[TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1483551861481.png"]
[/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1483551861542.jpg"]
كم مرة علينا أن نمضي قُدماً , و نتجاهل النظر إلى الخلف .. كم مرة يجب أن ننسى
كل ما يؤلمنا لأجل قطف تلك السعادات المؤقتة التي تتطاير حولنا ..ليست سعادة كافية
لكنها مخدر مؤقت ..!
في ذلك الصف الدراسي مكثت سارة دون مغادرة مقعدها منذ الصباح تتنهد بين حين وآخر
و كأن أمراً ما يؤرقها كثيراً لا تنفك عن التفكير فيه أبداً ..
كانت تيلا تحدثها لكن دون جدوى , فيبدو أن ساره لا تسمعها على الإطلاق ..
"إنها فترة الاستراحة يا فتيات "..
جاء صوت ريك وكأنه يطلب منهما النهوض كان بصحبة أران ...
تنهدت تيلا بملل " تلك البلهاء لا تجيبني منذ الصباح .. "
قطب أران حاجبيه متقدماً نحو سارة .. انحنى بالقرب منها " هل أنتِ بخير ..؟ "
نظرت إليه و عيناها فارغتان تماماً من أي تعبير..
امسك بيدها و صحبها جراً للخارج..
" اران توقف .. أران .. اترك يدي .. .. "
لكنه لم يكن يستمع لصراخها واصل صعود الدرجات حتى أصبح في السطح أخيراً..
افلت يدها !
" والآن , أنتِ على هذا الحال منذ فترة لماذا ؟ هل حدث شيء ! "
اخفت خصلات شعرها عيناها .. " قد لا يسرك ما سأخبرك ! "
" لا بأس أفضل المعرفة على الجهل " ..
..
" أنا قلقة بشأن جين .."
أخفى أران انزعاجه عندما ذكرت اسم جين و طلب منها المتابعة ..
" أستطيع أن أشعر بانزعاجك , لكن لا أستطيع التوقف عن التفكير فيه.."
ساد الصمت المكان .. لكن عينا أران ما زالت ترغب في أن تتابع ساره كلامها..
" هل يهمك أمره كثيراً ..؟"
"ليس كما تظن ..لكن .. أتوقع أنه في مأزق ! "
تنفس أران الصعداء .. " هذا فقط ؟ "
" أران لا أعلم ماذا ظننت لكن تأكد أنك أسئت بظنك ! "
ابتعد أران عنها خطوتين ..فكر قليلاً " لم أفهم ! "
" يحتاج للمساعدة , لكنه لم يطلب ذلك هو فقط
منعزل دائماَ هذه الأيام , كما أنه ترك وظيفته المسائية و ... "
نفذ صبر أران متسائلاً بحده " ولماذا أنتِ الشخص الذي يجب أن يساعده
لماذا ليس مارك مثلاً .."
صاحت به مدينة نفسها " لأنني السبب في ما حدث له , أنا المخطئة "
أمسك بيدها من جديد و صحبها إلى الظل جلسا هناك مسندان ظهرهما إلى الحائط ..
قال بصوت هادئ " أنا استمع الآن .. "
...
لم تحتج سارة إلى الكثير من الوقت لتتذكر تفاصيل تلك الليلة فقد كان المشهد يعيد
نفسه في ذاكرتها آلاف المرات مرة تلو الأخرى و هي تشعر بالذنب في كل مرة
" في تلك الليلة عند مغادرة جين بعد تناول طعام العشاء معنا.. وصل مارك برفقة
زميلته في العمل .. عند تلك اللحظة فقط شعرت أن الكون انقلب رأساً على عقب أمام
ناظري ..للمرة الأولى التي أرى فيها زميلة مارك صاحبة تلك الملامح الأوربية ,
كانت الدهشة تعلو وجهها الشاحب حتى أنني استطعت تمييز عيناها الزرقاوان من شدة
دهشتها اقتربت بخطوات سريعة حتى وقفت أمام جين , انتزعت نظارته و صففت شعره
بطريقة ما.. ثم مسحت بيدها على خده مبتسمة " أنت... يوجين حقاً " قالت ذلك ثم فجأة
ألقت نظرة في اتجاهي لم أفهم تلك النظرة القاتمة , تراجعت للوراء ثم انصرفت راكضة
مغادرة المكان.. لكن جين لم يتركها بل انطلق خلفها " رين !!!! توقفـي !" .. أمسك
مارك يد جين بقبضة قوية و كأن الشرر يتطاير من عينيه " لا تلحق بها أيها الوغد ! "
دارت في عقلي مئات الأسئلة و قلبي تعصف به مئات المشاعر ..لكن أكثرها صدمة
متى أصبح أخي و جين أعداءً ؟! ..استطعت أن أقرأ المفاجأة والألم على وجه جين ..
لم ألتقيه منذ ذلك اليوم .. ولم يتحدث مارك بشأن ما حدث , أنا أكاد أجن بالفعل ! "
...
حركت نسمة هواء خصلاته الشقراء , كان مبتسماً رغم القصة التي روتها سارة للتو ..
" حسناً لو كنت حاضراً هناك لكنت علمت على الفور أن أخاك يحذر جين من الاقتراب
من زميلته , و بما أن جين على ما اعتقد يعرفها سلفاً وليست مجرد معرفه فقد أثار
ذلك غضب مارك .. ألا تظنين ذلك ؟ "
تنفست سارة الصعداء وكأنها وضعت حملاً ثقيلاً عنها ..
" أنت تفسر هذا بطريقة عشوائية ..لم يخبرني مارك أنه معجب بإحداهن ..
إنه يخبرني كل شيء تقريباً ..لذلك لا تذهب بأفكارك بعيداً .."
وقف أران الآن ماداً يده الى ساره لتنهض هي الأخرى ..
" ربما لم يكن قادراً على الاعتراف بذلك .. الاعتراف شيء معقد وصعب
..أكثر مما تظنين ! "
....
أفاق جين من غفوته القصيرة , أدرك أنه لا يزال بداخل سيارته ...
أخرج علبة صغيرة كانت بجانبه طيلة الوقت , فتحها وتأمل ذلك المفتاح الفضي الصغير..
كان لمعانه ينعكس على عينيه الصافيتين ..
" أنت هنا بأمان .." أعاده إلى مكانه .. وأسند رأسه الى المقود ..
" يجب أن ألتقي أليكس "
...
في ذلك القصر الشاسع المساحة في أحد أفخم أحياء العاصمة فُتحت بواباته المذهبة ..
لتلك السيارة الفاخرة , و مضت خلال تلك الطريق التي رصفت بأجود أنواع الرخام
و اصطفت تلك الحدائق الغناء على أطرافها .. وهناك تلك الأحواض المائية المنتشرة
في كامل الساحة الخارجية .. توقفت السيارة وفتح كبير الخدم الباب لتنزل تلك السيدة
التي بانت عليها ملامح الثراء الفاحش , نظرت بازدراء الى صف الخدم الذي وقف
لاستقبالها ..أعطت حقيبتها إحدى الوصيفات و مشت بغرور الى الداخل ..
هناك في باحة المدخل التي كستها أشعة الشمس الصافية من القبة العلوية الزجاجية
ذات الألوان الزاهية .. انحنى أليكس احتراماً مستقبلاً للسيدة فانري التي أصبحت
المسؤولة الأولى عن عائلة مانكالف النبيلة ..
قالت بتعجرف و هي ترفع ذقن أليكس بإصبعها..
" استقبلني في الخارج في المرة القادمة..! "
انحنى أليكس من جديد " أعتذر منكِ سيدتي .."
تقدمت للأمام عند تلك الدرجات التي اصطفت في البهو بشكل مائل الى الطابق الأعلى,
و هي تخلع قفازاتها البيضاء ..لم تبرز عروق يدها كفاية لتظهر سنها الأربعينية ..
قالت بصوت آمر " أحضر تقريرك .."
رمقها أليكس بنظرات باردة " أمرك سيدتي .."
....
دخل مارك غرفة سارة ملقياً بثقلة على ذلك الكرسي المتحرك خلف مكتبها الدراسي..
أغمض عينيه وبدأ يحرك الكرسي يميناً ويساراً وكأنه يحاول الدخول لحالة ألفا تلك
التي تتوسط وضع المرء بين اليقظة و النوم .. يحاول تذكر تلك اللحظة التي رأى
جين فيها .. وجهه مألوف جداً , أين رأيته من قبل .. !
غاص في أفكاره أكثر .. وصل بها الى الوقت الذي كان فيه طالباً في المرحلة الثانوية
عندما دخل المنزل ليسمع خبر مقتل والده من رجال الشرطة المتواجدين هناك لأخبار
والدته بالأمر وللتحقيق في الأمر ..لكن أغلقت القضية بعد سنة والقاتل مجهول ..!
فتح عينيه في ذات اللحظة التي دخلت سارة فيها الى الغرفة , وقف منطلقاً إلى غرفته
مما دفع ساره للحاق به .." هل يتجاهلني ! "
وجدته هناك يبحث في تلك الصحف المكومة على الرف , حتى وقعت بين يديه
صحيفة ..كانت نفسها التي أحضرتها سارة معها في أحد الأيام .. !
اتسعت عيناه عندما نظر إلى تلك الصورة , إنه الشخص نفسه.. قبض الصحيفة بغضب
"جين .. أيها الـ... " ..
تقدمت سارة و رأته يحدق بتلك الصحيفة من جديد "ماذا تفعل ! "
نظر إلى سارة .. " أنا لا احتمل رؤية المجرمين .."
أدركت سارة سريعاً أن تلك الصورة لجين .. لكنها لم تستطع منع اندفاع أخاها
الذي انطلق الى منزل جين من فوره ..
....
كان الباب مغلقاً ولا يبدو أن أحداً في الداخل ..وقفت سارة خلف مارك وكانت تتمنى من
أعماق قلبها أن لا يكون جين في الداخل , لم تكن على استعداد أن تقف بين بالغين
يتعاركان.. لكنها لم تبلغ أمنيتها حتى فُتح الباب .. اقتحم مارك المنزل دافعاً الباب
مما جعل جين يبتعد متفاجأ .. لحقت ساره بهما الى الداخل ..و القلق واضحاً على
ملامح وجهها .. همست " مارك ...."
ابتسم جين لهما حتى بانت تلك التجاعيد القصيرة عند عينيه .. "أهلاً بكما .."
لم يكن صعباً أن ترى سارة هالة التعب المحيطة بجين وجهه ذابل رغم تلك الابتسامة
اللطيفة ..
نظر مارك باتجاه جين .. و كأنه في دور المحقق الذي يقر أمراً ما ..
" منذ البداية , كانت هيئتك تدل على الطبقة التي تنتمي لها,
الآن اختفت بعضاً من تلك المظاهر السيارة , و ملابسك الفاخرة التي جئت ترتديها..
لماذا تحاول التخفي بيننا هنا , لم أفكر بهذا من قبل لكن عندما نظرت عن كثب ..
جميع الخيوط تقودني دائماً إلى كونك مجرم هارب .."
رفع مارك الصحيفة على صفحة تلك الجريمة التي أودت بحياة ثري و ابنه متهم بذلك..
صعق جين من ترتيب مارك للأحداث بتلك الطريقة ..لكنه دافع عن نفسه
" كلا ! أنتظر هناك سوء فهم ..! "
صرخ به مارك الآن بعد أن كان ملتزماً الهدوء حتى اللحظة ..
" أنت هو ذلك الابن ,, الابن المجرم!!"
كانت ساره تراقبهما بصمت غير مصدقة ما يجري أمامها ..
تقدم مارك حتى اصبح أمام جين ألقى بتلك الصحيفة عند أقدامه ..
ثم تكلم بحسرة .. " لكن ما يؤلمني أكثر أنك الشخص نفسه ..
الذي جعل كاثرين تعاني طول تلك الفترة , لتنظر الى وجه قاتل مثلك "
في لحظة مفاجئة انقض مارك على جين صاباً جام غضبه في قبضتاه ..
حاول جين أن يبعد تلك القبضة التي تمنعه من التقاط أنفاسه !!
لكن مارك في الموقف الاقوى.. أما سارة فوجدت نفسها لا تستطيع الحراك , لم ترى مارك
هكذا من قبل , هل تقف صامته أم تحاول تخليص جين من قبضة أخيها ..!
صرخ مارك مجدداً " عليك أن تعترف بذلك و تسليم نفسك للشرطة حالاً"
كان جين يحاول تخليص نفسه لكن يداه المرهقتان لم تقويان على ذلك ..
حاول التحدث لكن كلماته خرجت متكسرة كون مارك يضغط على حنجرته بشده ..
"مـ.. .مار.. ك... هذا ..لـ ..ليس .. صحيـ..حاً .."
" توقف !!!!!!!!! "
استطاع صوتها ان يخرج أخيرا ..!
نبضت كلمة سارة في عقل مارك ترك جين بعدها و راح ينظر إلى يداه ..
غير مصدقاً ماذا دهاه ..
أما جين فقد سقط أرضاً جاثياً على ركبتيه و أخذ يسعل بشدة محاولاً التقاط أنفاسه بصعوبة..
...
في تلك الغرفة الفاخرة ..وقف ليون عند الشرفة المطلة على حديقة قصر المانكالف ..
يا لها من إطلالة تشعرك بانتعاش غريب .. أصوات الغابة مغلفة بمظهر الثراء..
أخرج يداه من جيبا بنطاله ممسكاً بتلك الورقة الصغيرة ..
وعقله يتساءل " أين أنت يوجين ؟! "
قاطع أفكاره طرقات الباب الخفيفة .. دخل بعدها كبير الخدم ..
" المعذرة , سيد ليون .. السيدة فانري تطلب رؤيتك .."
طبق الورقة بين اصبعيه وأرسلها إلى أعماق جيبه في حركة سريعة
" أخبرتك أن تناديني ليون فقط .. "
ثم مضى الى المكتبة الكبيرة التي وضعت في ركن القصر ..
كانت مميزه جداً وراقية جداً , حيث احتوت على كتب و لوحات فنية نادرة و فريدة ..
إنها أشبه بمتحف مصغر داخل القصـر ..
طرق الباب و دخل مباشرة .. كانت فانري تقف هناك تمسك ملفاً بين يديها
بالقرب من النافذة المستطيلة جعل من الصعوبة رؤية ملامحها فالشمس تعكس ظلها..
" أهلا عزيزي ليون .."
أشاح ليون بنظره عنها متأففاً في نفسه " نعم أيتها العجوز الشمطاء .."
تركت ما بيدها على أحد الطاولات الرخامية متوجهة نحو ليون ..
أمسكت بيده ملاطفة لها .. " تفضل بالجلوس .."
لكن الرد جاءها سريعاً " كنت مغادراً لذلك أخبريني بما أردتِ على الفور.."
حاولت كبح ملامح خيبتها فجلست على تلك الأريكة متكئة بيدها ..
" أوه , عزيزي ما من داعٍ إلى كل هذا الجفاء .. أردت أن أسألك عن يوجين"
لم يبادلها ليون النظرات أبداً وكان يكلمها دون النظر إليها ..
" ماذا بشأنه ؟ ! "
"ألم يتواصل معك مؤخراً .."
" لم يفعل.."
همهم في نفسه و كأنه يشتم تلك المرأة في نفسه ..
" هل قلت شيئاً ..؟ "
توجه مغادراً .. "كلاً عليّ الذهاب "
قطبت فانري حاجبيها غير راضية عن هذا اللقاء فأخذت أفكارها السيئة تحاك من جديد..
....
كان جين يجلس ممسكاً كأس الماء بين يديه ويحدق فيه ..
بينما وقف مارك عاقداً يديه على صدره ونظراته غير سارة باتجاه جين ..
سارة التي جلست بالقرب من جين كان القلق يصف ملامحها ..
أرادت أن تسأل الكثير من الأسئلة لكنها فضلت أن تستمع لما سيقوله
جين الذي بدا كمن يرتب أفكاره ليقرر الاعتراف بشيء خطير ..!
[/TBL][TBL="http://www.anime-tooon.com/up/uploads/toon1483551861583.jpg"]