- إنضم
- 6 مارس 2015
- رقم العضوية
- 3646
- المشاركات
- 9,624
- مستوى التفاعل
- 29,435
- النقاط
- 2,276
- أوسمتــي
- 29
- العمر
- 24
- الإقامة
- القمر
- توناتي
- 4,337
- الجنس
- أنثى
LV
7
لم تكن سوى أم ضحت بكل شيء فقط لأجل أن ترى سعادة ابنها
كانت له بعد وفاة والده الأب والأم كانت تعمل لساعات إضافية
من أجل تلبية جميع رغباته
سمته " رأفت " أحست أن ذاك الاسم سينطبق عليه في كبره
ظنت أنه سيكون شابًا بارًا رؤوفا بوالدته وبالخلق أجمع
حرمت نفسها من ملذات الحياة أبت أن تتزوج رجلًا يحميها فقط من أجل أن تجعل جل وقتها له أحبته حبًا جما ذاقت المر من أجله
إلى أن نضج واشتد عوده
سميه تلك الأم الحنون حاولت بشتى السبل جعل ابنها يعيش حياة هانئة
زوجته من فتاة صالحة تعرف ربها
مات والديها وهي في بداية عمرها
كان اسمها صفاء وكانت اسمًا على مسمى
أحبت سميه صفاء كثيرًا عاملتها وكأنها ابنتها
وفي المقابل بادلتها صفاء ذلك الحب النقي
ولكن ابنها رأفت لم يحبها تزوجها لأنها تمتلك ثروةً كبيرة من مال
أبيها ظن أن المال سبب السعادة ولكن هيهات للقلب أن يسعد وهو أشد
ظلمة وسوادًا من الليل .
للأسف لم يكن رأفت ذلك الحلم الجميل الذي حلمت بيه أمه
لم يكن الولد البار الذي أفنت شبابها من أجله
كان دائمًا ما ينهرها ويسبها
كان يظنها ضعيفة بلا قوة ولا حيله
ومع ذلك لم تعترض ولم تتفوه بكلمة
بل كانت تدعو له ليلًا ونهارًا
كانت صفاء دائمًا ما تحاول ردعه ومنعه
وتؤنبه على ما يفعل بوالدته
ولكن هل يسمع الموتى الدعاء؟؟؟؟؟؟؟
أنجبت صفاء بنتًا وولدًا غايةً في الجمال
فورثا منها عيناها العسليتين وبشرتها البيضاء المحمرة
وورثا من أبيهما الشعر الأسود
أطلقت عليهم إسمي " مريم و آسر "
سعدت سميه بحفيديها كثيرًا وأحبت اللعب معهما
وحاولت التقرب منها إلا أن رأفت دائمًا ما كان يمنعها
لم يحب أن يقتربا صغيريه منها
ولم يكن أبًا صالحًا لهما
كان مجرد رجل عاطل يصرف من أموال زوجته
على نفسه وأولاده ويضيع المال في القمار والخمر
والملاهي الليلية ...........
بدأت صفاء تسأم الحياة معه
فقد طفح بها الكيل من تصرفاته الهوجاء
عقوقه لأمه . إهماله لها ولأبنائها
ولكنها خشيت دمار أسرتها
وخشيت على سميه تلك العجوز الضعيفة
وبعد مرور أعوام وأعوام
كبرا التوأم ليبلغا عامهما العاشر
كان الاضطراب الذي شكله والدهما في المنزل بليغًا
وتلك المشاجرات بين صفاء ورأفت تركت أثرًا عميقًا في نفوس الأطفال
وما زال الحال كما الحال
حتى جاء يوم أفلست فيه شركة صفاء وخسرت كل أموالها
وهنا خسر رأفت مصدر الرزق الذي كان متكلًا عليه
وضاقت بيهم الحال ورأفت يأبى الذهاب والبحث عن عمل
وسولت له نفسه أن والدته الضعيفة هي التي تضيق العيش عليهم
وسولت له نفسه الشر وتدابيره
وعزم وعقد الأمر انه سيلقي بوالدته إلى أحدى دور المسنين
فجاء عندها وعلى وجهه علامات الخبث والريبة
وقال بكلام معسول منمق :-
- أمي يا قرة عيني أريد أن اصطحبك غدًا إلى مكان جميل نكون فيه
أنا وأنت فقط
سعدت الأم كثيرًا ووافقت في سرور ظنت أن الله هدى فلذة كبدها
إلى الصراط المستقيم وباتت الليل تشكر الله سبحانه وتعالى على هدايته لولدها
وجاء الصباح وانتفض قلب صفاء أحست بشعور غريب
وكان شيئًا سيئًا سيحدث
وعندما همت لتحدث زوجها رأته يخرج والدته من المنزل ليركبها سيارته
فزعت إليه صفاء في قلق وقالت له بتوتر شديد :
- أين تأخذها في هذا الوقت المبكر يا رأفت ؟
رد عليها بابتسامة خبيثة والشر يملأ عينيه :
- ما بك يا عزيزتي أريد أن آخذ والدتي الغالية لتنزه قليلًا بعيدًا
عن صخب المنزل وإزعاج الأطفال
لم تعقب ولكن الشك ملأ قلبها وعقلها معًا
خافت من تغيره المفاجئ فهي أكثر الناس علمًا بما يفعل بأمه
وما يكنه لها من مشاعر .
وسارت بهما السيارة وكانت شيئًا فشيئًا تبعد من المنزل
لتقترب من دور رعاية المسنين ...
وصلا أخيراً لم تكن السيدة سمية تجيد القراءة ولا الكتابة
فلم تستطع قراءة ما كتب على واجهة الدور ولم تعلم أنه دار مسنين
أدخلها الدار ثم قبل رأسها قبلة الوادع وقال مدعيًا الحزن واليأس:
- أماه ربما هذا الوداع لن أستطيع جعلك تعيشين في منزلنا أكثر من ذلك
فأنت تعلمين الظروف التي نمر بها
لحظات من الصمت الطويل .. مرت تلك اللحظات على السيدة سمية
كأنها أعوام تذكرت فيها براءته عندما كان طفلًا وكيف أحبته ووهبت روحها له
لم تتوقع أن ذلك هو رد الجميل ، أن هذا هو جزاء الإحسان
ولكن لم يدم صمتها طويلًا إلا أن أجهشت بالبكاء وفاض الدمع من عينيها
ثم قالت بصوت مبحوح :
- بني لا تتركني أرجوك صدقني لن أكون حملًا ثقيلًا
سأعمل بالخياطة كما في السباق
أرجوك يا بني لا تتركني لا تحرمني من رؤيتك
أنت ولدي الوحيد الذي رزقني به الله .
وكأن كلامها وتوسلاتها تدخل من أذنه اليمنى وتخرج من اليسرى
دون تحريك ساكن
وختم ذاك الحوار الممل كما يراه هو بقوله ببرود قاسي :
هنا سيعاملونك جيدًا وتفضلي هذا رقمي إن احتجتني في شيء يمكنك
الاتصال بي ....
رحل ولم يدع لها مجالًا لتتكلم ..........
طردها من منزلها الذي أسكنته هو وزوجته به
لأنه لم يستطع توفير مسكن لزوجته وأولاده
عاد والبسمة تعلو شفتيه لتستقبله زوجته والقلق بادٍ على وجهها لتقول
- أين ؟ أين هي أمي ؟
قال ببرود شديد وهو يشعل سيجارته :
تركتها في دور الرعاية لأنها صارت عبئًا علينا
صرخت صفاء بكل ما أوتيت من قوة صرخت ألم السنين الخاوية
صرخت عن كل ألم تحمله في قلبها
- كـــــــــــفــــــــــــى
كفاك عقوقًا وطغيان
كفاك عبثًا وإهمال
تتكلم وكأنك تنفق علينا
وأنت تنفق من أموال أبي رحمه الله
وبالنهاية ترمي أمي وتتحجج أنها عبء علينا ..........
وانهارت من البكاء
و فجاءه هوى كفه على وجهها بقوة محدثًا صوتًا عاليًا
ثم قال بصوت عالٍ أنت " طــــــــالـــــق "
أخرجي من منزلي الآن
ولم يعلم أن ولديه رأياه وهو يضرب أمهما ورأى تلك الدموع في عيناهما
وصوت الأنين يخرج منهما وتبدلت ملامحهما إلا الخوف والذعر
ولكن ذلك لم يحرك بداخله ساكنًا .
كانت صفاء أشبه بالفاقد وعيه
لم تفق إلا على صوت ولديها
أخذتهما واصطحبتهما إلى غرفتهما
ارتمى الطفلين في حضن أمهما
وبدء كل منهما بالصراخ
قالت مريم وهي تشهق :
- هي يكرهنا أبي يا أمي هل ترك جدتي في دور المسنين
أتبعها آسر القول :
- هو ضربك يا أماه أبي رجل سيء أنا أكرهه
وضعت صفاء يدها مسرعة على فم صغيريها
وقالت لهما في حنو وصوتها منكسر :
- هذا أبوكما لا يجوز أن نقول عنه ذلك
هو يحبكما كثيرًا ولكنه كان غاضبًا بعض الشيء
قالت مريم وهي تمسح دموعها عن وجهها :
- لكن أبي طلقك يا أمي إذا هل سنغادر هذا البيت
قالت صفاء وهي تربت على شعر ابنتها مطمئنةً لها :
لا يا حبيبتي أبيك هو من سيرحل ليس نحن
سمعها رأفت من وراء الباب وقال صارخًا وقد بلغ ذروة غضبه :
- هل ستخرجيني من بيتي وبيت أمي يا صفاء
قالت لأولادها ناموا الآن أحبائي سأنام بجواركم بعد قليل
ثم سحبت رأفت من يديه وأغلقت الباب خلفها
وقالت بهدوء شديد:
- لا يجوز أن نتشاجر أمام الأولاد ألم ترهم وهم يبكون
قال بعصبية شديدة :
- لم ترد على سؤالي يا صفاء
ردت عليه بسخرية :
- الآن تذكرت أن لديك أمًا وقد رميتها في دور العجائز
ثانيًا أنا لم أطردك من المنزل بل أمر الله هو الذي يأمرك بأن لا تخرجني من بيتي
عندما قال الكريم في كتابه:
} لا تخرجوهن بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة{
أخرج إذا أردت لكني سأطيع أمر الله ولن أخرج واسمح لي أن أذهب وأرتدي حجابي
لأنك لا تحل لي بعد اليوم
غضب غضبًا شديدًا فهي على صواب فذهب إلى غرفته وجمع ملابسه في
حقيبته وقبل أن يخرج من المنزل قال هذا المنزل لكِِ أشبعي به أنت
وأولادك لا أريد أن أراكم مرة أخرى
وذهب ولم يعد
سقطت صفاء على الأرض منهارة فقد أصبحت وحيدة في هذا العالم الواسع
ثم تذكرت أمر السيدة سمية فعقدت العزم أنها ستبحث عليها من الصباح الباكر
ومر ليلٌ طويل وكأنه أبى الانتهاء ولكن أشرقت الشمس معلنةً بداية يومٍ جديد
لم يستطع أي من صفاء أو الأولاد النوم قامت صفاء متثاقلةً إلى المطبخ لتعد طعام الفطور
لأبنائها وما زالت بقايا دموعها عالقة ً بعينيها حاولت الصمود كانت صدمةً قوية
بالنسبة لها أن تفقد السيدة التي تحبها كأمها وزوجها وتضرب أمام أبنائها
فكانت تلك بالنسبة لها من أصعب الليالي التي مرت بها في حياتها
صحبت صفاء ولديها إلى مدرستهما
وبدأت رحلة البحث عن السيدة سمية
ومن حسن حظها أن رأفت لم يفكر خارج الصندوق وأخذ أمه إلى أقرب دور رعاية
عندما وجدتها صفاء هناك لم تسعها الفرحة أن تركض نحو والدتها السيدة السمية وتحتضنها بقوة وتبكي بكاء مريرًا في حضنها
لم تكن سوى ليلة واحدة مرت كأنها سنوات
لاحظت السيدة سمية شحوب بشرة صفاء
ولكن السيدة سمية كانت سيدةً فطنة سريعة البديهة قالت لصفاء في حنو بالغ :
- هل تشاجرت أنت ورأفت يا عزيزتي ؟!
بكت مجددًا صفاء واحتضنت السيدة سمية بقوة وقالت وهي تشهق بقوة :
- لقد طلقني ..... طلقني يا أماه
باغتتها سمية برد سريع مليءٍ بالقلق :
- وهل طردك أنت والأولاد ؟!
ردت عليها صفاء وهي تجفف الدموع من عينيها :
- لا يا أمي ولكنه هم بذلك لولا أن منعته وذكرته بقول الله تعالى
ثم قالت سمية وصوتها محبوس بداخلها كان مليئًا بالحزن الشديد :
- أين هو الآن ؟؟؟؟؟؟؟
قالت صفاء نافية وهي تهز رأسها يمنةً ويسرة ً:
- لا أدري ولكنه قال أنه لن يعود مرة أخرى ..
ونسي أنه ملزم بدفع النفقة والمؤخر ولكنها بسيطة ذهاب واحد للمحاكم
سيدخلك السجن يا رأفت وسأنتقم لي ولأمي منك
صاحت سمية بصوت قلق :
- لا أرجوك لا يا صفاء أبني لا يملك المال أرجوك لا تسجينه أنا أسامحه
وسأعمل معك حتى نغطي نفقات المنزل
قالت صفاء مبتسمة وقد ترقرقت الدموع مرة أخرى بعينيها :
- كم أنت رحيمة يا أماه لو أنه يتعظ لو أنه يعود
بعد كل الذي فعله بك تسامحينه ؟
- نعم يا بنيتي ولم لا أليس ابني من لحمي ودمي ؟
- لا عليك يا أماه ولا تقلقي بشأن المال أنا لدي شهادة الطب ولكن رأفت كان يمنعنني
من العمل أما الآن فقد رحل وأتمنى ألا يعود إلا وهو شخص آخر
ومرت خمس سنوات :
كبر الطفلان ليبلغا الخامس عشر من عمرهما
وكانت سمية على فراش الموت
كانت سمية تعيش كل يوم في أمل أن يعود لها ابنها
كانت تعيش في وهم .. ظنت أنه سيهتدي ولكنك لا تهدي من أحببت
عاشت آخر لحظات من عمرها ممسكة بيد ابنتها صفاء تلك البنت
التي لم تنجبها ليست من لحمها ودمها ولكنها برتها وأحبتها على خلاف ابنها الذي من لحمها ودمها
سمية الآن تعيش آخر لحظات عمرها حولها ابنتها وأحفادها
لم تتكلم ولم تنبس بكلمة إلا الشهادتين وأتبعتها بآية واحدة
} هل جزاء الإحسان إلا الإحسان {
وصعدت روح سمية إلى بارئها فرحة مستبشرة
كان وجهها يشع ضياءً بعد موتها بكت
والابتسامة لا تغادر شفتيها ................
أتعلمون ماذا حل برأفت ؟؟
ذلك الولد العاق قاسي القلب ؟
بعدها بسنة عمل بإحدى الملاهي الليلية واختلط بالراقصات والعاهرات وشاربي الخمر
ثم تزوج إحدى الراقصات لجمالها الفاتن جعلت حياته جحيمًا
أفلست أمواله عكرت حياته
فهو يستحق ذلك
لأنه استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير
استبدل تلك الراقصة التي تعرض جسدها أمام الناس
بتلك الفتاة النقية
ومرت خمس سنوات أخرى
وتزوجت مريم ولحق من بعدها آسر
وحملا أمهما على كفوف الراحة
بعد أن أصيبت بمرض شديد
أما رأفت رزق بولدين
أحدهما معاق والآخر عاق لا يسمع لأحد ولا يطيع أمر أحد
اهتم بتربيتهما مضطرًا بعد أن تخلت عنه تلك الراقصة العاهرة بسبب فقره
تاركةً له الطفلين
شعر بمر الندم ليته عامل أمه ببر وإحسان
ليته أحسن إليها كما أحسنت له
ليته كان تحت قدميها
ما هو عليه الآن غضب من ربه وعقابه إليه
لعله يتعظ أو يحرك بداخله ساكن
السؤال
ماسبب عدم مغادرة صفاء المنزل بعد طلاقها ؟؟![/tbl]
التعديل الأخير: