حِينَ تَخـتفِي الألْوَان (2 زائر)


إنضم
21 مايو 2023
رقم العضوية
13600
المشاركات
1,875
مستوى التفاعل
1,821
النقاط
167
أوسمتــي
3
توناتي
1,871
الجنس
أنثى
LV
0
 

حين تختفي الألوان

حين تختفي الألوان، لا يغادر الجمال فقط، بل يغادر الإحساس.


يغدو العالم صامتاً، كما لو أن شيئاً في الروح انكسر.


تتشابه الوجوه، تتساوى الطرق، وتتوارى التفاصيل.


تصبح الحياة لوحة مغبرة، لا تجذب النظر، ولا توقظ الذكرى.


الحزن لا يطرق الباب، بل يتسلل مع اختفاء الضوء.


يمرّ من بين ظلٍّ وظلّ، حتى يسكن في عيوننا.


لم يعد الأزرق سماء، صار غرقاً.


ولم يعد الأخضر نضارة، بل خريفاً مكرراً.


كل لونٍ كان وعداً، أصبح ذاكرة موجعة.


كأن الحياة انسحبت من تفاصيلها، وتركتنا وحدنا.


حتى ضوء الصباح، حين يخلو من دفء اللون، لا يوقظ شيئاً.


والضحك حين يخلو من اللمعان، يبدو مجهوداً متكلّفاً.


لا أحد يرى حزنك حين يبهت، لأن العالم لا يفهم الأبيض والأسود.


والرماد لا يبوح بما كان ناراً.


إنها الوحشة... لا تأتي من الغياب فقط، بل من البهتان.


حين لا يعود الشيء كما كان، ولا أنت كما كنت.


الأصوات تُصبح بعيدة، حتى لو كانت قريبة.


والأنفاس ثقيلة، حتى لو لم تبكِ.


كيف تشرح أن كل شيء باقٍ، لكن لا شيء حاضر؟


هذا هو الحزن: لا صراخ له، بل صدى.


نبتعد عن الزهري لأنه يذكرنا بحنانٍ افتقدناه.


نكره الأصفر لأنه كان ضحكة من نحب، ثم رحل.

نغضب من الأخضر لأنه لا يواسي، فقط يذكّر.


نحسد السماء، كيف لا تنطفئ؟


كل لون يحمل خيانة، أو وداعاً، أو نسياناً.


تختبئ الروح في الظل، لا هرباً من الناس، بل من الذكرى.


ومن هناك، من قاع الرمادي، نصبح غرباء في أجسادنا.


الحزن ليس دمعة، بل انطفاء النظر.


ليس ضعفاً، بل صمتاً أمام اختفاء اللون.


كل شيء جميل... لكنه بلا طعم.


لكن شيئاً ما... يبدأ يتغيّر.


لا فجأة، بل على مهلٍ كالفجر.


نقطة صغيرة من لونٍ تنبت في الصدر.


ربما كلمة، ربما صوت، ربما نظرة إلى السماء الهادئة في الليل.


وربما لا شيء... فقط تعبنا من البهتان.


نبدأ بالتقاط اللون، لا كما كان، بل كما نحتاجه.


نرى في الرمادي لمعة أمل.


وفي الأبيض صفحة جديدة.


نرى في ظل الشجر ما يشبه العناق.

نسمع في الريح همس عودة.


نستعيد أول لون ضاع منّا.


أول دفء لم نفهمه حين عبر.


نرى في المرآة وجهاً لا يزال يقاوم.

لا يزال يريد الحياة، يريد أن يُحبّ.


لا نطلب عودة كل الألوان، فقط بعضها.


يكفي أن يعود لون واحد، لينفتح الباب.


الأزرق يعود، على استحياء.


يعود أخضر صغير على شرفةٍ متعبة.


يعود لون الكتب، لون الشعر، لون الذاكرة الحلوة.


وتعود معها النبضات... أهدأ، لكنها حقيقية.


نغفر للألوان أنها غابت، لأننا نحن أيضًا غبنا.


نغفر للشمس لأنها لم تدفئنا، لأننا أغلقنا النوافذ.


نُخرج من داخلنا تلك الطفولة التي لم تمت.


نزرعها في أشياء نحبها، في الأماكن القديمة، في الضحكات المؤجلة.


لا نعود كما كنا، بل نصبح أنقى، أصفى.


كل حزنٍ عميق، يفسح الطريق لنور عميق.


كل اختفاء لون، يعلّمنا قيمة حضوره.


نُحبّ الألوان لا لأنها جميلة، بل لأنها عادت بعد غياب.


ونُحبّ أنفسنا لأننا صمدنا في الغياب.


لأننا اخترعنا من الرماد حياة.


صرنا نرى جمالاً في كل عودة.


في لون فنجان القهوة، في ظل زهرة برية.


في صفحة كتاب، في يدٍ تمتدّ بلا سؤال.


صار الحزن درساً، لا سجنًا.


صار الفقد مساحة فارغة نملؤها بحب جديد.


وحين نضحك الآن، لا نفعل ذلك هرباً... بل شكراً.


شكراً لأن الألوان عادت، ببطء، لكن بثبات.


شكراّ لأننا لم نفقد قدرتنا على الرؤية.


شكراً لأن الروح، وإن ذبلت، تعرف طريق الربيع.

وحين تعود الألوان... نعرف أخيراً ..


معنى أن نكون أحياء.


 
التعديل الأخير:

إنضم
21 مايو 2023
رقم العضوية
13600
المشاركات
1,875
مستوى التفاعل
1,821
النقاط
167
أوسمتــي
3
توناتي
1,871
الجنس
أنثى
LV
0
 
انتهىستلتل2

--
من زمان كنت ناوية نزل هاد الموضوع .. انا مبتدئة بالخواطر بس سعيدة لأني كتبت ما يقارب 70 سطر 😂

اي المهم .. جملة حين تختفي الألوان كنت بدي اعملها عنوان لموضوع .. بس لقيتها مناسبة كخواطر أكتر.

هاد الموضوع كان المفروض ينزل بشهر 4 ما علينا المهم نزل ه1

بشوفكم بمواضيع تانية 🌸
 
التعديل الأخير:

المتواجدون في هذا الموضوع

أعلى أسفل