرولت إليها تسأل بصدمة :
- ماذا حدث لكِ؟
تقدم طالب آخر بغية الفضول تاركاً أصحابه خلفه، بعثر نظره من حيث آتت، يتساءل إن كان المكان خطر!
سألها بنوع من القلق :
- أنتِ على ما يرام ؟!
هبطت على ركبتيها بذهن شارد جعل الجميع ينفضون من أماكنهم ويتجهون نحوها، وعلى رأسهم أساتذتها والمدير
قال المدير عاقداً حاجبيه: ماذا يحدث هنا؟!
رفعت نظرها المشوش ناحية المدير تنطق بتحذير:
" إنه في القبو .. المعبد، كـ كـان داخل صندوق.. حبيس.. حبيس صندوق.. قلب .. قلب .. يبتغي قلباً!"
انهت تمتماتها وهي تضغط على رأسها بكلتا يديها كمن شهد على مصيبة كارثية حلت على الأرض!
لم يكن أحد من الحاضرين يفهم كلمة مما قالتها، لكن الرعشة واضحة في صوتها وحركة عينيها وهي تبحث عن كلمات
تستطيع تجميعها لتشكل جملة طبيعية قد ينطقها البشر!
بدأ الطلاب يتهامسوا بعبارات
- هل كان هناك قبو في المعبد حقاً؟
- لم ألحظ ذلك!
- بلى أنا شككت بوجود شيء غريب في الأرضية
- هل حقاً هنالك من يختبئ أسفله ؟
عمت الفوضى والتساؤلات بين بعضهم بينما جوميرا كانت تلف بصرها للخلف
وحولها خشية من ان يكون هناك أي ظهور غريب من تلك الغرائب الشرسة
تدخلت المعلمة تردف بحيرة:- ألم يكن من المفترض ان تكوني معنا؟ مالذي جرفكِ بعيداً ؟!
انتفضت جوميرا عندما تذكرت ما حدث في الغابة ورفعت رأسها بانفعال تتمتم بصوت عالي دون إدراك
" أجل! ذئبان ضخمان ببنية إنسان استمرا بملاحقتي حتى اختبأت في القبو، هناك..
أشلاءهم مبعثرة ببركة من الدماء.. لقد قتلهم! وكان.. على وشك .. قتلي"
كان من الواضح بأنها أصيبت بحالة من الانهيار جعلت الفتاة قربها تتعاطف معها وتحاول تهدئتها
بينما تعابير وجوههم لم تكن ذات معنى واضح، إن كانوا يصدقون هذا أم لا !
بينما البعض الآخر انخطف لون وجهه باحتمال ماذا لو كان صحيحاً!
بدت في نظرهم كالمجنونة التي تحوم في الأرجاء تنذرهم بقدوم الهلاك عليهم
- هدوء !!
صاح بهم المدير فجأة مما أخرسهم جميعاً ولم يعد يُسمع صوت سوى للرياح مع حفيف الأشجار
- سيتجه الجميع برفقة المعلمة إلى مساكن القرية ريثما نتحقق من أمر ما قالته زميلتكم
تحركوا هيا! ولا أريد أي ضوضاء بشأن هذا
كان صارماً وغاضباً، بوجه يبدي امتعاضاً فكل شيء يقع على مسؤوليته ومسؤولية مدرسته! الأمور بالنسبة له على المحك
خروج طالبة واحدة من مجموعته دون انتباه منه سيعرضه لـ مسائلات كثيرة
ما إن تحرك الجميع ينفذ التعليمات حتى أدركت جوميرا الأمر- هل حقاً سيذهبون إليه؟ -
" هذا خطر ! "
- هذه المرة ابقي مع المجموعة.
ردها المدير مباشرةً بعد قولها بحيث لا مجال للنقاش وقد تخطاها أخذاً معه استاذها واثنين من القرويين
التفتت تراقب ظهورهم بصدمة يأخذون الطريق الذي أتت منه - لن أكون السبب في موتهم، صحيح ؟
لم يستمعوا إلي، ذلك خطأهم ! -
- هيا جوميرا، لنذهب..
لم يكن بوسعها تجاهل الأمر كما يفرض المنطق، فـثقل الذنب لا يطاق!
" لحظة! لا تذهبوا.. لن يدعكم تعودون "
حاولت النهوض خلفهم لكن قدميها خانتها، لا قوة لها للمزيد من الحركة! الرؤية أصبحت ضبابية ومموهة
حتى انطفأ كل شيء تدريجياً وانهارت طاقتها، آخر ما شعرت به هو النبض داخلها! كان صوته أعلى من أي صوت آخر حولها
-
زمجرة غاضبة صدرت في المكان جعلت الطيور تنفر من أغصانها وعشها، فلم يعد الآمان متاحاً هنا!
- مالذي حدث ؟!
استقام من وضعيته بعد أن وجد نفسه ممدداً على الأرض، يحاول فهم كيف وصل به الحال هكذا، آخر ما يتذكره هو وجه تلك الفتاة و..
ما إن تذكرها حتى تلفت حوله بسرعة، زفر بحدة عندما وجد الساحة خالية ما عداه
- أُفلتت مني أول ضحية، يا للمهانة! لكان من الرائع ترك رسالة تحذير من خلالها
ظن بأن ترك جثة هامدة مفقودة القلب سيبث الذعر في قلوب البشرية وتكون بمثابة رسالة واضحة مشبعة بالتهديد!
حتى وإن كانت حية تنشر الأخبار الآن فلن تكون بروعة السيناريو الذي كان في رأسه وصناعة لوحته الفنية
وهذا ما جعله غير راضي! منزعج من تفويت أول بشري يشهد صحوته!
نفض يديه وألقى نظرة ناحية جسده يتفقد طاقته وإن كان هناك خطب ما قد يضعفه!
او انه اصبح هشاً بعد السبات ولم يستعد طاقته بشكل كامل ! لفت نظره بنطاله وكم أصبح رثاً ومتآكل بهذا الشكل!
تقزز من الفكرة وهو يتفحص المكان الذي سُجن فيه وسط القذارة مخبأ جانباً كما لو انه آثاث قديم غارق في الغبار
فصلوا قلبه عنه وأقفلوا عليه داخل صندوق ثم أشعلوا المكان بالنار على نية أن يتحول هذا الجسد إلى رماد!
لكن هيهات، فإن ما تبقى من طاقته أثناء سباته لم يحمي جسده فحسب بل كان كفيلاً بحفظ آلسنة اللهب بعيداً عن الصندوق الخشبي الذي يحتويه
كان بإمكانه قراءة كل ذلك من آثار التاريخ التي تُركت في المكان وهو يخطو أول خطواته خارجاً بحرية!
متوجهاً نحو الغابة حيث كان يوماً ملكاً عليها!
إنها للعين البشرية ستبدو محض بقعة أرضية مليئة بالأشجار المتزاحمة!
لكن حقيقتها كانت عالم مستقل بحد ذاته، للعفاريت والشياطين، الاقزام والغيلان، والوحوش..
كلا المظهرين موجود ولا يفصل بينهما سوى شعرة! ومع ذلك فإن من النادر أن يتخطى بشري يوماً تلك الشعرة!
لم يفعلها سوى شخص واحد..
اشتدت ملامحه حدة عند تذكره ووقف عند اهم نقطة في ذاكرته!
- جون غالكيو!!
حرك نظره الحاد جانباً فجأة ناحية أحد الأشجار على يساره، كان هناك من يراقبه، مختبئ يرتجف، في حجر مظلم لجذع الشجرة
مد يده يختطف الكائن من ذيله والذي بدا كـ سنجاب مذعور! رفعه بينما يزفر باستهزاء :
- هه! مخلوقات الفالكري لا تتوقف عن التجسس
ظهر دخان خفيف ليتحول السنجاب إلى بنية فتى متوسط الطول وقد هبط راكعاً على الأرض أمامه
يلصق رأسه في الأرض بقوة بينما يصيح
- سعيدون بعودتك، سموك!!!
- واضح!
أردف العفريت بسخرية بينما يكتف ذراعيه أمام الخادم الذي يتردد في رفع رأسه! كما لو ان في فمه شيء يخشى بوحه
- هـ هل عدت من.. الموت؟
- مالذي تراه؟ أنا لم أمت اصلاً ايها الغبي..
- اعتذر سيادتك، سامحني! هذا ما أخبرنا به لوميان
جذب الأمر تركيزه، عقد حاجبيه بجدية تاركاً اسلوب السخرية الذي كان عليه
- مالذي أخبركم به؟ تحدث..
- الأمر ليس وكأنني صدقته لكن..
قاطعه بصرامه :
- قلت تحدث، أيها الفالكري
- قال ان البشر اقتلعوا قلبك ثم أحرقوا جثتك ولم يبقى لك أي آثر
لم يستطع كتم غيظ وسخطه، يشعر بالإهانة كون شائعة انتصار البشر عليه انتشرت على الملأ بسبب لسان لوميان اللعين
توعد له بأشد العذاب - اكتفى بأن يكون شاهداً إذاً! -
لم ينكر الأمر او يؤكده بل اكتفى يردف ببرود
- والآن؟ ماذا ترى !
- انت حي .. حي بالطبع! كان من الصعب تصديق ذلك لكن مر وقت طويل بالفعل
تجاهله وأكمل سيره يبعد أغصان الشجر المتشابكة التي تعيق طريقه بينما يقول
- لا تبالغ، كما لو اني غبت 5 سنوات..
- سيد ديموس
- لقد مرت مئتي سنة على ذلك
وقعت الجملة على مسامعه كالصاعقة! واندثرت الأغصان بين يديه كالرماد، هم بجذب الفتى من ثيابه بانفعال
- مالذي تقوله ؟!!
- عدت.. مئتي سنة.. على غيابك سيدي! لقد تغير كل شيء
- غالكيو ! جون غالكيو ماذا عنه ؟!!
- الراهب؟ قد تجد عظامه أصبحت فتاتاً الآن
- بئساً !!
صاح يلعن! ارتعد الفتى خوفاً وهو يرى الطاقة تعصف في يد ديموس قابضاً عليها بشدة، لكن لحسن حظه أفلته!
ووجه لكمته ناحية الشجرة تاركاً فيها تصدع يفلق جذعها نصفين، أحمرت عيناه مشتعلة بغضب
غريمه! مات وحده في سلام؟
- هل حظي في السلام حقاً ولن تطوله يدي؟! -
اللعنة!! إن كانوا يهلكون سريعاً وحدهم، فلما الغطرسة إذاً ؟ ما الخطة الآن ؟
كان ساخطاً وبقوة، لقد ظن بأن سباته لم يتعدى عشر سنوات بالكثير، لكن أن يكون بالمئات؟ مالذي جرى لقلبه طوال تلك المدة؟!
التفت بسرعة ناحية الفالكري مما جعل المسكين يستقيم بظهره فورياً
- خذني إلى لوميان!
....
في أعماق الغابة، يظهر قصر مهيب بهيئة رمادية قاتمة! وتماثيل الشياطين ذات الأنياب والقرون والأجنحة المسننة؛ تزين كل أعمدته وساحاته
لكان مظهره سيبدو مرعباً لولا الموسيقى الصاخبة التي تصدر من جوفه
في الداخل أمام الشاشة المعلقة على الجدار، يتحرك الشاب برشاقة يمين ويسار ثم يقفز، تتحرك أقدامه بسرعة على المجسمات المضيئه أسفله! يمارس لعبة الرقص بتقليده لحركات الفرقة في الشاشة والتزامه بتأدية الرموز التي تظهر، بينما يغني معهم بصخب !
سماعات ضخمة حمراء اللون على أذنيه تتناسب مع شعره الناري، كانت طاقته مشتعلة فعلاً!
كان يبدو مستمتعاً لولا أن الشاشة طارت من أمامه فجأة إثر الباب الذي انخلع من مكانه وأخذها معه صوب الجدار!!
رمش عدة مرات يحاول الاستيعاب وقد اختفى صوت الموسيقى للأبد، خلع سماعاته يرميها أرضاً بغضب!
التفت ناحية الباب - حيث من المفترض ان يكون موجود - ليجد فتى الفالكري مع ديموس؛ الذي أعاد ساقه إلى مكانها
بعد ان انتهى من ركلته، كان من الواضح بأنه المسبب ومخرب المتعة!
توقفت أنفاسه للحظات ما إن سقطت عينه على هيئة ديموس وتصلب جسده في مكانه، يتصبب عرقاً
ولا يدري إن كانت من الرياضة أم التوتر !
ابتلع ريقه ونقل بصره بصعوبة ناحية الفتى قصير القامة ليقول باستهزاء :
- حتى الفالكري حصلوا على الجرآة لإتخاذ هيئته! مزحة طريفة، لكنها لم تروقني ..
- لا، إنه السيد ديموس عاد حقاً!
نفى الفتى أفكار لوميان الملتوية، ليباشر ذاك الأخير بالقفز مبتهجاً والركض ناحية ديموس يحاول معانقته
لكن كـ عادة ديموس بارد الملامح الذي يحب دائماً الاحتفاظ بمساحته الخاصة، رفع قدمه يصد اندفاع لوميان ويركله بعيداً
سقط ذاك أرضاً بينما يفرك صدره بألم
- ما زلت متجهماً كما كنت
- هل لي أن أفهم، لما أراك هنا ؟
- أوه، مضى على ذلك فترة طويلة من الزمن ! انا الملك الآن ..
نهض ينفض يديه وهو يكمل كلامه بطريقة استعراضية مبهرجة
- انت تعلم .. في هذه الغابة، القوي يحكم الضعيف! شمسٌ تشرق وشمسٌ تغيب
التوى طرف ثغر ديموس حتى بانت اسنانه خلال ابتسامته ساخراً
- إذاً انتهى الحال بأن تكون أنت أقواهم!
- ماذا نفعل طالما هذا المكان مهجور ؟!
انهى لوميان كلامه وهو يصفع بكف يده على صدر ديموس محاولاً الرد على سخريته، لكن ربما لم يكن عليه فعل ذلك!
فهذه نقطة حساسة باتت لـ ديموس وقد لوى ذراع لوميان خلف ظهره، فصرخ الآخر عندما شعر بها تنكسر
ضم لوميان ذراعه محاولاً ان يشفيها بطاقته وهو يتمتم بألم
- حسناً، ما زلت تملك بعض القوة رغم ذلك
تجاهله ديموس وهو يتجه ناحية الكرسي الأحمر مزخرف الأطراف خاصاً بالملوك!
يرمي جسده عليه باسترخاء واضعاً ساق فوق الأخرى بغطرسة
لمح لوحاً إلكترونياً شفافاً، كان غريباً عليه حيث يرى شيء كهذا لأول مرة في حياته
يتحرك محتواه وينتقل إثر اللمس يعرض مشاهد متحركة كـ فيديوهات
أسرع لوميان يختطف اللوح منه خوفاً ان يتدمر من أصابعه الخشنة فينتهي بخسارته كما خسر شاشته
- لا يمكنني تخيل الحياة دون بشر، إنهم يصنعون الترفيه بشكل رائع!
- إذاً، انت في صف أولئك اللعناء؟
- انتبه لألفاظك ديموس، فأنا استضيف زائراً منهم بشكل أسبوعي! نقضي أوقات ممتعة للغاية ...
- أشك في ذلك!
تدخل فتى الفالكري يهمس قرب اذن ديموس يناوله الحقيقة
- إنه يختطفهم ويلعب بهم كالدمى
- هذا ما هو متوقع منه في النهاية
- لسانك أيها الفالكري !!
صاح لوميان به محذراً في غيظ، ثم غير الحوار متحدثاً بجدية
- إذاً، جئت إلي لتطالب بعودتك كـ ملك؟
- لنؤجل هذا الجزء لوقتٍ لاحق فـ هناك ما يشغلني أكثر
ضيق لوميان عينيه بتركيز مالذي قد يسرق أولويات العفريت غير اكتماله، وقد صدق تفكيره عندما سأله ذاك:
- لقد كنت شاهداً على تلك الليلة، صحيح؟
- أجل، كانت معركة صعبٌ نسيانها ولا يمكنني التصديق بأنك هنا أمامي الآنـ..
قاطعه ديموس بنفاذ صبر:- أين أخذوا القلب؟
- لو كنت أدري للـ تهمته وحصلت على قواك، لا تنظر لي هكذا.. أنا صريح! ما كنت لأدعه للبشر إنه إهدار للجوهر الثمين
- كيف لي أن أصدق ما تقوله ؟ فأنت كنت تكتفي بالمراقبة جانباً.. تراقب نهايتي! كما كنت تحسب
- شعرت بالذعر مما حدث ولذت بالفرار، لا يمكنك لومي فعندما أرى من هو أقوى مني قد نالوا منه! ماذا سيكون مصيري لو اقتربت ؟
زفر ديموس ساخطاً وبطريقة ما كان كلامه منطقياً وسهل التصديق، فـ اتخاذ الراهب لتلك الحيل كانت صدمة لهم جميعاً وغير متوقعة
- أين قد يكون ؟!
صمت لوميان يدلك ذقنه بتفكير، في الحقيقة كان هناك سؤالاً آخر يشغل باله ويثير فضوله
- أين كنت أنت ؟
- من دون قلبي كان سهلاً عليهم ختمي وإغراقي في سبات
- كنت طوال الوقت.. في مكان بين البشر ؟
- أجل تقريباً، في مكان عبادة
- وكيف استيقظت ؟
- بدافع الانتقام واسترداد قلبي، حصل ذلك
- هل هذا سبب كافي لإيقاظك ؟ لما لم تصحو طاقتك قبل 50 عاماً مثلاً!
- مالذي ترمي إليه ؟
- دع غرورك جانباً ظننتك أذكى من هذا! لم يستيقظ جسدك رغبةً منك وإنما طاقتك تعرضت لتحريض
- تحريض ؟
- أجل، كـ وجود سحر مشعوذ أو ... ان قلبك كان قريباً منك
عقد حاجبيه بتفكير عميق كما لو انه يتذكر شيئاً، ليطرح سؤالاً وسط شروده :
- ما نسبة أن يقوم أحد من البشر بإيقاظك ؟
- لا أعتقد بأن هذا ممكن، فلو كان كذلك لوجدتك مستيقظاً منذ زمن
بما أنك تقول بأنه كان مكاناً للعبادة فـ لم تنقطع أرجل الناس عنه
- شكراً لوميان
اكتفى ديموس بكلمة شكر سريعة ثم انتفض للتحرك يختفي ويتنقل آنياً مما يدل على عجلته
كما لو انه اصطاد طرف خيط لأمر ما ، ترك وراءه لوميان مع فتى الفالكري يتبادلون النظرات في حيرة
هبط فجأة في القبو حيث كان محتجزاً سابقاً، يحوم في المكان بتركيز عكس أول نظرة له
فـ عند صحوته كان مشوشاً ومصاب بالدوار وعدم الاتزان، إضافة إلى ان رغباته قد اعمته وكان منفعلاً ومنعدم التركيز!!
دماء وأشلاء مخلوقات مفترسة من عالمه، يمكنه الاستنتاج بأنهم كانوا يلاحقون فريسة! هل كانت تلك البشرية؟
إن كان ذلك صحيحاً، فكيف اقتحمت الشعرة بين عالمينا من تلقاء نفسها؟ حتى لمحتها الذئاب واستطاعت ملاحقتها إلى هنا
- إنها ليست بشرية عادية !
تمتم وهو يدلك عنقه متذكراً شعور الاختناق وسقوطه مغمياً عليه رغم كل قوته، إما انها ساحرة
- أو إنها الوارثة لقدرات الراهب جون! ربما تكون من سلالته .. !!
- سيد ديموس
استفاق ديموس من شروده منتفضاً لأن الصوت فاجئه ، كان فتى الفالكري قد لحقه بفضول واهتمام
- ما هو اسمك أيها الفالكري؟
- روبن سيدي
- هل تتعهد بالولاء لي يا روبن ؟
- أنا وشعبي في خدمتك منذ الأزل
- عظيم! هناك فتاة، أريدك أن تبحث عنها..
----
معلومات عن هذا الفصل
مخلوقات الفالكري: أضعف الكائنات في الترتيب الهرمي، لا تملك أي قوة للقتال او الدفاع
قدراتها التخفي وتغيير اشكالها، وهذا ما يجعل أفضل أعمالها التجسس لصالح الشخص الذي تخدمه
غالباً يأخذ مخلوق الفالكري شكلاً كروياً صغيراً، أزرق اللون ذو جناحين صغيرين ويطفو في الهواء طوال الوقت
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخباركم ي حلوين أخيراً طليت عليكم بالفصل الثاني
اووف ما كنت اتوقع ياخذ كل هالوقت مني، ما عندي تعليق عليه
ولا قادرة استوعبه كنت ناوية اضيف احداث كمان
بس لقيته صار قريب ال ٣٠٠٠ كلمة
انصدمت وقلت خلاص كفاية اكمل الباقي بالفصل التالي
اللي ما اتوقع يطول عليكم، اتبعت طريقة حلوة يستعملوها البعض
التدوين اليدوي جاب نتيجة اكتر مما كنت اتخيل
المهم اعطوني رأيكم، متحمسة اسمع
اشوفكم عن قريب ان شاءالله
في أمان الله
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت
استغفرك وأتوب إليك
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
*
[ الفصل الثاني ]
رائحة الدماء تفوح في الهواء المكتوم داخل هذا القبو ! ضرب الرعد بالسماء، وقد غطى بصوته الجهوري على صوت نبض قلبها!
فخالت بأنه توقف كما فعلت أنفاسها الشيء ذاته بينما تلك العيون الفضية تنظر إليها من بعيد
عيون تلمع كما تفعل خاصة القطط في الظلام! الدم يقطر من أصابعه سقوطاً على البركة الحمراء
تلعثم كلامها في حضوره، تحاول استيعاب ما قاله منذ قليل! هل الضوضاء التي حدثت سببت ضرراً لسمعها ؟
" قـ..قلبكــ ...!! "
لم يدعها تكمل تأتأتها الغير المفهومة وفي لمح البصر اختفى! لتراه يعاود الظهور أمام عينيها فجأة ! كما لو عاد من العدم
باغتها باندفاع فـ لم تشعر سوى بالجدار يندمج بظهرها بقوة دون أي فرصة للإدراك.. إنه سريع الحركة!
قبضته تحتل عنقها، نظره حاد وقاتم، كانت ترى في داخل عينيه رغبته بفصل رأسها عن مكانه، أشياء لا تُبشر بالخير!
- بشر مجدداً ! أشعر بالاشمئزاز
" مـ..ماذا تكون ؟ "
- أين أخفيتم قلبي؟!
" لـ لا.. أفـهـ"
كان من الصعب إكمال الجملة التي أرادت نطقها لأنه زاد بضغطه على عنقها، يُظهر لها بوضوح بأن ليس هذا الجواب الذي يبتغيه
تشعر كأن عنقها سينكسر ولا يمكنها زحزحة قبضته ! أجزمت بأنه لا يمكن أن يكون بشرياً
فكيف له بالتحرك إن كان قلبه مفقوداً كما يقول؟
-أنا أعطيكِ هنا فرصة للنجاة، لا تهدريها بغباء .. أعطني إياه فقط وسأرحمكِ
أخذت نفساً قوياً وهو يراقبها ظناً بأنها تحاول التقاط أنفاسها الأخيرة ! وستخبره..
لكنه وجدها تستعد لتصرخ به " أياً كانت اللعنة التي تريدها .. إنها.. ليست .. معي !! "
همست لنفسها - كفى! إن كانت هذه نهايتي يا امي، فسأنظر في عيني الموت وأصرخ به! لن أموت كالجبناء -
أظلمت عيناه إثر ما قالته والهالة حوله بدأت تصبح أثقل على الأنفاس، لا يمكن لأي كائن حي تحملها
- بشرية خرقاء مثلكِ، تجرؤ! على نعت قلبي باللعنة؟ انتم حقاً تعبثون بخيوط قدركم منذ أن سلبتموه مني !
هذا يذكرني بجرأة ذاك اللعين..
رفع يده الأخرى أمام حدقتيها التي تهتز بخوف ما إن لمحت المخالب الحادة تعلو أصابعه فجأة وتنمو بلا توقف
ابتسم بخبث وهو يمرنهم كونه لم يستعمل مخالبه منذ زمن!
- إن كنت لن أحصل على قلبي منكِ ! سأكتفي بقلبكِ تعويضاً
اتسعت عينيها بصدمة " سيفعلها حقاً ؟! يقتلع قلبي وانا حية!!" قدميها لم تعد تطول الأرض وهي تؤرجحهم بالهواء!
أظافرها تنغرز في ذراعه دون أي تأثير يبديه جسده! ضاق كل شي بداخلها بسرعة؛ ارتفع بصرها نحو الأعلى وضعف عزم يديها
ضغط بإبهامه على منتصف سبابته المجاورة حتى صدر صوت طقطقة أصابع، انطلقت مخالبه بنية الاختراق والقبض على قلبها النابض
لكن! وقبل أن يلامس مخلبه زيها المدرسي ، توقف فجأة! وانقادت يده نحو عنقه بملامح غير قادرة على الاستيعاب
انفرج جفنيه بصدمة يشعر بالهواء اختفى تماماً من جوفه
افلتها لتسقط على الأرض وتشهق بينما تسعل بقوة في كل نفس تسحبه لرئتيها
لم ترفع نظرها إليه بل التفت تزحف على الأرض تود الابتعاد، الهدوء أثار تعجبها !
لا يوجد سوى صوت تنفسها العالي بالمكان، هل فعلاً تركها ولم يلحق بها ؟ أم اختفى مجدداً!
ثوانٍ فقط وحصلت على الجواب حينما سمعت صوت ارتطام قوي بالأرض، أدارت رأسها ببطء وتردد للخلف
فوجدته طريحاً بلا أي قوة ! مغشياً عليه وشعره مبعثر على وجهه؛ غير قادرة على معرفة إن كان صاحياً ينظر إليها أم مغمض العينين
يا للمعجزة! نقلت بصرها حولها بسرعة تحاول إيجاد طريقة كبح هذا الشيطان مستغلة ضعفه، إعادته للصندوق ؟
كيف ذلك وقد انفجر بابه لأشلاء ! نفضت الفكرة من رأسها تردد
" نجوتِ مرتين بإعجوبة يا جوميرا، لن تكون الثالثة مؤكدة ! "
توجهت ناحية الفتحة العليا في السقف، المخرج الوحيد من هذا القبو! ونظراً لارتفاعه جرت من احد الزوايا طاولة ذات صنم ضخم
ثم تسلقتهم صعوداً حتى خرجت مقطوعة الأنفاس لا تكاد تعيي يومها!
أغلقت باب القبو بقوة وثقلته بكل أثاث وقعت عينها عليه حتى لا يسعه الخروج لاحقاً، تُجنب العالم من شره
مشت خارجاً بينما تعرج قليلاً ويدها مستقرة على مرفقها الآخر تعين نفسها
تأمل ألا يصادف طريقها مخلوقاً غريباً آخر بينما تصل للمعلم المنشود !
~•~
هناك كانت الثرثرات تتزاحم حتى بين المعلمين وبعض القرويين من المكان، قهقهات المدير وهو يثني على جهود السكان
مجموعات الطلاب حيث كلن يغني على ليلاه
همست بصوت متحجرش بالكاد استطاعت إخراجه " النجدة "
لم يسمعها أحد إثر ضجتهم وانشغالات عقولهم ببعضها، لكن ما إن باشرت بالتقدم نحوهم حتى عم الصمت عند حضورها
وقد لملمت تركيز الجميع حولها عندما تعالت شهقات البعض منهم، فمظهرها لا يُبشر بخير
- جوميرا !
فتاة واحدة بين الجمع هي من لفظت اسمها، إنها ذاتها الطالبة التي صادفتها صباحاً عند محطة الحافلات
هرولت إليها تسأل بصدمة :
- ماذا حدث لكِ؟
تقدم طالب آخر بغية الفضول تاركاً أصحابه خلفه، بعثر نظره من حيث آتت، يتساءل إن كان المكان خطر!
سألها بنوع من القلق :
- أنتِ على ما يرام ؟!
هبطت على ركبتيها بذهن شارد جعل الجميع ينفضون من أماكنهم ويتجهون نحوها، وعلى رأسهم أساتذتها والمدير
قال المدير عاقداً حاجبيه: ماذا يحدث هنا؟!
رفعت نظرها المشوش ناحية المدير تنطق بتحذير:
" إنه في القبو .. المعبد، كـ كـان داخل صندوق.. حبيس.. حبيس صندوق.. قلب .. قلب .. يبتغي قلباً!"
انهت تمتماتها وهي تضغط على رأسها بكلتا يديها كمن شهد على مصيبة كارثية حلت على الأرض!
لم يكن أحد من الحاضرين يفهم كلمة مما قالتها، لكن الرعشة واضحة في صوتها وحركة عينيها وهي تبحث عن كلمات
تستطيع تجميعها لتشكل جملة طبيعية قد ينطقها البشر!
بدأ الطلاب يتهامسوا بعبارات
- هل كان هناك قبو في المعبد حقاً؟
- لم ألحظ ذلك!
- بلى أنا شككت بوجود شيء غريب في الأرضية
- هل حقاً هنالك من يختبئ أسفله ؟
عمت الفوضى والتساؤلات بين بعضهم بينما جوميرا كانت تلف بصرها للخلف
وحولها خشية من ان يكون هناك أي ظهور غريب من تلك الغرائب الشرسة
تدخلت المعلمة تردف بحيرة:- ألم يكن من المفترض ان تكوني معنا؟ مالذي جرفكِ بعيداً ؟!
انتفضت جوميرا عندما تذكرت ما حدث في الغابة ورفعت رأسها بانفعال تتمتم بصوت عالي دون إدراك
" أجل! ذئبان ضخمان ببنية إنسان استمرا بملاحقتي حتى اختبأت في القبو، هناك..
أشلاءهم مبعثرة ببركة من الدماء.. لقد قتلهم! وكان.. على وشك .. قتلي"
كان من الواضح بأنها أصيبت بحالة من الانهيار جعلت الفتاة قربها تتعاطف معها وتحاول تهدئتها
بينما تعابير وجوههم لم تكن ذات معنى واضح، إن كانوا يصدقون هذا أم لا !
بينما البعض الآخر انخطف لون وجهه باحتمال ماذا لو كان صحيحاً!
بدت في نظرهم كالمجنونة التي تحوم في الأرجاء تنذرهم بقدوم الهلاك عليهم
- هدوء !!
صاح بهم المدير فجأة مما أخرسهم جميعاً ولم يعد يُسمع صوت سوى للرياح مع حفيف الأشجار
- سيتجه الجميع برفقة المعلمة إلى مساكن القرية ريثما نتحقق من أمر ما قالته زميلتكم
تحركوا هيا! ولا أريد أي ضوضاء بشأن هذا
كان صارماً وغاضباً، بوجه يبدي امتعاضاً فكل شيء يقع على مسؤوليته ومسؤولية مدرسته! الأمور بالنسبة له على المحك
خروج طالبة واحدة من مجموعته دون انتباه منه سيعرضه لـ مسائلات كثيرة
ما إن تحرك الجميع ينفذ التعليمات حتى أدركت جوميرا الأمر- هل حقاً سيذهبون إليه؟ -
" هذا خطر ! "
- هذه المرة ابقي مع المجموعة.
ردها المدير مباشرةً بعد قولها بحيث لا مجال للنقاش وقد تخطاها أخذاً معه استاذها واثنين من القرويين
التفتت تراقب ظهورهم بصدمة يأخذون الطريق الذي أتت منه - لن أكون السبب في موتهم، صحيح ؟
لم يستمعوا إلي، ذلك خطأهم ! -
- هيا جوميرا، لنذهب..
لم يكن بوسعها تجاهل الأمر كما يفرض المنطق، فـثقل الذنب لا يطاق!
" لحظة! لا تذهبوا.. لن يدعكم تعودون "
حاولت النهوض خلفهم لكن قدميها خانتها، لا قوة لها للمزيد من الحركة! الرؤية أصبحت ضبابية ومموهة
حتى انطفأ كل شيء تدريجياً وانهارت طاقتها، آخر ما شعرت به هو النبض داخلها! كان صوته أعلى من أي صوت آخر حولها
-
زمجرة غاضبة صدرت في المكان جعلت الطيور تنفر من أغصانها وعشها، فلم يعد الآمان متاحاً هنا!
- مالذي حدث ؟!
استقام من وضعيته بعد أن وجد نفسه ممدداً على الأرض، يحاول فهم كيف وصل به الحال هكذا، آخر ما يتذكره هو وجه تلك الفتاة و..
ما إن تذكرها حتى تلفت حوله بسرعة، زفر بحدة عندما وجد الساحة خالية ما عداه
- أُفلتت مني أول ضحية، يا للمهانة! لكان من الرائع ترك رسالة تحذير من خلالها
ظن بأن ترك جثة هامدة مفقودة القلب سيبث الذعر في قلوب البشرية وتكون بمثابة رسالة واضحة مشبعة بالتهديد!
حتى وإن كانت حية تنشر الأخبار الآن فلن تكون بروعة السيناريو الذي كان في رأسه وصناعة لوحته الفنية
وهذا ما جعله غير راضي! منزعج من تفويت أول بشري يشهد صحوته!
نفض يديه وألقى نظرة ناحية جسده يتفقد طاقته وإن كان هناك خطب ما قد يضعفه!
او انه اصبح هشاً بعد السبات ولم يستعد طاقته بشكل كامل ! لفت نظره بنطاله وكم أصبح رثاً ومتآكل بهذا الشكل!
تقزز من الفكرة وهو يتفحص المكان الذي سُجن فيه وسط القذارة مخبأ جانباً كما لو انه آثاث قديم غارق في الغبار
فصلوا قلبه عنه وأقفلوا عليه داخل صندوق ثم أشعلوا المكان بالنار على نية أن يتحول هذا الجسد إلى رماد!
لكن هيهات، فإن ما تبقى من طاقته أثناء سباته لم يحمي جسده فحسب بل كان كفيلاً بحفظ آلسنة اللهب بعيداً عن الصندوق الخشبي الذي يحتويه
كان بإمكانه قراءة كل ذلك من آثار التاريخ التي تُركت في المكان وهو يخطو أول خطواته خارجاً بحرية!
متوجهاً نحو الغابة حيث كان يوماً ملكاً عليها!
إنها للعين البشرية ستبدو محض بقعة أرضية مليئة بالأشجار المتزاحمة!
لكن حقيقتها كانت عالم مستقل بحد ذاته، للعفاريت والشياطين، الاقزام والغيلان، والوحوش..
كلا المظهرين موجود ولا يفصل بينهما سوى شعرة! ومع ذلك فإن من النادر أن يتخطى بشري يوماً تلك الشعرة!
لم يفعلها سوى شخص واحد..
اشتدت ملامحه حدة عند تذكره ووقف عند اهم نقطة في ذاكرته!
- جون غالكيو!!
حرك نظره الحاد جانباً فجأة ناحية أحد الأشجار على يساره، كان هناك من يراقبه، مختبئ يرتجف، في حجر مظلم لجذع الشجرة
مد يده يختطف الكائن من ذيله والذي بدا كـ سنجاب مذعور! رفعه بينما يزفر باستهزاء :
- هه! مخلوقات الفالكري لا تتوقف عن التجسس
ظهر دخان خفيف ليتحول السنجاب إلى بنية فتى متوسط الطول وقد هبط راكعاً على الأرض أمامه
يلصق رأسه في الأرض بقوة بينما يصيح
- سعيدون بعودتك، سموك!!!
- واضح!
أردف العفريت بسخرية بينما يكتف ذراعيه أمام الخادم الذي يتردد في رفع رأسه! كما لو ان في فمه شيء يخشى بوحه
- هـ هل عدت من.. الموت؟
- مالذي تراه؟ أنا لم أمت اصلاً ايها الغبي..
- اعتذر سيادتك، سامحني! هذا ما أخبرنا به لوميان
جذب الأمر تركيزه، عقد حاجبيه بجدية تاركاً اسلوب السخرية الذي كان عليه
- مالذي أخبركم به؟ تحدث..
- الأمر ليس وكأنني صدقته لكن..
قاطعه بصرامه :
- قلت تحدث، أيها الفالكري
- قال ان البشر اقتلعوا قلبك ثم أحرقوا جثتك ولم يبقى لك أي آثر
لم يستطع كتم غيظ وسخطه، يشعر بالإهانة كون شائعة انتصار البشر عليه انتشرت على الملأ بسبب لسان لوميان اللعين
توعد له بأشد العذاب - اكتفى بأن يكون شاهداً إذاً! -
لم ينكر الأمر او يؤكده بل اكتفى يردف ببرود
- والآن؟ ماذا ترى !
- انت حي .. حي بالطبع! كان من الصعب تصديق ذلك لكن مر وقت طويل بالفعل
تجاهله وأكمل سيره يبعد أغصان الشجر المتشابكة التي تعيق طريقه بينما يقول
- لا تبالغ، كما لو اني غبت 5 سنوات..
- سيد ديموس
- لقد مرت مئتي سنة على ذلك
وقعت الجملة على مسامعه كالصاعقة! واندثرت الأغصان بين يديه كالرماد، هم بجذب الفتى من ثيابه بانفعال
- مالذي تقوله ؟!!
- عدت.. مئتي سنة.. على غيابك سيدي! لقد تغير كل شيء
- غالكيو ! جون غالكيو ماذا عنه ؟!!
- الراهب؟ قد تجد عظامه أصبحت فتاتاً الآن
- بئساً !!
صاح يلعن! ارتعد الفتى خوفاً وهو يرى الطاقة تعصف في يد ديموس قابضاً عليها بشدة، لكن لحسن حظه أفلته!
ووجه لكمته ناحية الشجرة تاركاً فيها تصدع يفلق جذعها نصفين، أحمرت عيناه مشتعلة بغضب
غريمه! مات وحده في سلام؟
- هل حظي في السلام حقاً ولن تطوله يدي؟! -
اللعنة!! إن كانوا يهلكون سريعاً وحدهم، فلما الغطرسة إذاً ؟ ما الخطة الآن ؟
كان ساخطاً وبقوة، لقد ظن بأن سباته لم يتعدى عشر سنوات بالكثير، لكن أن يكون بالمئات؟ مالذي جرى لقلبه طوال تلك المدة؟!
التفت بسرعة ناحية الفالكري مما جعل المسكين يستقيم بظهره فورياً
- خذني إلى لوميان!
....
في أعماق الغابة، يظهر قصر مهيب بهيئة رمادية قاتمة! وتماثيل الشياطين ذات الأنياب والقرون والأجنحة المسننة؛ تزين كل أعمدته وساحاته
لكان مظهره سيبدو مرعباً لولا الموسيقى الصاخبة التي تصدر من جوفه
في الداخل أمام الشاشة المعلقة على الجدار، يتحرك الشاب برشاقة يمين ويسار ثم يقفز، تتحرك أقدامه بسرعة على المجسمات المضيئه أسفله! يمارس لعبة الرقص بتقليده لحركات الفرقة في الشاشة والتزامه بتأدية الرموز التي تظهر، بينما يغني معهم بصخب !
سماعات ضخمة حمراء اللون على أذنيه تتناسب مع شعره الناري، كانت طاقته مشتعلة فعلاً!
كان يبدو مستمتعاً لولا أن الشاشة طارت من أمامه فجأة إثر الباب الذي انخلع من مكانه وأخذها معه صوب الجدار!!
رمش عدة مرات يحاول الاستيعاب وقد اختفى صوت الموسيقى للأبد، خلع سماعاته يرميها أرضاً بغضب!
التفت ناحية الباب - حيث من المفترض ان يكون موجود - ليجد فتى الفالكري مع ديموس؛ الذي أعاد ساقه إلى مكانها
بعد ان انتهى من ركلته، كان من الواضح بأنه المسبب ومخرب المتعة!
توقفت أنفاسه للحظات ما إن سقطت عينه على هيئة ديموس وتصلب جسده في مكانه، يتصبب عرقاً
ولا يدري إن كانت من الرياضة أم التوتر !
ابتلع ريقه ونقل بصره بصعوبة ناحية الفتى قصير القامة ليقول باستهزاء :
- حتى الفالكري حصلوا على الجرآة لإتخاذ هيئته! مزحة طريفة، لكنها لم تروقني ..
- لا، إنه السيد ديموس عاد حقاً!
نفى الفتى أفكار لوميان الملتوية، ليباشر ذاك الأخير بالقفز مبتهجاً والركض ناحية ديموس يحاول معانقته
لكن كـ عادة ديموس بارد الملامح الذي يحب دائماً الاحتفاظ بمساحته الخاصة، رفع قدمه يصد اندفاع لوميان ويركله بعيداً
سقط ذاك أرضاً بينما يفرك صدره بألم
- ما زلت متجهماً كما كنت
- هل لي أن أفهم، لما أراك هنا ؟
- أوه، مضى على ذلك فترة طويلة من الزمن ! انا الملك الآن ..
نهض ينفض يديه وهو يكمل كلامه بطريقة استعراضية مبهرجة
- انت تعلم .. في هذه الغابة، القوي يحكم الضعيف! شمسٌ تشرق وشمسٌ تغيب
التوى طرف ثغر ديموس حتى بانت اسنانه خلال ابتسامته ساخراً
- إذاً انتهى الحال بأن تكون أنت أقواهم!
- ماذا نفعل طالما هذا المكان مهجور ؟!
انهى لوميان كلامه وهو يصفع بكف يده على صدر ديموس محاولاً الرد على سخريته، لكن ربما لم يكن عليه فعل ذلك!
فهذه نقطة حساسة باتت لـ ديموس وقد لوى ذراع لوميان خلف ظهره، فصرخ الآخر عندما شعر بها تنكسر
ضم لوميان ذراعه محاولاً ان يشفيها بطاقته وهو يتمتم بألم
- حسناً، ما زلت تملك بعض القوة رغم ذلك
تجاهله ديموس وهو يتجه ناحية الكرسي الأحمر مزخرف الأطراف خاصاً بالملوك!
يرمي جسده عليه باسترخاء واضعاً ساق فوق الأخرى بغطرسة
لمح لوحاً إلكترونياً شفافاً، كان غريباً عليه حيث يرى شيء كهذا لأول مرة في حياته
يتحرك محتواه وينتقل إثر اللمس يعرض مشاهد متحركة كـ فيديوهات
أسرع لوميان يختطف اللوح منه خوفاً ان يتدمر من أصابعه الخشنة فينتهي بخسارته كما خسر شاشته
- لا يمكنني تخيل الحياة دون بشر، إنهم يصنعون الترفيه بشكل رائع!
- إذاً، انت في صف أولئك اللعناء؟
- انتبه لألفاظك ديموس، فأنا استضيف زائراً منهم بشكل أسبوعي! نقضي أوقات ممتعة للغاية ...
- أشك في ذلك!
تدخل فتى الفالكري يهمس قرب اذن ديموس يناوله الحقيقة
- إنه يختطفهم ويلعب بهم كالدمى
- هذا ما هو متوقع منه في النهاية
- لسانك أيها الفالكري !!
صاح لوميان به محذراً في غيظ، ثم غير الحوار متحدثاً بجدية
- إذاً، جئت إلي لتطالب بعودتك كـ ملك؟
- لنؤجل هذا الجزء لوقتٍ لاحق فـ هناك ما يشغلني أكثر
ضيق لوميان عينيه بتركيز مالذي قد يسرق أولويات العفريت غير اكتماله، وقد صدق تفكيره عندما سأله ذاك:
- لقد كنت شاهداً على تلك الليلة، صحيح؟
- أجل، كانت معركة صعبٌ نسيانها ولا يمكنني التصديق بأنك هنا أمامي الآنـ..
قاطعه ديموس بنفاذ صبر:- أين أخذوا القلب؟
- لو كنت أدري للـ تهمته وحصلت على قواك، لا تنظر لي هكذا.. أنا صريح! ما كنت لأدعه للبشر إنه إهدار للجوهر الثمين
- كيف لي أن أصدق ما تقوله ؟ فأنت كنت تكتفي بالمراقبة جانباً.. تراقب نهايتي! كما كنت تحسب
- شعرت بالذعر مما حدث ولذت بالفرار، لا يمكنك لومي فعندما أرى من هو أقوى مني قد نالوا منه! ماذا سيكون مصيري لو اقتربت ؟
زفر ديموس ساخطاً وبطريقة ما كان كلامه منطقياً وسهل التصديق، فـ اتخاذ الراهب لتلك الحيل كانت صدمة لهم جميعاً وغير متوقعة
- أين قد يكون ؟!
صمت لوميان يدلك ذقنه بتفكير، في الحقيقة كان هناك سؤالاً آخر يشغل باله ويثير فضوله
- أين كنت أنت ؟
- من دون قلبي كان سهلاً عليهم ختمي وإغراقي في سبات
- كنت طوال الوقت.. في مكان بين البشر ؟
- أجل تقريباً، في مكان عبادة
- وكيف استيقظت ؟
- بدافع الانتقام واسترداد قلبي، حصل ذلك
- هل هذا سبب كافي لإيقاظك ؟ لما لم تصحو طاقتك قبل 50 عاماً مثلاً!
- مالذي ترمي إليه ؟
- دع غرورك جانباً ظننتك أذكى من هذا! لم يستيقظ جسدك رغبةً منك وإنما طاقتك تعرضت لتحريض
- تحريض ؟
- أجل، كـ وجود سحر مشعوذ أو ... ان قلبك كان قريباً منك
عقد حاجبيه بتفكير عميق كما لو انه يتذكر شيئاً، ليطرح سؤالاً وسط شروده :
- ما نسبة أن يقوم أحد من البشر بإيقاظك ؟
- لا أعتقد بأن هذا ممكن، فلو كان كذلك لوجدتك مستيقظاً منذ زمن
بما أنك تقول بأنه كان مكاناً للعبادة فـ لم تنقطع أرجل الناس عنه
- شكراً لوميان
اكتفى ديموس بكلمة شكر سريعة ثم انتفض للتحرك يختفي ويتنقل آنياً مما يدل على عجلته
كما لو انه اصطاد طرف خيط لأمر ما ، ترك وراءه لوميان مع فتى الفالكري يتبادلون النظرات في حيرة
هبط فجأة في القبو حيث كان محتجزاً سابقاً، يحوم في المكان بتركيز عكس أول نظرة له
فـ عند صحوته كان مشوشاً ومصاب بالدوار وعدم الاتزان، إضافة إلى ان رغباته قد اعمته وكان منفعلاً ومنعدم التركيز!!
دماء وأشلاء مخلوقات مفترسة من عالمه، يمكنه الاستنتاج بأنهم كانوا يلاحقون فريسة! هل كانت تلك البشرية؟
إن كان ذلك صحيحاً، فكيف اقتحمت الشعرة بين عالمينا من تلقاء نفسها؟ حتى لمحتها الذئاب واستطاعت ملاحقتها إلى هنا
- إنها ليست بشرية عادية !
تمتم وهو يدلك عنقه متذكراً شعور الاختناق وسقوطه مغمياً عليه رغم كل قوته، إما انها ساحرة
- أو إنها الوارثة لقدرات الراهب جون! ربما تكون من سلالته .. !!
- سيد ديموس
استفاق ديموس من شروده منتفضاً لأن الصوت فاجئه ، كان فتى الفالكري قد لحقه بفضول واهتمام
- ما هو اسمك أيها الفالكري؟
- روبن سيدي
- هل تتعهد بالولاء لي يا روبن ؟
- أنا وشعبي في خدمتك منذ الأزل
- عظيم! هناك فتاة، أريدك أن تبحث عنها..
----
معلومات عن هذا الفصل
مخلوقات الفالكري: أضعف الكائنات في الترتيب الهرمي، لا تملك أي قوة للقتال او الدفاع
قدراتها التخفي وتغيير اشكالها، وهذا ما يجعل أفضل أعمالها التجسس لصالح الشخص الذي تخدمه
غالباً يأخذ مخلوق الفالكري شكلاً كروياً صغيراً، أزرق اللون ذو جناحين صغيرين ويطفو في الهواء طوال الوقت
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخباركم ي حلوين أخيراً طليت عليكم بالفصل الثاني
اووف ما كنت اتوقع ياخذ كل هالوقت مني، ما عندي تعليق عليه
ولا قادرة استوعبه كنت ناوية اضيف احداث كمان
بس لقيته صار قريب ال ٣٠٠٠ كلمة
انصدمت وقلت خلاص كفاية اكمل الباقي بالفصل التالي
اللي ما اتوقع يطول عليكم، اتبعت طريقة حلوة يستعملوها البعض
التدوين اليدوي جاب نتيجة اكتر مما كنت اتخيل
المهم اعطوني رأيكم، متحمسة اسمع
اشوفكم عن قريب ان شاءالله
في أمان الله
التعديل الأخير بواسطة المشرف: