[TBL=https://assets.tpo.com/attachments/store/b543cfbf831f845f6d8021b218182abad0e6eac04b64919a328c765ec67b/Spoopy.gif ]
[/TBL][TBL=https://www.mexatk.com/wp-content/uploads/2016/08/%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%AE%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A9-HD-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D9%88%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%85%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-3-450x281.jpg ]
أجراس المدرسة تدق بقوة معلنة عن انتهاء الحصة الأخيرة لهذا اليوم،
ضوضاء الطلاب و هم يجمعون حاجياتهم في عجل وغبطة امتزجت مع كلامهم الخافت نوعا ما و بعض الضحكات العالية،
لا يلبثون أن يهرعوا خارج الصف و ليركضوا عبر الأروقة متجاهلين نهر المعلمين أن يتوقفوا عن الجري ...
بين هته الجموع السائرة مع التيار طفل يكتسي سحنة شاحبة خافضًا رأسه يسر في بطء وحيدًا ..
تكاد لا تلتفت له لشدة عاديته و خامة الشفافية على جسده ككل ..
بعض الأطفال يأتي أهاليهم لاصطحابهم والبعض الآخر يغادرون صوب منازلهم في جماعات،
لكن روبي يسير على طول الطريق وحيدًا كعادته دوما، و يحرص على أخذ الشوارع الفارغة
التي نادرًا ما يمر بها الناس، فهو ذلك الطفل الخجول الغير اجتماعي الذي يتحاشى التجمعات
مهما بدت الوجوه المعلقة فوق أجسادها مألوفة و حميمية ..
حين باشرت بوادر الابتسام الظهور على محياه باغتته لكمة على ظهره تلاها صوت قهقهة فجّة
( هااااي يا غريب الأطوار .. هل أنت تمسك يدًا بيد أصدقاءك الخياليين ؟
ربما عليكم اليوم أن تذهبوا لنهاية قوس قزح أو ربما إلى مملكة فار فار فار أ واي هاهاهاهاهاهاها روبي غريب الأطوار روبي غريب الأطوار روبي غريب الأطوار ...)
ترددت خلفه الأصوات مؤيدة بإلحاح : ( روبي غريب الأطوار .. روبي غريب الأطوار... روبي غريب الأطوار ... روبي غريب الأطوار ...)
كان ذلك ستيفن المتنمر و مجموعته من البليدين و الحمقى الذين مكثوا مطولا في الصف الثالث،
ستيفن معتاد على مضايقة زملائه في الصف و بقية الصفوف الأقل منه و حتى الصفوف الأعلى ،
يشعر بنفسه ملكًا على تلك المدرسة و الشخص الذي يهابه الجميع و لا يعصون له أمرا
و لعل أكثر ما يحبه هذا العام مضايقة روبي المسكين مع فرقته ''المهشمون'' كما يحلو له تسميتها،
كانت عصابة صغيرة من الاطفال الذين لازالوا يتبولون على أنفسهم ليلا و لا ينامون و الأنوار مطفأة ..
روبي معتاد على الامر أيضا حتى أنه لم يرفع بصره إلى الساخرين أمامه و لم يرمقهم ولو بنظرة خاطفة ،
كل ما في الأمر انه اجهض ابتسامته التي كانت ولادتها قريبة على شفتيه المتشققتان
( اذهب للجحيم أيها المعتوه) ...
كانت تلك جملة لاذعة قذف بها ستيفن على روبي مع علبة حليب فارغة قبل ان يغادر،
لكن روبي لم يظهر أي ردة فعل، كأنه لا يشعر بأي شيء كأنه مخدر أو مسكون بوعي آخر غير وعيه ...
روبي دوما ما يحافظ على تعبير وجهه نفسها مهما كان نوع الموقف،
لا يظهر أي علامات للألم أو التوسل أو الفرحة أو أي شيء، مجرد ملامح جافة و يابسة و شاحبة كمصاصي الدماء،
و لعل هذا أكثر ما يزعج ستيفن لهذه يستمر في تعذيبه،
أحيانًا كان يتجاوز جميع الحدود و يجعل وجه روبي ينتفخ و يزرّق من الكدمات دون أي سبب وجيه،
لكن المسكين لا يقاوم لا يبكي ولا ينبس ببنت شفة ..
لا يظهر أي ردة فعل و لو بسيطة كأنه دون عقل أو نخاع شوكي ،
حتى أنه لا يشتكي به للمُدَّرِسة أو أهله ،
فقط يغيب عن الصف إلى أن تلتئم جراحه و تزول الألوان البنفسجية و الزرقاء عن وجهه البريء ..
في المنزل ، لا أحد يسأل روبي عن أحواله، أو كيف كانت المدرسة معه
أو ما يحتاجه أو ما تناوله اليوم على الفطور...
لا أحد يخبره أنه يحبه قبل النوم و يقبل جبينه و يردد بخفوت على مسمعه ( تصبح على خير حبيبي) ..
أو يسرد له قصة جميلة قبل أن يخلد لنوم لطيف ..
والده منهمك في القمار لا يأتي كثيرا للمنزل و لا يفرق بين ابنه الأول المتوفى منذ أربع سنوات
ولا ابنه الثاني ذي 8 سنوات ... أحيانا ينسى حتى ملامح زوجته التي مر على تعارفهما عشرين سنة ..
أمه مجرد سكيرة تنظم حفلا كل ليلة في منزلها للعربدة و التفسخ من السُكر
المَدْعُوُ الوحيد لذلك الحفل و الحاضر الوحيد على الطاولة المستديرة هو زجاجتها العتيقة و هي،
لا تخرج كثيرا من المنزل لا تهتم لما يقع خارجًا ولا حتى لما يقع داخلا،
قد تقوم ببعض أشغال المنزل كونها تحب المكوث فيه أو تعاني من رهاب مغادرة البيت
ولا تستلطف أن تكون في منزل قذر ...
تعامل روبي كحيوان أليف ليس ملكها مهمتها الوحيدة اتجاهه اطعامه وتنظيفه ...
السيدة نيكول كانت امرأة لطيفة، مرحة نوعا ما مُشرقة الوجه و الابتسامة الخفيفة لا تغادر وجهها،
منذ توفي ألكس الابن البكر في حادث مروع ساءت صحتها النفسية كثيرًا،
وما زادها سوءًا كون زوجها أصبح غير مهتم لها ولا لأي شيء يتعلق بحياتهما الزوجية
كان يغادر المنزل دون أن يخبرها بوجهته ولا يعود إلا بعد أيام،
يكاد الحديث يكون منعدما حين عودته كأنه يعتبر منزله مجرد نُزُل و زوجته مجرد مضيفة
ليس مجبرًا على مجالستها أو ثرثرة معها ،
ثم يغادر بعد يومين أو ثلاثة مجددا دون أن يكلف نفسه عناء شرح موقفه ...
نيكول كانت تحب ألكس كثيرا أكثر من طفلها الثاني روبي ،
لم تُسْئ معاملته يومًا لكنها دوما ما كانت تفضله عل شقيقه،
كان فقدها هذا نوعا من العقاب الالهي لها و كان من المفروض ان تعوض روبي ما فات،
لكنها لم تعتبر الأمر كذلك بل انها لا تلاحظ وجود روبي حتى ..
. لكن روبي كالمعتاد قطعة كريستال باردة يغطيها جلد آدميّ ...
مجرد مكعب ثلج لا يذوب في الصيف ..
روبي الدمية البشرية كان يلقى اهتمامًا بالغا من خالته وقد رحب كثيرا بهذا الاهتمام و العطف،
و تعلق بخالته جدا بحيث أن احتواءها له و هو صبي صغير لم يشبع بعد من حنان الأمومة
جعله ينسى و يكاد لا يتذكر أو يلاحظ جفاء أمه ... كانت تعده دوما بأنها ستقوم بأخذه معها
إلى المدينة التي تقطن فيها للعيش معا... كانت دوما تأتي من أجله رغم طول المسافة
و تجلب له الكثير من الهدايا، لو كانت أختها دون أبناء أو قد ولدت ألكس فقط
لما زارتها يوما أو كلفت احداهن نفسها عناء الاتصال بالأخرى ..
خالة روبي كانت وسيطة روحية، و كانت مهتمة جدا بقدرته الفريدة على الاتصال بالأرواح رغم سنه
دون وسيط أو أي أداة، حتى انها ابتاعت له لوح ويجا لاختبار قدرته،
انما لم يكن بحاجة اليها فقد كان يرى الخيالات الضبابية لتلك الأرواح و يسمع حسيسها ...
خالته لم تكن مهتمة له لقدرته فقط بل انها أرادت انقاذه من وحش أمه الذي ينمو يومًا على صدر يوم
في رأسها و قلبها ... كانت تلك المرأة سائرة بهدوء نحو الجنون بخطًى ثابتة ..
منذ عامين .. توفيت الخالة ليزا ، شعر روبي حينها بالأسى و كانت حينها أمه لم تعلم بوفاتها إلا بعد شهر، لكنها لم تكلف نفسها بإظهار اي عاطفة أو اعلام روبي ..
إنما روبي علم أن خالته الحبيبة قد فارقت الحياة منذ الوهلة الأولى،
و كانت معرفته شعورًا حسيا و تأكد من ذلك لما زارته ليلة ذلك اليوم روح خالته الخافتة هالتها
من جراء عملها كوسيطة روحية في حياتها ...
حزن روبي كون خالته أصبحت مجرد خيال لا يقوى على تحريك الأشياء
و كونه سيبقى هنا للأبد لكن ما واساه انها لجنبه على الأقل ..
و زاد انغلاقه على نفسه ولم يعد يُحدث إلا خالته .. و شقيقه ألكس ..
( أنا لست خياليا أنا حقيقي .. هؤلاء الأطفال عليهم أن يدفعوا ثمن ازعاجك و نعتي بالصديق الخيالي السخيف) ... قال الكس
روبي كان يعلم أنه لن يقدر على القيام بأي شيء، أو أنه لن يحاول فلم يجب
( اسمع روبي .. أعتقد أنه قد حان الوقت ليذوق هؤلاء الأطفال نفس ما أذاقوك إياه .. لقد ضقت ذرعًا بهم .. ) ردد ألكس
كان روبي يرى هالة الكس التي بدأت تنتفخ جراء ملأها بالغل و الكراهية،
و الشرارة المتناثرة من محجر عينيه الفارغتان التي يقطن فيها الدود ...
( أنا لا يمكنني أن أضربهم .. ماذا يمكن أن نفعل .. ) همس روبي بخفوت
( أنا أستطيع .. اسمح لي بتقمصك و سترى ماذا يمكن أن أفعله بهم ... هيا روبي أعلم أنك في أعماقك تريد الانتقام ... يكفي ما تتلقاه منهم و خاصة ذلك الغبي ستيفن .. يجب أن يدفعوا الثمن أنا لن أسمح لهم بأذيتك .. أنا شقيقك الأكبر ويجب أن أحميك )
علامات التردد تتعالى على وجه روبي، و لم يُجب
( اسمعني روبي .. لقد اكتفيت أنا .. أريد أن أجعلهم يدفعون الثمن ...
يكفي صمتًا ... هذا يكفي .. عليهم ان يقفوا عندحدهم الى متى و الاوضاع هكذا ...
هيا هل أنت معي أم ماذا؟ ) قال الكس بنبرة قاسية
قال روبي في تردد ( حسنا .. لكن لم يسبق لي أن فعلت هذا .. أنا لا أدري ... أنا فقط لا أدري )
( كل ما في الأمر انه عليك ان تسترخي تماما و سأتكفل بالباقي .. هيا )
( الآن ؟؟ تريد ان تقوم بالأمر الآن ؟؟ لكن الوقت متأخر انه منتصف الليل )
( أجل الآن، بل انه الوقت المناسب .. لكن ليس هنا ..
فانا لست أدري كم هي مدة تقمصي لك .. دعنا نذهب لبيت ستيفن )
( حـ..حسنا هيا بنا ..)
غادر روبي غرفته على رأس أصابع أقدامه، فتح باب المنزل بهدوء كي لا يصدر أي صوت
و يوقظ أمه المستلقية في غرفة المعيشة و صوت شخيرها يتعالى في الأرجاء ..
ما كاد يُغلق الباب حتى تهافت الى مسمعه صوت غمغمة أمه في كلام غير مفهوم
'' هذا أنت عزيزي .. أين أنت .. أخفض الصوت أخفض ... ''
لم تكن تلك العجوز إلا تسرنم كعادتها ... ترك روبي الباب مفتوحًا من الفزع و فر بسرعة للشارع ..
أثناء سيره نحو بيت ستيفن قابل الكثير من الأشباح الهائمة في الشوارع،
و هاله منظر بعضها المنفر،
كانت أحد الأرواح كأنها تحاول خنقه أو شيء من هذا القبيل ..
فقد كانت تطوق رقبته بأصابعها الشفافة و بقيت ملاصقة له طوال الطريق رغم محاولاته لدفعها عنه ..
كان شبح خالته الخافت جدا جنبه كأنه يحاول قول شيء ما لكنه ما أمكنه سماعها ،
فقد كانت ضعيفة جدا و قريبة من التلاشي ..
كانت كل مرة تقف أمامه في طريقه فيسير عبرها و يتجاوزها،
كانت بعملها هذا كأنها تمنعه من الذهاب أو تخبره أن عد أدراجك لكنه لم يفهمها
وظن أن تفكيرها أيضا قد بدأ يتلاشى معها ...
وصل أخيرا لمنزل ستيفن و الشرارة
بدأت تزداد و تتطاير أكثر من محجر عيني الكس
( هيا دعني اتقمصك فقد حان الوقت .. )
( اسرع بالدخول الكس أنت ترى هؤلاء الاشباح هنا قد يتقمصني احدهم بدلك و يرفض الخروج )
اليد الأثيرية لألكس كان أول ما دخل إلى روبي عبر فمه،
باشر فم روبي في الاتساع اكثر و أكثر و جسد الكس الشبحي يحشر نفسه إلى داخله،
كانت عينا روبي حمراء و تدمع و كادت تخرج من مكانيهما،
و بدأت في الدوران بسرعة و عشوائية ..
ولج الكس اخيرا و تقمص شقيقه،
و خلف رأس روبي عُلقت روحه النائمة و اتصلت بخيط أثيري مشع
من جبهة شبحه إلى قفاه في جسده البشري ..
بمجرد أن تحكم ألكس بجسم أخيه هرع لبيت ستيفن ليتسلل إليه عبر الباحة الخلفية،
كان أول ما دخله المطبخ ، حمل أول سكين وقع عليه نظره و اتجه للطابق العلوي
يبحث عن غرفة ستيفن ..
فتح بهدوء باب الغرفة الأولى .. كانت غرفة والدَي ستيفن و قد ارتفع منها صوت شخير مزعج ..
فترك الباب و غادر للغرفة المجاورة ،
كان بابها ورديًّا ، افترض انها غرفة فتاة لكنه لم يتوانى في فتح الباب ،
و كانت فعلا فتاتان توامان تغطان في نوم عميق هناك ..
بقيت غرفة واحدة .. أنها غرفة ستيفن لا محالة ..
وضع يده على المقبض و علت وجهه ابتسامة مخيفة جدا لم يعتد عليها وجه روبي البريء،
و قد بدا محجر عيناه غائرا أكثر من قبل و ديدان صغيرة تستعد للخروج منهما ..
بمجرد أن فتح الباب ظهر له جسد ستيفن الضخم النائم كالحيوان على سريره القريب من الباب،
و كان لعابه يسيل على يده و الوسادة ..
وقف الكس عند رأس ستيفن و كان على أهبة الاستعداد لتمزيق وجهه و توجيه آلاف الطعنات إليه ...
رفع الكس السكين عاليًا و هم بتوجيه أولى الطعنات لرقبه
لكن المسخ الصغير تحرك من مكانه و توجهت الطعنة ليده
فهز الأرجاء صوت صراخه المزعج كالصرير مما جعل أولياءه يفيقون في فزع لتفقده ...
ارتبك الكس و لم يدرِ ماذا يفعل فرمى السكين على الأرض
و هم بالفرار لكنه سمع صوت الخطوات السريعة لوالدي ستيفن القادمة من الرواق ..
فتوجه نحو الحائط و أراد المرور عبره ناسيًا أنه الآن في جسد آدمي
فضرب رأسه بقوة و تأوه كأنها أول مرة يتألم فيها ..
زاد ارتباكه و لم يكن أمامه إلا النافذة فاتجه نحوها ليفر من خلالها
ناسيا مرة أخرى أنه الجسد البشري لا يطفو و رمى بنفسه
.. أو بالأحرى رمى بروبي و خرج شبحه من جسده فاسحًا المجال لروح روبي
التي ستغادر قريباً مرة أخرى دون رجعة...
حين أفاق روبي، لم يُغطِ مرمى بصره الذي غشاه الضباب
إلا صورة دمائه المتدفقة كالشلال على الأرضية .. و شبح على شفى التلاشى يُلوح له من بعيد..
آخر ما سمعه هو دقات قلبه التي تستعد للتوقف و صوت اللعنات و الشتم اللاذع القادم من النافذة ...
السؤال : ما الذي فعله ألكس حين لم يقدر على المرور عبر الجدار؟
[/TBL]